العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الاسلامي > الخيمة الاسلامية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية على المريخ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث العقد النفسية ورعب الحياة الواقعية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خوارزمية القرآن وخوارزمية النبوة يكشفان كذب القرآنيين (آيتان من القرآن وحديث للنبي ص (آخر رد :محمد محمد البقاش)       :: نظرات في مقال السؤال الملغوم .. أشهر المغالطات المنطقيّة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال البشر والحضارة ... كيف وصلنا إلى هنا؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال التسونامي والبراكين والزلازل أسلحة الطبيعة المدمرة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال الساعة ونهاية العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات في مقال معلومات قد لا تعرفها عن الموت (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 23-12-2009, 07:17 AM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي مناسبة حسب التقويم الهجري

أورخان الأول.. والاتجاه نحو أوربا

(في ذكرى مولده: الأول من المحرم 687 هـ)



نشأ أورخان في كنف أبيه السلطان "عثمان الغازي" مؤسس الدولة العثمانية التي إليه تنسب. وحرص أبوه على إعداده لتولي المسئولية ومهام الحكام؛ فعهد إليه بقيادة الجيوش التي كان يرسلها إلى حدود الدولة البيزنطية. وكان أورخان عسكريا من الطراز الأول.

لم يكد أورخان ينجح في فتح مدينة بورصة -مدينة في آسيا الوسطى- حتى استدعاه والده الذي كان في مرض الموت وأوصى له بالحكم من بعده في (21 من رمضان 726 هـ= 21 من أغسطس 1325م) وترك له وصية سجلها المؤرخ العثماني عاشق الحلبي جاء فيها:

"يا بني، أحط من أطاعك بالإعزاز، وأنعم على الجنود، لا يغرنّك الشيطان بجهدك وبمالك، وإياك أن تبتعد عن أهل الشريعة. يا بني، لسنا من هؤلاء الذين يقيمون الحروب لشهوة حكم، أو سيطرة أفراد؛ فنحن بالإسلام نحيا وللإسلام نموت، وهذا يا ولدي ما أنت أهل له. يا بني، إنك تعلم أن غايتنا هي إرضاء رب العالمين، وأنه بالجهاد يعم نور ديننا كل الآفاق فتحدث مرضاة الله جل جلاله".

وعلى الرغم من أورخان لم يكن أكبر أبناء عثمان الغازي فإن أخاه الأكبر "علاء الدين" لم يعلن العصيان أو يعارض وصية أبيه، بل قدم الصالح العام للدولة على الصالح الخاص والذاتية الشخصية، وجعل نفسه في خدمة أهداف الدولة العليا. وقد عين أورخان أخاه علاء الدين في الصدارة العظمى (رئاسة الوزراء) فقام بتدبير الأمور الداخلية، على حين تفرغ أورخان للفتوحات العثمانية.

كان أول عمل قام به أورخان هو أن نقل عاصمة دولته إلى مدينة بورصة؛ نظرا لحسن موقعها. وأرسل أورخان قواد جيوشه لفتح ما تبقى من بلاد آسيا الصغرى الخاضعة لنفوذ البيزنطيين؛ ففتحوا أهم مدنها، وفتح السلطان بنفسه مدينة "أزميد" وهى مدينة يونانية قديمة بآسيا الصغرى. ولم يبق من المدن المهمة بتلك المنطقة سوى مدينة "أزنيك" فحاصرها وضيق عليها الحصار حتى دخلها بعد سنتين، وانتهى بذلك نفوذ البيزنطيين في بلاد آسيا الصغرى.

اتبع أورخان في البلاد المفتوحة سياسة اللين والرفق؛ وهو ما جذب إليه قلوب الأهالي، حيث لم يعارضهم في إقامة شعائر دينهم، وسمح لهم بحرية الحركة والتنقل ونحو ذلك.

وقد أدت هذه السياسية السمحة إلى أن الغالبية العظمى من الروم البيزنطيين الذين كانوا يسكنون هذه المناطق دخلوا الإسلام طوعا. وأفتى الفقهاء -الذين كان السلاطين يستشيرونهم في كل ما يتصل بتشريعات الدولة ونظمها- بأن كل من أسلم بأهله من السكان صار من أهل الدولة.

وهذه الفتوى سهلت على العثمانيين فتح إمارة "قرة سي" الواقعة على البحر سنة (736هـ= 1336م) وبهذا سيطر الأتراك العثمانيون على الركن الشمالي الغربي لآسيا الصغرى.

تسامع الأتراك في شرقي آسيا بانتصارات بني عمومتهم فتوافدوا عليهم ألوفا وانضموا إلى جيوشهم فتضاعف أعداد الأتراك العثمانيين مرات كثيرة.

أعمال نظامية حضارية

وبعد أن فتح أورخان إمارة "قرة سي" أمضى 20 سنة دون أن يخوض معارك كبيرة؛ ولذا شغل نفسه في وضع النظم المدنية والعسكرية التي تقوي من شأن الدولة وتعزز من الأمن الداخلي، وعني ببناء المساجد والمدارس ورصد الأوقاف عليها وإقامة المنشآت العامة.

ولعل من أهم الأعمال التي قام بها أورخان في تنظيم الجيوش أنه أنشأ فرق الإنكشارية بناء على اقتراح من أحد قادة الجيش يدعى "قرة خليل". ويقوم بناء فرق الإنكشارية على عزل الأولاد الصغار من أسرى الحرب وتربيتهم تربية إسلامية خالصة تقطعهم عن ماضيهم السابق فلا يعرفون أبا إلا السلطان ولا حرفة إلا الجهاد في سبيل الله.

وقد ارتقت فرق الإنكشارية في النظم وزاد عددها فيما بعد وصارت الدولة العثمانية تعول عليها في حروبها، وكانت من أكبر وأهم عوامل امتداد سلطة الدولة العثمانية وزيادة رقعتها واتساع فتوحاتها.

عبور الشاطئ الأوربي

وفي سنة (756 هـ= 1355م) استنجد الإمبراطور البيزنطي "جان باليولوج" بالسلطان أورخان طالبا الدعم والمساعدة لصد غارات ملك الصرب "إستفان دوشان" الذي أصبح يهدد القسطنطينية نفسها، وكانت مملكة الصرب التي تقع جنوبي شبه جزيرة "غاليبولي" وتعرف بمملكة "ولاشيا" الصربية قد شهدت نهضة قصيرة في أيام ملكها إستفان دوشان.

أجاب أورخان طلب الإمبراطور البيزنطي وأرسلا لدوشان جيشا كبيرا، لكن دوشان عاجلته المنية قبل وصوله بجيوشه إلى القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية فتوقفت حملته، وتخلص البيزنطيون من تهديده، وفي الوقت نفسه عاد الجيش العثماني من حيث أتى دون قتال.

غير أن العثمانيين بعد عبورهم للشاطئ الأوروبي تيقنوا من حالة الضعف التي حلت بالإمبراطورية البيزنطية؛ وبدأ أورخان يجهز الكتائب لاجتياز الحرب واحتلال بعض النقاط على الشاطئ الأوروبي لتكون مركزا لأعمال العثمانيين في أوربا؛ فاجتاز سليمان باشا أكبر أبناء السلطان أورخان مضيق الدرنديل سنة (758هـ= 1357م) وتمكن هو وجنوده من فتح مدينة غاليبولي التي تبعد عن القسطنطينية بحوالي 86.5 ميلا، واحتلوا عدة مدن أخرى منها "أبسالا" وهي تقع في شمال مضيق الدرنديل في الجانب الأوروبي، و"رودزستو" التي تقع على بحر مرمرة من الجانب الغربي؛ ولذا يعد أورخان أول سلطان عثماني يمتد ملكه إلى داخل أوربا، ويعد دخول الأتراك العثمانيين إلى البلقان والقارة الأوروبية من الوقائع التاريخية المهمة؛ حيث غيرت وجه التاريخ الأوربي ومصير الدول الأوربية، وكان ذلك بداية لتقدم تركي سريع في البلقان.

توفي السلطان أورخان سنة (762هـ= 1362م) بعد حكم دام 38 سنة، وقد بلغت مساحة الأراضي العثمانية في هذا التاريخ 95000 كم2، وهي تمثل 6 أضعاف ما كانت عليه عند جلوس السلطان أورخان على كرسي الحكم.

ملاحظة:

تم توليف هذه المادة وغيرها مما سيتبعها من مواقع (إسلام أون لاين و الوراق)
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 23-12-2009, 07:19 AM   #2
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

البهائية.. والخروج من رحم البابية

(في ذكرى مولد مؤسسها: 2 من المحرم 1233هـ)


في قرية "نور" محمد نواحي "مازندران" بإيران ولد "حسين علي بن عباس بزرك"، الملقب بالبهاء مؤسس البهائية. كان أبوه موظفا كبيرا في وزارة المالية، ومن أسرة يشغل أبناؤها المناصب المهمة في المصالح والوزارات الحكومية.

لم يتلق "حسين علي" تعليما نظاميا في مدرسة أو معهد، وإنما عهد به أبوه إلى من يعلمه في المنزل، ولما نال قسطا من التعليم اعتمد على نفسه في المطالعة والقراءة، فقرأ كتب الصوفية والشيعة، وشغف بقراءة كتب فرقة الإسماعيلية، وكتب الفلاسفة القدماء، وتأثر بأفكار بعض الأديان الوضعية كالبرهمية، والبوذية والزرادشتية، واشتهر بالقدرة على المناظرة والجدل.

الالتقاء بـ"الباب"

وفي سنة (1260هـ = 1844م) انضم حسين علي إلى دعوة الميرزا "علي محمد الشيرازي" المعروف بـ"الباب" الذي ادَّعى النبوة والرسالة، والتفّ حوله الأتباع والدعاة من غلاة الباطنية، وكان "حسين علي" من بين هؤلاء الدعاة.

وقد بدأت الدعوة البابية الفاسدة في الانتشار، مستغلة سوء نظام الحكم في فارس، والجهل بأحكام الدين وحقائق الإسلام، كما أنها نشرت دعوتها سرا ولم تواجه الناس بحقيقتها.

ولما شاع أمر "البابية" قبضت الحكومة الإيرانية على الميرزا علي محمد الشيرازي، وأودعته قلعة "ماه كو" في "أذربيجان" وذلك في (ربيع الآخر 1263هـ = مارس 1847م) غير أن هذا لم يمنع أتباعه من زيارته في سجنه والاجتماع به، وبدءوا يجهرون بالدعوة بعدما كانوا يكتمونها عن عامة الناس، واستعدوا لعقد مؤتمر يجتمع فيه أقطاب البابية لبحث إمكانية تخليص الباب من سجنه، وإعلان نسخ الشريعة الإسلامية بظهور "الباب" وإبطال العمل بها.

وفي هذا المؤتمر الذي عقد في صحراء "بدشت" بإيران في (رجب 1264هـ= يونيه 1848م) برز اسم "حسين علي"، حيث استطاع أن يؤثر في الحاضرين بهذه الفكرة الخبيثة، وأن يُلقَّب نفسه باسم "بهاء الله".

اشترك "البهاء حسين" في عملية اغتيال الملك "ناصر الدين" شاه إيران، ولما فشلت المؤامرة فر إلى السفارة الروسية التي حمته ولم تسلمه إلى السلطات الإيرانية إلا بعدما اطمأنت أنه لن يُعدم، وبعد أن اعتقل فترة نفته حكومة الشاة إلى بغداد في (جمادى الآخرة 1269هـ = إبريل 1853م) مع أخيه "الميرزا يحيى"، المعروف بـ"صبح الأزل" الذي تجمعت حوله البابية بعد مقتل الميرزا علي محمد الشيرازي بوصية منه.

وفي بغداد أصبح "البهاء حسين" وكيلا عن أخيه يحيى صبح الأزل ونائبا عنه في تصريف أمور البابية، لكنه بدأ في تنفيذ خطة للاستقلال بالزعامة، والاستئثار بالأمر دون أخيه، فحجبه عن الناس بحجة أن ذاته مقدسة لا تغيب عن الأحباب، وإن كانوا لا يرونها، وبهذه الحيلة وثق صلته بالأتباع الذين ضعف ارتباطهم بيحيى شيئا فشيئا، وفي الوقت نفسه قرَّب إليه نفرا من الأتباع المخلصين، وتخلص من الشخصيات الكبيرة التي يخشى منافستها.

إبعاد ولكن..

وفي أثناء ذلك طلبت الحكومة الإيرانية من دولة الخلافة العثمانية نقل البابيين إلى مكان بعيد عن الحدود الإيرانية لخطورتهم على أهالي إيران، فنُقلوا جميعا إلي إستانبول في (ذي القعدة 1279هـ = إبريل 1863م)، وأقام البهاء حسين في حديقة نجيب باشا خارج المدينة اثنى عشر يوما قبل الرحيل إلى "أدرنة"، وخلال هذه المدة أعلن البهاء دعوته في نطاق ضيق من أتباعه، وفي سرية تامة، حتى لا يعلم أخوه يحيى بذلك، وزعم أنه هو الوريث الحقيقي للباب علي محمد الشيرازي.

ثم نقلوا جميعًا إلى أدرنة بعد أربعة أشهر، ومكثوا هناك نحو أربع سنوات ونصف، قام البهاء خلالها بنشر دعوته بين عامة الناس، فالتف حوله مجموعة من الأتباع سموا بالبهائية، على حين بقيت مجموعة أخرى تتبع أخاه فسميت بالأزلية أو البابية، وأدى هذا بطبيعة الحال إلى وقوع الخلاف بين الأخوين، وأن يكيد كل منهما للآخر، ويحاول التخلص منه، ووصل الحال بينهما إلى أن يقوم البهاء بدس السم لأخيه.

ولما أدركت الدولة العثمانية خطورتهما على الناس قررت نفيهما، فنفت "يحيى صبح الأزل" إلى قبرص، وظل بها حتى توفي، في حين نفت "البهاء حسين" إلى عكا ومعه بعض أتباعه فنزل بها سنة (1285هـ = 1868م)، وهناك لقي حفاوة من اليهود فأغدقوا عليه الأموال، وأحاطوه بالرعاية والأمن، وسهلوه له الحركة، على الرغم من صدور الفرمانات من الباب العالي بمنع تجوله وخروجه إلى الناس أو اتصالهم به، وأصبحت عكا منذ هذا التاريخ مقرا دائمًا للبهائية، ومكانا مقدسا لهم.

شرائع وأفكار باطلة


وفي عكا بذل البهاء جهدا كبيرا في نشر دعوته وكسب الأنصار والأتباع، مطمئنا إلى حمايته، فأعلن حقيقة شخصه، وأبطل ما كان يدعيه "الباب" حتى انسلخ هو وأتباعه من شريعة الباب، ولم يبق من كلامه إلا ما كان فيه إشارة أو إيماءة تبشر بمقدم البهاء، ولم يكتف بادعاء النبوة، بل تجاوزها إلى ادعاء الألوهية، وأنه القيوم الذي سيبقى ويخلد، وأنه روح الله، وهو الذي بعث الأنبياء والرسل، وأوحى بالأديان، وزعم أن الباب لم يكن إلا نبيا مهمته التبشير بظهوره.

وجعل البهاء الصلاة ثلاث مرات: صبحا وظهرا ومساء، في كل مرة ثلاث ركعات، وأبطل الصلاة في جماعة إلا في الصلاة على الميت، وقصر الوضوء على غسل الوجه واليدين وتلاوة دعاءين قصيرين. وحدد شهر الصوم بتسعة عشر يوما من كل عام الذي هو عنده تسعة عشر شهرا. ويكون الصوم في شهر "العلاء" (21:2 مارس) وهذا الشهر هو آخر الشهور البهائية. وجعل الحج إلى مقامه في "عكا" وهو واجب على الرجال دون النساء، وليس له زمن معين أو كيفية محددة لأدائه، كما غيّر في أحكام الزواج والمواريث وبدل في أحكام العقوبات، وفرض نوعا من الضرائب على أتباعه لتنظيم شئونهم تقدر بنسبة (19%) من رأس المال وتدفع مرة واحدة فقط.

وكان من تعاليم "البهاء" إسقاط تشريع الجهاد وتحريم الحرب تحريما تاما، ومصادرة الحريات إلا حرية الاستماع إلى تعاليم البهاء، وإلغاء فكرة الأوطان تحت دعوى فكرة الوطن العام، والدعوة إلى وحدة اللغة التي لم تكن إلا وسيلة خادعة لفصل الأمم عن تراثها، وبخاصة الأمة الإسلامية حتى تنقطع عن كتابها وتاريخها.

وترك البهاء عدة كتب منها "الإيقان" و"مجموعة اللوائح المباركة" و"الأقدس" وهو أخطر كتب البهاء حيث ادعى أنه ناسخ لجميع الكتب السماوية بما فيها القرآن.

وأصيب البهاء في آخر حياته بالجنون، فاضطر ابنه عباس إلى حبسه حتى لا يراه الناس، وتحدث باسمه إلى أن هلك في (2 من ذي القعدة 1309هـ = 1892م) وخلفه ابنه "عباس عبد البهاء" في رئاسة البهائية.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 26-12-2009, 07:41 AM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الطريق إلى سقوط غرناطة

(في ذكرى عقد معاهدة قشتالة: 7 من المحرم 835 هـ)


انفرط عقد الأندلس، ودب الضعف في أوصالها، بعد هزيمة المسلمين في معركة العقاب الشهيرة، التي جرت أحداثها في (15 من صفر 609 هـ= 16 من يوليو 1212م) بين دولة الموحدين والجيوش الإسبانية والأوروبية المتخالفة، وسارت الأمور في طريقها السيئ، فاجتاح الغزو النصراني بلا هوادة إسبانيا المسلمة، وتساقطت قواعد الأندلس وحواضرها التالدة شرقًا وغربًا في يد النصارى، فسقطت "قرطبة" سنة (633 هـ = 1236م) و"بلنسية" سنة (636هـ= 1238هـ) و"إشبيلية" سنة (644 هـ = 1248م). وفي الوقت نفسه اجتاحت غرب الأندلس موجة عاتية من الغزو النصراني، فسقطت "بطليوس" سنة (627هـ = 1230م) "وشلب" سنة (640 هـ= 1242م) وغيرهما.

ولم يكد ينتصف القرن السابع الهجري حتى كانت ولايات الأندلس الشرقية والوسطى كلها قد سقطت في يد إسبانيا النصرانية، ولم يبق من دولة الإسلام في الأندلس سوى بضع ولايات صغيرة في الطرف الجنوبي من الأندلس.

غرناطة والصمود

وشاءت الأقدار أن تقوم في هذه الرقعة الصغيرة مملكة غرناطة، التي نجحت في أن تذود عن دولة الإسلام أكثر من قرنين من الزمان، وأن تواجه ببسالة -على الرغم من صغر المساحة وضعف الإمكانيات- إسبانيا النصرانية بكل ما تملكه من قوة وعتاد، وأن تقيم بين ربوعها حضارة عظيمة، حفلت بأرقى نظم الحياة المادية والأدبية، ولا تزال آثارها الباقية شاهدة على ما بلغته غرناطة من تحضر ورقي.

وكان قيام هذه المملكة في سنة (629هـ = 1232م) على يد "محمد بن يوسف بن نصر أو ابن الأحمر" الذي التف الناس حوله لشجاعته ومجاهدته العدو، ونجح في أن يوطد سلطانه في هذه المنطقة، ويوسع من نطاق دولته الوليدة، حتى نمت سريعًا وأصبحت دولته تضم ثلاث ولايات كبيرة، هي: ولاية غرناطة في الوسط، وفيها العاصمة "غرناطة" وولاية "المرية" في الشرق، وولاية مالقة في الجنوب والغرب، ووصلت حدودها إلى شاطئ البحر المتوسط وجبل طارق.

تتابع الأمراء من أسرة بني النصر على حكم غرناطة، وهي تحاول أن تصمد في وجه إسبانيا النصرانية، وتحافظ على ما بقي من تراث المسلمين في الأندلس، مرة بالجهاد والاستعانة بإخوانهم من أهل المغرب، ومرة بعقد المعاهدة السلمية مع قشتالة.

وظل الأمر على هذا النحو حتى تولى أبو عبد الله محمد الملقب بالأيسر حكم غرناطة، في مطلع القرن التاسع الهجري، وكان أميرًا قاسيا سيئ الخلال، متعاليًا على أهل دولته، واتسم عهده بسوء الأحوال، واشتد سخط الناس، واشتعال الفتن والثورات، ولم تفلح محاولات وزيره يوسف بن سراج من تهدئة الأوضاع في الإمارة المضطربة، وكانت تلك الفتن والقلاقل التي تموج بها غرناطة، تجد عونًا من بلاط قشتالة المسيحية التي كانت قبلة زعماء الثائرين.

وفي خضم تلك الفتن المتلاطمة زحف القشتاليون إلى غرناطة وعاثوا فيها فسادًا في سنة (831هـ=1428م) ولم يفلح "الأيسر" في رد العدوان عن أرضه، مما كان له أثره في انفجار بركان الثورة في غرناطة، ولم تهدأ الأحوال إلا بعد أن نجح الثوار في عزل "الأيسر" الذي نجا بنفسه وأهله وبعض رجاله إلى "تونس" وتمت تولية ابن أخيه الأمير "محمد بن محمد بن يوسف الثالث" الملقب بالزغير.

حاول الأمير الجديد أن يعيد الأمن في البلاد، ويخمد الفتن والدسائس التي كانت سببًا في زعزعة الاستقرار، ولكن محاولاته ضاعت سدى، فقد اتفق الوزير يوسف بن سراج مع "خوان الثاني" ملك قشتالة على العمل لرد السلطان الأيسر السابق إلى العرش، فنجحت المحاولة ورجع السلطان السابق إلى عرشه سنة (833هـ= 1430م).

بدأ السلطان الأيسر عهده الجديد بتنظيم أمور الإمارة، فأعاد يوسف بن سراج إلى الوزارة، وطلب من ملك قشتالة تجديد الهدنة، فاشترط لتجديدها أن يؤدي السلطان الأيسر ما أنفقه البلاط القشتالي في سبيل استعادة عرشه، وأن يؤدي فوق ذلك جزية سنوية؛ اعترافًا منه بدخوله تحت طاعة قشتالة، وأن يفرج عن الأسرى الذين في حوزته.

خيانات البيت الواحد

ولم يكن أمام السلطان الأيسر إزاء هذه الشروط المجحفة إلا الرفض، وتهديد قشتالة بإعلان الحرب، فاستعدت قشتالة للحرب، وأرسلت سفراءها ومعهم هدايا ثمينة إلى أبي فارس الحفصي سلطان "تونس" وعبد الحق المريني سلطان "فاس" يطلبون منهما عدم التدخل في شئون غرناطة، فاستجابت الدولتان.

اشتعلت الفتن مرة أخرى في غرناطة، وحلت القلاقل أرجاء الإمارة التي انقسمت على نفسها، وألقت قشتالة بجيشها على مقربة من غرناطة، تترقب الفرصة للانقضاض على المملكة التي أوشكت على السقوط، ودُبّرت مؤامرة لخلع الأيسر قام بها خصومه، فالتفوا حول واحد من بيت الملك، يدعى "أبو الحجاج يوسف بن المول" فمال إلى ملك قشتالة طالبًا العون على انتزاع العرش لنفسه، في مقابل تعهده بأن يحكم غرناطة باسم ملك قشتالة وتمت طاعته.

وفي (7 من المحرم سنة 835 هـ= 16 من سبتمبر 1431م) وقّعت معاهدة بين "يوسف بن المول" و"خوان الثاني" ملك قشتالة، لتحقيق هذا الهدف، متضمنة بنودا مهينة للطرف المسلم، نصت على إقرار من "يوسف" بأنه من أتباع ملك قشتالة وخُدّامه، وتعهد منه بدفع جزية سنوية قدرها عشرون ألف دينار ذهبي، وإطلاق سراح الأسرى المسيحيين، وأن يقدم يوسف ألفا وخمسمائة فارس إلى ملك قشتالة لمحاربة أعدائه سواء أكانوا من النصارى أو المسلمين.

وفي مقابل هذه التنازلات يتعهد الطرف القشتالي بأن يكون الصلح مستمرًا طوال حكم يوسف ومن يخلفه من أبنائه، وأن يعينه على محاربة أعدائه من المسلمين والنصارى، وطبقا لهذه المعاهدة وتنفيذًا لبنودها تحركت القوات القشتالية لمعاونة يوسف في حربة مع السلطان الأيسر، ونشبت بينهما معكرة شديدة، انتهت بهزيمة الأيسر، ودخول يوسف غرناطة ظافرًا بمؤازرة النصارى القشتاليين، وجلس على عرش السلطنة في (جمادى الأولى 835 هـ = يناير 1432م) وكان أول ما فعله يوسف أن جدّد المعاهدة مع ملك قشتالة باعتباره سلطان غرناطة.

وبهذه المعاهدة قطعت قشتالة خطوة كبيرة في سبيل تحقيق أمنيتها، وإزالة الوجود الإسلامي من إسبانيا، وهذا ما حدث بعد سنوات قليلة.‏
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 26-12-2009, 07:43 AM   #4
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الدولة العثمانية.. ميلاد خلافة

(في ذكرى ميلادها بالقاهرة: 8 من المحرم 923 هـ)


اتجه العثمانيون في الدور الأول من دولتهم إلى الميدان الأوروبي، فنجح السلطان محمد الفاتح في عام (857 هـ = 1453م) في فتح "القسطنطينية" عاصمة الدولة البيزنطية، واتخذها عاصمة لدولته، كما شرع في فتح "روما" مقر البابوية، ونزلت قواته في "أوترانت" في مملكة نابولي عام (884هـ= 1480م) استعدادًا لهذا الفتح، غير أن المنية عاجلته فتوقف هذا المشروع، كما شملت فتوحاتهم وسط أوربا.

وكانت أنباء هذه الفتوحات تُقابَل بارتياح من قبل سلاطين المماليك في القاهرة، وغيرهم من القوى الإسلامية، واتسمت العلاقة بين الدولتين في كثير من فتراتها بالود والصداقة حتى إن السلطان العثماني بايزيد الأول أرسل في سنة (797 هـ= 1394م) هدايا وتحفًا إلى الخليفة العباسي في مصر "المتوكل على الله" طالبًا منه تفويضًا شرعيًا بالسلطنة، فبعث له الخليفة بذلك، وكانت الهدايا ووسائل التهنئة تتردد بين الدولتين كلما حقق أي منهما نصرًا أو فتحًا على أعدائه، وليس أدل على ذلك من احتفال القاهرة في عهد السلطان "إينال" بنجاح محمد الفاتح في الاستيلاء على القسطنطينية.

اتجاه للشرق

غير أن العثمانيين تركوا جهادهم في الميدان الأوروبي، واتجهوا بأبصارهم ناحية المشرق الإسلامي ليضموه إلى دولتهم، مدفوعين بعاملين مهمين: أولهما تنامي الدولة الصفوية في إيران والعراق وتهديدها للعثمانيين، فضلاً عن نشاط الدعاة الشيعيين الذين أرسلهم الشاه إسماعيل الصفوي لنشر المذهب الشيعي في "الأناضول"؛ مما جذب بعض المؤيدين، وأسفر عن بعض القلاقل، فاضطرت الدولة إلى التدخل، وساءت العلاقة بين الدولتين المتجاورتين، واحتكما إلى السيف، فالتقيا في معركة "جالديران" في (2 من رجب 920هـ= من أغسطس 1514م) ونجح السلطان "سليم الأول" في تحقيق النصر، وفتح مدينة بتريز عاصمة الدولة الصفوية.

أما العامل الآخر فهو تنامي الخطر البرتغالي في الخليج العربي بعد أن احتل البرتغاليون عدن وعمان سنة (921هـ= 1516م) بالإضافة إلى تعاون المماليك في عهد السلطان "الغوري" وتحالفهم مع الدولة الصفوية في صراعها مع العثمانيين.

مرج دابق والريدانية


ولما انتشرت الأنباء في القاهرة في أوائل عام (922هـ= 1516م) بأن السلطان سليم الأول يعد العدة لمداهمة الدولة الصفوية أدرك "الغوري" سلطان مصر أن بلاده هي المقصودة بهذه الاستعدادات العسكرية، فاستعد لمحاربة العثمانيين، وحشد قواته لمواجهة هذا الخطر الداهم، وخرج بعساكره إلى "حلب" وبعدما حاول "خاير بك" أن يثنيه عن الخروج إلى الشام، ويقنعه بأن العثمانيين لا يريدون حرب المماليك وإنما يريدون الدولة الصفوية، وكان "خاير بك" قد انضم إلى "سليم الأول" سرًا ضد الغوري، وبدأ يعمل معه على تقويض دولة المماليك.

وعند "مرج دابق" بالقرب من حلب أخذ الغوري ينظم جيشه، ويصدر تعليماته استعدادًا للمعركة المرتقبة، ولم تلبث أن لاحت مقدمة الجيش العثماني، والتقى الجيشان يوم الأحد (25 من رجب 922 هـ = 24 من أغسطس 1516م)، وفي تلك المعركة أبدى المماليك شجاعة نادرة، وقاموا بهجوم خاطف زلزل أقدام العثمانيين، غير أن هذا الثبات لم يدم طويلاً، إذ سرعان ما دب الخلاف بين فرق المماليك المحاربة، وانحاز بعضها إلى الجيش العثماني، كما سرت إشاعة بين المماليك أن الغوري سقط قتيلاً، ففترت عزيمتهم، وخارت قواهم، وحاول الغوري أن يستحث جنوده، وأمراءه على الثبات والصمود، لكن دون جدوى فحلت الهزيمة بالمماليك وساعدت المدافع العثمانية على تفوق الجيش العثماني، فقُتل الغوري في ساحة المعركة، وتفرق جيشه، ورحل من بقى منهم إلى مصر.

ولما وصلت أنباء هذه الهزيمة إلى القاهرة، وتحقق موت السلطان الغوري قام نائبه في مصر الأمير "طومان باي" بالأمر، واستعد لمقاتلة العثمانيين، ورغب في لقائهم بالشام قبل وصولهم إلى مصر، غير أنه لم يتمكن من ذلك، إذ استولى العثمانيون على غزة، وفي أثناء ذلك أرسل السلطان سليم الأول رسالة إلى "طومان باي" يعرض فيها الصلح وحقن الدماء، ويقره على حكم مصر شريطة أن يقر بتبعيته للسلطان العثماني، غير أن مساعي الصلح لم تكلل بالنجاح.

خرج السلطان طومان باي لمقاتلة العثمانيين، ودفع خطرهم، وأقام بالريدانية قرب صحراء العباسية بالقاهرة، إذ لم يجد استجابة من المماليك للخروج أبعد من ذلك، وبدأ في تحصين الريدانية، وحفر خندقًا على طول الخطوط الأمامية، لكن العثمانيين الذين اخترقوا الحدود المصرية وتوغلوا في أراضيها وتحاشوا الاصطدام بالمماليك عند الريدانية بعد علمهم بأنباء تحصينات المماليك، وواصلوا زحفهم صوب القاهرة، فلحق بهم طومان باي، والتحم الفريقان في معركة حامية في (29 من ذي الحجة 922 هـ= 23 يناير 1517م) وكانت الخسائر فادحة من الجانبين، وقُتل "سنان باشا" الصدر الأعظم، لكن العثمانيين حملوا حملة صادقة عصفت بالمماليك وزلزلت الأرض من تحتهم، وألحقت بهم هزيمة مدوية، واضطر طومان باي إلى الفرار وتنظيم قواته لمواجهات جديدة.

وبعد ذلك بثمانية أيام أي في يوم (8 من المحرم 923هـ= 31 يناير 1517م) دخل العثمانيون القاهرة، على الرغم من المقاومة التي أبداها المماليك، الذين قاتلوهم من بيت إلى بيت ومن شارع إلى شارع، وأبدوا ضروبًا من الشجاعة والإقدام. وقد جرت محاولات للصلح بين طومان باي وسليم الأول ولكنها فشلت، ثم لم يلبث أن وقع في أيدي العثمانيين بخيانة بعض من كان معه، ثم أُعدم بأمر من السلطان سليم الأول يوم (الإثنين 21 من ربيع الأول 923 هـ = 23 إبريل 1517م) وانتهت بذلك دولة المماليك والخلافة العباسية في مصر، وأصبحت مصر ولاية عثمانية
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 26-12-2009, 07:46 AM   #5
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الخلافة العباسية.. في القاهرة

(في ذكرى محاولة إحياء الخلافة العباسية بالقاهرة: 9 من المحرم 661هـ)


رُوّع المسلمون بسقوط بغداد حاضرة الخلافة العباسية في (30 من المحرم 656 هـ = 6 من فبراير 1258م) في أيدي المغول الوثنيين بقيادة هولاكو، بعد أن قتلوا الخليفة المستعصم بالله العباسي هو وأهله، واستباحوا المدينة التليدة، فقتلوا السواد الأعظم من أهلها الذين قُدروا بنحو مليون قتيل، وأضرموا النيران في المدينة، وهدموا المساجد والقصور، وخربوا المكتبات وأتلفوا ما بها من كتب إما بإحراقها أو رميها في "دجلة"، وأصبحت المدينة بعد أن كانت درة الدنيا، وزهرة عواصم العالم، أثرًا بعد عين.

وشعر المسلمون بعد مقتل الخليفة المستعصم، وسقوط الخلافة العباسية التي ظلت تحكم معظم أنحاء العالم الإسلامي خمسة قرون بأن العالم على وشك الانتهاء، وأن الساعة آتية قريبا، وذلك لهول المصيبة التي وقعت بهم، وإحساسهم بأنهم أصبحوا بدون خليفة، وهو أمر لم يعتادوه منذ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وصاروا يؤولون كل ظاهرة على أنها تعبير عن سخط الله وغضبه، واتخذوها دليلاً على ما سيحل بالعالم، من سوء لخلوه من خليفة.

ويعد المؤرخ الكبير ابن الأثير سقوط الخلافة كارثة لم يحل مثلها بالعالم من قبل، ويقول: فلو قال قائل منذ خلق الله سبحانه وتعالى آدم وإلى الآن: لم يبتلَّ العالم بمثلها لكان صادقًا، فإن التواريخ لم تتضمن ما يقابلها ولا ما يدانيها.

وتداعت الأحداث سريعًا، وتعذر إحياء الخلافة العباسية مرة أخرى في بغداد التي أصبحت قاعدة للمغول الوثنيين، ثم اجتاحت جحافلهم الشام، فسقطت حلب بعد مقاومة عنيفة، واستسلمت دمشق، فدخلها المغول دون مقاومة، ولم يوقف زحفهم المدمر سوى انتصار المسلمين في معركة عين جالوت في (26 رمضان سنة 658هـ = 3 سبتمبر 1260م).

وتعد هذه المعركة من أهم المعارك في تاريخ العالم الإسلامي، بل في تاريخ العالم، إذ أوقفت زحف المغول، وأنزلت بهم هزيمة مدوية أحالت دون تقدمهم إلى مصر وكانوا على مقربة منها، ومنعت زحفهم إلى ما وراءها من بلاد العالم الإسلامي، وأنقذت معالم الحضارة الإسلامية في تلك البلاد من الدمار وأصبحت شاهدة على ما بلغته من مجد وتفوق.

وكان من نتائج هذا النصر المجيد أن أصبح أمر إعادة الخلافة العباسية ممكنًا، فما إن علم السلطان قطز بطل معركة عين جالوت، حين قدم دمشق بوجود أمير عباسي يدعى "أبا العباس أحمد" حتى استدعاه، وأمر بإرساله إلى مصر، تمهيدًا لإعادته إلى بغداد، وإحياء الخلافة العباسية.

ولما تولى بيبرس الحكم بعد مقتل قطز أرسل في طلب الأمير أبي العباس أحمد، الذي كان قد بايعه قطز في دمشق، لكنه لم يحضر، وسبقه إلى القاهرة أمير آخر من أبناء البيت العباسي اسمه "أبو القاسم أحمد" واستعد السلطان الظاهر بيبرس لاستقباله فخرج للقائه ومعه كبار رجال الدولة والأعيان والعلماء، ولما وقع نظر السلطان على هذا الأمير العباسي ترجل عن فرسه إجلالا له، وعانقه، وركب معه يتبعهما الجيش حتى وصلا إلى القلعة، وهناك بالغ السلطان في إكرامه والتأدب معه، فلم يجلس على مرتبة ولا فوق كرسي بحضرة هذا الأمير العباسي.

وفي يوم الإثنين (13 رجب 659 هـ = 19 من يونيو 1260 م) عقد السلطان مجلسا بالديوان الكبير بالقلعة حضره القضاة والعلماء والأمراء، وشيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام، وكبار رجال الدولة، وفي هذا المجلس شهد العرب الذين قدموا مع الأمير العباسي بصحة نسبه، وأقر هذه الشهادة قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز وحكم بصحة نسبه وبايعه بالخلافة، ثم قام بعد ذلك الظاهر بيبرس وبايعه على العمل بكتاب الله وسنة رسوله، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله، وأخذ الأموال بحقها، وصرفها في مستحقتها، ثم قام الحاضرون بمبايعة الخليفة الذي تلقب باسم الخليفة المستنصر بالله.

ولما تمت البيعة قلد الخليفة المستنصر السلطان بيبرس البلاد الإسلامية وما ينضاف إليها، وما سيفتحه الله على يديه من بلاد الكفار، وكتب السلطان إلى النواب والحكام في سائر الولايات التابعة لمصر بأخذ البيعة للخليفة المستنصر، والدعاء له في خطبة الجمعة على المنابر والدعاء للسلطان من بعده، وأن تنقش السكة باسمهما.

شرع السلطان بيبرس في تجهيز الخليفة، وإمداده بكل ما يحتاجه من جند وسلاح ومال، في سبيل إعادة الخلافة العباسية، وإقامتها في بغداد، وخرج السلطان مع الخليفة إلى دمشق، فبلغها في (ذي القعدة 659 هـ = 1261م)، وكان في عزمه أن يمد الخليفة بعشرة آلاف جندي وفارس حتى يتمكن من استعادة بغداد من أيدي المغول، لكن السلطان بيبرس تراجع عن وعده، وأحجم عن المضي في هذا المشروع بعد أن وسوس له أحد أمرائه وخوّفه من مغبة نجاح الخليفة في استرداد بغداد لينازع بعد ذلك السلطان الحكم، فاكتفى بإمداده بقوات قليلة لم تكن كافية لتحقيق النصر على المغول، فانهزم الخليفة، وقُتل هو ومعظم من كان معه، في المعركة التي وقعت بالقرب من الأنبار في (المحرم 660 هـ = ديسمبر 1261م).

تهيأت الأحداث لإحياء الخلافة العباسية مرة أخرى، فأرسل بيبرس في استدعاء الأمير "أبي العباس أحمد" الذي سبق أن بايعه قطز، وكان قد نجا ونحو خمسين فارسًا من الهزيمة التي لحققت بالخليفة السابق، فوصل إلى القاهرة في (ربيع الآخر 660 هـ = مارس 1262م) واحتفل بيبرس بقدومه، وأنزله البرج الكبير بقلعة الجبل، وعقد له في (8 من المحرم 661 هـ = 21 نوفمبر 1262م) مجلسًا عامًا بالديوان الكبير بالقلعة، حيث قرئ نسبه على الحاضرين، بعدما ثبت ذلك عند قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز، ولقب بالحاكم بأمر الله، وبايعه السلطان على العمل بكتاب الله وسنة رسوله، فلما تمت البيعة أقبل الخليفة على السلطان، وقُلّد أمور البلاد والعباد، ثم قام الحاضرون بمبايعة الخليفة الجديد، وخُطب له على المنابر في مصر والشام وبهذا الإجراء الذي تم في هذا اليوم أُحييت الخلافة العباسية للمرة الثانية بالقاهرة، غير أن الظاهر بيبرس، لم يفكر في إعداد هذا الخليفة الثاني لاسترجاع بغداد وإحياء الخلافة بها، وإنما استبقاه في القاهرة ليكون على مقربة منه وتحت عينه، وجعل سلطته محدودة، لا تتعدى ذكر اسمه في الخطبة في مصر والأمصار التابعة لها، واستمرت الخلافة العباسية بمصر إلى أن فتحها العثمانيون على يد السلطان "سليم الأول".

وجدير بالذكر أن الخلافة العباسية لم تكسب في إحيائها كثيرًا، بعد أن صار الخلفاء العباسيون في مصر يفوضون السلاطين المماليك في إدارة شئون البلاد العامة دون تدخل منهم، واقتصر دورهم على حضور حفلات السلطنة وولاية العهد، وتهنئة السلاطين بالشهور والأعياد.

ومنذ أن أقيمت الخلافة العباسية في القاهرة تمتع السلاطين المماليك بمكانة ممتازة بين ملوك العالم الإسلامي؛ باعتبارهم حماة الخلافة والمتمتعين ببيعتها، كما حظيت القاهرة بشهرة دينية علمية واسعة بعد أن صارت حاضرة الخلافة العباسية الجديدة.‏
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 27-12-2009, 11:14 AM   #6
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي


كربلاء.. مأساة مسطورة (في ذكرى وقوعها: 10 من المحرم 61هـ)
أحمد تمام
كربلاء أدمت قلوب المسلمين كافة استقرت الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان- رضي الله عنه- في سنة 41 هـ، بعد أن تنازل له الحسن بن على بن أبي طالب عن الخلافة، وبايعه هو وأخوه الحسين- رضي الله عنهما- وتبعهما الناس، وذلك حرصًا من الحسن، على حقن الدماء، وتوحيد الكلمة والصف، وقد أثنى الناس كثيرًا على صنع الحسن، وأطلقوا على العام الذي سعى فيه بالصلح "عام الجماعة" وحقق بهذا المسعى الطيب نبوءة جده الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- وقولته:" ابني هذا سيد، ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين".

وكان الحسن والحسين ابنا على بن أبي طالب، يترددان على معاوية، في دمشق فيكرمهما ويحسن وفادتهما، ويعرف لهما قدرهما ومكانتهما، ولما مات الحسن ظل أخوه الحسين- رضي الله عنه- يفد كل عام إلى معاوية؛ فيحسن استقباله ويبالغ في إكرامه، وظل الحسين وفيًا لبيعته، ويرى في الخروج على طاعة معاوية نقضًا لبيعته له، ولم يستجب لرغبة أهل الكوفة في هذا الشأن، بل إن الحسين اشترك في الجيش الذي بعثه معاوية لغزو القسطنطينية بقيادة ابنه "يزيد" في سنة 49هـ.

فاجأ "معاوية بن أبي سفيان" الأمة الإسلامية بترشيح ابنه "يزيد" للخلافة من بعده في وجود عدد من أبناء كبار الصحابة، وبدأ في أخذ البيعة له في حياته، في سائر الأقطار الإسلامية، بالترغيب تارة وبالترهيب تارة أخرى، ولم يعارضه سوى أهل الحجاز، وتركزت المعارضة في الحسين بن علي، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير- رضي الله عنهم-.

توفى معاوية بن أبي سفيان- رضي الله عنه- سنة 60 هـ، وخلفه ابنه يزيد؛ فبعث إلى واليه بالمدينة لأخذ البيعة من الحسين الذي رفض أن يبايع يزيد، كما رفض- من قبل- تعيينه وليًا للعهد في خلافة أبيه معاوية، وغادر المدينة سرًا إلى مكة واعتصم بها، منتظرًا ما تسفر عنه الأحداث.

رأى أهل الشيعة في الكوفة، أن الفرصة قد حانت لأن يتولى الخلافة الحسين بن علي، بعدما علموا بخروجه إلى مكة؛ فاجتمعوا في بيت زعيمهم "سليمان بن صرد"، واتفقوا على أن يكتبوا للحسين يحثونه على القدوم إليهم، ليسلموا له الأمر، ويبايعونه بالخلافة، وتتابعت رسائل أشراف الكوفة إلى الحسين، كلها ترغبه في الحضور، حتى بلغت خمسين رسالة.

وأمام هذه الرسائل المتلاحقة، ووعود أهل الكوفة الخلابة بالنصرة والتأييد، استجاب الحسين لدعوتهم، وعزم قبل أن يرحل إليهم أن يستطلع الأمر، ويتحقق من صدق وعودهم؛ فأرسل ابن عمه "مسلم بن عقيل بن أبي طالب" لهذا الغرض، وما إن وصل إلى الكوفة، حتى استقبله أهلها بحماس بالغ وحفاوة شديدة، ونزل دار "المختار الثقفي" واتخذها مقرًا لاستقبال الشيعة، حتى إذا اجتمع عدد كبير منهم، قرأ عليهم "مسلم" كتاب الحسين، الذي جاء فيه أنه مجيبهم إلى ما يريدون إن لزموا العهد، وصبروا على الجهاد؛ فأخذوا يبكون، وقام كبار الشيعة بإعلان تأييدهم للحسين، وخطب بعضهم مؤثرًا في الحاضرين فقال: "والله لأجيبنكم إذا دعوتم، لأقاتلن معكم عدوكم، ولأضربن بسيفي دونكم حتى ألقى الله، لا أريد بذلك إلا ما عند الله".. ولم يكن أمام "مسلم بن عقيل" وهو يري هذه الحشود الضخمة التي أعلنت بيعتها للحسين إلا أن يكتب للحسين يطمئنه ويطلب منه القدوم، ويقول له: "بايعني من أهل الكوفي ثمانية عشر ألف رجل فأقدم، فإن جميع الناس معك، ولا رأي لهم في آل أبي سفيان".

ولما علم "يزيد بن معاوية" بما يحدث في الكوفة، عزل واليها "النعمان بن بشير" لتساهله مع مسلم وتغاضيه عما يفعله، وولّى مكانه "عبيد الله بن زياد" فحضر على الفور، واتبع مع أهل الكوفة سياسة الشدة والترهيب، واشترى ولاء بعضهم ببذل الأموال، فانفضت الآلاف من حول مسلم وتركوه يلقى مصرعه وحده، بعد أن قبض عليه "ابن زياد" وألقى به من أعلى قصر الإمارة فمات، ثم صلبه؛ فكان أول قتيل صُلبت جثته من بني هاشم.

خرج الحسين من مكة إلى الكوفة في 8 من ذي الحجة 60 هـ، وعندما بلغ "القادسية" علم بمقتل مسلم وتخاذل الكوفيين عن حمايته ونصرته، فقرر العودة إلى مكة، لكن إخوة مسلم أصرّوا على المضي قدمًا للأخذ بثأره، فلم يجد الحسين بدًا من مطاوعتهم، وواصل السير حتى بلغ كربلاء على مقربة من الكوفة في (2من المحرم 561 هـ) ووجد جيشًا كبيرًا في انتظاره يقوده عمر بن سعد بن أبي وقاص، في حين كان مع الحسين نحو تسعين نفسًا، بعدما تفرق عنه الناس، ولم يبق معه إلا أهل بيته وقليلاً ممن تبعوه في الطريق، وعسكرت القوتان غير المتكافئتين في هذا المكان.

حاول الحسين أن يخرج من هذا المأزق بعد أن رأى تخاذل أهل الكوفة وتخليهم عنه كما تخلوا من قبل عن مناصرة مسلم، وبلغ تخاذلهم أنهم أنكروا الكتب التي بعثوا بها إلى الحسين حين ذكرهم بها، فعرض على عمر بن سعد ثلاث حلول: إما أن يرجع إلى المكان الذي أقبل منه، وإما أن يذهب إلى ثغر من ثغور الإسلام للجهاد فيه، وإما أن يأتي يزيد بن معاوية في دمشق فيضع يده في يده.

وكانت هذه الاقتراحات خطوة طيبة نحو الحل السلمي، وترك الثورة، وحقن الدماء؛ فبعث بها "عمر بن سعد" إلى واليه "عبيد الله بن زياد" فرفض هذه الحلول، وأبى إلا أن يسلم الحسين نفسه، باعتباره أسيرًا، ويرسله بهذه الصفة إلى يزيد في دمشق، وسخر من عمر حين أبدى عطفًا تجاه الحسين، وكتب إليه: "إني لم أبعثك إلى الحسين لتكف عنه ولا لتمنّيه السلامة والبقاء، وانظر فإن نزل الحسين وأصحابه على الحكم واستسلموا، فابعث بهم إليّ، وإن أبوا فازحف إليهم حتى تقتلهم وتمثّل بهم، فإنهم لذلك مستحقون".

رفض الحسين بن علي هذا الطلب، وجمع أصحابه مرة بعد مرة وقال لهم: "لقد بررتم وعاونتم، والقوم لا يريدون غيري، ولو قتلوني لم يبتغوا غيري أحدًا، فإذا جنّكم الليل فتفرقوا في سواده وانجوا بأنفسكم"، فما كان منهم وهم لم يكونوا جميعًا من ذوي عمومته وأقربائه إلا أن قالوا له: "معاذ الله، بل نحيا بحياتك ونموت معك".

وقبل أن تبدأ المعركة لجأ جيش ابن زياد إلى منع الماء عن الحسين وصحبه، فلبثوا أيامًا يعانون العطش، يستهدفون من ذلك إكراه الحسين على التسليم، ثم بدأ القتال بين قوتين غير متكافئين في العاشر من المحرم، فكان مع الحسين اثنان وثلاثون فارسًا وأربعون راجلاً، في حين يبلغ جيش أعدائه أكثر من أربعة آلاف، يكثر فيهم الفرسان وراكبو الإبل، ويحملون صنوفًا مختلفة من السلاح، ومع هذا التفاوت فقد أظهر الحسين ومن معه ضروبًا عجيبة من الشجاعة والإقدام، وتساقطوا واحدًا بعد الآخر وهم ملتفون حول الحسين، ويقاتلون بين يديه، وتعدى القتل الرجال المقاتلين إلى الأطفال والصبيان من عترته وآل بيته، ولم يبق إلا هو، يقاتل تلك الجموع المطبقة عليهم، حتى أثخنوه بالجراح؛ فسقط- رضي الله عنه- قتيلاً، ثم قطعوا رأسه الشريفة وأرسلوا بها إلى يزيد بن معاوية، ولم ينج من القتل إلا "علي زين العابدين ابن الحسين"، فحفظ نسل أبيه من بعده.

وكانت نتيجة المعركة واستشهاد الحسين على هذا النحو مأساة مروعة أدمت قلوب المسلمين وهزت مشاعرهم في كل مكان، وحركت عواطفهم نحو آل البيت، وكانت سببًا في قيام ثورات عديدة ضد الأمويين، حتى انتهى الأمر بسقوطها، وقيام الدولة العباسية على أنقاضها.


باحث مصري في التاريخ والتراث.
نشر هذا الموضوع في 4/4/2001 على موقع إسلام أون لاين

__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-12-2009, 11:12 AM   #7
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

علي دينار.. باني السلطنة والآبار

(في ذكرى مقتله: 11 من المحرم 1335 هـ)



حَكَمَ الْفُور -الذين يعودون في أصلهم إلى سليمان صولونج القادم من تونس والمنحدر من أصل عباسي، والذي تزوج من ملكة فور- سلطنة دارفور الإسلامية عدة قرون قبل أن تخضع تلك السلطنة لحكم المهديين في القرن الثالث عشر الهجري(التاسع عشر الميلادي).

ومع سيطرة المهديين على دارفور انتقل حكامها الأقدمون إلى جنوب غرب جبل مُرّة، حيث ولد لهم طفل أعاد لهم حكم دارفور، وكانت له في ذلك قصة.. إنه السلطان "علي دينار" آخر سلطان لدارفور الإسلامية، وباني "آبار علي" بالسعودية...

المولد وبداية الظهور

ولد علي دينار في قرية "شوية" بدارفور، ولا يوجد تاريخ محدد لولادته، لكن يمكن تقدير تاريخ مولده ما بين عام (1272هـ= 1856م) وعام (1287هـ=1870م). أما أبوه فهو "زكريا بن محمد فضل" ولا يوجد شيء عن طفولته أو نشأته أو شبابه، إلا أن أول ظهور له كان في (جمادى الآخرة 1306هـ= فبراير 1889م) عندما ساند عمه السلطان "أبو الخيرات" في تمرد "أبو جميزة"، ثم هرب مع عمه بعد هزيمة التمرد.

كان "الفور" الذين ينتمي إليهم "علي دينار" يقيمون جنوب غرب جبل مُرّة بعد سيطرة المهديين على دارفور، وعندما توفي السلطان "أبو الخيرات" في ظروف غامضة عام (1307 هـ=1890م) كانت المهدية تسيطر على دارفور وكردفان، فطلب أمير هاتين المنطقتين من "علي دينار" المثول بين يديه في مقر رئاسته في "الأُبَيْض"، والخضوع لأمير المهدية في "الفاشر" –عاصمة دارفور- "عبد القادر دليل"، إلا أن "علي دينار" كان قلقا من هذا اللقاء وآثر أن يُبدي الخضوع للمهدية دون أن يلتقي بأمرائها، غير أن هناك أخبارا تؤكد أنه التقى بخليفة المهدي "عبد الله التعايشي" في عام (1309 هـ=1892م) وبايعه.

وهناك ارتباك ملحوظ في سيرته خلال هذه السنوات الست التي تلت تلك المقابلة، ومن الصعب حمل أي شيء فيها على اليقين التام. ويُقال لم يشترك في معركة "كرري" الفاصلة بين المهدية والإنجليز في (صفر 1310 هـ = سبتمبر 1898) والتي انتهت بهزيمة المهدية، حيث خرج من "أم درمان" خلسة مع 300 من أتباعه قاصدا دارفور.

السيطرة على الحكم في دارفور

قصد "علي دينار" الفاشر عاصمة دارفور التي سيطر عليها في ذلك الوقت شخص يُسمى "أبو كودة" معلنا نفسه سلطانا عليها بعد انهيار المهدية، وكتب إلى "أبو كودة" شاكرا صنيعه في تخليص دارفور من المهدية، ثم طلب منه التخلي له عن العرش، فانصاع "أبو كودة" لهذا المطلب بعد تمنع، ودخل "دينار" الفاشر فاتحا لها بدون قتال.

كانت دارفور مطمعا لكثير من المتنافسين على الحكم، فعقب سقوط المهدية ظهر مطالبون بالحكم مثل "إبراهيم علي" –عمه السلطان أبو الخيرات- ونظرا لعلاقاته مع الإنجليز في حكومة السودان، فقد طلب أن يدعموه في مواجهة "علي دينار"، فقام السردار الإنجليزي "كتشنر" بدراسة الموقف في دارفور، والمقارنة بين "علي دينار" و"إبراهيم علي" أيهما يصلح للحكم، ورأى أنه من الحكمة عدم السماح بحدوث صراع في دارفور حفاظا على أمنها واستقرارها، وحتى لا تتورط حكومة السودان الخاضعة للإنجليز في صراع يحمل الخزينة تكاليف كبيرة نظرا لبعد دارفور وصعوبة مواصلاتها وندرة الطرق المعبدة للوصول إليها.

ولذا كتب "كتشنر" إلى "علي دينار" يحذره من القيام بأي عمل يكون من شأنه حدوث ثورة أو اضطراب في دارفور، ويخبره بأن الإنجليز يعلمون أنه لم يقاتلهم في "أم درمان" وأنه ترك الميدان قبل المعركة بيوم، وأنه من أحفاد السلاطين الذين حكموا دارفور. كما كتب إلى "إبراهيم" يحذره من الاشتباك مع "علي دينار".

هذا الحياد النسبي من الإنجليز في الصراع بين الرجلين كان فرصة ذهبية لعلي دينار لتدعيم سلطته في دارفور، وخوض معركة ضد "إبراهيم علي" والانتصار عليه في (14 من رمضان 1316 هـ= 26 من يناير 1899م) في منطقة "أم شنقة" داخل الحدود الشرقية لدارفور، وبعد هذا الانتصار سعى "علي دينار" إلى استمالة الإنجليز والتأكيد لهم أنه مخلص لحكومتهم في السودان وأنه يتمنى أن يعتبره حاكم السودان أحد موظفيه.

دينار والإنجليز
كان مستقبل العلاقة مع "علي دينار" من الأمور التي تشغل الإدارة الإنجليزية في السودان، وتتم مناقشتها على مستويات عليا، وبنى الإنجليز موقفهم على أن "علي دينار" استطاع أن يوطد نفسه سلطانا على دارفور، وستتكلف الحكومة الكثير إذا أرادت تغييره، كذلك فإنه يصر على إعلان الإخلاص والرغبة في طاعة حكومة السودان، وأن من الأفضل لتلك الحكومة أن تدير دارفور من خلال "دينار" وليس من خلال حاكم مصري أو إنجليزي، وتم توصيف "دينار" على أنه "صديق في الوقت الحاضر"، وبذلك أعاد الإنجليز العمل بالسياسة التي اتبعها الحاكم الإنجليزي "غوردون باشا" عندما ذهب إلى السودان سنة (1301 هـ=1884م) والتي كانت ترتكز على تدعيم حكم السلاطين المحليين كوسيلة فعالة لحكم السودان، ولذا اعترف الإنجليز بـ"دينار" كأمر واقع من الضروري التعامل معه.


وقد حدث تطور مهم سنة (1317 هـ=1900م) عندما تم تعيين البارون النمساوي "سلاطين باشا" –صاحب كتاب "السيف والنار في السودان"- مفتشا عاما للسودان، وكان من مسئولياته إقليم دارفور، وقد شددت الإدارة الإنجليزية في القاهرة برئاسة المعتمد البريطاني اللورد "كرومر" على "سلاطين" أن يحرص على إفهام "علي دينار" أن دارفور تقع ضمن منطقة النفوذ البريطاني-المصري، وأن الإدارة هي التي سمحت له بممارسة سلطات داخلية واسعة في دارفور، وكان الهدف من هذه السياسة تأكيد تبعية دارفور لحكومة السودان.

وأثناء رحلة "سلاطين" في السودان أكد لشيوخ القبائل أنه تم الاعتراف بعلي دينار ممثلا للحكومة في دارفور، وأن على الجميع أن يتعامل معه وفق هذا التوصيف، ورغم ذلك فقد تهرب "علي دينار" من مقابلة "سلاطين" أكثر من مرة عام (1318 هـ=1901م).

تدعيم سلطان الداخل

كان وضع دارفور فريدا داخل السودان؛ فهي من الناحية الفعلية لم تكن كباقي أقسام السودان رغم اعتراف بعض المعاهدات الدولية بكون الإقليم قسما من السودان، مثل معاهدة 12 مايو 1894م مع الكونغو، أو تصريح 21 مارس 1899م مع الفرنسيين، وكذلك رغم اعتراف "علي دينار" بكون دارفور قسما من السودان وقيامه بدفع جزية سنوية لحكومة السودان حتى عام 1915م، ورغم التبعية التي أبداها "علي دينار" لحكومة السودان فقد رفض دائما دخول أي موظف حكومي إلى دارفور.

وقد كانت السنوات الأولى لحكم على دينار مستقرة نسبيا وهي السنوات التي امتدت من (1319 هـ =1902م) حتى (1327 هـ=1909م)، ورغم أن علاقته بحكومة السودان لم تكن مستقرة نسبيا وكان عدم الثقة هو الأساس في التعامل، فإن هذه العلاقات كانت غير عدائية، وتتسم بالود الحذر، فكان "دينار" كلما حاول الاستزادة من مظاهر استقلاله الداخلي من خلال تعزيز مركزه داخل السودان أو إقامة علاقات خارجية بصفته الشخصية كسلطان لدارفور وقفت له حكومة السودان الخاضعة للإنجليز بالمرصاد.

مشكلات دينار

-العلاقة مع السنوسية: كانت الحركة السنوسية ذات التوجه الديني والإصلاحي قد اجتاحت صحاري شمال إفريقيا حتى حدود دارفور، وكانت ذات زخم وقبول واسع في تلك المناطق، وتزامن صعود هذه الحركة مع بداية حكم "علي دينار" ولذا رأى ضرورة عدم الدخول معها في مواجهة، مع عدم السماح لها بالامتداد داخل دارفور.

ولتحقيق هذه المعادلة الصعبة، لم يتجاوب "دينار" مع طلب الزعيم "محمد المهدي السنوسي" عندما طلب عام (1317 هـ=1900م) من السلطان "علي دينار" السماح له ولأتباعه بالعبور من الأراضي الدارفورية للذهاب إلى الحج، فتعلل بأن بلاده فقيرة جدا ولا تستطيع استضافة السنوسي ووفده الكبير، كما اعتذر عن عدم إقامة زاوية سنوسية في عاصمته "الفاشر"، ورغم ذلك رأى أن السنوسية ليست منافسة لدولته ويمكنه من خلال توثيق علاقاته بها الحصول على السلاح وبعض البنادق الحديثة.

-العلاقة مع سلطنة "واداي": وتقع هذه السلطنة الإسلامية في منطقة تشاد حاليا، وكانت من الممالك الإسلامية الشهيرة، وقد تعرضت في تلك الفترة لاضطرابات كثيرة أضعفتها وجعلتها مطمعا للاستعمار الفرنسي، حيث استطاع الفرنسيون الانتصار على سلطانها "رابح الزبير" في (22 من ذي الحجة 1317 هـ= 22 من إبريل 1900م) في منطقة "كوسري" على بعد خمسة أميال جنوب بحيرة تشاد، لكن سيطرتهم التامة على "واداي" لم تكتمل إلا عام (1326 هـ=1908م) عندما بسطوا سيطرتهم على المنطقة القريبة من الحدود مع دارفور، وهو ما أقلق "علي دينار" خاصة أن المنطقة الحدودية بين الجانبين كانت مسرحا للمناوشات.

وقد طلب "علي دينار" من حكومة السودان أن تسانده ضد الفرنسيين، وعندما تقاعست حكومة السودان عن مساندته كتب أول احتجاج إلى تلك الحكومة في (1327 هـ= 1909م) بشأن الانتهاكات الفرنسية الحدودية، ووجدت حكومة السودان نفسها في مأزق فتخطيط الحدود بين دارفور وواداي سيكون مستحيلا بدون جلاء الفرنسيين عن المنطقة الحدودية المتنازع عليها، والاعتراف بالادعاءات الفرنسية في تلك المناطق معناه نقض الهدنة مع "علي دينار"، بينما كان هناك اتجاه لعرض القضية على التحكيم، لكن حكومة السودان كانت ملتزمة ببقاء وضع "علي دينار" على ما هو عليه ورفضت رفضا قاطعا أن يقيم أية علاقات خارجية.

-العلاقة مع الجيوب المهدية: عندما سقطت الدولة المهدية في السودان بقي لها عدد من الجيوب في دارفور، وكان أبرز تلك الجيوب "عربي دفع الله" في المناطق الجنوبية من دارفور، و"الفكي سنين حسين" في الغرب، وقد شنت قوات "علي دينار" عدة هجمات على "دفع الله" ودفعته الخسائر التي مني بها إلى أن ينضم إلى "علي دينار" سنة (1320 هـ =1903م) وكان ذلك نهاية الجيب الأول.

أما "الفكي سنين" في منطقة "كباكية" فقد استغرق وقتا وتضحيات من "علي دينار" لتصفيته نظرا لقوته وتأثيره الديني، حيث وجه إليه "دينار" جيشا مكونا من أربعة آلاف مقاتل سنة (1317 هـ=1900م) بقيادة خادمه "كيران" لكن المهدية هزمت ذلك الجيش، فأرسل جيشا آخر في العام التالي من ستة آلاف مقاتل لكن المهدية هزمته، فأرسل جيشا ثالثا سنة (1319 هـ=1902م)من اثني عشر ألف مقاتل بقيادة "محمود ديدنجاوي" وهُزم أيضا.

لم ييئس "علي دينار" من تصفية ذلك الجيب واتبع سياسة الإجهاد الحربي المتواصل لـ"الفكي سنين" حيث قام بغارات متواصلة على منطقة "كباكية" عدة سنوات دون أن يخوض قتالا كبيرا، وفي سنة (1325 هـ= 1907م) وجه جيشا كبيرا وضرب حصارا على "الفكي" لمدة 17 شهرا وانتهى الأمر في (1327 هـ= 1909م) بدخول جيش دارفور "كباكية" وقتل "الفكي".

-العلاقات مع القبائل: شهدت الفترة الأولى من حكم "علي دينار" علاقات متوترة مع القبائل خاصة "المساليت" و"الرزيقات" و"الزيادية" و"المعالية" و"بني هلبة" وامتدت هذه الصراعات إلى نهاية حكمه، وكانت المشكلة الرئيسية هي انعدام الثقة بين الجانبين، فقد كان "علي دينار" يرغب في فرض سطوته عليهم، أما هم فكانوا خائفين منه ومن نمو قوته، وكان لهذه العلاقات المتوترة بينه وبين القبائل انعكاساتها في توتر العلاقة بينه وبين حكومة السودان، وفي استخدام الإنجليز للورقة القبلية ضد "علي دينار" أثناء الحرب ضده واحتلال دارفور بعد ذلك.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-12-2009, 11:14 AM   #8
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الانفتاح على الخارج

كان "علي دينار" حريصا على الانفتاح نحو الخارج وخلق نوع من التواصل بين دارفور والعالم الخارجي رغم حرص حكومة السودان على الوقوف له بالمرصاد في أي خطوة يقوم بها في هذا الاتجاه، فقد رفضت حكومة السودان التجاوب مع رغبة "علي دينار" في نشر كتاب عن حياته بعنوان "العمران" في القاهرة سنة (1330 هـ= 1912م) حيث رفض الحاكم العام للسودان هذا الأمر رفضا قطعيا، ولم يوافق إلا على طباعة ست نسخ فقط من الكتاب للاستخدام الشخصي للسلطان.

وقد تابع الإنجليز محاولات "علي دينار" الانفتاح على بعض الصحف المصرية، وراقبوا اتصالاته بجريدة "العمران" التي كانت تصدر في القاهرة ويُديرها "عبد المسيح الأنطاكي"، والتي كان يدعمها "دينار" بالمال، ورغم ذلك ؛ فقد كانت بعض الصحف المصرية النزيهة تنظر باحترام إلى "علي دينار" مثل صحيفة "اللواء" التي كان يُصدرها الزعيم المصري "مصطفى كامل" وتعتبره بادرة طيبة على طريق التحرر من السيطرة الاستعمارية، ونشرت مقالا مهما عنه في (2 من ربيع الآخر 1318 هـ=29 يوليو 1900م) عنوانه "علي دينار مسالم لا مستسلم"، ثم نشرت مقالا آخر بعد عامين بعنوان "محاولة التدخل الإنجليزي في شئون دارفور وفشلهم في ذلك".

وكان لعلي دينار دوره في العلاقات الإسلامية، فقام بحفر عدد من الآبار على مشارف المدينة المنورة عرفت بـ"آبار علي" نسبة إليه، وأصبحت ميقاتا لبعض الحجيج، كما كان له أوقاف بالحجاز.

أما موقفه من دولة الخلافة العثمانية، فكانت علاقته بها أثناء الحرب العالمية سببا رئيسيا في تحرك الإنجليز ضده للقضاء عليه وتقويض سلطنته؛ فعندما اشتعلت الحرب العالمية الأولى ودخلتها تركيا ضد إنجلترا، تغيرت الأوضاع ؛ فقد كانت مصر تابعة من الناحية الاسمية لدولة الخلافة، في حين أنها خاضعة من الناحية الفعلية لسيطرة الاحتلال الإنجليزي، وكان خديوي مصر "عباس حلمي" مساندا للخلافة ضد الإنجليز، ولذا قام الإنجليز بعزله وتعيين عمه "حسين كامل" سلطانا على مصر، وفي (18 من ربيع الأول 1333 هـ=3 من فبراير 1915م) أرسل وزير الحرب التركي "أنور باشا" خطابا إلى "علي دينار" يطلب منه مساندة تركيا في حربها ضد الحلفاء، وقد زاد من خطورة تلك الرسالة تحرك الأتراك مع السنوسية في ليبيا لتحريكهم ضد الوجود الفرنسي في بلاد المغرب ومنطقة تشاد، وضد الإنجليز في مصر والسودان.

الصدام والنهاية

ويبدو أن "علي دينار" بنى موقفه على أن ألمانيا وتركيا هما المنتصران في الحرب ضد الحلفاء، وأن عليه تقديم العون لتركيا حتى يجني ثمار هذه المساعدة بعد انتهاء الحرب، وإن كان ذلك لا يمنع انطلاق "علي دينار" من عاطفة وحمية دينية لمساندة دولة الخلافة ضد أعدائها من الفرنسيين والبريطانيين الذين أطلق عليهم صفة "الكفار".

أما البريطانيون فرأوا أن "علي دينار" قام بانقلاب في السياسة الدارفورية الخارجية نظرا لأنه كان يعاني من فقدان شعبيته فأراد أن يعوض ذلك باللجوء إلى الدين، وأيا ما كان الدافع وراء تمرد "علي دينار" على الإنجليز فقد وقعت الوحشة ثم القتال بين الجانبين، ورأى الإنجليز في البداية ضرورة تأليب القبائل عليه لإضعاف سلطته تمهيدا لحربه، فتم تسليح قبائل "الرزيقات" وتحفيزهم ضده، وتم استغلال شائعة أن السلطان "علي دينار" يجهز تعزيزات من الفور في منطقة جبل الحلة كذريعة لحربه؛ خاصة بعد تحسن الموقف العسكري للإنجليز في مصر ونجاحهم في القضاء على خطر السنوسية على الحدود الغربية لمصر.

وقد بدأت الحرب بين الجانبين في ( ربيع الآخر 1334 هـ= مارس 1916م)، ووقعت عدة معارك داخل أراضي دارفور كان أهمها معركة "برنجيه" الواقعة قرب العاصمة الفاشر، وتمكن الإنجليز من تبديد جيش دارفور البالغ 3600 مقاتل بعد أربعين دقيقة من القتال، وقتل في المعركة حوالي ألف رجل من جيش دارفور، وعندما علم "علي دينار" بالهزيمة استعد للقتال مرة أخرى للدفاع عن الفاشر، لكن الجيش الذي كان تحت يديه لم يكن مدربا ولم يكن يمتلك أي أسلحة حديثة، كما أن الإنجليز استخدموا الطائرات لأول مرة في إفريقيا، وكانت هذه المرة ضد جيش "علي دينار"، وتم لهم السيطرة على الفاشر في (22 من رجب 1334 هـ = 24 من مايو 1916م) ففر السلطان بأهله وحرسه نحو جبل مُرّة، وهناك تم اغتيال "علي دينار" أثناء صلاته الصبح على يد أحد أتباعه في (11 من المحرم 1335 هـ=6 من نوفمبر 1916م) بعدما رفض الإنجليز قبول أي تفاوض معه للاستسلام.

لقد عبر علي دينار عن تطور ملحوظ في الوعي السياسي للقادة المحليين في السودان وأفريقيا، وعن درجة كبيرة من الوعي الديني والإداري، حيث استطاع إقامة سلطنته في غرب السودان، وكون لها شبكة من العلاقات الخارجية كشفت عن وعي سياسي ناضج، وسعى لبناء سلطنته وفق نظام داخلي جيد مقارنة بالإمكانات التي كانت متاحة له في ذلك الوقت؛ حيث كوّن مجلسا للشورى، وعين مفتيا لسلطنته، ومجلسا للوزراء، وبدأ في تكوين جيش حديث، وأوكل تدريبه إلى ضابط مصري، ووضع نظاما للضرائب يستند إلى الشريعة الإسلامية.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 29-12-2009, 03:02 PM   #9
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الخليل قلاوون وقطز.. سيناريو مشترك

(في ذكرى وفاة خليل بن قلاوون: 12 من المحرم 693هـ)


شاءت الأقدار أن تكون دولة المماليك التي خرجت من رحم الأخطار العاتية التي أحدقت بالعالم الإسلامي هي التي تحمل على كاهلها تصفية الوجود الصليبي، ووقف الزحف المغولي المدمر الذي سحق في طريقه كل شيء، وزرع الفزع والهلع في نفوس الناس، وكاد يهلك ويدمر معالم الحضارة الإسلامية، ولو لم يكن لهذه الدولة من المفاخر سوى هذا لكفاها فخرًا، فما بالك وقد أحيت الخلافة العباسية في القاهرة، وازدهرت في ربوعها الفنون والعلوم والعمارة.

المماليك والحروب الصليبية

وكان أول نجاح أحرزه المماليك في وجه الصليبيين هو انتصارهم في معركة المنصورة المعروفة، وإيقاعهم بالملك الفرنسي "لويس التاسع"، زعيم الحملة الصليبية السابعة أسيرا، ولم يفرج عنه إلا بعد أن تعهد بألا يقصد شواطئ الإسلام مرة أخرى.

وواصل "الظاهر بيبرس" الجهاد ضد الصليبيين، ووضع برنامجًا طموحًا للقضاء عليهم وطردهم من الشام، وبدأت هجماته وحملاته في وقت مبكر من توليه السلطنة؛ فهاجم إمارة إنطاكية سنة (660هـ= 1262م) وكاد يفتحها، ثم بدأ حربه الشاملة ضد الصليبيين منذ عام (663هـ= 1265م) ودخل في عمليات حربية ضد إمارات الساحل الصليبي، وتوج أعماله العظيمة بفتح مدينة إنطاكية سنة (666هـ= 1268م)، بعد أن ظلت رهينة الأسر الصليبي على مدى أكثر من مائة وخمسين عامًا، وكان ذلك أكبر انتصار حققه المسلمون على الصليبيين منذ أيام حطين واسترداد بيت المقدس.

وواصل المماليك جهادهم ضد الصليبيين في عهد السلطان "المنصور قلاوون"، الذي تولى السلطنة في سنة (678هـ= 1279م)، فاستولى على "حصن المرقب" سنة (684هـ= 1285م)، واسترد "اللاذقية" سنة (686هـ= 1287م)، وفتح "طرابلس" بعد حصار دام شهرين في (688هـ= 1289م) ثم تلتها "بيروت" و"جبلة"، ولم يبق للصليبيين في الشام سوى "عكا" و"صيدا" و"عثليت" وبعض المدن الصغيرة، وتجهز لفتح "عكا"، غير أن المنية كانت أسبق من إنجاز حلمه؛ فتوفي في (ذي القعدة 689هـ= نوفمبر 1290م).

الأشرف خليل

وبعد وفاته خلفه على السلطنة ابنه "الأشرف خليل"، وشاء الله تعالى أن يطوي آخر صفحة للحروب الصليبية على يديه، وأن ينهي الفصل الأخير من القصة الدامية للحروب الصليبية في بلاد الشام.

لم يكن "الأشرف خليل" محبوبًا من أمراء المماليك، حتى إن أباه لم يكتب له ولاية العهد؛ بسبب شدته وصرامته واستهانته بأمراء المماليك، لكنه كما يقول "ابن إياس" في "بدائع الزهور": "كان بطلاً لا يكل من الحروب ليلاً ونهارًا، ولا يعرف في أبناء الملوك من كان يناظره في العزم والشجاعة والإقدام".

استهل "الأشرف" حكمه بالتخلص من بعض رجال الدولة البارزين، الذين كانت لهم السطوة والنفوذ في عهد أبيه، وبإحلال الأمن في جميع ربوع البلاد، وبدأ في الاستعداد لمواصلة الجهاد ضد الصليبيين، وإتمام ما كان أبوه قد بدأه، وهو فتح عكا، وإنهاء الوجود الصليبي.

الاستعداد للمعركة

خرج الأشرف خليل من القاهرة في (صفر 690هـ= 1291م) قاصدًا "عكا"، وأرسل في الوقت نفسه إلى كل ولاته بالشام بإمداده بالجنود والعتاد، ونودي في الجامع الأموي بدمشق بالاستعداد لغزو "عكا" وتطهير الشام نهائيًا من الصليبيين، واشترك الأهالي مع الجند في جر المجانيق.

وخرج الأمير "حسام الدين لاجين" نائب الشام بجيشه من "دمشق"، وخرج الملك المظفر بجيشه من "حماة"، وخرج الأمير "سيف الدين بلبان" بجيشه من "طرابلس"، وخرج الأمير "بيبرس الدوادار" بجيشه من "الكرك"، وتجمعت كل هذه الجيوش الجرارة عند أسوار عكا، وقدر عددها بنحو ستين ألف فارس، ومائة وستين ألفًا من المشاة؛ مجهزين بالأسلحة وعدد كبير من آلات الحصار، وبدأت في فرض حصارها على "عكا" في (ربيع الآخر 690هـ= 5 من إبريل 1291م)، ومهاجمة أسوارها وضربها بالمجانيق؛ وهو ما مكنهم من إحداث ثقوب في سور المدينة.

اشتد الحصار الذي دام ثلاثة وأربعين يومًا، وعجز الصليبيون عن الاستمرار في المقاومة، ودب اليأس في قلوبهم؛ فخارت قواهم، وشق المسلمون طريقهم إلى القلعة، وأجبروا حاميتها على التراجع؛ فدخلوا المدينة التي استسلمت، وشاعت الفوضى في المدينة، بعد أن زلزلت صيحات جنود المماليك جنبات المدينة، وهز الرعب والفزع قلوب الجنود والسكان؛ فاندفعوا إلى الميناء في غير نظام يطلبون النجاة بقواربهم إلى السفن الراسية قبالة الشاطئ؛ فغرق بعضهم بسبب التدافع وثقل حمولة القوارب.

انهارت المدينة ووقع عدد كبير من سكانها أسرى في قبضة المماليك، وسقطت في يد الأشرف خليل في (17 من جمادى الأولى 690هـ= 18 مايو 1291م)، ثم واصل سعيه لإسقاط بقية المعاقل الصليبية في الشام؛ فاسترد مدينة "صور" دون مقاومة، و"صيدا" ودمرت قواته قلعتها، وفتح "حيفا" دون مقاومة، و"طرسوس" في (5 من شعبان 690هـ= 3 من أغسطس 1291م)، و"عثليث" في (16 من شعبان 690هـ).

ظلت الجيوش المملوكية تجوب الساحل الشامي بعد جلاء الصليبيين من أقصاه إلى أقصاه بضعة أشهر تدمر كل ما تعتبره صالحًا لنزول الصليبيين إلى البر مرة أخرى، وبهذا وضع "الأشرف خليل" بشجاعته وإقدامه خاتمة الحروب الصليبية.

عاد السلطان إلى القاهرة يحمل أكاليل النصر، وسار موكبه في الشوارع يسوق أمامه عددًا كبيرًا من الأسرى، وخلفهم جنوده البواسل يحملون أعلام الأعداء منكسة، ورؤوس قتلاهم على أسنة الرماح.

قلاوون وقطز!

ولم تطل مدة حكم الأشرف خليل أكثر من ثلاث سنوات وشهرين وأربعة أيام؛ فقد كان الود مفقودًا بينه وبين كبار المماليك، وحل التربص وانتظار الفرصة التي تمكن أحدهما من التخلص من الآخر محل التعاون في إدارة شئون الدولة، وكانت يد الأمراء المماليك أسرع في التخلص من السلطان، ولم يشفع عندهم جهاد الرجل في محاربة الصليبيين؛ فكانت روح الانتقام والتشفي أقوى بأسًا من روح التسامح والمسالمة؛ فدبروا له مؤامرة وهو في رحلة صيد خارج القاهرة – كما فعل بقطز بعد انتصاره على التتار في عين جالوت- وتمكنوا من قتله في (12 من المحرم 693هـ= ديسمبر 1293م) وبقيت جثته ملقاة في الصحراء أيامًا إلى أن نُقلت إلى القاهرة؛ حيث دفنت بالمدرسة التي أنشأها لنفسه بالقرب من ضريح السيدة نفيسة.‏‏
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 01-01-2010, 01:54 PM   #10
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

"مروحة" تتسبب في احتلال الجزائر!

(في ذكرى احتلال الجزائر: 14 من المحرم 1246 هـ)


بعد سقوط غرناطة آخر معاقل المسلمين في الأندلس في (21 من المحرم 898 هـ = 25 من نوفمبر 1492م) بدأ الأسبان يهاجمون الشمال الأفريقي في مطلع القرن السادس عشر الميلادي، في ظل حركة صليبية تدعو إلى الضغط على المسلمين في شمال أفريقيا باحتلال ثغورهم، وتحويلهم إلى المسيحية إن كان ذلك ممكنًا.

احتلال أسباني

ونجح الأسبان في دخول الجزائر والاستيلاء على "المرسى الكبير" سنة (911هـ = 1505م) ووهران سنة (915 هـ = 1509م) وبعد احتلالهما قاموا بتنظيم أمورهما، واعتبروهما أيضًا أسبانيين، وأخضعوهما لسلطة حاكم عسكري، ونشروا فيهما الجند والمرتزقة، ووطنوا بهما عددًا من المدنيين المجرمين والمنفيين من (أسبانيا).

وفي الوقت الذي توسع فيه الأسبان في احتلال الثغور الإسلامية المطلة على غرب البحر المتوسط، ظهرت قوة بحرية إسلامية، خاضت جهادًا عظيمًا ضد السفن الأسبانية، ودفعت خطرهما، وكان يقود حركة الجهاد الأخوان (بابا عروج) وخير الدين برباروسا، وتطورت تلك الحركة فتمكنت من تحرير الجزائر بمساعدة الدولة العثمانية، وإخضاع الملاحة في البحر المتوسط للبحرية الإسلامية، ومد النفوذ العثماني في الشمال الأفريقي.

أطماع فرنسية


وظلت الجزائر تابعة للدولة العثمانية، حتى بدأت فرنسا تتطلع باهتمام بالغ إلى احتلال الجزائر، وكان "نابليون بونابرت" يحلم بجعل البحر المتوسط بحيرة فرنسية، وأخذ يخطط لقيام حملة كبيرة تمكنه من ضم دول المغرب العربي، وإقامة مستعمرات عسكرية فرنسية، وطلب من الفرنسيين الذين سبق لهم العيش في "الجزائر" أن يمدوه بمعلومات عنها وعن سكانها وتحصيناتها، ولم يكتف بذلك، وإنما كلف وزير البحرية بأن يبعث أحد جنوده الأكفاء الذين يمتازون بالروح القتالية والمهارة الهندسية إلى الجزائر سرًا، ليدرس أحوال الجزائر العسكرية عن كثب، ويوافيه بتقرير شاف، وقد نجح هذا المبعوث في كتابة تقرير واف عن تحصينات الجزائر، وطبيعة أراضها، وعدد قواتها، وزيّن الحملة المقترحة، والمدة التي تستغرقها لتحقيق هدفها، وعدد القوات اللازمة للقيام بالحملة، غير أن انشغال نابليون بأطماعه في أوروبا أرجأ مشرعه.

حادثة المروحة

تولى الباشا حسين حكم الجزائر سنة (1234 هـ = 1818م) وكان رجلاً مشهورًا بالغيرة على الدين، واليقظة الدائمة، والميل إلى الأهالي، فطلب من "دوقال" قنصل فرنسا أن يبلغ حكومته بضرورة الإسراع في تسديد الديون التي عليها للجزائر.

وجرت العادة أن يقوم قناصل الدولة الأجنبية بزيارة (الباشا) لتهنئته بعيد الفطر (2 شوال 1243 هـ = 29 من إبريل 1827م) وكان القنصل الفرنسي حاضرًا، ودار حديث بينه وبين الباشا حول الديون، فأساء القنصل الفرنسي الرد، فأمره الباشا بالخروج من حضرته، لكنه لم يتحرك فقام الباشا بضربه بالمروحة التي كانت في يده، فكتب القنصل إلى بلاده بما حدث، وادعى أنه ضُرب ثلاث مرات.

اتخذت فرنسا من هذه الحادثة ذريعة لاستغلالها لمصلحتها، وبخاصة بعد أن كتب القنصل تقريره إلى حكومته في الليلة نفسها، وطلب منها اتخاذ الوسائل اللازمة للمحافظة على كرامتها في شمال أفريقيا، وقرأ وزير الخارجية الفرنسية ذلك التقرير في مجلس الوزراء، وطلب إجبار الجزائر على الاعتذار عن الإهانة التي لحقت بالملك في شخص ممثله، ولو أدى ذلك إلى استخدام القوة.

أرسلت فرنسا قطعة من أسطولها إلى الجزائر في (18 ذي القعدة 1243 هـ = 12 من يونيو 1827)، وجاء قبطانها إلى الباشا وطلب منه أن يأتي معه إلى السفينة ويقدم اعتذارا شخصيًا للقنصل الفرنسي، ولما كان هذا الطلب متعذرًا، وأن الباشا لن يوافق عليه، فإن القبطان تقدم إلى الباشا باقتراحين آخرين: إما أن يعتذر للقنصل بمحضر الديوان وفي وجود القناصل الأجانب جميعًا، وإما أن يرسل الباشا بعثة برئاسة وزير بحريته إلى قطعة الأسطول الفرنسي، ليعتذر باسم الباشا إلى القنصل، وفي حالة عدم استجابة الباشا لأحد الاقتراحات الثلاثة يُعلن الحصار رسميًا على الجزائر.

لم يقبل الباشا أيًا من الاقتراحات الثلاثة؛ فضرب الفرنسيون الحصار على الجزائر وظل مضروبًا ثلاث سنوات، ولم يكن حصارًا هينًا لفرنسا، وإنما كان متعبًا ومملوءا بالمخاطر، وبخاصة في الفترة الأخيرة، حيث نجح الجزائريون في أسر بعض رجال القطع البحرية الفرنسية وقتلهم، وكلف هذا الحصار الخزينة الفرنسية سبعة ملايين فرنك سنويًا، وأصاب التجارة الفرنسية في البحر المتوسط بخسائر كبيرة، ومن ثم لم يعط الحصار نتائج إيجابية، ولم يجبر الباشا على تقديم اعتذار لفرنسا دون أي شروط.

الحملة الفرنسية

أدى فشل المفاوضات بين الطرفين، وعجز الحصار البحري على الجزائر، والرغبة في توجيه نظر الشعب الفرنسي إلى تحقيق نصر خارجي إلى إعلان مجلس الوزراء الفرنسي في جلسة (5 شعبان 1245 هـ = 30 من يناير 1830) القيام بالحملة ضد الجزائر، ثم قام الملك بإصدار مرسوم بالتعبئة العامة، وأعلن في خطاب العرش يوم (7 من رمضان 1245هـ = 2 من مارس 1830م) عزمه على مهاجمة الجزائر، مدعيًا أن هذه الحملة لم تقم إلا للانتقام من الإهانة التي لحققت بالشرف الفرنسي، وأصر على أنها "حملة مسيحية على بلاد البرابرة المسلمين"، وأنها في صالح كل العالم المسيحي.

تجمعت القوات البرية والبحرية مع معدات الحرب والذخائر في المنطقة الواقعة بين طولون ومرسيليا وبلغ مجموع رجال الحملة (37600) جندي، واشتملت على (45000) حصان، و(91) قطعة مدفعية، ووصل عدد قطع الأسطول إلى (6000) قطعة، منها (103) قطع حربية.

أبحرت الحملة من ميناء طولون ونزلت في منطقة سيدي فرج في (23 ذي الحجة 1245 هـ = 14 من يونيو 1830م) دون مقاومة وقام الفرنسيون بتحصين منطقة إنزالهم، لاتخاذها قاعدة عسكرية لهم، وتصبح نقطة تموين من الأسطول أثناء العمليات الحربية.

وعلى الرغم من أن موقع "سيدي فرج" لا يبعد عن مدينة الجزائر إلا بنحو 25 كيلومترا، فإن الفرنسيين اضطروا إلى خوض ثلاث معارك طاحنة حتى تمكنوا من احتلال مدينة الجزائر في ( 14 كم المحرم 1246 هـ = 5 يوليو 1830) بعد أن وقّع الباشا معاهدة تسليم المدينة، وفق بنود اتفق عليها الطرفان، تضمنت تسليم قلعة القصبة، وكل القلاع الأخرى المتصلة بالمدينة إلى الجيش الفرنسي، وأن يتعهد القائد العام الفرنسي لباشا الجزائر بأن له الحرية في أن يذهب هو وأسرته إلى المكان الذي يختاره، وتعهد بحمايته وتعيين حرس له لو فضل البقاء في الجزائر، وختمت المعاهدة بأن العمل بالدين الإسلامي سيظل حرًا، ولن تمس حرية السكان مهما كانت طبقتهم ودينهم وأملاكهم.

دخلت القوات الفرنسية مدينة الجزائر في هرج ودون أي نظام أو ضبط، وأخذوا في القتل والسلب والنهب في أحياء متعددة من المدينة، واستولى الفرنسيون على الخزانة، وأعلنوا أنه لا توجد سجلات عن محتوياتها، ثم أبلغوا الحكومة في باريس أنهم وجدوا ما قيمته (48700000) فرنك من الذهب، وكان هذا المبلغ يكفي لتغطية نفقات الحملة التي وصلت إلى (43500000) فرنك ذهبي.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .