مساءلات من شفيف الروح ,,!!

كمال أبوسلمى · 12-01-2010, 12:37 AM

مساءلات من شفيف الروح,,!!

شعر / كمال أبوسلمى (على بحر الطويل )

نثـارك مـن وحـي التمـرد هاجني**وحسنك في رؤيا الجمـال سبانـي

ووجدك مُر لـلـتـغرب داميا **وزاد لـحب الـقـلـب مـنك حاني

لثـمت بحـسن الثغر ثغر مورد**يبصبـص روحـي بـل يهـيم كيانـي

على جبل الجودي أرسيـت قاربـي**وقد شدني طـرح الجـوى وغوانـي

سأتلـو قريـن الوجـد فيـك متيمي**بشوق الهوى واللحظ منـك رمانـي

هو الشعر غض من بساطه ميسم**يهدهـدنـي كالغـصـن مـنـه بيـانـي

مهـفـهـف تـجلوه برغبة تيهها**وتشدو خراف القلب : حبك دانـي

وجاءت كلون الزعـفـران بشعرها**على الظهر يكسوها وشاح أمانـي

وعـيـن كـضوء الفجر لاح ضياؤها**بمهمهة والـقلب مـنك يـعـانـي
**
**
فقلـت رويـدا مـا الهوى وجريرتي**وهذا غراب البين فـيـك دعـانـي

فحف هديل الطير إذ بات مؤنسـي**ودمدم رعـد الحسـم فيـك أسانـي

فآه وآه ,,ثم آه هـظـيـمـتـي**قليلك خطـب.. مـا المحـب بجانـي

هـمـا وأنا قلـبي لغيرك عابث**فأنت محـبـي مـصـدري و كيـانـي

فردت ملاكي فـي هوادج عزها**رويدك ياطـفلي فـأنـت حـنـانـي

لـدونك ما وددت لـحظ هنـيهة**وها هو صدري عنـد صدرك حانـي

أنــا لا أداري في الحكـايـا محبة**وفي القلب حب والحبيـب جفانـي

وحيد لقلبي و الوحيد وحيدنـا**ولسـت أرى للـحب غـيـرك ثـانـي
**
**
إذا مـال مـنـهـا للغبيط أخيلتي**وأطلق في السحـر الخيـال عنانـي

تجوس خلال الدار تلك حواسها**على مهلها هـنـت وجــاء أوانــي

رويدك ياحبي فإن مفارقي**للهوك مكثار بــكـــل لـــســـان

ببحر خطم موسقتنـي محابري**فـمـر حـديـث البـحـر مـثـل ثواني

ومثل عبير الورد ريح تـرابهـا**وهـذا حفيـف الصـوت منـك دعانـي

ريّا · 12-01-2010, 11:32 PM

جميل مانثرت

شكرا لروعتك ,,,,,,, وأحب أن أقول لك أني استمتعت كثيرا بمروري على صفحتك الرائعة

كن بخير

ريا

المشرقي الإسلامي · 15-01-2010, 03:08 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

أهلاً بك أخي العزيز الحبيب الأستاذ الغالي كمال أبو سلمى ، وكل التحايا لقلمك الذي يصر على جمع الأصالة والمعاصرة بين أحضانه ،ومن هنا دعني أشكرك على هذا العمل موضحًا ما فيه من جوانب إبداعية تستحق الوقوف والتأمل :
*إذا كان الشاعر وليد عصره ،والإيقاع أحد هذه الجوانب ،فإن إيقاع بحر الطويل كان له دور كبير في إزاحة القارئ عن رجرجة إيقاع هذه الحياة وصخبها العنيف ،لتصبح القصيدة ذات أريحية لا تكاد مدنية هذا العصر تقترب منها وتؤثر فيها ،وهذا أعطى القصيدة قدرًا كبيرًا من المتعة وهي لذلك قصيدة لا تُقرأ إلا في وقت صفاء .وإن كان من الممكن للآخر أن يعترض على ذلك متعللاً بما يجب على الشاعر أن يكون عليه في تناول الحالة الشعورية وفق مقاييس العصر .
لكن بنظرة أخرى تضع مستقبل أوزان الشعر نصب العينين أقول إن الكتابة على هذا البحر لا تفرض على القارئ أن يهرب من زمنه وإنما تفرض على النفس أن تسمح لمساحة من الهدوء والطمأنينة بالولوج إلى بواباتها الحصينة الكئيبة .
فالشعر هو ما أشعرك ، وبعض العودة للماضي تمثل أداة استحثاث للواقع الحاضر رغم رومانسية الغرض .ومن هنا كان إيقاع الطويل هو دعوة للاسترخاء .كما أن الكتابة على نهج الأقدمين -ما لم تكن سمة دائمة- تعد حفاظًا على الماضي ، بل وإن إعادة محمود الماضي تكون مطلوبة كثيرًا حينما يتطوع بعض النقاد لفرض إيقاع بعينه أو حالة بعينها على القارئ .
*رويّ النون المكسورة أضاف إلى النص حالة من التلذذ الموسيقي العذب والذي يتماشى بشكل كبير مع رومانسية الحالة وأريحية الوضع ،كذلك كان وجود مد الألف مؤكدًا لهذه النزعة ومشعرًا بامتدادها النفسي عبر أبيات القصيدة .

نثـارك مـن وحـي التمـرد هاجني**وحسنك في رؤيا الجمـال سبانـي
اتسم هذ االبيت بما يسميه النقاد القدماء بحسن المطلع كما أن وجود تعبيرات الحسن والرؤيا والجمال جعل القارئ إزاء تصور ذهني لحالةجمال مميعة كالصورة الحُلمية وما يدور في إطارها من معانٍ.وإن كانت مصطلحات كالنثار وغيرها بحاجة إلى إعادة النظر في مدى معايشتها للعصر ،إذ كما لا يفرض الناقد على القارئ حالة نفسية ولا إيقاعية معينة فإنه لا يكون من الجميل فرض الأديب مصطلحات بعينها على المستمع .لكنه عممومًا دليل على تمكن الثقافة العربية الأصيلة من ذات حضرتك الطيبة.
ووجدك مُر لـلـتـغرب داميا **وزاد لـحب الـقـلـب مـنك حاني
لا أعرف هل هناك كسر عروضي في آخر الشطر ؟أ
لثـمت بحـسن الثغر ثغر مورد**يبصبـص روحـي بـل يهـيم كيانـي
لفظة يبصبص روحي مرتبطة بشدة مع العنوان الذي هو مساءلات من شفيف الروح وجمال هذا التعبير في تشبيه الروح بالإنسان الذي يختلس النظر.
على جبل الجودي أرسيـت قاربـي**وقد شدني طـرح الجـوى وغوانـي

سأتلـو قريـن الوجـد فيـك متيمي**بشوق الهوى واللحظ منـك رمانـي

هو الشعر غض من بساطه ميسم**يهدهـدنـي كالغـصـن مـنـه بيـانـي

مهـفـهـف تـجلوه برغبة تيهها**وتشدو خراف القلب : حبك دانـي
ماذا تعني كلمة خراف ؟هل هي جمع خريف أم لها معنى آخر ؟في كلتا الحالتين ستكون اللفظة معجمية غير مستسساغة لأن اللغة كائن اجتماعي يكتسب مقبوليته من مدى تواجده في حياة الأفراد والمجتمعات .واللفظة المعجمية إذا ظلت بعيدة عن الاستخدام والعرف صارت مهجورة يُعاب على المبدع استخدامها كما قال أحد الأعراب عن متاعه "تركتها على الهجنّع" أي الجمل .فاللفظة لم يعد لها استخدام في هذا العصر مما يوجب التحول عنها إلى ما يلائمه.
وجاءت كلون الزعـفـران بشعرها**على الظهر يكسوها وشاح أمانـي
تعبير وشاح أماني كان جميلاً إذ شبهت الأماني من شدة التفافها بالمحبوبة كانت كأنها وشاح وهذا يدل على أنها في حالة تهيؤ إنساني وعاطفي لهذا المُحِب والمحبوب في ذات الوقت.
وعـيـن كـضوء الفجر لاح ضياؤها**بمهمهة والـقلب مـنك يـعـانـي
**
**
لو لاحظت سيدي الفاضل هذه الأبيات الماضية لوجدتها من الممكن أن تُختزل في أبيات قليلة ولكن أرى أنك أطلت للاستئناس كما فسر المفسرون قوله تعالى على لسان نبي الله موسى عليه السلام :"قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى" فكان مقام الحب سببًا في زيادة الحديث إليه بعكس ما كان الوضع لو سأله واحد عن العصا التي يمسكها فكان الاقتضاب هو أسلوب الجواب لا سيما في مثل هذا الواقع النفسي .وهنا أنت أطلت للاستئناس ولأنك انسللت من ربقة الزمن ولكن ذلك الاستئناس أدى إلى استطراد يجعل من الممكن حذف كثير مما كُتِبَ دون أن يتغير المعنى .
فقلـت رويـدا مـا الهوى وجريرتي**وهذا غراب البين فـيـك دعـانـي
من ها هنا نقف عند العنوان وارتباطه بالنص وهو المساءلات من شفيف الروح وهذا يجعل الحدث الماثل لدينا هو نقطة الارتكاز للقصيدة .
فحف هديل الطير إذ بات مؤنسـي**ودمدم رعـد الحسـم فيـك أسانـي
جميل في هذا البيت وغيره من الأبيات أن الشاعر لا يعزل الطبيعة عن الحدث الذي هو إزاءه وهذا يجعل له رؤية رمزية نسبية في الطير والذي يلتصق بأحاسيسه المحلقة في السماء ومن هنا كان للطير وجود جيد في العمل فكلاهما أي الشاعر والطائريحلق في السماء وكلاهما أقرب إلى الروح منه إلى الجسد لكني أرى لفظة الحسم والدمدمة خارجة عن الإطار النفسي لهذه القصيدة .

فآه وآه ,,ثم آه هـظـيـمـتـي**قليلك خطـب.. مـا المحـب بجانـي

هـمـا وأنا قلـبي لغيرك عابث**فأنت محـبـي مـصـدري و كيـانـي

فردت ملاكي فـي هوادج عزها**رويدك ياطـفلي فـأنـت حـنـانـي
لفظة هوادج بها نفس المأخذ وهو أن الشاعر إذا كان يحيا في غير حالات الناس وعادات نفوسهم فليس له أن يحلق بهم مع هذا الطير لعصر غير عصرهم .لكن الاستعارة كانت هائلة إذ يشبه العز بالهودج الذي يعلوالسنام وهذا التعبير يضفي على المحبوبة خصوصية كبيرة ويجعل للمُحبَ قيمة أكبر إذ هو وحيد من دخل عليها هذا الهودج وصار صنوًا لها فيه أي في الفرحة.

لـدونك ما وددت لـحظ هنـيهة**وها هو صدري عنـد صدرك حانـي

أنــا لا أداري في الحكـايـا محبة**وفي القلب حب والحبيـب جفانـي
لفظة الحبيب هل هي عن حبيب سابق سواه أم هي لفظة تقصد بها التدلل والتغزل به لتحمله على معاودة الكلام إليها؟
وحيد لقلبي و الوحيد وحيدنـا**ولسـت أرى للـحب غـيـرك ثـانـي
لا أفهم دلالة الوحيد وتكرارها ثلاث مرات في هذا الشطر هل هو تعبير عن مدى أم أن كلمة الوحيد الثانية هي الحب الوحيد بينما كلمة الوحيد ثالثًا هي توحدهما في هذا الحب ؟!! لكني أراها غير مستساغة وليس في السياق الذي هو أقرب إلى المباشرة ما يجعل لمثل هذا التركيب دلالة واضحة.
**
**
إذا مـال مـنـهـا للغبيط أخيلتي**وأطلق في السحـر الخيـال عنانـي
هنا ينفصل الشاعر وينفصل ضمير المخاطب عن ضمير المتحدث ويظهر وكأنه يعلق للمستمع على الحوار الذي دار بينهما ،وقد كان مفهومًا ببساطة .لكن المشكلة في تعبير الغبيط .عمومًا ليس من الحكمة أن أعلق على كل لفظة قديمة لطالما أسلفتُ فيما سبق بأنها من ضمن السلبيات المنتظر تلاشيها في الأعمال القادمة بإذن الله .
تجوس خلال الدار تلك حواسها**على مهلها هـنـت وجــاء أوانــي

رويدك ياحبي فإن مفارقي**للهوك مكثار بــكـــل لـــســـان

ببحر خطم موسقتنـي محابري**فـمـر حـديـث البـحـر مـثـل ثواني
جميل في هذا البيت التورية ،فالبحر ربما هو بحر الشعر وربما بحرالهوى وقد يكون بحرًا حقيقيًا كانا حياله ولكن الشاعر أراد تأخير ذكره في القصيدة لإحداث مفاجأة في تكامل الصورة الطبيعية من خلال الطائر والعاشقَين.
والوضع ذاته ينطبق على جملة موسقتني محابري إذ أن الاشتقاق جعل للعمل تكاملاً من الأصالة في بعض الجوانب الإيجابية وكون المحابر نفسها هي التي تُطرب الشاعر فهذا دليل على تمكن المحبوبة من إحداث الأثر النفسي الهائل لدى الجمادات .والمنطقي أن تأثير المحبوبة في الشاعر ينتقل إليه بسرعة لكن هذا الإبطاء أتى -ربما- ليعبر عن أن الشاعر شُغِل بحبه عن الطرب بها حتى نبهته إليه محابره.

يتبع بإذن الله ..

المشرقي الإسلامي · 15-01-2010, 10:42 PM

ومثل عبير الورد ريح تـرابهـا**وهـذا حفيـف الصـوت منـك دعانـي
ربما كانت النهاية مختلفة عما ينتظر أن تكون عليه القصيدة ، لكن أرى أن القصيدة اتسمت بالمزاوجة بين الأصالة الطاغية والمعاصرة الخافتة لكن أعاد التوازن بينهما العنوان والذي هو أقرب إلى عناوين النثر والخاطرة منه إلى معتاد الشعر العمودي.
هذا العنوان كان جيدًا للغاية لأنه عبر عن حالة وجدانية مقرها إلى الروح والتي تتسم بالشفافية كأنها قطعة بلور يُرى ما فيها .العنوان تطابق مع الحالة وكان النص محلقًا في عالم وجداني ينأى عن الجسد وأثقاله .
المآخذ الموجودة في القصيدة أرى أن سببها ليس الضعف ولكن طغيان فكرة البوح ،ولكن كلي ثقة أن قصيدة ننتظرها أروع وأقوى تتأتى من خلال دمج قدرات حضرتك المعرفية والثقافة العربية بالأساليب الحديثة والتي كان العنوان دليلاً على وعيك بها .
القصيدة جميلة ولكن هناك الأجمل منها بكثير في جعبتك سيدي الفاضل وأنا أنتظره .
عذرًا للتأخر في الرد ولم أنس التعليق على قصتك ولكن لأستقطع لها وقتًا كافيًا .
لك من الشوق مثل ما لشفافية روحك ومن الشكر مثل ما أفاءت به عليك المحبوبة ومن البهجة
مثل ما دمعت به عيناك عند قراءة تعقيبي على الوطن تفاحة الذكرى .
أتركك في رعاية الله وحفظه والسلا م عليكم ورحمة الله وبركاته.

كمال أبوسلمى · 05-04-2010, 01:32 PM

الشكر لأخي وصديقي القدير الشاعر الناقد أحمد محمد راشد تكرمه بهذه القراءة الماتعة في قصيدتي التي تم تعديلها وتحوير بعض الأبيات فيها ,وتقويم الوزن فيها ,مع الحفاظ على النسق العام لها ,وفكرتها التي جاءت لأجلها ,وأتمنى من أخي الزاهر أحمد أن يعود إليها ثانية ليشنفنا بما جادت عليه قريحته من خلالها ,,مع ودي وتقديري /