نقد كتاب الزم رجلها فثم الجنة
نقد كتاب الزم رجلها فثم الجنة
المؤلف صالح بن راشد الهويمل وهو يدور الإحسان للوالدين وعقوقهما وفى هذا قال فى المقدمة:
"وبعد فيا بني: إن حق الوالدين عظيم عند الله، ولذلك قرن الله عز وجل عبادته ببر الوالدين، يقول الله تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} وقال تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا} وقال تعالى: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا} ولعظم مكانتهما أمرنا الله بالإحسان إليهما ومصاحبتهما بالمعروف حتى مع كفرهما، بل وهما يجاهدانك على أن تشرك بالله ما ليس لك به علم، قال تعالى: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا}
ولعظم شأنهما قدم الرسول (ص)برهما على الجهاد في سبيل الله، فعن عبد الله بن مسعود قال: سألت رسول الله (ص)أي العمل أحب إلى الله؟ قال: «الصلاة في وقتها»، قلت: ثم أي؟ قال: «بر الوالدين»، قلت: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» [متفق عليه]."
الحديث لا يتفق مع القرآن فى جعل الصلاة وبر الوالدين أفضل من الجهاد فالجهاد هو أفضل العمل كما قال تعالى :
" فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
وتحدث الهويمل عن فوائد بر الوالدين فقال:
"بعض ثمرات بر الوالدين:
يا بني: إن من ثمرات بر الوالدين في الدنيا تفريج الكرب، وذهاب الهموم والأحزان، فقد جاء في قصة الثلاثة الذين آواهم الغار عن المطر، ثم انغلق عليهم بصخرة فدعوا الله بصالح أعمالهم، فكان أحدهم قد بر بوالديه، فدعا الله عز وجل بهذا العمل الصالح، فكان سببا في تفريج كربتهم، ففي هذه الحادث يوقن المؤمن أن إرضاء والديه سبب في حلول الفرج"
الحكاية المروية فى الحديث وربطها بتفريج الكرب ليست فى كل الأحوال فهى حسبما شاء فى القدر ثم تحدث عن فائدة الآخرة فقال :
أما ثمرة الآخرة فهي جنة عرضها السماوات والأرض بعد رحمة الله، فعن معاوية بن جاهمة كنت مع النبي (ص)أستشيره في الجهاد، فقال النبي (ص)«ألك والدان؟» قلت: نعم، قال: «الزمهما فإن الجنة تحت رجلهما» [صحيح الترغيب والترهيب]."
الهويمل يقول أن الجنة عرضهما السموات وألأرض بينما الرواية تقول أن الجنة فى الأرض تحت أقدام الوالدين والرواية لا تصح لأن الجنة الموعودة حاليا فى السماء كما قال تعالى :
"وفى السماء رزقكم وما توعدون"
وقال فى رحلة المعراج السماوية :
"عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى"
وتحدث عن أعظم البر فقال :
"أعظم البر:
ثم اعلم أن من البر دعوة الوالدين إلى الإسلام، أو دعوتهم إلى طاعة الله وترك المعصية، بل إنه من أعظم البر؛ لأن فيه النجاة من عذاب الله، ولكن يجب أن تكون الدعوة لهم برفق ولين كما ذكر الله عن إبراهيم - عليه السلام -.
قال تعالى: {واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا * إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا * يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم ياتك فاتبعني أهدك صراطا سويا * يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا}
فتفكر يا بني في أسلوب النداء المصدر بالاحترام مع أن الأب مشرك بالله.
يا بني: اعلم أنه يندرج تحت هذا الأسلوب أن تحاول جاهدا إقناع والديك بإخراج جهاز التقاط القنوات الفضائية، فإن في إخراجه برا بوالديك بل لجميع أسرتك، فلا تيأس أو تحتقر نفسك فلربما يكون صلاح الأسرة بيدك، ولكن بأسلوب حسن محبب إلى النفوس؛ لتلقى بذلك استجابة من الوالدين، بل من جميع أسرتك."
وقطعا كما سبق القول الجهاد هو أفضل البر وهو العمل وأما هداية الوالدين للإسلام فهذا عمل صالح وهو من ضمن قوله تعالى:
" وصاحبهما فى الدنيا معروفا"
وتحدث عن استمرارية الإحسان فقال :
"مواصلة البر:
ثم اعلم يا بني أن البر لا ينقطع عن الوالدين حتى بعد موتهما، فعن مالك بن ربيعة الساعدي قال: بينما أنا جالس عند رسول الله (ص)إذ جاءه رجل من الأنصار، قال: يا رسول الله، هل بقي علي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به؟ قال: «نعم، خصال أربع: الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما، فهو الذي بقي عليك من برهما بعد موتهما»."
الرواية ناقصة لم يقلها النبى(ص) لأنها تناست اكرام جيرانهما وسداد ديونهم وأمور أخرى ثم قال :
"ولذلك يرفع الله الدرجات للوالدين في الجنة بسبب استغفار الولد لهما، فعن أبي هريرة أن رسول الله (ص)قال: «إن الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول أنى لي هذا؟ فيقال: باستغفار ولدك لك»."
الرواية تناقض كتاب الله فالجنة درجتين العليا للمجاهدين والأخرى للقاعدين عن الجهاد كما قال تعالى :
" فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
وقال :
" ومن دونهما جنتان"
وتحدث محذرا من عقوق الوالدين فقال :
"التحذير من عقوق الوالدين:
يا بني: وكما أن المولى عز وجل قرن الإحسان إلى الوالدين وشكرهما بشكره، فقد قرن رسول الله (ص)عقوق الوالدين بالشرك بالله، فعن بكرة قال: قال رسول الله (ص)«ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟» قلنا: بلى يا رسول الله، قال (ص)«الإشراك بالله، وعقوق الوالدين». وكان متكئا فجلس، فقال: «ألا وقول الزور، وشهادة الزور»، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت."
الرواية خاطئة فكل ذنب هو كبيرة والإشراك يشمل كل ذنوب وليس هو واحد منها كما أن الحديث يخالف القرآن فى كون إخراج الناس من المسجد الحرام والمراد طردهم من مكة هى أكبر حتى من القتل وغيره فقال :
"والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله"
ثم قال :
ولقد لعن الله العاق لوالديه، فقد قال (ص)«لعن الله من عق والديه» واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله."
ومعنى رواية اللعن صحيح ثم قال :
"وعن رسول الله (ص)قال: «لو علم الله أدنى من الأف لنهى عنه، فليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنة، وليعمل البار ما شاء أن يعمل فلن يدخل النار».
وقال كذلك: «لعن الله من سب أباه، لعن الله من سب أمه». وقال كذلك: «كل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء يوم القيامة، إلا عقوق الوالدين، فإنه يعجل لصاحبه» [رواه البخاري] يعني يعجل له العقوبة قبل يوم القيامة."
روايات اللعن صحيحة المعنى إلا الأخيرة هنا فالعذاب فى القرآن موجود على كل الذنوب كما قال تعالى:
" ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر"
ثم تحدث الهويمل عن فضل الوالدين فقال :
"ثم اعلم يا بني أن إحسان والديك عليك شيء عظيم، وفضلهما سابق، فتأمل معي حال صغرك وتذكر ضعف طفولتك؛ فقد حملتك أمك في بطنها تسعة أشهر وهنا على وهن، حملتك كرها ووضعتك كرها، تزيدها بنموك ضعفا، وتحملها فوق طاقتها عناء، وهي ضعيفة الجسم، واهنة القوة. فعند الوضع رأت الموت بعينيها، ولكن عندما أبصرتك إلى جنبها نسيت آلامها، فلما رأتك علقت فيك آمالها،ورأت فيك بهجة الحياة وزينتها، ثم انصرفت إلى خدمتك ليلها ونهارها، تغذيك بصحتها، وتنميك بهزالها، وتقويك بضعفها، فطعامك درها، وبيتك حجرها، ومركبك يداها، تحيطك وترعاك، تجوع لتشبع، وتسهر لتنام، فهي بك رحيمة، وعليك شفيقة، إذا غابت عنك دعوتها، وإذا أعرضت عنك ناجيتها، وإذا أصابك مكروه استغثت بها، تحسب كل الخير عندها، وتظن الشر لا يصل إليك إذا ضمتك إلى صدرها أو لاحظتك بعينها.
|