( نأمل أن يحترم الرئيس أوباما إرادة الشعب ، ويغيـِّر توجهاته ، ويتعهّد بتحقيق التغييرات التي يريدها الأميركيون ) .. الجمهوري جون بونـر رئيس مجلس النواب المفترضبعد فوز الجمهوريين بالغالبية في مجلس النـواب .
كان السبب الرئيس لهزيمة الديمقراطيين هو الإقتصـاد الذي لم ينتعش كما وعد أوباما ، ومعـدَّل البطالة الذي لم ينخفـض كما ادَّعى ، وسـط شعب لايبالي بشيء غيــر أعباء الحياة اليومية .
ومن الواضـح أنَّ الأزمـة الإقتصادية الزلزالية لازلت تنخـر في نخاع أمريكـا الشوكي ، وتأكـل خلاياه ، مفضيةً بالإقتصـاد إلى الشـلل ، وهو السبب في سقوط الديمقراطيين من مجلس النواب الأمريكي ، فقد نجحوا بوعود الإصلاحات الإقتصادية التي لم يتحقق منها شيء .
ومن المؤشـّرات الجديدة في الإقتـراع ظهـور ميل كبير للناخبين الأمريكيين إلى اليمين ، لاسيمـا داخل الحزب الجمهوري نفسه الذي فاز فيه اثنان من التيار المتشدّد (حزب الشاي) ، بمقعدين في مجلس الشيوخ .
غير أنَّ ما يهمُّنا من الإنتخابات النصفية الأمريكية هو النتائج المتوقعة لفوز الجمهوريين على منطقـتنا ، وعلى المشهد العام فيهـا.
وإليكم الصورة الكبرى في المنطـقة :
لقـد تحدث كثيراً نجاد ، يعيد صداه الأسد في دمشق ، عن تحالف صلب بين إيران ، والعراق ، وسوريا ، ولبنان ، ويضيفان أحيانـا تركيـا أيضـا ، وكثيرا ما كانت تلك التصريحات تصدر إثر فشل محاولات سعودية لإبعاد سوريا عن إيران ،
وغير خاف أنَّ هذا التحالف يحـلو لـه دائما أن يستعرض عضلاته بين بغـداد ، وبيروت ، وبمناوراته عند مضيق هرمز ، ملوِّحـا أنَّ بيده مقاليد إستقرار المنطقة ، أو تحويلها إلى رمـاد ، من المحيط الأطلس قبالة بيروت ، إلى مضيق هرمـز .
في رسالة واضحة للأمريكيين بأنَّ الأبواب مسدودة أمامهم سوى إلى طريـقٍ واحد :
الإعتراف بإستحقاق الإيرانيين لتقاسم النفوذ ، والإقرار بأنهم شركـاء حقيقيـون لكلِّ ما تحمله المنطقـة من كنـوز مـن أفغانسـتان إلى البحر المتوسـط .
وفي المقابـل رجع الصقور الجمهوريون إلى الكونغرس ، وسط أجواء تدعو إلى إنهاء إنفتـاح أوبامـا ، والعودة إلى المواجهـة ،
فالانطباع السائد في واشنطن : ( الخصوم في الشرق الأوسط اساؤوا تقدير الانفتاح الأميركي،واعتبروه هزيمة ) .
ويكاد أن يُجمـعَ على أنّ الجمهوريين سيعمـلون على تسخين العناوين التالية :
الهدوء منـذ 2008 انتهـى ، ودعم مطلق لنتنياهـو وليذهب ما سوى ذلك إلى الجحيـم ، ولبنان ليس منزلاً من دون أبواب لإيران ، والمحكمة الدولية مستمرة للتوصل إلى حكم على قتلته ، سواء حزب الله ، أو سوريا ، والمحصلة النهائية واحدة ، وسنعمل على النزول بقوة في اليمن حتى نحكم قبضتنا ، وإعادة معتقل غوانتنامو ، وحسم ملف إيران ، و العراق ، وأفغانسـتان بأقصـى قوة ، وبأسرع وقت.
وفي أفغانسـتان يريدون حـلاّ دمويـّا أشـد إحمراراً ، على طريقة ( بلاك ووتر ) الصليبيّة ، ولو بالإجتياح البـرّي لكلّ الجنوب الأفغاني .
غير أنّ هذا كلـَّه لايعدو أحلاما تدور في عقول الجمهوريين ، فالفشل الأمريكي في هذه الملفات كلَّها لايؤثـّـر عليه تقدم (الحمار) على (الفيل) ، ولا العكس ، بل وراءه ثلاثة أسباب :
أحدها : المقاومة الشرسة التي لقيها المشروع الصهيوصليبي ، والتي تفاجأ بها ، كما تفاجأ بقدرتها على الصمود ، والإستمــرار ، والتطـوُّر .
الثاني : الغباء الأمريكي نفسه الذي منع أمريكا من فهم أنّ عقلية الكاوبوي لم تعد تجدِ في عصر يتجه لنزع وسائل التأثير من السلطات ونقلهـا إلى الشعوب ، ولهذا غرقت أمريكا في فضائحها ، قبل أن تغرق في مستنقعها الحربي في أفغانسـتان ، ومستنقعها السياسي في العـراق .
ولهذا كان فشل المشروع الثقافي الأمريكي المزيـّف ، الذي توهّمـوا أنـّه سيحـوّل إحتلالاتهم إلى مثـل إستقبالات الفاتحين ، كان مدويـَّا وكارثيـا ، وبدت أمريكا وهي تحاضر عن نشر الديمقراطية ، وحقوق الإنسـان ، ومنح الشعوب الحرية ، وجيوشـها تبيد البشر ، بـدت كأنـها عاهرة تحاضر عن الفضيـلة ، بل زاد نفاقـها من الحنـق عليها ، فكان ذلك من أهم أسباب هزيمتهـا !