العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نقد مقال بوابات الجحيم التي فتحت فوق سيبيريا عام 1908 لغز الانفجار الكبير (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الغرق فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال أمطار غريبة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى بحث النسبية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: حديث عن المخدرات الرقمية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال الكايميرا اثنين في واحد (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى كتاب علو الله على خلقه (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال فسيولوجية السمو الروحي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى توهم فريجولي .. الواحد يساوي الجميع (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 24-04-2010, 03:56 PM   #11
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

بعد هذا القدر من التشبيهات والتي اعتمدت في بعض الأحيان على مزاوجة المعنويات واستعارتها لبعضها البعض كان هناك ما جعل القصيدة أكثر وهجًا وإشراقًا ونشط من إيقاع الصورة إذا صح اللفظ عندما نجد هذه المقاطع التي وصفت صورًا مادية هي في ارتباط قوي بالإنسان المصري .
تكمن جمالية هذا المقطع في أنه جاء كصورة صافية مرئية ملموسة بعد مجموعة من الصور الطبيعية المتخيّلة الأقرب إلى الحالمية ، وهي في ذلك تعبر عن حالة تشابه استيقاظ من حلم إلى واقع ، فكأن هذه المقطوعة نقلت القارئ إلى عالم الحقيقة التي تتوازى مع عالم الحلم والذي يجمع بينهما هو هذا الحب .إذ أن الإنسان المصري طيلة عمره مشدود للنيل ، وسحره . وهذه الصور المتوالدة اليراع والشراع والسفائن بل والتبختر والشجر كلها مشاهد تحدث حالة من الحركة والانطباع العذب الذي يؤكد أن الإنسان المصري ليس عاشقًا لوطنه عشقًا في الخيال فقط ، بل لهذا الوطن ما يستحق العيش من أجله. هذه الصور أقرب ما تكون إليه المشهد السينيمائي أو صور الأفلام الوثائقية عن حضارة النيل. تلك الصورة التي تختزل مصر وتاريخها مرتجية تصديرها إلى الحاضر جاءت في مكانها المناسب ، لتخاطب مستويات من التلقي على اختلافها تجتمع على الإعجاب بهذه الصورة وتنشرح لهذا الإحساس.إنه سحر الصورة وتأثيره في النفس ويدل على أن الكلمات ترسم الصورة وتوصل الإحساس .(خدمة التوصيل مجانية!)
ولك اليراعُ
لك الشراعُ
لك السفائن أبحرت
وَتَبخْتَرَتْ
ولك الأماكن شُجِّرَتْ
ولك القلوبُ اخضوضرتْ
واغرورقتْ بالدمعِ
حين تهجَّدَتْ؛
واستفْسَرَتْ
عما دهاكَ
تحالفتْ
وعذابها
ضدَّ الزمنْ

وكان التعبير الرائع الذي يتماشى مع التدين الفطري للإنسان وارتباطه بالعبادة على ضفاف النيل مميزًا في عنصر التشخيص ، حيث تصلي وتتهجد ، وهذا التشخيص عبّر عن مدى وفاء الإنسان المصري للنيل حتى كأنه عبادة .لكن هذ الحب أجمل ما يميزه أنه حب يتسم بالصلابة والصمود إذ تتحالف العذابات والقلوب ضد أحداث الزمن الصعبة ، وهذا التجسيد مرة أخرى يزيد من قيمة التعبيرات ووهجها.وقد ذكرتني بقول شوقي رحمه الله :
جعلوا الهوى لك والوفاء عبادة
إن العبادة خشية وتعلق
وفي المقطع قبل الأخير كان حضور واو الجماعة و الضمير (نا) المعبر عن الجماعة عنصرًا فاعلاً في القصيدة إذ عبر عن الاتحاد ، فهو اتحاد مضاعف يتناسب مع تضاعف السحابات التي أمطرت المحن ،وقوة حرف الواو وامتداد حرف الألف أعطى القصيدة -مع الشجن- إباءوقوة تثبت دور الشاعر في تبني أحاسيس بني وطنه والتي يشعر بدوره في إعادة بثها في مثل هذه الظروف.
وكانت الأسطر الثلاثة الأخيرة رائعة للغاية في هذا التعبير الشاعري عن الواقع المأساوي.رغم أن الصور كانت في إطار أقرب إلى البهجة، وهذا قد لا يتماشى مع حالة واقع الحزن والمحَن، إلا أن هذا قد يعبر عن فلسفة الشاعر حتى إن الهم يصبح (شاعريًا) أو يصبح رقيقًا لأنه مر على وجه الوطن. كأنك ذكرتني بما قاله السياب رحمه الله :
الشمس أجمل في بلادي من سواها والظلام
حتى الظلام هناك أجمل ، فهو يحتضن العراق
فالهموم ترقُّ لأنها مرت على وجه الوطن ، وهذا يدل على مدى أرحبية هذا الوطن الجميل.
وأخيرًا كان المقطع الأخير مترتبًا على ما قبله ، فالقسوة النبيلة وهو تعبير رائع للغاية يعبر عن فلسفة الوطن لدى الشاعر هي التي ستتفتق عن المعجزات الخضر تلك المعجزات التي ستنضر يومًا ما ، لأنها (سقيت بماء النيل وماء وجه الوطن المُراق). كان تعبيرًا رائعًا للغاية في مزجه بين المحسوس والملموس ،إذ تكون المعجزات ثمرة تخضرّ يومًا ما ، وتكون هذه المعجزات رغم أنها غير مرئية كأنها أرواح تلوح حول حياة ومشاعر الإنسان المصري في كل وقت وحين.
وهنا لابد من اقتناص تعبير (الخضر) فقد ورد في إحدى قصائدك التي سميتها كثيرة كسيرة وعادية جدًا (مزاليجها الخضر) وتكتسب في كل تعبير دلالة مختلفة عن الأخرى وفقًا للسياق.
كان من الممكن ألا تذكر كلمة الوطن في النهاية لكن من الممكن كذلك أن نفسر ظهورها بأن كلمة الحب يظل الشاعر مخفيها للتشويق حتى يفيض به الكيل ، وتنفجر طاقاته العاطفية لتكون كلمة الوطن هي آخر كلمة يختم بها القصيدة.
لك من الشكر مثل ما لخضرة قصائدك ومن التحية مثل ما لنيل مشاعرك .دمت مبدعًا وفقك الله
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .