نقد كتاب الرقى الشرعية ووسائلها هل هي توقيفية أم اجتهادية
نقد كتاب الرقى الشرعية ووسائلها هل هي توقيفية أم اجتهادية
الكتاب تأليف عبد الله بن صالح العبيد وهو يدور حول موضوع حكم الرقى والعبيد يقول أنه لم يقرأ كتابا جامعا للموضوع فى المسألة فقرر تأليف الكتاب وفى هذا قال فى المقدمة:
"أما بعد:
فهذا بحث موجز في مسألة مهمة، طرحت في الساحة العلمية، واختلف فيها الناس بين المنع والإباحة، وهي: "الرقية الشرعية ووسائلها توقيفية أم اجتهادية؟" ولما لم أر بحثا خاصا في هذا استعنت الله وشرعت في جمع مادته"
واستهل الكتاب بتعريف الرقية وحكمها فقال :
"المبحث الأول : تعريف الرقية وحكمها
وفيه مسألتان:
الأولى: تعريف الرقية:
لغة: هي: العوذة، وجمعها رقى، يقال: رقى الراقي رقيا ورقية ورقيا، إذا عوذ ونفث في عوذته
واصطلاحا: الرقية: العوذة التي يرقى بها صاحب الآفة"
والرقية فى المجمل دعاء للمريض ثم حدثنا عن حكمها فقال :
"الثانية: حكم الرقية:
الرقية من التداوي، والتداوي في الأصل مشروع لما روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري أن جبريل أتى النبي (ص)فقال: يا محمد أشتكيت؟ فقال: نعم. فقال جبريل: "باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، باسم الله أرقيك"
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص)"ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء" رواه البخاري
ولمسلم عن جابر أن النبي (ص)قال: "لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله عز وجل
وأما ما رواه الشيخان من حديث ابن عباس في قصة السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب، قال النبي (ص)"هم الذين لا يتطيرون ولا يكتوون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون"
فقد أجاب العلماء عنه بأجوبة أجودها: أنهم قوم وثقوا بالله وتوكلوا عليه حق التوكل، فلشدة توكلهم لم يأبهوا لطب الأطباء ورقى الرقاة، وإن كان تعاطي هذه الأسباب غير قادح في التوكل؛ لثبوت جواز فعل ذلك في الأحاديث الصحيحة وفعل سادة الصحابة والتابعين لهم بإحسان"
العبيد هنا جعل الرقية دواء وهو تخريف ظاهر فالرقية كلام والكلام لا يشفى مريضا لأنه فى تلك الحالة يكون آية أى معجزة وقد منع الله المعجزات وهى الآيات فقال تعالى :
"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
ومما استدل به على أنها رقية لا يوجد فيه أى إشارة على كونها علاج فالرواية ألأولى ليس فيها ما يشير لمرض النبى(ص) فكلمة اشتكيت تدل على أى ضرر مثل فقد الابن كما قال يعقوب (ص) فى فقد أولاده" إنما اشكو بثى وحزنى إلى الله"
والروايتان الأخريان ليس فيهما لفظ الرقية وأما الرواية الرابعة فهى تحرم الرقية بقولها أن المسلمين لا يسترقون ومن ثم فالإدعاء بكونها علاج أو دواء او تخريف واضح
وفى المبحث الثانى ناقش هل هى نصوص واجبة أم كل واحد يدعو بما يروق له فقال :
"المبحث الثاني : هل الرقى ووسائلها توقيفية أم اجتهادية؟
وقع الخلاف بين أهل العلم هل الرقى ووسائلها توقيف من الشارع أم أن الأصل الاجتهاد والتجربة فيها وفي كيفياتها ما لم تخرج إلى المحظور؟
ولنقرب المسألة ببعض الأمثلة:
المثال الأول: لو كتب راق بعض القرآن أو كله في ورقة بزعفران ونحوه ثم أعطاها المريض ليبلها بالماء ثم يشربها، فإن ذلك لم يصح عن النبي _صلى الله عليه وسلم فما حكمه؟
المثال الثاني: القراءة التخييلية، وهي أن يقرأ الراقي على المريض القرآن، ويقول له: في أثناء قراءتي اذكر أسماء من يرد في خاطرك – والراقي ممسك بأحد عروق مفصل اليد – فيرد بين الفينة والأخرى أسماء وأشكال أشخاص يعرفهم المريض ، فيقول الراقي: هؤلاء أصابوك بعين أو غير ذلك، وقد استعمل هذا النوع غير واحد من الرقاة عندنا فانتفع بذلك، وهذا أيضا لم يؤثر عن النبي (ص)على هذا الوجه ولا عن السلف، فما تتبعته بشدة.
المثال الثالث: رقية الكافر للمسلم، وقد جوزها الشافعي وجماعة وكرهها مالك وقال أبو بكر لليهودية التي ترقي عائشة: "ارقيها بكتاب الله"
المثال الرابع: الرقية بالأذكار التي ليست من الكتاب والسنة، والكلام الإنشائي الرصين العبارة مما يباح _إن انتفع به_ هل يشرع؟
فالأمثلة الثلاثة الأول للوسائل، والرابع للرقية نفسها، وينبغي أن يكون الكلام فيها واحدا.
ولم أر أحدا من الأئمة نص على هذه المسألة بعينها فيما فتشته، والسبب في ذلك ما أخبرتك أن تعلق السلف بالكتاب والسنة كان سدا منيعا أمام العلل والحوادث وحرصهم على عدم تعدي المنقول، ومع ذلك فقد أشارت النصوص إلى شيء من ذلك، وأومأ بعض المحققين إليه، وسأذكر ما وقفت عليه _إن شاء الله_ وقبل بيان مأخذ المسألة وتفصيليها:
اعلم أن الرقية لو كان فيها محرم أو شرك فالإجماع قائم – في الجملة – على المنع.
والذي يستدل به لمن قال بالتوقيف أمور ثلاثة:
1- أن ما لم ينقل عن النبي (ص)الأصل رده، وباب الرقى قد بينت كيفياته في السنة.
2- أن في ذلك أمورا لا يدرى ما هي، فالمنع مما لا يعرف في باب الرقى محل إجماع.
3- أن فتح الباب فيما لم يرد لا ينضبط، وهو مظنة دخول ما يحرم وما يكون شركا.
والذي يستدل به لمن قال بالاجتهاد أمور منها:
1- ما رواه مسلم عن جابر قال: نهى رسول الله (ص)عن الرقى، فجاء آل عمرو بن حزم إلى رسول الله (ص) فقالوا:" يا رسول الله إنه كانت عندنا رقية نرقي بها من العقرب، وإنك نهيت عن الرقى، قال: فعرضوها عليه، فقال: ما أرى بأسا، من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل
ووجوه الدلالة من ثلاثة وجوه:
أ- قوله: "من استطاع.." وهذا من صيغ العموم.
ب- قوله: "فعرضوها عليه" ولو كانت مما شرع ابتداء لم يعرضوها عليه، إذ هي معلومة عنده.
ت- قوله: "كانت عندنا" أي: في الجاهلية، كما هي ظاهر لا يخفى."
قطعا الرواية لا تصح فالشفاء من لدغ أو لسع العقرب لا يكون بالكلام فالعقرب إن كان ساما توجب علاجا ماديا وإلا مات الملسوع مسموما كما أننا لو صدقنا الرواية فمعناها أن النبى (ص)ينطق عن الهوى فيحرم بمزاجه ثم يعود فيستثنى وكأن الله لم يقل له حكما شاملا وقطعا النبى(ص) لا ينطق عن الهوى فى المحرمات والمحلللات وهى أحكام الإسلام ثم قال:
2- وروى مسلم أيضا عن عوف بن مالك الأشجعي، قال:" كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك"
ووجه الدلالة منه من ثلاثة وجوه أيضا:
أ- قوله: "كنا نرقي في الجاهلية"، وهذا صريح أن رقيتهم لم يرد بها الشرع.
ب- قوله: "اعرضوا علي رقاكم" جلي في أن تلك الرقى لم يرد بها الشرع أيضا.
ت- قوله: "لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك" وهذا ظاهر في إطلاق الإباحة في هذا الباب ما لم يكن في الرقى شرك"
الرواية صحيحة المعنى فالرقى وهى الأدعية مباحة ما لم تكن كفرا ثم قال:
3- ما تقدم في حديث أبي سعيد الخدري في قصة اللديغ، قال له النبي (ص)"وما أدراك أنها رقية؟".
فيه إشارة إلى أنها اجتهاد من الراقي، ثم لو كانت توقيفية لما توقفوا في أخذ ما أعطي لهم من الأجرة حتى يسألوا عنها النبي (ص)بل لما سألوه عن ذلك أصلا.
4- وروى أبو داود وأحمد من حديث الشفاء بنت عبد الله، قالت: دخل علي النبي (ص)وأنا عند حفصة، فقال لي: "ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة
5- وروى مسلم عن جابر بن عبد الله قال: "أرخص النبي (ص)في رقية الحية لبني عمرو"
ففي هذين الخبرين دلالة على أن تلك الرقيتين لم تكن بأمر الشرع، بل كانت من الاجتهاد، ولما لم تكن شركية ولا متضمنة لمحظور أرخصت لهم، وهذا القدر كاف في الاستدلال على أن وسائل الرقى غير توقيفية.
وفي الباب غير هذا"
والروايات السابقة كلها خطأ فكما سبق القول الرقى وهى الأدعية لا تفيد فى علاج اللسع واللدغ والمفيد هو العلاج المادى وهو مضادات السموم أو مص الدم مكان اللدغ أو اللسع وما بعده وبصقه بعد الربط فوق مكان اللدغ أو اللسع بقليل لمنع أو تقليل انتقال السم لبقية الجسم أو سحب الدم المسموم وضخ دم أخر من نفس النوعية
|