العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السيـاسية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية على المريخ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث العقد النفسية ورعب الحياة الواقعية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خوارزمية القرآن وخوارزمية النبوة يكشفان كذب القرآنيين (آيتان من القرآن وحديث للنبي ص (آخر رد :محمد محمد البقاش)       :: نظرات في مقال السؤال الملغوم .. أشهر المغالطات المنطقيّة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال البشر والحضارة ... كيف وصلنا إلى هنا؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال التسونامي والبراكين والزلازل أسلحة الطبيعة المدمرة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال الساعة ونهاية العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 29-12-2009, 06:22 PM   #51
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي الحلقة العاشرة

10



... لشدة ما أكره الفئران ولا زلت... كبارها والصغار... منظرها يصيبني بالتقزز خاصة وهي مبعوجة مقتولة. زاد بغضي لهذه الكائنات القارضة بعد سماعي للأمر النبوي بقتلها لأنها من الفواسق, ومذ قرأت أيضا أنها كانت عبر التاريخ( الكبار خاصة) سببا في انتشار داء الطاعوع الذي كاد يهلك أمما عن بكرة أبيها. وأنا صغير كنت أموت رعبا حين يشاع أن أحدا قد رآها تقفز وتتجول بحرية في أركان بيتنا وزواياه. فطن أشقائي مبكرا لنقطة ضعفي تلك. فكانوا يجعلونني أتسمر مكاني منكمشا على السرير لفترة طويلة دون أن تطأ قدماي الأرض. في الليل حين كنا نصطف كسمك سردين معلب في غرفة نومنا اليتيمة نحن الأطفال ويطفأ المصباح, يبدأ مسلسلي الهتشكوكي, كانوا يصطنعون أصواتا (وخرششات) ويشرعون في الصراخ فار...فار...فار... أتشبث بتلابيب أختي ...وترتعد فرائصي وأبلل سراويلي أحيانا من الرعب.لم يتوقف ذاك المسلسل إلا بتدخل والدتي في ليلة مظلمة رفست فيها الجميع بما فيهم أنا الضحية بعدما استنفذت كل وسائل الإنذار والتحذير.


كاموا بشقاوة الطفولة يجدون لذة في مقالب الإنتقام مني لوشاياتي المتكررة بهم عند الوالدة ونتائجي التي كنت أتبجح بها أمامهم.


لم أعرف ولم أستطع تمييز رائحتها. والدتي كانت من خلال حاسة الشم تعلم أن إناثها قد وضعت من جديد( لا زلت أستغرب كيف كانت تميز الرائحة ولم أسألها بعد) فكانت تعلن حالة الإستنفار تقلب خلالها أغراض البيت رأسا على عقب بعد إحكام غلق الأبواب ومنافذ الهروب وتسلح كل الأسرة بالعصي والنعال والمكانس . ذكاؤها الذي كان يبهرنا به jerry في صراعه السرمدي مع خصمه
tomلم ينفعها مع ماء الوالدة المغلي الذي يجعلها تخرج مستنفرة مسلوقة من انفاقها الصغيرة التي تحرص على جعل مداخلها الضيقة والمموهة في كل زوايا البيت وتحت الأسرة.


كان كل همنا نحن الصغار بعد انتهاء هذه المعارك الضارية هوعد الجثث الصغيرة وتقليبها بحذر شديد للبحث عن الأب المحتمل لهذا الجيش الغازي العنيد الذي لا يكاد يفنى حتى ينبعث من جديد .


هاهو...هاهو...هاهو...يصيح من يكتشف صاحب أطول شارب. فيبدأ الجدال عن هوية الفأر الصريع أجد هو أم والد؟


لم أكن ألمسها كما يفعل أشقائي بعد لف أيديهم الصغيرة بأكياس البلاستيك كقفازات طبية. ولم أشارك في مراسيم الدفن التي كنا نقيمها نحن الصغارسوى مرة واحدة . شاركت خلالها في حفر القبر الجماعي الذي راكمنا فيه الثث ثم أهلنا عليها التراب.


لم أتصور أو يخطر ببالي يوما أن تقززي وكرهي وعداوتي الشديدة لإخوة JERRYوأبناء عمومته ستكون هذه الليلة سببا في عذابي وجعل ظهري ألين من بطني. لكني مادمت في بلد الغرائب هذه كان علي أن لا أستغرب وأن أتوقع كل شيء. حتى المثل العامي الذي كرروه على مسامعنا منذ نعومة أظافرنا للتخويف من بطش الأجهزة (ماديرش ماتخافش) لا تفعل لا تخف. لم تعد له قيمةأو معنى في عهدنا الجديد. قادرون من لا شيء أن يصنعوا للواحد شيئا كبيرا...كبيرا...كبيرا... يرميه لسنوات عدة خلف الجدران الباردة بعدما يوقعوا على جسده وشما للذكرى لن يمحى أبدا MADE IN MOROCCO. فعلوها بالكثيرين ممن التقيتهم في قعر الجب العميقة أو سمعت حكاياتهم من أفواه من عرفوهم عن قرب._ ع,ك أحد أولئك المساكين. حين وقعت تفجيرات الدار البيضاء16 مايأضهروا صورته على التلفزيون كأحد المتورطين المبحوث عنهم. حدثني أنه كان في فراش زوجته حين ظهرت صورته التي لعب فيها الكمبيوتر كي تبدو بشعة مخيفة , لم يكن يمكلك تلفازا ولا كهرباء في القرية النائية التي اختارهاكمنفى طوعي بعد أن ظنكوا عيشه هو الآخر. بعد منتصف الليل طرق باب بيته أحد أبناء عمومته ليخبره أن صورته تجوب كل فضائيات الدنيا كمبحوث عنه فيما هو يغط في سبات عميق غير آبه بما يجري!!!!


حدثني بحسرة وحزن قائلا: لم أندم على شيء في حياتي كندمي على تسليمي لنفسي بضغط من الأسرة (ماديرش ماتخافش) رددوها علي وكرروها حتى وجدتني في أقرب موكز للدرك كمنوم مغناطيسيا. هلل نافخو الكيرومسعروا الحروب في جرائدهم, وباركوا (جهود رجال الأمن الجبارة) التي كللت بالقبض على مجرم إرهابي مسجل في خانة الخطرين. دون ذكر واقعة تسليم نفسي.


بعد أيام م العذاب في سراديب إبليس صرت على الورق الذي وقعته مرغما معصوب العينين إنتحاريا احتياطيا زار مدن مراكش والصويرة لترصد الأهداف.وكمن في البادية متظاهرا بالاشتغال في الفلاحة منتظرا الإشارة لكبس الزر وقتل الأبرياء؟؟!!!!


ماتت الوالدة بحسرتها وتبعتها الزوجة التي لم يتحمل قلبها الضعيف صعقة حكم المؤبد الذ ي كان نصيبي منقضاء مستقل ونزيه جدا...جدا...جدا...
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 29-12-2009, 06:24 PM   #52
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

تحرك مزلاج الباب الضخم في رجة عنيفة مفتعلة وتحرك قلبي معه كالعادة. من شدة كرهي للأبواب أتمنى لو قدر لي الخوج يوما ما حيا من وسط هذا الأخدود العميق أن أعيش في بيت من غير أبواب. أضحت الصحراء تغريني بشساعتها وسكونها. كرهت هذه الوحوش الحديدية وهي تغلق وتفتح.تخنقني تجثم علي كغول خرافي أرى دائما في مناميأنني أركض في قلاع فسيحة دون أبواب ,أدخل وأخرج دون أن يعترضني أحد أطير أحيانا أحلق عاليابغير أجنحة أحس بفرح ونشوة لذيذة تغمرني لكنها لا تدوم سرعان ما أستفيق على منظر الديناصور منتصبا أمامي في تحد وجبروت ,يستفزني في كل حين كي أنطحه. لم يزل بي حتى فعلتها يوما وأنا في قمة هيجاني ونوبات جنوني لم تتحمل أعصابي ماحدث تلك الليلة السوداء. دخلنا في إضراب عن الطعام احتجاجا على الظلم والقمع وجو الإرهاب الذي كنا نعيش فيه بعد غحالتنا على السجن وبعد فشل الغازي عبد العاطي كبير جلادي السجون المغربية مدير سجن سلا وزبانيته في أسلوب الترغيب لكسر الإضراب وإفشاله.لجأ للبطش والترغيب لكسر الإضراب وإفشاله.لجأ للبطش والترهيب أغلقوا أغلقوا أبواب الزنازن وشرعوا ينتقون من المعتقلين من اعتقدوا أنهم رؤوس الإضراب يخرجون الواحد يجردونه من ملابسه يكبلون يداه خلف ظهره ويطوفون به على الممرات مجرورا على وجهه وعشرات الأرجل والأيدي تنهال عليه ليكون عبرة لغيره من المتفرجين. حين حل دور*ف* تفطرت قلوبنا لمنظره وهومجرد من ثيابه وصرخاته المدوية لم يرحموه رغم مس الجنون الذي كان يعانيه. ارتفع التكبير وصرخات الإحتجاج وضرب الابواب لم أدر كيف ولا من بدأ الإحتجاجات على ما يجري على مرأى ومسمع الجميع, لا أذكر ما الذي جرى حينها.
حدثني جيران الزنزانة أنني أصبت بنوبة هستيريا غريبة وبدأت أصرخ وأسب وأنطح الباب كثور هائج,تقطعت حبال صوتي وبح لأيام بعد الحادثة, لم أستفق إلا وأنا مقيد اليدين والرجلين إلى سرير قذر وقد غرزت إبرة غليظة في شريان بارز على دراعي اليسرى,انتفخت عيناي أما جبهتي فصارت كمقدمة شاحنة من الصنف القديم. من يومها صار أفي لا يتوقف عن الرعاف النازف.


أحكم الخبيث شد العصابة المنتنة على عيني وأضاف أخرى فوقها, مؤشرات سيئة لليلة عذاب جديدة, ترتعد أطرافي كمن يساق إلى مقصلة الإعدام.
ولجت الغرفة, رائحة عطر باريسي نفاذة ملأت خياشيمي, رائحة السلطة والجبروت,كرهت هذه العطور بسببهم, أضحت تصيبني بالغثيان والقيء.


بأدب مضطنع أمرني أحدهم بالجلوس.


" كيف حالك؟ كيف صحتك؟ هل تحتاج شيئا؟ اسمع لقد أوصينا حجاج الخدمة بك؟! كل ماتحتاجه وتشتهيه أطلبه وسيحظر بين يديك!!! "


" الحمد لله أنا بخير ولا أحتاج شيئا !!! طبعا كنت كاذبا .
اسمع يا ولدي أنا ربما في سن والدك وأقسم لك أنني أريد لك الخير كما أريده لإبني!!!والله العظيم لقد تكلمنا عنك مع كبار المسؤولين وذكرناك بكل خير. فأتمنى أن تكون في حجم الثقة وعند حسن ظن المسؤولين ونعدك بكل خير!!!هاه هل اتفقنا؟؟؟


"شكرا لك ...وما المطلوب مني. أنا منذخرجت من هنا في المرة السابقة وأنا عند حسن ظنكم...
" اسمع يا بني: ألا تحب وطنك ألا تريد الخير لهذه البلاد؟؟ ألم تقرأ الحديث النبوي : حب الأوطان من الإيمان؟ هل تحب ويرضيك أن يؤدى هذا الوطن الآمن المستقر الذي يتربص به الأعداء من كل مكان؟؟؟
أجبتهم بالنفي " ومن هذا الذي لا يحب وطنه؟؟؟ "


تدخل (حاج) آخر بصوت أنثوي رخيم: فتعاون معنا لنحمي هذا الوطن من المخربين والمتربصين. كن رجلا ونقسم لك بالأيمان المغلظة أن الدولة وكبار المسؤولين سيكافؤونك بما لم تحلم به يوما جزاء خدمتك للبلاد والله العظيم ستركب أحسن سيارة وسيصير لك بيتا وعملا قارا. هات يدك "


مددت اليمنى فشبك أصابعه الناعمة كأنامل سكرتيرة في أصابعي. " هذا عهد الله أقسم لك بالله العظيم أنك إذا تعاونت معنا فستتغير حياتك رأسا على عقب".


صاح آخر بحماس: "هل تريد الذهاب إلى أوربا. اختر أي بلاد ترغب ونحن تحت أمرك أنت لا زلت صغير السن وأمامك الآن فرصة العمر, والمثل يقول " الحياة فرصة واحدة في العمر. والدولة والمسؤولين يمدون لك أيديهم لمصلحة الوطن العلياّّّّّّ !!!!!


لم تترك لي كلماتهم المتعاقبة فرصة للرد فكنت أهز رأسي علامة موافقتي على كلامهم الببغائي الذي يبدو أن كل واحد منهم قد حفظه عن ظهر قلب من كثرة ماكرروه ورددوه على أمثالي.


نفس الكلمات وأكثرها سمعتها منهم سابقا ونفس الوتر يعزفون عليه. (حب الوطن)الخبثاءالذين يزعمون حبه هم أول من يكره هذا الوطن, لا يحبونه ولا يحبون أهله, ولا يحبون بعضهم البعض بل لا يحبون حتى ذواتهم وانفسهم. لأن حب المال والسلطة والمنح يعمي الأبصار , والله سبحانه لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه , سمعتهم مرارا يسبون ويلعنون بعضهم البعض حين يغيبون, فوج النهار يسب ويلعن فوج
الليلوفوج المساء يلعن فوج الصباح. وسمعتهم حين استقدموا مرة مجموعة من الشباب الجدديقفزون من الفرحويفركون أيديهم ويهنؤون بعضهم البعض صاح كبيرهم محفزا بلغة فرنسية .
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 29-12-2009, 06:27 PM   #53
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

" قوموا وشمروا للعمل هاهي منحة عيد الأضحى التي كنتم تنتظرونها قد جائت"
صار التنكيل بأبناء هذا الوطن الذي يزعمون حبه منحة يسيل لها اللعاب ( أمريكا في الدمة) هم آخر من يحب هذا الوطن وأول من يفر عنه إن أصابه مكروه لا قدر الله. كرهوه وجعلوا الأمة بأسرها تكرهه بسببهم , حتى أضحى الفرار منه أمنية الصغير قبل الكبير.


لن أنسى أبدا يوم ولجت غرفة دردشة صوتية على الأنترنت أثارني الموضوعالمطروح للنقاش,_ الهجرة وحب الوطن_ لم تخل كلمة متدخل من حنق على هذا البلد ومسؤوليه ورغبة جامحة في الرحيل عنه مهما كلف ذلك من ثمن حتى قال أحدهم:


" أفضل أن تفترسني أسماك القرش في مضيق جبل طارق على أنياب الذئاب والتماسيح التي تجتم علينا وتتربص بنا في هذه البلاد." حين حل دوري بعد طول انتظار وتناولت الكلمة مذكرا بواجب حب الوطن والتضحية من أجله بالغالي والنفيس تعالت عبارات التهكم والسخرية والإستهزاء مني كنت نشازا ,سط هذا الخضم من الحانقين . استجاب مشرف الغرفة لطلب الرواد فأقصاني قبل أن أتم وناول الكلمة من يليني . وجه لي الأخير كلمات مباشرة قائلا بتهكم :


" اسمعيا أستاذ التربية على المواطنة الذي تكلم قبل قليل, أخبرك أنني بعد أيام سأرحل عن هذه البلاد عند عشيقي الألماني الذي أقمت معه عرسا مجنونا بمدينة مراكش الحمراء. هذا الوطن الذي يبدو أنك تذوب حبا فيه سأتركه لك ولأمثالك من أصحاب البطون والأرصدة البنكية المنتفخة!!! وعندي لك نصيحة خذ ورقة وسجل هذه الوصفة الناجعة والمجربة التي تذهب عنك الحمى والهذيان.


أذب هذا الوطن مع قطعة سكر صغيرة في كأس ماء واشربها على الريق قبل الفطور...ههههههه....أتمنى لك شفاء عاجلا ههههه!!


بقيت مشدوها أمام شاشة الحاسوب أقرأ تهاني الحضور للمتكلم على زيجته الغريبة بصاحبه الألماني ودعواتهم له بالتوفيق والسعادة والرفاه والبنين!!! كيف سينجبون هذا البنين ؟؟؟ الله أعلم. طالب آخرون بمدهم بعناوين مواقع قد تساعدهم على إتمام هكذا زيجات للهروب من الجحيم كما وصفه بعضهم بل جلهم.
ليومي هذا ورغم مرور سنوات على الحادثة فلا زلت لم أستسغ أو أهضم وصفة العريس أو العروس. لم أشأ أن أسأله أهو فاعل أم مفعول به تبا له!! كلما ذكرت كلماته تلك ضحكت ,كيف أذيب الوطن في كوب ماء مع قطعة سكر؟؟ لا أدري , لكن يبدو أنني أنا من شرع في الذوبان, مذ ولجت السرداب ليومي هذا يزداد جسمي ضمورا يوما بعد يوم. تنخرني العلل. لم أطد أصدق أنني برأت من إحداهن حتى تظهر من هي أشد وأفتك منها. صدق من قال" الحبس والبرودة يشيبو القرودة" كرهت المرآة بدورها لم أعد أطق مواجهتها.


بعد انتهائهم من درس المواطنة الغبي خاطبني أحدهم :


" أنت شاب, والشباب أولاد اليوم يفهمون بعضهم البعض. لهذا سنتركك لوحدك مع( الحاج هشام) رأسا لرأس. هو في مثل سنك تقريبا.يكبرك بسنوات فقط فتعاون معه ولا تنس مصلحة الوطن. فكن رجلا نحن في حاجة لك وأنت كذلك في حاجة لنا.


تظاهروا بالقيام والإنصراف فعاد أحدهم لفتح الباب وتذكيري بصوت مسموع :


" لا تنس العهد الذي عاهدتنا لقد شبكنا الأصابع!!! المؤمنون عند عهودهم.


يبدو من نبرات صوته أنه في بداية أو منتصف الثلاثينيات من عمره. زعم أن اسمه هشام ويعرفني حقيقة المعرفة منذ أيام الجامعة.


ثم استرسل دون مقدمات يذكر لي مساره منذ صباه إلى حين وصوله الجامعة وانخراطه في صفوف ( مناضلي) اليسار الشيوعي الذي سيطر لمدة طويلةعلى منظمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب وأنه بدوره كان (مناضلا) لا يشق له غبار لينتهي به المسار النضالي وقطعة الخبز إلى حيث هو الآن !!! مرت أمام عيني حينها عشرات الصور لكثيرين أمثاله ممن كانوا يتظاهرون ويجمعون الطلبة في حلقات نقاش لا تنتهي ويقاطعون الإمتحانات ويرغمون الطلبة على ذلك لأتفه الأسباب ويرفعون شعارات كبيرة عظيمة _ جماهير ثوري ,ثوري على النظام الدكتاتوري_ وحين يحمى الوطيس ويدخل أصحاب القبعات الحديدية والهراوات الغليظة إلى ساحات الجامعة يطاردون الناس حتى داخل الأقسام والمطعم كان رفاقنا هؤلاء أول من يفر ويولي الدبر بدعوى القاعدة الشيوعية التبريرية الجبانة: القائد آخر من يموت .انتهى المطاف بالكثير ممن أعرفهم من (أعداء النظام الدكتاتوري الورقيون هؤلاء) إلى أحبابه وطابوره الأول محققون, ممثلوا نيابة عامة, براحون , صحفيون مأجورون, ضباط , عمداء شرطة...


مرت صورهم أمامي بسرعة خاطفة بهيآتهم الجديدة ربطات العنق الأنيقة وساعات وسلاسل ذهبية تزين المعاصم وسيارات آخر صيحة وأسنان صفراء سوداء وهم من كانوا يتناوبون على السيجارة الرديئة الثلاثة والأربعة . زمان غريب !!!!


ضايقه صمتي وعدم تجاوبي مع ضراطه ذاك.فغير نبرة صوته شيئا ما. "أعرف أنك تكفرني وتكفر أمثالي. لكن أنت حر. وهذا أكبر دليل على أنك في بلاد الحرية. فنحن لا نناقش الأفكار. فبلادنا قد خطت خطوات كبيرة إلى الأمام ولم يعد الناس يحاسبون على ما يفكرون فيه ويعتقدونه. حتى دستورنا يبيح الاختيار والإعقاد...."


قاطعت سمفونيته متسائلا:" إذا كن الأمر كما تقول فلماذا أنا هنا أعذب وأهان ما الذي ارتكبته حتى جيء بي إلى هذا المكان.


ضحك في خبث وربما فرحا بخروجي من دوامة صمتي القاتل. ثم طمأنني بأن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد إجراءات روتينيه لا بد منها لحماية أمن البلد وشبابه من الأفكار الدخيلة وحماية المواطنين وممتلكاتهم وأنني بعد أيام سأعود لأسرتي كما عدت من قبل.


بشرط_ لم ينس الشرط طبعا _ أن أتعاون معهم لأن الضروف الدولية والإقليمية والضغوط الأجنبية ...و...و... وعشرات الكلمات والمبررات التي تشدق بها محاولا الظهور كعارف بالخبايا والخفايا السياسية.....


كان يقفز من موضوع لآخر. لا يتم الحديث عن نفسه حتى ينتقل لأمريكا والأوضاع الدولية ثم ينط إلى كرة القدم والفرق بين البطولة الاحترافية في أوربا ومشاكل الأندية الوطنية...


إحدى أساليبهم وطرقهم الممجوجة لخلق جو من الألفة والإطمئنان والعطف لدى الضحية تجاه الجلاد!!!
كنت غير مبال بكلماته وتصنعه المعرفة. أحس عقلي يشتغل بسرعة وطاقة ذاكرة حاسوب ضغطت فيه المعطيات ويكاد أن يتعطل بعد أن تشتبك خيوطه ثم ينفجر. تفكيري فقط فيما يمكن أن يفجئني به الخبيث, بعد هذه المقدمة الطويلة التي تبعث على الغثيان كوجبة بائتة في شهر غشت الحار.


أحسست أن صمتي وعدم تجاوبي مع مواضيعه يقتلهويغيظه وقد يفقده ثقة أسياده من ( كبار الحجاج) فيه وهو في أول الطريق كما فهمت من كلامه.


انقلبت نبرة (المناضل اليساري السابق) الجلاد حاليا فجأة إلى صيغة الأمر .
" حدثنا أنت قليلا عن مسارك وهواياتك "
" كل شيء عني تعرفونه وأنت منذ قليل قلت أنك تعرف عني الكبيرة والصغيرة "
" نعم صحيح لكني أريد أن أسمع منك "
" طيب اسألني عما تريد وأنا سأجيبك "


تراجع ربما بعد إشارة من سيده الذي كان يراقب الحوارمنذ بدايته في سرية وصمت. يبدو أنك تعبان وفي حاجة للراحة . اذهب الآن لترتاح , لكن أرجوك لا تحرجني معهم انا من طلبت التكفل بالتحقيق معك. اعتبرني كأخ لك يكبرك سنا وتجربة والله إني أريد لك الخير!!!!


ضرب على كتفيبلطف ووضع كمشة أوراق في كفي : طخذ هذه أوراق فارغة وهذا قلم اذهب واختلي بنفسك وحاول تدوين كل صغيرة وكبيرة منذ خرجت من هنا في المرة السابقة. من رأيت من لم تره, معارفك, اسرتك, عملك, أين سافرت, من ساعدك وبم, كل شيء .... مهما صغر...



__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .