اشتد الموقف العصيب ووصل الأمر إلى النبى فاحمر وجهه وخرج مسرعا ليتبين الخبر ، وكان ما وصل إلى سمعه صحيحا . لقد اشتبكت الأوس والخزرج وتنادى كلّ إلى قومه ، كادت الحرب أن تنشب وكان الأمر عصيبا لم يفتت حدته إلا كلمات الرسول الغاضبة :" أدعوى الجاهلية وأنا بين ظهرانيكم دعوها فإنها منتنة ".
لم يكن الأوس والخزرج ينحدرون من جنس مختلف كسلمان الفارسى وصهيب الرومى مثلا بل كانت لهم لغة واحدة وملامحا واحدة بل ويسكنون مدينة واحدة ومع ذلك فقد شبه الرسول فرقتهم فيما بينهم على عصبيتهم ونزعتهم القبلية بالمنتنة ، وصفها بأبشع صفة .
لقد زادت الجفوة كثيرا واتسعت الهوة بين مصر والسعودية ليس فقط على صعيد السياسات الدولية بل وهنا قد اشتبكت الأقلام من كلا البلدين فى هجمة عصبية شرسة ضاعت معها ملامح الحق وأسباب القضية .
ويحكم ، اليست هذه بلد الرسول وأطهر بقاع الأرض ، وطأ ثراها بقدمه الشريف ، أليست مدينة الأنصار ومكة المهاجرين ، أليست كعبة الإسلام والبيت الحرام وهوى كل مسلم .
حنانيكم ورفقا ، أليست مصر بلد يوسف ووطن موسى وملاذ عيسى .. وهى رحلة إبراهيم وبلد هاجر .. أليست مصر من ذكرها المولى فى كتابه 5 مرات ولم تنل غيرها شرفا مثله .
ما لكم ركبتم ثورة الغضب وغلبكم اليأس إذ دعوتم إخوانكم فخالفوكم الرأى ، هل دعوتموهم 13 عاما فلم يسمعوا ، هل دعوتموهم 950 عاما وما أصغوا إليكم ؟ كم من الوقت أقمتم على نصحهم ؟ إذا لم تكونوا أنبياء أقاموا على أقوامهم يدعونهم أبد الدهر وليسوا على دينهم ! فما بالكم بإخوتكم بنى رحمكم وهم على دينكم بل عرفنا منهم والله كثيرين ذوى فكر وعقيدة ترقى إلى الحوار . إن كنتم على صواب فلسوف تهمسون فى آذانهم إلى أن يسمعوا ، همسة ود وإخاء .
كان يؤرق عمر تمهيد الطرق فى العراق ! أمن أجل سلطان يمر عليها أم إستقبال ملك الروم ؟ كلا ، بل من أجل دابة ! نعم دابة قد تتعثر فيه . عمر لا يفكر فى كل فرد من رعيته فى أطراف خلافة تملك نصف الأرض فحسب ، بل يخشى أن يحاسبه ربه فى دابة تعثرت فتشكوه إلى ربها . لا تلوموا إخوانكم إن أقحموا أنفسهم فى شؤونكم فهم أحفاد عمر .
أو ليست هى البلد الحرام ، رفع إبراهيم يده داعيا لها بوفرة الرزق الطيب والأمان فكانت من يومها فى رغد ودعة بجوار بيت الله ، وكان لها عمارة البيت وسقاية الحاج وضيافته ، وإن أسرف البعض أو امتنع آخرون فالخير فيهم كثير ورأينا من أعطى ولم يمنع ومن بذل ماله وجهده ولم يدخر لنفسه شيئا .
هذه مصر بلد الميرة فلا تعيروها بضيق اليد والحاجة فإنما ما نحن فيه بلاء قضاه الله علينا بما كسبته ايدينا وإنها لبلد حف بالثروات وحف على كثرتها بالمطامع .
اختلف أبو بكر وعمر فى قضايا وأمور شتى ولم تذهب روح المودة والحب رغم إختلافات الرأى المصيرية أحيانا . كلاهما ينظر للخير أنى يكون فما اختلفا إلا وساد خلافهما ود وغاية أسمى . واختلف الصحابة من بعدهم فكان لمصيبهم أجر ولمخطئهم أجران لأنهم تحروا الخير ولم يركبوا الباطل وحب الجدال . أخوك أخوك عرضه عرضك وذله هوانك فكن ناصحا محبا .
خولف الصديق فى خلافته وخولف عمروطعن وخولف عثمان وقتل وخولف على وقتل وهى الخلافة الراشدة أعدل حكومات عرفها التاريخ . فما غضب أبو بكر ولا شطط عمر ولا جار عثمان ولا ضج على . وعرفنا فى تاريخ أمتنا أنه متى انتهكت حرماتنا وسلبت أرضنا فاللوم يقع على سائر بلاد المسلمين واعتنقنا عقيدة تجعلنا كالجسد الواحد والبنيان المرصوص الذى ما إن اختل منه ركن وجب على غيره أن يدله عليه ليقيم سائر الصف ولا يدعه فتهلك سفينة الإسلام بثقب خرقه واحد منها يريد الخير لهم .
اذكروا حين رمتكم البلاد عن قوس واحدة واحتلت سيناءكم فنصركم الله نصرا كنصر بدر ، أوما رأيتم نفطهم وقد ضنوا به على أعتى قوى الأرض حتى توعدتهم بالشر والهلاك ولم تبخل به عليكم .. وسلكت كل مسلك تنصركم به حتى من الله بنصره عليكم . ووالله لسوف ترون منهم ما لن يقدم عليه غيرهم إن مس ترابكم سوء أو نزلت بكم نازلة ، وستشهد الأيام .
أليست مصر حاملة راية الإسلام ومنها خير أجناد الأرض . هى رأس حربتكم حين يستعر القتال وإنها لشوكة فى حلوق أعداء الله وإن يمسسكم شر هبت بحدها وحديدها ولو دفعت عنكم بالعصى والحجارة ولستم بحاجة لمن يدفع عنكم ففيكم أحفاد الأنصار والمهاجرين ومنكم أبناء خالد وإنما أنتم فى أمن إلى يوم الدين بدعوة رسول الله .
ميثاق حب
النمط الخطي
