ففيها قسم بالطور وهو الجبل الذي كلّم الله موسى من جانبه وفيه تلقى التوراة مسطورة في رق--و قسم بالبيت المعمور الذي فيه تلقى محمد عليه الصلاة والسلام بدايات القرآن --وكما تلاحظون يوجد تناسب وتناسق في المعنى فالمكانين على الأرض وفيهما تلقّى النبيّان عليهما الصلاة والسلام رسالتيهما--
وثالثا--لا بد أن يكون القسم بما يعرف العرب آنذاك --فلا يتوقع مثلا أن يقسم لهم بالطّاقة النووية التي لا يعرفونها ---وهم يعرفون بيتا معمورا على الأرض فمن المناسب أن يقسم الله به
على هذا فالقول بأنّ البيت المعمور المذكور في هذه الآيات هو الذي في السماء والذي تزوره الآلاف من الملائكة يوميا كما ورد في الحديث الشريف هو قول مرجوح--
والأحاديث تتكلم عن بيت معمور في السماء وليس عن هذا البيت المعمور في الأرض--
قال الطبري رحمه الله
(وقوله: { وَالبَيْتِ المَعْمُورِ } يقول: والبيت الذي يعمر بكثرة غاشيته وهو بيت فيما ذُكر في السماء بحيال الكعبة من الأرض، يدخله كلّ يوم سبعون ألفاً من الملائكة، ثم لا يعودون فيه أبداً. )
ثمّ ذكر أخبارا منها "
(حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة، رجل من قومه قال: قال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم: " رُفِعَ إليَّ البَيْتُ المَعْمُورِ، فَقُلْتُ: يا جِبِريلُ ما هَذَا؟ " قال: البَيْتُ المَعْمُورُ، يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْم سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ إذَا خَرَجُوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا آخِرَ ما عَلَيْهِمْ.)