العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة المفتوحة

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نقد مقال بوابات الجحيم التي فتحت فوق سيبيريا عام 1908 لغز الانفجار الكبير (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الغرق فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال أمطار غريبة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى بحث النسبية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: حديث عن المخدرات الرقمية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال الكايميرا اثنين في واحد (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى كتاب علو الله على خلقه (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال فسيولوجية السمو الروحي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى توهم فريجولي .. الواحد يساوي الجميع (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 19-03-2009, 08:10 PM   #31
البدوي الشارد
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2009
الإقامة: حزيرة العرب
المشاركات: 760
إفتراضي

التحليل الفيزيائي للحواس لا يعني عدم صحة الإدراك البشري ففي هذه المحاكمة "خلفا منطقيا" إن جاز التعبير. مثلا "الأخضر" هو ما تراه العين أخضر ولا يقدح في ذلك أي تفسير فيزيائي لطبيعة هذا الإحساس وقس على ذلك بقية الأمثلة.
التجربة والعلم تقوم بتوسيع نطاق معرفتنا بالعالم ولكنها لا تناقض هذه المعرفة.
البدوي الشارد غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 02-04-2009, 09:09 AM   #32
محمد الحبشي
قـوس المـطر
 
الصورة الرمزية لـ محمد الحبشي
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
الإقامة: بعيدا عن هنا
المشاركات: 3,527
إفتراضي

إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة البدوي الشارد مشاهدة مشاركة
التحليل الفيزيائي للحواس لا يعني عدم صحة الإدراك البشري ففي هذه المحاكمة "خلفا منطقيا" إن جاز التعبير. مثلا "الأخضر" هو ما تراه العين أخضر ولا يقدح في ذلك أي تفسير فيزيائي لطبيعة هذا الإحساس وقس على ذلك بقية الأمثلة.
التجربة والعلم تقوم بتوسيع نطاق معرفتنا بالعالم ولكنها لا تناقض هذه المعرفة.
كان العلم على يقين من مسلمات وحقائق لا تتغير ولا تتبدل حتى هذا الوقت القريب ..

ولكن آينشتين بنظريته النسبية غير نظرة العلم إلى هذا الوجود وأصبح اليقين العلمى الذى كان غير قابل للجدل والشك من قبل .. أمرا يجب إعادة النظر فيه من جديد ..

إن ما جاءت به النسبية من حقائق أو فرضيات مذهلة .. قد تكون قفزة جديدة فى علوم المستقبل ومفتاحا لعصر جديد لم تشهده البشرية من قبل ..

ولم يكن له أن يصل إلى هذه المرحلة قبل أن يكسر حمود الفكر ويطلق لعقله حرية التحليق فى فضاء حر لا تكبله قيود ..


__________________

محمد الحبشي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 02-04-2009, 09:09 AM   #33
محمد الحبشي
قـوس المـطر
 
الصورة الرمزية لـ محمد الحبشي
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
الإقامة: بعيدا عن هنا
المشاركات: 3,527
إفتراضي

المكان



كان أول سؤال سأله أينشتين :

هل يمكن تقدير وضع أى شىء فى المكان ؟

وهل يمكن الإثبات بشكل مطلق وقاطع بأن جسما من الأجسام يتحرك وجسما آخر ثابتا لا يتحرك ؟


راكب يمشى على ظهر سفينة فى عرض البحر .. لو أردنا أن نقدر موضعه فسوف نحاول أن نقيس مكانه بالنسبة للصارى أو المدخنة .. فنقول مثلا إنه على بعد كذا من مدخنة السفينة ..
ولكن هذا التقدير خاطىء لأن المدخنة ليست ثابتة وإنما هى تتحرك مع السفينة التى تتحرك بأسرها فى البحر ..

إذن نحاول أن نعرف موضعه بالنسبة للأرض فنقول إنه عند تقاطع خط طول كذا بخط عرض كذا ولكن هذا التقدير خاطىء أيضا لأن الأرض باسرها تتحرك فى الفضاء حول الشمس ..

إذن نحاول أن نقدر وضعه بالنسبة للشمس ، ولكن الشمس تتحرك مع مجموعتها الشمسية فى الفضاء حول مركز مدينتها النجمية الكبرى ..

إذن نحاول أن نعرف موضعه بالنسبة للمدينة النجمية الكبرى .. لا فائدة ايضا .. فالمدينة النجمية هى الأخرى جزء من مجرة هائلة اسمها درب التبانة ، وهى تتحرك حول مركز التبانة ..

إذن نحاول أن نعرف وضعه بالنسبة للتبانة .. للأسف .. لا أمل .. لأن التبانة هى الأخرى تتحرك مع عدد من المجرات حول مصيبة أخرى لا يعلمها إلا الله ..

وحتى بافتراض أننا أحطنا بكل مجرات الكون ومدنه النجميه الهائلة وعرفنا حركاتها كلها بالنسبة للكون .. لا فائدة ايضا .. لأن الكون كله فى حالة تمدد .. وكل أقطاره فى حالة انفجار دائم فى جميع الإتجاهات ..

إذا هناك إستحالة مؤكدة ..


لا سبيل لمعرفة المكان المطلق لأى شىء فى الفضاء .. وإنما نحن فى أحسن الأحوال نقدر موضعه النسبى بالنسبة إلى كذا وكذا .. أما وضعه الحقيقى فمستحيل معرفته .. لأن كذا وكذا فى حالة حركة هى الأخرى ..

وأغلب الظن أنه لا يوجد شىء اسمه "وضع حقيقى" ..

فإذا جئنا إلى الحركة فالمشكلة هى نفس المشكلة ..

فأنت فى قطار ، حينما يمر بك قطار آخر قادم فى عكس الإتجاه .. فإنك للوهلة الأولى يختلط عليك ، يُخيل إليك أن قطارك واقف والآخر هو الذى يتحرك .. وأنت عادة تقدر سرعته خطأ فيخيل إليك أنه يسير بسرعة خاطفة (بينما هو فى الواقع يسير بمعدل سرعة القطار الذى تركبه) ..

وإذا كان يسير فى نفس إتجاه قطارك وموازٍى له .. فأنت يخيل إليك أن القطارين واقفان ..

فإذا أغلقت نوافذ قطارك خيل إليك أنه ساكن لا يتحرك ..

ولا سبيل للخروج من هذا الخلط إلا بالمقارنة بمرجع ثابت .. كأن تفتح النوافذ وتنظر إلى الأشجار أو أعمدة البرق .. فتدرك بالمقارنة أن القطار يتحرك بالنسبة لها ..

فإذا كان قطارك واحدا من عدة قطارات فلا سبيل إلى تمييز حركاتها من سكونها إلا بالخروج منها ومشاهدتها من مكان بعيد من على رصيف محظة ثابتة ..

القطع إذا بحركة جسم وسكونه يحتاج إلى رصيف ثابت للملاحظة ، وبدون مرجع ثابت لا يمكن معرفة الحركة من السكون .. وعلى الأكثر يمكن معرفة الحركة النسبية فقط ..

فإذا تركنا القطارات وجئنا إلى الكون فالمعروف أنه فى حالة حركة ككل وكأجزاء .. الأرض مثلا تدور حول محورها بسرعة ألف ميل فى الساعة .. وحول الشمس بسرعة عشرين ميلا فى الثانية .. والشمس تتحرك ضمن مجموعتها الشمسية بسرعة 13 ميلا فى الثانية حول مدينتها النجمية .. والمدينة النجمية تتحرك داخل درب التبانة بسرعة مائتى ميل فى الثانية .. ودرب التبانة تتحرك نحو المجرات الأخرى بسرعة مائة ميل فى الثانية ... الخ

وقد تعب نيوتن من مشكلة البحث عن الحركة الحقيقية .. وظل يتخبط من حركة نسبية إلى حركة نسبية .. فحاول الخروج من المشكلة بافتراض أن هناك جسما ساكنا تماما يوجد فى مكان ما بعيد غير معروف ، تقاس به الحركة الحقيقية .. ثم عاد فاعترف بعجزه عن البرهنة على وجود هذا الجسم الثابت .. واعتبر أن الشىء الثابت هو الفضاء نفسه واستمر على هذه العقيدة بدوافع دينية ، قائلا أن الفضاء يدل على وجود الله .. ولم تنفع بالطبع هذه الدروشة ..

ولم يكن العلماء أقل دروشة من نيوتن فقد افترضوا مادة ثابتة تملأ الفضاء .. هى الإثير .. وبرهنوا على وجود الأثير بالطبيعة الموجية للضوء قائلين إن الأمواج لا بد لها من وسط مادىّ تنتشر فيه كما ينتشر موج البحر فى الماء وأمواج الصوت فى الهواء .. كذلك أمواج الضوء لا بد لها من وسط ..

وحينما أثبتت التجارب أن الضوء يمكن ان ينتشر فى الهواء المفرغ فى ناقوس ، قالوا بوجود مادة اسمها الأثير تملأ كل الفراغات الكونية .. واعتبروا هذا الاثير المزعوم مرجعا ثابتا يمكن أن تنتسب إليه الحركات وتكتشف به الحركات الحقيقية ..

وفى سنة 1881 أجرى العالمان ميكلسون ومورلى تجربة حاسمة بغرض إثبات وجود الاثير ..

وفكرة التجربة تتلخص فى أن الأرض تتحرك خلال الأثير بسرعة عشرين ميلا فى الساعة .. فهى بذلك تحدث تيارا فى الاثير بهذه السرعة .. فلو أن شعاع ضوء سقط على الارض فى اتجاه التيار فإنه لابد ستزداد سرعته بمقدار العشرين ميلا .. فإذا سقط فى اتجاه مضاد للتيار فلابد أن سرعته سوف تنقص بمقدرا العشرين ميلا .. فإذا كانت السرعة المعروفة للضوء هى 186284 ميلا فى الثانية ، فإنها ستكون فى التجربة الأولى 186304 وفى التجربة الثانية 186264 ..

وبعد متاعب عديدة قام ميكلسون ومورلى بتنفيذ التجربة بدقة .. وكانت النتيجة المدهشة أنه لا فرق بين سرعتى الضوء فى الإتجاهين ، وأنها 186284 بدون زيادة أو نقصان ..

وأن سرعة الارض فى الأثير تساوى صفر ..

وكان معنى هذا أن يسلم العلماء بأن نظرية الاثير كلام فارغ .. ولا وجود لشىء اسمه الأثير .. أو يعتبروا أن الارض ساكنة فى الفضاء ..

وكانت نظرية الأثير عزيزة عند العلماء لدرجة أن بعضهم شكّ فى حركة الأرض واعتبرها ساكنة فعلا ..

أما أينشتين فكان رأيه فى المشكلة .. أن وجود الأثير خرافة لا وجود لها ، وأنه لا يوجد وسط ثابت ولا مرجع ثابت فى الدنيا .. وأن الدنيا فى حالة حركة مصطخبة ..

وبهذا لا يكون هناك وسيلة لأى تقدير مطلق بخصوص الحركة أو السكون .. فلا يمكن القطع بأن جسما ما يتحرك وأن جسما ما ثابت .. وإنما كل ما يقال ان الجسم كذا يعتبر متحركا بالنسبة إلى الجسم كذا .. كل ما هناك ، حركة نسبية أما الحركة الحقيقية فلا وجود لها .

كما وأن السكون الحقيقى لا وجود له ايضا ، والفضاء الثابت لا معنى له ..

ويؤيد هذا رأى قديم لفيلسوف اسمه ليبنتز يقول فيه :

"إنه لا يوجد شىء اسمه فضاء .. وما الفضاء سوى العلاقة بين الأجسام بعضها البعض" .

وكانت هناك مشكلة ثانية تفرعت عن تجربة ميكلسون ومورلى هى ثبات سرعة الضوء بالرغم من اختلاف أماكن رصدها .. وقد تأكد بعد هذا أن هذه السرعة ثابتة لا بالنسبة لزوايا الرصد المختلفة على الأرض وحدها .. وإنما هى ثابتة بالنسبة للشمس والقمر والنجوم والنيازك والشهب وأنها أحد الثوابت الكونية ..

وقد استخلص أينشتين من هذه الحقيقة قانونه الأول فى النسبية ، وهو أن قوانين الكون واحدة لكل الأجسام التى تتحرك بحركة منتظمة .


ولشرح هذا القانون نورد المثل :

مَثل الراكب على السفينة الذى يتمشى على سطحها بسرعة ميل واحد فى الساعة .. لو أن السفينة كانت تسير بسرعة 15 ميلا فى الساعة (15 + 1) .. ولو أنه غيّر إتجاهه وسار بالعكس (عكس إتجاه السفينة) لاصبحت سرعته بالنسبة إلى البحر (15 – 1) أى 14 ميلا فى الساعة .. برغم أنه لم يغير سرعته فى الإتجاهين .. ومعنى هذا أنه وهو نفس الشخص يسير بسرعتين مختلفتين 14 و 16 فى نفس الوقت .. وهذه إستحالة ..

وأينشتين يكشف سر هذه الإستحالة قائلا إن هناك خطأ حسابيا ..

والخطأ الحسابى هنا هو الإضافة والطرح لكميات غير متجانسة .. واعتبار أن المسافة المكانية لحادثة يمكن أن ينظر إليها مستقلة عن الجسم الذى اتخذ مرجعا لها .. وهو هنا الراكب ..
والسرعة ميل واحد فى الساعة هى سرعة الراكب والمسافة هنا مرجعها الراكب .. أما الـ 16 ميل سرعة السفينة فهى بالنسبة إلى البحر .. ولا يمكن إضافة الـ 15 ميل إلى الواحد لأنهما مسافتين من نظامين مختلفين .. فالحساب هنا خطأ تبعا لقانون النسبية الأول الذى يقول بوحدة القوانين للأجسام التى تتحرك بحركة منتظمة داخل نظام واحد ..

والقانون لا ينطبق على المسافة المكانية وحدها وإنما هو ايضا ينطبق على الفترات الزمنية .. فالفترة الزمنية لحادثة لا يمكن ان ينظر لها مستقلة عن حالة الجسم المتخذ مرجعا لها ..

وهذا يجرّنا إلى الحلقة الثانية فى النظرية النسبية وهى الزمان ..

لقد رفض أينشتين فكرة المكان المطلق .. واعتبر أن المكان دائما مقدار متغير ونسبى .. واعتبر التقدير المطلق لوضع أى جسم فى المكان مستحيلا .. وإنما هو فى أحسن الحالات يقدر له وضعه بالنسبه إلى متغير بجواره ..

كما اعتبر إدراك الحركة المطلقة لجسم يتحرك بانتظام أمرا مستحيلا وبالمثل إدراك سكونه المطلق ..

إنه عاجز عن اكتشاف الحالة الحقيقية لجسم من حيث الحركة والسكون المطلقين طالما أن هذا الجسم فى حالة حركة منتظمة .. وكل ما يستطيع أن يقوله إن هذا الجسم يتحرك حركة نسبية معينة بالنسبة إلى جسم آخر ..

وهناك مثل طريف يضربه العالم الرياضى هنرى بوانكاريه على هذا العجز .. فهو يقول :

"لنتصور معا أن الكون أثناء استغراقنا فى النوم قد تضاعف فى الحجم ألف مرة .. كل شىء فى الكون بما فى ذلك السرير الذى ننام عليه ، بما فى ذلك الوسادة والغرفة والشباك والعمارة والمدينة والسماء والشمس والقمر والنجوم .. بما فى ذلك أجسامنا نحن أيضا .. بما فى ذلك الذرات والجزيئات والأمواج .. بما فى ذلك أجهزة القياس العيارية التى نقيس بها ..

ماذا يحدث لنا حينما نستيقظ ؟

يقول بوانكاريه فى خبث شديد .. إننا لن نلاحظ شيئا .. ولن نستطيع أن ندرك أن شيئا ما قد حدث ولو استخدمنا كل ما نملك من علوم الرياضة ..

إن الكون قد تضاعف فى الحجم ألف مرة .. هذا صحيح .. ولكن كل شىء قد تضاعف بهذه النسبة فى ذات الوقت .. والنتيجة أن النسب الحجمية العامة تظل محفوظة بين الأشياء بعضها البعض ..

ونفس القصة تحدث إذا تضاعفت سرعة الأشياء جميعها أثناء النوم وبنفس النسبة .. فإننا نصحو فلا ندرك أن شيئا ما قد حدث بسبب عجزنا عن إدراك الحركة المطلقة ..

هذا ما قاله أينشتين عن المكان وعن الحركة فى المكان ..

فماذا قال عن الزمان ..

إن المكان والزمان هما حدان غير منفصلين فى الحركة ..

فماذا قالت النسبية عن هذا الحدّ الثانى ؟
__________________

محمد الحبشي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 08-04-2009, 06:25 AM   #34
محمد الحبشي
قـوس المـطر
 
الصورة الرمزية لـ محمد الحبشي
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
الإقامة: بعيدا عن هنا
المشاركات: 3,527
إفتراضي

الزمان



لا شىء يبعث على الحيرة أكثر من هذه الكلمة المبهمة الغامضة .. الزمان ؟

ما هو الزمان ؟

هناك زمان نتداوله فى معاملاتنا ونعبر عنه بالساعة واليوم والشهر ..

وهناك زمان نفسانى داخلى يشعر به كل منا فى دخيلة نفسه ..

والزمان الخارجى الذى نتداوله زمان مشترك .. نتحرك فيه كما يتحرك غيرنا .. نحن فيه مجرد حادثة من ملايين الحوادث .. ومرجعنا فيه تقويم خارجى .. أو نتيجة حائط ..

أما الزمن الداخلى فهو زمن خاص .. لا يقبل القياس .. لأنه لا مرجع له سوى صاحبه .. وصاحبه يختلف فى تقديره .. فهو يشعر به شعورا غير متجانس .. لا توجد لحظة فيه تساوى اللحظة الأخرى .. فهناك اللحظة المشرقة المليئة بالنشوة التى تحتوى على اقدار العمر كله .. وهناك السنوات الطويلة الفارغة التى تمر رتيبة خاوية كأنها عدم .. وهو زمن متصل فى ديمومة شعورية وكأنه حضور ابدى ، الماضى فيه يوجد كذكرى فى الحاضر ، والمستقبل يولد كتطلع وتشوّف فى الحاضر ، اللحظة الحاضرة هى كل شىء .. ونحن ننتقل من لحظة حاضرة إلى لحظة حاضرة ولا ننتقل من ماضى إلى حاضر إلى مستقبل .. نحن نعيش فى حضور مستمر .. نعيش شاخصين باستمرار إلى سيّال من الحوادث ينهال أمام حواسنا لا نعرف فى هذا الزمن الداخلى سوى "الآن" .. ننتقل من "آن" إلى "آن" .. ولا يبدو انقطاع النوم فى هذه الآنات إلا كانقطاع وهمى ما يلبث أن تصله اليقظة ..

هذا الزمن الذاتى النفسى ليس هو الزمن الذى يقصده آينشتين فى نظريته النسبية .. إنه زمن برجسون وسارتر وهيدجر وكيركجارد وسائر الفلاسفة الوجوديين ، ولكنه ليس زمن آينشتين ..

أما زمن آينشتين فهو الزمن الخارجى الموضوعى .. الزمن الذى نشترك فيه كأحداث ضمن الأحداث اللانهائية التى تجرى فى الكون .. الزمن الذى نتحرك بداخله وتتحرك الشمس بداخله وتتحرك كافة الكواكب والنجوم ..

وهو زمن له معادل موضوعى فى نور النهار .. وانحراف الظل .. وظلمة الليل .. وحركات النجوم .. وهو الزمن الذى نتفاهم من خلاله ونأخذ المواعيد ونرتبط بالعقود ونتعهد بالإلتزامات ..

ماذا يقول آينشتين فى هذا الزمان ؟


إنه يتناوله فى نظرية النسبية بنفس الطريقة التى يتناول بها المكان ..
المكان المطلق فى النسبية لا وجود له ..
إنه لا أكثر من تجريد ذهنى خادع ..

المكان الحقيقى هو مقدار متغير يدلّ على وضع جسم بالنسبة لآخر ولأن الأجسام كلها متحركة فالمكان يصبح مرتبطا بالزمان بالضرورة .. وفى تحديد وضع أى جسم يلزم أن نقول إنه موجود فى المكان كذا فى الوقت كذا .. لأنه فى حركة دائمة ..

وبهذا ينقلنا أينشتين فى نظريته إلى الزمان ليشرح هذه الرابطة الوثيقة بين المكان والزمان ..

الزمن المعروف بالساعة واليوم والشهر والسنة ما هو إلا مصطلحات ترمز إلى دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس أو بشكل آخر "مصطلحات لأوضاع مختلفة فى المكان" .

الساعة هى دورة الارض 15 درجة حول نفسها .. اليوم هو دورة كاملة .. والسنة هى التفافها الكامل حول الشمس ..

حتى الساعة التى نحملها فى معاصمنا عبارة عن إنتقالات فى المكان (إنتقالات عقرب على ميناء دائرى من رقم إلى رقم) .

الزمان والمكان متصلان فى حقيقة واحدة ..

وينتقل بعد هذا إلى النقطة الثانية فيقول :

إن كل الساعات على الارض مضبوطة على النظام الشمسى .. لكن النظام الشمسى ليس هو النظام الوحيد فى الكون .. فلا يمكن ان نفرض تقويمها الزمنى على الكون ونعتبر الكميات التى نقيس بها كميات مطلقة منزلة ..

فالإنسان الذى يسكن عطار مثلا سوف يجد للزمن دلالات مختلفة .. إذ أن عطارد يدور حول نفسه فى 88 يوما .. وهو فى هذه المدة نفسها يكون قد دار أيضا حول الشمس .. ومعنى هذا أن طول اليوم العطاردى يساوى طول السنة العطاردية .. وهو تقويم يختلف تماما عن تقويمنا ..
وبذلك يكون الزمن مقدارا لا معنى له إذا لم ينسب إلى النظام الذى اشتق منه ..

ولا يمكن أن نفرض كلمة مثل "الآن" على الكون كله .. فهى أولا كلمة ذاتية نفسية .. وحتى إذا اقتصرنا على معناها الموضوعى وهو تواقت حدثين وحدوثهما معا فى ذات اللحظة .. فإن هذا التواقت لا يمكن أن يحدث بين أنظمة مختلفة لا اتصال بينها ..

ويشرح أينشتين هذه النقطة وهى من أعمق تطبيقات النسبية وأكثرها غموضا فيقول :

إن متكلما من نيويورك يمكن أن يخاطب فى التليفون متكلما آخر فى لندن .. ويكون الأول يتحدث فى ساعة الغروب بينما الآخر فى منتصف الليل .. ومع ذلك يمكن لنا أن نجزم بتواقت الحدثين وحدوثهما معا فى ذات اللحظة .. والسبب أن الحدثين يحدثان معا على أرض واحدة خاضعة لتقويم واحد هو التقويم الشمسى ..

أما القول بأنه من الممكن أن يحدث على الأرض وعلى الشعرى اليمانية مثلا .. أحداث متواقتة فى آن واحد .. فهو أمر مستحيل .. لأنها أنظمة مختلفة لا اتصال بينها ..


والإتصال الوحيد وهو الضوء يآخذ آلاف السنين لينتقل من واحد من هذه الأنظمة إلى الآخر .. ونحن حينما نرى أحد هذه النجوم ويخيل إلينا أننا نراه "الآن" .. نحن فى الحقيقة نراه عن طريق الضوء الذى ارتحل عنه منذ آلاف السنين ليصلنا .. نحن فى الواقع نرى ماضيه ويخيل إلينا أننا نرى حاضره .. وقد يكون فى الحاضر قد انفجر واختفى أو ارتحل بعيدا خارج مجال رؤيتنا .. ما نراه فى الواقع إشارة إلى ماض لا وجود له بالمرة ..

لابد أولا لكى نجزم "بالآنية" من أن نعرف العلاقات بين الحوادث والمجاميع الكونية .. ونعرف نسبية كل مقدار موجود فى إحدى المجاميع إلى المقادير الموجودة فى المجاميع الأخرى .. ولابد من وجود وسيلة إتصال حاسمة تنقلنا عبر الأبعاد الفلكية الشاسعة ..

ولكن للأسف أسرع وسيلة مواصلات كونية إلى الآن هى الضوء وسرعته 186284 ميلا فى الثانية .. وهذه السرعة تمثل حدود معلوماتنا والسقف الذى تنتهى عنده المعادلات والرياضيات النسبية الممكنة ..

ويعود اينشتين ليشرح هذا الكلام بتجربة خيالية ..

إنه يتصور شخصا جالسا على رصيف محطة فى منتصف مسافة بين النقطتين أ ، ب على شريط سكة حديد يجرى عليه قطار .. ويتخيل أن ضربتين من البرق حدثتا فى نفس الوقت وأنهما سقطتا على القضيب أ وعند ب وأن الشخص الجالس على الرصيف يراقب العملية مزودا بمرايا جانبية عاكسة ..

سوف يرى ضربتى البرق فى وقت واحد فعلا ..

فإذا حدث وجاء قطار سريع متجها من ب إلى أ وكان على القطار شخص آخر مزودا بمرايا عاكسة ليلاحظ ما يجرى فهل يلاحظ أن ضربتى البرق حدثتا فى وقت واحد فى اللحظة التى يصبح فيها محاذيا للملاحظ على الرصيف ؟

وليقرب أينشتين المثل إلى الذهن يفترض أن القطار يسير بسرعة الضوء فعلا .. ومعنى هذا أن ضربة البرق ب التى تركها خلفه لن تلحق به لأنه يسير بنفس سرعة موجة الضوء وهو لهذا لن يرى إلا ضربة البرق أ ..

فلو كانت سرعة القطار اقل من سرعة الضوء .. فإن ضربة البرق ب سوف تلحق بعده متأخرة بينما سيشاهد ضربة البرق أ قبلها .. وبذلك لن يرى الحدثين متواقتين .. فى آن واحد ..

بينما يراهما الملاحظ على الرصيف متواقتين فى آن واحد ..

وبهذا التناقض يشرح لنا اعمق ما فى نظريته .. ما يسميه "نسبية الوقت الواحد" .. وكيف أن الإنسان لا يستطيع أن يطلق كلمة الآن على الكون .. وإنما يمكن ان يطلقها على نظامه الزمنى .. لأن كل مجموعة من الأجسام لها زمنها الخاص ومرجعها الخاص ..

والنتيجة التى يخرج بها أينشتين أن الزمان مقدار متغير فى الكون وأنه لا يوجد زمان واحد للكون كله .. وإنما يوجد عديد من الأزمان .. كلها مقادير متغيرة لا يمكن نسبتها غلى بعضها إلا بالرجوع إلى أنظمتها واكتشاف علاقة حوادثها بعضها بالبعض وتحقيق الإتصال بينها ..

وهذا مستحيل .. لسبب بسيط ..

أن أسرع المواصلات الكونية وهى الضوء لا تستطيع أن تحقق تواقتا بين أطرافه ..

والنتيجة الثانية التى يخرج بها .. أنه بما أن سرعة الضوء هى الثابت الكونى الوحيد فينبغى تعديل الكميات التى نعبر بها عن الزمان والمكان فى كل معادلاتنا لتتفق مع هذه الحقيقة الاساسية ..

ومن الآن فصاعدا يصبح الزمان مقدارا متغيرا .. والمكان مقدارا متغيرا ..

وهذا يلقى بنا إلى نتائج مدهشة ..
__________________

محمد الحبشي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 09-05-2009, 06:19 PM   #35
محمد الحبشي
قـوس المـطر
 
الصورة الرمزية لـ محمد الحبشي
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
الإقامة: بعيدا عن هنا
المشاركات: 3,527
إفتراضي

نتائج مدهشة



عرفنا أن الزمن مقدار متغير يتوقف على المجموعة المتحركة التى يشتق منها .. وأن كل زمن له مرجع هو حركة الجسم وحركة المجموعة التى يستنبط منها اساس تقويمه الزمنى ..

فإذا حدث وتغيرت حركة الجسم فإنه ينبغى أن يتغير زمنه ..

وبما أن الحد الاقصى لسرعة الحركة هو سرعة الضوء 186284 وهذا الرقم يمثل حدود معرفتنا والسقف الذى تقف عنده معادلاتنا وحساباتنا الرياضية ..

وما يقال عن الزمان يقال عن المكان ..

ويضرب أينشتين مثلا بسيطا لهذا الكلام فيقول :

أننا إذا تصورنا ساعة ملتصقة بجسم متحرك .. فإن هذه الساعة لا بد أن تسير بسرعة أخرى مختلفة عن سرعة ساعة ملتصقة بجسم ساكن كالجدار مثلا ..

وبالمثل فإن مسطرة تتحرك فى الفضاء لابد أن يتغير طولها تبعا لحركتها ..

وعلى وجه الدقة .. فإن الساعة الملتصقة بجسم متحرك .. تتأخر فى الوقت كلما زادت سرعة الجسم حتى تبلغ سرعة الجسم سرعة الضوء فتتوقف الساعة تماما ، والشخص الذى يصاحب الساعة فى حركتها لا يدرك هذه التغيرات .. وإنما يدركها الشخص الذى يلاحظها من مكان ساكن ..

وبالمثل تنكمش المسطرة فى إتجاه حركتها كلما زادت هذه الحركة حتى يتحول طول المسطرة إلى صفر حينما تبلغ سرعة الضوء ..

والتفسير بسيط .. إن الساعة التى تسير بسرعة الضوء لن يصل إلينا الشعاع القادم منها .. فهى بالنسبة لنا ستبدو متوقفة عند أوضاع العقارب التى شاهدناها بها أول مرة .. فإذا كانت تسير بسرعة عالية لكن اقل من سرعة الضوء فإن رؤيتنا للتغيرات على وجهها ستبدو دائما متخلفة .. وسنشعر أنها تؤخر ..

وبالمثل مسطرة تتحرك بسرعة الضوء فإننا لن نرى منها إلا نقطة .. إلا طول مقداره صفر .. فإذا كانت حركتها سريعة ولكن اقل من سرعة الضوء فإنها ستبدو اقل طولا مما هى عليه ..

أما بالنسبة للمسافر بهذه السرعة العالية فإنه لن يلاحظ أى تغير .. إن دقات قلبه سوف تبطىء ولكن ساعة يده سوف تؤخر .. وهو لهذا لن يلحظ أى تغير فى سرعة قلبه ..


ولكن الذى يلاحظه من على الأرض بتلسكوب مثلا سوف يكتشف أن يكبر ببطء ..

ولو قدر لواحد أن يسافر بصاروخ سرعته 167000 ميل ثانية مثلا .. ليقضى فى سفره عشر سنوات .. فإنه حينما يعود إلى الارض سوف يكتشف أنه كبر فى العمر خمس سنوات فقط ..

إنه يكبر ببطء لأن الزمن فى السرعات العالية يبطىء من إيقاعه لتصبح العشر سنوات خمس سنوات ..

أما إذا انطلق بسرعة أكبر من سرعة الضوء ولمسافة اكبر كأن يطير فى صاروخ إلى سديم أندروميدا وبسرعة خرافية بحيث يطوى هذه المسافة التى يقطعها الضوء فى مليون سنة يطويها هو ذهابا وإيابا إلى الارض فى 55 سنة .. فماذا يجد .. إنه يجد أن الأرض قد مضى عليها ثلاثة ملايين سنة فى غيابه .. لقد ابطا به زمنه وكاد يتوقف بينما ملايين السنين تطوى على الارض ..

وهو مجرد إفتراض طبعا لأنه لا احد يستطيع ان يتحرك بسرعة الضوء أو يتجاوزها .. ومستحيل على جسم مادى أن يخترق حاجز الضوء ..

لكن إذا تصورنا فرضا أن هذه المعجزة قد تحدث فإن هناك نكتة أخرى سوف تكون بإنتظار هذا المسافر العجيب .. فإنه إذا اخترق حاجز الضوء سوف يخرق حاجز الزمن فى نفس اللحظة ، فيبرح الارض اليوم ليعود إليها بالأمس بدلا من الغد .. سوف يتحول إلى مسافر فى الزمن الماضى .. فيسافر اليوم ويعود البارحة .. فيعثر على نفسه حينما كان فى ذلك اليوم الماضى ..وتتواجد منه نسختان لأول مرة فى آن واحد .. ويلتقى هو اليوم بنفسه وتوأمه البارحة ..

وهى ألغاز واحاجى تبدو كالهذيان وتخرق كل ما هو مألوف .. ولكن علماء الرياضيات لا ينظرون إلى المألوف ولا يستمدون علومهم من المألوف .. وإنما هم يعيشون فى المعادلات والحسابات والفروض .. والفيصل والحكم عندهم هى الارقام ..

ونحن لا نتصور كيف يمكن ان يبطىء إيقاع الزمن نتيجة الحركة ..

ولا نتصور كيف تتقلص أبعاد المكان بالحركة ..
والسبب هو التعود .. والأحاسيس المالوفة ..

فلم يحدث أن رأينا ساعة تؤخر بمجرد انها مثبتة فى قطار متحرك مثلا ..

ولم يحدث أن راينا مسطرة تنكمش فى إتجاه حركتها ..

والسبب أن السرع الأرضية كلها بما فيها سرعة الطائرات والصواريخ هى سرع صغيرة جدا بالنسبة لسرعة الضوء .. وبالتالى تكون التغيرات فى الزمان وفى المقاييس المترية طفيفة جدا جدا جدا .. ولا يمكن إدراكها بالحواس ..

فإذا أضفنا لهذا أن علم الطبيعة الكلاسيكية قد علمنا منذ الصغر أن الأجسام المتحركة تحافظ على أطوالها سواء فى الحركة أو السكون .. وأن الساعة تحافظ على إنضباطها سواء أكانت متحركة أو ساكنة .. فالنتيجة أننا نعيش سجناء .. أسرى آراء خاطئة .. وأحاسيس خاطئة .. تعمقت جذورها فينا يوما بعد يوم نتيجة الألفة ..

والعقل العبقرى وحده الذى يستطيع أن يمزق أستار هذه الألفة .. ويأخذ بأيدينا إلى حقيقة جديدة .. وهذا ما فعله أينشتين .. والنتيجة هى الدهشة وعدم التصديق ..

لأن الحقيقة تصدم حواسنا ..

ومن حسن الحظ أن العلم لم يتوقف عند مجرد الامثلة الخيالية والإفتراضات والمعادلات الجبرية وإنما استطاع أن يقدم دليلا ملموسا على صدق النسبية ..

استطاع "إيفز" سنة 1936 أن يثبت أن ذرة الأيدروجين المشع المنطلقة بسرعة عالية .. تطلق أشعة ترددها أقل من الذرات الساكنة ، أو بشكل آخر أن الزمن فيها ابطأ .. فتردد الموجة هو ذبذبتها فى الزمن ، وحينما نقول أن تردد الموجة يقل مع الحركة فإنه يكون مثل قولنا إن عقرب الساعة يتحرك على مينائها بطريقة ابطأ وأن زمنها يتأخر ..

وهكذا أمكن لأينشتين أن يثبت قصور رياضيات نيوتن وعدم كفايتها فى حساب السرع والأبعاد الكبيرة فى الكون الشاسع ..

وأثبت ماكس بلانك بالمثل قصور رياضيات الضوء الكلاسيكية وعدم كفايتها فى حساب العلاقات الدقيقة بين الابعاد الصغيرة جدا فى الذرة والفوتون ..

وكانت النتيجة هى النظرية النسبية كمحاولة لشرح ظواهر الكون الكبير ومعرفة علاقاته ..

والنظرية الكمية كمحاولة لشرح ظواهر عالم الذرة الصغيرة ومعرفة علاقاته ..

ولكن بين النظريتين فجوة ..

ولابد من محاولة ثالثة لربط النظريتين بقانون واحد ومعادلات واحدة حتى يتم ربط الكون كله فى إطار قانون واحد ..

فأينشتين عنده نظرية لا يريد أن يتزحزح عنها ..

أن الكون بسيط برغم تعدده .. وأن ظواهره الكثيرة برغم إختلافها وتناقضها فإن فيها وحدة ..

وهو يؤمن بهذه الوحدة إيمانا دينيا .. وهى تقوم فى ذهنه سابقة على أى برهان ..

وأكثر من هذا هو مؤمن بالمعنى التقليدى للمؤمنين فهو يعتقد فى إله ويعتقد أن الكون متسق ومنسجم .. وأنه آية من آيات النظام وأنه يمكن تعقله ..

وهو يرفض فكرة أن الكون فوضى .. ويرفض فكرة الصدفة والعشوائية ..

وهو فى عام 1925 يتقدم بنظرية "المجال الموحد" فى محاولة ليجمع شتات القوانين الطبيعية ويضمها تحت لواء قانون واحد ثم يعود فيستبعدها ويرفضها ..

إن الأمر اصعب بكثير مما تصور ..

وإذا عدنا للأساس الذى يبنى عليه أينشتين وحدة القوانين الطبيعية فإننا نرى أن اساسها عنده هو الضوء ..

فالضوء بسرعته الثابتة الواحدة خلال رحلته الأبدية فى أطراف الكون يضم أشتات الكون تحت لواء قانون واحد .. وفى نفس الوقت يزود الرياضيات بأحد الثوابت النادرة التى يمكن أن تعتمد عليها .. إن 186284 هو ثابت مطلق لا يتغير مقداره فى اى طرف من ارجاء الكون ..

وبما أنه يربط جميع المجموعات المتحركة ويتنقل بينها .. دون أن يتغير .. فلا بد ان هناك قاسما مشتركا أعظم لكل القوانين المختلفة التى تحكم هذه المجموعات ..

هناك امل إذن والطريق مفتوح ..

وإذا عدنا إلى مثل الساعة المتحركة والمسطرة المتحركة .. فإننا سوف نذكر أننا قلنا إن الساعة المنطلقة بجركة عالية تظل تؤخر وتؤخر حتى تبلغ سرعة الضوء فيتوقف الزمن فيها تماما ..

والمسطرة الطائرة بالمثل تظل تنكمش وتنكمش حتى تبلغ سرعة الضوء فيصبح طولها صفرا ..

وهذه مستحيلات فرضية بالطبع لأن سرعة الضوء حد أقصى لأى جسم أن يبلغها ، فهى قاصرة على الضوء ذاته ..

ولكن أينشتين يمعن فى الإفتراض فيبحث فى صفة ثالثة غير زمان الحسم ومكانه .. هى كتلته .. ويتساءل :

ماذا يحدث لكتلة جسم منطلق بسرعة عالية تقترب من سرعة الضوء ؟
__________________

محمد الحبشي غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .