العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة الفـكـــريـة

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نظرات في رِسَالَةٌ فِي الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: ابونا عميد عباد الرحمن (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: قراءة في مقال مخاطر من الفضاء قد تودي بالحضارة إلى الفناء (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في كتاب من أحسن الحديث خطبة إبليس في النار (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى بحث وعي النبات (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث أهل الحديث (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في كتاب إنسانيّة محمد(ص) (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الى هيئة الامم المتحدة للمرأة,اعتداء بالضرب على ماجدات العراق في البصرة (آخر رد :اقبـال)       :: المهندس ابراهيم فؤاد عبداللطيف (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: نظرات في مقال احترس من ذلك الصوت الغامض (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 27-03-2010, 12:06 AM   #1
د. تيسير الناشف
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2009
المشاركات: 32
إفتراضي الإبداع والتقدم العربي

الإبداع والتقدم العربي

د. تيسير الناشف

التقدم عملية متكاملة. ومما يعنيه تكامل العملية أنه لا يمكن أن تحدث في مجال وهي غائبة في المجالات الأخرى ذات الصلة. فالتقدم الزراعي لا يحقق دون التقدم الصناعي، والتقدم الصناعي لا يحقق دون التقدم الإقتصادي، والتقدم الإقتصادي لا يحقق إلا بعقلية متقدمة، والتقدم العقلي لا يحقق إلا بتطبيق نظام تعليمي وتثقيفي متقدم، وهذا النظام لا يحقق إلا بالإدارة المتقدمة. ووجوه التقدم هذه – التي تنطوي على التطور – لا تحقق إلا بإتاحة الفرصة للإبداع الفكري الذي هو عملية عقلية نفسية خلاقة.
والإبداع الفكري لا يحقق دون الحرية الفكرية والعاطفية والنفسية والسياسية. وأظن أن من اللازم في هذا الصدد توضيح مفهوم السياسة. السياسة هي الفن أو العلم الذي يعنى بتحقيق القدرة على ممارسة التأثير ابتغاء تحقيق غرض معين أو أغراض معينة. وبهذا التعريف يمكن للنشاطات السياسية أن يقوم بها مختلف الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية.
ويقوم تفاعل مستمر فيما بين هذه المجالات الكثيرة. ولعوامل داخلية وخارجية صغيرة أو كبيرة أثرها أيضا في هذا التفاعل، وبالتالي في عملية التقدم المتكاملة. على سبيل المثال، أحد العوامل الكبيرة والخارجية في منع تحقيق التقدم العربي كان منع دول أوروبية لمحمد علي والي مصر من إقامة دولة عربية قوية وكبيرة تضم أراضي عربية في جنوب غربي آسيا. نقول ذلك منطلقين من الإفتراض – لأسباب تضيق رقعة هذا المقال عن تفصيلها – بأن إقامة دولة كهذه كان سيكون من شأنها أن تؤدي الى الإسراع بتحقيق التقدم.
ولا يمكن لأي شعب أن يكون مبدعا ما دام مستهلكا وناقلا: مستهلكا وناقلا لما أنتجه آخرون وينتجونه. وذلك لأنه لا إبداع في النقل، إذ لا إضافة في ما هو منقول. المنقول كائن وبالتالي حقق إبداعه. عملية الإبداع بالنسبة الى المنقول تمت بإخراج ما كان ممكنا الى حيز الوجود والحضور والتحقيق. والإبداع يتجاوز ما هو موجود.
بالإبداع يحقق ما هو ممكن. والإكتفاء بنماذج فكرية قائمة لا ينطوي على الإبداع، لأن إمكانات الفكر البشري أوسع من النماذج المكتشفة المعروفة. عن طريق الإبداع يمكن تحقيق الإمكانات الفكرية ومعرفة نماذج فكرية غير معروفة.
وفي مجتمعنا العربي توجد نماذج فكرية طيبة مفيدة لنا ونماذج فكرية سيئة مضرة بنا. والعصر الذي نعيش فيه يفرض علينا تحديات حياتية ويفرض علينا ضرورة التصدي لهذه التحديات من أجل المحافظة على أنفسنا. ولا يمكن التصدي لهذه التحديات ومراعاة ضرورة هذا التصدي إلا عن طريق الإبداع الفكري.
والقائلون بعدم وجود الحاجة الى الإبداع لحل مشاكلنا الإجتماعية والفكرية والإقتصادية والنفسية والثقافية قد لا يدركون طبيعة وحجم المشاكل التي تواجه الشعوب العربية وطبيعة ظروف العصر الحاضر التي تتسم بالمنافسة القوية والتي يسهم فيها العلم والتكنولوجيا إسهاما كبيرا في تقرير مصائر الشعوب، وقد لا يتوفر لديهم قدر كاف من التقدير لأهمية الإبداع في ضمان المصالح الوجودية للشعوب العربية. لكل عصر ولكل مجتمع ظروفهما ومتطلباتهما الحياتية الخاصة بهما. والتطبيق الكامل لأنساق فكرية قائمة، بدون تكييف تلك الأنساق، على مجتمع آخر في عصر آخر نشاط يدل على جهل بضرورة مراعاة متطلبات ذلك المجتمع في ذلك العصر، وهي المتطلبات التي توجدها ظروف المجتمع.
إن بعض المنطلقات الفكرية التي كانت ملائمة للحاجات العربية في أزمنة غابرة لم تعد يقينا ملائمة لبعض حاجاتنا في العصر الحاضر الذي تختلف ظروفنا الحياتية فيه عن ظروفنا في الأزمنة الغابرة. وعن طريق الإبداع الفكري يمكننا أن نعرف معالجة مثل هذه الحالات، وهي المعالجة التي تنطوي على محاولة معرفة المواقف ووجوه السلوك التي ينبغي لنا أن نتخلى عنها والمواقف ووجوه السلوك التي ينبغي لنا أن نتبناها في إطار مصالحنا وقيمنا ورؤانا المشتركة.
وتؤثر الأجزاء المبدعة من البشرية تأثيرا أكيدا وحتميا في الأجزاء غير المبدعة المتلقية وليست المعطية. والأجزاء غير المبدعة تؤدي دورا سلبيا على المسرح الدولي. والذين يناصبون الإبداع العداء شأنهم شأن الذين يريدون أن نبقى ضعفاء لا حول لنا ولا قوة، لا وزن لنا على الساحة الدولية.
وبالنظر الى أنه لا يمكن التصدي للتحديات إلا عن طريق الإبداع الفكري فإن عدم تحقيق الإبداع يعني بقاء التحديات الحياتية. وبالتالي مما تقتضيه المصلحة العربية المعنية بتأمين البقاء العربي أن تتاح فرصة تحقيق الإبداع الفكري.
والطاقة على الإبداع متوفرة لدى العرب. لديهم الإمكان الكامن للإبتكار. وحتى يتحقق هذا الإمكان يجب أن تتوفر الظروف الإجتماعية والثقافية والنفسية المؤاتية لتحقيق هذا الإمكان. ومن هذه الظروف التمتع بالحرية الإجتماعية والفكرية والنفسية والعاطفية بدون المساس يقينا بحريات الآخرين وبالصالح العام، والتحرر من الخوف من نتائج الإعراب عن الرأي، وإقامة العدالة والنهوض بمفهومي المجتمع المدني والمواطنة.
وتتمتع السلطة الحكومية في كل بلد بقدر لا يستهان به من التأثير في شتى المجالات. ولكن الواقع أن ذلك القدر أكبر بكثير في البلدان النامية منه في البلدان التقدمة النمو. في البلدان المتقدمة النمو للمجتمع المدني دور وتأثير أكبر مما للمجتمع المدني في البلدان النامية. في حالات كثيرة يكاد المجتمع المدني أن يكون منعدما أو يكاد تأثير ذلك المجتمع لا يستحق الذكر في كثير من البلدان النامية.
وفي العالم لا توجد بيئة اجتماعية وثقافية وسياسية ونفسية مؤاتية تماما لتحويل الإمكانالى حقيقة. ولكن البيئات يختلف بعضها عن بعض في مدى هذه المؤاتاة. ويبدو ان الدول المتقدمة النمو في الوقت الحاضر أكثر مؤاتاة من أماكن أخرى لتحقيق إمكان الإبداع هذا. ومرد ذلك شيوع قدر أكبر من الحرية الفكرية والنفسية والعاطفية والإجتماعية، ومراعاة أكبر للحدود بين السلطة الحكومية والمجتمع المدني.
في حالة وجود هذا المناخ تخف شدة قيود الخوف والتردد المفروضة على الدماغ والعقل كليهما، فينشط فيهما النشاط الفكري والنفسي والعاطفي، بقيود أقل على هذا النشاط، فيؤدي هذا النشاط الى ولوج عوالم فكرية وعاطفية ونفسية وفنية جديدة. وما كان لذلك الإنسان أن يدخل بفكره ونفسه وعاطفته تلك العوالم لولا النشاط الفكري العاطفي النفسي المحرر من الخوف والقيد.
ولعل الدليل على أن تفتق الإبداع لا يتحقق إلا بتوفر الظروف الإجتماعية النفسية المؤاتية لذلك هو تحقيق عدد لا يستهان به من الأشخاص المتحدرين من أصل عربي في الغرب لإنجازات هامة في مجالات العلوم الطبيعية والإجتماعية والإنسانية وفي حقل الإنتاج النثري والشعري والفن والإدارة والمال في شتى مراكز ومعاهد البحوث والجامعات في القطاعين الخاص والعام. ومن الأسئلة الهامة التي تلح على الخاطر السؤال: هل كان يمكن لأولئكم العلماء والأدباء المتفوقين أن يحققوا تلك المنجزات وذلك التفوق في مناخ اجتماعي وسياسي ونفسي آخر، مناخ يفتقر الى القدر الأدنى من الحرية والديمقراطية والى الحس بالتمتع بالحرية؟ على ضوء ما ذكر لا بد من أن يكون الجواب معروفا.
ولعل الدليل أيضا على أن تفتق الإبداع لا يتحقق إلا بتوفر الظروف الإجتماعية النفسية المؤاتية لذلك التحقق نبوغ الآلاف من العلماء والفلاسفة في العلوم الطبيعية والإجتماعية والإنسانية والفنانين والناثرين والشعراء في البلدان العربية والإسلامية في العصور الوسطى، وخصوصا في زمن الدولة العباسية والدولة الفاطمية والدول في الأندلس.
وإذا ألقينا نظرة على الوطن العربي لوجدنا أن الآلاف من العلماء والأدباء والمفكرين العرب قد نشأوا وأن لهم إنتاجاتهم التي تضاهي انتاجات على المستوى الدولي في ميادين الفكر والأدب والفن.


د. تيسير الناشف غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 27-03-2010, 12:44 AM   #2
د.علي
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: May 2009
الإقامة: الأرض.
المشاركات: 778
إفتراضي

أرحب بك د.تسيير الناشف، فحياك الله ، قرأت لك من قبل وراق لي ما راق.
هناك مشاكل كثيرة تواجهنا كأساتذة وأكادميين ومعالجين ومثقفين ومهتمين بتغيير الحالة الراهنة.
وعلى رأس تلك المشاكل هي حرية البحث العلمي والسلطة، والنقد لا يمكن أن يحصل إلا بعقوبة أشبه ما تكون بالإعدام ومحاكمة صورية غير علانية.
ومشكلة أخرى هي الطبقة المتعلمة المستفيدة من الحالة الراهنة.
ومشكلة أخرى هي نسبة الأمية في العالم العربي ( لمصلحة من؟) .
اجتماع ثقافي ( مع نخبة من الأساتذة ) قد يتسبب بإعتقالك .
مشاركة في الأنترنت قد تسبب بإعتقالك خصوصاً إذا وضعت معلومات شخصية.
كم علينا أن نقدم ( من الأرواح ) حتى نغير الحال ؟
لا نريد عراك بسلاح ولا نريد تعذيب غوانتانمو نريد حرية الكلمة، فقط؟!


هناك نقاط طيبة وهذا ما يجعلني متفائل .


على العموم قمنا - وسنقوم - بتربية الأبناء - والأحفاد - على المعرفة وحرية الكلمة المسؤولة وحمل الأمانة...

محبتي .
__________________
القارئ الكبير / زكي داغستاني رحمه الله .







قالوا سلام قالوا .
د.علي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 29-03-2010, 05:08 PM   #3
صلاح الدين
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: تونس ثورة الأحرار
المشاركات: 4,198
Smile

الأخ د. تيسير الناشف : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
و بعد ،

سعداء جميعا سيدي الكريم بهذه المقالات الفكرية المختصرة و المكتنزة التي تكتبها هنا في الخيمة الفكرية ،

وددت أن أحييك بكل صدق لتواجدك معنا و مثمنا قيمة المواضيع التي حصل لي إلى حد الآن شرف الإطلاع عليها .

لي عودة إن شاء الله للتفاعل مع ما جاء في الموضوع من أفكار و تساؤلات .


مودتي و احترامي .
__________________

صلاح الدين غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 02-04-2010, 04:15 PM   #4
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
موضوع هام للغاية ، وأظن أن الإبداع من الممكن أن يتحقق حتى في حالة وجود قيادة سياسية غير ديمقراطية إذا كان لها هدف تؤمن بأهمية تحقيقه كما هو الحال في المعسكر الشرقي سابقًا والصبن حاليًا ، والعديد من الكيانات السياسية الأقل ديمقراطية.
وجود فلسفة سياسية تؤمن بقيمة العلم ضروري لحدوث الإبداع ، لكن في الدول العربية ليست هناك أهداف أيديولوجية ولا سياسية تدفع القادة السياسيين للاهتمام بالإبداع ، لم يعد هناك الحلم العربي ولا مشاريع القومية العربية ، وانصرفت كل القيادات السياسية إلى معسكرين أساسيين معسكر أميريكي يستفيد بشكل مباشر أو شبه مباشر من اعتمادية شعوبها المستمرة على المساعدات وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ما لم تؤثر على مستقبلهم السياسي بشكل مباشر ، ومعسكر متخبط في تحالفات إقليمية شبه فاشلة لعدم وجود المظلة الدولية التي تؤمن لهم االاحتياجات من ناحية ولعدم التمحور على الإنسان كركيزة أساسية لتحقيق الأهداف السياسية المختلفة .
ونبوغ العديد من العلماء والمفكرين والأساتذة الجامعيين يشكل عنصر تهديد لصناع القرار بما يستوجب تحييدهم من خلال الزج بهم في السجون والمعتقلات أو الإقصاء الوظفي أو إرسالهم إلى الخارج لإقصائهم عن الحياة السياسية أو إغرائهم بالمناصب والعديد من الامتيازات للانصراف عن هذا الدور .
من جهة أخرى ،فلابد من تربية الشخصية ذات الفضول المعرفي الشخصية (المناكِفَة) لتحقيق المصلحة الجماعية ، وبذلك تجَابَه الأنظمة بإرادة شعبية غير قابلة للمحاصرة .
المستقبل -الأخطاء القاتلة-ضغوط الواقع ، وغيرها من العوامل قد تعد عناصر دافعة للتأمل فيما سوف تجنيه هذه الأنظمة اللإبداعية .
مقال رائع أشكرك عليه ونرجو لك دوام التوفيق
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .