إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة كريم الثاني
قال تعالى :
(( يريدون ان يطفؤوا نور الله بافواههم ويابى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون ))
صدق الله العظيم
|
إن منزلة القرآن عند الشيعة تظهر منها علامات تعجب كثيرة يراها المسلم ويقف عندها حائراً:
أولاً: فإنهم يعتقدون أن القرآن ليس حجة في نفسه، فعن منصور بن حازم أنه قال لأبي عبدالله (جعفر الصادق): إن القرآن لا يكون حجة إلا بقيّم، فأقرّه أبو عبدالله. والله تبارك وتعالى يقول:" أولم يكفهم أن أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم". وقولهم هذا يعني أن الحجة في قول الإمام لا في القرآن لأنه الأقدر على البيان، ولذلك يروون عن علي أنه قال: هذا كتاب الله الصامت، وأنا كتاب الله الناطق.
قلت: والله تبارك وتعالى يقول:" إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم".
ولاشك أن تلك الروايات من وضع عدو حاقد يريد أن يصد الشيعة عن كتاب الله تبارك وتعالى، وذلك أنهم ربطوا حجية القرآن بوجود القيّم وهو علي، ثم الحسن، ثم الحسين، وهكذا حتى يصل الأمر إلى المنتظر الغائب، وذلك منذ ما يزيد على خمسين ومئة سنة بعد الألف، لم نر هذا المنتظر الذي يزعمون. ولاشك أنها مؤامرة أرادت إبعاد الشيعة عن كتاب الله تبارك وتعالى. وإلا كيف تُفَسّر هذه الروايات؟ عن أبي جعفر قال: إن رسول الله فسّر القرآن لرجل واحد، وفسّر للأمة شأن ذلك الرجل وهو علي بن أبي طالب. وهذا إنما هو لصد الناس عن التدبر في كتاب الله تعالى والتأمل في معانيه، قال الله تبارك وتعالى:" إنّا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون"، وقال جلّ ذكره:" هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين".
وقالوا كذلك: إن قول الإمام ينسخ القرآن ويخصص عامه ويقيد مطلقه. قال محمد حسين آل كاشف الغطاء: إن حكمة التدريج اقتضت بيان جملة من الأحكام وكتمان جملة منها، ولكنه أودعها عند أوصيائه كل وصي يعهد به إلى الآخر لينشره في الوقت لمناسب له حسب الحكمة من عام مخصص أو مطلق مقيد أو مجمل مبين إلى أمثال ذلك، فقد يذكر النبي صلى الله عليه وسلم عاماً ويذكر مخصصه بعد برهة من حياته وقد لا يذكره أصلاً بل يودعه عند وصيه إلى وقته.
قلت: جعلوا الأئمة يخصصون القرآن برواياتهم، ويقيدون مطلقه وهذه لاشك طامة كبرى. هذا مع قول الله تبارك وتعالى:" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا".
أما عبثهم في تأويل القرآن فمنها أنهم قالوا:
قول الله تبارك وتعالى:" مرج البحرين يلتقيان"، قالوا: هما علي وفاطمة،
وقول الله تبارك وتعالى:" بينهما برزخ لا يبغيان"، قالوا: هو النبي،
وقول الله تبارك وتعالى:" يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان"، قالوا: هما الحسن والحسين.
وقالوا عن قوله تعالى:" لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد"، قالوا: لا تتخذوا إمامين إنما هو إمام واحد.
وقالوا عن قوله تعالى:" ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا"، قال القمّي: الكافر الثاني (أي عمر بن الخطاب)، وكان علي أمير المؤمنين ظهيراً، أي وكان عمر على ربه يعني علياً ظهيراً.
وقالوا كذلك عن قول الله تبارك وتعالى:" وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد"، قالوا: يعني الأئمة.
من الذي قال بالتحريف من علماء الشيعة؟
إن علماء الشيعة الذين قالوا بالتحريف كثر، ولا يسع المجال لذكر أقوالهم جميعاً، ولكننا سنقتصر على ذكر أقوال بعضهم ثم نذكر الباقين سرداً دون ذكر أقوالهم:
أولهم
: علي بن إبراهيم القمّي صاحب التفسير، قال في مقدمة تفسيره: وأما ما هو على خلاف ما أنزل الله، فهو قوله:" كنتم خير أمة أخرجت للناس" ثم ذكر أنها نزلت "كنتم خير أئمة أخرجت للناس". وقد ذكر علماء الشيعة إن القمّي يقول بالتحريف وقالوا: عنده فيه غلو.
الثاني
: محمد بن يعقوب الكليني، وقد نسب إليه القول بالتحريف جمع من علماء الشيعة، لأنه ذكر في مقدمة كتابه: أن كل ما فيه صحيح عنده، وقد ملأ كتابه بروايات التحريف، بل بوّب باباً بعنوان لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة. ونسبه إلى القول بالتحريف كل من الكاشاني والأصفهاني والنوري الطبرسي والجزائري والمجلسي وغيرهم من علماء الشيعة كلهم قالوا: إن الكليني ممن يقول بالتحريف.
الثالث
: محمد بن صالح المازندراني، وهو شارح الكافي، وقد توفي في القرن الحادي عشر، قال: وإسقاط بعض القرآن وتحريفه ثبت من طرقنا بالتواتر معنى، كما يظهر لمن تأمل في كتب الأحاديث من أولها إلى آخرها.
الرابع
: أبو الحسن العاملي، قال: اعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها أن هذا القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء من التغييرات، وأسقط الذين جمعوه بعده كثيراً من الكلمات والآيات.
الخامس
: المفيد قال: إن الذي بين الدفتين (أي جلدتي المصحف) من القرآن، جميعه كلام الله وتنزيله وليس فيه شيء من كلام البشر، وهو جمهور المنزل والباقي مما أنزله الله قرآناً عند المستحفظ للشريعة (أي المهدي المنتظر)، المستودع للأحكام (أي المهدي المنتظر)، لم يضع منه شيء. وقال أيضاً: إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد باختلاف القرآن، وما أحدثه الظالمون فيه من الحذف والنقصان.
السادس
: محمد بن باقر المجلسي، المتوفى في القرن الثاني عشر، قال: لا يخفى أن هذا الخبر (أي يريد الخبر الذي فيه أن القرآن نزل سبع عشرة ألف آية) وكثيراً من الأخبار في هذا الباب متواترة معنى وطرح جميعها يوجب رفع الاعتماد على الأخبار رأساً بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا تقصر عن أخبار الإمامة فكيف يثبتونها بالخبر؟ (أي كيف يثبتون الإمامة بالخبر وينكرون تحريف القرآن الذي جاء به الخبر).
السابع
: سلطان محمد الجنابذي الملقب بسلطان شاه علي، قال: اعلم أنه قد استفاضت الأخبار عن الأئمة الأطهار ، بوقوع الزيادة والنقيصة والتحريف والتغيير فيه، بحيث لا يكاد يقع شك في صدور بعضها منهم.
الثامن
: ميرزا حبيب الله الهاشمي الخوئي، قال: القسم الثالث الأدلة الدالة على وجود النقصان فقط (أي في القرآن) وهي كثيرة، ثم ضرب أمثلة وذكر آيات كثيرة رسمها برسم المصحف وقال: قوله تعالى:" يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك في شأن علي"، وقوله تعالى:" إنما أنت منذر وعلي لكل قوم هاد"، وقوله تعالى:" ومن يطع الله ورسوله في ولاية علي والأئمة من بعده فقد فاز فوزاً عظيما"، ثم قال بعد ذلك: وفيما ذكرناه كفاية لمن طلب الحق لأنها على اختلاف مؤدياتها متفقة على الدلالة على النقيصة في الكتاب، فيحصل منها العلم الضروري بها والأخبار بلغت حد التواتر.
التاسع
: يوسف البحراني، قال: لا يخفى ما في هذه الأخبار (يعني أخبار التحريف) من الدلالة الصريحة، والمقالة الفصيحة، على ما اخترناه ووضوح ما قلناه، ولو تطرّق الطعن إلى هذه الأخبار على كثرتها وانتشارها، لأمكن الطعن إلى أخبار الشريعة كاملاً، كما لا يخفى إذ الأصول واحدة وكذا الطرق والرواة والمشايخ والنقلة. ولعمري، إن القول بعدم التغيير والتبديل لا يخرج عن حسن الظن بأئمة الجوْر (يريد الصحابة)، وأنهم لم يخونوا في الأمانة الكبرى (أي القرآن) مع ظهور خيانتهم في الأمانة الأخرى (يريد خلافة علي) التي هي أشد ضرراً على الدين.
العاشر
: نعمة الله الجزائري، الذي توفي في القرن الثاني عشر، قال عن القراءات السبع: إن تسليم تواترها عن الوحي الإلهي، وكون الكل قد نزل به الروح الأمين، يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاماً ومادة وإعراباً.
الحادي عشر
: عدنان البحراني، المتوفى في القرن الرابع عشر، قال: إلى غير ذلك من الأخبار التي لا تحصى كثرة، وقد تجاوزت حد التواتر، ولا في نقلها كثير فائدة بعد شيوع القول بالتحريف والتغيير بين الفريقين (أي السنة والشيعة)، وكونه من المسلّمَات عند الصحابة والتابعين بل وإجماع الفرقة المحقّة (أي الشيعة على إن القرآن محرّف)، وكونه من ضروريات مذهبهم وبه تضافرت أخبارهم.