العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة > دواوين الشعر

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية على المريخ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث العقد النفسية ورعب الحياة الواقعية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خوارزمية القرآن وخوارزمية النبوة يكشفان كذب القرآنيين (آيتان من القرآن وحديث للنبي ص (آخر رد :محمد محمد البقاش)       :: نظرات في مقال السؤال الملغوم .. أشهر المغالطات المنطقيّة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال البشر والحضارة ... كيف وصلنا إلى هنا؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال التسونامي والبراكين والزلازل أسلحة الطبيعة المدمرة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال الساعة ونهاية العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات في مقال معلومات قد لا تعرفها عن الموت (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 10-02-2007, 04:24 PM   #71
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

ألستم من اعتبرتم هذه أحسن الأقوال ؟؟

اذا رايت شيئا فلا تعجل بالحديث حتى تقرا ماوراء رؤياك
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-02-2007, 02:14 PM   #72
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

أهم مدن الأحواز :


يشير الدكتور مصطفى عبد القادر النجار في كتابه الموسوم (التاريخ السياسي لإمارة عربستان العربية 1897ـ1925) أن السكنى الحقيقية في الأحواز تتركز بشدة على جوانب الأنهار والتي تكوَن حولها قرابة (50) مدينة أهمها:

1ـ المحمرة :

وقد شيدها (يوسف بن مرداو) من شيوخ (البو كاسب) سنة 1812م على أنقاض مدينة قديمة كانت قائمة قبل ستة قرون .. حيث ارتبطت بالبصرة ارتباطا اجتماعيا واقتصاديا وثيقا، وقد غير الفرس اسمها الى (خرمشهر) .. وهي ميناء تجاري مهم .. وربطوها بطهران بخط سكك حديد، وتبعد (المحمرة) عن (الأحواز) حوالي 120كم.. وسكانها حوالي نصف مليون.

2ـ الأحواز :

وتسمى أيضا، الناصرية نسبة الى الشيخ ناصر بن محمد أول رئيس لبني كعب على الإقليم. ويطلق الفُرس عليها اسم (الأهواز)، حيث لا يلفظ الفرس حرف (الحاء) .. وتقع المدينة على ضفاف نهر القارون الى الشمال الشرقي من المحمرة ، ويبلغ عدد سكانها أقل من مليون بقليل.. وكانت مركزا لإمارة الأحواز ردحا من الزمن .

3ـ عبادان :

وتقع على شط العرب جنوبي المحمرة بحوالي 18كم في جزيرة (الخضر) وهي الميناء الرئيسي لتصدير نفط (الأحواز) .. وسُميت بهذا الاسم نسبة للقائد العربي الذي أول من رابط فيها (عباد بن الحصين) .. وفيها مصفاة نفط كبيرة وعدد سكانها يساوي عدد سكان المحمرة. واعتبرها الكثير من المؤرخين الإسلاميين مدينة من مدن العراق.

3ـ الحويزة :

وهي من أكثر مدن الأحواز عراقة، وكانت عاصمة للدولة (المشعشعية) التي أُسست عام 1441، وقد تبعت مدينة البصرة لإمارة الحويزة بين عامي 1693 و1700.. وتقع الحويزة شمال غربي المحمرة تجاه محافظة (ميسان) العراقية على نهر (الكرخة) .. وحافظت على هويتها العربية حتى اليوم، رغم أن بعض التجار الإيرانيين قد استوطنوها بعد احتلال الأحواز عام 1925.

4ـ دسبول :

مدينة ذات ماضي تاريخي، فيها قامت مدرسة (جنديسابور) الطبية الشهيرة، وحول الفرس اسمها الى (ديزه فول) .. والى الجنوب الغربي منها توجد أطلال مدينة (السوس) التي يطلق عليها الفرس اسم (الشوش) .. وقد عثر عالم الآثار الفرنسي الشهير (شيل) عام 1902م فيها على (مسلة حمورابي) التي سرقها الفرس .. وتقع مدينة (دسبول) على نهر (الدز) أحد روافد نهر (قارون) .. ولقربها من الحدود العراقية (قرب محافظة ميسان) .. أنشأ بها حلف (السنتو) قاعدة مركزية قوية .. دكها الجيش العراقي في الحرب العراقية الإيرانية، بطريقة أصبحت تُدرس في مختلف الكليات الحربية في العالم كفن حربي سجل باسم الجيش العراقي ..

وهناك العديد من المدن، مثل (الفلاحية) التي سكنها أمراء بني (كعب) قبل بناء (المحمرة) .. وغير الفرس اسمها الى (شادوكان) .. وتقع على نهر (الجراحي) وتشتهر بنخيلها .. وهناك مدينة (تستر) التي يلفظها الفرس (شوشتر) وهي غوطة الأحواز، حيث ذكرها (المقدسي) في كتابه (أحسن التقاسيم) ووصفها بأنها من المناطق الممتعة لمياهها و بساتينها .. وهناك مدينة (الخفاجية) التي بدل الفرس اسمها ليصبح (سوسنكرد) .. وهناك مدن أخرى مثل : الحميدية، والخزعلية، والفيلية، و الدبيس، و قلعة الملا، و معشور، والبسيتين، وقلعة الشيخ، وكوت صالح، والتميمية، وقد غير الفرس اسمائها كلها، فالحميدية مثلا صارت (فرح آباد) و كوت صالح صارت (أنديمشك) و التميمية أصبح اسمها (الهندبان) .. وخور عبد الله أصبح (بندر شاهبور) ..


• التاريخ السياسي للأحواز :

أولا: في العصور القديمة:

شهدت الأحواز التي ارتبط تاريخها بتاريخ العراق أحداث ولادات و اندثار الكثير من الحضارات والإمبراطوريات، ففي حوالي الألف الرابعة قبل الميلاد نزلها (العيلاميون)*1 . وقد اكتشف علماء الآثار (837) لوحا طينيا مكتوبا باللغة الأكدية والحروف المسمارية، ومن بين تلك الألواح ما يبين مركز(عيلام) الإداري والاجتماعي والثقافي والعلمي والعسكري والديني.. وكان العيلاميون يطلقون عليها اسم ( Hal Tamti ) وهال باللغة (العيلامية) تعني: أرض وتامتي: الله .. وتعني بلغتهم أرض الله .. ويقول البروفيسور (Walter Hinz) أستاذ علم الآثار بجامعة (كوتنكن) الألمانية في موسوعة (كمبردج) التاريخية عن عيلام: (بينما كانت عيلام المتاخمة لسهول وادي الرافدين تشهد تطورا حضاريا وحربيا، نجد أن ما وراء عيلام غامض لا يُعرف عنه شيء ولم تردنا أية إشارة فيما يخص فارس، بل كل ما كان وراء هذه الهضبة متوار في ظلام دامس) .

وحين بدأ (سرجون) الأكدي (2371ـ 2316 ق م) يؤسس إمبراطوريته الواسعة، زحف على عيلام وضمها، وقد تمكن من الوصول الى جبال (زاكروس) ويوضح ذلك لوحان أثريان، يسردان تفاصيل حملته على عيلام، وفيهما من المعلومات الثمينة ما يحدد تاريخ عيلام في 2325 ق م عندما كان الملك العيلامي (لوخ إيشان) وهو الملك الثامن من سلالات ملوك عيلام من أسرة (بيلاي)على عرش إيوان (دسبول).

وتؤكد الألواح الطينية أن سرجون هذا كان له ملك واسع تجاوز الخليج العربي إذ تشير تلك الألواح أنه غسل سلاحه في مياه (البحر السفلي) إشارة الى الخليج العربي، حيث كانت تسميته عند شعوب وادي الرافدين، في حين كان البحر المتوسط (البحر العلوي) .

ولكن سيطرة الأكديون لم تدم طويلا على عيلام، فقد تحالفت دول جنوب غرب إيران في عهد الملك (نرام ـ سين 2291ـ2255 ق م) وهو ابن الملك (ريموش) ابن (سرجون) .. وكان الحلف يتكون من (عيلام ) و (زخارا) و (برخشة) .. وانتصر عليهم الملك الأكدي الذي أصبح يلقب ملك الجهات الأربع (شار كبرات أربعيم) باللغة الأكدية ..

وقد استطاع البابليون (دولتهم تأسست 2200ق م) أن يبقوا سيطرتهم على عيلام ، وخصوصا أيام ملكهم الشهير (حمورابي 2094ق م) .

كما قضت الدولة الآشورية التي قامت على أنقاض الدولة البابلية، على عودة انتعاش الدولة العيلامية التي استفادت من فترة ضعف الدولة البابلية، حيث استقلت دولة عيلام، إلا أن استقلالها عاد واضمحل تحت سيطرة الآشوريين.

في عام 606ق م اقتسم الكلدانيون والميديون الدولة الآشورية، وكانت الأحواز من نصيب الكلدانيين ..

ويدلنا التاريخ المكتوب على أن أول غزو فارسي لبلاد الأحواز ظهر الى الوجود، عندما استطاع كورش الفارسي دخول بابل بمساعدة اليهود الذين وعدهم بمكافئتهم بإعادتهم الى فلسطين وإعادة بناء الهيكل .. وقد اتخذ (كورش) مدينة (السوس) العيلامية عاصمة صيفية له. ولم يمكث الفرس (الأخمينيون) في الأحواز أكثر من قرنين، حيث انهزموا أمام (الإسكندر المقدوني) في معركة (أرابيلا) سنة 331 ق م .. وبعد موت الاسكندر أصبحت الأحواز تحت حكم السلوقيين ورثة الاسكندر. . ظهر (الفرثيون) الذين انتزعوا الأحواز من السلوقيين .. ثم ظهر (الساسانيون) الذين قضوا على (الفرثيون) واتخذوا من (المدائن ) عاصمة لهم على الضفة اليسرى من نهر دجلة، وحكم منهم اثنا وعشرون ملكا .. في حكم الضفة اليمنى اثنا وعشرون ملكا عربيا من المناذرة، كانوا على اتفاق معهم، وكانت عاصمتهم (الحيرة) .

من المراجع :

1ـ عربستان الجزء العربي المغتصب/ شفيق الرشيدات/ القاهرة 1967
2ـ تاريخ المشعشعين/جاسم حسن شبر/النجف 1965
3ـ قضايا عربية معاصرة/مجموعة مؤلفين/جامعة الموصل 1988
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 13-03-2007, 12:55 AM   #73
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الأحواز في العصور الإسلامية

تزامن ظهور الإسلام ودعوة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، مع تناحر الإمبراطوريتين الفارسية والرومانية. ولم يكتف الملك الساساني (يزدجرد بن شهريار) برفض دعوة الرسول الكريم الى الإسلام، بل بدأ يعد للعدوان على العرب المسلمين. وأقد أرسل الخليفة أبو بكر رضوان الله عليه بعض المجاهدين الى العراق بقيادة خالد ابن الوليد.. وما أن آل الحكم الى الخليفة عمر بن الخطاب، فأرسل جيشا بقيادة سعد بن أبي وقاص لمحاربة الفرس. واستطاع الجيش العربي الإسلامي أن يلحق الهزيمة بالجيش الساساني سنة 636م في معركة القادسية.. وقد استمر العرب المسلمون في زحفهم المقدس لتحرير مدن العراق و الأحواز من السيطرة الفارسية.

قام الحاكم الفارسي لمنطقة الأحواز، ويدعى (الهرمزان)، وهو من المقربين للملوك الساسانيين، بتنظيم حركة مضادة لحركة التحرير العربية الإسلامية، إلا أنه لم يستطع أن يوقف التقدم العربي لعدة أسباب منها :

1ـ إصرار العرب المسلمين على تحرير الأحواز، وإيمانهم بضرورة استكمال إنهاء فلول الفرس واحتلال الهضبة الإيرانية من أجل القضاء على تلك الإمبراطورية للأبد.

2ـ انضمام القبائل العربية القاطنة في الأحواز الى جيوش العرب المسلمين، ومساهمتهم في تحرير الأحواز ومن تلك القبائل (بنو حنظلة) .

3ـ أدت انتصارات العرب المتتالية في القادسية وما تبعها من المعارك الى ضعضعة معنويات الفرس وانهيارها. وقد ذكر المؤرخان (أبو محنف) و (الواقدي) أن القائد العربي أبا موسى الأشعري سار الى الأحواز (فلم يزل يفتح رستاقا وراء آخر ونهرا وراء آخر) حتى غلب على جميع أرضها، والى (السوس) و (تستر) و (مناذر) و (رامهرمز) ويقول الدكتور (بشار عواد معروف) في مقاله (تحرير الأحواز في صدر الإسلام) أن هذه المدن كانت محصنة. ومع ذلك فإن أبا موسى الأشعري سار الى (مناذر) وحاصرها واشتد القتال حولها. ثم خلف عليها (الربيع بن زيادة الحارثي) الذي استطاع تحريرها بعد ذلك عنوة وسار هو الى (السوس) فحاصرها مما اضطرها الى الاستسلام سنة 18هـ . كما استسلمت (رامهرمز) للقوات العربية في نفس السنة.

أصر الخليفة عمر بن الخطاب، والذي يحتفظ الفرس لغاية اليوم بكراهيته، على استكمال تحرير الأحواز، وبخاصة مدينة (تستر) التي كانت تعد من أحصن المدن هناك. وقد تجمعت فلول الفرس فيها واحتفروا الخنادق العميقة وتخندقوا بها أمام أسوار المدينة التي لم تصمد طويلا أمام عزم المقاتلين العرب الذين تمكنوا من إحداث ثغرة تمكنوا بعدها من دخول المدينة، وجرت معركة ضارية استشهد فيها الصحابي (مجزأة بن ثور السدوسي) .. وسقطت (تستر) سنة 20هـ. ثم توجه القائد أبو موسى الأشعري وقواده بعد ذلك، وأبرزهم (البراء بن مالك ) أخو (أنس بن مالك) وعمار بن ياسر و (حذيفة بن اليمان العبسي) و(النعمان بن مقرن المزني)، الى السيطرة على جيوب الفرس المتناثرة هنا وهناك من الأحواز حتى استقام أمرها.

لقد كان لتحرير (الأحواز) أهمية كبرى في تخليص الشعوب الإيرانية من الفرس المجوس، حيث تم تخليصهم من عبادة النار بعد أن اقتحمت الجيوش العربية (أصبهان) ثم تقدمت الى الجنوب نحو (فارس) حيث مركز الديانة المجوسية، فحررتها في عهد الخليفة (عثمان بن عفان) رضوان الله عليه، كما حررت جميع أملاك فارس في (خراسان و سجستان) وغيرهما. ويلاحظ أن سكان البصرة هم من عرب الجزيرة والأحواز وتوثقت العلاقات فيما بينهم وبين عرب الأحواز بعد الفتح الإسلامي. وارتبطت منطقة الأحواز ماليا وإداريا فيما بعد بالبصرة ..

ويذكر الدكتور عبد الحميد اسماعيل أن الأحواز لم تخرج بوضعها قانونيا عن الدولة في عهود الراشدين والأمويين والعباسيين .. وقد رفد أبناء الأحواز الحياة العلمية والفكرية للحضارة العربية بالكثير من الجهد، فهم الذين كانوا قائمين على مدرسة (جند يسابور) الطبية والعلمية، وانتقل منهم الى عاصمة الخلافة الكثير من العقول منهم: أبناء (بختشيوع) و (عيسى بن صهار) و (يوحنا بن ماسويه) .. وغيرهم من الشعراء والأدباء الموجودة أسمائهم في التراجم والتي تنتهي بالأحوازي والأرجاني و التستري و الدروقي و السوسي..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-03-2007, 03:00 PM   #74
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

(25)


تكتسي الكائنات الحية التي تشاركنا المملكة الحيوانية (ضمن التصنيف المتعارف عليه) بريش أو شعر أو صوف يغطي أجسادها.. وعندما نحاول تذكرها أو النظر إليها فلا نستطيع تمييزها بوضوح عن بعضها ضمن الصنف والنوع الذي ينتمي له كل فرد من أفراد تلك المملكة .. فهذه بطة وهذا خروف وهذه زرافة الخ .

انفرد الإنسان من دون الكائنات تلك بتغليف نفسه بكساء يستر عورته أولا ويحقق له بعض المنافع الأخرى كاتقاء البرد وغيره ثانيا .. وقد بدأ بوضع قطعة من جلد لم يتم إزالة الصوف أو الشعر عنها، على أمكنة قرر هو بوحي من خالقه أنه من الواجب عليه تغطيتها .. ثم تطور هذا الدافع لتتأسس عليه اليوم مدارس في صناعة الأزياء و الملابس .. وقد تجاوز الإنسان الفكرة الأساسية منذ زمن في تغطية ما يجب تغطيته، حتى أصبح اليوم دور أزياء للكلاب وغيرها من الحيوانات، التي قرر الإنسان أن يتولى كسوتها ..

لو عدنا للتصنيف السابق لحاجات الإنسان (الحدية والرمزية و الإستيطيقية) فإن الكساء في أولى مراحله لم يلق اهتماما بنوعية الجلد أو القماش أو شكل التفصيل، بل كان يراعي النقطة الأساسية في ستر العورة واتقاء عوامل الجو، ثم تطورت الأمور بعد أن علم إدريس عليه السلام أو (هرمس) كما تطلق عليه الثقافات الأخرى غير العربية والإسلامية، الخياطة والنسيج للناس .. فكانت الموضة ( الزي ) يستمر عدة قرون دون تغيير يذكر .. لا كما يحدث في أيامنا هذه، أن تكون لكل فصل (موضة) ..

في العتيقة تلك القرية التي اختفت من الذاكرة، كانت العينة التطورية للأزياء فيها آتية من المرحلة الأولى من الحاجات وهي الحدية مع تجاوز بسيط للمرحلة التي بعدها، وهي الرمزية. فكنت ترى جمهرة من نساء عن بعد، فيتراءى لك أنك تنظر لقوارير (شامبو) من النسخة الأولى لصناعة هذا المخترع .. فترى أجساما أسطوانية يعتليها تشكيل يقصد منه التأشير أن هنا يوجد (رأس) .. وعندما يمشين، فإنه يخيل إليك أن كائنات من فصيل البطريق أكبر حجما وجدت في تلك المنطقة .. علما بأنه لم يكن لنا عهد بمعرفة (البطريق)..

إن الملابس تلزم من يلبسها بسلوك من نوع يتماشى مع هيئة الملبس، وليتأمل أحدنا اليوم من يلبس (الدشداشة) أو القفطان، ويعتمر غطاءا لرأسه، ويضع فوق الغطاء (عقالا)، فإن حركته ستأخذ طابعا معينا، لا يميل للعنف والحركات الرشيقة لكي لا يسقط (عقاله) أو تنشب أطراف ثيابه الطويلة في بروز أو نتوء ما من حوله فيسقط أرضا، أو تتمزق ثيابه، فلذلك يتعود هؤلاء على الهدوء في الكلام وعدم استفزاز الآخرين، والتوصل لحلول وسطى في كل مشاكلهم مع الآخرين. لذلك كان ولا يزال يطلق على من يلبس هذا النمط من الملابس صفة (العاقل) .. هل لأنه لا يميل للعنف .. أم لأنه يضع (العقال) على رأسه؟

كان الناس في العتيقة، لديهم خياط واحد للرجال وخياطة واحدة للنساء، وكانت مواسم شراء (الكسوة) تلي مواسم الانتهاء من البيادر أي استخراج الحبوب من المزروعات، وهي عادة تكون في نهاية الصيف .. فيذهب رب الأسرة الى التاجر ويقول له : اقطع لي كذا ذراعا من قماش كذا وكذا .. وكانت العلامات التجارية للأقمشة محفوظة عن ظهر قلب لدى الناس .. فأقمشة ( حبر، ومارونس، والمخمل ) لثياب النساء الخارجية، و (الربيعي و الموهير) للملابس الداخلية لهن. في حين كانت أنواع القماش للرجال (كلمنظا، ومنصوري، والبوبلين، والجوخ) .. ثم دخلت أقمشة مثل (البرلون و التركال) وغيرها ..
كان على المكتسي ذكرا كان أم أنثى، أن يراعي أن كساءه هذا لطوال العام، ومن يدري، فقد لا يأتي الموسم الزراعي القادم جيدا، فعلى الجميع التهيؤ للبقاء في تلك الملابس (حولا) آخرا .. وعلى النساء أن تجتهد في (ترقيع) ما تلف من تلك الملابس أو التوجه لتصغير ملابس آخرين قد ضاقت عليهم ملابسهم وهي نادرا ما تحدث كون معظم الملابس فضفاضة تستوعب أي زيادة بالوزن حتى لو كان الضعف، أو أن صاحب الملابس قد توفى، وتسمى تلك العملية ب(التقييف) وهي مأخوذة من (قيافة) أي الهيئة النهائية للشكل ..

كما تقوم النساء في غزل صوف الأغنام وعمل منه (كنزات) يلبسها المحظوظون في الشتاء.. إضافة لعمل (الدامر) وهو لباس أقرب الى (الجاكيت) تلبسه النساء و الرجال .. وإن كان الرجال يلبسون (فراء) من جلود الخراف، لا زال تفصيلها يحمل نفس الشكل منذ أيام (الظاهر بيبرس) حتى اليوم..

في الأحذية، كان الرجال يلبسون (مداسا) والمداس يبدو أنه مشتق من داس على الأرض .. والنساء يلبسن (الوطية) واسمها اشتق من وطئ الأرض، وفلان (واطي) أي منحط .. أما الأطفال فكانوا يشترون لهم (شوز) وأكيد اسمه ليس بالعربي .. وكان من قماش وله أرضية من المطاط ، كان على الطفل أن يحرص أن يحافظ على حذاءه لمدة عام، لكن نادرا، ما كان يوفق أي طفل في الإيفاء بوعده .. فبعد عدة شهور سيبرز إبهام قدمه من مقدمة الشوز .. وسيواجه الطفل عقوبة معينة أقلها التوبيخ مع البصاق في وجهه.

لم يكن أهل العتيقة ينفردون بهذه الكآبة الكسائية .. فقد ذكر لي أحدهم وقد عين مدرسا في منطقة تبعد 200كم عن العتيقة .. أن أهالي تلك المناطق ينظرون لأهل العتيقة بعيون حاسدة للرخاء الذي ينعمون به!

فقال: لقد طلبت من أحد التلاميذ أن يخرج الى اللوح (الصبورة) ليحل مسألة، فعندما حلها بجدارة، لاحظت أنه حافي القدمين، فسأله عن السبب فقهقه كل التلاميذ الذي تبين أنهم كلهم حفاة .. فكافأته بشراء (شبشب) كي يلبسه، فكان يربط الشبشب بخيط ويعلقه على رقبته، في حين يرجو منه بعض التلاميذ أن يضعه في قدمه ويسير بضع خطوات ..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 26-03-2007, 08:18 PM   #75
رنـا
Orkida
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2005
المشاركات: 4,282
إفتراضي

ككل موضوعاتك اخي الغالي إبن حوران هذا الموضوع رائع ومميز،
متابعة معك .. ودمت بخير وعافية ...
__________________
رنـا غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 09-04-2007, 11:04 PM   #76
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الأحواز بعد سقوط بغداد

عندما احتل المغول بغداد عام 1258م اعتبروا الأحواز أحد أقاليمهم الهامة لما لها من أهمية إستراتيجية لوصل البحر باليابسة في منطقة من أهم المناطق في العالم، حيث تصل بلاد العرب بما يليها من بلاد العجم وتربط مياه المتوسط بمياه الخليج من خلال الطرق البرية .. وبعد أن كانت (تستر) عاصمة الأحواز تتمتع بسلطة مستقلة أحيانا و تتبع للبصرة أحيانا أخرى، ضمها المغول وربطوها ببغداد مباشرة بعد 14 سنة من احتلالهم لها ..

دب الضعف بالحكم المغولي، فانفصلت البصرة ومعها الأحواز عام 1332م ، حيث استولى عليها أمراء (اللر) وضموها لإمارة (اللر) الكبرى التي أنشأها (أبو طاهر) في عهود (الأتابكة) عام 1149م.. وبقيت تلك الإمارة مستقلة حتى سقطت عام 1423م تحت حكم (تيمورلنك) والذي جعل (شيراز) عاصمة للأحواز ولكن القبائل العربية أنشأت إمارات متعددة داخل الأحواز، فقامت إمارة لبني ربيعة وإمارة لبني أسد و إمارة لبني عبادة وإمارة لبني حطيط وإمارة لبني سعد في حين ظلت المدن الكبرى مثل (ديسفول) و (تستر) و (دورق) تحت حكم التيموريين ..


دولة المشعشعيين :

وشهد النصف الأول من القرن الخامس عشر الميلادي، نشاطا لتوحيد القبائل العربية، وقد نجح رجل عربي عراقي مشهور بحكمته وسعة إطلاعه اسمه (محمد بن فلاح المشعشعي) الذي أنشأ دولة استمرت زهاء ثلاثة قرون كانت عاصمتها (الحويزة) وكانت تمتد أحيانا لجنوب بغداد بثلاثين كيلومترا .. فقد جمع جيشا من القبائل استطاع أن يهزم به جيش (تيمرلنك) .. وقد توافق ظهور (دولة القرة قوينللو )*1 التي حكمت العراق بين عامي (1410ـ 1467) أن كان هناك تفاهم بين تلك الدولة والدولة (المشعشعية) .. وبعد ظهور الدولة الصفوية كانت الدولتان على عداء معها ..

لقد انعكس الصراع بين الدولة الصفوية والدولة العثمانية، على الدولة المشعشعية، فكان أعداء الدولة العثمانية يعتبرونها ملجأ لهم، وبعد أن احتل العثمانيون بغداد عام 1512م ، حاولوا بسط نفوذهم على الدولة المشعشعية ولكنهم لم يفلحوا إذ أنهم لم يستخلصوا منها سوى البصرة بوحدها، وهذا مما شجع الدولة الصفوية من مهاجمة مدينتي ( تستر و دسبول) في عهد (بدران بن فلاح المشعشعي) الذي تولى الحكم عام 1512م.. وبهذا الصدد يذكر المؤرخ الإيراني صاحب كتاب (تكملة الأخبار) بالقول: ( ظلت كل الأحواز في يد العرب).


قاوم (المشعشعيون) الصفويين .. فحاول العثمانيون التحرك من البصرة الى بسط نفوذهم على (الأحواز)، لكن جيشهم انهزم وتراجع الى بغداد.. وبعد انتصاراتهم، خشي شاه الصفويين من تحرك المشعشعيين نحو فارس التي كانت تتعرض لهجوم عثماني من حدودها الشمالية، فخاطب أمير الأحواز يترجاه بعدم مهاجمة فارس واصفا إياه ب ( ملك الحويزة وكل عربستان) ..

التزم المشعشيون بعدم التحرش بفارس، مما شجع الشاه الصفوي لطلب مساعدتهم في احتلال بغداد في زمن حاكم الدولة المشعشعية (منصور) الذي جاء الى الحكم سنة 1619م ، الذي رفض والتزم الحياد .. مما أدى الى هزيمة الصفويين أمام العثمانيين وتوقيعهم على معاهدة (زهاو) عام 1639م والتي كان من بنودها الاعتراف باستقلالية الدولة المشعشعية .

دب الخلاف الأسري بين ورثة العرش المشعشعي فجاء بعدها الدولة الكعبية، عام 1724م، وهرب آخر حكامها (محمد بن عبد الله المشعشعي ) الى بغداد وكان قد تولى الحكم عام 1719..

الدولة الكعبية

حاول نادر شاه حاكم الدولة الفارسية، أن يجرب حظه ويمد نفوذه نحو الأحواز متحرشا بدولة (بني كعب) حديثة التكوين، فأرسل جيشا بقيادة ( حمد حسين خان) غير أن الهزيمة لحقت بهذا الجيش وتم قتل كل أفراده في معركة القبان..

ترجع جذور بني كعب الى نجد، وهم من أبرز القوى العربية التي ظهرت في الخليج العربي في القرن الثامن عشر، وكان أكثر تواجد لهم عند الأطراف السفلى من مصب نهر (قارون) .. وقد غلب على معظمهم الطابع البدوي، في حين استوطن شيوخهم المدن، وكونوا إمارة قوية أقلقت كل القوى الموجودة من بريطانيين وبرتغاليين وفرس و عثمانيين .. وقد كان أوج قوتها في عهد أميرها( الشيخ سلمان 1737ـ 1768) الذي كانت إمارته في أوسع رقعة حيث سيادته على معظم الموانئ، مما حدا بالقوى المذكورة الى فرض حصار على موانئه لمدة سنتين .. ولكن تلك القوى عادت ورفعت حصارها لحاجتها لتلك الدولة التي انتزعت اعتراف الكل..

توفي الشيخ سلمان في آب/أغسطس 1768م وخلفه ابنه (غانم) الذي كان في حالة حلف مع ( كريم خان الزند) حاكم فارس وهي إشارة واضحة على استقلالية الدولة الكعبية، حيث لا يتم حلف إلا بين دولتين ..

عانت الأحواز، كما هي الحال في منطقة البصرة من وباء (الطاعون) الذي انتشر في المنطقة عام 1772ـ 1773م، وحسب ما ذكره أحد الرحالة فإن الضحايا زادت عن ربع مليون، جراء هذا الوباء..

يتبع

هوامش
ـــ
القرة قوينللو: وهي دولة كانت في نواحي ديار بكر، سميت بهذا الاسم ويعني (الخروف الأسود) لأن جيشها يلبس سترة من جلود الخراف السود.. وقد مررنا عليها في (جيران العرب/ إيران)
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-04-2007, 05:24 PM   #77
يتيم الشعر
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: May 2001
الإقامة: وأينما ذُكر اسم الله في بلدٍ عدَدْتُ أرجاءه من لُبِّ أوطاني
المشاركات: 6,363
إرسال رسالة عبر MSN إلى يتيم الشعر إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى يتيم الشعر
إفتراضي

أشكر لك أخي الكريم - تغذيتنا - بهذه المواضيع القيمة

أرجو ألا أثقل عليك بإرسال نسخة من مواضيعك الجميلة في خيمة الثقافة والأدب إلى بريدي الإلكتروني ؛ ففي ذلك عظيم إفادة لي ..

بارك الله فيك
__________________
يتيم الشعر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-04-2007, 03:40 PM   #78
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

العفو أخي الفاضل .. فلست أقوم إلا بما يملي علي واجبي .. فلا شكر على واجب

أما تزويدك بنسخة .. فاعذرني لجهلي بالتقنيات التي تنجز ذلك .. فخذ ما شئت
وبطريقتك .. فعندما يتم تنزيل المساهمة .. فلم تعد ملكا لي ..

احترامي وتقديري
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-04-2007, 03:42 PM   #79
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

أساليب إيران في السيطرة على الأحواز لا تختلف عن أساليب الصهاينة

عندما تم احتلال فلسطين، وطرد العرب من أراضيهم واستبدلت أسماء القرى والمدن بأسماء صهيونية، كان يرمي الصهاينة من ذلك، محو هوية فلسطين العربية و تحويلها الى كيان مختلف.

كذلك كان الفرس في عملهم مع الأحواز، ففي حين كان الفرس يطلقون عليها منذ القرن الخامس عشر الميلادي اسم (عربستان) أي أرض العرب، فقد حولها الشاه (رضا بهلوي) عندما ضمها بالقوة عام 1925 من خلال تآمر الإنجليز معه، فأصبح اسمها (خوزستان) وهو اسم لا يعرفه لا أهل الإقليم ولا أهل المناطق المجاورة، كما تم تحويل أسماء المدن : ( الحويزة: دشت ميشان) (الخلفية: خلف آباد) (الخفاجية: سوسنكرد) (ملا جري: آغا جاري) (الصالحية: انديمشك) (المحمرة: خرمشهر) (تستر: شوشتر) ( الأحواز: الأهواز) (قنطرة القلعة: دزفول) (العميدية: أميدية) (البسيتين: بستان) (الفلاحية: شاه ديكان) (رفيش: لشكرآباد) (سبع أقطار: هاف تبه) (الحميدية: فرج آباد) (الخزعلية: خزعل آباد) ( ميناء خور عبد الله : بندر شاهبور، ثم بندر خميني) (عبادان: آبادان) (رامز: رامهرمز) ..

ولم تسلم أسماء الشوارع والأنهر من التفريس، فنهر (دجيل) وهو تصغير لدجلة وقد ذكره ابن بطوطة باسم النهر الأزرق، أسماه الفرس (كارون) ونهر (الدبيس ) الذي حفره الوالي (عبد الله بن عامر) في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضوان الله عليه، استبدله الفرس باسم (منياو) ونهر (شوارب) حوله الفرس الى (سولان) ونهر (مشرقان) الى نهر (أردشير) .. كما حول الفرس أسماء الشوارع فشارع (الخزعلي) في المحمرة أصبح اسمه (خيابان بهلوي).

الحصار الاقتصادي على عرب الأحواز

دفعت السلطات الفارسية موجات من الهجرة الفارسية الى الأحواز، فاستولوا على الأراضي، واستولوا على الوظائف، وتم تفكيك الإدارات المحلية التي كانت بيد العرب قبل الاحتلال، وأجبر الفرس شيوخ العشائر بتسليم أراضيهم للدولة دون تعويض، وتحول الفلاحون هناك الى خدم عند الإقطاع الإيراني .. كما تم حرمان من تمسك بأرضه من المياه من خلال تحويل مياه نهر (الكرخة) الى مجرى نهر (الدز) وهي خطوة سبق بها الفرس الصهاينة بسرقة مياه نهر الأردن..كما حوصر التجار العرب، وأوقف التعامل معهم من خلال منع التوريد وفرضت ضرائب طائلة على مستورداتهم، حتى غدا القطاع التجاري التبادلي داخل الإقليم بيد الفرس.. كما أصدرت إدارة الدولة الفارسية في 12/12/1964 قرارا حرمت فيه العرب من إشغال الوظائف الحكومية المهمة، ومنعتهم من الدخول الى كليتي الشرطة والحربية، وما جاءت فترة الستينات حتى لم يبق من العرب الذين يعملون في التجارة داخل الإقليم سوى1% من مجموع التجار الفرس..

الحصار القضائي

تدخلت السلطات الإيرانية في القضاء وطريقة التعامل مع الخلافات فيما بين السكان، فمنعت الترجمة بين المتخاصمين من والى العربية، حتى لا يفهم صاحب الحق أين ذهب حقه وكيف؟. كما حرم السكان من حق التنقل والإقامة وجوازات السفر للطلاب الراغبين في تكميل دراساتهم، وحرمت العرب من لبس زيهم المعروف، بل أجبرتهم على لبس الزي الفارسي بالذات ..

الحصار الثقافي والتعليمي

أنكرت الحكومات الفارسية المتتالية على الحكم في طهران، على شعب الأحواز حقه في التعليم في كل مراحله، ففي عام 1956 مثلا، كان عدد سكان مدينة الأحواز 266ألف نسمة لم يكمل منهم الدراسة الثانوية إلا (100) وكان 50 طالبا فقط في الجامعات .. وأن نسبة الأساتذة العرب في جامعة الأحواز هو 1% فقط ..

وقد وضعت السلطات الفارسية المناهج باللغة الفارسية، مما اضطر العرب الى إرسال أبنائهم للكتاتيب، خشية من تفريسهم .. وقد حاولت حكومة القطر العراقي أن تسد هذا النقص فأسست باتفاق مع الحكومة الإيرانية ثلاث مدارس عراقية في كل من الأحواز والمحمرة وعبادان، لكن إيران منعت كل طالب لا يحمل جنسية عراقية من دخول تلك المدارس! كما أن مظاهرات إيرانية قد اشتعلت عندما أسست الحكومة العراقية مدرسة متوسطة في المحمرة، فقامت ضجة إعلامية واصفة ذلك بالغزو الثقافي العربي للأحواز .. وقد كانت اللغة العربية قد ألغيت من الأحواز منذ 1925 عند احتلال الإقليم، وقد نهبت القوات الإيرانية ما كان في خزائن الإقليم من كتب وتراث عربي ..

الترويع والتخويف المستمر لسكان الأحواز

يستعمل رجال الأمن الإيراني كل وسائل التخويف والترويع للسكان، فيغيرون على البيوت، ويحلقون شعر النساء وحواجبهن، ومن تعترض منهن يلهبون ظهرها بالسياط بعد تعريتها ..

كما يقطعون المياه عن قرى لمدد طويلة، ومثالا على ذلك ما ذكره المؤرخ العربي (الأحوازي) السيد (علي الحلو) في الجزء الثالث من كتابه (الأحواز) من أنه في أواخر عام 1968 قطعت السلطات الإيرانية الماء عن قرية عربية حدودية مع البصرة، فخرج الأطفال والنساء والشيوخ يستعطفون الحاكم، غير أنه أخبرهم أنه لا يفهم لغتهم، فعندما يتعلموا الفارسية سيعيد إليهم الماء!

وإن كان جهاز المخابرات في عهد الشاه (السافاك) قد نكل بسكان الأحواز، فإنه في عهد (خميني) قد استبدل بجهاز (السافاما) وأمرهم بكتم أنفاس العرب ومراقبة تحركاتهم ..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 22-04-2007, 11:44 PM   #80
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الجبرية في العقل الجماعي العربي :

لو دخل غريب الى حي، وتعرض الى عبث مجموعة من المراهقين أو الشباب المتزمتين الذين لا يرحبون بالغريب، فإنه يعود الى عقله الفردي ليقرر شكل سلوكه مع عبث العابثين، فهو قد حسب قوته وخمن عوامل قوة العابثين، فسيكون قراره التساهل ومحاولة التخلص من هؤلاء العابثين بأقل قدر ممكن من الأذى .. تماما كما يفعل حكم مباراة (كرة قدم) في اتخاذ قراراته في أجزاء من الثانية، فالموقف لا يسمح بالعودة لمرجع استشاري سواء كانت هيئة بشرية أو كتب مكتوب فيها ما يعينه على اتخاذ قراره ..

نحن لا نتكلم عن عقلية فردية، بل نتكلم عن عقل جماعي، وطبعا الكلام هنا لن يكون دقيقا في أي حالة من الأحوال، فلن يكن هناك كما أسلفنا سمة خاصة بسكان دولة كاملة أو مدينة كاملة أو حي كامل أو حتى أسرة تبين تطابق سلوك أفرادها وأداء عقولهم بشكل وكأن هذه المجموعات البشرية عبارة عن نسخ مكررة من فرد ومضروب بعدد المجموعة .. لكن نحن نتكلم عن السمات العامة التي تميز شعب أو حضارة بسمة ما، فنقول سلوك اليهود ونصفه على ضوء ما صنعنا من صورة متكررة فيما كتب عنهم وما وصلتنا أخبارهم عبر السنين، ونتغاضى عن أشخاص أو مفكرين أو علماء لا يروقهم سلوك اليهود، وهم من اليهود، تماما، كما نسمي كيس من (الحنطة) باسمه، حتى لو كان فيه من الشوائب ما يصل الى خمسه فيبقى كيس من القمح (هكذا اسمه) ..

في حالات وصف عمل العقل العربي، تكلمنا عن جانب مهم في تكوينه (كأداة) و (كوعاء) في نفس الوقت من خلال تطور وتراكم المفاهيم التي تحدد شكل ردة فعل تلك الأداة والتي تنضح مهاراتها من وعائها في نفس الوقت .. وهذا قد تعرضنا إليه من خلال النظرة السريعة في تأريخ الموروث المعرفي للأمة ..

لو نظرنا من باب المحاكمة الجماعية للعقل العربي من خلال، المقارنة في الأشكال الجماعية الإدارية (طبعا) وكيفية سلوكها وتحكيم العقل في أدائها اليومي، لرأينا أي فريق عمل ضيق تتوزع به الأدوار ليقوم كل عضو من الفريق بتفقيه أداءه و إخضاعه للعقل عنده (كوعاء) من خلال الاستعانة بمعرفته الخاصة (كمستشار) و (منفذ) بالفريق، هو من ينجح في إنجاز مهمته بصورة قاطعة وحاسمة. ففريق طبي يقوم بعملية جراحية يتوزع دوره بين الجراح والفيزيائي والمخدر وغيرهم، ولا تحتمل العملية أي خطأ من أخطاء الفريق. كذلك في فريق (كرة القدم) وفريق التعليم في الكليات الجامعية الخ ..

في الدولة الحديثة، لن يستطيع رأس الدولة أن يدير دولته إلا بتقسيمها، الى قطاعات جغرافية وتعيين حكام محليين و هم بدورهم ينسبون حكاما للمساحات الأصغر، هذا على صعيد السيطرة الجغرافية، وهو شأن معروف منذ القدم.. أما على صعيد التنوع فإن النشاطات ستقسم ويوضع لها مسئولون باسم وزير للمسئول الرأسي أو مدير عام ومدير ورئيس قسم للموظفين الأقل شأنا .. ثم يحيط رأس الدولة نفسه، بمستشارين خاصين يفهم كل منهم الشأن الذي يطلب منه الاستشارة فيه .. وهكذا يفعل الوزراء الخ ..

نعود الى الأمة أو الشعب بنشاطه الحضاري وما يخصه من نشاط عقلي يحدد سلوكه وتصرفه وقبوله لسلوك الدولة أو اعتراضه ورفضه لها .. ما الذي يحرس القيم التي تحافظ على سمات أمة أو شعب، وتجعل تطور معالمه الحضارية تنسجم مع مجمل الصفات التي عرف بها هذا الشعب؟

في السلوك الفردي تتحكم ثلاثة عوامل حاسمة في تحديد شكل السلوك للفرد أينما وجد، الأول: الحصيلة التراثية التي تزود القاعدة الخلقية بضوابط تجعل هذا السلوك مقبول اجتماعيا أو مرفوض، وهي تتمثل بالدين ومفاهيم الشرف والنزاهة وغيرها، ويغذي هذا العامل مجاميع الوعاظ و مناهج التعليم والأدباء والشعراء و الفنانون وغيرهم .. ويكون كل رجل مهم يعمل في تلك المناحي تحت رقابة غيره ممن يهتمون بالمنحى الذي يهتم به و يخضعونه لضوابط معقدة لها علاقة بشكل أو بآخر بالسمات الشخصية العامة للطابع الحضاري، فيهاجمونه إذا أخل بالالتزام بالسمة العامة للمجتمع وسماته التي عرف عنها، ويحيونه بالإشارة الى عمله في كتاباتهم وأحاديثهم الخ ..

والثاني: قوانين الدولة، وهي الرادع للمخالفين والضابط لحركة المجتمع بمختلف نشاطاته الاقتصادية والسياسية والأخلاقية وكل ما يصدر عن الأفراد أو المجموعات، وعندما تتناغم تلك القوانين مع السمات العامة للمجتمع وخصائص الشعب أو الأمة الحضارية، فإن قوة إضافية قد جاءت لتقوي الحراسة، على الصفات العامة للمجتمع وحضارته، وتدعم مسيرته نحو التطور بخطى ثابتة ومتناغمة مع أصالة صفاته.. وبعكسه أي عندما تتساهل القوانين في أداء الأفراد و غض النظر عن أخطائهم، فستكون الفوضى والارتباك و فقدان حماسة العاملين في النشاطات الأدبية المذكورة في تطوير خطاباتهم، كون أن القوانين لا تساعدهم في مهمتهم .. وتكون النتائج أكثر خطورة، عندما تغض القوانين النظر عن أشخاص أو مؤسسات تبشر بنسف المفاهيم التي اعتاد عليها المجتمع وخصوصا تلك الثوابت التي تمس حضارة البلاد بأعمق مواطنها، سواء كانت تلك التي تمس الدين أو الوطن ..

أما المصدر الثالث: فهو الصحبة والجماعة المحيطة بشكل دائم بالفرد، فتلميذ المدرسة أو طالب الجامعة يكون الطلاب هم صحبته اليومية التي يختلط بها، فيتغذى منها و يحاول أن يلتزم بسلوك شخصيتها العام تحت باب (نزعة القطيع) فلا يحاول الشذوذ عنها، حتى لو كان شذوذه هو الأصح .. وهذا يحدث في المجموعات المهنية سواء في التجارة أو الحرفة بكل أشكالها، حيث تتولد عادات وسلوكيات متأثرة بالأجواء الخلقية والقانونية السائدة ..

يتضح لنا أن المناداة بالمُثل والقيم، من قبل بعض الأصوات من كل المناحي، سيواجه صعوبات هائلة في إعادة النموذج العام للشخصية العربية و عمل العقل فيها وفق التدرج الذي صعدنا به في هذا التدريج .. لكن بجميع الحالات قد تسبت القوة المطالبة بالعودة الى النموذج العقلي العام للشخصية العامة للشعب أو الأمة، لكنها لن تموت، بل تبقى تتحين الفرص لعودة انطلاقتها من جديد، وهذه الحالة تتكرر في كل أمة حية ..

وإن كانت الجبرية آتية من سطوة القوى الثلاث في تحديد شكل السلوك وإعمال العقل في نمط لا تقبله الشخصية العامة للمجتمع، فإن تغيير تلك السطوة هو ما يفسح المجال لإطلاق العقل العربي و عودة نشاطه وفق ضوابط شخصيته من جديد ..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .