بلقيس ملكة سبأ

[صفاء العشري]

ملكة سبأ أو بلقيس في الذاكرة العربية امرأة غامضة وملكة عظيمة ورد ذكرها في العهد القديم وفي القرآن الكريم وظهرت في لوحات تركية وفارسية وفي عدد من النصوص عن تاريخ الحضارات القديمة. بل إنها ظهرت في أساطير مسيحية في القرون الوسطى . ولا تزال قصتها تروى في إفريقيا والجزيرة العربية منذ ما يقرب من 3000 عام. بل أن هوليود نفسها فتنت بهذه المرأة الأسطورية وأخرجت عنها فيلما سينمائيا في أواخر الخمسينيات.
ولعل هذه القصة لم تلعب في أي مكان في العالم دوراً أساسيا بقدر الدور الذي لعبته في الحبشة نظراً لارتباطها بمؤسسة الملكية لتسويغ أساسها الأسطوري- الخيالي. وقد عرفت الملامح الأساسية لهذه الأسطورة فترة طويلة من المخاض قبل أن تكتب في القرن الرابع عشر من قبل رجل دين يعيش في مدينة أكسوم المقدسة في كتاب مجد الملوك. (kebra,Nagast) كان هدف هذا الكتاب البرهنة على إن الحبشة هيالمثوى الأخير لتابوت العهد.وقد وصفت الملكة سبأ في هذا الكتاب بصورة مطولة (ماكيدا) وأنها بعد عودتها إلى الحبشة وضعت "ابن الحكيم" ( سليمان الحكيم) أي مينيلك الذي يعود بعد إن يكبر إلى القدس فيختلس تابوت العهد ليلا ويذهب به إلى الحبشة ، ناقلاً بذلك الاختيار الإلهي إلى الحبشة.
لذلك يعتبر الإثيوبيون بلدهم كبلد الله المختار. وبالتالي، ملكة سبأ هي أم أمتهم، وملوك الأرض لديهم الحق الإلهي في الحكم لأنهم ينحدرون مباشرة منها. بل إن الامبراطور هيلا سيلاسي كرس ذلك في الدستورالإثيوبي لعام 1955.
ليس هناك أدلة أولية أثرية أو نصية، عن ملكة سبأ في إثيوبيا. فأنقاض أكسوم بنيت بعد ألف سنة على وجود ملكة قيل أنها عاصرت سليمان الحكيم. أما مملكة سبأ العظيمة في جنوب الجزيرة العربية، والتي نملك أدلة نصية عن وجودها ، فتسرد أسماء ملوك آخرين حكموا في نفس الوقت الذي يفترض فيه أن تكون بلقيس قد جلست على عرش سبأ.
ولكن من ناحية أخرى ما يثير الاهتمام أن هناك نصوص قديمة تتحدث عن ملكات قويات حكمن في شمال الجزيرة العربية في القرنين السابع والثامن قبل الميلاد - الزمن الذي يميل بعض المؤرخين إلى اعتماده زمن الملك سليمان.