العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة > دواوين الشعر

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال فسيولوجية السمو الروحي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى توهم فريجولي .. الواحد يساوي الجميع (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 140 عام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى بحث مطر حسب الطلب (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مثال متلازمة ستوكهولم حينما تعشق الضحية جلادها (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال مستعمرات في الفضاء (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال كيفية رؤية المخلوقات للعالم من حولها؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال حوار مع شيخ العرفاء الأكبر (آخر رد :رضا البطاوى)      

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 24-08-2008, 02:05 AM   #1
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي المظاهر الفولكولورية في مقامات الحريري د خير الله سعيد .







د.خير الله سعيد



إن أدب المقامة يظهر للعيان ظاهرة الكدية, بمختلف صورها، أنها عند الحريري توصف كدية الأدباء، بشكل أكثر خصوصية, رغم أن المقامات تعكس هذه الظاهرة بالمحصلة العامة, وقد أطهر الحريري, بشيء من اللوعة والمرارة والنقد الصريح لها، كموقف لمثقف يشهد حالة العصر، وقد كشفت المقامتان (2 و 49) والمعروفتان بالحلوانية والساسانية ذلك بوضوح.

لم يترك الحريري مظاهر الحياة تمر به مر الكرام بل راح يرصد كل ظاهرة معللا أسبابها ومستخلصا نتائجها، محملا الناس والسلطة مسؤولية ما يحدث من دمار في حياة المجتمع فاضحا بأسلوب نادر ولاذع وساخر كل ذلك, وقد تصدى بهذا الأسلوب الى كل من انحرف عن جادة الحق والصواب ومذكرا الجميع بمسؤولياتهم عبر المواقع التي كانوا فيها.

والى جانب ذلك الرصد العياني والوجداني, فان مظاهر الحياة الأخرى أو وجوهها الأجمل, هي الأخرى راحت تجد لها مستقرا في عقل ووجدان الحريري، فأخذ يبرز مفاتنها، ويظهر بدائن حسنها، معيدا صياغتها بأسلوبه الرفيع, موشيا تلك المحاسن بألوان البديع, جاعلا من الجناس اللغوي، وشاحا يحلي به متون تلك المظاهر، وناسجها بأسلوب فريد اسمه "المقامة " هذا اللغز الخالد، والذي اكتمل بنيانه على يد الحريري، أصبح من أهم الوثائق الأدبية والسياسية والاجتماعية, ناهيك عن بعده التاريخي.

في المقامات تتجلى الروح المعرفية عند هذا النابه البصري, فيسقطها على موضوعاته التي عالجها, دون أن يخل بقاعدة البناء اللغوي للمقامات, فقد تميز منهجه على الصعيدين المعرفي واللغوي بما يلي :

1- كل مقامة تحمل اسما ذا دلالة معنوية أو مكانية يستدل به على الشيء الموصوف.

2- شكلت ظاهرة الكدية /عمودا فقريا لهذه المقامات.

3- لم تخل أية مقامة من نقد اجتماعي _أخلاقي لواقع العصر الذي عاشه الحريري.

4- يسقط الوعي التاريخي في المقامة, كجرس منبه, ضمن شرطي الزمان والمكان.

5- تفجر الحدث باللغة الوصفية, في سياق السرد القصصي وبأسلوب الحريري وحده.

6- يؤلف الشعر الرديف الأمتن للنثر في بناء المقامات, وهو ثابت في جميعها.

7- تعكس أجواء المقامات مظاهر واسقاطات فولكلورية, للموروث المتناقل شفهيا، شعرا ونثرا، وتصاحب طقوس المقامة أجواء الحكاية وأحاديث السامر.

8- تبرز عناصر التشويق من خلال تراكمات الحدث وتجليا ته وبأسلوب شبه مسرحي، يظهر البطل _أبوزيد السروجي _ في نهاية كل مقامة, ليثبت ديمومة بقائه.

9- تقوم اللغة ببناء هيكل المقامة, بشكل متين, ليس للهنات فيها نصيب وتتساوق موجات هذه اللغة في ايقاع قصير ومتواتر اسمه السجع, والمفردات النهائية تتوالد من معانيها، وأفعالها وصرفها, يلعب الجناس والتورية فيها, دور الوشاح المزركش للأسلوب.

10- وضعت مقامات الحريري _ بتقديرنا - اللبنات الأولى الواضحة للقصة القصيرة في الأدب العربي وهو الأمر الهام الذي لم ينتبه اليه أحد .

على أساس تلك الرؤية والمنهج صاغ الحريري مقاماته, واكتمل فنها على يديه, حتى أنه قدم بغداد سنة 504هـ ليلقى تلك المقامات على أهلها من العلماء والأدباء والنقاد _كما يقول ابن الخشاب.(1).

وبالنظر لأهمية الموروث الشعبي في أذهان الناس, وتأثير المعتقدات الروحية في أذهانهم فان الحريري وظف هذا الجانب في مقاماته بأسلوب ناجح وفعال, ويندر أن تخلو مقامة من ذلك وقد كانت إسقاطات الحريري بهذا الجانب واعية, أي أن هذا التوظيف كان مدروسا بحيث إنه يخدم الهدف ويقوي الوسيلة ولا يخل بالبناء اللغوي للنص الأدبي في المقامة, وانسياقا مع هذا المنهج, سوف نتعرض للمظاهر الفولكلورية في تلك المقامات مؤكدين على أن اسم المقامة وموضوعها يولده الحريري من البيئة التي يحكي عنها.

ففي المقامة الأولى والمسماة _ "الصنعانية " فان الحريري ينطلق من البيئة اليمنية بخصوصية "صنعاء" ليصبح الأمر - فيما بعد - معمما على البلدان العربية والاسلامية, فهو يذكر (طقوس الموت) ويصور مجالس الفاتحة, ومظاهر الحزن والنحيب يقول (ص 9) : "حتى أدتني خاتمة المطاف, وهدتني فاتحة الألطاف الى ناد رحيب, محتو على زحام ونحيب, فولجت غابة الجمع, لأسبر مجلبة الدمع, فرأيت في بهرة الحلقة شخصا شخت الخلقة " وشخت : نحيف. هذا التصوير الأولي, يكشف عن حالة الناس عند فقد عزيز لهم, وهي من الطقوس الفولكلورية القديمة, والتي لا تزال مظاهرها موجودة عند الناس, وثمة التفاتة هامة, لم تفت الحريري، هي ان مجالس الفاتحة عند العرب والمسلمين تتحول بعد اليوم الأول على الأغلب الى منتديات للتذاكر والتذكار, والعتب والعتاب بغية دوام المواصلة من جهة, ومن جهة ثانية, تخفيف وقع الحادث على ذوي المتوفى, خلال أيام العزاء الثلاثة, ومن هذا "النادي _ مجلس الفاتحة " ينتبه الحريري الى - المأكولات والحلويات والملابس وغيرها، مذ كرا _ على لسان أبي زيد السروجي بنهاية المطاف للحياة, وبالعضة في دفن الميت (ص 0 1 - 11) ثم ينتقل الحريري الى الوجه الثاني, المناقض للوجه الأ ول في مسلكية _ الشيخ الواعظ _ السروجي دون أن ينسى المظاهر الفولكورية يقول ( ص 12) : قال الحارث بن همام : فأتبعته مواريا عنه عياني، وقفوت أثره من حيث لا يراني، حتى انتهى الى مغارة, فانساب فيها على غرارة, فأمهلته ريثما خلع نعليه, وغسل رجليه, ثم هجمت عليه, فوجدته مثافنا لتلميذ على خبز سميذ, وجدي حنيذ، وقبالتهما خابية نبيذ). وبهذا النص تتوضح أنواع من العادات, كخلع النعل وغسل الأرجل, وأنواع من الخبز واللحم المشوي على الحجارة.

وفي المقامة الثانية, والمسماة بالحلوانية,يذكر الحريري مظاهر التبالات الاجتماعية على الشخص _ وما يرافقها في الأزياء والملابس, يقول /ص 13- 14 /"حكى الحارث بن همام قال : كلفت مذ ميطت عني التمائم ونيطت بي العمائم, بأن أغشي معاني الأدب) فالنقلة هنا _ في السياق الاجتماعي من الطفل ذي التمائم الى الشاب وهو يلبس العمامة _ كعرف سائد، يتوجب التزيي به في هذه السن.

أما في المقامة الثالثة : والمعروفة بـ"الدينارية " فان الحريري يعكس حالة التندر الاجتماعي، والتي يسود التعامل بها، في بعض أوساط المجتمع العربي بعامة, والعراقيين, بخاصة, هي(التعليق على الأعرج) والتي يدعيها بعض الناس للتكسب والكدية على اعتبار، ان من يغزل بمشيته هو من أصحاب العاهات, ولذلك يساعد على الزمان من هذه الزمانة يقول الحريري, على لسان الحارث بن همام _ الراوي _ بعد أن عرف تحايل أبوزيد السروجي( ص 24- 25) : "قد عرفت بوشيك, فاستقم في مشيك, فقال : ان كنت ابن همام فحييت باكرام, وحييت بين كرام فقلت أنا الحارث, فكيف حالك والحوادث, فقال : اتقلب في الحالين بؤس ورخاء, وأتقلب مع الريحين زعزع ورخاء, فقلت : كيف ادعيت القزل وما مثلك من هزل, فاستسر بشره, وأنشد (ص 45):

تعارجت لا رغبة في العرج

ولكن لأقرع باب الفرج

وألقي حبلى على غاربي

وأسلك مسلك من قد مرج

فان لامني القوم قلت أعذروا

فليس على أعرج من حرج

وتحكي المقامة الرابعة عن أهل دمياط, واسمها «الدمياطية » وتدور أغلب موضوعاتها على الأمثال الفصيحة والشعبية مثل "أرعى الجار لوجار"(ص 27)، كما أنه يذكر فيها "الحمامات " (ص 30)، ويتوقف عند رؤيا الهلال في أول الشهر لاسيما هلال العيد كعادة عند المسلمين لمعرفة التقويم الهجري (قال : فلبثنا نرقبه رقبة أهلة الأعياد).

أما عند المقامة الخامسة, والمعروفة بـ - "الكوفية » فانه يتوقف بالقاريء عند سامر أهلها، وكيفية انعقاده ووقته : في أيام الصيف وعلى ضوء القمر : يقول (ص 32) سمرت بالكوفة في ليلة أديمها ذو لونين, وقمرها كتعويذ من لجين, مع رفقة غذوا بلبان البيان, وسحبوا على سحبان ذيل النسيان). ثم يصف حالة قدوم الضيف الطارق ليلا: "فلما رق الليل البهيم ولم يبق الا التهويم, "سمعنا من الباب نبذة مستنبح, ثم تلتها مكة مستفتح " ومن هذه المقدمات لبدء الضيافة, يشعرنا الحريري بأن الضيف الطارق جاء بعد أوان العشاء, فيستعير لهذه الحالة المثل الملائم لها وهو "خير العشاء سوافره " (ص 34) وبعد المسامرة والحديث, يعرج أبوزيد ليذكر بالحوادث التي كان العرب يؤرخون فيها يقول (ص36) "أخبرتني أمي برة وهي كاسمها برة, أنها نكحت عام الغارة بموان رجلا من سراة سروج وغسان " وعام الغارة أحدى وقائع العرب في التاريخ.

أما في المقامة السادسة, والمعروفة بالمراغية, فانه يمر مر الكرام بذلك المكان مسلطا الضوء على أمراء البيان والبلاغة : ضاربا الذكر صفحا عن فلكلور أهلها.

السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .