العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة > دواوين الشعر

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نظرات فى مقال فسيولوجية السمو الروحي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى توهم فريجولي .. الواحد يساوي الجميع (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 140 عام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى بحث مطر حسب الطلب (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مثال متلازمة ستوكهولم حينما تعشق الضحية جلادها (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال مستعمرات في الفضاء (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال كيفية رؤية المخلوقات للعالم من حولها؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال حوار مع شيخ العرفاء الأكبر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الضفائر والغدائر والعقائص والذوائب وتغيير خلق الله (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 08-01-2008, 10:51 PM   #11
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

[FRAME="13 70"] الشطح كما يقول الصوفية محاولة لوصف ما لا يوصف، وهو حال قصير الأمد، ويقع عند الأخذ، ثم يرد صاحبه إلى وعيه فيستغفر مما بدا منه في حال أخذه وغيابه، ولحظة الشطح، لحظة تتحول فيها اللغة إلى مجرد وسيلة لنقل ما يعبر عنه الجسد من حالات، هذا الجسد يتحول من لحظة إلى أخرى وكأنه فيض دائم، يقول الشاعر : ( ص37 )

لا وقت للوقت

لا لون للون

لا شكل للكلمات

وأنت أنت

وأنا أنت

وشتت النقط الدقيقة

إنها إذن لحظة الانخطاف والمكاشفة، لحظة الامتداد في المجهول حيث تصبح (الأنا ) في لحظة الشطح (أنت) أو (لا أنا) :" أناه أنا " متجاوزا بذلك ثنائية الذات والموضوع كاشفا في الآن نفسه عن تجربة تقوم على شاعرية التماهي مع الأشياء، وتتبع نص (شطحة) يكشف عن هذه الحقيقة، فهو لا يصف الأشياء كما هي، وإنما يحاول أن يلتقطها ويعيد بناءها ليقلب نظام المعنى، فهذا النص تمليه الذات وهي تعيش نشوة الحلم والتقلب، وكلما شعرنا أننا نقبض عن المعنى وإلا انفلت منا لأنه يعيش بدوره لحظة الفيض بين الأنا والأنت ( ص 37 ) حيث الحدود بين الكلمات والأشياء واهية، يقول الشاعر (ص28):

يصعب الفصل بين

الكلمات والأشياء

وتبدوالحدود واهية

قاسية

وكأنه الأزل

يصنع جلابيبه مفصلة

حد الموت.

وهذا الحوار " نفسه ليس إلا حالا، وبوصفه كذلك لا يمكن أن يتأسس، إنه حال يتحول لا من شخص إلى آخر إذ لكل شخص أحواله، وإنما يتحول داخل الشخص نفسه بين لحظة وأخرى " ( 9 ) وهو حين يخلق هذا الحوار بين الأنا والأنت فإنه يتماهي مع كل الذوات ليخلق منها ذاتا واحدة تعيش اللحظة، وهي لحظة الزمن الحاضر (الآن) كما تعكس ذلك الأفعال الموظفة في نص « شطحة « ( ص 38 ) مثلا، وفي غيره من النصوص : تتجلى - يتربع – تكفكف - يمتد - يدخل - يترنح - يشذب ...مستلهما قول أبي علي الدقاق : " الوقت ما أنت فيه " والوقت هنا ما بين الزمانيين : الماضي والمستقبل، فهو منشغل بالذي هو فيه، وهذه الآنية هي العلاقة بين الأنا والأنت

وتصل الذات في هذا المقام إلى حالات تعجز اللغة عن نقلها بحيث تترك للقارئ هامشا ليعبر بصيغة المتكلم عن حاله من خلال لحظات عديدة منها :

لحظة الصمت:

يقول الشاعر ص 19و 20 )

من يسمع من... ؟

من يبصر من ...؟

من يهمس ....؟

من ..... ؟

إنه صمت اللغة عبر الهوامش التي يتركها الشاعر ( النقط، الفواصل، علامات الاستفهام، البيضات ...) الصفحات: (54.59.67.79 ) نعتبره من آداب الحضرة وأخلاق الكتابة الشعرية خاصة وأنه صمت أتى بعد كلام ليترك وقع القول لمن يريد كشف سر الشعر عبر ممارسة لعبة التأويل .

لحظة الحزن :

يقول الشاعر: ( ص 21 و 22 )

القلب إذا لم يحزن خرب

كما البيت إدا لم يسكن خرب .

وبين الخرابة والاعتمار

حدود واهية

كالفاصل بين الحزن والسكون

على متاهة القلب والبيت

وهي لحظة تعبر عن انقباض القلب، ويفهم منها أن اللغة تمر حينها بمرحلة عسيرة فمهما عبرت فإنها لن تكشف عمق العلاقة بين الأنا والأنت أو بين ( الأنا والأنا )، والحزن بهذا المعنى حيرة دائمة تسكن الذات لذا جاء في الخبر أن الله تعالى يحب كل قلب حزين، وقال أبوسعيد القرشي :" بكاء الحزن يعمي وبكاء الشوق يغشي البصر ولا يعمي " ( 10 ) وسئل أبوعثمان الحيري يوما عن الحزن فقال : الحزين لا يتفرغ إلى سؤال الحزين، فاجتهد في الطلب، ثم سل )

بناء على ما سبق نقول إن لحظة الشطح هي لحظة تتحول فيها الكتابة إلى مكاشفة لأنها كتابة تمليها التجربة الذاتية للشاعر المبنية على الذوق " فليس من ذاق كمن لم يذوق " لينقل لنا ما بأعماق الذات لنعاين كل تقلبات الجسد ونحاوره حوارا مباشرا عبر لغة تقوم على إزالة الحجب بين الأنا والأنت، فهي أشبه ما تكون بمرآة مصقولة تجعل من الأنا آخر (11 ) حيث يصبح الآخر عين الذات وصورتها، فنحن هنا في مقام «مرآة الحضرتين ( 12 ) والتي تتجاوز فيها المرآة كونها مجرد أداة لإعادة إنتاج صورة الجسد .لتصبح مرآة لها جذور في أعماق الذات، وتتجدد في كل لحظة لتؤلف بين الأشياء عبر مبدأ الرؤيا والكشف المستمر .إنها مرآة التجربة الإنسانية التي تشبه الروح كما عند البوذيين.

فأنا والآخر صورة واحدة أو كما يقول ابن حزم : " كالناظر إليك بعين غيرك ". وفي هذا السياق يقول أدونيس : " الكتابة الصوفية شأن المعرفة الصوفية إنما هي تاريخ هذا الوقت، تاريخ العلاقة بين الأنا والأنت، أو تاريخ حوارها. وهي معرفة لا تنقل، ذلك أنها ليست عقلية بل ذوقية، وكما أن لكل " ذوقه " فإن لكل معرفته "، معرفة ذات تحرض الآخر لكي تكون له معرفته، لا يكفي الآخر أن «يقرأ» لكي يعرف، وإنما يجب أن " يعيش " وأن " يختبر " ( 13 )

المعيار النصي والمعنى

إن غاية الشعر لا تنحصر في رسم الواقع والتعبير عن العادي والمألوف فهذا مجال ضيق لذا يتجاوزه الشعر إلى اللامرئي، وهنا يأخذ النص الشعري بعدا آخر أيضا على مستوى المعمار النصي مما يتيح للمتخيل الشعري ابتكار أشكال جديدة في التعبير تتجاوز الكلمات ( اللغة المألوفة ) والصور والمرئي إلى اللامرئي، وهذا هو التجلي الذي يكشف الجمالية الصوفية التي تنحو منحى يعبر عن الأشياء بشكل آخر يتماهى مع باطنها ليكشف دواخلها " ولا تتم هذه المحاولة إلا بانفعال غامر يرج الجسد حتى نشوة الانخطاف، هكذا لا يقول الشاعر معنى الأشياء ( نواتها، لانهائيتها ) وإنما يقول تجربته : النشوة التي ترجة، وانخطاف بالمعنى ولانهايته. المعنى نفسه لا يقال، ذلك أنه ليس ثابتا، إنما هو حركة دائمة من الولادة والتجدد .

يقول الشاعر : ( ص 8 – 9 )

أصعد  ←

ينفتح الجوهر المتوهج

في صهو ة الفجر

لأي المسافات تدفعني

أغنياتي ؟

(.....)

لأي انفلات أصوب رؤياي

لما تداخل في حلمي ؟

ويقول في ( ص 18 )

افتح ←

صرخت أعشاب الزيتون

ادخل ←

صاح اللحد الرطب

تمهل ←

قال العقل

تقدم ←

صدحت أنوار الستر

إن هذه العلامات والرموز تبدو مجرد أشكال فارغة خارج سياقها الشعري لذا فإنها لا تحمل دلالات إلا إذا أدرجناها ضمن شبكة العلاقات النصية التي تربطها بما قبلها وما بعدها وهذا ما يجعلها تحمل طاقة ‘بداعية يمكن تسميتها ببلاغة الإيجاز لأن أبعادها الدلالية والتداولية تقوم على الإيجاز والإشارة والإيماء، يقول الحلاج: " من لم يطلع على إشارتنا لا تهديه عبارتنا "

إن العلامات والرموز التي يوظفها الشاعر أحمد العمراوي لإعادة تشكيل النص الشعري تكشف أننا أمام لغة مغايرة تتيح السفر في كينونتها وتجعل القارئ يشارك في إعادة بناء النص وإنتاجه عبر ما تحمله هذه الرموز من أحلام وتخيلات وتستدعيه من شطح، لذا فإن الوقوف عندها ليس وقوفا عند السطح بل امتداد في العمق. إن العلامة الأولى (  ) تحيل على الصعود والثانية ( ← ) تحيل على سلوك مغايرة للأول، وهذا في نظرنا إحالة على جدلية الإسراء والمعراج والتي تعبر عن اللقاء بين الجسد والروح حيث يخرج الجسد ( اصعد ) خارج الذات الحسية ليدخل في أعماقها ( ) ويقترن كل هذا بالرغبة في الحضور الأكمل. يضاف إلى هذه العلامة استثمار الشاعر للطباعة من خلال كتابة بعض المقاطع الشعرية بخط بارز ( ص 45 )

فكي حنجرتي كي أتناسل في كل الأعشاش

تلفيني فستقا أو رمانا يلطخ الأصابع

بألوان الدفلى، يرج زيزفون الذاكرة

تلقفي تساقط أناملي المبللة باشتهاء

المدى البعيد، وصلابة الاستعلاء الأملس

وكذا :الصفحات 54 - 55 – 64 ) وترك فراغات تقوم على ثنائية البياض والسواد ص 54 - 59 –67 -81-83- 84 – 85 – 92 )، وتقطيع الكلمة إلى أحرف (ص58) وص(100) (ص58)

قرار

ق

ر

ا

ر

إن استثمار العنصر البصري في بناء النص يدل على أن هذه العناصر تنتظم داخل نسق سيميائي ينظمها، مما ينقلنا من الإلقاء إلى القراءة البصرية، وهنا تتسع النصوص الشعرية فلا تربط بالزمان فقط بل تمتد إلى المجال المكاني أيضا، ويمكن أن نلمس هذا البعد في العديد من المقاطع الشعرية فطول وقصر المقاطع ليس موحدا مما يفتح المجال للسواد ليتمدد أو يتقلص :

هو ذا شجر ...

هو ذا

..... حرون

والأماسي تتستر

تسع انتظارا لا يخبو

رأس الحكمة شبق العين ( ص 59 )

وأحيانا يجعل الشاعر كلمة واحدة تحتل سطرا شعريا ( ص 71 )

لست فرحا تماما

ولا حزينا كل الحزن

وإنما

أرتج

كألق مهبول

يلمع خلف ذاته

إن مثل هذه الكتابة كما يقول شربل داغر ( تبلبل أساسا نظاما الكتابة وتقلب رأسا على عقب مراجعه المعروفة

ونختم هذه القراءة النقدية بالقول : الشعر مكاشفة تتيح للشاعر بلوغ ما وراء الواقع عبر الحلم والحب والجنون لذلك اعتمدنا مقاربة نقدية مغايرة لشروط فهم النص الشعري وتأويله. مقاربة تحدث اختلالا بين الدال والمدلول، والباث والمتلقي، واللغة والواقع، لأن النصوص التي حاولنا الإنصات إليها ليست نقلا لتجربة معينة، أو نسخا لتصور محدد تمليه مواقف مرسومة، وإنما هي تجربة شعرية تفتح أفقا أوسع لإدراك الوجود إدراكا جماليا، وذلك بفعل المرجعية الصوفية التي يمتح منها الشاعر « أحمد العمراوي» في العديد من نصوص ديوانه « مجمع الأهواء» مما أعطى للغة مجالا أوسع لتمارس السكر والشطح، وتفتح الطريق لتقديم أشكال سيميائية في الكتابة الشعرية تحمل طاقة إبداعية تكشف عن لانهائية المعنى. بهذا الفهم يظل النص الشعري وحدة لا انفصال بينها، وقدرة سارية تفصح عن عالم محير لا ينتهي، وهو عالم السر، وهذا ما يوصلنا إلى القول بأن جمالية النص الصوفي تقوم على المجاز، وبما أن المجاز احتمالي، فإنه لا يؤدي إلى تقديم أي جواب قاطع، وتكمن شعرية المجاز في لامرجعيته، أي في كونه ابتكار كأنه بداية دائمة، ولا ماضي له، والعلاقة بالأشياء. إنه حركة نفي للموجود والراهن بحثا عن وجود آخر، فكل مجاز تجاوز: كما أن اللغة فيه تجوز نفسها، فان الواقع الذي تفصح عنه يجوز نفسه، عبرها، هو أيضا، وهكذا يوصلنا المجاز للأشياء في بعدها اللامرئي ( 15 ) هكذا النص الشعري لا يولد إلا مزيدا من الأسئلة لأنه عامل قلق وإقلاق لا عامل وثوق وطمأنينة.





المراجع المعتمدة :

1- محمد غازي عرابي: النصوص في مصطلحات التصوف، دار قيبة، لبنان، .1985 ص 169

2 - أحمد العمراوي : مجمع الأهواء (شعر)، مطبعة فضالة، المحمدية، المغرب، الطبعة الأولى. 1997

3- محي الدين بن عربي: الحب والمحبة الإلهية، جمع وتأليف محمود محمود الغراب، الطبعة الثانية 1992، ص 13 .

4 - ابن منظور : لسان العرب، المجلد 2، دار صادر، بيروت ص 53

5- كمال الدين عبد الرزاق القاشاني : اصطلاحات الصوفية، تحقيق كمال ابراهيم جعفر، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1987 ص : 212ج 2

6- محي الدين بن عربي: الفتوحات المكية، دار الفكر، لبنان، ج 2 ، 1992 ص 210

7- حسن الشرقاوي : معجم ألفاظ الصوفية، مؤسسة مختار، القاهرة، الطبعة الثانية، 1992، ص120

8 - محمد غازي عرابي: النصوص في مصطلحات التصوف ص 94 و95

9- أدويس : الصوفية والسريالية، دار الساقي، لبنان، الطبعة الأولى 1992، ص 116

10- عبد الكريم القشيري : الرسالة القشيرية في علم التصرف، تحقيق واعداد : معروف زريف وعلي عبد المجيد بلطجي، دار الجيل، بيروت، الطبعة الثانية، ص 140

11- علي أيت أوشان : المرأة : أركيولوجيا الجسد في مجموعة سقط سهوا مجلة كتابات معاصرة . بيروت، العدد 23، 1994، ص : 67

12- ابن عربي : فصوص الحكم، دار الكتاب العربي، بيروت ، ص 67

13- أدونيس : الصوفية والسريالية، ص 116

14- شربل داغر : الشعرية العربية الحديثة (تحليل نصي)، دار توبقال، المغرب الطبعة الأولى : 1988، ص : 26

15- أدونيس : الصوفية والسريالية، ص 143 و144
[/FRAME]
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .