العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السيـاسية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نظرات في مقال أمطار غريبة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى بحث النسبية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: حديث عن المخدرات الرقمية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال الكايميرا اثنين في واحد (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى كتاب علو الله على خلقه (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال فسيولوجية السمو الروحي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى توهم فريجولي .. الواحد يساوي الجميع (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 140 عام (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 27-11-2009, 03:50 PM   #11
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

[1]مشروع أوهيئة الإنصف والمصالحة هي عبارة عن مؤسسة أنشأتها الدولةالمغربية بعد اعتلاء الملك السادس للعرش تعنى بتعويض ضحايا سنوات الرصاص التيشهدتها أيام حكم الحسن الثاني وقد أشرف على هذه الهيئة بعض ضحايا تلك السنوات منمعتقلي اليسار الشيوعي ولقيت سجالا كبيرا لا زال مستمرا ليومنا هذا حول جذواهاونتائجها , وقد أحدثت لتلميع وجه النظام الجديد والدعايةله,



يتبع....إن شاء الله
__________________





آخر تعديل بواسطة أوان النصر ، 27-11-2009 الساعة 03:58 PM.
أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-11-2009, 06:05 PM   #12
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
Lightbulb الحلقة الثانية

2
كانتتلك آخر رسائله, انقطعت بعدها أخباره عني . أحسست حينها بغربة ووحدة قاتلة ضلتتحاصرني من كل الجهات. كنت عن طريقه أتنسم أخبار الأحبة,أعيشها لحظة بلحظة. أفرحلأفراحهم,وأحزن وأبكي أحيانا طويلا لأحزانهم وحسرة على عدم اللحاق بهم . حين حدثنيعن ملحمة الفلوجة الأولى,وعن جوعهم وعطشهم لأيام عدة. عافت نفسي الطعام وفقدت شهيتهكنت كلما جلست أمام المائدة تذكرتهم. تذكرت حكاية الشباب الذين حملوا أرواحهم علىأكفهم حين تطوعوا لخرق الحصار المضروب قصد جلب جرعات ماء لإخوانهم ,وكيف مروا منبين دبابات الصليبيين وآلياتهم وسمعوا أصواتهم وقرع أكوابهم وآنيتهم,دون أن يفطنواأو يحسوا بهم وكأنما غشيت أبصارهم وجعل وجعل في آذانهم وقرا. كانت تلك كرامة منعشرات الكرامات التي حدثني بها وعن تفكيره في جمعها وتدوينها حين يجد فرصة ووقتالذلك.
رأيتهفي منامي بجناحين يطير ويخاطبني مبتسما,مشيرا بيمينهمناديا
"إلحقبنا لقد تأخرت, ولا تنس الوصية"
استفقتمرعوبا مذعورا كعادتي مع كل حلم أتصبب عرقا. قلبي يخفق بسرعة وأكاد أسمع ضرباته: اللهم اجعله خيرا. أي وصية يقصد؟! رسائله التمويهية أرسلها بانتظام لأسرته! لم أرهقنفسي في حل رموز الرؤيا وتأويلها . رأسا توجهت صوب الأنترنت . الأيقونة تشير إلى أنلدي رسالة جديدة, أحسست بنشوة من فرح لم تدم طويلا. لم يكن عنوان المرسل عنوانه... وبريدي هذا لا يعرفه أحد سواه... ارتبت في أمرها مما جعلني أتوقف عن فتحها إلى أناستعنت بما أعرفه من إجراءات الحماية الأمنية الإكترونية في مثل هذه الحالات. ثمتوكلت على الله وفتحت الرسالة. تسمرت حينها مكاني وأحسست بحمام عرق بارد يغسل كاملبدني, أعدت قراءتها بسرعة واضطراب. رسالة من دون مقدمات. وجمل متقطعة. يبدو أنصاحبها كتبها في عجلة وتوتر.
"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, أنا أخوكم أبو....العراقي مسؤولفي هيئة الإعلام أزف لكم نبأ استشهاد صديقكم وأخوكم –خ- الدكتور نسأل الله أنيتقبله. وصيته التي عهد إلي بإبلاغكم إياها هي وبعض صوره وكتاباته ستجدها على هذاالرابط .... لطالما حدثني عنك وانتظر وصولك على أحر من الجمر. يبدو أنه رحمه اللهكان يعزك كثيرا. ولك مكانة خاصة في قلبه الكبير... أحبه الجميع هنا,مهاجرون وأنصار. منذ دخوله المبكر ارتأى الإخوة أن يضعوه في مكان يناسب تخصصه عملا بمبدأ الرجلالمناسب في المكان المناسب وأبدع وأفاد في مجال الإعلاميات والإلكترونيات ونفع اللهبه إخوانه وأمته. فكان من تفانيه وإخلاصه لاينام سوى أربع ساعات في اليوم والليلةحتى هزل جسمه وشحب لونه, فكان كلما طلب منه إخوانه أخذ قسط من راحة يجيب الراحةهنالك في الجنة ويشير بسبابته نحو السماء... وكان رحمة الله عليه يبكي بحرقة وتأثركلما همت مجموعة من الشباب بالخروج إلى الميدان حسرة على عدمإشراكه في العملياتوشوقا للنزال. إلى أن اختير تطييبا لخاطره أكثر من أي اعتبار آخر. في عملية الثأرلأعراض المسلمات التي انتهكت في إحدى البلدات. سجد سجدة شكر وعانقني حين أعلمتهببشرى الإختيار التي كنت حريصا على أن أكون أول من يزفها له... لم ينم تلك الليلةمن الفرح...
أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-11-2009, 06:07 PM   #13
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

ضحكنا طويلا وبدا كطفل مرح في يوم عيد أو عريس في ليلة زفافه... ونحننستعد للخروج انفرد بي هامسا :
" أحسأنني لن أعود, مدني بمفتاح + صغير قائلا:
"هناكل شيء , بريد صديق الطفولة الذي حدثتك عنه وصيتي, صوري ومجموعة من أشعار وخواطر. أتمنى أن تلح عليه بشدة لتنفيذها حرفيا بحذافيرها... دس يده في جيبه, هذا مبلغ ماليبسيط أهداني إياه الأخ أبو... الكويتي قبل استشهاده رحمه الله, نصفه سلمه لأسرةأبي... البغدادي ـ وكان من أحب إخوانه إلى قلبه ـ والنصف الثاني اشتري به أحديةرياضية للشباب ـ كنا حينها نعاني أزمة أحدية حتى لقبت كتيبتنا بمجموعة الحفاة. أماعن قصة استشهاده فقد أبلى رحمه الله في ذلك اليوم البلاء الحسن وكان أسدا بكل ماتحمله الكلمة من معنى. بعد ساعتين من الإثخان في عباد الصليب وأذنابهم, جاءهم الدعمالجوي والبري لفك الحصار عن من بقي منهم حيا وإخلاء الجرحى الذين كانوا يصرخونكالنساء الثكالى .
في مثلهذه الحالات جرت العادة أن ينسحب الإخوة في هدوء ووفق الخطة المرسومة والمدروسةسلفا وبعد أن تتطوع مجموعة للتغطية على هذا الإنسحاب وإشغال العدو. فكان رحمه اللهأول المتطوعين فداءا لإخوانه وحماية لظهورهم رفقة ثلاثة شباب آخرين. قتل الدكتوروهو اللقب الذي كنا نطلقه عليه وشاب لبناني من أصل فلسطيني وعاد عراقي جريح وآخرفرنسي سليم. حدثنا الأخ العراقي أنه منذ الغزو الصليبي لأرض الرافدين ناذرا ما رأىرجالا كالدكتور تقبله الله. قاتل بضراوة حتى نفذت ذخيرته وضاعت نظاراته الطبية, وضليناور من خندق لخندق ومن بيت لبيت لصرفهم عن الإخوة المنسحبين وشغلهم عنهم إلى أنأصيب في كتفه وصدره .
حاول الأخ الفرنسي سحبهلكنه رفض وألح عليه بمساعدة الأخ الجريح والانسحاب الفوري. لم ينس رغم سكرات الموتأن يبلغ سلامه للجميع . طالبا الاعتذار والصفح عن كل ما قد يكون بدر منه في حق أحد. ثم نطق الشهادتين وابتسم ابتسامته المعهودة التي ضلت مرسومة على محياه رغم خروجروحه ."
ختم الناعي رسالته بلاتنسوه وتنسونا من دعائكم وتنفيذ وصيته .
أخوكم أبو .... العراقيخادم المجاهدين.
وأنا أقرء مناقبه رحمةالله عليه وحادثة مقتله كنت أقاوم جاهدا الدموع المحتبسة في عيني . نسخت الرابطبأصابع مرتجفة, وأبحرت حيث الوصية وما رافقها من صور ومذكرات يوميات وأشعار...ثمهمت على وجهي كعادتي حين تنتابني موجة حزن أوحالتي المرضية التي صرت بسببها كمنقرأت عنهم يوما ما ممن سموا (بالمشائين) أعتقد أن أرسطو كانأحدهم.
همت على وجهي إلى أنوجدتني على شاطئ البحر.علاقة غريبة صارت تجمعني به مذ غادرت السرداب. لو كلفني بهدهذا الصخر لكان أهون علي من تكليفي إبلاغ أسرته بخبر استشهاده.
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-11-2009, 06:14 PM   #14
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

كان الوقت قد قارب غروبالشمس التي احمر قرصها وبدت شاحبة كئيبة وهي تغوص بتثاقل في الأفق الأزرق البعيد... استسلمت لبكاء مرير غير مبال بنظرات بعض العشاق الذين تناثروا في المكان . قد أكونعكرت عليهم ( صفو خلوتهم ) تجرأ أحدهم فتوجه صوبي تاركا مرافقته على بعد أمتار. كانت خطواتها مترددة تنتظر ردة فعلي مع مرافقها لتتشجع على التقدم نحوناأكثر...يبدو مثقفا في بداية الثلاثينات من عمره يحمل حقيبة يدوية جلدية ويرتدي بدلةأنيقة بدون ربطة عنق ...
"السلام عليكم..."
خنقتني الدموع والشهيقفلم أجبه.
مالك أخويا تبكي واش خاصكشي مساعد ؟؟؟
استمر نحيبي وشهيقي . أمدني بمناديل ورقية ذات رائحة زكية أخرجها من جيبه. وأنا أمسح بها دموعي أعاد طرحالسؤال مبديا رغبته واستعداده في مساعدتي. ظن المسكين أنني غريب تقطعت به الحبال. هكذا فهمت من كلامه. تشجعت صاحبته وتقدمت نحونا هي الأخرى قد يكون أشار عليها بذلك :"
ماذا به... المسكين؟؟؟"
لم تنتظر جوابه, فخاطبتهبفرنسية سليمة.
"يبدو أنه يعاني من مرضنفسي أو صدمة قوية أنظر إلى حركة خده الأيسر"
(Il parait qu’il est choqué ou il souffre d’une maladie psychologique. Regarde sa joue gauche qui bouge).
لا أدري كيف عرفت حالتيالمرضية حين نطقت بها تحديدا باسمها العلمي الطبي. قد تكون أخصائية وربما ساعدتهاالأعراض التي تظهر علي في مثل هذه الحالة لا إراديا من رجفة اليدين وارتعاش الشفتينواهتزاز رأسي كملاكم سابق أو مصاب بمرض الزهايمر. تلك حالتي كلما توترت أعصابي أوبكيت منذ غادرت سراديبهم في المرة الأولى. شجعت خطواتهما شاب آخر ورفيقته ضلايرقبان المشهد من بعيد فتقدما نحوي . سألوا عن سكناي فلم أجب. عرض علي الثانيإيصالي بسيارته إن أنا رغبت في ذلك... أكره مواقفا كهذه أجدني فيها ضعيفا عاجزامثيرا لشفقة الآخرين وإنسانيتهم . أحسستهم يصطنعون ذلك أمام مرافقاتهم . لم أدر ولمأذكر أمام إلحاحهم وأدبهم المبالغ فيه, أو هكذا بدا لي, كيف خرجت الكلمات من بينشفتي المهتزة :
"مات أخي... أخي مات ...عانقني الأول صاحب الحقيبة الجلدية معزيا ومواسيا بكلمات يتداولها الناس في مثلهذه المناسبات وكأنه يعرفني من زمن طويل تقاطرت على مسامعي كلمات التعزية والمساواةعلى الطريقة المغربية في مثل هذه المناسبات والمواقف. لا أدري كيف كانوا سيتصرفونلو علموا كيف مات وأين قضى . أبديت لهم بلباقة وأدب رغبتي في البقاء وحدي فتفهمواالأمر. كنت رغم لطفهم أحسهم أثقل من جبل على صدري. عادوا لخلوتهم وبقيت متسمرامكاني أرقب قرص الشمس الآفلة أنتحب كثكلى فقدت كل أبنائها ...
في هذه اللحظة كان منالمستحيل أن لا أسترجع شريط ذكرياتي أن لا أسترجع شريط ذكرياتي معه. كلام (الفليلسوف) هكذا كنا نلقبه. لازلت أحتفظ به كعقد ثمين لا يفرط به. كان دائم الصمتوإذا نطق أرغم الجميع على الإنصات ...
" إنتباه ...إنتباه... سكوت ...سيدي عبد الرحمن المجذوب سينطق بالحكمة".
هكذا كنت أمازحه منتشيا, فرحا, بقدرتي دون غيري على إخراجه من دوامة صمته وإشراكه في نقاشاتنا اللامنتهيةالتي لا تكاد تنتهي إلا لتبدأ من جديد. وتنتهي بخصومات ثم حفلة عناق للتسامحوالإعتذار...
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-11-2009, 06:16 PM   #15
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

كنت أكنيه ب "ولد دانون"ّأو الدجاج الرومي. فكان يجيبني متحديا سأصبح بلديا رغم عن أنفك...بعد أن أصبحنا منرواد بيوت الله زادت علاقتنا توطدا. لم نكن نفترق إلا عند النوم , قال لييوما:
"أحس أن لا أحد يفهمني فيهذا العالم سواك."
لم يعرف الفقر كما عرفته, فكان ينفق إنفاق من لا يخشاه . ويعرف كيف يوظف ذكاءه المفرط وماله الوفير لإسعادالآخرين ودعوتهم إلى الله... شغوفا... مندفعا بقوة لحل مشاكل الجميع, وصفه أحدالأصدقاء يوما مادحا كرمه وإنفاقه أنه لم يقل لا يوما إلا حين ينطقها في شهادةالتوحيد. فكنت حين أجوع أو أحن إلى إحدى أجود أنواع الحلويات المنزلية المحشوة جوزاولوزا وفستقا أواعد ع عند حاتم الطائي بعد أن نهاتفه فيفرح بذلك ...
بعد غزو التتار الجددلبلاد الرافدين لم يعد يذوق طعم النوم . دائم البحث والسؤال دون ملل عن طريق موصلإلى هنالك . قال لي يوما :
"لو وجدت من يوصلني إلىهناك وطلب مني نصف ما ورثته عن والدي رحمه الله لاقتسمت معه تركتي دون تردد...أخشىأن يمسنا عذاب الله . ويستبدلنا لأننا لانصلح ولسنا بحجم المسؤولية. أخشى منالنفاق..."
حين لاحظ استغرابي منكلامه تلا علي قول الله تعالى(يا أيها الذين ءامنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا فيسبيل الله اثاقلتم إلى الأرض , أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة, فما متاع الحياةالدنيا إلا قليل ,إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئاوالله على كل شيء قدير...
ثم يشرع يذكر لي أقوالالمفسرين والعلماء في تلك الآيات واستدلالاتهم بأسلوب سلس, رائع, جذاب, بديع, رغممروري على هذه الآيات مرات عدة, كنت وكأنني أسمعها لأول مرة. الكلام حين يخرج منالقلب يصل مباشرة وبسرعة إلى القلوب. هكذا قالوا قديما...
تلك الأيام... حين كانالناس يعيشون تحت وقع الصدمة يضربون أخماس في أسداس تحسرا كما ضربها آباؤهم من قبلحين سقوط فلسطين. وحين صاروا كجمهور انحسر دوره في الفرجة وانتظار نهاية مباراةمعلومة نتيجتها مسبقا. لا تكاد مؤخراتهم تفارق كراسي المقاهي متسمرين أمام القنواتالفضائية ببلاهة يتابعون تحليلات بائعي الكلام والوهم ومحللي الفضائيات المأجورين. وفتاوى تؤصل لدمي الحيض والنفاس ولا تلقي بالا لدم ثالث مهراق. دم المسلمين على أرضالعراق وغيرها. حينها كان رحمه الله يقطع البلاد طولا وعرضا , مذكرا الشباب والدعاةبتعين فريضة الجهاد, وبمسؤوليتهم الشرعية والتاريخية , لأنهم طليعة الأمة, وأنالتتار الجدد لن يردعهم ويردهم على أعقابهم سوى شباب الإسلام أحفاد القعقاع والمثنىوطارق بن زياد ....
اكتشفت فيه حينها ما لمأكن أعرفه رغم عشرتنا التي دامت أزيد من عقدين من الزمن. شعلة متوقذة من حماس, طاقةدفينة مخزنة انفجرت فجأة, صار يتكلم كخبير متمرس في الإستراتيجية العسكريةوالدراسات المستقبلية. كلما زرنه كان يبسط الخريطة أمامنا وأسهب في الشرح والتحليلبحماس غريب : " أنظروا ...منطقة الأنبار وديالى أقرب بقعة في بلاد الرافدين منفلسطين ثلاث مائة كيلو فقط تفصلنا عن القدس إنها فرصة العمر لقد ابتلعوا الطعم . ستذكرون ما أقوله لكم !!!
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-11-2009, 06:17 PM   #16
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

لم يعد حينها -خ- الذيعرفت من قبل. في تلك الأيام وفي غمرة الحماس والاستعداد حصل الامتحان. هكذا سماه. بعد المناداة عليه لتسلم وظيفة جيدة براتب شهري مغري وامتيازات كبيرة تناسب شهاداتهالعليا. كان قد ربط الخيوط ووجد الطريق السالك. قال لي :
"إنه اختبار من الله فهوسبحانه يمتحن عباده ليعلم الصادقين من الكاذبين "
ثم تلا قوله تعالى(قل إنكان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشونكسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتيالله بأمره. والله لا يهدي القوم الفاسقين).
لا أريد أن أكون من هؤلاءالقوم الفاسقين ....لم يتأخر لحظة ورحل عند أول فرصة تاركا الدنيا والوظيفة وكل شيءخلف ظهره.
أذكر تلك الليلة الأخيرةكأنها البارحة . كنا أربعة بتنا الليلة في بيت - ز- بدا سعيدا كعريس في ليلة دخلته. تحدثنا الساعات الطوال. لأول مرة دون توقف. تكلم كمن سيموت في اليوم الموالي ويخشىالرحيل دون قول ما كان يحتاج قوله. ضحكنا طويلا بعد أن حلق ذقنه وارتدى بدلةإيطالية الصنع بربطة عنق سماوية اللون . تغير شكله تمتما, وأجاب على تعليقاتناالساخرة بكلمات مقتضبة:
" الحرب خدعة ...هلتريدونني أن أسافر بلباس عسكري؟؟!!"
قبل أن يغادر بكى ونحنننشد بصوت جماعي خافت:
وداعا أيها البطل لفقدكتدمع المقل
بقاع الارض قد نذبت فراقكواشتكى الطلل
لإن ناءت بنا الأجسادفالأرواح تتصل
ففي الدنيا تلاقينا وفيالأخرى لنا الأمل
فنسأل ربنا المولىوبالأسحار نبتهل
بأن نلقاك في فرح بدار مابها ملل
بها أبطال أمتنا بهاشهداؤنا الأول
بها الأحباب قاطبة كذاالأصحاب والرسل
فيا من قد سبقت إلى جنانالخلد ترتحل
هنيئا ما ظفرت به هنيئاأيها البطل
أي وجه أواجه به أميالحاجة؟؟؟ لا أدري... وكيف أتصرف في الوصية؟؟ بالأمس القريب وقبل يومين من تسلميللرسالة. كنت لا أزال أمارس تمويهي وكذبي على المسكينة. زرتها كالعادة للسؤال عنرفيق الطفولة المسافر إلى ألمانيا. وهل من رسائل جديدة؟ وكيف هي أحواله البردهنالك؟؟ في داخلي كنت أشعر بالألم والخجل وهي تحدثني عن رسائله وشوقه وأحوال الطقسالتي لم يتعود على قساوتها. لم تكن تنسى إبلاغي سلامه الحار وشوقه لمعرفة أخباري. أهز رأسي أمامها ببلاهة مصطنعا السعادة والإصغاء لحديثها . كنت أنا كاتب الرسائل ( التمويهية) هكذا ارتأى رحمه الله قبل أن يرحل . لم يترك لي أي فرصة لمجردالإستفسار.
وإلا لكنت امتنعت عن هذهالمهمة المعقدة والمشبوهة. ربما تعمد مفاجأتي بذلك في آخر لحظات الوداع , أو ربمالضيق الوقت حين سلمني الورقة الصغيرة وهو في طريقه إلى المطار: " هذا إيميل الأسرة, تصرف أكتب لهم بين الفينة والأخرى رسالة حدثهم فيها عن أي شيء. عن ألمانيا وظروفالدورة التدريبية وضيق الوقت وكثرة الإنشغالات....و..و...و
أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-11-2009, 06:18 PM   #17
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

آخر مرة زرتها . كانت بعداستشهاده. ما إن رأتني حتى بكت . انخلع قلبي من مكانه . من أخبرها ؟؟؟ كدت أخرمغشيا علي أن تنشق الأرض وتبتلعني أهون علي من أن تكتشف أمي الحاجة ومعها بقيةالأسرة كذبي وتواطئي. كانوا يعدونني واحدا منهم . كلما طرقت الباب رمت لي مفتاحالبيت من الشرفة كما تفعل مع أبنائها وأمرتني بالصعود. قالت ليمرارا:
"لا تدري يابني معزتكعندي والله لو كانت لدي بنت بلا زواج لزوجتك إياها..."
وقفت أمامها مشدوها ... سحبتني من بوابة المنزل لفنائه كأنها تريد البوح لي بسر ما. حدثتني بعد أن أغلقتالباب ودموعها مسكوبة لا تنقطع.
"قلبي يحدثني بشيء ما ياولدي . رأيت البارحة خيرا وسلاما فيما يرى النائم. مجموعة من الجنود اليهود, فيأعناقهم الصليب!!! لم أشأ أن أصحح معلوماتها وخلطها. كان الأمر أكبر من ذلك. طرقوابابي وسلموني جثة إبني. كان مصابا في صدره ووجهه ودون نظارات. دمه أحمر غزير كشلال. وعلى وجهه هالة من نور قوي. قالوا لي هذا ابنك. فصرخت فيهم, قتلتموه يا مجرمين ياقتلة...قتلتموه... قتلتموه يا يهود...
قلبي يحدثني بشيء غيرجيد. أنا هكذا دائما ,غالبا ما تتحقق رؤاي ...حتى رسائله (تقصد المسكينة رسائلي ) إنقطعت... والهاتف يستحيل أن يكون إبني بخير ولا يكلمنا في الهاتف...لم يهاتفني منذسافر سوى مرتين, ورسائله لم تكن تشفي غليلي...ثم لماذا لا يكلمني مباشرة وأراهبكاميرا الكمبيوتر كما يفعل معي شقيقه من فرنسا مساء كل ليلة...لا ...لا...لا..
كنت كلما حاولت تهدأتهاتعثرت الكلمات وانعقد لساني. خانتني العبارات . ماذا أقول في مثل هذه المناسبة . أيموقف هذا وضعتني فيه يا -خ -؟؟؟
كنت حينها أغالب شلالاتالدموع المنحبسة في مقلتي . أنقذني من ورطتي وحساسية الموقف رنين هاتفي في جيبي. غادرت البيت متمتما لها بكلمات لم أعد أذكرها ... من يومها وأنا أحاول تفاديها... ضلت تلك الوصية كحمل ثقيل على عاتقي . زادت همومي, كربي, أرقي ووساوسي, فكرت فيعشرات الحيل والطرق لإبلاغ أسرته بالنبأ. فكنت كلما وضعت خطة لذلك وهممت بالتنفيذ, تراجعت. شيء ما لم أستطع تفسيره كان يمنعني. عانيت من ثقل المسؤولية وبقيت علىترددي إلى أن تلقفوني من جديد. مازلت ليومي هذا تحيرني الرؤيا التي حدثتني بها أميالحاجة, والدته رحمه الله. غريب أمرها. رأتها في نفس الليلة التي بلغني فيها خبراستشهاده . ازددت يقينا وإيمانا بالمقولة الشعبية التي رددتها والدتي مرارا علىمسامعي في ما يشبه جلسات اعتراف كانت تقيمها لي كلما أحست أنني أخفي عنهاشيئا:
" يا بني قلبي يحدثني عنكبكذا وكذا (غالبا ما كانت تصيب) افصح يا بني فقلب الأميعلم..."
حتى في سنوات الطيشالأولى والمراهقة حين كنت أعود من بعض سهرات النزوات العابرة التي كان يقيمهاأحيانا رفاق الدراسة. ورغم تأبطي للكتب والإدعاء أنني بت عند فلان أو علان لمراجعةالرياضيات. ورغم كل الإجراءات الاحترازية. كانت تقول:
" اكذب على إنسان آخر, أما أنا فإني أمك عجنتك بيدي هذه ...الله يهديك ...الله يهديك..." ثمتنصرف.
لا شك أن الله استجابدعواتها تلك فلم تطل فترة النزوات الحمقاء... سرعان ما أبصرت دربيوعفتها...
أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-11-2009, 06:19 PM   #18
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

رغم مرور سنوات فلا يزالالألم يعتصرني كلما ذكرته رحمة الله عليه. وذكرت إخفاقي في تنفيذ وصيته كما أرادوألح في ذلك. خبر استشهاده بلغ أسرته بعد سنة من القذف بي وراء الشمس. وصلني بعضامن كلامهم الجارح الذي أسمعوه والدتي حين زارتهم للتعزية. ما كنت أخشاه تماما هو ماوقع. صرت في نظرهم أنا من شجعته على سلك الدرب الذي سار فيه وغررت به ...و...و...و
رغم كل شيء لم ولن ألومأمي الحاجة. إنها أم مكلومة على كل حال .فقدت بؤبؤ عينها كما كانت تصفه. فقدت آخرعنقودها المدلل...
ساءت علاقة الأسرتين. انقطعت بينهما حبال الود, الزيارات, المجاملات.. فتكلم بذلك الشامتون وخاض فيهنمامو الحي ومهووسو الإشاعة. طبعا مع إضافة البهارات اللازمة في مثل هكذامناسبات.
حاولت ولا زلت أحاولالنسيان. نسيان الموضوع فلم أفلح. عقدة ذنب وصية أعز الأحبة إلى قلبي والتي لم أعملعلى الوفاء بها تؤرقني. ألح بقوة وكرر مرارا في رسالته -الوصية- علي بالعمل الجادعلى توضيب ما كتبه في ساحات المعارك وعلى أصوات لعلعة الرصاص وأزيز الطائرات منخواطره ومشاهداته وكرامات أوصى أن تجمع تحت عنوان (آيات الخلاق في جهاد أهل العراق) وتنشر في المنتديات والمواقع . بعد الليلة السوداء, ليلة اختطافي أحرقت والدتيبمساعدة من أختي التي أرشدتها لمخبأ أوراقي وأقراصي المضغوطة المدسوسة تحت تراب (محبق) نبتة من فصيلة الصبار بين عشية وضحاها أصبحت حريصا على العناية بها وكنتحريصا على أن لا تسقى ولا يمسها ماء بدعوى أنني قرأت في كتاب للنباتات عن عدمحاجتها له وإمكانية عيشها بدونه لمدة طويلة من الزمن. وكان حرصي هذا وعنايتي علىغير عادتي بذاك النبات الشوكي المهمل هو سبب في كشف شقيقتي لمخبئي. أحرقوا محتواه, وأحرقوا معها قلبي وآخر أمل في تنفيذ وصية صاحبي الغالي.
يتبع بحول الله
أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 30-11-2009, 03:03 PM   #19
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

نواصل,, الحلقة الثالثة
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 30-11-2009, 03:03 PM   #20
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
Lightbulb الحلقة الثالثة

3
...كلما طوت السيارة المسافة المؤدية إلى (الجحيم) كلما زادت آلام ظهري المقوس بعنف وخفقان قلبي الضعيف ومغص أمعائي...استحضرت بضع آيات كريمة وأحاديث نبوية عن القضاء والقدر علها تهدأ من روعي ما أصابك لم يكن ليخطئك, وما أخطأك لم يكن ليصيبك. باب القضاء والقدر. أعظم أبواب العقيدة التي تجعل القلب مطمئنا على الدوام....

توقفوا للحظة ... نشطت حاستي الخفية... محطة الأداء على الطريق السيار بمدينة بوزنيقة... تخيلت القابض واجم الوجه الجالس خلف الزجاج كروبو صامت يرفع الحاجز الملون بالأبيض والأحمر بضغطة زر بعد الأداء طبعا. ترى كم يكسبون في اليوم ثمنا لاستعمال زفت الحكومة المخوصص هو الآخر ككل شيء في هذه البلاد... زادت سرعتهم... زادت آلامي... تجاوزتهم ناقلة, أو لم تفسح لهم الطريق للتجاوز.

خمنت أنها شاحنة يقودها بدوي عنيد بشارب مكسيكي. فتحوا قواميس السب والشتم والكلام الساقط. طبعا وكعادتهم أم المسكين لم تنج من وعيد بنكاحها. هي لازمتهم دائما " والله لأفعل في أمك يا ابن العاهرة " أمهات الناس إحدى عقدهم التي اكتشفت سببها وأنا في سراديبهم ( ودت الزانية لو زنت نساء العالمين. وود ابن الزنى لو أن الناس كلهم كذلك) كنت كلما استعطفت أحد كلابهم هناك لعل قلبه يحن
"الله يخلي لك اميمتك آلحاج"

كان يغضب وكأنني أنكأ جرحا غائرا فيه فيزيدني جلدا وهو يلعن أمه قائلا " قلت لك يا كلب أنني ابن قحبة لا أم لي وجدوني قدام باب مسجد, لا أريد أن أسمع منك هذا مرة ثانية, مفهوم...!!!

أنزل أحدهم زجاج النافذة تيار هواء قوي ..." تنحى يا ابن العاهرة "
ترى لو لم أكن معهم ما الذي كانوا سيصنعونه بالمسكين؟ّ! يستطيعون فعل كل شيء, الأرض أرضهم, والبشر يعتبرونهم كعبيد في ضيعاتهم خلقوا للخدمة...ربما أشبعوه صفعا ولكما وسحبوا رخصة سياقته.

هذا أقل ما يمكن أن يصنعونه به حتى لا يتجرأ على تجاوز أو مضايقة سيارات الحكومة وهي تؤدي مهامها على الطرقات في تفان... أما إن كان من صنف المواطنين الذين يتشبثون بحقهم ويحاولون التصدي والدفاع عنه أمام الجبروت فالتهمة جاهزة لأمثال هذا الصنف الذي يلقبونهم بساخني الرؤوس

تهمة من لا تهمة له في هذه البلاد عقوبتها مابين ثلاث وست سنوات يسمونها زورا وظلما وجبروتا المس بالمقدسات أي المس بالاحترام الواجب للملك. كثيرون من التقيتهم داخل السجن ساقوهم بهذه التهمة يكفي أن يشير لك مقدم حي أمي. أو جار ناقم حاسد. لتجد نفسك خلف الأسوار تفني زهرة شبابك بهذه التهمة الغبية. حتى المرأة لم يرحموها والتي خانها التعبير حين مثلت أمام القاضي وسألها عن سبب نشوزها من زوجها فأجابت

" أنه مجرد عاطل عن العمل بطال يضل في البيت واضعا رجلا على الأخرى كالملك لا شغل ولا مشغلة " فنالت على كلماتها تلك خمس سنوات فقط. لأنها قللت الإحترام الواجب.

فيما رب العزة وملك الملوك يسب نهارا جهارا بالليل والنهار بلا حسيب ولا رقيب. قال لي ولغيري الكلاب مرارا " لو نزل ربكم الذي تعبدونه إلى هذه الأرض لفعلنا فيه ... " تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
__________________





آخر تعديل بواسطة أوان النصر ، 30-11-2009 الساعة 03:20 PM.
أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .