بسم الله الرحمن الرحيم
إضافة إلى كل ما سبق ينبغي الإشارة إلى أن كثيرًا من المقارنات لا تعد -إذا حللنا مضمونها- إلا مجرد عمليات تحريضية تستثير الفرد لتحقيق أهداف ما قد تتوازى مع مقدرته وقد لا تتوازى معها .
في مجتمعن االمصري - على سبيل المثال- نرى الكلمة الدارجة على الألسنة "هو أحسن منك في إيه ؟زايد عنك إيد ولا رجل ؟" ما سبب تفوقه عليك هل هو زائد يدًا أو قدمًا ؟
إن مفاضلة وليس مقارنة -لأن المقارنة تعني المسابقة بين خيلين- أي اثنين علينا أن ننظر إليها من أكثر من جانب :
*من جانب المفاضِل أي المقارن (تجاوزًا) : ما غرضه من المفاضلة أو المقارنة ؟ هل هو مجرد الاستفزاز أم إثارة الدافعية ؟ أم تبصير الفرد الموجه الخطاب إليه بنقاط ضعف لابد له من الانتباه إليها ؟
*من جانب الشخص الموجه إليه الخطاب : هل استوعب الرسالة بشكل سليم ؟ هل فهمهما أنها استفزاز أم أنها استثارة همة ؟ وكيف كانت ردة فعله نحو المقارن به أو المفاضل به ؟ هل حقد عليه أم لم يبال ِ أم فكّر في الاختلافات القائمة بينهما ؟
تنطوي في كثير هذه العملية على الجهل التام -في كثير من الأحيان- بالفوارق الفردية بين الأشخاص بل وتتعداها إلى الأثر النفسي لها على الموجه إليه بالخطاب .
وعلى ذلك ، فإنها قد تساهم في صناعة شخصية غير سوية تتخذ من (تحريضات ) الآخرين لها مرجعية سلوكية ، وهذه المرجعية قد تكون مشوشة في رؤاها الفكرية .
لذلك لابد من الوقوف على الخلفية الثقافية للقائمين بهذا السلوك ، والهدف النهائي منه .
***
وإذا كنت أتفق في أهمية المقارنة بين الفرد ومن أحسن منه في الدين وبين الفرد ومن أقل منه في الدنيا ، فإن الحذر لابد أن يكون حاضرًا لأن هذه المقارنات قد تؤدي إلى أن يكون الهدف هو مجرد إثبات الذات وهذا خطأ كبير لأنه يجعل الآخر له معيارية تفرض نفسها على الفرد ، وهذه أول الخطى في عملية التشويش الفكري .
***
إن ثقافة وأهداف والعلاقات بين الجوانب الثلاثة (القائم بالمقارنة والمقارن به والمقارن ) ينبغي أن تكون واضحة قبل القيام بأي عملية مفاضلة (مقارنة تجاوزًا) حتى لا تكون المقارنة داء ، بل تتحول إلى أداة تغيير إيجابية .
النمط الخطي
