بسم الله الرحمن الرحيم
ان أعظم ما يبتلى به المرء هو سوء الخلق، وكم تضيق بي الخيمة عندما يركن أحدهم الى بعض هذا ، وأنا أعلم يقينا أن معظم وأغلبية أهل الخيام يتحلون بأسمى المثل وأحسن الأخلاق، لكن كلما تدنى أحدهم الى سوء الخلق حزنت مرتين، مرة لنفسه كيف تجرأ باظهاره ومرة لغيره كيف استساغه وأخذ يزيد وقوده
وقد أعجبني جدا ابن القيم لما أعاز سوء الخلق الى أربعة أسباب وهي الجهل والظلم والشهوة والغضب، فشرح رحمه الله هذه الأسباب وفصل فيها غاية التفصيل فأعجبني جدا فريه ووجدت لذة ما بعدها لذة وأنا أقرأها ووددت أن تقاسموني هذه اللذة واليكم ما قاله ابن القيم:
"ومنشأ جميع الأخلاق السافلة وبناؤها على أربعة أركان : الجهل والظلم والشهوة والغضب. فالجهل يريه الحسن في صورة القبيح، والقبيح في صورة الحسن. والكمال نقصا والنقص كمالا. والظلم يحمله على وضع الشيء في غير موضعه فيغضب في موضع الرضى ،ويرضى في موضع الغضب ، ويجهل في موضع الأناة ، ويبخل في موضع البذل ويبذل في موضع البخل ، ويحجم في موضع الإقدام ويقدم في موضع الإحجام ، ويلين في موضع الشدة ويشتد في موضع اللين ، ويتواضع في موضع العزة ويتكبر في موضع التواضع. والشهوة تحمله على الحرص والشح والبخل وعدم العفة والنهمة والجشع والذل والدناءات كلهاوالغضب يحمله على الكبر والحقد والحسد والعدوان والسفه.
ويتركب من بين كل خلقين من هذه الأخلاق: أخلاق مذمومة. وملاك هذه الأربعة أصلان: إفراط النفس في الضعف وإفراطها في القوة.
فيتولد من إفراطها في الضعف: المهانة والبخل والخسة واللؤم والذل والحرص والشح وسفاسف الأمور والأخلاق.
ويتولد من إفراطها في القوة: الظلم والغضب والحدة والفحش والطيش.
ويتولد من تزوج أحد الخلقين بالآخر: أولاد غية كثيرون (أي أخلاق سيئة كثيرة). فإن النفس قد تجمع قوة وضعفا. فيكون صاحبها أجبر الناس إذا قدر، وأذلهم إذا قُهر، ظالم عنوف جبار، فإذا قهر صار أضعف من امرأة. جبانا عن القوي، جريئا على الضعيف.
فالأخلاق الذميمة يولد بعضها بعضا، كما أن الأخلاق الحميدة يولد بعضها بعضًا."
انتهى كلامه رحمه الله
أرجو أن نستفيد مما كتب أعلاه وأرجو من الله تعالى أن يزكي أنفسنا هو خير من زكاها
رمضان كريم