نقد كتاب اتحاف الخلان في الكلام على حديث خلق آدم على صورة الرحمن
نقد كتاب اتحاف الخلان في الكلام على حديث خلق آدم على صورة الرحمن
الكتاب من تأليف سعد بن ضيدان السبيعي وهو من أهل العصر وهو يدور حول إثبات رواية خلق أدم على صورة الرحمن ومعناها ويكفى رد الرواية بكلمة صورة الرحمن فالرحمن تنزه عن الصور والصورة هى تعنى وجود جسم له كالمخلوقات وهو ما يتنافى مع قوله تعالى "ليس كمثله شىء" وفى مقدمته قال السبيعى:
" أما بعد:فهذا المبحث تكلمت فيه على حديث "خلق أدم على صورة الرحمن" فقمت بتخريجه، وجمع طرقه، والكلام على علله، وبيان من صححه من العلم، ومن ضعفه ثم تكلمت على معنى هذا الحديث، وما جاء في معناه من أحاديث، ومايدل عليه، وذكرت أقوال المخالفين وما جاء في الرد عليهم وقد أسميته بـ"اتحاف الخلان بالكلام على حديث خلق أدم على صورة الرحمن"
وقد أوضح السبيعى رأيه مباشرة بأنه يصدق الرواية لنقله الكلام التالى عن ابن تيمية فقال:
"ومن أنفس ما كتب في الكلام على الحديث، وما جاء في معناه من أحاديث، كحديث أبي هريرة مرفوعا عند البخاري (3326) (6227) ومسلم (7163): (خلق الله أدم على صورته، طوله سبعون ذراعا الحديث)ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه العظيم "بيان تلبيس الجهمية" في رده على الرازي فقد بين أنه لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير في هذا الحديث عائد إلى الله تعالى، وأن سياق الأحاديث كلها تدل على ذلكثم أوضح المسألة بما لامزيد عليه، فرد على المخالفين القائلين بأن الضمير في الحديث يعود على أدم (ص) من ثلاثة وعشرون وجها، ورد على من قال بأن الضمير في الحديث يعود على المضروب من ثلاثة عشر وجها وأثبت أن الضمير يعود على الله عزوجل، ودافع عن حديث"خلق أدم على صورة الرحمن"،فراجعه فإنه مهم أقول وأليس الشأن هنا إثبات الصورة لله عز وجل فهذا له موضع آخر، فالنصوص في إثبات الصورة لله جل في علاه متواترة في السنة، وأجمع على ذلك سلف الأمة"
السبيعى هنا يتحدث عن أنه لا توجد مشكلة فى وجود صورة لله تعالى عن ذلك علوا كبيرا لأن الصورة ثابتة بالروايات وهو كلام لا يقوله من يصدق بقوله تعالى "ليس كمثله شىء"
الروايات وإن اجمعت وأجمع الناس عليها فهى كذب على الله ورسوله(ص) الذى لم يقل شىء من هذا العبث فى ذات الله لأن التعبير يثبت وجود جسم ووجود حدود لله ووجود أجزاء لله لأن أى جسم مكون من أجزاء فالمقولة هى كوارث متتالية تجعل الله وكأنه واحد صاحبنا من المخلوقات تعالى عن ذلك علوا كبيرا
هرب الرجل من صورة الرحمن للحديث عن كون صورة آدم (ص)على صورة الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا فقال :
"إنما الشأن الكلام على حديث: (خلق آدم على صورة الرحمن)،وحديث: (خلق الله آدم على صورته)"
استهل الرجل الكتاب بالحديث عن إثبات صحة الحديث فقال :
صحة حديث: (إن الله خلق آدم على صورة الرحمن)
الحديث جاء من ثلاثة طرق:
الطريق الأول:
أخرجه عبدالله بن أحمد في السنة (498) , وابن أبي عاصم في السنة (529)،والحارث في مسنده (24)،وابن خزيمة في التوحيد (44)، و الآجري في الشريعة (725) (3/ 1152)،والطبراني في الكبير (13404)، والدارقطني في الصفات (50) ,والحاكم في المستدرك (3296)،والبيهقي في الأسماء والصفات (432)،وابن بطة في الإبانة (2573) كلهم من طريق جرير بن عبدالحميد عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء , عن ابن عمر مرفوعا بلفظ: (لا تقبحوا الوجه , فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن)
الطريق الثاني:
أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (45) من طريق سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء مرسلا بلفظ: (لا تقبحوا الوجه , فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن)
الطريق الثالث:
أخرجه عبدالله بن أحمد في السنة (1243) وابن أبي عاصم في السنة (533) وابن بطة في الإبانة (2575)
من طريق عبدالله بن لهيعة عن أبي يونس سليم بن جبير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): (من قاتل فليجتنب الوجه , فإن صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن)والدارقطني في الصفات (51) من طريق ابن لهيعة عن الأعرج عن أبي هريرة
أقول هذا الحديث بطريقه الأول أعله الإمام ابن خزيمة بعلل ثلاث:
الأولى: أن الثوري قد خالف الأعمش في إسناده , فأرسله الثوري ولم يقل عن ابن عمر
الثانية: أن الأعمش مدلس لم يذكر أنه سمعه من حبيب بن أبي ثابت
الثالثة: أن حبيب بن أبي ثابت أيضا مدلس لم يعلم أنه سمعه من عطاء
أقول والعلة الرابعة:
حديث حبيب بن أبي ثابت عن عطاء ليس بمحفوظ
قال يحيى بن سعيد القطان عن حبيب بن أبي ثابت: حديثه عن عطاء ليس بمحفوظ وقال العقيلي: وله عن عطاء أحاديث لايتابع عليها منها حديث عائشه لاتسبخي عنه
والعلة الخامسة:
في سماع عطاء بن أبي رباح من ابن عمر قال الإمام أحمد: لم يسمع عطاء من ابن عمر
وقال علي بن المديني: رأى ابن عمر ولم يسمع منه
مع أن عطاء قد رأى ابن عمر كما عند البخاري معلقا، وذكر الطبراني أحاديث فيها تصريح عطاء بالسماع من ابن عمر والا يصح منها شيء
والعلة السادسة:
جرير بن عبدالحميد الضبي نسب في أخر عمره إلى سوء الحفظ
قال الذهبي ذكر البيهقي في سننه في ثلاثين حديثا لجرير بن عبدالحميد قال: قد نسب في أخر عمره إلى سوء الحفظ
أقول وقد تفرد به أيضا عن الأعمش!
قال الدارقطني: حديث لاتقبحوا الوجه تفرد به جرير بن عبدالحميد عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء
الجواب عن العلة الأولى:
أن هذه ليست بعلة لأمور ثلاث:
1 - أن سفيان الثوري وإن كان أتقن من الأعمش إلا أن الأعمش أحفظ منه، فهى زيادة ثقة مقبوله
2 - أن الإمام ابن تيمية لم يجعل حديث الثوري المرسل معارضا لحديث الأعمش المسند المرفوع
قال : (عطاء بن أبي رباح إذا أرسل هذا الحديث عن النبي (ص) فلابد أن يكون قد سمعه من أحد، وإذا كان في أحد الطريقين قد بين أنه أخذه عن ابن عمر كان هذا بيانا وتفسيرا لما تركه وحذفه من الطريق الأخرى، ولم يكن هذا اختلافا أصلا)
3 - أن الإمام أحمد ذكر أن الثوري رواه موقوفا على ابن عمر ففي ترجمة أبي إسحاق ابن شاقلا ت 369 هـ قال: وأما أحمد بن حنبل فذكر أن الثوري أوقفه على ابن عمر وفي قال المروذي: قلت لأبي عبدالله: كيف تقول في حديث النبي (ص) " خلق آدم على صورته"؟
قال الأعمش: يقول: عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء , عن ابن عمر (إن الله خلق آدم على صورة الرحمن) فأما الثوري فأوقفه يعني حديث ابن عمر وهذا يخالف ما أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (1/ 86) من طريق سفيان الثوري , عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء مرسلا ,
وبهذا يجاب عن الطريق الثاني، أقول ولعل الإمام أحمد يقصد بالوقف الإرسال
الجواب عن العلة الثانية:
أن الأعمش من المقلين من التدليس، وذكره الحافظ ابن حجر في مراتب المدلسين في المرتبة الثانية أي ممن يحتمل تدلسيهم
الجواب عن العلة الرابعة:
يجاب عنها بأن جرير بن عبدالحميد الضبي يحدث من كتابه غالبا والتغير الذي حصل له لاتصح نسبته إليه، وإنما هو وهم!
قال أبو حاتم: صدوق، تغير قبل موته وحجبه أولاده
قال الذهبي: وكذا نقل أبوالعباس النباتي هذا الكلام في ترجمة جرير بن عبدالحميد وإنما المعروف هذا عن جرير بن حازم وقال ابن حجر وذكر صاحب الحافل :عن أبي حاتم: أنه تغير قبل موته فحجبه أولاده وهذا ليس بمستقيم، فإن هذا إنما وقع لجرير بن حازم، فكأنه اشتبه على صاحب الحافل أقول والذي يظهر أن هذا هو عمدة الإمام البيهقي، فلم أجد أحدا ذكر هذا غيره
والطريق الثالث: ضعيف , في سنده عبدالله بن لهيعة , والمحفوظ في الحديث مارواه أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة بلفظ) على صورته) عند أحمد (2/ 244)"
وقد انتهى السبيعى إلى أن الحديث ليس صحيحا فقال:
"فالخلاصة أن الحديث معلول بالإرسال وعنعنة حبيب بن أبي ثابت وحديثه أيضا عن عطاء ليس بمحفوظ وعطاء لم يسمع من ابن عمر نص على ذلك أحمد وابن المديني
فصل في من صحح الحديث
1 - الإمام أحمد قال إسحاق الكوسج سمعت أحمد يقول: هذا الحديث صحيح
2 - الإمام إسحاق ابن راهوية قال حرب الكرماني في كتاب السنة سمعت إسحاق بن راهويه يقول: صح أن الله خلق آدم على صورة الرحمن ،وقال: صحيح وألا يدعه إلا مبتدع أو ضعيف الرأي وفي ترجمة أبي إسحاق ابن شاقلا (ت 369 هـ) قال: وهذا الحديث يذكر عن إسحاق بن راهويه: أنه صحيح مرفوع
3 - وأبوعبدالله الحاكم في المستدرك (2/ 48) قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه
4 - ابن تيمية في نقض التأسيس في دفاعه عن هذا الحديث
5 - الحافظ الذهبي في السير (5/ 450) قال: صح من حديث ابن عمر
6 - الحافظ ابن حجر في الفتح (5/ 226) قال: رجاله ثقات -
أقول وقد جاء الحديث من رواية كل من:
معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة مرفوعا عند البخاري (3326) (6227) ومسلم (7163) بلفظ: (خلق الله أدم على صورته، طوله سبعون ذراعا الحديث)ورواه قتادة عن أبي أيوب المراغي عن أبي هريرة مرفوعا عند مسلم
|