العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية على المريخ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث العقد النفسية ورعب الحياة الواقعية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خوارزمية القرآن وخوارزمية النبوة يكشفان كذب القرآنيين (آيتان من القرآن وحديث للنبي ص (آخر رد :محمد محمد البقاش)       :: نظرات في مقال السؤال الملغوم .. أشهر المغالطات المنطقيّة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال البشر والحضارة ... كيف وصلنا إلى هنا؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال التسونامي والبراكين والزلازل أسلحة الطبيعة المدمرة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال الساعة ونهاية العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات في مقال معلومات قد لا تعرفها عن الموت (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 11-11-2009, 01:51 AM   #501
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي


كم هو
سَخيفٌ أن تكونحياتنا
مناطة بين قوسين
تلوننا وتشكلنا أيادٍعبثية
تكتبنا
و
تمحونا
ثمَّ
تكتبنا
تكتسب بعض الأعمال الأدبية قيمتها من خلال اتساع دلالاتها ووقوعها في منطقة المباشرة النسبية تلك المنطقة التي يكون الموضوع فيها واضحًا لكنه يحتمل انسحابًا على جوانب حياتية أخرى أكثر اتساعًا ليرتفع بالنص عن إطار الآنية والدلالة الضيقة. ويبدأ العنوان الذي يحمل حالة من التمرد على أنماط الحياة التقليدية المسمى سخافات على قارعة التاسع عشر كما فهمت- أنه إدانة لمجتمع ما زال في القرن الحادي والعشرين يعيش بأبجديات القرن التاسع عشر وجاءت لفظت قارعة الطريق لتعبر عن عدم وصوله بعد إلى نهايات هذا القرن والتي كانت تعبر عن بشائر الانتقال إلى مرحلة جديدة في الفكر الإنساني والحديث .وعل مبدعنا العزيز يحمل نبرة هذا التمرد من خلال جعله لفظة (سخيف) التعبير عن مدى تناقضات الوضع بين القرنين وعدم القدرة على معايشة العصر بأساليبه الحضارية والفكرية. بالمناسبة في اختبارات الذكاء للأطفال هناك ما يسمى باختبارات السخافات وهو اختبار يكشف قدرة الطفل على اكتشاف الفروق والصور غير المنطقية في الصورة كأن يؤتى بصورة مزارع يلبس في الحقل ملابس كرة القدم أثناء الحرث مثلاً ..ولعل هذا ما أجج أسلوبه في نعت هذه الأخطاء بالسخافات لتعطي حالة من الاشمئزاز من هذا الواقع المرير .
ولعلنا في إطار هذه الرؤية نستطيع الوصول إلى مراده من خلال هذا التعبير :
كم هو
سَخيفٌ أن تكونحياتنا
مناطة بين قوسين
تلوننا وتشكلنا أيادٍعبثية
تكتبنا
و
تمحونا
ثمَّ
تكتبنا
إذ أن الكثير من المعلومات الهامشية هي التي توضع بين الأقواس ، ويشير هذا التعبير إلى التمرد على كينونة الإنسان التي يتحكم فيها نظام ما يثبت وجوده أو يمحوه وفق أهدافه هو إذ يكون المرء غير كائن في ذاته وإنما لما يحققه من أهداف ، يعيش الإنسان هذه الخطة التي تتغير وفقًا للنظام السياسي أو الأيديولوجي . وكان من الأشياء المعبرة عن معنى اللاشيئية وانمحاء الذات أن المبدع العزيز كتب تكتبنا وحدها في سطر ثم تمحونا وحدها ثم تكتبنا مرة أخرى ليعبر عن الفاصل الزمني الذي يستغرقه الإنسان عند الانتقال من نظام إلى آخر ، إذ يغدو لعبة في أيدي من يضعونه بين الأقواس .

**********
كم هو سخيف أننبوح
بأسرارنا لأنفسنا
ونأتمنها عليها
لتعود أنفسنا هذه
بإفشاءأسرارنا لنا.
ويأتي ملمح آخر في غاية الذكاء يعبر عن إشكالية الذات لدى الإنسان العربي إذ أنه بطبعه إنساني انفعالي تحكمه العاطفة بشكل أو آخر لكنه سرعان ما يجد نفسه غير قادر على حفظ العهود التي قطعها على نفسه وهذا الانشطار في الذات الذي عبر المبدع العزيز عنه أكد على هذه الازدواجية التي يعيشها الإنسان العربي إذ أنه منقلب على ذاته غير قادر على تحقيق ضبط لأهدافه ومطالبه ، تلك التي يكن ّ في نفسها العمل على تحقيقها ثم فجأة يتلاشى كل شيء .إن تصوير وجود علاقة بين الإنسان وذاته على هذه الشاكلة يكسب النص عمقًا أكثر إذ يحول دون وجود وضوح لمعنى الكينونة ولكن بصيغة تتخذ بعدًا آخر في علاقة الفرد بنفسه وليس علاقاته بالتغيرات الخارجية المحيطة به.
**********
كم هو سخيفٌ أن نكرر
الماضي وان لا نحاول
أننواكب عصرنا
مثلا كتكرارنا
جدول الضرب كل يوم
عند الذهاب إلىالبقالة
كانت مباشرة زائدة نسبية جملة نكرر الماضي وأن لا نحاول غير أنها أتت لتعبر عن عدم الاستفادة من منجزات المعرفة ، وهذه الفكرة تجدها أنت أيها القارئ تتماس مع فكرة محدودية المعرفة ،إذ أن جدول الضرب يعد من أرقى وأعقد العمليات العقلية التي يقوم بها الذهن لاحتوائه على العديد من المقدمات المفضية إلى النتائج والمترتبة على بعضها البعض.
وهذا التصوير بالسخف (التخلف) بشكل غير مباشر الذي يجعل معرفتنا بجدول الضرب محدودة بالذهاب إلى البقالة فقط يدين رضا الإنسان العربي بأن يكون محدودًا بخط من المعرفة مرسوم له من آخرين.
إن عملية الضرب وقدراتها لابد أن تستغل في كل المواقف غير أننا لا نعرف استخدام الكمبيوتر إلا من خلال برنامج وحيد يُعمل به في جميع المؤسسات وإن عانى شيئًا من العطب استعصى على الجميع معرفته ليبقى حل اللغز في يد (كهنة المعبد) ذلك الرص في القوالب بأعينها يدينه المبدع بحيث يبقى المخ هذا المجمع المحتوي على أثمن المعلومات وأعظم وأعرف الخبرات منطويًا على بعض الجوانب التي تمثل قشورًا فحسب .
ونلاحظ أن هذه التعبيرات عميقة للغاية إذ لا تقف على الشيء وإنما يقصد بها الفكرة في عموم دلالتها .
**********

كم هو سخيف أن نجادل
الجدال وفيالنهاية
نكتشف أننا لم
نبدأ الجدال أصلا
الجدال ذلك التعبير عن قمة الرقي الذهني والفكري يغدو أمرًا سخيفًا متناقضًا إذ يغدو الإنسان العربي ظانًا نفسه قد وصل إلى مرحلة تؤهله للخوض في العديد من الجوانب المعرفية الأكثر عمقًا بينما هو يجهل أن الذي يفعله ليس جدالاً وإنما ضربٌ من الهرطقة والسفسطة .
إن مبدعنا العزيز يعطي للجدل معنى استثنائيًا تعبيرًا عن الهرطقة ممثلاً في كلمة نجادل في السطر الأول ،بينما يأتي الجدال في السطر الثاني تعبيرًا عن عملية فكرية راقية لا يتقنها إلا المتعلمون ثم تأتي كلمة الجدال في السطر الثالث تعبيرًا عن أسس وقواعد العملية الحِوارية .
هذا الاستخدام متعدد الدلالات للفظ جاء مساعدًا على تعميق حالة الضيق المتمثل في جوانب التخلف المعرفي المتعددة .
ومثل هذه الجوانب الحياتية كثيرًا ما نشاهدها في مواطنَين يتفلسفان فيما لا يفهمان فيه من أمر الدين ، السياسة، الاقتصاد .....إلخ إنه يقصد لفظة واحدة لم يشأ الإشارة إليها بشكل مباشر(حوار الطرشان)!
*********

__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-11-2009, 01:51 AM   #502
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

كم هو سخيف أن نعتاد
طريقة الهضم الكلاسيكية
في الطعام وأن
نجعلها الطريقةالحديثة
للتعامل مع الناس
بمعنى آخر:
أن نتمرد على القافية بحجةالحداثة
ويأتي التعبير الأخير عن هذه التناقضات التي يعشيها الإنسان العربي مع القرن الحادي والعشرين المتمثلة في استخدام الجوانب الشكلية من الحياة الغربية دون الجوانب الجوهري ، ولقد كانت الإشارة إلى فكرة القافية مرورًا على واحدة من جوانب التأخر الثقافي إذ أن الحياة لن تُكسبنا حداثة بهذه القوافي ، وتلك القوافي والأوزان ليست هي المقصد وإنما ما هو أبعد من ذلك ، إذ نجد الجامعات ملئى بالعلاقات المنفلتة بغير داعٍ بين الفتيان والفتيات بحجة أن دواعي الانفتاح تلزم الكسر للأفكار المحافظة بينما أن التخلف الفكري والمعرفي لم يتغير. تغيرت أبناء المدارس بعد لبس الجُبب والعمم إلى الطرابيش ، ثم الجينز ، وفي النهاية ظلت التخلف سيدًا للموقف.ويتخذ تعبير هضم جانبًا عبقريًا إذ أنه عملية بيولوجية بحتة وعلاقتها بالمعنى الذي يومي إليه المبدع العزيز هو أن علاقاتنا الاجتماعية والمعرفية كالطعام بعد إذ يُهضم أين يذهب ؟ كذلك هذه التراكمات الفكرية والثقافية التي نُبتلى بها !
إن النص يتسم بهذه الشفافية الواسعة والتي تجعل الكاتب القدير مفلسفًا كل ما يحدث حوله من خلال أنماط صغيرة تتسع إلى العديد من الجوانب المعرفية والحياتية . إن لم يستخدم لغة مجازية وإنما لغة تعتمد على الذهنية وإعمال الفر فيما وراء الكلمات ، حيث المعنى يختبئ خلف الأسطر و يمد إليك يديه في حياء يقول لك في همس : هل وجدتني ؟
عمل رائع دمت أخانا المبدع وفقك الله
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-11-2009, 03:35 AM   #503
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
اسم العمل : وجهك
اسم الكاتبة : انتصار دوليب
(خارج منتدى الخيمة)
(17)




قررت أن لا أرسم اليوم أبداً..أعتقت فرشاتي من رحلة ضلالها اليومي من بين أناملي...

وأمسكت ألواني عن هدر دمائها على اللوحات الشاحبة المتعطشة لمذاقها..اليوم..سأكتب فقط بمدادي..

أسدلت ستائري المظلمة..ووهبت شمعة بعض اشتعالي فراحت تنتحب بجواري و تبكيني قبل أن أبكي تلاشيها
أمدد ورقة يتيمة على سطح مكتبي الأسود..فترقد مستسلمة لمصيرها المجهول..
بدأت الملم زبدي الذي تبعثر على بحارك..تلك الأقمار التي علقت بوجنتيّ من سمائك..ونجوم أرسلتها إليّ ذات يوم لتزين شعري كل أشيائك..نثرت نقاءها أمامي.. ثم دحرجتها حروفاً فوق أوراقي وعندما عدت لأقرأ ما كتبت وجدت أني رسمت وجهك بمدادي.
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار





آخر تعديل بواسطة المشرقي الإسلامي ، 11-11-2009 الساعة 05:01 AM.
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-11-2009, 04:43 AM   #504
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

في خضم هذه الحياة ومناوشاتها العنيفة قد يجد الفرد نفسه فجأة قد استسلم لتيار دموع لا يدري من أين أتى ، وقد يرى الدموع فيما يكتب وما أجمل ما كتبه الشاعر المبدع فاروق جويدة إذ قال :
رغم أن الأرض ماتت
رغم أن الحلم مات
ربما ألقاك يومًا
في دموع الكلمات
من هنا يأتي جمال اللحظة الإبداعية من فرادة الحالة ،تلك اللحظة التي هي لحظة صدق مع الذات وشجن لا يعلم المرء من أي الجهات جاءت ، وتلك اللحظة تلهم المبدع حتى يكتب فتشعر بمتعة النفاذ إلى عالمه بل يكتب حتى كأنك تشاهد شريط أحداث هذه الخاطرة ماثلاً بين يديك . إنه جمال الخاطرة الذي يجعل الجوانب التصويرية معبرة عن لحظة معينة ربما تمنيت أن تعيشها أو أتتك لكنك لم تحسن استغلالها ، ولكن مبدعتنا العزيزة أحسنت هذا الاستغلال المشروع لهذه اللحظة ونفذت عليها سلطتها المشروعة في استجلابها إلى حيز الوجود خاطرة لا يُسمح فيها للكتمان أن يبديَ رأيه .
***
قررت أن لا أرسم اليوم أبداً..أعتقت فرشاتي من رحلة ضلالها اليومي من بين أناملي...
وأمسكت ألواني عن هدر دمائها على اللوحات الشاحبة المتعطشة لمذاقها..اليوم..سأكتب فقط بمدادي..

مبدعتنا العزيزة تلعب على وتر الصورة الذهنية إذ تغدو الفرشاة أداة الرسم والتلوين سببًا في ضيق وحزن المبدعة ، هل هي ترسم غير ما يُملى عليها ؟ هل هي فرشاة مبرمجة على صور معينة ، عل النص يكشف عن شيء من ذل .. تبدأ النهاية من خلال البداية الممثلة في الفعل (قرر) والأفعال المضعفة تعبر عن مبالغة في القيام بالفعل ،وكلمة أبدًا جاءت لتوكيد هذا الحزن ، وهذا الحزن جماله يكمن في أنه حين يتلبس المبدعة يجعلها ترى الدنيا بمنظور غير الذي يرى الجميع الحياة بها ، فها هي تي ترى الفرشاة وما ترسمه \تكتبه هو رحلة ضلال.
وأمسكت ألواني عن هدر دمائها على اللوحات الشاحبة المتعطشة لمذاقها..اليوم..سأكتب فقط بمدادي..
وتبدو عملية السرد في صالح النص إذ تستمر المبدعة في الإتيان بالمزيد من الأفعال المعبرة عن هذا التوتر المكبوت ، إذ تغدو الألوان لديها إنسانًا يهدر دماءه ، وتغدو اللوحات وحوشًا تستقبل هذه الألوان . ميّز هذا الجزء تكامل أدوات التعبير ومراعاة النظير إذ الألوان بشر ، اللوحات وحوش متعطشة ، وهذا يجعل النص يتسم بالتماسك .

لكن المفاجأة الكبرى تكمن في العبارة الأخيرة اليوم ..سأكتب فقط بمدادي .
إذ تغدو مشكلة هذه الكاتبة طيلة هذه المدة من المعاناة وسبب شعورها بالرغبة في الامتناع عن الرسم هو شعورها أنها كانت مفقودة الكينونة إذ أن مدادها الذي ترسم به أو تكتب به ليس لها . كذلك الحالة تغدو مشاعرها التي تشعر بها مشاعر وهمية إذ تتوحد في الآخر فتشعر بمشاعره هو مزيحة مشاعرها الحقيقة ،تلك التي ستبدأ هنا فقط في اللجوء إليها والبوح بها.

أسدلت ستائري المظلمة..ووهبت شمعة بعض اشتعالي فراحت تنتحب بجواري و تبكيني قبل أن أبكي تلاشيها

جميل أن تضع المبدعة الخلفية لدى المتلقي إذ أنها تستقي من كل ما حولها عناصر تكوين الخاطرة ، تلك الستائر المظلمة جاءت إشارة رمزية إلى النفس إذ تكون النفس كالبيت مسدول الستائر المظلمة ، وإن كنت أرى أن الستائر لم تكن منيرة من قبل حتى تكون في هذه النص مظلمة لهذا أتت كلمة مظلمة زائدة .
وإلى ذلك تتراكم وتطّرد إيقاعات الحالة فبعد التنحي عن الكتابة ، وفي لحظات الصفاء الاستثنائية التي يشعر فيها الإنسان بالشجن يجد كل شيء من علامات الصفاء والطُهر مرتسمًا فيه لذا تأتي عبارة وهبت شمعة بعض اشتعالي لتعبر عن هذه الإنسانية المتدفقة في إطار ترى المبدعة فيه نفسها واهبة كل ما تملك لمن حولها لاتبخل عليهم بشيء لكن لنلاحظ كلمة اشتعالي وليس ضوئي مما يعني أن المبدعة قد أرهقتها الحياة وقد وصلها الاشتعال (الإرهاق) لكن لم يصلها النور وفي هذه العبارة مواساة للنفس وتشبيه النفس بالاشتعال الذي يوقد الشمعة هو من ضروب التشبيه المقلوب الذي يقوّي المعنى كأن تقول كأن الأسد زيد ، إذ يتبادل المشبه والمشبه به الأماكن والدلالات .العبارة كانت عبقرية للغاية إذ أن الشمعة تنتحب وتبكي المبدعة قبل أن تبكي المبدعة تلاشيها .
إن المبدع هو الذي يحسن قراءة الأشياء ويربطها بواقعه النفسي ، وفي هذه العبارة كانت فكرة إنسانية رائعة مردها إلى الضعف المتبادل والعجز المتكامل إذ أن المبدعة أولاً أو من تتحدث على لسانه وصلها الاشتعال ولم يصلها ضوء الشمعة ثم هي ثانيًا من بؤسها أبكت الشمعة فانطفأت ثم ثالثًا بكت هي انطفاء الشمعة في حب متبادل يجعل الدموع هي تلك وجهي العملة .
أمدد ورقة يتيمة على سطح مكتبي الأسود..فترقد مستسلمة لمصيرها المجهول..
إنها قمة الإنسانية وقمة السمو بالمشاعر إذ تغدو كل التفاصيل عليها هذه المسحة الإنسانية الأسيّة فتشبيه الورقة باليتيمة والمكتب بالأسود في رمزية إلى البؤس وتشبيه الورقة بالمستسلمة لمصيرها المجهول كل ذلك عبر عن عذابات إنسانية ملتهبة تسقِط فيه المبدعة هذه الأحزان على الأشياء .
بدأت الملم زبدي الذي تبعثر على بحارك..تلك الأقمار التي علقت بوجنتيّ من سمائك..
ونجوم أرسلتها إليّ ذات يوم لتزين شعري

كانت اللغة المجازية فاعلة للغاية وهذه التشبيهات كلها أتت بشكل عفوي يشعر معه القارئ بانتفاء شبهة التكلف إذ تفاجئنا المبدعة بانتقال الخطاب إلى الآخر بعد أن كانت تتحدث عن همومها والتي يتبين فيها أن الآخر هو سبب هذا الحزن والبؤس الذي تعيشه إذ تشبه أحلامها بالزبد ومحبوبها بالبحر ، وتستقي من الطبيعة تعبيراتها فتكون الأقمار والنجوم هي زينة لِشعرها .أما إذا كان المقصود الشَعر ففي رأيي أن المعنى يكون قد افتقد الرابط بين المشبه والمشبه به .
أشيائك..نثرت نقاءها أمامي..ثم دحرجتها حروفاً فوق أوراقي وعندما عدت لأقرأ ما كتبت وجدت أني رسمت وجهك بمدادي.
النهاية كانت عبقرية للغاية إذ تعبر عن هذا الاحتلال الذي أقامه الآخر في مملكتها ، ذلك الذي جعلها تكتب بمداد غير مدادها ، وحتى بعد كل هذه المحاولات المضنية من أجل إقصائه اكتشفت أنها مرة أخرى قد رسمت وجهه (من حيث لا تشعر).
النص يتسم بقدرة فائقة على توصيف المشاعر والوصول والانتقال من مرحلة إلى أخرى دون إشعار المتلقي بأن ثمة فجوة تمت .
إن المبدعة بطبعها الرومانسي تجد في الكتابة تخليصًا لأحزانها وتفريغًا لمبكوتاتها لكن حينما تأتي الكتابة لتكون هي القائمة بالاحتلال والبوابة
نحو سِجن الآخر فإن المأساة تكون أشد وأعمق .
جمال النص يكمن كذلك في إخفاء العلة والتي أومأت إليها من بعيد بعبارتها سأكتب فقط بمدادي .
والمبدع أي مبدع حينما يصف تفاصيل المكتب والحجرة التي يكتب فيها فإن عناصر التداعي اللوني والنفسي تكون حاضرة وهذا من أجل التأثير عليه ، وكانت هذه التفاصيل مشعِرة بالتوحد في الآخر والامتزاج به ، كما أثبتت فشل كل هذه الأدوات في إزاحة وجه هذا المحبوب والذي استحق العنوان (وجهك) إذ تحوم حوله الفكرة ، ورغم ان الكاتبة العزيزة لم تذكر في العمل ملامح له كالعين أو أي شيء آخر إلا أن ذلك يعد مزية إضافية لأن العمل اسمه وجهك وليس(ملامحك) أو تقاطيعك وهي ربما ترسل بذلك رسالة مفادها أن وجهك ما زال -رغم هذه التأثيرات- غير واضح الملامح ، مما يجعل حالة الحزن الدائري مسيطرة عليها ، وهكذا هي الرومانسية .. قافلة من الدموع .

أختنا العزيزة لك من التحية بمثل ما لهذه الملامح من أسر ، ولك من مدادي تحية بمثل ما لهذه النفس الصفيّة من دموع ذهبية .
عمل رائع أشكرك عليه أختنا العزيزة ، دمت مبدعة وفقك الله .





__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-11-2009, 05:33 PM   #505
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
اسم العمل :قاطع طريق
اسم الكاتب :السيد عبد الجابر
(خارج منتدى الخيمة)
(18)
رأيت الطرقَ عامرةً بقٌطاعِها فأردت أن أكون واحداً منهم وأجلس علي حافة المعمورة أتصيد الغادين والراحين أستوقفهم بأشارة من سيفي المسلول وأستخرج ما في جعبتهم من الاحقاد والأضغان ثم أطعنهم في القلب بخنجر الحب ومن يأبي ينفي الي اللا مكان فلا مكان لديه ولا تأوي البشر اليه
ثم أمضي الي غنائم اليوم فأحرقها بجمرات الشوق أو أذبحها بمقصلة القلب
ثم أمضي اليك أستل قلبك فأغسله بدمع عيني وأزرع حبي فيه ثم أتوسده لترتاح لواعج قلبي ويهدأ وجيج شوقي ثم أمثل بين عينيك لعلها تري من بات يخفي الشوق فأَضحي الشوق يفضحهُ
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-11-2009, 05:56 PM   #506
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

على الرغم من بساطة الفكرة ، واعتياديتها إلا أن طريقة التناول الابتكارية ، اعتمادًا على عنصر الطرافة أو الطرفة هي التي تجعل منه عملاً مميزًا يتجاوز الحدود السطحية للتلاعب بالألفاظ والاستخدام المعتمد على التورية ليصبح عملاً له ما يميزه من خلال النظرة التي تجد فيها الشيء دل على نقيضه .
وفي هذا النص كان عنصر الدهشة هو أول ما يصيب القارئ من خلال البداية التي تعتمد على أسلوب تقريري يجعل القارئ متصورًا غير الذي سيأتي بعده :
رأيت الطرقَ عامرةً بقٌطاعِها فأردت أن أكون واحداً منهم وأجلس علي حافة المعمورة أتصيد الغادين والراحين أستوقفهم بأشارة من سيفي المسلول
ولعل واحدًا يسأل ما الذي يجعل المبدع يذهب إلى مثل هذا الاتجاه ؟ قبل أن تكمل عزيزي القارئ ما كُتِب َ فربما دار بخلدك أن إحباطات ومشاكل الحياة التقليدية قد قادت الإنسان إلى مثل ذلك وأن العمل أضحى يناقش قضية اجتماعية في شكل مقال ، لكن مع هذا الاستدراج تكمن المفاجأة في هذا الذي أتى من بعدها :
وأستخرج ما في جعبتهم من الأحقاد والأضغان ثم أطعنهم في القلب بخنجر الحب ومن يأبي ينفي الي اللا مكان فلا مكان لديه ولا تأوي البشر اليه .
إن الأشياء تغدو لها معاني َ عكسية ، وهذا يعكس تفرّد النظرة التي يتمتع بها المبدع كما أنها تدل على هذه الرائقية في المزاج والصفاء في الذهن التي تجعله يغير هذه الفلسفيات وفق ما بداخله . فيغدو القاطع للطريق هو محاربًا يطعن الأحقاد وينفي الحب إلى اللامكان ويحجبه عن الإنسان . إن تشبيه هذه المشاعر السيئة بالنفائس والممتلكات يجعلنا ننظر بسخرية إلينا نحن معشر البشر وقد استشرت قيم كتلك حتى أتى الفارس بهذا المعنى الإنساني الجميل ليمسك بسيف الحب يقطع به أوصال الكراهية والحقد والبغضاء .إن هذا التعبير يعكس المعنى الوظفي للحب بالنسبة للمبدع إذ لا يغدو ذلك الكائن الضعيف الرقيق بل ذلك الفرد(القوي ) الذي يفرض سلطته على من لا يعجبه ، وعلى ما في هذا التصور من فانتازيا إلا أنه يعد تعبيرًا عن براءة إنسانية منقطعة تجمع بين طفولة الحلم ونضج الفكر .
ثم أمضي الي غنائم اليوم فأحرقها بجمرات الشوق أو أذبحها بمقصلة القلب
النص اتسم بهذا القدر الكبير من تكامل البيئة التشبيهية والتي جعلت الشاعر يراها وكأنها بيئة حقيقية وهو بذلك يرسم لنا عالمًا لا يمكن لنا إلا التسليم به ، فالأفعال (العدائية) للقاطع تصل بعد ذلك إلى درجة إحراق الغنائم بجمرات الشوق غير أن ثمة ما يعاب عليه في الذبح بمقصلة القلب وهو تعبير اضطره إليه الحرص على تحقيق هذا التكامل في البيئة التشبيهية أو مراعاة النظير ، وعلى ما في النص من بعض التكلف إلا أنه مقبول يشفع له فيه القدرة على تحقيق ما يسميه البلاغيون التقليديون بحسن التعليل .ذلك المتمثل في جعل الحب غاية عظمى والكراهية قيمة دنيا لابد من محاربتها بشتى الوسائل.
ثم أمضي اليك أستل قلبك فأغسله بدمع عيني وأزرع حبي فيه ثم أتوسده لترتاح لواعج قلبي ويهدأ وجيج شوقي ثم أمثل بين عينيك لعلها تري من بات يخفي الشوق فأَضحي الشوق يفضحهُ

مفاجأة ثانية يقودنا إليها أخونا العزيز عندما يغدو بعد ذلك القرصان مخاطبًا محبوبته تلك التي استل قلبها ليغسله بدمع العين ويزرع حبه فيه ، إذ أن ذلك كله كان تعبيرًا عن القوة والاستطاعة غير أن قلب المحبوبة لا يُستل ّ كذلك لأن المفترض أن تكون على علاقة تبادلية للحب الذي يجمعها به . ورغم ذلك إلا أن التعبيرات كانت سلسة سهلة متناسبة مع طبيعة الحالة التي لا تستدعي توجهًا فلسفيًا ولا إقحامًا تاريخيًا ولتبقى للنص عذريته في غياب المحبوبة التي تنتظر هذا القاطع للطريق ليغدو فارس أحلامها بحد سيف الحب والأداة ثم تفيد الترتيب مع التراخي أي وجود مدة زمنية بين حدوث كل هذه الأشياء ، وفي نظري أن هذا يأتي في صالح النص لأن عنصر الزمان بالنسبة له قائم عل الوهم والخيال فلابد لذلك ولأنه يتحدث عن شيء أقرب إلى أحلام الفانتازيا أن يكون هو المتسيد في هذا الحلم وأن تسير الأمور كلها وفق ما يتمنى ، ويبقى الحب هو هذا الطلسم الذي إذا فشل الأطباء والحكماء في معرفة كنهه ، فهل يعرفها قطاع الطرق ؟
أخي العزيز :ليتك تسيّر دورية من القراصنة -وفقًا لهذا النهج- أو تفرض في كتائب الجيش دورية تقوم بهذه المهمة ، فقط من أجل خدمة المجتمع ، ذلك المجتمع الذي يستحق وبكل جدارة ألف (قاطع للطريق) لكي يستخرج ما في الجعب من الأحقاد
والضغائن وكان الله في عونه وقتها !!
عمل جيد أهنئك عليه وأرجو لك المزيد من التوفيق دمت مبدعًا أخي العزيز

__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-11-2009, 06:46 PM   #507
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
اسم العمل :قبر تائه
اسم الكاتبة:آمال مكناسي
(خارج منتدى الخيمة)
(19)

بين ثنايا الزمن المتعب أبحث عن معطف يقيني برد الأيام ...
أبحث عني فوق الأرض لا أجد ظلي...
أبحث بين الجثث لا أجد جثماني ..
فأرى نزيف روح يشير لي من بعيد أن ابتهالات الموت تستقطبني ...
و دماء العمر الغابر تقبل شفاه أرض لم تعد تعنيها القبل بقدر اشتهائها اللون الأحمر ...
وطن يبيح الموت و يأبى الرحيل ..
فأين وطني ...أرضي .. بيتي ...غرفتي ...زاويتي ...منفاي؟!!
ان لم يكن لي جسد و روح متحابان.
أب و عم متحدان !!!.....عقل و قلب منصفان!! .
ويحي على قبر نزفت رجلاه من شدة التعب!! .

***
http://www.kanadeelfkr.com/vb/showthread.php?t=6106
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-11-2009, 07:26 PM   #508
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

كعادته الألم يُعتّق فيصير شجنًا لا يؤلم بقدر ما هو يفلسف كما قالت ميسون صقر . إن المبدع الحقيقي هو الذي يجعل من سلاحه أداة لحماية المثل العليا والقِيَم التي يؤمن بها ، وهو بإيمانه
بهذه القيم الراسخة العظيمة ، فإنه في الجهة المقابلة يتزود بما يمكن له التزود به من عدة حقيقية تسمى الفن والإبداع ، إذ تصطف جميع مكونات هذا السلاح العاصف على الرغم من تقييده المستمر في مواجهة هذه الموجة من الظلم والطغيان التي لا يستطيع ردها إلا بالقلم .ومن هنا تكمن عظمة هذا السلاح .
وفي فن الخاطرة يصبح الوطن مادة خصبة لكل الأبناء البررة به المخلصين له الذين لا يعنيهم أن يسمعوا أبواق الغناء \ الغباء (الوطني) بقدر ما يعنيهم أن تُسمع صرخته وعجبي للوطن ! تُسمع أغانيه ولا تسمع صرخاته فهل كان ذا حنجرتين ؟!!
من هنا نبدأ في الحديث عن هذه الخاطرة العبقرية لأستاذتنا العزيزة آمال المكناسي ..

بين ثنايا الزمن المتعب أبحث عن معطف يقيني برد الأيام ...
أبحث عني فوق الأرض لا أجد ظلي...
أبحث بين الجثث لا أجد جثماني
..

للبداية دورها الواضح في إشعار المتلقي بهذا القدر من الألم إذ تدخل المبدعة مباشرة في الموضوع دون تمهيد ، وتتوالى الصور المؤسفة الحزينة المعبرة عن واقع هذا الوطن ، فالزمن هو ذلك الإنسان المتعب .وكلنا نعلم أن الغالب على الأشخاص استخدام الزمن في محل الإدانة كأنه هو الفاعل لكن مجيئه على هذه الشاكلة جاء ليعبر عن هذا الوطن الذي كسر حدود الظلم بكل أشكاله حتى أنهك الأيام أنفسها!!
وكانت العبارة تحتوي على تجسيدات مثل (الوطن المتعب) ومعطف يقني برد الأيام، وهذا يساعد على تقوية الفكرة وتعميق دلالتها ، وكان المعطف الواقي برد الأيام تعبيرًا عاديًا رغم ابتكاريته الظاهرة لأنه مكرر كثيرًا في الكتابات الأدبية المختلفة .
وكان هذا التعبيران على درجة عالية من العبقرية :
أبحث عني فوق الأرض لا أجد ظلي...
أبحث بين الجثث لا أجد جثماني

إذ أن هذين التعبيرين عن مدى الاستلاب الذي يتفنن الوطن في إصابة أبنائه به قد جعله منتهكًا حتى الظل لا يجده ، وحتى الجثث لا تجد المبدعة أو من تتحدث المبدعة على لسانها بينهم ، فكأن المكان الاعتيادي للإنسان هو ذلك التواجد بين الجثث وفي ذلك وجه من وجوه الجمال إذ تعطي التعبيرات دلالة على القواعد الحاكمة لحياة وأفكار الأفراد في هذا الوطن.
وتعبير أبحث عني عبر عن الشرخ الذي أحدثه الوطن (القائمون على أمور الوطن)بين الإنسان وذاته ، وفيه تتضاءل القيم حتى تصبح الذات كأنها شيء مادي يُبحث عنه.
فأرى نزيف روح يشير لي من بعيد أن ابتهالات الموت تستقطبني ...
و دماء العمر الغابر تقبل شفاه أرض لم تعد تعنيها القبل بقدر اشتهائها اللون الأحمر ...

إتيان كلمة روح نكرة يدل على أن أي روح وربما كل روح مهيأة لمثل هذه المعاناة وتعبير نزف روح يعبر عن هذا الاحتراق الذي يصيب الإنسان والألم النفسي عندما تغدو روحه كالجسد النازف ، وتأتي لفظة ابتهالات الموت تستقطبني لتعبر عن هذا التلاشي في قيمة الإنسان ، وكان تجسيد الموت بأغنية أو نشيد والإنسان بشيء من أمواج الأثير فيه تكامل في البيئة التشبيهية وهذا ضروري حتى يعي المتلقي أن المبدع في مثل هذه اللحظات تنزل منه هذه المشاعر نزول الحقيقة المسلّمة في قانون الطبيعة وهذا يدل على قدرة المبدع على تلقي هذا الحشد من الأفكار والالتحام بها حتى تصير له حقيقة لا تقبل النقاش. وفي مثل هذه الأوضاع تغدو الدماء إنسانًا والأرض كذلك وتصبح الدماء كالإنسان النازف بل يقبل شفاهًا ، هذه الشفاه هي الوطن لكن الأجمل في هذا التناقض الأليم إذ أن العمر المنقضي يقبل الوطن بينما الوطن هو تلك الشفاه التي لم يجد فيها الحب ولا يعنيها إلا أن يكون اللون الأحمر غذاءها . الجملة عبرت عن الغدر غدر الوطن بشكل عبقري وبأسلوب تشكيلي يغدو فيه الوطن شفة كبرى على شكل خريطة وتلوك إنسانًا نحيفًا هازلاً . وفكرة توأمة الفنون أو أخوة الفنون إذا صدق التعبير تجعل من هذه التعبرات مادة عظيمة لفنون أخرى كالرسم وغيره ..
وبعد هذه الأوصاف الصاعقة لا تجد المبدعة إلا أن تقول الكلمة صراحة لتعبر بها عن ضمير الألوف المؤلفة من المنكوبين بهذا الحب :
وطن يبيح الموت و يأبى الرحيل ..
إذ أن هذا الوطن هو ذلك المخلوق الذي يقوم بتنفيذ ما يبيحه ويعطي فيه دروسًا عملية ، هو ذلك الإنسان الذي أجرم ولما يرحل . وهذا التعبير المباشر يأتي بعد سلسلة من الصور تقصد منها مبدعتنا العزيزة أن تقول بملء فمها : ليس ثمة ما يمكن إخفاءه ليكون الوطن هو ذلك الملهم للأحزان لتتشكل في لغة الخطاب بالصورة مرة وبالكلمة المباشرة مرة أخرى ( وما أكثر مواهبه!)
فأين وطني ...أرضي .. بيتي ...غرفتي ...زاويتي ...منفاي؟!!
ان لم يكن لي جسد و روح متحابان

ولعل هذا الصوت العنيف يزداد إيقاعه من خلال النقاط (...) التي تعبر عن سرعة في الإيقاع ، وتبدو المبدعة أو من تتحدث على لسانها مُلجمة من ذلك متلجلجة إذ أن كل شيء منها يضيع الوطن ، الأرض ، البيت ،الغرفة ، الزاوية ،المنفى .. إن عبقرية المبدعة هي أنها صورت تناقص قيمة الوطن في كل تفصيلة ومدى تضاؤله حتى يصبح زاوية . ولعل القارئ يدرك سبب ذلك كله ، بالدرجة التي لا تحتاج المبدعة معها إلى الشرح . وتلعب بعد ذلك من خلال السؤال الاستنكاري على وتر المنطق إذ يكون الجسد والروح غير متحابين ولعلنا نلمح -بشكل غير مباشر- تهكمًا مختبئًا بين الأسطر يقول بلسان الحال : لست أعرف من هو الجسد ومن هو الروح !
أب و عم متحدان !!!.....عقل و قلب منصفان!! .
ويحي على قبر نزفت رجلاه من شدة التعب!! .

وتأتي لفظة أب وعم زائدة ، قد جرتها إليها القافية جرًا وهذا يؤخذ على هذا النص ولكن ما ذنب المبدعة العزيزة إذ قادها الوطن بجرائره اللامحدود إلى خطأ كهذا !
وتأتي النهاية صارخة بعمق الألم إذ يصير الوطن قبرًا ، وهذه التسمية قبرًا تعكس ما يمكن أن يسمى بقانون المآلات . يصبح الوطن في نظر الكاتبة كأنه قبر حقيقي ،بل وإمعانًا في البرهنة على هذا الوصف يصير نازف القدمين من شدة التعب. هذا التعبير
الذي يتخذ صورة تشكيلية مرة أخرى أشد بؤسًا إذ أن القبر لم يكتف بما يحمل ،بل صار نازف القدمين ، ينتظر وقت السقوط .
إن هذه المفردات المستخدمة في النص وأنسنة غير البشري والتحدث على لسان غير الإنسان كأنه إنسان (تبادل المواقع) هي عملية واعية تأتي لتخدم الحالة الشعورية وتوضح إلى أية مدى تنعكس القيم والتعبيرات على إبداعات الأفراد .
كانت النهاية قوية بدرجة تفوق درجة البداية وقد كان السرد متزنًا والانتقالات من مشاهد لأخرى سلسة دونما فجوات أو تناقضات تصويرية. عمل رائع متقن أحييك عليه أختنا العزيزة وأرجو لك التوفيق سملت أناملك دمت مبدعة .
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-11-2009, 10:58 PM   #509
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
اسم العمل : (احتياج)
التسمية من وضعي أنا لعدم وجود عنوان
اسم الكاتب : ماجد ........
(خارج منتدى الخيمة)
(20)

هل أحتاج معكِ إلى أن أطلب منكِ ماتتطلع إليه مشاعري .. .. ؟

هل أحتاج إلى أن أدون مدى حاجتي لحنانكِ ..

حتى ترسلين مشاعركِ عبر ..موجه قصيره ..

لألتقطها في مكاني ..

فهل نحتاج معاً إلى جهاز إرسال ..

ليتم توجيه المشاعر ..على نفس الموجه .. .. ؟!

( .. .. ) !؟

إن المشاعر .. لاتدون في قائمة .. فهناك فارق بين قائمة الطعام .. وقائمة الإحساس ..

فالأولى تحتاج إلى أقرب مركز تمويني ..

والأخرى لاتحتاج إلا لضبط مؤشر .. قلبكِ على موجة عواطفي .. ..

المرسله إليكِ وحدكِ ..!

.. تعبت من الإنتظار .. رغم وجودكِ في حياتي طيلة الوقت .. .. ..

* ومضه :

لإن كلام القواميس مات ..

لإن كلام المكاتيب مات ..

لإن كلام الرويات مات ..

أريد أن أكتشف طريقه أحبك فيها بلا .. كلمات .. !!؟

[size=5]
http://www.sandroses.com/abbs/blog.php?u=5665
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار





آخر تعديل بواسطة المشرقي الإسلامي ، 20-11-2012 الساعة 04:05 AM. السبب: ]
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-11-2009, 11:00 PM   #510
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

هل أحتاج معكِ إلى أن أطلب منكِ ماتتطلع إليه مشاعري .. .. ؟

هل أحتاج إلى أن أدونمدى حاجتي لحنانكِ ..

حتى ترسلين مشاعركِ عبر ..موجه قصيره ..

لألتقطها في مكاني ..

فهل نحتاج معاً إلى جهاز إرسال ..

ليتم توجيه المشاعر ..على نفس الموجه .. .. ؟!

( .. .. ) !
؟
البدء بالأسلوب الاستفهامي المعبر عن الاستنكار جاء ليعبر عن أسئلة توحي بالقدر الذ ي يشعر به المحب بهذا الجفاء من محبوبته إلا أن الحب يؤثر في هذا الانفعال ليغير طريقة التعبير وتتخذ من مرادفات الحياة العادية وسيلة للتعبير عما بالدخائل . لذلك تغدو هذه المشاعر إحدى منتجات ثورة الاتصالات ، ويغدو القلب هو ذلك الجهاز الخاص بالإرسال ، والحب هو هذه الموجة المنشودة .


إن المشاعر .. لاتدون في قائمة .. فهناك فارق بين قائمة الطعام .. وقائمةالإحساس ..

فالأولى تحتاج إلى أقرب مركز تمويني ..

والأخرى لاتحتاجإلا لضبط مؤشر .. قلبكِ على موجة عواطفي .. ..

المرسله إليكِ وحدكِ
..!
ويستمر عزف المبدع على نفس الوتر إذ تبدو المحبوبة وكأنها غير مقتنعة أو أفعالها تدل على عدم الاقتناع بما يقوله ليفرق لها بين الشيئين وهو شيء منطقي لا يحتاج إلى توضيح لكن مشاعر الحب حينما تصاغ بأسلوب طريف فإن ذلك يعبر عن رحابة العلاقة الإنسانية بين الطرفين والتي تجعل المبدع يستخدم –ممزاحة وتساهلاً – لغة هذه الحياة الدارجة ، ليس فقط من باب إثبات توغلها في الحياة العامة وإنما لأن التدليل يقتضي إفراد المرأة ببعض ما تختص به من خبرات ومعارف ولعل الحكمة أتت تجعل الطريق إلى قلب المرأة بادئًا من مطبخها . وليس أدل على هذا الحب من استخدامه علامات التعجب ، والعلاقة بين الموجة والمؤشر والقلب والعواطف يبدو فيها هذا القدر الكبير من إتقان تكامل البيئة التشبيهية ومراعاة النظير .



..
تعبت من الإنتظار .. رغم وجودكِ في حياتي طيلة الوقت .. .. ..
ومع هذه البساطة نجد أن فكرة ألم الانتظار حاضرة بقوة من خلال إثبات هذا الوجود للمحبوبة،فهي
موجودة طيلة الوقت في حياته لكنها ليست بين يديه وهذا هو الذي يجعل للانتظار دلالة غير تقليدية إذ هو ليس انتظارًا لإثبات وجودها وإنما لإثبات اتحادها به وقربها بالشكل الذي يشبع لواعج الشوق في داخله ، ذلك الوجود الشكلي الذي يفتقد إلى جوهره.

*
ومضه :

لإن كلام القواميس مات ..

لإن كلام المكاتيب مات ..

لإن كلام الرويات مات ..

أريد أن أكتشف طريقه أحبك فيها بلا .. كلمات .. !!؟
كانت الخاتمة ذكية للغاية بها مسحات نزارية وفيها تأتي الكلمات مشتقة من بيئة الأوراق (القواميس- المكاتيب- الروايات) ليعبر بها المبدع عن هذه المشاعر التي ربما يجدها تجيدها على الأوراق ولكنها على أرض الواقع ليست كذلك .
رغم بساطة الموقف واعتيادته (حب ، ورسائل) إلا أن المبدع استطاع أن يجعل من هذه البيئة الحداثية أداة لإيصال فكرته غير أنه مع ذلك عاد ليتمرد عليها ليصبح للحب طريقة بلا كلمات ، إنها العيون والمشاعر التي لا تستطيع أن تخفيها . في النص تبدو بعض الومضات والتي تعبر عن جوانب لفظية معينة مثل (ومضة) فكأنه يخاطبها ويخفض صوته عند هذه الكلمة ليلفت انتباهها إلى أهمية ما سوف يحدثها عنه ، وكأن ثمة نفورًا يشعر به جعله يؤكد لها في النهاية على هذه الطريقة التي لا تحتاج إلى كلمات ، إنها العين وكفى بها دليلاً .
عمل جيد أحييك عليه أخي العزيز دمت مبدعًا وفقك الله .
تمت بحمد الله 100 خاطرة ، وكل عام أنتم بخير




__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار





آخر تعديل بواسطة المشرقي الإسلامي ، 28-12-2009 الساعة 02:39 PM.
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 2 (0 عضو و 2 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .