العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة > دواوين الشعر

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 140 عام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى بحث مطر حسب الطلب (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مثال متلازمة ستوكهولم حينما تعشق الضحية جلادها (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال مستعمرات في الفضاء (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال كيفية رؤية المخلوقات للعالم من حولها؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال حوار مع شيخ العرفاء الأكبر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الضفائر والغدائر والعقائص والذوائب وتغيير خلق الله (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال فتى الفقاعة: ولد ليعيش "سجينا" في فقاعة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى كتاب المسح على الرجلين في الوضوء (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 01-05-2007, 01:37 AM   #51
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

أصل الشزر: الفتل على غير الجهة والشيء أدبرت به عن صدرك فهو الدبير، والبسر ما أقبلت به على صدرك وهو القبيل، والانشزار الرفع والارتفاع جميعا يكون لازما ومتعديا فمن رواه مستشزرات بكسر الزاي جعله لازما، ومن رواه بفتحها جعله متعديا، والعقاص جمع عقيصة وهو ما جمع من الشعر، ففتل تحت الذوائب وهي مشطة معروفة، يرسلون فيها بعض الشعر، ويثنون بعضه، فالذي فتل بعضه على بعض هو المثنى والمرسل: المسرح غير المفتول فذلك قوله في مثنى ومرسل.
ورواية ابن الأعرابي مستشزرات بكسر الزاي أي مرتفعات، ويروى يضل العقاص بالياء على أن العقاص واحد.
قال ابن كيسان هو المذري فكأنه يستتر في الشعر لكثرته، وأما العقيصة: الخصلة المجموعة من الشعر، والجمع عقيص وعقاص وعقائص ويروى تضل المذاري أي من كثافة شعرها، والمذري مثل الشوكة يصلح بها شعرها.
وكشح لطيف كالجديل مخصر وساق كأنبوب السقي المذلل
اللطيف أراد به الصغير الحسن، والعرب إذا وصفت شيئا بالحسن جعلته لطيفا والجديل زمام من السيور مجدول ومفتول فيجيء حسنا لينا ينثني مشتقا من الجدل وهو شدة الخلق، ومنه الأجدل والمجادلة والأنبوب البردي الذي ينبت وسط النخلة، والسقي النخل المسقي، كأنه قال كأنبوب النخل المسقي والمذلل فيه أقوال: أحدها أنه الذي تثنيه أدنى الرياح لنعومته يقال نخل مذلل إذا امتدت أقناؤها، فاستوت شبه ساقها ببردي قد نبت تحت نخل، والنخل تظله الشمس، وذلك أحسن ما يكون منه. وقيل معنى المذلل له الماء وقيل المذلل الماء الذي خاضه الناس.
وقيل المذلل الذي قد عطف ثمرة ليجتني والأنبوب الكعب من القصب.
ويضحي فتيت المسك فوق فراشها نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضل
أي ما تحات عن جلدها في فراشها، وقيل كأن به المسك من طيب جسدها، لأن أحدا لها فيها مسكا. واحتج بقوله وجدت بها طيبا وإن لم تطيب، وقوله ويضحي أي ويدخل في الضحى، يقال أظلم إذا دخل في الظلام، ولا يحتاج هذا إلى خبر، ونؤوم منصوب على أعني وفيه معنى المدح ولا يجوز نصبه على الحال.
ألا ترى أنك إذا قلت جاءني غلام هند مسرعة لم يجز أن تنصب مسرعة على الحال من هند إلا على حيلة، والعلة في هذا أن الفعل لم يعمل في هذا شيئا، والحيلة التي يجوز عليها أن معنى جاءني في غلام هند فيه معنى تحثه فتنصبه وروى نؤوم على معنى هي نؤوم ويجوز نؤوم على البدل من الضمير الذي في فراشها، والضحى مؤنثة تأنيث صيغة ولا تعد فيه (ألف تأنيث) فإنها بمنزلة (موسى) وتصغير ضحى ضحي، والقياس ضحية إلا أنه لو قيل ضحية لأشبه تصغير ضحوة والضحى قبل الضحاء والانتطاق: الائتزار (للعمل) والمهنة.
ويجوز نصب نؤوم على المدح ومعنى عن تفضل أي بعد تفضل.
وقال أبو عبيدة: أي لم تنتطق، فتعمل وتطوف ولكنها تتفضل ولا تنتطق، وقيل التفضل هو التوشح وهو لبسها أدنى ثيابها، والانتطاق؛ الائتزار للعمل. يريد أنها مخدمة منعمة تخدم ولا تخدم والاضحاء مصادفة الاضحاء، وتقول رجل نؤوم وامرأة نؤوم ومنه توبة نصوحا.
وتعطو برخص غير شئن كأنـه أساريع ظبي في مساويك إسحل
الإعطاء: المنادلة، والمعاطاة الخدمة، والتعطية مثلها، برخص أي ببنان رخص، والرخص اللين الناعم، وغير شئن أي غير كز غليظ خشن، والأساريع جمع أسروع ويسروع دود يكون في البقل والأماكن الندية، يشبه النساء، وظبي اسم كئيب وهو الجبل من الرمل، وقيل الأساريع دواب تكون في الرمل وقيل في الحشيش، ظهورها ملس مثل سحم الأرض، ويقال يساريع وقيل هي دواب تسمى بنات التقى: بفتح التاء والأسحل شجر له أغصان ناعمة شبه أناملها بأساريع أو مساويك للينها.
تضيء الظلام بالعشاء كأنها منارة ممسى راهب متبتل
أي في العشاء: أي كأنها سراج منارة وقيل هي على غير حذف، والمعنى إن منارة الراهب تشرق بالليل إذا أوقد فيها قنديلة، والمنارة مفعلة، وخص الراهب لأنه لا يطفى سراجه والجمع منائر ومناور لغتان شاذتان لا يقاس عليهما بكسر الميم وفتحها وممسى راهب إي إمساء راهبن والتبتل الانقطاع عن الناس للعبادة ومتبتل صفة للراهب ومعنى البيت إنها وضيئة الوجه إذا ابتسمت بالليل رأيت لثناياها بريقا وضوءا وإذا برزت في الظلام استنار وجهها وظهر جمالها حتى يغلب ظلمة الليل.
إلى مثلها يرنو الحلـيم صـبـابة إذا ما اسبكرت بين درع ومجول
يرنو: أي يديم النظر، الصبا رقة الشوق، وهو مصدر في موضع الحال، ويجوز أن يكون مفعولا من أجله واسبكرت امتدت وتمت، ويقال سفر مسبكر للمنبسط. قال أبو عبيدة المسبكر التام الممتلى، يقال اسبكرت إذا تم شأنها والمراد به تمام شبابها. بين درع ومجول أي سنها بين من يلبس الدرع وبين من يلبس المجول لأن الدرع للنساء، والمجول للصبايا، والدرع ثوب مهذب لا تكف أسافله، والمجول: الرداء وقيل الثوب الأبيض، وقيل الوشاح والإزرار، أي أنها بين الكبيرة التي تلبس الدرع وبين الصغيرة التي تلبس المجول أي ليست بصغيرة ولا بكبيرة بل هي بينهما وإلى تتعلق بيرنو.
كبكر المقاناة البياض بصفرة غذاها نمير غير محـلـل
البكر هنا أول بيض النعام، أي أول بيضة قد تبيضها النعامة، وبكر كل شيء أوله والمقاناة المخالطة، يقال قانيت بين الشيئين إذا خلطت أحدهما بالآخر. وما يقانيني فلان أي ما يشاكلني، وهي في البيت المقاناة دون المصدر، والنمير الماء الناشئ في الجسد، وقيل النمير العذب، ويقال النمير الذي ينجع في الشارب وإن لم يكن عذبا لأنه ليس كل عذب نميرا.
ومن روى محلل بكسر اللام أراد أنه ينقطع سريعا، وغير منصوب على الحال، وتقديره كبكر البيض المقاناة، وأدخل الهاء لتأنيث الجماعة، كأنه قال كبكر جماعة البيض ونصب البياض على أنه خبر ما لم يسم فاعله واسم ما لم يسم فاعله مضمر والمعنى كبكر البيض الذي قوني هو البياض كما تقول مررت بالمعطي الدرهم.
ومن روى البياض بالجر شبهه بالحسن الوجه وفيه بعد لأنه شبه بما ليس من بابه وقد أجازوا بالمعطى الدرهم.
وغير هذا قال ابن كيسان ويروى كبكر المقاناة بياضه وجعل الألف واللام مقام الهاء ومثله قوله تعالى (فإن الجنة هي المأوى) أي هذا مأواه وهذا كأنه مقيس على قول الكوفيين لأنهم يجيزون مررت بالرجل الحسن الوجه أي الحسن وجهه يقيمون الألف واللام مقام الهاء.
وقال الزجاج بالرجل هذا خطأ لأنك لو قلت مررت بالرجل الحسن الوجه لم يعد على الرجل من نعته شيء وأما قولهم إن الألف واللام بمنزلة الهاء فخطأ لأنه لو كان هذا هكذا لجاز زيد الأب منطلق تريد أبوه منطلق، وأما قوله تعالى (فإن الجنة هي المأوى) أي هي المأوى له ثم حذف ذلك لعلم السامع ومعنى البيت أنه يصف أن بياضها تخالطه صفرة والآخر أنها حسنة الغذاء، وقيل أراد بالبكر هنا الدرة التي لم تثقب. وهكذا لون الدرة. ويصف أن هذه الدرة بين الماء الملح والعذب فهو أحسن ما يكون، فأما على القول الأول، فإن غذاها يكون راجعا إلى المرأة أي نشأت بأرض مريئة.
تسلت عمايات الرجال عن الصبا وليس فؤادي عن هواها بمنسلي
يقال سلا يسلو سلوا إذا خلا أي زال حبه عن قلبه، والعماية والعمى واحد والفعل عمي يعمى، وزغم الأكثرون في البيت قلبا تقديره: تسلت الرجال عن عمايات الصبا: أي خرجوا عن ظلماته، وليس فؤادي خارجا عن هواها.
وزعم بعضهم أن عن في البيت بمعنى بعد أي انكشف، وبطلت صبايات الرجال بعد صباهم ويروى عن هواك، وعن صباه، والصبا أن يفعل فعل الصبيان، يقال صبا إلى اللهو يصبو صباء وصبوا، والعمايات جمع عماية وهي الجهالة ومنسلي منفعل من السلو وعن الأولى متعلقة بتسلت والثانية بمنسل وليس فؤادي عن هواه.
ألا رب خصم فيك ألوى رددته نصيح على تعذاله غير مؤتل
الألوى: الشديد الخصومة، كأنه يلتوي على خصمه بالحجج، والتعذال: التفعال من العذل والتعذال والعذل بسكون الذال والعذل بفتحها واحد، وغير مؤتل غير مقصر في النصيحة والعذل، رددته، أي لم أقبل منه نصيحة، ومعنى غير مؤتل أي غير تارك نصحي بجهده، يقال ما ألوت أن أفعل كذا وكذا، وقد يكون مؤتل غير هذا من البيت، وائتليت به حلفت وقيل في قوله تعالى (ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة) أي لا يحلف أولو السعة أن يؤتوا أولي القربى، ويجوز أن يكون المعنى، ولا يقصر أولو الفضل عن أن يؤتوا والخصم يقع للواحد والاثنين والجمع والمؤنث على لفظ واحد، كما تقول رجل عدل،ورجال عدل فلا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث.
وليل كموج البحر أرخى سدوله علي بأنواع الهموم ليبتـلـي
قوله كموح البحر أي في كثافة ظلمته، وسدولة أطرافه، وقيل ستوره واحده سدل، سدل ثوبه إذا أرخاه، ولم يضمه، وقوله: بأنواع الهموم أي يطرد بها كالحزن والجزع ونحوه والباء بمعنى مع، ليبتلي أي لينظر ما عندي من الصبر، ويبتلي بمعنى ليختبر، ومعنى البيت أنه يخبر أن الليل قد طال عليه وسدوله ينتصب بمرخ وعلي تتعلق بمرخ وكذلك الباء بأنواع الهموم.
فقلت له لما تمطى بصلبـه وأردف أعجازا وناء بكلكل
تمطى: امتد، وروى الأصمعي لما تمطى بجوزه أي امتد بجوزه، والجوز: الوسط وأردف أعجازا أي رجع.
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلـي بصبح وما الإصباح منك بأمثل
إلا انجلي في موضع السكون وهو مبني على حذف الياء ووردت بإثبات الألف بقوله تعالى (سنقرئك فلا تنسى) وبإثبات الألف أيضا في قوله.
إذا الجوزاء أردفت الثريا ظننت بآل فاطمة الظنونا
وبإثبات الياء في قوله:
ألم يأتيك والأنباء تنمـي بما لاقت لبون بني زياد
وبإثبات الواو في قوله:
هجوت زبان ثم جئت معـتـذرا من سب زبان لم تهجو ولم تدع
ومعنى البيت أنا معذب والليل والنهار عندي سواء.
الانجلاء هو الانكشاف كقوله [تعالى] (ولا يجليها لوقتها إلا هو) أي لا يكشفها ويروى: وما الإصباح منك بأمثل فمنك ينوي بها التأخير، لأنها في غير موضعها لأن حق "من"، أن تقع بعد أفعل.
وأما قولهم في قوله ناب فهو في مكان المعنى ناب منها بخبر فهو غلط، لأن الشيء إذا كان في موضعه لم يقدر في غير موضعه فحق من ارتفع بعد أفعل، وهي في موضعها والمعنى: إذا جاء الصبح فإني أيضا مهموم، وقيل معنى فيك بأمثل إذا جاءني الصبح وأنا فيك فليس ذلك بأمثل لأن الصبح قد يجيء والليل مظلم بعد، وفيك تتعلق بأمثل.
فيا لك من ليل، كأن نجومـه بكل مغار الفتل شدت بيذبل
معناه: كأن نجومه شدت بيذبل وهو جبل، والمغار المحكم الفتل، ويقال أغرت وفي قوله: فيا لك من ليل فيه معنى التعجب كما تقول فيا لك من فارس.
كأن الثريا علقت في مصامها بأمراس كتان إلى صم جندل
مصامها: موضعها، والأمراس الحبال، واحدها مرس، ويروى كأن نجوما علقت والجندل: الحجارة، والصم: الصلاب، وفيه تفسيران: أحدهما أنه يصف طول الليل بقول كأن النجوم مشدودة بحبال إلى حجارة فليست بمعنى.
ومصامها هو مواضع وقوفها وفي والياء وإلى متعلقة بقوله علقت.
والتفسير الثاني على رواية من يروي هذا البيت مؤخرا عند صفة الفرس بحيال كتان إلى صم جندل وشبه حوافره بالحجارة ويروى بعض الرواة ههنا أربعة أبيات وذكر أنها من هذه القصيدة وخالف فيها سائر الرواة وزعموا أنها لتأبط شرا.
وقربة أقوام جعلت عصامها على كاهل في ذلول مرجل
عصام القربة: الحبل الذي تحمل به، ويضعها الرجل على عاتقه وعلى صدره والكاهل موصل العنق والظهر يصف نفسه أنه يخدم أصحابه.
وواد كجوف العير قفر قطعتـه به الذئب يعوي كالخليع المعيل
فيه قولان: أحدهما أن جوف العير لا ينتفع منه بشيء، يعني العير الوحشي. والقول الثاني: إن العير ها هنا رجل من العمالقة كان له بنون، وواد خصب، وكان حسن الطريقة، فسافر بنوه في بعض أسفارهم فأصابتهم صاعقة فأحرقتهم، فكفر بالله، وقال: لا أعبد ربا أحرق بني، وأخذ في عبادة الأصنام. فسلط الله على واديه نارا والوادي بلغة أهل اليمن: الجوف فأحرقته فما أبقى له شيئا، وهو تضرب به الأمثال فيما لا بقير فيه. والخليع المقامر، وقيل هو الذي قد خلع عذاره، فلا يبالي بما ارتكب، وقيل الخليع المخلوع الذي خلعه قومه، إذا
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 01-05-2007, 01:39 AM   #52
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

قتل لا يطلب بنو عمه بثأره، وإذا قتل لا يطالب بنو عمه بثأر من قتل، والمعتل الكثير الخطأ، والكاف منصوب بيعوي.
فقلت له لما عوى إن شأنـنـا قليل الغنى إن كنت لما تهول
أي أن كنت لم تصب من الغنى ما يكفيك، وقوله إن شأننا قليل الغنى أنا لا أغنى عنك، وأنت لا تغني عني، أي أنا أطلب وأنت تطلب فكلانا لا غنى له ومن رواه طويل الغنى أراد همتي تطول في طلب الغنى.
طرحت له نعلا من السبت طـلـه خلاف ندى من آخر الليل مخضل]
كلانا إذا مـا نـال شـيئا أقـاتـه ومن يحترث وحـرثـك يهـزل
أي إذا نلت شيئا أقته وكذلك أنت إذا أصبت شيئا أقته، ومن يحرث حرثي وحرثك أي يطلب مني ومنك لم يدرك مراده.
وقال قوم: من كان هذا فيه وطلبته مثل طلبتي وطلبتك في هذا الوضع مات هزالا لأنهما كانا بواد لا نبات فيه ولا صيد فهذه الأبيات الأربعة من الزيادات فيها.
وقد أغتدي والطير في وكناتها بمنجرد قيد الأوابد هـيكـل
أغتدي: أخرج غدوة، والطير ساكنة لم تطر، ويروى في وكراتها، والوكر حيث يسقط الطائر للمبيت أي موضعها التي تبيت فيها، والوكر أيضا: مواضع العش، والوكنات في الجبال كالتماريد في السهل واحدها تمراد وهو برج صغير للحمام الواحدة وكنة، وهي الوقنات أيضا وقد وكن الطائر يكن ووقن يقن ووكر يكر؛ إذا أوى إلى وكن. وقيل لا واحد لها فمن قال واحدها وكنة، جمع وكنة على وكنات، كما تقول غرفة وغرفات فهذا الجيد ليفرق بين الاسم والنفس فتقول في النعت حلو حلوات وفي الاسم الذي ليس بنعت وكنة وكنات وركبة ركبات وإن شئت أبدلت من الضمة فتحة فقلت ركبات، وإن شئت أسكنت لثقل الضمة فقلت وكنات وغرفات. وإن شئت أبدلت من الواو همزة فقلت أكنات ومثله [قوله تعالى] (إذا الرسل أقتت) وإنما هو الوقت وفيه القراءتان وقال أبو حاتم جمع وكرا على وكر ثم جمع وكرا على وكرات، وكذلك وكنات فهي جمع الجمع، والواو في الطير واو الحال والجملة في موضع نصب حال، يقول قد أغتدي في هذه الحال بفرس منجرد فأقام النعت مقام المنعوت أي قصير الشعر والأوابد الوحش، وكذلك أوابد الشعر وتقديره قيد الأوابد تقييد ذي الأوابد ثم حذف ذي الأوابد. والمعنى أن هذه الفرس من سرعته يلحق الأوابد فيصير لها بمنزلة القيد. وهذا الكلام جيد بالغ لم يسبقه إليه أحد والهيكل الضخم.
مكر مفر مقـبـل مـدبـر مـعـا كجلمود صخر حطه السيل من عل
أي يصلح للكر والفر، إذا أقبل حسن الإقبال وإن أدبر حسن الأدبار، وقوله معا أي عنده هذا وعنده هذا، كما يقال فارس راجل أي قد جمع هذين والجلمود الصخرة الملساء التي ليست بالكبيرة، وحطه أي حدره السيل بقوته، من عل أي من مكان عال، وفيه ثمان لغات تقول جئته من عل ومن عل ياهذا، ومن علو يا هذا، ومن علو، ومن علا وأنشد يونس.
فهي تنوش الحوض نوشا من علا نوشا به تقطع أجواز الـفـلا
ويقال حئتك من عال ومن معال، ومن معالى.
فمن قال: من علا، جعله نكرة، كأنه قال من موضع عال، ومن قال: من عل يا هذا فهو معرفة وتقديره من فوق ما تعلم، وقال سيبويه: فالمضارعة من علو قد حكوه لأنهم يقولون من عل فيجزونه، فمعنى هذا أن على عنده كان مما يجب أن لا يحرك، إلا أنه لما أشبه المتمكن أعطوه فضيله، وهي الحركة، واختير له الضم لأنه غاية الحركات.
وقيل: لأن الضم لا يدخل الظروف بحق الإعراب وإنما يدخلها الإعراب النصب والخفض، فيبنى على حركة ليست له، فصار من هذه الجهة بمنزلة قبل وبعد وهكذا القول فيمن قال من عل، ومن قال جئت من علو جعله نكرة وجاء به على التمام، ومن ضم قدره معرفة، ومن قال جئتك من عال فمعناه من مكان عال ثم أقام الصفة مقام الموصوف.
ولا يجوز أن نبني في هذه اللغة لأنه لم يحذف منه شيء ومن قال من معال فمعناه كمعنى عال ومن قال معالي فمعناه من مكان عال.
ومعنى هذا البيت أنه يصف أن هذا الفرس في سرعته بمنزلة هذه الصخرة التي حطها السيل في سرعة انحدارها وأن هذا الفرس حسن الإقبال والإدبار كهذه الصخرة.
كميت يزل اللبد عن حال متنه كما زلت الصفواء بالمتنزل
حال متنه: موضع اللبد وإضافة إلى المتنزل الذي ينزل منه لقربه منه والمتن ما اتصل بالظهر من العجز يذكر ويؤنث والمتنزل الطائر الذي ينزل على الصخرة، فيحطه السيل وقيل المتنزل السيل لأنه ينزل الأشياء. وقيل هو المطر، والصفواء الصخرة الملساء وقد تكون الصفواء جمع مصفاة كما قالوا طرفة، وطرفاء وقصبة وقصباء، وخلقة، وخلقاء وذكر الفراء خلفة بكسر اللام كل هذا اسم للجمع لأنه لا ينقاس في نظائره ويروى عن حاذ متنه: أي وسطه. شبه ملامسة ظهر الفرس لإكثار اللحم عليه، وامتلائه بالصفاة الملساء ويقال صفوان وجمعه صفوان، وجمع صفاة صفا.
على الذبل جياش كأن اهتزامه إذا حاش حميه غلي مرجل
الذبل: الضمور ويروى على الضمر، الجياش الذي يجيش في عدوه كما تجيش القدر في غليانها وهو بمعنى الكثير مبالغة في جاش، وجاش البحر جيشان إذا ماجت أمواجه.
ويروى على المضمر الجياش، واهتزامه: صوته بشدة، وحميه: غليه.
ويروى على العقب جياش، والعقب جري بعد جري، وقيل معناه إذا حركته بعقبك جاش وكفى ذلك من السوط وعلى العقب في موضع الحال.
ومعنى هذا البيت أن هذا الفرس آخر عدوه على هذه الحال فكيف أوله؟
[مسح إذا ما السابحات على الونى أثرن الغبار بالكديد المـركـل]
مسح: سريع يسح أي يصب العدو في جريه صبا والسابحات اللواتي كأن عدوها من سباحة والسباحة في الجري أي تدحو بأيديها دحوا أي تبسطها، والونى الفتور قال الفراء يمد ويقصر والكديد الأرض الغليظة الصلبة وقيل ما كد من الأرض بالوطء والمركل الموطوء بالحوافر أي يركل بالأرجل ومعنى البيت أن الخيل السريعة إذا فترت فأثارت الغبار بأرجلها من التعب جرى هذا الفرس سهلا مهلا كما يسح السحاب المطر وعلى تتعلق بأثرن وكذلك الباء في الكديد.
يزل الغلام الخف عن صهواته ويلوي بأثواب العنيف المثقل
يزل: يزلق، الخف: الخفيف، صهواته، جمع صهوة، وهي موضع اللبد وقال أبو عبيدة من مقلوب ويلوي بنا أي يذهب بنا، والعنيف الذي لا رفق فيه والمثقل الثقيل الركوب، ويحتمل الثقل الثقيل البدن.
ويروى يزل الغلام والمعنى يزل الفرس الغلام الخف وقال عن صهواته، وإنما هي صهوة واحدة والتقدير أنه جمعها بما حواليه، ومعناه أن هذا الفرس إذا ركبه الخفيف لم يتمالك أن يصلح شيئا عليه وإذا ركبه الغلام زل عنه وزاغ الفرس من تحته وإنما يصلح له من يداريه.
درير كخذروف الوليد أمره تتابع كفيه بخيط موصل
أي مندر في العدو، وقيل الدرير السريع، والخذروف الخرارة التي يلعب بها الصبيان يسمع لها صوت، والإمرار الفتل، وقيل هي النشابة والإمرار إسراع الفتل، وإحكامه بقوة ومنه قوله تعالى (ذو مرة فاستوى) والوليد الصبي وقوله بخيط موصل قد لعب به حتى خف وملس فيقطع ويوصل.
له أيطلا ظبي وساقا نـعـامة وإرخاء سرحان وتقريب تتفل
الظبي هنا اسم جبل، والأيطلان الخاصرتان، والإرخاء جرى فيه سهولة والسرحان الذئب والتقريب دون العدو، وهو أن يرفع يديه معا، ويضمهما معا، والتتفل ولد الثعلب، وها هنا التتفل وهو الثعلب نفسه، وإنما شبه عدو الفرس بعدو من كل جهة لأنه يقال تذاءبت الريح من كل جهة إذا جاءت، وله أسماء يقال ذئب، وسرحان، وسلق، وأويس، وسيد، وقد أوضحناه في غرر المعارف ودرر العوارف. ويقال لولد الثعلب تتفل بفتح التاء وضم الفاء وتتفل بضم التاء وفتح الفاء ولو سميت الرجل يتتفل أو تتفل لم تصرفه في المعرفة لأنه على مثال تفعل وتفعل ولو سميته بتتفل لصرفته في المعرفة والنكرة لأنه ليس في الأفعال تفعل وقوله ساقا نعامة ومعناه أنه قصير الساقين، صلبهما كالنعامة وذلك محمود في الخيل.
ضليع إذا استدبرته سـد فـرجـه بضاف فويق الأرض ليس بأعزل
الضليع: القوي المنتفخ الجنبين، وقيل الضليع الشديد، وقيل هو الذي يضلع بما حمل وفرجه ما بين رجليه، بضاف أي ذنب طويل والأعزل الذي ذنبه في شق وهو عيب في الخيل.
كأن سراته لدى البيت [قـائمـا] مداك عروس أو صلاية حنظل
سراته: ظهره، لدى البيت: عند البيت، المداك: الحجر الذي يسحق به الطيب، الصلاية التي يسحق عليها المبيد، وهو الحنظل، ويروى صراية حنظل وهي الحنظلة الخضراء.
كأن دماء الهاديات بنـحـره عصارة حناء بشيب مرجل
الهاديات: المقدمات وهادي كل شيء أوله ونحره أعلى صدره ومرجل: مسرح.
فعن لنا سرب كأن نعـاجـه عذارى دوار في ملاء مذبل
عن اعترض قال أبو العباس محمد بن يزيد السرب القطيع من البقر والظباء والنساء ولا يستعمل في غير القطيع إلا الفتح.
وقال غيره السرب: القطيع من الظباء والبقر خاصة وهو هنا البقر، ودوار اسم صنم في الجاهلية كانوا يطوفون حوله وهم عراة، وأتى بعضهم إلى بني عدي فوجدهم يطوفون بدوار عراة فأعجبه ما رأى من محاسن النساء فقال:
ألا ليت أخوالي عـديا لهم في ما أتى دوار
وكذلك كانوا يطوفون في البيت الحرام عراة أيضا في الجاهلية فقالت امرأة:
اليوم يبدو بعضه أوكله وما بدا منه فلا أحله
أصـم مـثـل الـق عب بـاد ظـلــه
إلا الحمس وهم قريش فيطوفون في ثيابهم، النساء في الليل والرجال في النهار وكانت المرأة منهم تتخذ مسابح من سيور فتعلقها بحقويها وتضمها وتدور الدوران بعينه ودوار بالضم موضع في الرمل ودوار سجن باليمامة.
فأدبرن كالجزع المفصل بينه بجيد معم في العشيرة مخول
قال أبو عبيدة الجزع الخرز فيه بياض وسواد، فالوسط أبيض، والطرفان أسودان إلى الطول، وذلك أن البقر بيض القوائم.
ومعم مخول كريم العم والخال وذو العم والخال، وأضاف إليه الجزع لأن الجزع أصغر الخرز.
فألحقه بـالـهـاديات ودونـه جواحرها في صرة لم تزمل
الجواحر: اللواتي قد تخلفن، والجاحر المتخلف حتى أدرك، فالحقه، لحق الفرس والغلام بالهاديات، ودونه المتخلفات والصرة: الجماعة، ويقال الصرة الصيحة والضجة وقيل الشدة، يقال صراتنا إذا شد بعضها على بعض وأما قوله تعالى (فأقبلت امرأته في صرة)، في شدة واهتمام وضجة والصرة بالكسرة الليلة الباردة ومنها قوله تعالى (فيها صر أصابت حرث قوم) قال الشماخ وهو ضرار بن معقل:
في ليلة صرة طخـياء نـاجـية ما تبصر العين فيها كف ملتمس
وأما الصرة بالضم فالخرقة التي يصر فيها الشيء، قال الشاعر:
لا يألف الدرهم الصياح صرتها لكن يمر عليها مر منطلـق
وقيل الصرة بالفتح الجماعة وقال بعض المفسرين (فأقبلت امرأته في صرة) أي في جماعة واستدل عليه بقول الشاعر:
هباط أودية ومأوى صرة حسنا وفيهن الأسنة تلمع
وقوله: فعادى عداء بين ثورة ونعجة=دراكا ولم ينضح بماء فيغسل فعادى: والى بين صيدين في طلق، ولم ينضح بماء: أي لم يعرق، فيكون اعتراه ماء، فيغسل بالماء، وعداء مصدر عادي يعادي معاداة وعداء دراكا ومداركة، وعادى من العدو لا من العود، ولم يرد ثورا بعينه، ولا بقرة بعينها، والنعجة يريد بها البقرة الوحشية بدليل قوله دراكا ولو أراد ثورا ونعجة فقط لاستثنى بقوله، فعادى، ويجوز في ينضح بضم الياء وفتحها.
فظل طهاة اللحم ما بين منضج صفيف شواء أو قدير معجل
الطهاة: الطباخون واحدهم طاه، والصفيف الذي صفف مرققا على الجمر والطبخ ما طب في قدر وأما خفض قدير فأجود ما قيل فيه وأجاز سيبويه أنه كان يجوز أن يقول من منضج صفيف شواء.
فحمل قديرا على صفيف، لو كان مجرورا.
وشرح هذا أنك لو عطفت اسما على اسم، وجاز لك فيه إعرابان، فأعربته بأحدهما، ثم عطفت الثاني عليه، جاز لك أن تعربه بما كان يجوز في الأول. فتقول هذا ضارب زيد وعمرو، وإن شئت، قلت: هذا ضارب زيد وعمرا؛ لأنه قد كان يجوز لك أن تقول: هذا زيدا وعمرا. وكذلك تقول هذا ضارب زيدا
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 01-05-2007, 01:42 AM   #53
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

وعمرو لأنه قد كان يجوز لك أن تقول هذا ضارب زيد وعمرو. فهذا يجيء على مذهب سيبويه وأنشد.
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ولا ناعب إلا بشؤم غرابها
والمازني وأبو العباس لا يجيزان هذه الرواية، والرواية عندهما، ولا ناعبا؛ لأنه لا يجوز أن يضمر الخافض لأنه لا يتصرف، وهو من تمام الاسم.
وأما القول في البيت؛ فإن قديرا معطوف على منضج بلا ضرورة. والمعنى من بين قدير. والتقدير من بين منضج قدير، ثم حذف منضجا وأقام قديرا مقامه في الإعراب.
ورحنا يكاد الطرف يقصر دونه متى ما ترق العين فيه تسهل
[كأني وأبدان السـلاح غـدية غدا غب ريعان السوام بأجدل
من الطامحات الطرف ضار كأنه=على الجمر حتى يستغيث بمأكل] أراد بالطرف العين، والطرف يكون المصدر، ورحنا أي رجعنا بالعشي، ويروى ورحنا يكاد الطرف بالكسر ينفض رأسه، ومعنى يقصر دونه؛ أنه إذا نظر إلى هذا الفرس أطال النظر، إلى ما ينظر منه حسنه، فلا يكاد يستوفي النظر إلى جميعه، ويحتمل أن يكون معناه أنه إذا نظر إلى هذا الفرس لم يدم النظر إليه لئلا يصيبه بعينيه لحسنه.
وروى الأصمعي، وأبو عبيدة ورحنا وراح الطرف ينفض رأسه.
والطرف الكريم من كل شيء، والأنثى طرفة. وقيل الطرف الطرفين وقوله ينفض رأسه أي من المرح والنشاط.
وقوله متى ما ترق العين بفتح التاء والراء والقاف، ويجوز فتح التاء وكسر الراء، وضم القاف أي متى ما نظر إلى أعلاه نظر إلى أسفله بكماله، ليستقيم النظر إلى جميع جسده.
فبات عليه سرجه ولجـامـه وبات بعيني قائما غير مرسل
وقوله عليه سرجه ولجامه في محل نصب خبر بات، وبات الثاني معطوفاً على الأول وبعيني خبره؛ أي بحيث أراه، وقائما في محل نصب على الحال، وغير مرسل إلى غير منهل ومعناه: أنه لما جيء به من الصيد، لم يرفع عنه سرجه وهو عرق ولم يقلع عنه لجامه فيعلف على التعب فيؤذيه ذلك.
ويجوز أن يكون معنى: فبات عليه سرجه ولجامه لأنهم مسافرون، كأنه أراد العدو فكان معدا لذلك، فبات على الهيئة ليرسل في وجه الصبح.
أصاح ترى برقا أريك وميضة كلمع اليدين في حبي مكلـل
يروى أحار ترى ويروى "أعني على برق أريك وميضه" يقال ومض البرق، وأومض ومضاً وإيماضاً، والومض: الخفي، ووميضه: خطراته، وقوله كلمع اليدين أي كحركتهما، والحبي ما ارتفع من السحاب، والمكلل: المستدير، كالأكاليل، والمكلل المتبسم بالبرق ولك أن تقول: قال النحويون: لا ترخم النكرة فكيف جاز ترخيم صاحب وهو نكرة، قال سيبويه لا ترخم من النكرات إلا ما كان في آخره هاء كقوله:
حاري لا تستنكري عذيري
فالجواب أن أبا العباس قال لا يجوز أن ترخم نكرة ألبته، وأنكر على سيبويه ما قال: من أن النكرة ترخم، إذا كانت فيها الهاء، وزعم أن قوله:
جاري لا تستنكري عذيري
أنه يريد بأنها الجارية، ثم رخم على هذا معرفة، وكذلك في قوله صاح ترى كأنه قال أيها الصاحب ثم رخم على هذا ومما يسأل عنه في هذا البيت أن يقال كيف جاز أن يسقط حرف الاستفهام، وإنما المعنى أترى برقا؟ فإن قال قائل: إن الألف في قوله أصاح هي ألف الاستفهام فهذا خطأ لأنه لا يجوز أن يقول صاحب أقبل لأنك تسقط بين شيئين ألا ترى إذا قلت يا صاحب فمعناه أيها الصاحب؟ فالجواب عن هذا إن قوله أصاح: الألف للنداء كقولك يا صاح إلا أنها دلت على الاستفهام وقد أجاز النحويون: زيد عندك أم عمرو يريدون أزيد عندك أم عمرو؛ لأن أم دلت على معنى الاستفهام.
وأما بغير دلالة فلا يجوز، لأنك لو قلت: زيد عندك وأنت تريد الاستفهام لم يجز وقد أنكروا على عمر بن أبي ربيعة:
ثم قالوا: تحبها قلـت بـهـرا عدد الرمل والحصا والتراب
قالوا لأنه أراد: قالوا: أتحبها ثم أسقط ألف الاستفهام وهذا عند أبي العباس ليس باستفهام إنما هو على الإلزام والتوبيخ كأنه قال: قالوا أنت تحبها! وقال بعضهم: الحبي الداني من الأرض، وقيل الحبي الذي قد حبى بعضه إلى بعض: أي تدانى، والمكلل من السحاب الذي علا بعضه على بعض.
ويقال المكلل السحاب الذي قد كلل بالبرق.
يضيء سناه أو مصابيح راهب أهان السليط بالذبال المفتـل
السنا: بالمد الشرف، وبالقصر الضوء، ويقال سنا يسنو إذا أضاء، ومصابيح مرفوع على أن يكون معطوفاً على المضمر الذي في الكاف في قوله كلمع اليدين. والمضمر يعود على البرق، وإن شئت على الوميض، وإن شئت عطفت على سناه. ويروى أو مصابيح راهب بالجر عطفا على قوله كلمع اليدين ويكون المعنى أو كمصابيح راهب أو على الهاء من سناه.
وقوله أهان السليط لم يكن عنده له قيم فيشرف على استعمالها في إتلافه في الوقود.
ولا معنى لراوية من روى: أمال السليط، والسليط عند عامة العرب الزيت، وعند أهل اليمن الشيرج. والذبال جمع ذبالة وهي الفتيلة وقد تثقل فيقال ذبالة.
قعدت له وصحبتي بين ضارج وبين العذيب بعد ما متأمـل
أي قعدت لهذا البرق أنظر من أين يجيء بالمطر، وصحبتي بمعنى صاحب وهو اسم للجمع، وضارج والعذيب: مكانان، ويروى بين حامر وبين إكام، وحامر وإكام وهما من بلاد غطفان، ثم تعجب من ذلك فقال بعد ما متأمل أي ما أبعد ما تأملت، وحققت أنه نداء مضاف أي يا بعد ما متأمل بمعنى ما أبعد ما تأملت.
وروى الرياشي بعدما بفتح الباء وهي تحمل على معنيين أحدهما أن المعنى بعد ثم حذف الضمة كما يقال عضد في عضد.
ويجوز أن يكون المعنى بعدما تأملت، والتأمل التفرس والتثبت.
علا قطنا بالشيم أيمن صوبه وأيسره على الستار فيذبل
وروى الأصمعي على قطن، وقطن بفتح القاف اسم جبل، والشيم النظر إلى البرق. وصوبه: مطره، أي ما يصيب الأرض منه، وقوله أيمن صوبه يحتمل معنيين أحدهما أن يكون من اليمن البركة، والآخر أن يكون من اليمين، وأيسره أيضا يحتمل من اليسر، وأن يكون من يسرة، ويذبل بالذال المعجمة اسم جبل، وهو لا ينصرف لأنه على وزن الفعل المضارع، وإنما صرفه لضرورة الشعر، ويروى على النباج وتيتل.
فأضحى يسح الماء حول كنـيفة يكب على الأذقان دوح الكنهبل
أضحى: أي ضحوة النهار كثيفة: اسم موضع وقيل اسم جبل، والأذقان مستعارة لرؤوس الجبال وأعالي الشجر، ودوح هنا ضخام الشجر، الكنهبل شجر من أعظم العضاه مثل شجرة الطرف.
أي أن هذا المطر يقتلع الشجر إذا جرى من أعالي الجبال فيكبها في الأودية على أذقانها.
ومر على القنـان مـن نـفـيان فأنزل منه العصم من كل منزل
القنان جبل لبني أسد لطيف والنفيان: بقية المطر، والعصم الوعول جمع أعصم ومنزل بفتح الميم وضمها على معنيين مختلفين.
وتيماء لم يترك بها جذع نخلة ولا أجما إلا مشيدا بجنـدل
تيماء اسم بلد، والأجم والأطم بناءان عاليان من الحصون وهي الأجام والآطام، مشيدا مبنيا بالشيد وهو الكلس وقيل الجص والجندل.
كأن ثبيرا في عرانين وبلـه كبير أناس في بجاد مزمل
ثبير اسم جبل، الوبل: المطر والوبل أوسع المطر قطرا والبجاد كساء مخطط فيه سواد وبياض، والمزمل: المدثر مرفوع لأنه صفة كبير أناس.
كأن ذرا رأس المجنـب غـدوة من السيل والإغثاء فلكة مغزل
المجنب: اسم جبل والغثاء معروف ومنه قوله تعالى (غناء أحوى) والغثاء اليابس، وما يبس يسمى غثاء من النبات، ويسمى هشيما، والغثاء والغثاء ما يحمله السيل مما جف من النبت.
وألقى بصحراء الغبيط بعـاعـه نزول اليماني ذي العياب المحول
ويروى المجمل والغبيط اسم موضع والعياب جمع العيبة فيها متاع التاجر، أي زهر الأرض الذي أخرجه هذا المطر فجعل نزول الغيث كنزوله.
كأن مكاكـي الـجـواء غـدية صبحن سلافا من رحيق مفلفل
مكاكي: جمع مكاء، طائر كبير، الجواء مكان والضمير لبكاء الغيث يشبهه بتغريد المكاكي وصفيره كصوت السكارى، والتصدية تصفيق اليدين، والجواء جمع جو وهو بطن الأرض الواسع، وانخفاض، غديه تصغير عدوة، صبحن أي سقين الصبوح والمفلفل: ما فيه الفلفل يريد بذلك حدة الشراب.
[وألقى ببسيان مع الليل بـركـه فأنزل منه العصم من كل منزل]
كأن السباع فيه غرقـي عـشـية بأرجائه القصوى أنابيش عنصل
وكأن هذا الغيث جر السباع فغرقها بسيله، فنظرت في جوانبه تبدو منها أرجلها وأطرافها، كما يبين العنصل إذا نبش، أنابيش جمع أنبوش. نجزت معلقة امرئ القيس الكندي وهي نيف وثمانون بيتاً والله
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 01-05-2007, 01:43 AM   #54
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

الموفق للصواب.

[وإذا نحن ندعو مرثد الخيل ربنا وإذ نحن لا ندعى عبيدا لقرمل]
زهير بن أبي سلمى
عرفت عائلة زهير بن أبي سلمى بأنها عائلة شعر وهي عريقة به فقد شهر خاله أوس ابن حجر بالشعر ثم شهر بعد ذلك زهير بن أبي سلمى، وأختاه، وأتى بعد ذلك ابناه كعب وبجير، وكعب هو الذي شهر ببردته حينما قدم على الرسول تائبا وقدم قصيدته المشهورة:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيم أثرها لم يفد مكبـول
هذه القصيدة التي أثارت ضجة في البلاد الإسلامية وفي شعراء الإسلام فسموها البردة ونهجوا على منوالها وشرحوها الشروح الكثيرة.
عرف لزهير مدرسة شعرية خاصة، فقد كان ينقح أشعاره حتى عرفت مدرسته بمدرسة عبيد الشعر ، فقد كان يقول القصيدة في أربعة أشهر، وينقحها في أربعة أشهر ويرسلها في أربعة أشهر ودعيت هذه القصائد بحوليات زهير عاشت هذه المدرسة طويلا وكان لها رواد وتلاميذ.
فقد كان كعب تلميذ أبيه زهير وكان الحطيئة تلميذ كعب وزهير وكان هدبة بن خشرم تلميذ الحطيئة وكان جميل تلميذ هدبة بن خشرم.
ثم رأينا من يحمل هذه الراية في العصر العباسي منهم مسلم بن الوليد صريع الغواني حامل راية التجديد في البديع قبل أبي تمام.
وحسبي أن أسوق هذه الوقفة بين هذه المدرسة مدرسة عبيد الشعر والمدرسة الأخرى التي لا تنقح مسلم بن الوليد وأبي العتاهية ليكون هذا المثال شاهدا على شموخ أعلام هذه المدرسة.
التقى أبو العتاهية بمسلم بن الوليد فقال له يا مسلم إنما يعيبك قلة شعرك فأنت في العام لا تقول إلا قصيدة أو قصيدتين بينما أنا أقول في كل يوم قصيدة قال مسلم: لو أردت أن أقول شعرا مثل شعرك لكان كل كلامي شعرا، ولكني أعطيك العمر كله لتقول مثل هذا القول:
موف على مهج في يوم ذي رهج كأنه أجل يسعـى إلـى أمـل
هذا الكلام المنقح لا يقدر على سبكه إلا قلة من الشعراء أمثال زهير وتلامذته والنابغة وأضرابه ومسلم ومن نحا نحوه.
يعتبر زهير عند بعض النقاد القدماء ثالث الفحول من الشعراء في الجاهلية. بل إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، اعتبره خير الشعراء في الجاهلية على الإطلاق لأنه شاعر الحكمة، وكان لا يعاظل في الكلام.
ولم يختلف النقاد في شأن معلقته نهائيا ولم يخرجوه من شعراء المعلقات كما فعلوا مع النابغة، والحارث بن حلزة اليشكري، والأعشى، أو عبيد بن الأبرص وكل الذين قالوا بالمعلقات ذكروا اسم زهير بينهم وكان واسطة العقد. فقد ترفع عن فحش امرئ القيس، وعنجهية بن كلثوم وغرابة كلمات لبيد وكان نسيجا مفردا في زمنه.
المعلقة وزهير بن أبي سلمى
وقال أبو سلمى زهير بن أبي سلمى يمدح الحارث بن عوف بن سنان المريين. وأبو سلمى بضم السين، وليس في العرب سلمى بضم السين غيره، وأبو سلمى هو ربيعة بن رياح بن قرة بن الحارث بن مازن بن ثعلبة بن برد بن لاطم بن عثمان بن مزينة بن أد طابخة بن إلياس بن مضر.
وآل سلمى حلفاء في بني عبد الله بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر.
وكان ورد بن جابس العبسي قتل هرم بن ضمضم المري الذي يقول له عنترة:
ولقد خشيت بأن أموت ولم تـدر للحرب دائرة على ابني ضمضم
قتله في حرب جرت بين عبس وذبيان قبل الصلح، ثم اصطلح الناس، ولم يدخل حصين بن ضمضم أخوه في الصلح فحلف: لا يغسل رأسه حتى يقتل ورد بن حابس أو رجلا من بني عبس ثم من بني غالب، ولم يطلع على ذلك أحدا.
وقد حمل الحمالة الحارث بن عوف بن أبي حارثة، فأقبل رجل من بني عبس ثم أحد بني مخزوم حتى نزل بحصين بن ضمضم ففال من أنت أيها الرجل؟ فقال: عبسي فقال من أي عبس؟ فلم يزل ينسب إلى غالب فقتله حصين فبلغ ذلك الحارث بن عوف وهرم ابن سنان فاشتد ذلك عليهما، وبلغ بني عبس فركبوا نحو الحارث، فلما بلغ الحارث ركوب بني عبس، واشتداد ذلك عليهم من قتل صاحبهم، وإنما أرادت بنو عبس أن يقتلوا الحارث، بعث إليهم بمئة ناقة من الإبل معهما ابنه، وقال للرسول قل لهم الإبل أحب إليكم أم أنفسكم؟ وأقبل الرسول حتى قال لهم ما قال ربيع بن زياد: إن أخاكم قد أرسل إليكم يقول الإبل أحب إليكم أم أنفسكم؟ يعني قتل ابنه تقتلونه؟ فقالوا: بل نأخذ الإبل، ونصالح قومنا.
فقال زهير يمدح الحارث ين عوف وهرم بن سنان:
أمن أم أوفى لم تكـلـم بحومانة الدراج فالمتثلم
تقديره أمن دمن أم أوفى دمنة، لأن من هنا للتبعيض فأخرج الدمنة من الدمن. لم تكلم، وروى أن بعض أهل الإغارة وقف على معاهد، فقال: أين من شق أنهارك؟ وغرس أشجارك وجنى ثمارك ثم بكى.
وقال أهل النظر في قوله تعالى: (قالتا أتينا طائعين) إنما كانت إرادة فكانت على ما أراده والدمنة: أثار الناس،وما سوي بالرماد وغيره.
فإذا اسود المكان قيل: قد دمن، والدمن البعر والسرخين، والحومانة المكان الغليظ المنقاد وقيل الحومانة القطعة من الرمل والجمع: الحومان، والحوامين، والدراج بفتح الدال وضمها، وحومانة الدراج والمتثلم موضعان بالعالية متقاربان منقادان، ومعنى قوله لم تكلم أي لم يكلم أهلها.
ديار لها بالرقمتـين كـأنـهـا رواجع وشم في نواشر معصم
قال الأصمعي: الرقمتان أحدهما قرب المدينة، والأخرى قرب البصرة ومعناه بينهما وقال الكلابي: الرقمتان من جرثم، ومن مطلع الشمس من بين أسد، وهما أبرقان مختلطان بالحجارة، والرمل، والرقمتان أيضا بشط فلج أرض بني حنظلة، وقوله رواجع وشم أي ما رجع وكرر، وفلان يرجع صوته أي يكرره،
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 01-05-2007, 01:44 AM   #55
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

والنواشر: عروق ظاهر الذراع. وقيل الناشر عصب الذراع من باطنها وظاهرها. والمعصم موضع السوار. شبه الآثار التي في الديار كمراجع الوشم ويروى دار لها بالرقمتين.
بها العين والآرام يمشين خـلـفة وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم
العين: البقر الوحشي الواحدة عيناء والذكر أعين، وإنما قيل لها عيناء لكبر عيونها، والأصل أن تجمع على فعل كما تقول في جمع أحمر وحمراء حمر لأن العين كسرت لمجاورتها الياء وقوله خلفة إذا مشى فوج جاء فوج، وقيل خلفة أي مختلفة، هذه مقبلة وهذه مدبرة، وهذه صاعدة، وهذه نازلة، وخلفة في موضع الحال بمعنى مختلفات، والمجثم المكان الذي يجثم فيه أي تسكنه وتقيم فيه.
وقفت بها، من بعد عشرين حجة فلأيا عرفت الدار بعد توهـم
الحجة: السنة، يقال حج وحج بالفتح والكسر فإذا جئت بالهاء كسرت لا غير، وقال أهل النظر بالإعراب الحجة السنة والحجة الفعلة من الحج بالفتح، واللأي البطء وقيل الجهد والمشقة.
قالوا والمعنى فبعد لأي كأنهم يقدرونه على الحذف، والأجود أن يكون المعنى، فعرفت الدار لأيا، وقوله في موضع الحال والمعنى مبطئا فهذا بغير حذف.
ومعناه إن عهدي بهذه الدار قد تم حتى أشكلت علي وقيل اللأي هو البطء. والتوهم ما وقع في وهمك ولم تحققه، وحجة منصوب على التفسير.
أثافي سفعا في معرس مرجل ونؤيا كجذم الحوض لم يتثلم
الأثافي: الحجارة التي تجعل تحت القدر الواحدة أثفية، والسفع: السود، وإنما قوله تعالى (لنسفعن بالناصية) ومعناه لنأخذن يقال سفعت بناصيته: إذا أخذت بها، والمعرس هنا الموضع الذي يكون فيه المرجل، وكل موضع يقام فيه يقال له: معرس، والمرجل كل قدر يطبخ فيها من حجارة أو حديد.
والنؤي حاجز يجعل دون الخباء يمنع من السيل من تراب وغيره. ويقال نأى إذا تباعدن وأناء غيره: إذا باعد غيره، وقد يقال ناءى غيره إذا باعده وجذم الحوض بقيته. ومعنى قوله لم يتثلم أي قد ذهب أعلاه ولم يتثلم باقيه.
ويروى أثافي سفعا بتخفيف الياء وهو أكثر، وإن كان الأصل التثقيل لكثرة استعمالهم، وأثافي منصوب بقوله بعد توهم أثافي سفعا ويروى ونؤيا الحوض، والجد البئر العتيقة، والجد الطريق في الماء، ويقال للموضع الذي ترفأ فيه السفن جد وجدة أيضاً.
فلما عرفت الدار قلت لربعـهـا ألا انعم صباحا أيها الربع واسلم
الربع: المنزل في الربيع، ثم كثر استعمالهم حتى قيل لكل منزل ربع وقوله إلا أنعم صباحا: أي كن في نعمة -يدعو له- لا تدرس، والذي في الظاهر للربع وفي الباطن لأهله ومن كان ساكنه.
وروى الأصمعي ألا عم صباحا ومعناه أنعم صباحا وقال هكذا ينشده عامة العرب وتقدير الفعل الماضي منه وعم يعم ولا ينطق به.
قال الفراء: وقد يتكلمون بالأفعال المستقبلية، ولا يتكلمون بالماضي منها، فمن ذلك قولهم: عم صباحا، ولا يقولون وعم صباحا، ويقولون: ذرا ذرا، ودعه.
ولا يقولون: وذرته وودعته، ولا يقولون غيره، ويتكلمون بالفعل الماضي ولا يتكلمون بالمستقبل، فمن ذلك عسيت أن أفعل ذلكن ولا يقولون: أعسى ولا عاس. وكذلك يقولون لست أقوم ولا يتكلمون بمستقبل ولا دائم.
وصباحا منصوب على الظرف.
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن تحملن بالعلياء من فوق جرثـم
الظعائن النساء في الهوادج الواحدة ظعينةش ويقال للمرأة وهي في بيتها ظعينة وسميت بذلك لأنها يظعن بها أي يسافر، وأكثر أهل اللغة يقولون لما كثر استعمالها؛ لهذا سموا المرأة ظعينة حتى تكون في الهودج، ولا يقال للهودج ظعينة حتى تكون فيه المرأة.
وقال الأصمعي من في قوله من ظعائن زائدة يريد أنها زائدة للتوكيد ويحتمل أن تكون غير زائدة وتكون للتبعيض والعلياء بلد وجرثم بضم الميم وبالتاء المثلثة المضمومة ماء لبني أسد.
جعلن القنان عن يمين وحزنه وكم بالقنان من محل ومحرم
روى الأصمعي ومن بالقنان، والقنان جبل لبني أسد، والحزن، والحزم الأسود، وهو ما غلظ من الأرض والمحل الذي ليس له ذمة تمنع، ولا حرمة. والمحرم الذي له حرمة تمنع منه هذا قول أكثر أهل اللغة.
وقال أبو العباس محمد بن يزيد المحل والمحرم هنا الداخلان في الأشهر الحرم وفي الأشهر التي ليست بحرم، ويقال أحرم إذا دخل في الشهر الحرام، وأحل إذا خرج منه، وقد حل من إحرامه، يحل حلا فهو حلال، ولا يقال حال، وقد أحرم بالحج يحرم إحراما فهو محرم وحرام.
والمعنى كم بالقنان من عدو وصديق لنا، يقول حملت نفسي في طلب هذه الظعن على شدة أمر بموضع فيه أعدائي ولو ظفروا بي لهلكت.
وعالين أنماطا عتاقـا وكـلـه وراد الحواشي لونها لون عندم
وروى الأصمعي:
علون بأنطاكية فوق عقـمة وراد حواشيها مشاكهة الدم
ويروى:
علون بأنماط عـتـاق وكـلـه وراد الحواشي لونها لون عندم
عالين أي رفعن، الأنماط جمع نمط، والكلل جمع كلة وهي الستور الرقاق على الإبل الوارد الحمر التي لونها يميل إلى الأحمر وأنه أخلص الحاشية بلون واحد لم يعملها بغير الحمرة، والأنطاكية أنماط توضع على الخدور نسبتها إلى أنطاكية، وعقمة والجمع عقم، مثل شيخة وشيخ، وشحمة وشحم، والعقم أن تظهر خيوط أحد السيرين، فيعمل العامل به، وإذا أراد أن يشي بغير ذلك اللون لواه وجمعه، وأظهر ما يريد مكانه والمشاكهة: المشابهة، والمشاكلة سواء، والعندم البقم والعندم: دم الأخوين ويقال النمط ثوب منقوش عتاق أي حسان.
ظهرن من السويان ثم جزعنه على كل قيني قشيب ومفأم
السوبان واد لبني أسد، وظهرن أي خرجن منه، وجزعنه قطعنه، والجزع قطع الوادي: والقيني القتيب يكون تحت الهودج، وهو الغبيط، منسوبة لبني قين وقشيب جديد، ومفأم واسع، وأراد الغبيط، والغبيط تحت الرحل.
ووركن في السوبان يعلون متنه عليهن ذل الناعم المتـنـعـم
وركن فيه أي ملن فيه، يقال توركن موضع كذا، ووركن الإبل موضع كذا: أناخت فيه، ورأوا أوراكها، والمتن ما غلظ من الأرض، وارتفع، وقوله عليهن أي على الظاعنين، والتقدير ووركن في السوبان عاليات متنه، والتوريك ركوب أوراك الدواب والتنعم تفعل من النعمة.
كأن فتات العهن في كل منزلة نزلن به حب الغنا لم يحطـم
ويروى في كل موقف، وقفن به، والعهن جمع عهون، الصوف المصبوغ، شبه ما تفتت من العهن الذي علق على الهودج، إذا نزلن به منزلا بحب الغنا والغنا شجر له حب أحمر فيه نقط سود وقال الفراء هو عنب الثعلب وقال أبو عبيدة هو نبت له حب تتخذ منه القراريط، وهو شديد الحمرة. لم يحطم أراد حب الغنا صحيح، لأنه إذا كسر ظهر له لون غير الحمرة، والفتات اسم لما أنفت من الشيء؛ أي انقطع وتفرق، وأصله من الفت وهو التقطيع.
قال الأصمعي: العهن الصوف صبغ ألم يصبغ، وهو هنا المصبوغ، وقوله لم يحطم: لم يكسر.
بكرن بكورا واستحرن بسحـرة فهن ووادي الرس كاليد في الفم
ويروى فهن لوادي الرس كاليد في الفم، والرس واد فيه ماء ونخل لبني أسد، واستحر أي سار سحرا، ولا ينصرف سحرة، وسحر إذا عينتهما من يومك الذي أنت فيه، وإن عينت سحرا من الأسحار انصرف، ومعنى كاليد للفم: أي لا يجاوزن من هذا الوادي: أي لا يخطئنه كما لا تجاوز اليد للفم.

فلما وردن الماء زرقا جمامـه وضعن عصي الحاضر المتخيم
يقال ماء أزرق إذا كان صافيا، وجمام جمع جمة، وهو الماء المتجمع، يقال جم يجم جموما ويسمى الماء نفسه جما، والحاضر: النازل على الماء. المتخيم: المقيمن وأصله من تخيم إذا نصب الخيمة، ويقال: وضع الرجل عصاه إذا لم يرد السفر منه، المتخيم الذي ضرب خيمة وأقام، عصي جمع عصا وكان يجب أن يقول عصو، فأبدل من الواو ياء لأنها أطراف، ولأنه ليس بينها وبين الضمة إلا حرف ساكن، والجمع باب تغيير، ثم كسرت الصاد من أجل الياء التي بعدها.
وصف أنهن في أمن ومنعة، فإذا نزلن آمنات كنزول من هو في أهله ووطنه. ونصب زرقا على أنه حال للماء ويصلح أن يكون حالا لأنه قد عادت عليه الهاء في قوله جمامه، ويرفع جمامه بقوله زرقا، ويكون المعنى يزرق جمامه، وجاز أن يقول زرقا، وإن كان بمعنى النظر، لأنه جمع مكسر فقد خالف الفعل من هذه الجهة كما تقول هذا رجل كرام قومه وكما قال:
بكرت عليه غدوة فوجدتـه فعودا لديه بالصريم عواذله
ولو كان في غير الشعر لجاز أن يقول: قاعدا.
ومن يروي زرق جمامه رفع زرقا على أنه خبر الابتداء وينوى به التأخير وجمامه مرفوع بالابتداء.
والمعنى: فلما وردن الماء جمامه زرق، ويجوز في غير الشعر أزرق جمامه على أن التقدير جمامه أزرق كما تقول الجيش مقبل.
[تذكر في الأحلام ليلى ومن تطف عليه خيالات الأحـبة يحـلـم]
وفيهن ملهى للطيف ومـنـظـر أنيق لعين الناظر المـتـوسـم
ملهى ولهو واحد، وهو في موضع رفع الابتداء، وإن شئت بالصفة واللطيف المتلطف الذي ليس معه جفاء. وقيل عنى باللطيف نفسه: أي يتلطف في الوصول إليهن. وقوله اللطيف: الحسن الشمائل الفطن، وأنيق بمعنى مؤنق أي معجب، والمتوسم: الناظر، وقيل: المتوسم الطالب للوسامة، وهي الحسن. قال مجاهد في قوله تعالى: (والخيل المسومة) قال هي الحسنة والمتوسم الوسامة المتثبت. وقيل أنيق جميل.
ويروى: وفيهن ملهى للصديق.
سعى ساعيا غيظ بن مرة بعدما تبزل ما بين العشيرة بالـدم
الساعيان الحارث بن عوف، وهرم بن سنان سعيا في حرب داحس والغبراء، فأصلحا. وغيظ بن مرة بن عبد الله بن غطفان.
تبزل: تشقق وهو تمثيل. أي قد كان بينهم صلح فتشقق بالدم، فسعى ساعيا غيظ بن مرة، فأصلحاه، ويقال تبزل الجرح إذا هو تشقق فخرج ما فيه، وتبزل جلد فلان إذا عرق، وبزل ناب البعير أي موضع نابه، وذلك في السنة التاسعة، فإن البعير في أول سنة حوار، وفي الثانية ابن مخاص، وفي الثالثة ابن لبون، وفي الرابعة حق، وفي الخامسة جذع، وفي السادسة ثني، وفي السابعة رباع وفي الثامنة سدس، وسديسن وفي التاسعة بازل، وفي العاشرة مخلف، وهذا آخر سنيها، فإذا زاد على هذا قيل بازل عامين، ومخلف عامين، وبازل ثلاثة أعوام إلى أن ينتهي ويبلغ منتهاه.
فأقسمت بالبيت الذي طاف حوله رجال [بنوه] من قريش وجرهم
يعني بالبيت: الكعبة وجرهم: كانو ولاة البيت وسكان الحرام قبل قريش وهم حي من اليمن، وهم أخوال إسماعيل بن إبراهيم 4، وبقوا بمكة مدة، واستحلوا حرمتها، وأكلوا مال الكعبة الذي يهدى لها، ثم لم يتناهوا، حتى جعل الرجل منهم إذا لم يجد مكانا يزني فيه، دخل بناء الكعبة فزنى. وكانت مكة لا بغي فيها، ولا ظلم فيها، و لا يستحل حرمتها ملك إلا هلك مكانه، وكانت تسمى الناسة لأن أهلها كأنهم يبس من العطش كما قال:
ويلد تمسـي قطاه نسسا
ثم استوى من بعد جرهم خزاعة ثم قريش، وقد أوضحنا ذلك في كتابنا ترجمان الأشواق.
يمينا لنعم السـيدان وجـدتـمـا على كل حال من سحيل ومبرم
أي نعم السيدان وجدتما حين تفاجآن لأمر قد أبرمتماه وأمر لم تبرماه، ولم تحكماه أي على كل حال من شدة الأمر وسهولته، والسحيل الخيط الذي على طاق واحدة، والمبرم المفتول على طاقين أو أكثر، والسحيل الضعيف، والمبرم القوي يقال: أبرم فلان الأمر إذا ألح فيه حتى يحكمه، وأبرم العامل الحبل: إذا أعاد عليه الفتل ثانيا بعد أول. فالأول سحيل والثاني مبرم ومنه قوله تعالى (أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون) قال الأفوه الأودي:
إشارة الغي أن تلقى الجميع لدى الإبرام للأمر والأذناب أكتـاد
ومنه رجل برم، إذا كان لا يحضر الميسر، و لا يشهد الناس حيث يكون كأنه قد اشتد ضيق صدره، حتى صار لا يفعل مثل هذا.
وحبل مبرم، وقد أبرمني، وأبرمت الشيء أبرمه برما، ومنه سميت البرمة؛ لإلحاح الناس عليها بالنار، وسكنت الراء لأنها مفعول به، يقال رجل ضحكة إذا كان يضحك منه وضحكة إذا كان يضحك من غيره بكسر الحاء.
والسيدان الحارث بن عوف وهرم بن سنان مدحهما لإتمامهما الصلح بين عبس وذبيان وتحملهما ديات القتلى.
تداركتما عبسا وذبيان بعـدمـا تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 01-05-2007, 01:46 AM   #56
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

أي نعم السيدان وجدتما حيث تداركتما أمر هذين الحيين بعدما تفانوا في الحرب، فأصلحتم بينهم، ومنشم اسم امرأة عطارة من خزاعة، ويقال جرهمية، يشترى منها الحنوط، فإذا حاربوا كانو يشترون منها الحنوط والكافور لموتاهم فتشأموا بها ويقال إن قوما تحالفوا، فأدخلوا أيديهم في عطرها، ليتحرموا به، ثم خرجوا إلى الحرب، فقتلوا جميعا فتشاءمت العرب بها. يقول: فصار هؤلاء بمنزلة أولئك في شدة الأمر.
وقال أبو عمرو بن العلاء عطر منشم، إنما هو من التنشيم في الشر، ومنه قولهم لما نشم الناس في أمر عثمان.
وقال أبو عبيدة منشم اسم وضع لشدة الحرب وليس ثم امرأة كقولهم جاءوا على بكرة أبيهم وليس ثمة بكرة.
وقال أبو عمرو الشيباني منشم امرأة من خزاعة كانت تبيع عطرا، فإذا حاربوا اشتروا منها كافورا لموتاهم فتشاءموا بها.
وقال ابن الكلبي منشم ابنة الوجيه الحميري.
وذبيان بالضم والكسر، والضم أكثر، والأصل ذبان ثم أبدل من الباء ياء كما يقال تقصيت من القصة.
وقد قلتما إن ندرك السلم واسعا بمال ومعروف من القول نسلم
ويروى من الأمر، ومعنى واسع ممكن، يقول نبذل فيه الأموال، ونحث عليه وقوله نسلم أي نسلم من الحرب إن قبل منا إعطاء الديات، والسلم بكسر السين، وفتحها: الصلح يذكر ويؤنث قال:
فلا تفيقـن إن الـسـلـم آمـنة ملساء ليس بها وعث ولا ضيق
فأصبحتما منها على خير موطن بعيدين فيها من عقوق ومأثـم
منها: يعني الحرب بعيدين: أي لم تركبا منها ما لا يحل لكما، فلم تغمسوا أيديكما في الدماء فتأثموا ولم تتركوا قومكم، فتعقوهم، ونصب بعيدين على الحال، وخبر أصبحتما على خير، والعقوق قطيعة الرحم.
عظيمين، في عليا معد هديتـمـا ومن يستنتج كنزا من المجد يعظم
عليا معد وعلياء معد أرفعها، ويعظم أي يأتي بأمر عظيم، ويعظم: أي يصير عظيما، ويعظم أي يعظمه الناس.
وأصبح يحدى فيهم من تلادكم مغانم شتى من إفال مزنـم
ويروى: فأصبح يجري فيهم من تلادكم.
ويحدى: يساق، والتلاد: ما ولد عندهم أصله، ثم كثر استعمالهم إياه، حتى قيل لملك الرجل كله تلاده، وشتى متفرقة يقول صرتم تغرمون لهم من تلادكم.
وقال أبو جعفر: قوله من تلادكم معناه من كرم سعيكم الذي سعيتم له حتى جمعتهم لهم الحمالة، ويروى من نتاج مزنم.
فالإفال الفصلان، والواحد أفيل والمزنم علامة تجعل في الجاهلية، وعلى ضرب من إبل كرام وهو أن يسمى ظاهر الأذن أي يقشر جلدته ثم يفتل فيبقى زنمة تنوس أي تضطرب.
وروى أبو عبيدة من إفال المزنم قال وهو فحل معروف.
تعفى الكلوم بالمئين فأصبحت ينجمها من ليس فيها بمجرم
تعفى: تمحى الجراح بالمئين من الإبل، وتؤدى، تجعلونها نجوما، وقولهم: عفا الله عنك أي محا عنك الذنوب. وقد استعفى فلان من كذا سأل أن لا يكون له فيه أثر، وينجمها لأجل أدائها وقتا أي يغرمها لم يجرم فيها والجارم الذي قد أتى بالجرم، وهو الذنب.
يقال أجرم وجرم، وأجرم أفصح، وبهما جاء القرآن الكريم، وجرم الشيء إذا حق وثبت، قال الشاعر:
ولقد طعنت أبا عبـيدة طـعـنة جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا
ينجمهـا قـوم لـقـوم غـرامة ولم يهرقوا من بينهم ملء محجم
ملء الشيء: مقدار ما يملؤه، والملء المصدر يقال: ملأته ملأ، وقد ملأ فلان إذا وضع في الشيء ما يملأه، وفلان مليء بين الملاءة، والملأ الأشراف. وأنت أملأ من فلان والملاءة بالمد التي يلتحف بها. والملاوة قطعة من الدهر، وأكثر أهل اللغة يقولون الملاوة وقد حكي بالضم وقولهم أمل جديد، وتملى حينا هو من هذا أي عاش قطعة من الدهر وقد أتى تفسير هذا البيت مع الذي قبله.

ألا أبلغ الأحلاف عني رسالة وذبيان هل أقسمتم كل مقسم
الأحلاف أسد وغطفان، واحدهم حلف، ويقال: فلان حلف بني فلان إذا منعوه مما يمنعون منه أنفسهم، وأن يكونوا يدا واحدة على غيرهم. ومعنى هل أقسمتم كل مقسم: أي هل أقسمتم كل أقسام أنكم تفعلون ما لا ينبغي. وروى الأصمعي فمن مبلغ الأحلاف، يريد مبلغ الأحلاف على أن يحذف التنوين لالتقاء الساكنين.
وحكي عن عمارة أنه قرأ (ولا الليل سابق النهار)
فلا تكتمن الله ما في صدوركم ليخفى ومهما يكتم الله يعلـم
ويروى: في نفوسكم، يقول لا تكتموا الله ما صرتم إليه من الصلح، وتقولوا إنا لم نكن نحتاج إلى الصلح، وإنا لم نسترح من الحرب، فإن الله يعلم من ذلك ما تكتمون وقال أبو جعفر: معنى البيت لا تظهروا الصلح، وفي أنفسكم أن تغدروا كما فعل حصين بن ضمضم إذ قتل ورد بن حابس بعد الصلح أي صححوا الصلح.
يؤخر فيوضع في كتاب فيدخر ليوم حساب أو يعجل فينقـم
أي لا تكتمن الله في ما نفوسكم فيؤخر ذلك إلى يوم الحساب فتحاسبوا به أو يعجل في الدنيا النقمة به.
وقال بعض أهل اللغة يؤخر بدل من يعلم كما قال تعالى (ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة).
وكما قال الشاعر:
متى تأتنا تلحم بنا في ديارنـا تجد حطبا جزلا ونارا تأججا
فأبدل تلحم من تأتنا، وأنكر بعض النحويين هذا وقال لا يشتبه هذا بقوله تعالى (ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب) لأن مضاعفة العذاب هو لقي التأثيم. وليس التأخير العلم ألا ترى أنك تقول: "إن تعطني تحسن إلي أشكرك" فبدل تحسن من تعطني، لأن العطية إحسان، ولا يجوز أن تقول: إن تجئني نتكلم أكرمك إلا على بدل الغلط لأن التكلم ليس هو المجيء، وبدل الغلط لا يجوز أن يقع في السفر وأجاز سيبويه: أن يكون قوله يؤخر مردود إلى أصل الأفعال. قال بعض النحويين يؤخر جواب النهي والمعنى فلا تكتمن الله ما في نفوسكم يؤخر، وأجاز لا تضرب زيدا يضربك.
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتـم وما هو عنها بالحديث المجمجم
ويروى بالحديث المرجم يقول: ما الحرب إلا ما جربتم و ذقتموه.
فإياكم أن تعودوا إلى مثلها. وقوله وما هو عنها بالحديث أي الخبر عنها بحديث يرجم فيه بالظن، فقوله كناية عن العلم لأنه لما قال: إلا ما علمتم دل على العلم.قال تعالى: (ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لكم).
بل هو المعنى أنه لما قال يبخلون دل على البخل، كقولهم من كذب كان شرا أي كان الكذب شرا. والمرجم الذي ليس بمستيقن يقال: رجمه لظنه. إنما قال ما لا يتيقنه.
متى تـبـعـثـوهـا ذمـيمة وتضر إذا ضربتموها فتضرم
تبعثوها: تثيروها، ذميمة: مذمومة، وقال بعض أهل فعيل إذا كان بمعنى مفعول كان بغير هاء كقوله قتيل بمعنى مقتول، وهذا إنما يقع على المؤنث بغير هاء إذا تقدم الاسم كقولك مررت بامرأة قتيل أي مقتولة، فإن قيل مررت بقتيلة لم يجز حذف الهاء لأنه لا يعرف أنه مؤنث، وذميمة أي حقيرة وتضر يقال ضري يضرى ضراوة يكون أولها صغيرا ثم يعظم بعد ذلك، يقال تضرمت النار إذا اشتعلت.
فتعرككم عرك الرحى بثفالها وتلقح كشافا ثم تنتج، فتتـئم
الثقال جلدة تجعل تحت الرحى، ليكون ما سقط عليها، وأراد عرك الرحى، ومعها ثفالها: أي عرك الرحى طاحنة. قال تعالى: (تنبت بالدهن).
المعنى: ومعها الدهن كما تقول باء فلان بالسيف أي ومعه السيف. يقال لقحت الناقة كشافا إذا حمل عليها كل عام، وذلك أردأ النتاج، والمحمود عندهم أن يحمله عليها بعد سنة وتحجم سنة، يقال ناقة كشوف، إذا حمل عليها كل سنة، واللقح واللقاح حمل الولد. وإنما شبه الحرب بالناقة إذا حملت، ثم أرضعت ثم فطمت لأنه جعل ما يحلب منها من الدماء بمنزلة ما يحلب من الناقة، وقيل شبه الحرب بالناقة لأن هذه الحرب يطولهم شأنها وهو أشبه (بالمعنى) وتتئم أي تأتي بتوأمين: الذكر توأم والأنثى توأمة والجمع التوائم وقيل في قوله كشافا أي أنه يعجل عليكم أمرها بلا وقت، يقال: أكشف القوم إذا فعل بإبلهم كذلك.
فتنتج لكم غلمان أشأم كلـهـم كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم
يقال نتجت الناقة تنتج، ولا يقال نتجت، وأنتجت، إذا استبان حملها فهي نتوج، ولا يقال منتج، وهو القياس، وأشأم فيه قولان أحدهما أنه بمعنى المصدر كما قال غلمان شؤم، وأشأم هو الشؤم بعينه. يقال كانت لهم بأشأم يريد بشؤم فلما جعل أفعل مصدرا لم يحتج إلى من ولو كان أفعل غير مصدر لم يكن بد منه.
والقول الآخر أن يكون الغلمان غلمان امرئ أشأم أي مشؤوم. وكلهم مرفوع بالابتداء ولا يجوز أن يكون توكيدا لأشأم ولا الغلمان لأنهما نكرتان والنكرة لا تؤكد، وما بعدها خبر المبتدأ، كأنه قال كلهم مثل أحمر عاد يريد عاقر الناقة قدار بن سالف.
وقال الأصمعي أخطأ زهير في هذا لأن قدار عاقر الناقة ليس من عاد وإنما هو من ثمود، فغلط، فجعله من عاد.
وقال أبو العباس محمد بن يزيد وهذا ليس بغلط لأن ثمود يقال لها عاد الآخرة ويقال لقوم هود عاد الأولى، ودليل قوله تعالى (وإنه أهلك عادا الأولى) وبه أقول.
وقوله: ثم ترضع، فتفطم: أي أنه يتطاول أمرها حتى تكون بمنزلة من تلد وترضع وتفطم.
فتغلل لكم ما لا تغل لأهلـهـا قرى بالعراق من قفيز ودرهم
قال الأصمعي يريد أنها تغل لهم دما يكرهون وليس تغل ما تغل قرى العراق من قفيز ودرهم، وقال يعقوب هذا تهكم وهزء. يقول لا يأتيكم منها ما تسرون به مثل ما يأتي أهل العراق من الطعام والدراهم، ولكن غلة هذا ما تكرهون.
وقال أبو جعفر معناه أنكم تقتلون وتحمل إليكم ديات قومكم فافرحوا فهذه لكم غلة.
لحي حلال يعصم الناس أمرهـم إذا طرفت إحدى الليالي بمعظم
الحلال: الكثير، والحلة: مائتا بيت، وقيل حي حلال: إذا نزل بعضهم قريبا من بعض، واللام في لحي متعلقة بقوله: سعى ساعيا غيظ بن مرة لحي حلال. وقيل المعنى اذكر هذا لحي حلال، أي هذه الإبل التي تؤخذ في الدية لحي كثير، وإنما أراد أن يكثرهم ليكثر العقل، وقوله يعصم الناس أمرهم معناه: إذا ائتمروا أمرا كان عصمة الناس.
كرام فلا ذو الضغن يدرك تبله ولا الجارم الجاني عليهم بمسلم
ويروى ولا ذو الوتر يدرك وتره، والجارم الذي أتى الجرم، وهو الذنب ويروى فلا ذو النبل يدرك نبله لديهم ولا الجاني عليهم بمسلم الضغن، والضغينة: ما تكن في القلب من العداوة، والجمع الأضغان والضغاين.
رعوا ما رعوا من ظمئهم، ثم أوردوا غمارا تفرى بالـسـلاح وبـالـدم
الظمء في الإبل العطش، وهنا ما بين الشربتين، وإنما يريد أنهم تركوا الحرب ثم رجعوا، فحاربوا ألا تراهم أنهم أوردوا غمارا، والغمار جمع غمر وهو الماء الكثير، يريد أنهم وردوا على الموت كقول ورد القوم على الماء، تفرى: تشقق، وتكشف، وتتفتح، وأصله يتفرى ويروى، رعوا ظمأهم حتى إذا تم أوردوا.
فقضوا منايا بينهم ثم أصدروا إلى كلأ مستوبل متوخـم
المنايا: الآجال، أصدروا: أوردوا إبلهم الكلأ والرعي، والمستوبل: والمستثقل الذي لا يمري على من أكله، والمستوخم مثله، وقيل معنى قوله: ثم أصدروا إلى كلأ أي إلى أمر استوخموا عاقبته.
لعمري لنعم الحي جر عـلـيهـم بما لا يؤاتيهم حصين بن ضمضم
لعمري في موضع رفع بالابتداء والخبر محذوف، كأنه قال لعمري الذي أقسم به وجر عليهم بمعنى جنى من الجريرة، وقوله بما لا يؤاتيهم: أي بما لا يوافقهم ويروى: بما لا يماليهم حصين بن ضمضم: أي يماليهم عليه والممالاة: المتابعة، وكل حصين من بني مرة أبى أن يدخل في صلحهم، فلما اجتمعوا للصلح شد على رجل منهم فقتله.
وكأن طوى كشحا على مستكنة فلا هو أبداها ولـم يتـقـدم
الكشح منقطع الأضلاع، والكاشح: العدو المضمر العدواة في كشحه، وقيل هو من قولهم كشح يكشح كشحا إذا أدبر، وولى، فسمي العدو كاشحا لإعراض قلبه عن الود. يقال طوى كشحه على كذا: أي أضمره في صدره، والاستكنان طلب الكن، والاستكنان الإستتار ومعنى البيت: وكان طوى الكشح على فعلة أكنها في نفسه، فلم يظهرها ويروى ولم يتجمجم أي ولم يدع التقدم على ما أضمر، وكان هرم بن ضمضم قتله ورد بن حابس فقتله حصين به، والمستكنة يعنى فعلة مكتومة وهي الغدرة.
وقال أبو العباس هذا بإضمار قد، ومعناه، وكان قد طوى كشحا؛ لأن كان فعل ماض عنه إلا باسم، أو بما ضارع الاسم وأيضاً، فإنه لا يجوز كان زيد قام، لأن
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 01-05-2007, 01:49 AM   #57
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

قولك زيد قام يغنيك عن كان، وخالفه أصحابه في هذا فقالوا الفعل الماضي قد ضارع أيضا، فهو يقع خبر لكان كما يقع الاسم، والفعل المستقبل، وأما قوله إن قولك زيد قام يغني عن كان، فإنه يجيء بكان لتوكيد أن الفعل ماض.
وقوله على مستكنة أي على حالة مستكنة، فلا هو أبداها أي فلم يبدها؛ أي لم يظهرها، ومثله (فلا صدق ولا صلى) فلم يتصدق ولم يصل ولا يجيز النحويون ضربت زيدا. ولا ضربت عمرا، لئلا يشبه الثاني الدعاء ولا يجوز أن يكون المعنى ضربت زيدا، ولم أضرب عمرا لأن هذا إنما يكون إذا كان في الكلام دليل عليه كما قال تعالى (ولكن كذب وتولى) فمعنى لكن يدل على أن لا في قوله فلا يصدق ولا صلى بمعنى لم يصدق ولم يصل.
وقال سأقضي حاجتي ثم أتقي عدوي بألف من ورائي ملجم
فمن روى الجيم ملجم أراد بألف فرس ومن روى بكسرها أي بألف فارس ملجم، والملجم نعت للألف، والألف مذكر، فإن رأيته في شعر مؤنثا، فإنما يذهب في تأنيثه إلى تأنيث الجمع وحاجته قتل ورد بن حابس.
فشد ولم ينظر بيوتـا كـثـيرة لدى حيث ألقت رحلها أم قشعم
أي لم يحفل ويروى: ولم يرفع بيوتا كثيرة، ولم يخرج بيوتا أي لم يتجمع عليه أحد. والقشعم: العنكبوت، وقيل النسر، وهي هنا الحرب.
لدى أسد شاكي السلاح مقاذف له لبد أظفاره لـم تـقـلـم
ويروى مقذف وهو الغليظ اللحم، ومعناه أن سلاحه ذو شوكة وهو داخل فيه.
جريء متى يظلم يعاقب بظلمة سريعا وإلا يبد بالظلم يظلـم
ويروى جريء بالرفع أي هو جريء، ويظلم مجزوم بالشرط ويعاقب جوابه سريعا حال منصوبا، ويجوز أن يكون منصوبا على المصدر المحذوف كأنه قال يعاقب عقابا سريعا.
لعمرك ما جرت عليهم رماحـهـم دم ابن نهيك أو قتيل الـمـثـلـم
ولا شاركت في الحرب في دم نوفل ولا وهب فيها ولا أبيه المـحـزم
روى يعقوب وغيره المحزم بالحاء المهملة وروى أبو جعفر المخزم بالخاء المعجمة وفاعل شاركت مضمر فيه ذكر الرماح، ويروى ولا شاركت في الموت، ويروى ولا شاركت في القوم، ويروى ولا شاركت كغيره.
فكلا أراهم أصبحوا يعقلونـه علالة ألف، بعد ألف مصمم
قوله يعقلونه أي يودون عنه أي ديته، والعلالة هنا زيادة، وأصله من العلل وهو الشرب الثاني، كأنه فاضل عن الشرب الأول، والعرب تقول عرضت عليه عالة، وعلالة، ويكون للشيء اليسير نحو القلامة، وما أشبهها، والمصمم التام ويروي عثمان ألفا وكلا منصوبة، بإضمار فعل يفسره ما بعده، وكأنه قال فأرى كلا ويجوز الرفع على أن لا تضمر، إلا أن النصب أجود لتعطف فعلا على فعل لأن قبله ولا شاركت في الحرب فصار كقوله:
أصبحت لا أحمل الـسـلاح ولا أملك رأس البعير إن نـفـرا
والذئب أخشاه إن مـررت بـه وحدي وأخشى الرياح والمطرا
ومن بعض أطراف الزجاج فإنه مطيع العوالي ركبت كل لهذم
ويروى: يطيع العوالي، والزجاج جمع زج، وهو أسفل الرمح، والعوالي جمع عالية وهو أعلى الرمح، واللهذم الحاد، وهو تمثيل أي من لم يقبل الأمر الصغير يضطره إلى أن يقبل الأمر الكبير.
ومن يوف لا يذمم، ومن يغض قلبه إلى مطمئن البر لا يتجـمـجـم
يقال وفى، وأوفى أكثر وقوله من يغض قلبه أي يصير، ومطمئن البر: خالصه، ولا يتجمجم أي لا يتردد في الصلح، ويوف مجزوم بالشرط وجوابه لا يذمم، ولم تفصل "لا" بين الشرط وجوابه كما لم تفصل بين النعت والمنعوت في قولك مررت برجل لا جالس ولا قائم، وإنما خصت "لا" بهذا لأنها تزاد التأكيد كما قال الله تعالى: (ما منعك ألا تسجد) أي أن تسجد.
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ولو رأم أسباب السماء بسلم
ويروى: ومن يبغ أطراف الرماح ينلنه=ولو رام أسباب السماء بسلم يقول من تعرض للرماح نالته، ورام حاول، والأسباب النواحي، وإنما عنى بها من هاب كريهة أن تناله، لأن المنايا تنال من يهابها ومن لا يهابها ونظير هذا قوله تعالى: (قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملقيكم) والموت ملاقي من فر ومن لا يفر عنه.

ومن يجعل المعروف في غير أهله يكن حمده ذمـا عـلـيه ويذمـم
يقول من وضع أياديه في غير مستحقيها، أي من أحسن إلى من لم يكن أهلا للإحسان إليه والامتنان عليه، وضع الذي أحسن إليه موضع الحمد ذمه. أي كافأه على إحسانه بدل المدح ذما للمحسن الذي وضع إحسانه في غير موضعه.
لسان الفتى نصف، ونصف فؤاده فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
هذا قول العرب: المرء بأصغريه قلبه ولسانه.
ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله على قومه يستغن عنه ويذمم
جزم يك بالشرط وما حذف النون للتخفيف أو الأصل يكن إلا لكثرة الاستعمال ومضارعتها لحروف اللين والمد. ألا تراها تحذف في التثنية والجمع كما يحذف حروف المد واللين في قولك: لم يضربا، ولم يضربوا فكذلك حذفت هنا للتخفيف، وقوله: فيبخل معطوف على يك، والجواب في قوله يستغن عنه ويذمم معطوف عليه.
ومن لا يزل يسترحل الناس نفسه ولا يعفها يوما من الذل ينـدم
أي يجعل نفسه كالراحلة للناس يركبونه، ويذمونه.
ومن يغترب يحسب عدوا صديقه ومن لا يكرم نفسـه لا يكـرم
أي من اغترب حسب الأعداء أصدقاءه، لأنه لم يجربهم، فتوقفه التجارب على ضمائر صدروهم، ومن لا يكرم نفسه بتجنب الرذائل لم يكرمه الناس.
ومن لا يذد عن حوضه بسلاحه يهدم ومن لايظلم الناس يظلم
يذد: يطرد، ويدفع. أي من لا يمنع عن عشيرته يذل. قال الأصمعي: ومن ملأ حوضه ثم لم يمنع منه غشي، وهدم. وهو تمثيل: أي من لان للناس ظلموه، واستضاموه.
ومن لا يصانع في أمور كثيرة يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم
يصانع: يترفق ويداري، فإنه من لا يصانع الناس، ولم يدارهم في كثير من الأمور قهروه، وأذلوه، وربما قتلوه، ويضرس: يمضغ بضرس، ويوطأ بمنسم، والضرس العض على الشيء بالضرس والمنسم خف البعير.
ومن يجعل المعروف من دون عرضه يفزه ومن لا يتق الشـتـم يشـتـم
يفره: يتمه ولا ينقصه. يقال وفرته؛ وفارة ووفرة.
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولا لا أبا لك يسـأم
يقال سئمت السوء سآمة: مللته، والتكاليف هي المشاق، والشدائد. يقال: علي في مثل هذا الأمر تكلفة: أي مشقة.
أي سئمت ما تجيء به الحياة من المشقة وقال سئم سآمة وسأمة ومثله رؤف رآفة ورأفة، وكآبة وكأبة، والألف تمد وتقصرن واللام في قوله: لا أبا لك زائدة ولولا أنها زائدة لكان لا أب لك، لأن الألف تثبت مع الإضافة، والخبر محذوف، والتقدير لا أبا لك موجود أو بالحضرة.
رأيت المنايا خبط عشواء من تصب تمته ومن تخطئ يعمر فـيهـرم
الخبط ضرب اليدين والرجلين، وإنما يريد أن المنايا تأتي على غير قصد، وليس ذلك إلا لأنها تأتي بقضاء وقدر، يقال عشي يعشو إذا أتى على غير قصد كأنه يمشي مثل الأعشى:
ومهما تكن عند امرئ من خلـيقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم
الخليقة والطبيعة واحد. قال الخليل: مهما أصله ماما فما الأولى للشرط والثانية للتوكيد فاستبقوا الجمع بينهما ولفظهما واحد فأبدلوا من الألف هاء.
وأعلم ما في اليوم والأمس قبلـه ولكنني عن علم ما في غد عمي
أي أعلم ما مضى في أمس، وما أنا فيه اليوم، لأنه شيء قد رأيته فأما في غد فلا علم لي به لأني لم أره.
[وكائن ترى من صامت لك معجب زيادته أو نقصانه في التـكـلـم
وإن سفاه الشيخ لا حـلـم بـعـده وإن الفتى بعد السفـاهة يحـلـم
سألنا فأعطيتم، وعدنـا فـعـدتـم ومن أكثر التسآل يوما سـيحـرم
عنترة
هو عنترة بن شداد العبسي أحد شعراء العرب وفرسانهم وأبطالهم ومن أصحاب المعلقات، أمه أمة حبشية يقال لها زبيبة، وكان لعنترة أخوة من أمه عبيد وكان هو عبدا أيضا لأن العرب كانت لا تعترف ببني الإماء إلا إذا امتازوا على أكفائهم ببطولة أو شاعرية أو سوى ذلك.
وسرعان ما اعترف به أبوه لبسالته وشجاعته وكان السبب في ذلك أن بعض أحياء العرب أغاروا على بني عبس فلحقوهم وقاتلوهم وفيهم عنترة فقال له أبوه كر يا عنترة فقال له العبد لا يحسن الكر وإنما يحسن الحلاب والصر. فقال كر وأنت حر فكر وقاتل يومئذ فأبلى واستنفذ ما في أيدي القوم من الغنيمة فادعاه أبوه بعد ذلك.
عنترة أحد أغرب العرب وهم ثلاثة عنترة وأمه سوداء واسمها زبيبة، وخفاف بن ندبة وأبوه عمير من بني سليم وأمه سوداء وإليها نسب والسليك بن السلكة من بني سعد وأمه اسمها السلكة وإليها نسب وهو أحد الصعاليك العرب الشجعان.
كان عمرو بن معد يكرب الزبيدي يقول كنت أجوب الجزيرة العربية لا أخاف إلا من أبيضين وأسودين أما الأبيضان فربيعة بن زيد المكدم وعامر بن الطفيل وأما أسوداها فعنترة والسليك بن السلكة.
كان عنترة شجاعا لا كالشجعان وكان أجود العرب بما ملكت يداه ولم يكن ذلك الشاعر الذي يعتد به فكانت مقطوعاته قصيرة.
وسابه رجل فعيره بسواده وسواد أمه وأنه لا يقول الشعر فقال عنترة والله إن الناس ليترافدون الطعمة فما حضرت أنت ولا أبوك ولا جدك مرفد الناس وإن الناس ليدعون في الغارات فيعرفون بتسويمهم فما رأيتك في خيل مغيرة في أوائل الناس قط.
وإن اللبس ليكون بيننا فما حضرت أنت ولا أبوك ولا جدك خطة فصل وإني لأحضر اللبس وأوفي المغنم وأعف عند المسألة وأجود بما ملكت يدي وأفضل الخطة الصماء وأما الشعر فستعلم فكان أول ما قاله معلقته المشهورة هل غادر الشعراء من متردم.
ولكني لا أرى هذا فالشعر لا يكون هكذا ينتقل الإنسان من البيت والبيتين إلى المعلقة دفعة واحدة وإنما له مقطوعات كثيرة وقصائد إذا ما عرفنا أن القصيدة تزيد على عشرة الأبيات ولهذا فهو شاعر قبل المعلقة وقد تكون المعلقة قمة نتاجه من ناحية الطول إلا أن نفسه في قصائد كثيرة يظهر لمن يقرأ شعر عنترة.
ابتلى عنترة بعشق عبلة وأهاج ذلك شاعريته ورفض عمه أن يزوجه عبلة وهو عبد فكان حافزا ليدفعه إلى الأمام للمعالي وللفروسية.
حضر عنترة حرب داحس والغبراء وأبلى بلاء حسنا وصارت العرب تعده من فحولها بل إن السيرة اعتبرته أسطورة من أساطير العرب وسيرته من ست مجلدات ضخمة حوت التاريخ العربي الجاهلي فالغساسنة والمناذرة وملوك حمير وصراع العرب في ذي قار مع الفرس.
وهذه السيرة فيها الكثير من القيم الخلقية والمثل العليا الكثير. وقد كتبها الشيخ يوسف بن إسماعيل وكان متصلا بالعزيز الفاطمي بالقاهرة دونها في اثنين وسبعين كتابا جعل كل اثني عشر كتاب في مجلد.
عده صاحب الجمهرة ثاني أصحاب المجمهرات ويقول ابن قتيبة إن قصيدته هل غادر الشعراء تسميها العرب المذهبة.
أما أبو عبيدة فعده في الطبقة الثالثة من الشعراء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنه ما وصف لي أعرابي فأحببت أن أراه إلا عنترة.
معلقة عنترة
وقال: عنترة بن معاوية بن شداد بن قراد، وكذا يعقوب بن السكيت. وقال أبو جعفر أحمد بن عبيد: عنترة بن شداد بن معاوية بن قراد أحد بني مخزوم بن ربيعة بن مالك بن قطيعة بن عبس العبسي.
وقيل: ابن عود بن غالب، وكانت أمه حبشية، ويكنى أبا المغلس وقال غيره هو عنترة بن شداد بن معاوية بن رباح. وقيل بن عوف بن مخزوم بن ربيعة بن مالك ابن قطيعة بن عبس.
هل غادر الشعراء من متـردم أم هل عرفت الدار بعد توهم
متردم: من قولك ردمت الشيء إذا أصلحته، ومعناه: هل أبقى لأحد معنى إلا وقد سبقوا إليه. وهل تهيأ لأحد أن يأتي بمعنى السبق إليه، ويروى من مترنم والترنم صوت ترجعه بينك وبين نفسك، وقوله أم هل إنما دخلت أم على هل: وهما حرفا استفهام، لأن هل ضعفت في حروف الاستفهام فأدخلت عليها أم كما أن لكن ضعفت في حروف العطف.
لا تكون مثقلة ومخففة وعاطفة، فلما لم تقف حروف العطف، أدخلت عليها الواو، ونظيره ما حكي عن الكسائي: أنه يجيز جاء في القوم إلا حاشا لأن حاشا ضعفت عنده إذا كانت تقع في غير الاستثناء ويروى: أم هل عرفت الربع، والربع المنزل في الربيع، ثم كثر استعمالهم حتى قالوا: لكل منزل ربع وإن لم
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 01-05-2007, 01:51 AM   #58
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

يكن في الربيع وكذلك الدار من التدوير، ثم كثر استعمالهم حتى قيل لكل دار، إن لم يكن مدورا والتوهم: قل هو الابتكار ويحتمل أن يكون الظن.
أعياك رسم الدار لـم يتـكـلـم حتى تكلم كالأصـم الأعـجـم
إلا رواكد بينـهـن خـصـائص وبقية من نؤيها المـجـرنـثـم
ولقد حبست بها طويلا نـاقـتـي ترغو إلى سفع رواكد جـثـم]
يا دار عبلة بالجواء تـكـلـمـي وعمي صباحا دار عبلة واسلمي
الجواء: بلد يسميه أهل نجد جواء عدنة، والجواء أيضا جو، وهو البطن من الأرض، الواسع في انخفاض، معنى تكلمي: أخبري عن أهلك، وسكانك وعمي قال الفراء: عمي وانعمي واحد، يذهب إلى أن النون حذفت كما حذفت فاء الفعل من قولك خذ وكل ويروى أن أبا ذر لما أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له: أنعم صباحا، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله قد أبدلني منها ما هو خير منها. فقال له أبو ذر: ما هي. قال السلام. ومعنى اسلمي: سلمك الله من الآفات.
دار لآنسة غضيض طرفها طوع العناق لذيذة المتبسم]
فوقفت فيها ناقتي وكأنهـا فدن لأقضي حاجة المتلوم
الفدن: القصر، والمتلوم: المنتظر، وعنى بالمتلوم نفسه، لأقضي منصوب بإضمار أن ولام كي بدل عنها واللام متعلقة بوقفت فيها.
وتحل عبلة بالجواء وأهلنا بالحزن فالصمان فالمتثلم
فالصمان، والصوان؛ ويقال: جبل الصوان، والصمان في الأصل لحجارة. والصوان: يستعمل لحجارة النار خاصة، وكانت العرب تذبح بها.
وقال أبو جعفر: الجواء بنجد، والحزن لبني يربوع، والصمان لبني تميم، والمتثلم مكان.
وتطل عبلة في الخزوز تجرها وأظل في حلق الحديد المبهم
حييت من طلل تقادم عـهـده أقوى، وأقفر بعد أم الهيثـم
أقوى: خلا، والمقوون الذين فني زادهم، كأنهم خلوا من الزاد، وقيل المسافرون كأنهم نزلوا الأرض القواء، وأقفر معناه كأقوى، إلا أن العرب قد تكرر إذا اختلف اللفظان، وإن كان المعنى واحدا كقول الحطيئة:
ألا حبذا هند وأرض بها هـنـد وهند أتى من دونها النأي والبعد
والنأي والبعد واحد.
وكقول الآخر:
فقد تركتـك ذا مال وذا نشب
وهما بمعنى واحد، وزعم أبو العباس أنه لا يجوز أن يتكرر شيء إلا وفيه فائدة قال والنأي لما قل، والبعد لا يقع إلا لما كثر، والنشب ما ثبت من المال كالدار وما أشبهها يذهب إلى أنه نشب ينشب، وكذلك قال في قوله تعالى (شرعة ومنهاجا) الشرعة: ما ابتدى من الطريق، والمنهاج الطريق المستقيم. وقال غيره: الشرعة والمنهاج واحد: وهما الطريق، ويعني بالطريق هنا الدين.
حلت بأرض الزائرين، فأصبحت عسرا علي طلابك ابنة محرم
وروى أبو عبيدة:
شطت مزار العاشقين فأصبحت عسرا علي طلابك ابنة مخرم
والزائرون: الأعداء كأنهم يزأرون كما يزأر الأسد، وعسرا منصوبة على أنه خبر أصبحت، وطلابها مرفوع به، واسم أصبحت مضمر فيه، ويجوز أن يكون عسر رفع على أنه خبر الابتداء، ويضمر في أصبح، ويكون المعنى، فأصبحت طلابها عسر علي ونصب ابنة مخرم على أنه نداء مضاف، ويجوز الرفع في ابنة على أنه في مذهب البصريين فأصبحت ابنة مخرم طلابها عسر علي كما تقول: هند أبوها منطلق. ومعناه: شطت عبلة مزار العاشقين أي بعدت مزارهم وفيه رجوع الغيبة إلى الخطاب ومثله قوله تعالى (وسقاهم ربهم شرابا طهورا إن هذا كان لكم جزاء) ومن الخطاب إلى الغيبة كقوله تعالى (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح).
ومخرم اسم رجل، وقيل اسمه مخرمة ثم رخم في النداء.
علقتها عرضا وأقتل قومـهـا زعما لعمرو أبيك ليس بمزعم
علقتها: أي أحببتها يقال علق، وعلاقة من فلانة، وقوله عرضا أي كانت عرضا من الأعراض، اعترضني من غير أن أطلبه، ونصبه على البيان، وفي قوله زعما قولان أحدهما في أحبها، وأقتل قومها فكأن حبها زعم مني، والقول الآخر أن أبا عمرو الشيباني قال يقال زعم يزعم زعما إذا طمع، فيكون على هذا الزعم اسما يعني الزعم.
وقال ابن الأنباري علقتها، وأنا أقتل قومها فكيف أحبها، وأنا أقتلهم؟! أي كيف أقتلهم وأنا أحبها؟ ثم رجع مخاطبا نفسه فقال: زعما لعمر أبيك ليس بمزعم أي هذا فعل ليس بفعل مثلي والزعم الكلام، ويقال أمر فيه مزاعم أي فيه منازعة، قال وقوله عرضا منصوب على المصدر والزعم كذلك.
ولقد نزلت فلا تظني غـيره مني بمنزلة المحب المكرم
الباء في قوله بمنزلة متعلقة بمصدر محذوف لأنه لما قال نزلت دل على المنزول وقال أبو العباس في قوله تعالى (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم) إن الباء متعلقة بمصدر لأنه لما قال بمعنى على النصب على الإرادة، وقوله بمنزلة في موضع نصب، والمعنى لقد نزلت مني منزلة المحب، فلا تظني ما أنا عليه من محبتك والمحب جاء على أحب، وأحببت، والكثير في كلام العرب محبوب.
إني عداني أن أزورك فاعـلـمـي ما قد علمت وبعض ما لم تعلمـي
حالت رماح ابني بغـيض دونـكـم وزوت جواني الحرب من لم يجزم
[يا عبل لو أبصرتنـي لـرأيتـنـي في الحرب أقدم كالهزبر الضيغم]
كيف المزار وقد تربـع أهـلـهـا بعنيزتين وأهلـنـا بـالـغـيلـم
عنيزتين والغيلم موضعان يقول كيف أزورها، وقد بعدت عني، وتعذرت زيارتها، والمزار مرفوع بالابتداء على مذهب سيبويه، وبالاستقرار على مذهب غيره.
إن كنت أزمعت الفراق فإنما زمت ركابكم بليل مظلـم
يقال أزمعت، وأجمعت، فأنا مزمع، الإزماع توطين النفس على الشيء، والأزمة في الركاب، ولا يستعمل إلا في الإبل خاصة، والركب الجماعة الذين يركبون الإبل دائما، وإنما قصد الليل لأنه وقت تصفو فيه الأذهان، ولا يشتغل القلب بمعاش لا غيره.
ما راعني إلا حمولة أهـلـهـا وسط الديار تسف حب الخمخم
وسط: ظرف، وإذا لم يكن ظرفا، حركت السين، فقلت وسط الديار، وأسف تسف تأكل يقال سففت الدواء، وغيره أسفه سفا.
قال أبو عمرو الشيباني: الخمخم: بقلة لها حب أسود، إذا أكلته الغنم، قلت ألبانها وتغيرت، وإنما يصف أنها تأكل هذا لا تجد غيره.
وروى ابن الأعرابي الحمحم بالحاء المهملة غير المعجمة. ومعنى البيت أنه إذا أكلت حب الحمحم لجفاف العشب، والوقت خريف، وذلك أنهم كانوا مجتمعين في الربيع، فلما يبس البقل ارتحلوا:
وتفرقوا منها اثنتان وأربعون حلوبة سودا كخافية الغراب الأسـحـم
وروى خلية، والخلية أن تعطف على الحوار ثلاث نوق، ثم يتخلى الراعي بواحدة منهن فتلك الخلية، والحلوبة المحلوبة، تستعمل في الواحد، والجمع على لفظه واحد، والخوافي جمع خافية أواخر ريش الجناح مما يلي الظهر، والأسحم الأسود واثنتان مرفوع بالابتداء أو بالاستقرار، وأربعون معطوف عليه، وسودا: نعت لحلوبة لأنها في موضع الجماعة، ويروى سود بالرفع على أن يكون نعتا لقوله اثنتان وأربعون.
وإن قيل كيف جاز أن في أحدهما معطوفة على صاحبه قلت لأنهما اجتمعا فصارا بمنزلة جاءني زيد وعمرو الظريفان، والكاف في كخافية في موضع نصب والمعنى سودا مثل خافية الغراب الأسحم.
[فصغارها مثل الدبى وكبـارهـا مثل الضفادع في غدير مفعـم
ولقد نظرت غداة فارق أهلـهـا نظر المحب بطرف عيني مغرم
وأحب لو أسقيك غير تـمـلـق والله من سقم أصابك من دمي]
إذ تستبيك بذي غـروب واضـح عذب مقبله لذيذ الـمـطـعـم
تستبيك تذهب بعقلك، وسباه الله أي غربه الله، وغرب كل شيء حده، وأراد بثغر ذي غروب، وغروب الأسنان حدها، والواضح:الأبيض ويريد بالعذب أن رائحته طيبة، فقد عذب لذلك، ويريد بالمطعم: المقبل، وإذ في موضع نصب، والمعنى علقتها إذ تستبيك أو اذكر وقوله عذب نعت، ومقبله مرفوع به، ومعنى عذب: لذيذ كأن معناه مقبله عذب لذيذ المطعم.
[وكأنما نظرت بعينـي شـادن رشأ من الغزلان، ليس بتوأم]
وكأن فأرة تاجـر بـقـسـيمة سبقت عوارضها إليك من الفم
أي وكأن فأرة مسك، والتاجر هنا العطار، والعوارض منابت الأضراس واحدها عارض، وهذا الجمع الذي على فواعل لا يكاد يجئ إلا جمع فاعلة نحو ضاربة، وضوارب، إلا أنهم ربما جمعوا فاعلا على فواعل لأن الهاء زائدة كهالك وهوالك فعلى هذا جمع عارضا على عوارض.
أي سبقت الفأرة عوارضها، وإنما يصف طيب رائحة فمها، وخبر كأن قوله سبقت، وقوله بقسيمة هو تبيين وليس بخبر كأن، وهي الجونة، وقيل سوق المسك، وقيل هي العير التي تحمل المسك.
أو روضة أنفا تضمن نبتهـا غيث قليل الدمن ليس بمعلم
أي كأن ريحها ريح مسك، أو كريح روضة، وهي المكان المطمئن يجتمع إليه الماء، فيكثر نبته، ولا يقال في الشجر روضة، إنما الروضة في النبت، والحديقة في الشجر، ويقال أروض المكان: إذا صارت فيه روضة، والأنف التام من كل شيء، وقيل الأنف أول كل شيء ومنه استأنفت الأمر وأمر انف، واستأنف العمل والاستئناف، والائتناف بمعنى واحد.
والمعلم والمعلم، والعلامة واحد، والمعنى أن هذه الروضة ليس في وضع معروف فيقصدها الناس للرعي فيؤثروا فيها، ويوسخوها، وهي أحسن لها. المرفوع لأن الكلام قد طال، ألا ترى أنك إذا قلت ضربت زيدا وعمرو فقطعت عمرا على التاء كان حسنا لطول الكلام.
[أو عاتقا من أذرعات معتقـا مما تعتقه ملوك الأعجـم]
[نظرت إليه بمقلة مكحـولة نظر المليل بطرفه المتقسم
وبحاجب كالنون زين وجههـا وبناهد حسن وكشح أهضـم
ولقد مررت بدار عبلة بعدما لعب الربيع بربعها المتوسم]
جادت عليه كل بكـر حـرة فتركن كل قرارة كالدرهم
ويروى كل بكر ثرة، أي جادت بمطر جود، والبكر السحابة في أول الربيع التي لم تمطر، والحرة البيضاء، وقيل الخالصة، والثرة الكثيرة، والثرثار بمعناه، وإن لم يكن من لفظه، والقرارة الموضع المطمئن من الأرض، يجتمع فيه السيل. وكأن القرارة مستقر السيل، والهاء في عليه ضمير الموضع، وشبه بياضه ببياض الدرهم، لأن الماء لما اجتمع استدار أعلاه فصار كدور الدرهم.
حا وتسكابا، فكـل عـشـية يجري عليها الماء لم يتصرم
تسكاب تفعال من السكب، وهو بمعناه، وسحا منصوب على المصدر لأن قوله: جادت عليه يدل على السح، فصار بمنزلة قول العرب هو يدعه دعا.
وتسكابا مثله في إعرابهن كل عشية منصوب على الظرف والعامل فيه يجري لم يتصرم لم يتقطع،وخص مطر العشي لأنه أراد الصيف، وأكثر ما يكون بالليل مطره.
وخلا الذباب بها فليس ببارح غردا كفعل الشارب المترنم
الغرد: من قولهم غرد الشيء يغرد تغريدا إذا طرب، وأخرج غردا على قوله غرد يغرد غردا فهو غرد، وهو نصب على الحال والمعنى وخلا الذباب بها غردا كفعل الكاف في موضع نصب نعت لمصدر محذوف، والمعنى يفعل فعلا، مثل فعل الشارب، والذباب واحد، مؤدى على جماعة بدليل قوله تعلى (وإن يسلبهم الذباب شيئا) والجمع أذبة في أقل العدد، وذبان في الكثرة، ببارح أي بزائل، ويقال ما برحت قائما أي ما زلت.
هزجا يحك ذراعـه بـذراعـه فعل المكب على الزناد الأجزم
الهزج: السريع الصوت، المتدارك بصوته، والهزج خفة، وتدراكا يقال فرس هزج: إذا كان خفيف الرفع والوضع سريع المناقلة، ويروى هزجا بفتح الزاي، وهزجا بكسرها فمن كسرها فهو منصوب على الحال، وإذا فتحها، فهو مصدر والكسر أجود، ولأن بعده يحك، ولم يقل حكا، ويحك أيضا في موضع نصب على الحال ومعنى يحك ذراعه بذراعه: أي يمر بإحداهما على الأخرى وكذلك الذباب ويروى يسن بذراعه، وأصل السن التحديد.
يريد قدح المكب الأجذم على الزناد، فهو يقدح بذراعه، فشبه الذباب به إذا سن ذراعه بالأخرى، وقال بعضهم: الزناد هو الأجذم، وهو قصير، فهو أشد لإكبابه عليه، فشبه الذباب إذا سن ذراعه بالأخرى برجل أجذم قاعد يقدح نارا بذراعه. والأجذم المقطوع اليد.
وقال ابن الأنباري هزجا منصوب بالرد على الغرد، والقدح منصوب على المصدر وعلى الزناد صلة للمكب أي قدح الذي أكب على الزناد.
تمسي وتصبح فوق ظهر حشية وأبيت فوق سراه أدهم ملجم
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 01-05-2007, 01:53 AM   #59
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

ويروى فوق ظهر فراشها، ويروى فوق سراة أجرد صلدم، وهو الشديد يعني فرسه. أي تمشي عبلة هكذا، أي هي منعمة موطأ لها الفرش، وأبيت أنا على ظهر فرس، وسراة كل شيء أعلاه وسراة النهار أوله.
وحشيتي سرج على عبل الشوى نهد مراكله نبيل المحـتـرم
حشية: فراش والحشية من الثياب ما حشي والجمع الحشايا والنهد المشرف الصدر.
قوله لعنت: يدعو عليها بانقطاع اللبن من ضرعها، وأنها لا تحمل ولا تلد، والشراب هنا اللبن.
خطارة غب السـرى زيافة تطس الإكام بذات خف ميثم
يقال ناقة تخطر في سيرها بذنبها، تطس بكسر الطاء، والوطس الضرب الشديد بالخف، يقال وطس يطس، إذا كسر وكذلك وثم يثم، وميثم على التكثير وكذلك وفض يفض، ولثم يلثم وهرس يهرس إذا كسر وكذلك لكم يلكم. وقوله: خطارة أي بقوائم ذات خف.
وكأنما أقص الإكام عشـية بقريب بين المنسمين مصلم
يعني بذلك الظليم، وهو ذكر النعامة، والمصلوم المقطوع الأذنين.
تأوي له قلص النعام كما أوت حزق يمانية لأعجم طمطم
ويروى إلى قلص، والحزق بفتح الزاي، وكسرها وجمعه حزائق وهي الجماعات من الإبل يعني به هنا اجتماع النعام حول هذا الظليم، يسمعن كلامه ولا يفهمن ما يقوله، ويقال طمطم وطمطماني وبه طمطمة، إذا كان كلامه يشبه كلام العجم، ويقال ألكن: وبه لكنة إذا كان يعترض في كلامه اللغة الأعجمية، ورجل تمتام وبه تمتمة، إذا كان يكرر الياء، ورجل فأفاه وبه فأفأة إذا كان يكرر الفاء، ويقال به عقلة، إذا كان به التواء عند إرادة الكلام، وبه حسبة إذا تعذر عليه الكلام عند إرادته، ويقال: إنها تعرض من كثرة السكوت، واللغف إدخال بعض الحروف في بعض، والرئة والرتت كالريح تعرض في أول الكلام فإذا مر في الكلام انقطع ذلك، ويقال أنها تكون غريزة، والغمغمة ألا تعرف تقطيع الحروف وهي تستعمل في كل كلام لا يفهم، والتغمغم مثله واللثغة أن يدخل بعض الحروف في بعض، والغنة أن يخرج الصوت من الخياشيم، ويقال إنها تستحسن في الحديث للسن، فإن اشتدت قيل لها الخنة والخنن والترخيم حذف في الكلام.
يتبعن قلة رأسـه وكـأنـه حرج على نعش لهن مخيم
أي يتبعن القلص، وهن أولاد الظليم قلة رأسه، أي يطرن على رأسه والحرج: مركب من مراكب النساء، وهي أيضا عيدان الهودج، ويروى حرج بسكون الراء وفتحها وهي الجبال، والنعش يريد به الهودج.
صعل يعوذ بذي العشيرة بيضـه كالعبد ذي الفرو الطويل الأصلم
الصعل: ذكر النعام الصغير الرأس، والأصلم المقطوع الأذنين شبه به الناقة لسرعة عدوها ونشاطها وذو العشيرة موضع.
شربت يماء الدحرضين فأصبحت زوراء تنفر عن حياض الديلم
شربت من ماء الدحرضين، وهما ماءان، ويقال للواحد دحرض، والآخر وسيع فلما جمعهما غلب أحد الاسمين على الآخر، وهما يعرفان لبني سعد، والديلم: الأمة التي يقال لها الديلم، وهي صنف من الأتراك وأراد به العدو، والديلم: الداهية، والديلم: الظلمة، والديلم الجماعة.
وقال أبو زيد الكلابي حياض الديلم آبار معروفة عندنا وقد أوردت فيها إبلي غير مرة.
وكأنما ينأى بجانب دفها الـو شي من هزج العشي مؤدم
وبعضهم يكتبها بالألف مأدم والدف الجنب، الجانب الوحشي: الأيمن لأنه لا يركب منه، والأنس: الأيسر، والهزج: الذي يصوت، والمأدم: العظيم القبيح من الرؤوس ويقال أدم فهو مؤدم إذا كان عظيم الرأس.
هر جنيب كلما عطفت لـه غضبى اتقاها باليدين وبالفم
جنيب: وكأن بجانبها هرا، يخدشها من نشاطها، وجنيب بمعنى مجنوب، والمعنى كلما عطفت الناقة للهر اتقاها، ويروى تقاها، يقال: تقاه، واتقاه والأصل في اتقاه: أو تقاه ثم أبدلوا من الواو تاء لأنهم يبدلون من الواو تاء. وليس ثمة تاء نحو اتجاه وتخمة فإذا كانت معها تاء كان البدل حسنا.
أبقى لها طول الأسفار مفرقدا سندا ومثل دعائم المتـخـيم
أي المتخذ خيمة.
بركت على ماء الرداع كأنـمـا بركت على قصب أجش مهضم
الرداع: موضع، الأجش: الصوت فيه بحة، ويروى: بركت على جنب الرداع القصب هنا تقع أضلاعها من هزالها، والمهضم، المخرق.
المعنى: أنها حين بركت جشت في صوتها فشبه جنبيها بالقصب.
وكأن ربا أو كحيلا معـقـدا حش الوقود به جوانب قمقم
الرب الدبس، الكحيل القطران شبه عرق الناقة به وحش أي أحماه ويقال حششت النار إذا أوقدتها، والوقود الحطب وجوانب منصوبة، على أنها مفعولة لحش أو تقول: معنى حش: اتقد كما يقال: هذا لا يخلطه شيء، أي لا يختلط به شيء ويكون جوانب منصوبة على الظرف.
[نضحت به والذفرى فأصبح جاسدا منها على شعر قصار مـكـدم
بلت مغانيها بـه فـتـوسـعـت منه على سعن قصير مـكـرم]
ينباع من ذفرى عضوب جـسـرة زيافة مثل الفنـيق الـمـكـدم
قال ابن الأعرابي: ينباع: ينفعل من باع يبوع إذا مر مرا لينا فيه تلو كقول الآخر:
تمت ينـبـاع انبياع الشجاع
وأنكر أن يكون الأصل فيه ينبع، وقال ينبع كما ينبع الماء من الأرض، ولم يرد ذلك. وإنما أراد السيلان منه وتلويه على رقبتها كما تتلوى الحية.
وقال غيره: هو من نبع ينبع، ثم أشبع الفتحة فصارت ألفا والذفريان في أذنيها العظمان النابتان وراء الأذن، ومنتهى الشعر، وأول ما يعرق من البعير الذفريان، وأول ما يبدأ فيه السمن لسانه وكرشه، وآخر ما يبقى في السمن عيناه وسلاماه، ثم عظام أخفافه،والغضوب، والغضبى: واحد وأما غضوب للكثير كظلوم وغشوم، والجسرة الطويلة، وقيل الماضية في سيرها، وقيل الضخمة القوية، والزيافة المسرعة، والفنيق: الفحل، والكدم: العض.
إن تغدفي دوني القناع فإنني طب بأخذ الفارس المستلئم
الإغداف: إرخاء القناع على الوجه، والاغداف أيضا إرواء الرأس من الدهن، تغدفي: ترسلي وتحتجبي مني. يقال فلان مغدف: إذا غطى وجهه، والقناع مشتق من العلو، يقال: ضرع مقنع بفتح النون وكسرها، وإذا كان عاليا مرتفعا، والطب الحاذق، والمستلئم الذي قد لبس اللأمة، وهي الدرع.
يقول إن نبت عينك عني وأغدقت دوني قناعك فإني حاذق بقتل الفرسان وأسر الأقوام.
أثنى علي بما علمت فإننـي سهل مخالطتي إذا لم أظلم
ويروى سمح مخالقتي، ومخالطتي في موضع رفع بقوله سهل أي تسهل مخالقتي، وإذا ظرف، والعامل فيه سهل.
ومعنى البيت إذا رآك الناس قد كرهتني، فأغدقت دوني القناع، توهموا أنك استقللتني، وأنا مستحق لخلاف ما صنعت فأثني علي بما علمت.
فإذا ظلمت فإن ظلمي باسل مر مذاقته كطعم العلقـم
أي فإن ظلمني ظالم فظلمي إياه باسل لديه أي كريه، أي مذاقته مرة، ومر مذاقته مرفوع بقوله مر ويكون كطعم خبر بعد خبر، وإن شئت كانت نعتا لقوله مر، ويجوز على إضمار هي كأنه قال هي كطعم الحنظل.
[ولقد أبيت على الطوى وأظله حتى أنال به كريم المطعـم]
ولقد شربت من المدامة بعدمـا ركد الهواجر بالمشوف المعلم
أي بعدما ركدت الشمس، ووقفت، وقام كل شيء على ظله، والركود: السكون، والهواجر جمع هاجرة، وهي الظهيرة، ويقال لها هجير أيضا.
والمشوف الدينار والدرهم، وقيل الكأس، وقيل البعير المهنوء، يقال: شفت الدينار إذا نقشته قال النابغة الجعدي.
كهولا وشبانا كـأن وجـوهـهـم دنانير مما شيف في أرض قيصر
وشفت الشيء: إذا جلوته، وأصله مشووف، ثم ألقيت حركة الواو على الشين، فبقيت الواو ساكنة، وبعدها واو ساكنة فحدفت إحداهما لالتقاء الساكنين، والمخلوقة عند سيبويه الثانية لأنها زائدة، وعند الأخفش الأولى.
بزجاجة صفـراء ذات أسـرة قرنت بأزهر في الشمال مفدم
الأسرة: الخطوط واحدتها سرة، وسرر، وهذا عند أهل اللغة شاذ، وإنما الواجب أن يقال في واحد الأسرة: سرار، كما يقال في واحد الأمثلة: مثال. إلا أنه يجوز جمع سر على سرائر ويجمع سرارة على أسرة.
قرنت أي جعلت [قرينته]، والأزهر الإبريق من فضة أو رصاص. في الشمال: شمال الساقي، مفدم مسدود بالفدام وهي خرقة تجعل على رأسه تكون مصفاته.
فإذا شربت فإنني مستهـلـك مالي وعرضي وافر لم يكلم
يكلم: يثلم.
وإذا صحوت فما أقصر عن ندى وكما علمت شمائلي وتكرمي
وحليل غانية تركـت مـجـدلا تمكو فريصته كشدق الأعلـم
تمكو فريصته، تصفر، والفريصة في الأصل الموضع الذي يرعد من الدابة عند البيطار، وهي لحمة تحت الثدي والكتف، ترعد عند الخوف، والكاف في موضع نصب أي تمكو مكاء مثل شدق الأعلم.
سبقت يداي له بعاجل طعنة ورشاش نافذة كلون العندم
أي رشاش ضربة نافذة، فأقام الصفة مقام الموصوف، والعندم صبغ أحمر، وقيل هو البقم، وقيل هو العصفر، وقيل هو صبغ للعرب، وهو جمع عندمة والكاف في موضع خفض لأنها نعت للرشاش، ويجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار مبتدأ فيكون المعنى لونه كلون العندم.
[ف مغانم لو أشاء حـويتـهـا ويصدني عنها الحيا وتكرمي]
هلا سألت الخيل يابنة مـالـك إن كنت جاهلة بما لم تعلمي
[لا تسأليني واسألي بي صحبتي يملأ يديك تعففي وتكرمـي]

ولقد ذكرتك والرمـاح نـواهـل مني وبيض الهند تقطر من دمي
فهممت تقبيل السـيوف لأنـهـا لمعت كبارق ثغرك المتبـسـم
إذا لا أزال على رحالة سـابـح نهد تعاوره الكمـاة مـكـلـم
الرحالة سرج من سروج العرب، كانت تعمل من جلود الشياه واحدة الرحائل تتخذ للجري الشديد، تعاوره الكماة بفتح الواو وكسرها، وفتح الراء وضمها، أي طعنه ذا مرة وذا مرة، أي تتداوله بالطعن وأصله تتعاوره [فحذف إحدى التائين].
طورا يجرد للطـعـان وتـارة يأوي إلى حصد القسي عرمرم
العرمرم: الكثير: الشديد.
يخبرك من شهد الوقائع أنـنـي أغشى الوغى وأعف عند المغنم
ومدجج كره الكـمـاة نـزالـه لا ممعن هربا ولا مستسـلـم
نزاله: منازلته في الحرب، لا ممعن أي مسرع، فيذهب ويعدو هربا ولا يسلم نفسه.
فطعنته بالرمح ثم علـوتـه بمهند صافي الحديدة مخذم
جادت يداي له بالعاجل طعنة بمثقف صدق الكعوب مقوم
صدق أي صلب، الكعوب جمع كعب وهي أنبوب الرمح والجمع أنابيب.
برحيبة الفرغين يهدي جرسها بالليل معتس الذئاب الضرم
الرحيبة الواسعة: الفرغين: تثنية الفرغ، وهي مدافع الماء إلى الأودية الجرس: الصوت، المعتس من الذئاب: الطالب. الضرم جمع ضارم الجياع.
فشككت بالرمح الأصم ثيابـه ليس الكريم على القنا بمحرم
الكريم: الشريف السيد الفاضل ومنه قوله تعالى (ولقد كرمنا بني آدم) ويقال للصبوح الكريم لتفضله قال تعالى (إن ربي غني كريم) ويقال للكثير كريم قال تعالى (ورزق كريم) ويقال للحسن كريم لقوله تعالى (ومقام كريم) وقوله ليس الكريم أي ليس يمنعه كرمه من أن يقتل بالقنا فما عليه ذلك بحرام.
[أوجرت ثغرته سنانا لهذمـا برشاش نافدة كلون العندم]
فتركته جزر السباع ينشـنـه يقضمن قلة رأسه والمعصم
يقال: جزرته السباع، إذا تركته جزرا له، والجزر الشحم، والجزر الشاة، والجزر الناقة تذبح وتنحر، وينشنه يتناوله قال تعالى (وأنى لهم التناوش) وأنشد أبو عبيدة لغيلان بن حريث:
فمتى تنوش الحوض نوشا من علا نوشا به تقطع أجـراز الـفـلا
ومن قرأ التناؤش بالهمزة ففيه قولان: أحدهما بمعنى غير المهموز، وأن الواو أبدلت فيها همزة لما انضمت كما يقال أدؤر في جمع دار، والقول الآخر إنه من النيش وهي الحركة في إبطاء.
يقضمن: يقطعن، وإنما يكون بأطراف الأسنان خاصة والخضم بجميع الأسنان.
ومشك سابغة هتكت فروجـهـا بالسيف عن حامي الحقيقة معلم
السابغة: الدرع، هتكت فروجها أي خرقتها، والمعلم الذي يسم نفسه في الحرب بعلامة.
ربذ يداه بالقداح إذا شتـا هتاك غايات التجار ملوم
الربذ: السريع الضرب بالقداح، الخفيف اللعب، والقداح السهام، كانوا يقامرون بها وشتا: فعل من الشتا، يشتو. هتاك: قطاع، غايات جمع غاية وهي الرايات ينصبها الخمار ليعرف موضع داره والتجار جمع تاجر وهم الخمارون.
لما رآني قد نزلت أريده أبدى نواجذه لغير تبسم
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 01-05-2007, 01:55 AM   #60
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

لما رآني قد نزلت أريده أبدى نواجذه لغير تبسم
أبدى: أظهر، فيقال أبدى يبدي، وبدا يبدو إذا ظهر وأنشد الأصمعي للربيع بن زياد العبسي:
قد كن يخبأن الوجوه تستـرا فاليوم حين بدون للنظـار
[فطعنته بالرمح ثم علـوتـه بمهند صافي الحديدة مخذم]
والمهند ما عمل بالهند، وقال أبو عمرو الشيباني النهنيد شحذ السيف.
عهدي به مد النهار كأنـمـا خضب البنان ورأسه بالعظلم
ويروى خضب اللبان، ومد النهار أي غاية النهار والعظلم صبغ أحمر تتخذه العرب.
بطل كأنه ثيابه فـي سـرحة يحذى نعال السبت ليس بتوأم
السرحة: الشجرة، والسبت بكسر السين النعال اليمانية المدبوغة بالقرظ لا شعر عليه، وأما السبت بالضم فنبت يشبه الخطمي.
قال حسان بن ثابت:
وأرض يحاربها المـدلـجـون ترى السبت فيها كركن الكثيب
والسبت أيضا بالضم ما قطر من الثلوج قال الشاعر:
كأن دموع الـعـين يوم تـرحـلـوا جمال تهادى خال في السلك أو سبت
والسبت بالفتح اليوم المعروف والتوأم الأجرد.
يا شاة ما قنص لمن حلت له حرمت علي وليتها لم تحرم
الشاة يريد بها المرأة، حلت له لمن قدر عليها، وحرمت علي لأنها بأرض الأعداء.
فبعثت جاريتي فقلت لها اذهبي فتحسسي أخبارها لي واعلمي
قالت رأيت من الأعادي غـرة والشاة ممكنة لمن هو مرتـم
والغرة مكان اغترار وغفلة، والشاة كناية عن المرأة وممكنة من التمكين ومرتم مفتعل من الرمي والواو الحال.
فكأنما التفتت بجـيد جـداية رشأ من الغزلان حر أرثم
الجداية من الظباء بمنزلة الجاء من الغنم، وهو الذي عليه خمسة أشهر، والأرثم الذي في شفته العليا بياض أو سواد فإن كان في السفلى فهو ألمظ ولمظاء.
نبئت عمرا غير شاكر نعمتي والكفر مخبثةٌ لنفس المنعم
مخبثة: مفعلة من الخبث.
ولقد حفظت وصاة عمي بالضحى إذ تقلص الشفتان عن وضح الفم
تقلص بكسر اللام وضمها، ووضح الفم يعني به أسنانه.
في حومة الموت الذي لا تشتكي غمراتها الأبطال غير تغمغـم
ويروى الذي لا يشتكي والحومة من كل شيء معظمه وشدته، ويتقيك يتستر، والغمرة الشدة، والغمرات جمع غمرة وجمعت بالتحريك للتفريق بين الأسماء والصفات كما تجمع جفنة جفنات،وعبلة عبلات، وفي النعت عبلات بإسكان الباء، وكان النعت أحق بالإسكان لأنه أثقل إذا كان ثانيا، والعبل الممتلى، والعبلاء: الهضبة البيضاء. وامرأة عبلاء: إذا كانت بيضاء، والتغمغم صوت تسمعه، ولا تفهمه.
إذ يتقون بي الأسنة لم أخـم عنها ولكني تضايق مقدمي
ويروى نسابق مقدمي، ولم أخم، لم أنكل، ولم أضعف، ولم أجبن، ولم أعدل عنها وهو من خام يخيم؛ إذا أصاب رجله كسر.
لما سمعت نداء مرة قد عـلا وابني ربيعة في الغبار الأقتم
الأقتم:المرتفعن وقيل المتغير ومنه قول رويم "وقاتم الأعماق خاوي المخترق".
ومحلم يسعون تحت لوائهم والموت تحت لواء محلم
محلم مرفوع بالابتداء والجملة في موضع نصب على الحال كما تقول كلمت زيدا وعمرو جالس، قال الله تعالى: (يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم) والمعنى عند سيبويه.
أيقنت أن سيكون عند لقـائهـم ضرب يطير عن الفراخ الجثم
وقوله أيقنت أن سيكون عند لقائهم: أن ها هنا الثقيلة التي تعمل في الأسماء، ومفعول يطير محذوف والمعنى يطير الهام عن الفراخ الجثم، وإنما شبه ما حول الهام بالفراخ أي المقيمة في أوكارها وأعشاشها.
[ولقد هممت بغارة في لـيلة سوداء حالكة كلون الأدلـم]
لما رأيت القوم أقبل جمعهـم يتذامرون كررت غير مذمم
أي حملت عليهم غير مذموم، وقوله لما رأيت القوم أقبل جمعهم أي قد أقبل فحذف قد، وقوله يتذامرون أي يحض بعضهم بعضا وغير منصوب على الحال كأنه قال كررت مخالفا للمذمة، ويتذامرون موضعه في محل نصب على الحال، وأقبل جمعهم حال القوم.
يدعون عنتر والرماح كأنها أشطان بئر في لبان الأدهم
ويروى عنتر وعنتر بالضم والفتح فمن فتح الراء رخم عنترة وترك ما قبل المحذوف على حاله مفتوحا ومن ضمها احتمل وجهين أحدهما أن يكون قد جعل ما بقي اسما على حاله لأنه قد صار كحروف الإعراب.
والوجه الثاني ما رواه المبرد عن بعضهم إنه كان يسميهم عنتراً، فعلى هذا الوجه لا يجوز إلا الضم، ويجوز أن يكون عنتراً في هذا الوجه منصوبا بيدعون. والواو في قوله والرماح واو الحال. والأشطان جمع شطن وهو حبل البئر يريد أن الرماح في صدر هذا الفرس بمنزلة حبال البئر من الدلاء؛ لأن البئر إذا كانت كبيرة كثيرة الوراد، فقد اضطربت الدلاء فيها فيجعل فيها حبلان لئلا تضطرب واللبان الصدر.
يدعون عنتر والسيوف كأنـهـا برق تلألأ في سحاب مظـلـم
يدعون عنتر والدروع كـأنـهـا حدق الضفادع في غدير نجـم
يدعون عنتر والنبـال كـأنـهـا طش الجراد على المنادح حوم
يدعون عنتر والوغى ترمي بهم والموت نحو لواء آل محـلـم
[كيف التقدم والرماح كـأنـهـا برق تلألأ في السحاب الأركم؟
كيف التقدم والسيوف كـأنـهـا غوغا جراد في كثيب أهـيم؟
فإذا اشتكى وقع القنا بلـبـانـه أدنيته من سل عضب مخـذم]
ما زلت أرميهم بغرة وجـهـه ولبانه حتى تسـربـل بـالـدم
يقول عن فرسه، ويروى بثغرة نحره، واللبان: الصدر تسربل صار بمنزلة السربال وهو القميص.
[يدعون عنتر والدماء سـواكـب تجري بفياض الدماء وتنهمـي
يدعون عنتر والفوارس في الوغى في حومة تحت العجاج الأقتـم
يدعون عنتر والرماح تنوشـنـي عادات قومي في الزمان الأول]
ولقد شفى قلبي وأبرأ سـقـمـه قول الفوارس ويك عنتر أقـدم
ويروى شفى نفسي، ويروى قيل الفوارس، وهو واحد من الأقيال وهم الملوك، ويك معناها: ألم تر وأما ترى، وروى سيبويه عن الخليل أن وي كلمة منفصلة يقولها المتندم إذا تنبه على ما كان منه. فكأنهم قالوا على التندم في قوله تعالى (وي كأنه لا يفلح الكافرون) وأنشدوا لنبيه بن الحجاج:
تسـألان مـالا وإن رأتـانـي قل مالي قد جئتماني بنـكـر
وي كأن من يكن له نشب يحبب ومن يفتقر يعش عيش ضـر
يقال سقم وسقم بفتح القاف وضمها، ومعنى البيت إني كنت أكبرهم فلذلك خصوني بالدعاء.
وقوله ويك معناه ويحك وقد قال بعضهم معناه ويلك، وكلا القولين خطأ؛ لأنه كان يجب على هذا أن يقرأ: ويك أنه كما يقال: ويلك أنه، وويحك أنه.
على أنه قد احتج صاحب هذا القول بأن المعنى ويلك اعلم [لقوله تعالى] (وي كأنه لا يفلح الكافرون) وهذا خطأ من جهات: إحداها: حذف اللام من ويلك، وحذف اعلم، لأن مثل هذا لا يحذف؛ لأنه لا يعرف معناه. وأيضا وأن المعنى لا يصح؛ لأنه لا يدري من خاطبوا بهذا.
وروي عن أهل التفسير أن معنى ويك ألم تروا ما ترى، والأحسن في هذا ما روى سيبويه عن الخليل وهو وي مفصولة كأنه قالوا على التندم.
وازور من وقع القنا بلبانة وشكا إلي بعبرة وتحمحم
ازور مال، شكا إلي (مثل) يقول لو كان ممن تصح منه الشكاية لشكا.
والتحمحم صوت متقطع ليس بالصهيل.
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى ولكان لو علم الكلام مكلـمـي
المحاورة المراجعة ويحاور محاورة وحوارا وهو اسم تام، والمحاورة خبر لمبتدأ وما في موضع رفع مبتدأ وخبره في موضع نصب بقوله يدري.
وقوله ولكان جاء باللام فإنه محمول على المعنى. والتقدير لو كان يدري ما المحاورة لاشتكى، وهو عطف جملة على جملة.
[آسيته في كـل أمـر نـابـنـا هل بعد أسوة صاحب من مذمم
فتركت سيدهـم لأول طـعـنة يكبو صريعا لليدين ولـلـفـم
ركبت فيه صـعـدة هـنـدية سحماء تلمع ذات حد لـهـذم]
والخيل تقتحم الخبار عوابـسـا من بين شيظمة وأجرد شيظـم
الاقتحام الدخول في الشيء بسرعة، والخبار الأرض اللينة ذات الحجر والجرفة، والركض يشتد فيها، والعوابس: الكوالح من الجهد، والشيظم: الطويل، والأجرد القصير الشعر.
[ولقد كررت المهر يدمي نحره حتى اتقتني الخيل بابني حـذيم
إذ يتقى عمرو، وأذعـن غـدوة حذر الأسنة إذ شرعن لدلهـم
يحمي كتيبته ويسعى خلـفـهـا يفري عواقبها كلـدغ الأزقـم
ولقد كشفت الخدر عن مربـوبة ولقد رقدت على نواشر معصم
ولرب يوم قد لـهـوت ولـيلة بمسور ذي بارقين مـسـوم]
ذلل ركابي حيث شئت مشايعـي قلبي وأحفزه بأمـر مـبـرم
ويروى مشايعي همي، وأحفزه برأي مبرم.
ذلل جمع ذلول والذلول من الإبل وغيرها الذي هو ضد الصعب، وركابي في موضع رفع بالابتداء وينوى به التقديم، وذلل خبر وإن شئت كان ذلك رفع بالابتداء وركابي خبره، وإن شئت جعلت ركابي فاعلا يسد مسد الخبر فيكون على هذا قال: ذلل ولم يوجد لأنه جمع تكسير.
والمعنى أن ناقتي معتادة للسير ذلولة، وروى الأصمعي مشايعي، وقال معناه لا يعزب عقلي في حال من الأحوال واحفزه أدفعه، والمبرم المحكم.
ولقد خشيت بأن أموت ولم تكـن للحرب دائرة على ابني ضمضم
ويروى ولم تدر، ويروى ولم تقم. قال ابن السكيت هما هرم وحصين ابنا ضمضم المريان والدائرة ما ينزل وقيل في قوله [عز وجل] (ويتربص بكم الدوائر) يعني الموت أو القتل وهرم وحصين ابنا ضمضم اللذان قتلهما ورد بن حابس العبسي وكان عنترة قتل أباهما ضمضما فكانا يتوعدانه.
الشاتمي عرضي ولم أشتمهما والناذرين إذا لقيتهما دمـي
ويروى إذا لم ألقهما دمي، يقولان إذا لقيناه لنقتله، وقوله الشاتمي عرضي أي اللذان شتما عرضي، والنون تحذف في هذا كثيرا للتخفيف تقول جاءني الضاربا زيد. ويقال نذرت النذر أنذره وأنذره إذا أوجبته على نفسك، وأنذرت دم فلان إذا أبحته.
[أسد علي وفـي الـعـدو أذلة هذا لعمرك فعل مولى الأشأم]
إن يفعلا فلقد تركت أباهـمـا جزر السباع وكل نسر قشعـم
يقول: إن نذرا دمي فقد قتلت أباهما، وأجزرته للسباع أي تركته جزرا والقشعم الكبير من النسور، والقشعم أيضا الموت، والقشعم العنكبوت.
[لما استقام بصدره مـتـحـامـلا لا قاصدا صمد الطريق ولا عمي
إن العدو علـى الـعـدو لـقـائل ما كان يعلمه وما لـم يعـلـم]
لا تحسبن طعان قيس بـالـقـنـا وضرابهم بالسيف حسو التـرتـم
أمي زبيبة لست أنكر اسـمـهـا وأنا ابن فرق الجماجـم والـفـم
ملاحظة أخيرة وردت أبيات في العقد الفريد من قافية المعلقة وفيها بعض التشابه منسوبة إلى أفنون التغلبي وهو شاعر جاهلي فأردت أن أثبتها قال أفنون التغلبي:
ولقد أمرت أخاك عمـرا مـرة فعصى وضيعها بذات العجرم
في غمرة الموت التي لا تشتكي غمراتها الأبطال غير تغمغـم
وكأنما أقدامـهـم وأكـفـهـم سرب تساقط في خليج مفعـم
لما سمعت نداء مرة قـد عـلا وابني ربيعة في العجاج الأقتم
ومحلم يمشون تحـت لـوائهـم والموت تحت لواء آل محلـم
لا يصدفون عن الوغى بوجوههم في كل سابغة كلون العظـلـم
ودعت بنو أم الرقاع فأقـبـلـوا عند اللقاء بكل شاك مـعـلـم
وسمعت يشكر تدعي بخـبـيب تحت العجاجة وهي تقطر بالدم
‎يمشون في حلق الحديد كما مشت=أسد العرين بيوم نحس مظلم
والجمع من ذهل كأن زهاءهم جرد الجمال يقودها ابنا قشعم
والخيل تحت العجاج عوابسـا وعلى سنابكها مناسج من دم
وقال محقق العقد تنسب الأبيات في غمرة الموت، لما سمعت، ومحلم إلى عنترة وأنا أنفي لما سمعت نداء مرة ومحلم فهي في الواقع أقرب إلى أفنون التغلبي لأن محلم الشيباني وقف في الحرب مع بكر ضد بني تغلب ولم يكن في حرب مع عنترة وكذلك آل مرة بن ذهل قاتلوا كليب بن ربيعة قتله جساس بن مرة وابني ربيعة إنما هما حيا بكر وتغلب فهم أبناء ربيعة بن نزار بن معد. وبهذا انتهت المعلقة.
لبيد بن ربيعة العامري
هو لبيد بن ربيعة بن مالك العامري من هوازن قيس قتل والده في السنوات الأولى من عمره فكفله عمامه وكان أبوه يلقب بربيعة المقترين لكرمه وسؤدده أمه بنت فاطمة الأنمارية أم الكملة وأخواله الربيع بن زياد وعمارة الوهاب
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .