العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة القصـة والقصيـدة

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية على المريخ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث العقد النفسية ورعب الحياة الواقعية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خوارزمية القرآن وخوارزمية النبوة يكشفان كذب القرآنيين (آيتان من القرآن وحديث للنبي ص (آخر رد :محمد محمد البقاش)       :: نظرات في مقال السؤال الملغوم .. أشهر المغالطات المنطقيّة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال البشر والحضارة ... كيف وصلنا إلى هنا؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال التسونامي والبراكين والزلازل أسلحة الطبيعة المدمرة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال الساعة ونهاية العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات في مقال معلومات قد لا تعرفها عن الموت (آخر رد :رضا البطاوى)      

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 19-08-2014, 03:31 PM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي عود أخضر

عود أخضر

لم أتذكر متى قابلته في آخر مرة، فهو من النوعية التي تُحذف من الذاكرة، فإذا كان من بين عشرين شخصاً حضروا في مكان معين، وحاول أحد الحضور أن يذكر أسمائهم بعد يومين سينساه بعد أن يعد التسعة عشر الآخرين، وإذا قابلته بعد غياب عدة سنين ستبرز بعض الصور الضبابية التي تحفزك لتطرح عليه بعض أسئلة المجاملة مستنداً لما كونته في تلك الصور.

كان اللقاء الذي يُؤسّس عليه، في صيف عام 1992، في قرية شمال الأردن، حيث ذهب ثمانية عشر شاباً ليقوموا بعمل شعبي بمساعدة أحد الفلاحين في حصاد حقله المزروع بالعدس.

لم تكن هناك رابطة قرابة أو علاقة حزبية بين هؤلاء الشباب، إلا أنهم قبلوا بفكرة العمل الجماهيري، ولم يكن هناك من بينهم من يمثل دور القائد، ولا من كان يزعم أنه صاحب فكرة هذا العمل، لكن كل واحدٍ منهم كان يوحي للآخرين أنه هو صاحب الفكرة وأنه هو القائد، إلا هو.

كان الشباب يعملون بجدٍ وتفانٍ وكأنهم في سِباقٍ لنيل وسام من جهة غير معلومة، إلا هو، وقد يكون أكثرهم واقعية، وقد يكون أكثرهم غرابة.

أحضر مالك الحقل مجموعة من الأرغفة الواسعة، وكمية من الفلافل والخيار والطماطم، وقدمها للشباب حتى يتناولوا فطورهم، فقد حضروا قبل شروق الشمس، وحضورهم هذا يتماشى مع تقاليد الفلاحين في حصاد العدس حيث يجب أن يتم قبل أن يطير (الندى) وتنفتح أجراس حبات العدس.

كان مالك الحقل، يراقب الشباب كيف يفلقون الخبز ويضعون قطع الطماطم وأقراص الفلافل ويأكلونها بنَهَمٍ بفعل (الجَمْعَة)، وليس بفعل الجوع، فكان منهم طبيبان وثلاثة مهندسين إضافة الى أكثر من معلم ومحام وغيره.

تجمع فوق رؤوس الشباب أثناء تناولهم لفطورهم، أربعةٌ من أهل القرية، وكأنهم في معاينة لما يجري: هل يستحق هؤلاء أن يُقدم لهم مثل هذا الطعام؟!

بقي الرجال يراقبون الشباب، حتى طار الندى، وكان إنتاج ما حصده هؤلاء الشباب أكثر من ثلاثة أرباع الهكتار، وكل واحد منهم لم يحصد في حياته حزمة من القش أو العشب، ولكنهم تحدوا أنفسهم وعملوا بجد، إلا هو، فعندما كنت ألتفت إليه بين حين وآخر أراه يقف خلف الشباب ويتناول بعض أعواد العدس الخضراء التي لم تنضج بعد، ويفصص حباتها بين أسنانه، فإن سُئل: ماذا تعمل؟ يجيب: وجدت عوداً أخضر

قابلته بعد اثني وعشرين عاماً، فنسيت اسمه، فصحت مرحباً عود أخضر، ضحك ضحكته المعتادة، وقال: ما كان أقل من عقلكم وأنتم تحصدون لأولئك الهمج، كانوا يحسدونكم أقراص الفلافل التي أحضروها لكم، علما بأنكم وفرتم عليهم مبالغ ليس بالقليلة، وعندما انتهيتم، قال أحدهم: الشباب (بكرة وين؟)، ثم صاح أحدهم (الله يحي شباب حسين!).

ـ قل لي.. أين غبت كل هذه المدة؟
ـ في كندا..
ـ هل تزوجت؟
ـ نسيت..
ـ لا، صدقاً، هل تزوجت؟
ـ ولماذا أتزوج؟
ـ فعلاً، بعدك عود أخضر..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .