نقد كتاب الحكم الشرعي لاستقطاع الأعضاء وزرعها تبرعا أو بيعا
نقد كتاب الحكم الشرعي لاستقطاع الأعضاء وزرعها تبرعا أو بيعا
المؤلف أمين محمد سلام البطوش وهو يدور حول قطع أعضاء الأحياء لعلاج المرضى بها بيعا أو تبرعا وفى مقدمته تحدث عن الاختلاف فى حكم ذلك فقال :
"إن الله سبحانه وتعالى خلق هذا الإنسان وكرمه على خلقه ورباه على عينه ..فلما تقدم الإنسان في العلوم ومن بينها علم الطب والجراحة اختلف الناس في استقطاع الأعضاء وزرعها بين مبيح ومانع وما كان لشيء أن يجد أو يستجد إلا وله حكم في كتاب الله تعالى لقوله عز وجل: {ما فرطنا في الكتاب من شيء} نتيجة لذلك فإن هذا البحث يقدم محاولة لبيان ما في هذا الأمر من حكم شرعي"
وقد استهل الكتاب بأدلة حرمة جسم الإنسان فقال :
"المبحث الأول: أدلة حرمة جسم الإنسان:
إن الله تعالى لما خلق الإنسان خلقه بيديه ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وطرد إبليس من أجله لعصيانه أن يسجد لآدم وأسكن آدم الجنة وعلمه الأسماء كلها وجعله خليفته في الأرض فإن كان الإنسان لربه مطيعا مخبتا كان أفضل من الملائكة وإن عصاه كان أدنى من البهائم كل هذا دليل على التكريم فهل تراه يسلمه ويذله ويخزيه ما دام يسير طبقا لخط السير الذي رسمه له ربه كلا وحاشا أن يكون ذلك فها هو سبحانه يقول في حقه: {ولقد كرمنا بني آدم} ويخلقه في أحسن صورة: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} وتتجلى فيه عظمته سبحانه فيقول: {فتبارك الله أحسن الخالقين} "
والخطأ هو تفضيل الإنسان على الملائكة فلا يوجد نص من الوحى يقول بذلك لكونهما من النوعين المخيرين الإنس والجن فالملائكة هو الفصيل المصطفى من الجن كرسل البشر كما قال تعالى :
"الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس"
وتحدث عن أدلة حرمة الإنسان فقال :
"من أجل ذلك فقد تولاه ربه وأوصى باحترامه في شرائعه وحرم قتله بغير حق قال تعالى: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق} وهذه قاعدة تحرم مساسه بغير حق ورسول الله (ص)قد بين في سنته أن أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء كما توعد الله قاتله بالعذاب يوم القيامة "
والخطأ هو أن أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء وهو ما يخالف أن القضاء يكون فوريا وليس ذنب ذنب والقضاء هو تسليم كل واحد كتابه بيمينه أو شماله كما قال تعالى :
"فأما من أوتى كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه إنى ظننت أنى ملاق حسابيه فهو فى عيشة راضية فى جنة عالية"
وقال :
"وأما من أوتى كتابه بشماله فيقول يا ليتنى لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عنى ماليه هلك عنى سلطانيه خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه"
وقال :
"قال تعالى: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} هذا في الآخرة بالإضافة إلى عقوبة القصاص في الدنيا والحرمان من الميراث إن كان القاتل من ورثة المقتول فإذا كان قتل المسلم بغير حق لا يحتمل الإباحة فكذلك فإن قطع عضو من أعضائه لا يحل ولو كان بإذن المجني عليه كما يرى ابن قدامة في المغني ((بينما يرى الحنفية أن أعضاء الإنسان كالمال بالنسبة لصاحبها)) وليس للإنسان أن يقتل نفسه قال تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} أو يتلف أعضاء جسمه قال تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} لأن الحق في سلامة البدن حق مشترك بين العبد وبين ربه وقد بلغت حرمة جسد الإنسان في نظر فقهاء الإسلام حدا جعلهم يرون دفن ما يسقط منه كشعر أو ظفر
قال القرافي في الفروق ما نصه: .."حرم الله القتل والجرح صونا لمهجة العبد وأعضائه ومنافعها عليه "
والإنسان منذ بداية تكوينه وهو جنين في بطن أمه أدركته حماية الشرع ...الشرع الإسلامي من جنى على امرأة حامل فأسقطت جنينها بغرة عبد كغرامة دنيوية هذا إن سقط ميتا أما إن سقط حيا ثم مات ففيه الدية كاملة حتى أن الأم لو تسببت بإسقاط جنينها بواسطة غيرها لزمتها دية الجنين كذلك ولم يسلم من أعان على هذا الأمر من تبعة مغبته"
ونسبة الحكم السابق للشرع باطلة فأى قتل له حكم إما حكم العمد وإما حكم الخطأ وفى كل أحوال القتل الخطأ لا توجد عقوبة عتق عبد فقط إلا إذا كان القتيل من قوم عدو للمسلمين كما قال تعالى :
"وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله "
ثم قال :
"أضف إلى ذلك أن المرأة الحامل لو كان عليها القصاص أو الحد فإنه لا يجوز التنفيذ حتى تتم حملها وتضعه وترضع وليدها وتربيه إلى الوقت الذي يستغني بنفسه عنها سواء كان الحد بالنفس أو الأطراف ويجوز في الشرع الإسلامي شق بطن الأم الميتة لاستخراج ولدها من رحمها لأن مصلحة حفظ حياته أعظم من مفسدة انتهاك حرمة بدنها الميت
وقد أجمعت المذاهب الإسلامية على تحريم الإجهاض بعد نفخ الروح إلا لعذر أما قبل نفخ الروح فإن العلماء قد اختلفت أقوالهم بين الإباحة والكراهة والتحريم ولكن إن ثبت بطريق موثوق أن الجنين يؤدي إلى وفاة أمه فيجب إسقاطه تطبيقا لقاعدة ارتكاب أخف الضررين وهذا يعتبر تضحية بالجزء (الفرع) في سبيل إنقاذ الكل (الأصل)
وأما بعد الموت فقد تولى الشرع الإسلامي حفظ الإنسان وحمى جثته من عبث العابثين فالرسول (ص)يقول: ((كسر عظم الميت ككسره حيا)) وفي رواية: ((كسر عظم الميت ككسر عظم الحي في الإثم)) "
من هذا المبحث يتبين أن ضرورة الحفاظ على جسم الإنسان سليما وتحدث فى الثانى عن وجوب العلاج فقال:
"المبحث الثاني: إباحة التطبيب والجراحة
بالرغم مما تقدم بيانه من تعظيم الشرع لحرمة جسم الإنسان فإن ضرورة العلاج أو الحاجة إليه تفسح المجال وتبرر المحظور الشرعي فالتداوي أمر مأمور به شرعا حفظا لهذا الإنسان فإن رسول الله (ص)يقول: ((تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم))
وتعلم الطب في الإسلام فرض من فروض الكفاية التي يتعين على طائفة من الأمة القيام به وإلا أثمت الأمة جميعا وهذا العمل وإن كان من فروض الكفاية فإنه يحتاج إلى شروط إليك بعضها:
- أن يباشر العمل الطبي مختص فيه مع كون الحاجة ملحة لنتجنب من لا يحذق هذا الفن فلابد من كونه حاذقا بصيرا عارفا فإن كان غير ذلك فما يحصل من أضرار على يديه كان فيها ضامنا لقوله (ص)((من تطبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن))
- أن يكون القصد العلاج والرعاية للمصالح المشروعة
- أن يمارس عمله الطبي وفقا لأصول صنعة الطب وإلا كان ضامنا خشية أن يتولد ما هو أعظم
- إن كان المريض قاصرا يشترط الإذن من وليه"
وتحدث فى المبحث الثالث عن فوائد علم التشريح فقال :
"المبحث الثالث: أهمية علم التشريح:
إن للتشريح أهمية كبيرة إذ بدونه لا يعرف الطبيب مكان العضو ولا كيفية اتصاله بالبدن كما أن للتشريح أهمية أخرى وذلك في الكشف عن السبب الحقيقي للموت في قضايا الجنايات هذه الأهميات تقف أمام نظرة الناس إلى الجثة الآدمية نظرة ملؤها التقديس والحرمة ولقد قام علماء من المسلمين القدامى بتشريح الجسم الإنساني وإن كانوا لم يقولوا صراحة بجواز التشريح كابن النفيس الذي اكتشف الدورة الدموية الصغرى وابن الهيثم الذي قام بتشريح العين
|