العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الاسلامي > الخيمة الاسلامية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: زراعة القلوب العضلية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: غزة والاستعداد للحرب القادمة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال حديقة الديناصورات بين الحقيقة والخيال (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في مقال ثلث البشر سيعيشون قريبا في عالم البعد الخامس (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نقد مقال بوابات الجحيم التي فتحت فوق سيبيريا عام 1908 لغز الانفجار الكبير (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الغرق فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال أمطار غريبة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى بحث النسبية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: حديث عن المخدرات الرقمية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال الكايميرا اثنين في واحد (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 12-02-2009, 01:49 AM   #1
جمال الشرباتي
كاتب إسلامي مميز
 
تاريخ التّسجيل: May 2007
المشاركات: 639
إرسال رسالة عبر MSN إلى جمال الشرباتي إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى جمال الشرباتي
Question تأويل سورة الزخرف

تفسير سورة الزخرف
بسم الله الرحمن الرحيم


***********************************************

قال الطبري رحمه الله "

القول في تأويل قوله تعالى : حم ( 1 ) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ( 2 ) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ( 3 )
قد بينَّا فيما مضى قوله ( حم ) بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله: ( وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ) قسم من الله تعالى أقسم بهذا الكتاب الذي أنـزله على نبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: ( وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ) لمن تدبَّره وفكَّر في عبره وعظاته هداه ورشده وأدلته على حقيته, وأنه تنـزيل من حكيم حميد, لا اختلاق من محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ولا افتراء من أحد ( إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا ) يقول: إنا أنـزلناه قرآنا عربيا بلسان العرب, إذا كنتم أيها المنذرون به من رهط محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عربا ( لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) يقول: معانيه وما فيه من مواعظ, ولم ينـزله بلسان العجم, فيجعله أعجميا, فتقولوا نحن: نحن عرب, وهذا كلام أعجمي لا نفقه معانيه.
########################


. قال الطبري رحمه الله "


القول في تأويل قوله تعالى : وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ( 4 )
يقول تعالى ذكره: وإن هذا الكتاب أصل الكتاب الذي منه نسخ هذا الكتاب عندنا لعليّ: يقول: لذو علوّ ورفعة, حكيم: قد أحكمت آياته, ثم فصلت فهو ذو حكمة.
******************

وقوله: ( لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ) وقد ذكرنا معناه.

******************
القول في تأويل قوله تعالى : أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ ( 5 )
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم: معناه: أفنضرب عنكم ونترككم أيها المشركون فيما تحسبون, فلا نذكركم بعقابنا من أجل أنكم قوم مشركون.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أفنترك تذكيركم بهذا القرآن, ولا نذكركم به, لأن كنتم قوما مسرفين.

*****************
وأولى التأويلين في ذلك بالصواب تأويل من تأوّله: أفنضرب عنكم العذاب فنترككم ونعرض عنكم, لأن كنتم قوما مسرفين لا تؤمنون بربكم.
وإنما قلنا ذلك أولى التأويلين بالآية, لأن الله تبارك وتعالى أتبع ذلك خبره عن الأمم السالفة قبل الأمم التي توعدها بهذه الآية في تكذيبها رسلها, وما أحل بها من نقمته, ففي ذلك دليل على أن


********************************
قال الطبري رحمه الله "


قوله: ( أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا ) وعيد منه للمخاطبين به من أهل الشرك, إذ سلكوا في التكذيب بما جاءهم عن الله رسولهم مسلك الماضين قبلهم.
**************************


واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء المدينة والكوفة « إنْ كُنْتُمْ » بكسر الألف من « إن » بمعنى: أفنضرب عنكم الذكر صفحا إذ كنتم قوما مسرفين. وقرأه بعض قرّاء أهل مكة والكوفة وعامة قرّاء البصرة « أنْ » بفتح الألف من « أنْ » , بمعنى: لأن كنتم.

*****************

واختلف أهل العربية في وجه فتح الألف من أن في هذا الموضع, فقال بعض نحويي البصرة: فتحت لأن معنى الكلام: لأن كنتم. وقال بعض نحويي الكوفة: من فتحها فكأنه أراد شيئا ماضيا, فقال: وأنت تقول في الكلام: أتيت أن حرمتني, تريد: إذ حرمتني, ويكسر إذا أردت: أتيت إن تحرمني. ومثله: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ و ( إِنْ صَدُّوكُمْ ) بكسر وبفتح.
فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا قال: والعرب تنشد قول الفرزدق?
أتَجْــزَعُ أنْ أُذْنــا قُتَيْبَــةَ حُزَّتـا جِهـارًا وَلـمْ تَجْـزَعْ لقَتْـلِ ابنِ حَازِمِ
قال: وينشد?
أتَجْــزَعُ أنْ بـانَ الخَـلِيطُ المُـوَدّعُ وَحَـبْلُ الصَّفَـا مِـنْ عَـزَّةَ المُتَقَطِّـعُ
قال: وفي كل واحد من البيتين ما في صاحبه من الكسر والفتح.
**************

قال الطبري رحمه الله "


والصواب من القول في ذلك عندنا: أن الكسر والفتح في الألف في هذا الموضع قراءتان مشهورتان في قرأة الأمصار صحيحتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب, وذلك أن العرب إذا تقدم « أن » وهي بمعنى الجزاء فعل مستقبل كسروا ألفها أحيانا, فمحضوا لها الجزاء, فقالوا: أقوم إن قمت, وفتحوها أحيانا, وهم ينوون ذلك المعنى, فقالوا: أقوم أن قمت بتأويل, لأن قمت, فإذا كان الذي تقدمها من الفعل ماضيا لم يتكلموا إلا بفتح الألف من « أن » فقالوا: قمت أن قمت, وبذلك جاء التنـزيل, وتتابع شعر الشعراء.

********************

قال الطبري رحمه الله "

القول في تأويل قوله تعالى : وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الأَوَّلِينَ ( 6 ) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ( 7 )

يقول تعالى ذكره: ( وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ ) يا محمد في القرون الأولين الذين مضوا قبل قرنك الذي بعثت فيه كما أرسلناك في قومك من قريش.

( وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) يقول وما كان يأتي قرنا من أولئك القرون وأمة من أولئك الأمم الأولين لنا من نبيّ يدعوهم إلى الهدى وطريق الحق, إلا كان الذين يأتيهم ذلك من تلك الأمم نبيهم الذي أرسله إليهم يستهزئون سخرية منهم بهم كاستهزاء قومك بك يا محمد. يقول: فلا يعظمن عليك ما يفعل بك قومك, ولا يشقنّ عليك, فإنهم إنما سلكوا في استهزائهم بك مسلك أسلافهم, ومنهاج أئمتهم الماضين من أهل الكفر بالله.

*****************

قال الطبري رحمه الله "

القول في تأويل قوله تعالى : فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ ( 8 )
يقول تعالى ذكره: فأهلكنا أشدّ من هؤلاء المستهزئين بأنبيائهم بطشا إذا بطشوا فلم يعجزونا بقواهم وشدة بطشهم, ولم يقدروا على الامتناع من بأسنا إذ أتاهم, فالذين هم أضعف منهم قوة أحرى أن لا يقدروا على الامتناع من نقمنا إذا حلَّت بهم. يقول جلّ ثناؤه: ومضى لهؤلاء المشركين المستهزئين بك ولمن قبلهم من ضربائهم مثلنا لهم في أمثالهم من مكذّبي رسلنا الذين أهلكناهم, يقول: فليتوقع هؤلاء الذين يستهزئون بك يا محمد من عقوبتنا مثل الذي أحللناه بأولئك الذين أقاموا على تكذيبك.
******************

قال الطبري رحمه الله "


القول في تأويل قوله تعالى : وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ( 9 ) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ( 10 )
يقول تعالى ذكره: ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين من قومك: من خلق السموات السبع والأرضين, فأحدثهن وأنشأهن؟ ليقولنّ: خلقهنّ العزيز في سلطانه وانتقامه من أعدائه, العليم بهن وما فيهنّ من الأشياء, لا يخفى عليه شيء.

***********

( الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ مَهْدًا )
يقول: الذي مهد لكم الأرض, فجعلها لكم وطاء توطئونها بأقدامكم, وتمشون عليها بأرجلكم.

***************

( وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا ) يقول: وسهل لكم فيها طرقا تتطرّقونها من بلدة إلى بلدة, لمعايشكم ومتاجركم.

***********
. ( لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) يقول: لكي تهتدوا بتلك السبل إلى حيث أردتم من البلدان والقرى والأمصار, لولا ذلك لم تطيقوا براح أفنيتكم ودوركم, ولكنها نعمة أنعم بها عليكم.

#####################################

يتبع
__________________
مؤسس ملتقى أهل التأويل
http://www.attaweel.com/vb/

جمال الشرباتي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 12-02-2009, 07:11 PM   #2
جمال الشرباتي
كاتب إسلامي مميز
 
تاريخ التّسجيل: May 2007
المشاركات: 639
إرسال رسالة عبر MSN إلى جمال الشرباتي إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى جمال الشرباتي
إفتراضي

قال الطبري رحمه الله "

القول في تأويل قوله تعالى : وَالَّذِي نـَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ ( 11 ) وَالَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ ( 12 )
يقول تعالى ذكره: ( وَالَّذِي نـَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ ) يعني: ما نـزل جلّ ثناؤه من الأمطار من السماء بقدر: يقول: بمقدار حاجتكم إليه, فلم يجعله كالطوفان, فيكون عذابا كالذي أنـزل على قوم نوح, ولا جعله قليلا لا ينبت به النبات والزرع من قلته, ولكن جعله غيثا, حيا للأرض الميتة محييا.

( فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا ) يقول جلّ ثناؤه: فأحيينا به بلده من بلادكم ميتا, يعني مجدبة لا نبات بها ولا زرع, قد درست من الجدوب, وتعفنت من القحوط

( كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ ) يقول تعالى ذكره:
كما أخرجنا بهذا الماء الذي نـزلناه من السماء من هذه البلدة الميتة بعد جدوبها وقحوطها النبات والزرع, كذلك أيها الناس تخرجون من بعد فنائكم ومصيركم في الأرض رفاتًا بالماء الذي أنـزله إليها لإحيائكم من بعد مماتكم منها أحياء كهيئتكم التي بها قبل مماتكم.

************************************************** *************************
.
وقيل: أنشرنا به, لأن معناه: أحيينا به, ولو وصفت الأرض بأنها أحييت, قيل: نشرت الأرض, كما قال الأعشى:?

*************************************
وقوله: ( وَالَّذِي خَلَقَ الأزْوَاجَ كُلَّهَا ) يقول تعالى ذكره: والذي خلق كلّ شيء فزوّجه, أي خلق الذكور من الإناث أزواجا, الإناث من الذكور أزواجا ( لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ ) وهي السفن ( وَالأنْعَامِ ) وهي البهائم ( مَا تَرْكَبُونَ ) يقول: جعل لكم من السفن ما تركبونه في البحار إلى حيث قصدتم واعتمدتم في سيركم فيها لمعايشكم ومطالبكم, ومن الأنعام ما تركبونه في البر إلى حيث أردتم من البلدان, كالإبل والخيل والبغال والحمير.

#################################

القول في تأويل قوله تعالى : لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ( 13 ) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ ( 14 )
يقول تعالى ذكره: كي تستوا على ظهور ما تركبون.
**********************

واختلف أهل العربية في وجه توحيد الهاء في قوله: ( عَلَى ظُهُورِهِ ) وتذكيرها, فقال بعض نحويي البصرة: تذكيره يعود على ما تركبون, وما هو مذكر, كما يقال: عندي من النساء من يوافقك ويسرك, وقد تذكر الأنعام وتؤنث. وقد قال في موضع آخر: مِمَّا فِي بُطُونِهِ وقال في موضع آخر: بُطُونِهَا وقال بعض نحوييّ الكوفة: أضيفت الظهور إلى الواحد, لأن ذلك الواحد في معنى جمع بمنـزلة الجند والجيش. قال: فإن قيل: فهلا قلت: لتستووا على ظهره, فجعلت الظهر واحدا إذا أضفته إلى واحد. قلت: إن الواحد فيه معنى الجمع, فردّت الظهور إلى المعنى, ولم يقل ظهره, فيكون كالواحد الذي معناه ولفظه واحد. وكذلك تقول: قد كثر نساء الجند, وقلت: ورفع الجند أعينه ولم يقل عينه. قال: وكذلك كلّ ما أضفت إليه من الأسماء الموصوفة, فأخرجها على الجمع, وإذا أضفت إليه اسما في معنى فعل جاز جمعه وتوحيده, مثل قولك: رفع العسكر صوتَه, وأصواته أجود وجاز هذا لأن الفعل لا صورة له في الاثنين إلا الصورة في الواحد.
**********************************************

وقال آخر منهم: قيل: لتستووا على ظهره, لأنه وصف للفلك, ولكنه وحد الهاء, لأن الفلك بتأويل جمع, فجمع, الظهور ووحد الهاء, لأن أفعال كل واحد تأويله الجمع توحد وتجمع مثل: الجند منهزم ومنهزمون, فإذا جاءت الأسماء خرج على الأسماء لا غير, فقلت: الجند رجال, فلذلك جمعت الظهور ووحدت الهاء, ولو كان مثل الصوت وأشباهه جاز الجند رافع صوته وأصواته.

****************************************
قوله: ( ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ ) يقول تعالى ذكره: ثم تذكروا نعمة ربكم التي أنعمها عليكم بتسخيره ذلك لكم مراكب في البر والبحر ( إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ ) فتعظموه وتمجدوه, وتقولوا تنـزيها لله الذي سخر لنا هذا الذي ركبناه من هذه الفلك والأنعام, مما يصفه به المشركون, وتشرك معه في العبادة من الأوثان والأصنام ( وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ) .

************************
وقوله: ( وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ) وما كنا له مطيقين ولا ضابطين, من قولهم: قد أقرنت لهذا: إذا صرت له قرنا وأطقته, وفلان مقرن لفلان: أي ضابط له مُطِيق.
***********************

وقوله: ( وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ ) يقول جلّ ثناؤه: وليقولوا أيضا: وإنا إلى ربنا من بعد مماتنا لصائرون إليه راجعون.

القول في تأويل قوله تعالى : وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ ( 15 ) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ ( 16 ) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ( 17 )
يقول تعالى ذكره: وجعل هؤلاء المشركون لله من خلقه نصيبا, وذلك قولهم للملائكة: هم بنات الله.
.
وقال آخرون: عنى بالجزء ها هنا: العدل.

*********************************

وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في تأويل ذلك, لأن الله جلّ ثناؤه أتبع ذلك قوله: ( أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ ) توبيخًا لهم على قولهم ذلك, فكان معلوما أن توبيخه إياهم بذلك إنما هو عما أخبر عنهم من قيلهم ما قالوا في إضافة البنات إلى الله جلّ ثناؤه.
****************************

وقوله: ( إِنَّ الإنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ ) يقول تعالى ذكره: إن الإنسان لذو جحد لنعم ربه التي أنعمها عليه مبين: يقول: يبين كفرانه نعمه عليه, لمن تأمله بفكر قلبه, وتدبر حاله.

******************************
وقوله: ( أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ ) يقول جلّ ثناؤه موبخا هؤلاء المشركين الذين وصفوه بأن الملائكة بناته: اتخذ ربكم أيها الجاهلون مما يخلق بنات, وأنتم لا ترضون لأنفسكم, وأصفاكـم بالبنين. يقول: وأخلصكم بالبنين, فجعلهم لكم. ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلا ) يقول تعالى ذكره: وإذا بشر أحد هؤلاء المشركين الجاعلين لله من عباده حزءا بما ضرب للرحمن مثلا يقول: بما مثل لله, فشبهه شبها, وذلك ما وصفه به من أن له بنات.

*****************************************
وقوله: ( ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا ) يقول تعالى ذكره: ظلّ وجه هذا الذي بشَّر بما ضرب للرحمن مثلا من البنات مسودّا من سوء ما بشر به. ( وَهُوَ كَظِيمٌ ) يقول: وهو حزين.


################################################

يتبع
__________________
مؤسس ملتقى أهل التأويل
http://www.attaweel.com/vb/

جمال الشرباتي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 12-02-2009, 07:11 PM   #3
جمال الشرباتي
كاتب إسلامي مميز
 
تاريخ التّسجيل: May 2007
المشاركات: 639
إرسال رسالة عبر MSN إلى جمال الشرباتي إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى جمال الشرباتي
إفتراضي

************************************************** **********

القول في تأويل قوله تعالى : أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ( 18 )
يقول تعالى ذكره: أو من ينبت في الحلية ويزين بها ( وَهُوَ فِي الْخِصَامِ ) يقول: وهو في مخاصمة من خاصمه عند الخصام غير مبين, ومن خصمه ببرهان وحجة, لعجزه وضعفه, جعلتموه جزء الله من خلقه وزعمتم أنه نصيبه منهم, وفي الكلام متروك استغنى بدلالة ما ذكر منه وهو ما ذكرت.
واختلف أهل التأويل في المعنيّ بقوله: ( أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ) ,

فقال بعضهم: عُنِي بذلك الجواري والنساء.

وقال آخرون: عُنِي بذلك أوثانهم التي كانوا يعبدونها من دون الله.

************************************************** *********
.
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: عُنِي بذلك الجواري والنساء, لأن ذلك عقيب خبر الله عن إضافة المشركين إليه ما يكرهونه لأنفسهم من البنات, وقلة معرفتهم بحقه, وتحليتهم إياه من الصفات والبخل, وهو خالقهم ومالكهم ورازقهم, والمنعم عليهم النعم التي عددها في أول هذه السورة ما لا يرضونه لأنفسهم, فاتباع ذلك من الكلام ما كان نظيرا له أشبه وأولى من اتباعه ما لم يجر له ذكر.

************************************************** *********
واختلف القرّاء في قراءة قوله: ( أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ ) فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض المكيين والكوفيين « أوْ مَنْ يَنْشَأُ » بفتح الياء والتخفيف من نَشَأَ ينشأ. وقرأته عامة قرّاء الكوفة ( يُنَشَّأُ ) بضم الياء وتشديد الشين من نَشَّأْتُهُ فهو يُنَشَّأُ. والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان في قراءة الأمصار, متقاربتا المعنى, لأن المُنَشَّأ من الإنشاء ناشئ, والناشئ منشأ, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وقد ذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله « أوَ مَنْ لا يُنشَّأُ إلا فِي الحلْية » , وفي « من » وجوه من الإعراب الرفع على الاستئناف والنصب على إضمار يجعلون كأنه قيل: أو من ينشأ في الحلية يجعلون بنات الله. وقد يجوز النصب فيه أيضا على الردّ على قوله: أم اتخذ مما يخلق بنات أو من ينشأ في الحلية, فيردّ « من » على البنات, والخفض على الردّ على « ما » التي في قوله: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلا .

*****************************

القول في تأويل قوله تعالى : وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ( 19 )
يقول تعالى ذكره: وجعل هؤلاء المشركون بالله ملائكته الذين هم عباد الرحمن.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء المدينة « الذين هم عند الرحمن » بالنون, فكأنهم تأولوا في ذلك قول الله جلّ ثناؤه: إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ فتأويل الكلام على هذه القراءة: وجعلوا ملائكة الله الذين هم عنده يسبحونه ويقدسونه إناثا, فقالوا: هم بنات الله جهلا منهم بحق الله, وجرأة منهم على قيل الكذب والباطل. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة ( وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا ) بمعنى: جمع عبد. فمعنى الكلام على قراءة هؤلاء: وجعلوا ملائكة الله الذين هم خلقه وعباده بنات الله, فأنثوهم بوصفهم إياهم بأنهم إناث.
والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان في قراءة الأمصار صحيحتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب, وذلك أن الملائكة عباد الله وعنده.
****************************************

واختلفوا أيضًا في قراءة قوله: ( أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ ) فقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة « أشهدوا خلقهم » بضم الألف, على وجه ما لم يسمّ فاعله, بمعنى: أأشهد الله هؤلاء المشركين الجاعلين ملائكة الله إناثا, خلق ملائكته الذين هم عنده, فعلموا ما هم, وأنهم إناث, فوصفوهم بذلك, لعلمهم بهم, وبرؤيتهم إياهم, ثم رد ذلك إلى ما لم يسمّ فاعله.
وقرئ بفتح الألف, بمعنى: أشهدوا هم ذلك فعلموه؟ والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

*********************************

وقوله: ( سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ ) يقول تعالى ذكره: ستكتب شهادة هؤلاء القائلين: الملائكة بنات الله في الدنيا, بما شهدوا به عليهم, ويسألون عن شهادتهم تلك في الآخرة أن يأتوا ببرهان على حقيقتها, ولن يجدوا إلى ذلك سبيلا.

***********************************

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ ( 20 ) أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ ( 21 )
يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء المشركون من قريش: لو شاء الرحمن ما عبدنا أوثاننا التي نعبدها من دونه, وإنما لم يحلّ بنا عقوبة على عبادتنا إياها لرضاه منا بعبادتناها.
*************************************

.. ( إِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ ) يقول: ما هم إلا متخرّصون هذا القول الذي قالوه, وذلك قولهم ( لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ ) .
***********************

وقوله: ( أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ ) يقول تعالى ذكره ما آتينا هؤلاء المتخرّصين القائلين لو شاء الرحمن ما عبدنا الآلهة كتابا بحقيقة ما يقولون من ذلك, من قبل هذا القرآن الذي أنـزلناه إليك يا محمد. ( فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ ) يقول: فهم بذلك الكتاب الذي جاءهم من عندي من قبل هذا القرآن, مستمسكون يعملون به, ويدينون بما فيه, ويحتجون به عليك.

******************************

القول في تأويل قوله تعالى : بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ ( 22 )
يقول تعالى ذكره: ما آتينا هؤلاء القائلين: لو شاء الرحمن ما عبدنا هؤلاء الأوثان بالأمر بعبادتها, كتابا من عندنا, ولكنهم قالوا: وجدنا آباءنا الذين كانوا قبلنا يعبدونها, فنحن نعبدها كما كانوا يعبدونها; وعنى جلّ ثناؤه بقوله: ( بَلْ قالوا إنا وَجَدْنَا آباءنَا على أُمَّةٍ ) . بل وجدنا آباءنا على دين وملة, وذلك هو عبادتهم الأوثان.
******************************

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( عَلَى أُمَّةٍ ) فقرأته عامة قرّاء الأمصار ( عَلَى أُمَّةٍ ) بضم الألف بالمعنى الذي وصفت من الدين والملة والسنة. وذُكر عن مجاهد وعمر بن عبد العزيز أنهما قرأاه « على إمَّةٍ » بكسر الألف. وقد اختلف في معناها إذا كسرت ألفها, فكان بعضهم يوجه تأويلها إذا كسرت على أنها الطريقة وأنها مصدر من قول القائل: أممت القوم فأنا أؤمهم إمَّة. وذُكر عن العرب سماعا: ما أحسن عمته وإمته وجلسته إذا كان مصدرا. ووجهه بعضهم إذا كُسرت ألفها إلى أنها الإمة التي بمعنى النعيم والمُلك, كما قال عدي بن زيد. ثُــمَّ بَعْــدَ الفَــلاحِ والمُلْـكِ والإم ة وَارَتهُـــمْ هُنـــاكَ القُبـــور
وقال: أراد إمامة الملك ونعيمه. وقال بعضهم: ( الأمَّة بالضم, والإمَّة بالكسر بمعنى واحد ) .
والصواب من القراءة في ذلك الذي لا أستجيز غيره: الضم في الألف لإجماع الحجة من قرّاء الأمصار عليه. وأما الذين كسروها فإني لا أراهم قصدوا بكسرها إلا معنى الطريقة والمنهاج, على ما ذكرناه قبل, لا النعمة والملك, لأنه لا وجه لأن يقال: إنا وجدنا آباءنا على نعمة ونحن لهم متبعون في ذلك, لأن الاتباع إنما يكون في الملل والأديان وما أشبه ذلك لا في الملك والنعمة, لأن الاتباع في الملك ليس بالأمر الذي يصل إليه كلّ من أراده.

#######################3
وقوله: ( وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ ) يقول: وإنا على آثار آبائنا فيما كانوا عليه من دينهم مهتدون, يعني: لهم متبعون على منهاجهم.

############################
يتبع
__________________
مؤسس ملتقى أهل التأويل
http://www.attaweel.com/vb/

جمال الشرباتي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 20-02-2009, 04:48 PM   #4
جمال الشرباتي
كاتب إسلامي مميز
 
تاريخ التّسجيل: May 2007
المشاركات: 639
إرسال رسالة عبر MSN إلى جمال الشرباتي إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى جمال الشرباتي
Question


قال الطبري رحمه الله "

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ( 24 )
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين من قومك, القائلين إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ( أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ ) أيها القوم من عند ربكم ( بِأَهْدَى ) إلى طريق الحق, وأدل لكم على سبيل الرشاد ( مِمَّا وَجَدْتُمْ ) أنتم عليه آباءكم من الدين والمِلَّة. ( قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ) يقول: فقال ذلك لهم, فأجابوه بأن قالوا له كما قال الذين من قبلهم من الأمم المكذّبة رسلها لأنبيائها: إنا بما أرسلتم به يا أيها القوم كافرون, يعني: جاحدون منكرون.
وقرأ ذلك قرّاء الأمصار سوى أبي جعفر « قل أولو جئتكم » بالتاء. وذُكر عن أبي جعفر القارئ أنه قرأه « قُلْ أوَلَوْ جِئْنَاكُمْ » بالنون والألف.
والقراءة عندنا ما عليه قرّاء الأمصار لإجماع الحجة عليه.


***************************

القول في تأويل قوله تعالى : فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ( 25 )
يقول تعالى ذكره: فانتقمنا من هؤلاء المكذّبة رسلها من الأمم الكافرة بربها, بإحلالنا العقوبة بهم, فانظر يا محمد كيف كان عقبى أمرهم, إذ كذّبوا بآيات الله. ويعني بقوله: ( عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) آخر أمر الذين كذبوا رسل الله إلام صار, يقول: ألم نهلكهم فنجعلهم عبرة لغيرهم؟

********************************
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ( 26 ) إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ ( 27 ) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ( 28 )
يقول تعالى ذكره: ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ ) الذين كانوا يعبدون ما يعبده مشركو قومك يا محمد ( إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ) من دون الله, فكذّبوه, فانتقمنا منهم كما انتقمنا ممن قبلهم من الأمم المكذّبة رسلها. وقيل: ( إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ) فوضع البراء وهو مصدر موضع النعت, والعرب لا تثني البراء ولا تجمع ولا تؤنث, فتقول: نحن البراء والخلاء: لِما ذكرت أنه مصدر, وإذا قالوا: هو بريء منك ثنوا وجمعوا وأنَّثوا, فقالوا: هما بريئان منك, وهم بريئون منك.


وذُكر أنها في قراءة عبد الله: « إنَّنِي بَرِيءٌ » بالياء, وقد يجمع برئ: براء وأبراء. ( إِلا الَّذِي فَطَرَنِي ) يقول: إني بريء مما تعبدون من شيء إلا من الذي فطرني, يعني الذي خلقني ( فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ ) يقول: فإنه سيقومني للدين الحقّ,ويوفقني لاتباع سبيل الرشد.

***********************

. وقوله: ( وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) يقول تعالى ذكره: وجعل قوله: ( إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلا الَّذِي فَطَرَنِي ) وهو قول: لا إله إلا الله, كلمة باقية في عقبه, وهم ذريّته, فلم يزل فى ذريّته من يقول ذلك من بعده.

*******************************
واختلف أهل التأويل في معنى الكلمة التي جعلها خليل الرحمن باقية في عقبه, فقال بعضهم: بنحو الذي قلنا في ذلك.
وقال آخرون: الكلمة التي جعلها الله في عقبه اسم الإسلام.

*****************
قوله: ( وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) قال: يعني من خلَفه.

*********************
وقوله: ( لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) يقول: ليرجعوا إلى طاعة ربهم, ويثوبوا إلى عبادته, ويتوبوا من كفرهم وذنوبهم.
**********************
القول في تأويل قوله تعالى : بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ ( 29 ) وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ ( 30 )
يقول تعالى ذكره: ( بَلْ مَتَّعْتُ ) يا محمد ( هَؤُلاءِ ) المشركين من قومك ( وَآبَاءَهُمْ ) من قبلهم بالحياة, فلم أعاجلهم بالعقوبة على كفرهم ( حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ ) يعني جلّ ثناؤه بالحقّ: هذا القرآن: يقول: لم أهلكهم بالعذاب حتى أنـزلت عليهم الكتاب, وبعثت فيهم رسولا مبينا. يعني بقوله: ( وَرَسُولٌ مُبِينٌ ) : محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, والمبين: أنه يبين لهم بالحجج التي يحتج بها عليهم أنه لله رسول محقّ فيما يقول ( وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ ) يقول جلّ ثناؤه: ولما جاء هؤلاء المشركين القرآنُ من عند الله, ورسول من الله أرسله إليهم بالدعاء إليه ( قَالُوا هَذَا سِحْرٌ ) يقول: هذا الذي جاءنا به هذا الرسول سحر يسحرنا به, ليس بوحي من الله ( وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ ) يقول: قالوا: وإنا به جاحدون, ننكر أن يكون هذا من الله.

####################


يتبع
__________________
مؤسس ملتقى أهل التأويل
http://www.attaweel.com/vb/

جمال الشرباتي غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .