العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية على المريخ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث العقد النفسية ورعب الحياة الواقعية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خوارزمية القرآن وخوارزمية النبوة يكشفان كذب القرآنيين (آيتان من القرآن وحديث للنبي ص (آخر رد :محمد محمد البقاش)       :: نظرات في مقال السؤال الملغوم .. أشهر المغالطات المنطقيّة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال البشر والحضارة ... كيف وصلنا إلى هنا؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال التسونامي والبراكين والزلازل أسلحة الطبيعة المدمرة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال الساعة ونهاية العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات في مقال معلومات قد لا تعرفها عن الموت (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 08-09-2008, 08:59 PM   #1
بوفاتح
قاص وروائي
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 75
إفتراضي فرصةالعمر .........قصة بقلم بوفاتح سبقاق

- لسنا بحاجة الى عمال خلال هذه الفترة .....
- و متى أعود إليكم ؟
- سننشر إعلانا في الجرائد ..

لقد تعود على هذه المواقف المتكررة و أحيانا يخيل إليه بأن نفس الشخص
يستقبله في كل الأماكن و يعطيه نفس الإجابة ، هل البطالة قدره المحتوم ؟
و متى ستأتي فرصة العمر ؟

عاد الى حديقة الثورة ، التي يدل كل شيء فيها على الإستسلام ، المقاعد عرجاء و الأزهار بدون روائح و الأشجار مكسوة بالغبار و إزدادات إنحناءا
و كأنها ترغب في تقديم إستقالتها لهذه الطبيعة الجاحدة ، النافورة أضحت مياه راكدة يغطي سطحها الأوراق اليابسة و أعقاب السجائر ، حتى الحمام الذي بقي يعد على الأصابع و لفرط سكونه يخيل للمرء بأنه تماثيل صغيرة
ليس لهذا المكان من ميزة سوى توسطه المدينة ، إنه المكان المفضل للبطالين و المتقاعدين و المشردين ، الكل ينتهون الى اللاشيء ، من عملوا طوال حياتهم و من لم يعملوا يوما واحدا ، الجميع يحدقون في السماء و ينتظرون الغيث .....
- محمود... محمود

إنتبه الى مصدر الصوت ، و إذا به يلمح صديقه سمير

- أهلا... أين أنت ؟
- بخير ، بحثت عنك في الحي و لم أجدك و سرعان ما تذكرت بأنك تدمن الجلوس في هذه الحديقة .
- مرحبا ، هل من جديد ؟
- نعم هناك الجديد ، لديك فرصة عمل في التلفزيون ..
- يبدو أنها فرصة العمر ..
- هيا ، لا تضيع وقتي ،إركب معي و سآخذك الى المكلف بالتوظيف .

قفز محمود في السيارة و هو لا يصدق ما يحدث له ، إنه منعطف تاريخي كبير في حياته و كل المعطيات تبشر بخير وفير .

جلس في قاعة الإنتظار ، و بعد لحظات دخلت فتاة شبه عارية تمشي بطريقة إستعراضية .

- هل أنت معني بالتوظيفات الأخيرة .
- لا أدري ربما أكون محظوظا اليوم .

تأمل محمود الفتاة مليا ، تبدو و كأنها خرجت لتوها من الفضائية اللبنانية
فكل شيء فيها إصطناعي و تساءل عن حظوظه في التوظيف مع هذه الحسناء
التي لن تصمد أمامها أي لجنة توظيف ، و حتى و إن كانت هناك وظائف شاغرة فلا مجال للمقارنة بين مؤهلاته العلمية و إمكانياتها البارزة .

بعد دقائق خرج المكلف بالتوظيف من مكتبه ، في حين كانت القاعة تضم كوكبة من المترشحين و المترشحات .
- لقد وصل الجميع يا سيدي ... قالت السكرتيرة .
- هذه المجموعة تدخل في إطار توظيف خاص و إستعجالي ، خذيهم الى الطابق الثالث و بالضبط الى مكتب العمليات الخاصة.
- تفضلوا معي ، من هنا ، أيتها السيدات و أيها السادة .

طقوس الإستقبال مميزة و الأمر يوحي بجدية التوظيف و مدى حساسية المرحلة و ربما للأمر علاقة بالخطاب الأخير للرئيس و الذي أكد فيه على
ضرورة تسليم المشعل للشباب .

أروقة المبنى تعج بالصحفيين و التقنيين و كل المظاهر تدل على النشاط و الحيوية ، لو كلف كل واحد بحصة لفاض التلفزبون و غرق فيه المشاهدين
و لكن يبدو أن هناك أيادي سحرية تتعمد تكريس الرداءة و إلا بماذا يفسر نجاح كل من عملوا في الفضائيات العربية ؟
كل هذه التساؤلات دارت في ذهنه و هو ينتقل من طابق الى آخر و بعد لحظات وجدت المجموعة نفسها أمام مكتب فخم يطل منه رجل أصلع قصير ، لقد إجتمعت كل الصفات التي تجعل المرء يقتنع بأن الرجل أقحم إقحاما في هذا المنصب ..
نهض ناقص الأوصاف من مكانه و توسط كتيبة البطالة .

- أيتها السيدات و السادة ، نشكركم على حضوركم ، نظرا لمتطلبات العمل التلفزيوني و الأهمية القصوى التي توليها إدارة الإنتاج للحصص الفنية و وفاءا لتراثنا الكبير ، قررنا إنشاء فرقة رقص شعبي تؤدي كافة الطبوع
و عليه أنتم ستكونون النواة الأولى لهذه الفرقة ، المهمة صعبة و لكنها ليست مستحيلة و صدقوني لا أشك في قدرتكم على الرقص و تشريف الوطن ..

الدهشة إرتسمت على كافة الوجوه و لكن سرعان ما إبتسمت الفتيات و ساد نوع من العبوس وجوه الرجال ، تأثر محمود كثير بهذا العرض و كاد يغرق في البكاء و الضحك في آن واحد ، أيعقل أن تكون هذه فرصة العمر ؟ بعد سنوات من البطالة يتحول الى راقص طبوع شعبية ، سيكون مفخرة العائلة و الحي و هو يرقص و يتمايل وراء كل من هب و دب ، سينتشر عبر الفضائيات و يصبح مرافق النجوم ، يا لها من مهزلة ؟
- أيتها السيدات و السادة ، لا تستغربوا الرقص ليس عيب ، إنه فن راقي يعبر عن أصالة المجتمع ، هناك لجنة فنية خاصة متكونة من خيرة راقصي و راقصات هذا الوطن ، سوف تدرس إمكانيات كل مترشح و تحدد القائمة النهائية و أعلمكم مسبقا بأن الفائزون سوف يستفيدون من دورة تدريبية خاصة في مصر برعاية الراقصة العالمية الفنانة نجوى فؤاد ، التي بالرغم
من برنامجها المكثف ، إلا أنها أصرت على المساهمة و هذا من أجل ترقية الأخوة و التعاون العربي و حتى و إن إعتذرت في آخر لحظة سيتم تعويضها بالفنانة فيفي عبده ، أقولها و أكررها إنها فرصة العمر و أتمنى أن لا تضيع منكم .
إنتفض محمود عندما نفذ صبره ...
- الأمر معقول ربما للفتيات و لكن ماذا عن الرجال ؟
- و ما المانع ، الفن لا يعرف حدود ، نحن في عصر العولمة و أنت ما زلت تفرق بين الجنسين ، أنت بطال و ليس لديك خيار ...
- أنا لست بحاجة الى هذه الوظيفة الملعونة ، أنتم ترقصون على جراحنا و مآسينا ، أنت نموذج الرداءة الشاملة .
- نعم إنه على صواب ، أنتم لا تعرفون معنى الرجولة و لا تعرفون معنى الشرف و تستغلون مأساتنا ، تبا لكم ، أنتم وباء مسلط على هذه البلاد ، و هل إيجاد هوية للتلفزيون مرتبط بالضرورة بهز البطن ؟

خرج أغلب المرشحين و لم يبقى سوى شبه رجل و أربع فتيات ، وقف ناقص الأوصاف بمحاذاة صورة الرئيس و إبتسم قائلا :
- لقد أحسنتم الإختيار ، بإنسحاب هؤلاء الأوباش سوف تزداد حظوظكم
إن هذه الذهنيات المتخلفة هي سبب الأزمة التي نعيشها ، إنهم يقفون كحاجز منيع أمام تطوير العلاقات الأورومتوسطية و الحوار مع المجموعة الأوربية

- و متى يبدأ الرقص ، سيدي ، سألت إحداهن بطريقة إغرائية .

تأملها بأعين الذئاب من شعرها الى أخمص قدميها .....

- إجلسي هنا أيتها الموهبة الشقراء ، و أنتم إنتظروني بالخارج .

عاد محمود الى حديقته المفضلة ، قطف زهرة ذابلة و أخذ يداعب حمامة مهملة ، رأى عن بعد موكب عرس حيث إختلط الغناء بالرقص ، أراد أن يخبرهم بوجود فرص عمل جديدة و لكنه فضل البقاء في مكانه ، فهو مقتنع بأن الراقصون الحقيقيون لن يجدوا صعوبة في إيجاد البديل .
__________________
مدونتي :
http://sebgag.maktoobblog.com/

عنواني :
sebgag2000@yahoo.fr
بوفاتح غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .