أرادوا عَـزل سـوريـا فعزلـوا أنفسهم ! - سعود السبعاني
28/03/2008
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد أحسنت سورية الصنع وخيراً فعلت عندما أصرت وثبتت على موقفها المبدئي في عقد القمة في موعدها المُحدد وعدم الرضوخ للتهديد والإبتزاز من قبل بعض الأطراف العربية فأعلنت بكل حزم أن قمة دمشق ستعقد بمن حضر .
لأنها بهذا إستطاعت أخيراً أن تميز بين مفهوم التواضع والتوافق بالرأي وبين الفرض والإملاءات الخارجية والإلغاء .
وربما لاحظ جميع المراقبين ثقة وهدوء السوريين في ردة فعلهم بعد أن أعلن حلف كوندي عدم حضور القمة , لأنهم حيدوا ذلك الحلف وكسبوا موافقة الأغلبية على حضور القمة .
وربما كانت حركة ذكية من وزير الخارجية السوري وليد المعلم عندما طلب من السعودية التدخل لحل الأزمة اللبنانية , حيث دعا آل سعود لممارسة الضغوط على حلفائهم في لبنان , وكأنه يقول لآل سعود هذه بضاعتكم قد ردت أليكم ؟
وحتى لا يفهم البعض خطأً من أن تلك القمة العربية الحالية والتي ستبدأ اعمالها غداً في دمشق أو القمم التي سبقتها انها قد حققت أو ستحقق الأمال أو تتخذ قرارات مصيرية وحاسمة وتجد الحلول الناجعة لمأساة الأمة العربية , فهذا ضرب من الخيال وأحلام بعيدة المنال في ظل الإرتهان والتآمر والتهاون العربي والتفكك الداخلي للأنظمة العربية .
ولكن التطور الجديد الذي طرأ على تلك القمة العربية تحديداً أن أمريكا ومعها إسرائيل أصبحتا تتبجحان علناً وبكل صلف بالتدخل وفرض الإملاءات على القائمين والمُشاركين في تلك القمة وذلك عن طريق تحريك أذنابهم في القاهرة والرياض وعمان وتحذيرهم بعدم حضور تلك القمة !؟
ولأول مرة في تاريخ القمم العربية تصدر تصريحات صريحة وعلنية من قبل البيت الأبيض وذلك بالطلب من عملائهم في المنطقة بالتريث وعدم التسرع في المُشاركة في قمة دمشق وهو وضع جديد لم نألفه من قبل وهو أقرب إلى الأمر منه إلى الطلب !!!
ولعمري أن واشنطن قد قدمت خدمة جليلة وتاريخية لدمشق في هذه المرحلة الدقيقة الراهنة , لم يكن يحلم بها السوريون قط خصوصاً وأن الجماهير العربية تُسفتز وتثور من تلك التصرفات الأمريكية الصبيانية الخرقاء , وجراء ذلك التصرف الأرعن سوف يتخندق الكثير مع جبهة دمشق كرهاً في أمريكا حتى وإن لم يتفقوا مع النظام السوري ورغم الخلافات مع بعض السياسة السورية .
وهي ليست المرة الأولى التي يندفع بها هؤلاء العملاء الصغار خلف تعليمات واشنطن فقد سبق وأن تبعوا بوش وأولمرت من قبل وإنقلبت عليهم الآية وحينها نالهم التحقير والحقد والحنق من قبل الشعوب العربية جمعاء بسبب تآمرهم وتخندقهم مع أسيادهم ضد تطلعات الأمة العربية وتنفيذهم لأوامر البيت ألأبيض وإسرائيل ضد لبنان وسوريا وما محاولتهم اليائسة الأخيرة لإركاع النظام السوري الذي بدى انهُ في الجبهة المضادة لحلف الشياطين إلا جزءً بسيطاً من سلسلة تآمر هؤلاء العملاء .
ومشكلة أقزام واشنطن في المنطقة العربية أنهم يؤمنون إيماناً كاملاً بقدرات البيت الأبيض لذلك تجدهم ينجرون خلف السياسة الأمريكية بكل جوارحهم ولا يتركون لهم مجالاً للتراجع ولا يبقون فرصة لأذنابهم وأزلامهم لكي يدافعون عنهم أو ينافحوا عن مواقفهم الخيانية الجبانة !
والدليل أن حلف ما يُسمى بفريق المُعتدلين أصبح سُبة ونكاية بهؤلاء الخونة بات يُطاردهم في كل تحركاتهم , ففقدوا إحترامهم لدى شعوبهم وسلبوا حريتهم فباتوا يغردون نشازاً مع سرب واشنطن دون وعي منهم أو إدراك .
وقد رد الله كيدهم في نحورهم فلم تنفعهم تعليمات سيدتهم كوندي ولم يعينهم كبيرهم الأحمق جورج بوش الذي لم يستطع إنقاذ نفسه من ورطة العراق , وهاهم الآن يُقاطعون القمة العربية في دمشق ظناً منهم أنهم بهذا الفعل سوف يعزلون سوريا عن محيطها العربي , فعزلوا أنفسهم دون أن يشعروا بعد أن تقاطر الجميع على تلك القمة !؟
وحالة الأسى والسخرية هنا ليست في حالة أطرم الدرعية المأبون ولا في حالة حصني مصر المأفون , بل أم المهازل تكمن في موقف قزم الأردن الوضيع الذي ضاع في الطوشة كعادته !؟
فحاول هذا الهامشي الغر أن يُقلد بومة العروبة السعودي وأن يتماهى ويتمثل بدهاء ومكر أبا الحصاني المصري فأضاع المشيتين وذهبت ريحه !
فحصني مبارك مُتسلط على بلاد الكنانة منذ أكثر من ربع قرن وقد سيطر على شعب مصر بالحديد والنار وهو بذلك يملك القوة والإمكانات البشرية التي يستطيع بها أن يجذب الإنتباه ويقايض بالمواقف مع الأمريكان والإسرائيليين ليُعمر طويلاً في كرسي الحكم كما فعل الفراعنة من قبله .
وأما ملك السعودية الأجوف وبحكم تسلط عائلته النجسة صنيعة الإنجليز على بلاد الحرمين الشريفين فهو أيضاً يستحوذ على أكبر إحتياطي للبترول في العالم وقد سخره لخدمة أسياده في واشنطن والغرب عموماً , وكذلك هو يتحكم بالحرمين الشريفين ويوظفهم لخدمة وبقاء أسرته وأخوته الصهاينة في تل أبيب .
ومن خلال تلك الأموال الطائلة المسروقة من ثروة الشعب وعن طريق إحتكار السلطة الدينية للحرمين يستطيع أن يشتري بها المرتزقة والأعوان فيسخر الجمبازية والأبواق ويكسب ولاء الأُمعات والأقزام كملك الأردن أو غيره .
ولكن هذا القزم الأردني التافه ماذا يملك لكي يريد أن يجعل من نفسه نداً للآخرين ؟
فهو مجرد عازل أو واقي قذر كان دوره ودور عائلته حماية حدود إسرائيل من التسلسل والعمليات الفدائية .
فهو كالعلق يعتاش على الكوارث والمآسي في دول الجوار ويستجدي المساعدات من الدول العربية ويسترزق على بقايا موائد الأمريكان ويروي ظمأه من مخلفات المستعمرات الإسرائيلية .
والآن هو في موقف لا يحسد عليه فإن قاطع القمة فهو مجرد ذنب قميء صغير في المنطقة لا يعبأ به أحد ولا يحس بوجوده أو عدمه أي متابع للأحداث , وهو بهذا سيفقد المنحة المائية وأطنان القمح السورية , والكل يعرف طمع وشراهة تلك العائلة الهامشية المسلطة على رقاب الأردنيين في عمان ؟
وإذا ما قرر الذهاب للقمة حتى يُحافظ على إستمرار تلك المساعدات السورية السخية له , فسوف يخلخل مثلث الخيانة والتآمر وحينها سيفقد ثقة واشنطن ويُغضب سيده أولمرت وسيخسر المنح السعودية له ؟
وأما الخازوق الكبير الذي أكله جلالة عبد الله الثاني والأخير أن صهره محمد بن راشد المكتوم - حارث البحر - سوف يحضر تلك القمة الدمشقية وهو من تكفل بدفع تكلفة إنشاء المركز الإعلامي للقمة العربية في دمشق !؟
فحتى محمود عباس جاء ليحضر القمة خوفاً من تفرد حماس بالسلطة , فطنش لحلفائه المُعتدلين زعماً وإداهم بومبة !!!
فتخيلوا معي موقف ومشاعر القزم الأردني الآن وتوقعوا ذلك المأزق الحرج الذي وضع نفسه فيه !
وهذا يُدلل أن الأذناب مهما أنتفخت وعظمت لا تُحسن أن تصبح رؤوساً حتى ولو توجت بالذهب .
أما مهبول الدرعية أو صفر العروبة السعودي فتوقع أن يجد الدعم والمساندة من قبل أشقائه الخليجيين على أقل تقدير في مقاطعة قمة دمشق بعد أن نفذ أوامر ولي الأمر بوش وطبق الحديث ( أسمع وأطع حتى وإن جلد ظهرك وأخذ مالك ) فأعلن عدم مشاركته في تلك القمة طاعة لولاة الأمور في واشنطن وتنفيذاً لرغباتهم !
فوجد نفسه وحيداً معزولاً يتابع أخبار القمة عبر شاشة التلفاز لعل وعسى ان يحدث شيء يكدر الصفو فتنفرج أساريره !
فلم يجد أمامه إلا أن يلتقي بوفد ياباني لكي يحدثهم عن نتيته في عقد مؤتمر بين الديانات الثلاثة , وأنهُ منذ سنتين وهو يفكر بالأمر وقد إستشار البابا في الأمر ووافق مشكوراً , وقد شاور كبار مطاوعته المأفونين وأيدوه بذلك , ولم يبقى الآن أمام أبو عابد إلا أن يجمع الحاخامات والقساوسة والجمبازية قريباً جداً .
ومن شابه جده مردخاي فما ظلم .
أما الحصني الخفيف فقد غاب عن القمة العربية وهو الذي يُفترض به ويُزعَم أنهُ يترأس أكبر دولة عربية , وذهب لروسيا لتعزيز التعاون في مجال الطاقة النووية !!!
( ياواد يا خطير أنتَ يبتاع النووي )
وربما ذهب أيضاً لكي يراجع بعض الأطباء الروس من ذوي الإختصاص لعلهم يجدوا له ترياق الحياة الأبدي , أو يعثر على دواء سحري يمنحه سر الخلود في حكم مصر .
ويبدو لي أن حيازة الطاقة النووية قد أصبحت موضة هذه الأيام !
ولكن حضور عمرو موسى كأمين عام للجامعة العربية قد سلط عليه الأضواء من جديد لربما سيُصبح بديلاً للحصني في المستقبل فجعل حضوره في موقع بارز ومرموق تضاءل أمامه موقع رئيس النظام المصري الذي لم ولن يفتقده أحد في غيبته , خصوصاً وأن الشعب المصري بات يُعاني هذه الأيام من أزمة خانقة في شح مادة الدقيق الأساسية .
وأما أجمل تعليق على زيارة حصني مبارك لروسيا فجاء على لسان أحد القراء المصريين الظرفاء رمز لنفسه بكنية ( يا شيخ روح ) رد على هذا الخبر في موقع الأخبار المصري الإلكتروني حيث علق قائلاً :
( والنبي يا ريس وأنت جاي معاك تجيب كااام شيكاره دقيق من روسيا ) !؟
فتخيلوا شعباً يُعاني من شح المواد الغذائية وندرة الدقيق في الأسواق ويُقاتل من أجل لقمة العيش والرئيس بتاعه صايع في روسيا يعقد صفقات نووية !!!
وقد صدق عزيز عثمان عندما غنى :
« بطلوا ده واسمعوا ده ياما لسه نشوف وياما الغراب يا واقعة سودة جوزوه أحلى يمامة » .
واليمامة هنا ليست يمامة الدرعية التي سرقها اللص سلطان بن عبد العزيز وأبنائه قطعاً , بل هي مصر المحروسة المحبوسة وشعبها المظلوم والمقموع من قبل حصني وأزلامه .
عموماً فأن سوريا قد ربحت هذه الجولة ولكن عليها أن لا تركن لعملاء أمريكا في المنطقة وعليها أن تكون أكثر حذراً وتيقظاً في الأيام القادمة , فيجب رص الصفوف ونبذ الفرقة وتحصين الجبهة الداخلية عن طريق فتح أبواب المشاركة الشعبية وتحسين وضع المواطنيين إقتصاداً وتفعيل الحريات وفتح الأبواب للمعارضة الوطنية وأطلاق سراح معتقلي الرأي .
أما سعدو الحريري وسنيورته ومعهم جمبلاط فباتوا كالقرود الثلاثة التي لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم في ظل الخيبة الكبيرة التي أصابت معلميهم ومموليهم .
وتعيشوا وتأكلوا غيرها يا بقايا أذناب الأذناب .
###
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2008-03-28
أرادوا عَـزل سـوريـا فعزلـوا أنفسهم !
النمط الخطي
