العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة المفتوحة

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: أهل الكتاب فى عهد النبى (ص)فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: المنافقون فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: النهار فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في لغز اختفاء النياندرتال (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الشكر فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: أنا و يهود (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: نقد المجلس الثاني من الفوائد المدنية من حديث علي بن هبة الله الشافعي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: زراعة القلوب العضلية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: غزة والاستعداد للحرب القادمة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال حديقة الديناصورات بين الحقيقة والخيال (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 21-10-2010, 09:40 PM   #1
محى الدين
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2007
الإقامة: إبن الاسلام - مصر
المشاركات: 3,172
إفتراضي سؤال يطفو على سطح الوجدان والفكر

الأحداث الأخيرة التى مر ويمر بها الوطن الحبيب سواء على مستوى مصر أو على مستوى الوطن الكبير تجعل الإنسان يتساءل عن مواقف رؤوس ورموز كثيرة في السياسة والثقافة أخذت من الدنيا كل حظوظها ، وتشبعت من خيرات الوطن ومتاعه حتى الثمالة، ومع ذلك فهذه الرؤوس والرموز يرون الحق يهان وأحيانا يذبح ومع ذلك لا ينطقون ، ويرون الوطن ينزف ويستباح ومع ذلك لا يتحركون، فلماذا ..؟ لماذا يسكتون فيسقطون ؟ لماذا يختارون السقوط بإرادتهم ...؟
سؤال يطفو على سطح الوجدان والفكر ، ويطرح نفسه أحيانا في خجل وعلى استحياء ، وأحيانا أخرى في جرأة وجسارة من يصر على معرفة الخفايا وبواطن الأمور.
وفي الحقيقة تقتضى الإجابة على هذا السؤال المشكلة متنا وشرحا ، أما الشرح فلا تتسع له تلك المساحة، لأنه يقتضى جهدا علميا أكاديميا يبحث تلك الظاهرة المفجعة فعلا ، ولعل الله يعيننا أن نقدم جهدا علميا في هذا المجال يحلل الدوافع والبواعث والأسباب ويستخلص النتيجة التى تجنبنا تلك الفواجع.
وأما المتن فإنى أستأذنك عزيزي القارئ أن أعرض عليك خطوطه العريضة دون الدخول في تفاصيله :

• العقل والقلب والإرادة أجهزة في الكيان الإنسانى تميزه عما عداه،
فهى تشكل المقومات الأساسية في بناء شخصية الإنسان، ومن ثم فالشخصية السوية تتكامل فيها هذه المقومات وتنسجم فيما بينها لتؤدى دورها في تكوين رؤية الإنسان وتصوراته حيال القضايا المختلفة التى تواجهه في ميادين الحياة المختلفة .
• فالعقل يصدر عنه الرأي وهو خلاصته.
• والقلب تصدر عنه العاطفة وهو مصدرها, ويعبر عنها إيجابا وسلبا بالحب أو الكره.
• والإرادة يصدر عنها الموقف بعد بعد اجتماع قناعة العقل بطمأنينة القلب حيال موقف ما.
• وفي حالة التناقض والتضاد بين العقل والقلب، تقوم الإرادة بترجيح إحدى الكفتين على الأخرى.
• وفي المجتمعات التي تنعم بالحرية والاختيار الحر تتكامل هذه العناصر الثلاثة في شخصية الفرد, وتعمل في اتجاه واحد, مما يدفع بعجلة المجتمع إلى التقدم والنمو.
• بينما في المجتمعات التي تعيش الحرية المزيفة, أو تعيش الديموقراطية ذات العصا الغليظة كما يقولون, قد توجد هذه العناصر في شخصية الفرد, وتعمل داخل الكيان الاجتماعي, ولكنها تعمل بلا توافق ولا انسجام، وقد تتعطل عن أداء وظائفها، وقد تنعدم تماما تحت ضغط القهر والطغيان وسحق شخصية الفرد نهائيا.
• وبغير هذه العناصر الثلاثة لا تتكامل شخصية الفرد ولا يتطور المجتمع.
• وعندما تكون الرؤية ضبابية ، والأشياء غير واضحة المعالم يحار الكاتب في اتخاذ المواقف، وقد يصيبه نوع من التردد فلا يعرف لأية جهة ينحاز .

• وفي دوامة الصراع بين الحق والباطل ، يفترض في كل كاتب شريف يؤمن بحرية الكلمة وقدسية الحرف المضيئ أن يقف بكل قوته ضد الباطل، وأن ينحاز للحق من أول لحظة.
• لكن مهنة الكاتب في ميدان الثقافة تواجهها معوقات ومثبطات أخرى غير ضبابية الرؤية تكون بمثابة الجراثيم التى تشل الإرادة وتصيب الكاتب بالازدواجية والانفصام، وذلك حين تكون العاطفة في جانب، والموقف والحركة والقلم والكلمة في جانب آخر.
• هذا الانفصام يحول بين الإنسان وبين اتخاذ القرار الصحيح في مواجهة الباطل ومناصرة الحق في الوقت المناسب.
• فالكاتب كثيرا ما تكون لديه قناعة عقلية يدرك من خلالها عن طريق البرهان والدليل والحجة أنه الحق، وأنه الأولى بالتأييد والنصرة، والأولى بالولاء والانتماء،ولديه الانفعال العاطفي الذي يكون مع الحق بموجب أنه حق، إلا أن الإرادة تأخذ موقفا آخر متأثرة في ذلك بمجموعة العوائق أو المثبطات التي تجعل الإنسان يحجم عن مناصرة الحق والوقوف بجانبه حرصا على مصلحة, أو جبنا عن التحدي, أو عجزا عن مواجهة.
• وتحت وطأة تلك الضغوط – يصاب الكاتب بانشطار في الذات، فالعقل يعاني الحيرة والتردد، فهو يعرف الحق جيدا ، لكنه يعرف أيضا أن تكاليفه باهظة، وأن تأييده ومناصرته ليست مسألة هينة، ولكنها مكلفة جدا، ومن ثم فهو لا يريد أن يضحي بالمال والموقع والجاه والشهرة والحضور الدائم في القنوات الفضائية والصحف اليومية، باختصار لا يريد أن يضحي بكل متع الأبهة والنجومية.
• حينئذ يؤثر الإنسان الخنوع ويتخذ أحيانا موقف الحياد البارد، أو الحياد السلبي، ظنا منه أنه بهذا الموقف لم يساند الباطل صراحة، وإن لم يعلن بوضوح أنه مع الحق.
• وكنت قد أشرت في مقال سابق إلى أن الحالة التى يعانى فيها الكاتب غياب التوافق والانسجام الذاتى في داخلة ناشئة بسبب غياب المنظومة الاجتماعية التي يفترض فيها ضبط المسار العام، واحترام العقل والكيان الإنساني وحماية الفكر من توغل رأس المال وسيطرته على أقلام الكتاب وتوجيهه لهم، بالإضافة إلى غياب الإطار القانوني العام أو السقف الاجتماعي الذي يحدد بوضوح حق الكاتب في التعبير عن رأيه ويحميه من جور أصحاب النفوذ والسلطان الذين يملكون المال والقوة، ولا يملكون معهما الضمير والخلق.
• وهذه إحدى سوءات رأس المال غير الشريف حين يتمدد في المساحات الثقافية والفكرية مستعينا بزواجه مع السلطة ونفوذه في السيطرة على المؤسسات الإعلامية وصياغة الرأي العام.
• حيال هذه المواقف يؤثر الإنسان الخنوع – كما أشرنا سابقا – فينحاز للباطل وقلبه مع الحق والذى جعله ينشطر هذا الانشطار هو تلك المثبطات التى تتمثل في الحرص والجبن واستبقاء وضعية معينة، والخوف على المغانم والأبهة .
• وكثيرا ما يترتب على اتخاذ القرار الصحيح بعض ما يهدد هذه الأشياء، وبالتالي فهي تشكل مثبطات تضعف من عزيمة الفرد، وتشل إرادته حيال مواقف ما كان يود أن يتردد فيها أبداً، ولا أن يتردى إلى مستوى السكوت عليها لو أنه مستقل الإرادة حر الاختيار،لا يشغله خوف الخلق، أو هم الرزق، أو هما معا.
• عناصر التكامل تعمل إذن, ولكن كل عنصر يعمل في اتجاه يعاكس العنصرين الآخرين ويتضاد ويتناقض معهما في الفعل والنية والحركة، والسبب المباشر في هذا التناقض والتضاد هو جراثيم المعوقات والمثبطات التى تشل الإرادة وتحول بين الإنسان وبين اتخاذ القرار الصحيح .
• في الجانب الآخر يقف الباطل بطغيانه وإغرائه، يصادر في الإنسان كل شيء حتى عواطفه، ويحاول أن يتسلل إليها، يصنف الناس تبعا لاتجاهاتهم، ومواقفهم وعواطفهم وأفكارهم، وأحيانا نواياهم وضمائرهم أيضا.ومن ثم فهو لا يتركك حرا تمارس إرادتك في الاختيار, وأنما يريدك معه في ساحة الصراع,
• الموقف الذى يتصوره الإنسان حيادا لن يبقى طويلا، لأن ساحة الصراع لا تحتمل مثل هذه المواقف دائما، ذلك لأن الباطل يستغل نقاط الضعف فيشد الإنسان إلى جانبه شدا، ويستخدم في ذلك وسائل متعددة، منها القوة، والنفوذ, والإغراء، كما يستخدم السياط والتهديد والوعيد والحديد والنار.
• الباطل يجذب الإنسان إليه، ويشده إلى جانبه شدا ، وشيئا فشيئا، تحدث الردة في الموافق والانتكاس في الاتجاه.ومن هنا تنشأ الخطورة ويبدأ التردي
• القضية إذن واضحة، فأطراف المعادلة حق وباطل، وعلى الإنسان أن يختار.
• وبالتميع والتنازل والتفريط تبدأ أول مراحل السقوط القهرى، وما يستتبعها وينشأ منها ويتفرع عنها من مذلة ومهانة ، ثم ينتهى به الأمر في نهاية المطاف إلى التنازل عن كل شئ حتى عن الهوية والدين.
• جناية الكاتب هنا ليست على نفسه فقط ، بل على كل الذين يقرءون له ويتأثرون به ويثقون فيه، ومن ثم يسقط من عين الله أولا ، ثم يُذهب الله بَِهَاءَ كلماته من عقول الخلائق، ولو كان يملك عبقرية العقاد ومواهب شكسبير.

د. إبراهيم أبو محمد
• رئيس المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية
• ورئيس إذاعة القرآن الكريم
__________________
كـُـن دائــما رجـُــلا.. إن
أَتـــوا بــَعــدهُ يقـــــــولون :مَـــــرّ ...
وهــــذا هــــوَ الأثـَــــــــــر


" اذا لم يسمع صوت الدين فى معركة الحرية فمتى يسمع ؟؟!!! و اذا لم ينطلق سهمه الى صدور الطغاة فلمن اعده اذن ؟!!

من مواضيعي :
محى الدين غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-10-2010, 08:48 PM   #2
transcendant
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2008
الإقامة: الجزائر DZ
المشاركات: 2,785
إفتراضي

المثقف العربي ..

ينهض صباحا فلا يجد ماء يغسل به وجهه .. و أول ما يفعله هو الذهاب للطابور لتحصيل الرغيف ..
بعدها عليه أن يشمر عن ساعديه و رجليه لركوب الحافلة و عليه التحلي بمكارم الأخلاق في معاملته مع المأفونين و اللصوص .. و حين ينزل عليه السير في طرقات ملسئة بالمطبات و الحفر و الأتربة ..
ثم يصل إلى عمله .. و رئيس العمل شخص مرتش همه التلصص على محاسن الموضفات .
و حين ينتهي من العمل / حل الكلمات المتقاطعة / يعود إلى البيت الخرب الذي أجره ليصلح ثقوب السقف و الجدران و يمنع الفئران أن تعيث فسادا في / ملفاته / .

و تدور الدائرة كل يوم ..

أي مثقف هذا ؟ دعونا من الكذب على حالنا ..

المثقف يعيش كالحيوان البهيم .. فأي فكر و أي إتقاد ينتظر منه ؟

علينا البدأ من البداية .. من الرغيف و الأمن .. و بعدها / بعد 1000 سنة / .. لكل حادث حديث .

تحية مثقفة إلى كل كل المثقفين العرب من رواد المقاهي و محتسي كؤوس الشاي المر و أبطال

الكلمات المتقاطعة .
__________________


transcendant غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 29-10-2010, 03:11 PM   #3
محى الدين
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2007
الإقامة: إبن الاسلام - مصر
المشاركات: 3,172
إفتراضي

إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة transcendant مشاهدة مشاركة
المثقف العربي ..


ينهض صباحا فلا يجد ماء يغسل به وجهه .. و أول ما يفعله هو الذهاب للطابور لتحصيل الرغيف ..
بعدها عليه أن يشمر عن ساعديه و رجليه لركوب الحافلة و عليه التحلي بمكارم الأخلاق في معاملته مع المأفونين و اللصوص .. و حين ينزل عليه السير في طرقات ملسئة بالمطبات و الحفر و الأتربة ..
ثم يصل إلى عمله .. و رئيس العمل شخص مرتش همه التلصص على محاسن الموضفات .
و حين ينتهي من العمل / حل الكلمات المتقاطعة / يعود إلى البيت الخرب الذي أجره ليصلح ثقوب السقف و الجدران و يمنع الفئران أن تعيث فسادا في / ملفاته / .

و تدور الدائرة كل يوم ..

أي مثقف هذا ؟ دعونا من الكذب على حالنا ..

المثقف يعيش كالحيوان البهيم .. فأي فكر و أي إتقاد ينتظر منه ؟

علينا البدأ من البداية .. من الرغيف و الأمن .. و بعدها / بعد 1000 سنة / .. لكل حادث حديث .

تحية مثقفة إلى كل كل المثقفين العرب من رواد المقاهي و محتسي كؤوس الشاي المر و أبطال

الكلمات المتقاطعة .
شكرا لمشاركتك
و الجزء الثانى من المقال سوف يوضح بعض الأمور
و خصوصا ما ذكرته هنا...
__________________
كـُـن دائــما رجـُــلا.. إن
أَتـــوا بــَعــدهُ يقـــــــولون :مَـــــرّ ...
وهــــذا هــــوَ الأثـَــــــــــر


" اذا لم يسمع صوت الدين فى معركة الحرية فمتى يسمع ؟؟!!! و اذا لم ينطلق سهمه الى صدور الطغاة فلمن اعده اذن ؟!!

من مواضيعي :
محى الدين غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 29-10-2010, 03:13 PM   #4
محى الدين
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2007
الإقامة: إبن الاسلام - مصر
المشاركات: 3,172
إفتراضي

حين يختار الكاتب السقوط 2

حتى نكون على تواصل بمقالنا السابق أستأذن القارئ الكريم أن أكرر السؤال المعضلة والذى نحاول الإجابة في هذا المقال على الجزء الثانى من متنه.

الأحداث الأخيرة التى مر ويمر بها الوطن الحبيب سواء على مستوى مصر أو على مستوى الوطن الكبير تجعل الإنسان يتساءل عن مواقف رؤوس ورموز كثيرة في السياسة والثقافة أخذت من الدنيا كل حظوظها ، وتشبعت من خيرات الوطن ومتاعه حتى الثمالة، ومع ذلك فهذه الرؤوس والرموز يرون الحق يهان وأحيانا يذبح ومع ذلك لا ينطقون ، ويرون الوطن ينزف ويستباح ومع ذلك لا يتحركون، فلماذا ..؟ لماذا يسكتون فيسقطون ؟ لماذا يختارون السقوط بإرادتهم ...؟

سؤال يطفو على سطح الوجدان والفكر ، ويطرح نفسه أحيانا في خجل وعلى استحياء ، وأحيانا أخرى في جرأة وجسارة من يصر على معرفة الخفايا وبواطن الأمور.

وقد قلت في المقال السابق أن الإجابة على هذا السؤال المشكلة تتطلب متنا وشرحا ، أما الشرح فلا تتسع له تلك المساحة، لأنه يقتضى جهدا علميا أكاديميا يبحث تلك الظاهرة المفجعة فعلا، ولعل الله يعيننا أن نقدم جهدا علميا في هذا المجال يحلل الدوافع والبواعث والأسباب ويستخلص النتيجة التى تجنبنا تلك الفواجع.

وأما المتن فإنى أستأذنك عزيزي القارئ أن أعرض عليك الجزء الثانى من خطوطه العريضة دون الدخول في تفاصيله :

• ساحة الصراع بين الحق والباطل تفضح كل يوم الكثير من المواقف وتنزع الأقنعة عن وجوه قبيحة كان البعض يحسن الظن بها ويحسبها على الحق ويعدها من رجاله ،ومع كل يوم تشاهد كثيرا من المواقف التي تنشطر فيها الذات الإنسانية على نفسها, وذلك حين يكون القلب في جانب والمصالح والمنافع والمغانم في جانب آخر.

• وعندما تكون عواطف الإنسان مع الحق فهي قطعا في الاتجاه الصحيح.

• ، غير أن الإنسان ينحاز للباطل وقلبه مع الحق. أي أنه ببساطة شديدة لا يعيش متصالحا مع نفسه وإنما ينقسم على ذاته.

• وخداع النفس أو ما يسمى بالوهم المريح أسلوب يمارسه بعض الكتاب مع نفسه ، فهو يقنع نفسه بتبريرات لمواقفه حتى يظل بعيدا عن محاسبة النفس أو وخز الضمير، ـ هذا إن بقي لديه بقية من ضميرـ .



• وقد عبر الفرزدق عن هذه الحالة قديما تعبيرا دقيقا حين سأله الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما عن الناس وموقفهم من الصراع بينه وبين يزيد بن معاوية... فقال الفرزدق:



• (الناس يا أبا عبد الله قلوبهم معك, وسيوفهم مع بني أمية).



• وهنا يأتي التساؤل المر: لماذا لا تكون القلوب والسيوف في اتجاه واحد؟



• والجواب: أن بني أمية يملكون القوة والنفوذ والإغراء والسياط والوعيد.



• وهذه حالة يعانى فيها الكاتب غياب التوافق والانسجام الذاتى في داخله وسببها المباشر فساد البيئة الثقافية فكرا وممارسة، ودخول الطفيليات الثقافية حقل المنافسة ، وسيطرتها على أكبر مساحات الانتشار في عالمنا العربي التى هبطت ثقافته وأضحت على شفا حفرة من السقوط بعدما تحول المثقف من عين على السلطة إلى عين للسلطة



• هذا الوضع فرخ لدينا وعلى ساحات الانتشار صحافة وفضائيات ما تعارف البعض على تسميتهم ب "كتّاب الأمن"، وهم أولئك الذين يتولون كبر الحشد الشعبى عن طريق الخداع والتخدير والتنويم والتبرير والتزوير .



• هذا الموقف أصاب بعض الكتاب وبعض الرموز في رجولته ، وقد هبط به حتى أصبح مائع الإرادة ليس في موقف واحد فقط ، بل أصبحت هذه الميوعة عادة له في كل موقف ، وقد تدنى بالبعض ليصل إلى درك النفاق الاجتماعي أو العقدي، وتلك مصيبة يخسر فيها الإنسان كل شئ حتى نفسه . وماذا يتبقى للإنسان إن خسر نفسه حتى وإن كسب الدنيا كلها .



• وهكذا تتسلل دوائر المثبطات لتشل الإرادة عن اتخاذ القرار الصحيح في مواجهة الباطل ومناصرة الحقيقة في الوقت المناسب.



• وإذا تقصينا تلك الدوائر – الجهنمية – التي تتسبب في هذا الموقف المخجل فسنجدها قد اجتمعت وتلخصت كلها في جزء من عبارة الحديث الشريف ......... (الوهن) الذي هو .. (حب الدنيا ... وكراهية الموت).



• خطر الانزلاق النفسي.

• وما لم يتدرب الإنسان ويروض النفس ويوطنها دائما على أن تتحمل تبعات الحق وتكون دائما معه وبجانبه في ساحة الصراع، فإن موقف الحياد لن يدوم وسيزداد خطر التردد ، ويلمع بريق المصالح أمام النفس، فيثير فيها لعاب المطامع، فتؤثر جانب الباطل، وهنا يحدث الانزلاق النفسي، وينتقل الإنسان من مكان الحياد ليكون مساندا للباطل، لأن المنطق في طرفي المعادلة لا يقبل التمييع والحياد، فإما حق .. وإما باطل.



• أما موقف التميع أو ما يسمى بالحياد البارد فهو موقف نظري، لا يلبث أن يتحول سريعا، وغالبا ما يكون هذا التحول في جانب الباطل وأن بقيت العاطفة الداخلية تميل إلى الحق، لأن المثبطات والمعوقات ذات أثر كبير في التأثير على الإرادة .



• ولما كانت المعوقات والمثبطات جراثيم تشل الإرادة وتحول بين الإنسان وبين اتخاذ القرار الصحيح. فإن القران الكريم قد حسم الموقف حتى لا يترك مجالا للتردد وتمييع المواقف، فقال تعالى:

فذلكم الله ربكم الحق ... فماذا بعد الحق إلا الضلال؟ (1)

فإما أن يكون الإنسان مع الله. وإما أن يكون مع الشيطان.

فهما موقفان لا ثالث لهما وحزبان لا ثالث لهما.

• والإنسان كثيرا ما يختلق الأعذار لنفسه كي يبرر الموقف المائع حتى لا يظل طويلا تحت وطأة التأنيب ووخز الضمير ، ومن هنا تحدث عملية الانفلاق في الذات الإنسانية وتنشطر على نفسها .

• وحتى يتلاشى الإنسان هذا الموقف الخطير لابد له أن ينحاز إلى الحق من اللحظة الأولى وأن يتمسك به وأن يتعصب له وأن يدافع عنه وأن يكافح دونه ، وألا يترك إرادته للتردد والتميع في مهب الريح تميل معها حيث مالت ومن هنا نفهم نفاسة عبارتين من توجيهات النبي الكريم صلى الله عليه وسلم :

• الأولى : قوله صلى الله عليه وسلم " لا تكونوا إمعة ، تقولون : إن احسن الناس أحسنا ، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا انفسكم إن احسن الناس أن تحسنوا ، وإن اساءوا فلا تظلموا "

والتوجيه النبوي هنا يريد من الإنسان أن يكون حرا لا تابعا ، مستقل الإرادة مستقل القرار.

• أما الثانية : .....فهى قوله صلى الله عليه وسلم في دعائه " ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا "

• ترى هل هناك أبلغ في تحرير الإنسان من هذا الكلام ؟

• وهل يوجد في البيان العربي ما يحمى ذات الإنسان من الانشطاروالتمزق أفضل من هذه الدعوة...؟

• عندما يخون الكاتب والرمز مبادئ قناعاته يتحول إلى تافه أو إلى ساقط .

تافه يرتفع كما ترتفع الفقاقيع .

أو ساقط يرسب كما يرسب الطين .

• أما الشرفاء من الكتاب والرموز، فيبقون دائما على ولائهم لدينهم ومبادئهم، ومن ثم فلا تدنيهم رغبة، ولا تقصيهم رهبة، فكلهم مجاهد يبحث عن الحق في محيط الحق ، يعلو تارة ويهبط أخرى.. ألا وإن رجل الحق لمثوب ، إن سقط فله أجر الجهاد ، وإن علا فقد توجته يد الله.

{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ }الروم60



• الزبد سيذهب حتما، وستبقى الكلمة النافعة والمواقف الصادقة ، والشرفاء ربح بيعهم، فهم على ولائهم للحق وموعدهم مع الله، يبٌقَون صابرين وصامدين ،وإن تخلت الدنيا وتهافت الساقطون.

رئيس المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية

• ورئيس إذاعة القرآن الكريم
__________________
كـُـن دائــما رجـُــلا.. إن
أَتـــوا بــَعــدهُ يقـــــــولون :مَـــــرّ ...
وهــــذا هــــوَ الأثـَــــــــــر


" اذا لم يسمع صوت الدين فى معركة الحرية فمتى يسمع ؟؟!!! و اذا لم ينطلق سهمه الى صدور الطغاة فلمن اعده اذن ؟!!

من مواضيعي :
محى الدين غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .