العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة التنمية البشرية والتعليم

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية على المريخ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث العقد النفسية ورعب الحياة الواقعية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خوارزمية القرآن وخوارزمية النبوة يكشفان كذب القرآنيين (آيتان من القرآن وحديث للنبي ص (آخر رد :محمد محمد البقاش)       :: نظرات في مقال السؤال الملغوم .. أشهر المغالطات المنطقيّة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال البشر والحضارة ... كيف وصلنا إلى هنا؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال التسونامي والبراكين والزلازل أسلحة الطبيعة المدمرة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال الساعة ونهاية العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات في مقال معلومات قد لا تعرفها عن الموت (آخر رد :رضا البطاوى)      

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 06-08-2008, 04:38 AM   #1
كونزيت
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 3,955
إفتراضي اللطف والإنهزامية

كانت لطيفة، رقيقة، عاقلة جداً، صوتها لا يسمع إلا بكلمات لها معنى وفيها عمق, حساسة، بضع كلمات يمكن أن تحول يومها إلى نهار مليء بالتحليلات التي تصل بها إلى ذاتها. تقدم التنازلات دون أن تُطلب منها، يكفي أن تشعر بأن تنازلها سوف ينقذ موقفا أو لحظة شجار حتى تبادر به عن طيب نفس. كانت قوية، عندما تصمم على الحصول على شيء تتفانى لتحصل عليه باقتدار، فإن لم تستطع كانت تجد لنفسها كل الأعذار حتى تتقبل خسارته. لديها قدرة على استقبال أي هزيمة بصدر هادئ لا يوغره الندم.

كانت هادئة تطمح دومًا إلى الكمال. تنزعج لأبسط كذبة لأنها ترى الكذب إهانة لثقتها في الآخرين التي كانت تضعها بسهولة إيمانا منها بأنه يجب أن يغلب ظنها الحسن قوة أي شكوك سلبية. قد تفرض على نفسها ضغوطا كثيرة لأنها ترى أن ذلك جزء من واجبها في إسعاد من تحب. عندما تحب تبالغ في تقديم كل ما تعرف في فنون الحب لتثبت أنها محبة مخلصة، وعندما يخونها الشريك تكـــثر من لوم نفسها قبل أن ترى مدى قباحة فعله .

غالبًا لم تكن تقول ما تريد خوفًا من جرح الآخرين. وعندما يؤذيها أحدهم تستطيع أن تكبت غضبها وتتصرف باتزان غير أن بركانًا من الألم يغلي داخلها. تنتقد نفسها بقسوة حتى تظل قادرة على تجنب انتقاد الآخرين. الثقة الزائدة التي توليها لمن تحب يمكن أن تستغل بسهولة، فهي تتوقع سلفًا أن من يتعامل معها يجب أن يكون بنفس مستوى صدقها. مجتهدة غالبًا في تعلم كل جديد يجعل روحها قادرة على عطاء أكبر. تسعد حينما تشعر بنصر صغير، ولا تنتظر من الانتصارات الكبيرة أن تكون هي مقياس نجاحها . تقترب دومًا من الحد الأقصى لأحلامها. تتنازل برضا إن لزم الأمر، لكنها تكره الظلم بكل صوره وتقف أمامه ولاتقبله وتفعل ما تستطيع لتغير وضعًا قد يفرض عليها استسلامًا . يحبها الآخرون بسهولة ، اجتماعية بحذر لأنها تحب أن تنتقي رفقة مميزة تعبر عنها . يستبعد أن تهين أي شخص ، صبورة لحد أنها يمكن أن تتجنب إلقاء اللوم أو تصويب خطأ بدر من الطرف الآخر حتى لو كان هذا الخطأ حقيقيًا أوسيثبت لها حقًا خوفًا من أن تجرح مشاعره .



هذه الشخصية هل تعرفت عليها اعزائي؟
إنها الشخصية (اللطيفة جدا) التي يتهمونها بالانهزامية حينما تدعي الهدوء وهي غاضبة, وبالسلبية حينما تحاول القيام بأمور فوق طاقتها لأنها لاتعرف متى تقول لا, وبالمريضة نفسيًا حينما لا تحاول الافصاح عن مشاعرها خوفًا من اهتزاز صورتها المثالية أمام الآخرين, وبعدم الوضوح لأنها حينما تغضب لاتحاول إيضاح أسباب غضبها بل تلجأ لكبته, عوضًا عن ذلك ليس لديها قدرة على قول الحقيقة خوفًا من خسران الحب الذي يصل شريان حياتها بالدماء اللازمة لتعيش في دفء حب الآخرين.


ورغم أننا لا نختلف على أن اللطف جزء من أخلاق الانسان الراقي غير أن الافراط فيه قد يورث صاحبه الكثير من الصدمات في حياته, وربما ضاعت حقوقه في أمور أساسية, بل إن ضياع هذه الحقوق لن يشفع له في مكانة أكبر يحوزها في قلوب من تفانى في الإخلاص لهم لأن التفاني لايعطيه الحق في لومهم على ضياع حقوقه التي قام هو بالتفريط فيها. فإن كنت أنت هذا الشخص واكتشفت في لحظة صدق مع نفسك التأثير السلبي لإفراطك في إظهار هذا اللطف على حياتك وقراراتك فعليك أن تدرك عدة أمور:

*لاتطل لوم نفسك، ولا تبالغ في تخطيئها، ولاتترك ذلك الشعور يؤلمك كثيرًا حتى وإن اكتشفته متأخرًا.

* لا تعتقد أن حصولك على حقك يعني أنك أصبحت فظًا غليظ القلب بل فطنًا سيحترمه الآخرون.

* لتعلم أن هذه المشاعر المتناقضة تنشأ نتيجة نوع من التربية قد يمر به كل منا في حياته منذ الطفولة، لذلك لا تشعر بالاستياء لأنك ظللت فترة طويلة تمارس ما اعتقدته الأفضل لاكتساب قلوب الآخرين ولم تفز سوى بلقب (الطيب، اللطيف) الذي لم تجن منه سوى استغلال أكبر ... لماذا؟ لأن ما نعيشه مهما حاولنا فلسفته هو خلاصة لما عشناه من أول لحظة في حياتنا.

* تذكر أنك بجانب بعض الخسارات فزت بنفسك أولا وتلك الذات النقية يمكنها أن تعيد تشكيل نفسها بحيث تعي أن اللطف لايعني أن نسمح للآخرين بمحاصرة حقوقنا أو حتى تسميتها لنا لأننا أقدر على الحفاظ عليها، وإن تطلب الأمر تجاوز هذه الرقة في التعامل ، فحتما سيعلمك لطفك كيف تطلبها باحترام دون أن تؤذي أحدًا.

* تذكرأن لحظة الاكتشاف مهما تأخرت هي وقتك الملائم للتغيير، وهي ممكنة طالما كان هناك وعي بتأثيرها.

* البداية في التغيير قد تكون أسهل باستشارة صديق، أو أخ أو شخص تثق في قدرته على الحكم على الأمور. ولعلنا نتساءل لماذا نجتهد في فهم ذواتنا كل هذا الجهد ؟ والإجابة لن تكون أجمل من أن يقال إن القيمة الحقيقة للحياة تكمن في دورنا فيها وهذا الدور يستحق العناء لأننا صُنّاعه...
__________________

آخر تعديل بواسطة المشرقي الإسلامي ، 25-02-2009 الساعة 10:00 PM.
كونزيت غير متصل   الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .