فجأة استيقظ نظام مبارك في مصر ، استيقظ على انين كرامة ابناء مصر التي هدرت واصبحت غارقة في مستنقع الذل والأهان لم يحتمل هذا النظام المساس بها ، فقرر ان يحميها ويثأر لها .
بعد خطاب مبارك الحماسي الأخير تساءل الكثيرون لماذا تذكر سيادته.
كرامة الشعب المصري الآن ؟؟ مع ان غالبية الشعب المصري يعيش اليوم في ادنى مراحل عصر الأنحطاط الذي عرفته مصر ، لم تشهد البلاد مرحلة اسوأ من هذه المرحلة حتى في زمن حكم النظام البائد فاروق .
لقد بدأت عملية التراجع والتسيب والتفريط بكل مقومات ما انجزته ثورة 23 يوليو من يقظة قومية ونهضة فكرية واقتصادية وثقافية، منذ ردة السادات وخروجه عن سكة هذه الثورة ، ثم جاء نظام مبارك واكمل عملية هدم كل شيء كي يخفي معالم هذه الثورة ، وجرد مصر من قيمها وروحها الوطنية وقيمتها السياسية.
هل هذه النخوة الفجائية والحب العميق لكرامة الشعب المصري سببه حرب الكرة بين مصر والجزائر ؟ هذا غير صحيح لأن هذه الحرب قد كشفت الغطاء عن كذبة اسمها( التضامن العربي ) وان مؤتمرات القمة وقرارتها ماهي الا خديعة للشعوب العربية ، وان ميثاق الجامعة العربية قد كتب فوق الواح من الثلج ذابت منذ زمن.
ما يحدث اليوم بين الجزائر ومصر ما هو الا صورة مصغرة لما حدث بين اكثر من دولتين عربيتين ، فقد حدثت حرب فعلية بين الجزائر والمغرب بسبب دعم الجزائر لمنظمة البليساريو، كما سادت حالة من التوتر والتهديد في مراحل كثيره بين تونس وليبيا ولا ننسى قيام مصر بقصف الأراضي الليبية بالطائرات ابان حكم السادات ، وقد حدثت مواجهة في الماضي غير البعيد بين مصر والسودان بسب الصراع على منطقة حلايب، وامثلة الأحتراب الأخوي كثيرة .
عندما قرر سيادة الرئيس الأنتقام لكرامة الشعب المصري ، كان يعرف في قرارة نفسه ان 90% من الشعب المصري والشعوب العربية بأنه هو ونظامه الفاسد يتحملون مسؤولية المساس بكرامة وعزة كل مواطن في مصر ، نقول ذلك ونحن نؤمن بأن مصر ما زالت في نظرنا قبلة العرب السياسية والثقافية والتاريخية ورأس حرابهم القتالية .
الكرامة التي يذرف مبارك عليها دموع التماسيح ويردح حولها هو اول من فرط بها ووضعها في اسواق الضعف والدلالة ، لقد تهاون وتهادن منذ بداية حكمه مع طبقة صغيرة من الأنتهازين الذين قاموا بأمتصاص دماء الشعب المصري وعملوا على مصادرة الأمل من نفوس المواطنين وزرعوا اليأس .
هذه الطبقة كانت وراء حالات الفقر والبطالة وانتشار الجهل والأمراض والتخلف وتراكم العشوائيات عاراً على حاضر مصر ومستقبلها ، كما ان هذه الطبقة مسؤولة عن الفراغ الفكري واستشراء العنف وتراجع الأنتاج القومي واغلأق مئات المصانع التي اقيمت ايام ثورة يوليو .
فقد المواطن المصري كرامته بسبب تحجيم الأنفتاح السياسي والأقتصادي ومحاصرة التعددية الحزبية وحرية الكلمة واستخدام قانون الطوارىء لمنع المظاهرات من اجل قمع المعارضة .
خسر المواطن المصري كرامته بعد ان ادار مبارك ظهره لكل ماهو اجماع قومي عربي تقدمي يرفض استمرار التطبيع مع اسرائيل ، بدلاً من ذلك قام نظام مبارك بفتح بوابات مصر امام الكيان الصهيوني فدخلت منها آمنة وتم ابرام كل المواثيق الأقتصادية والتنسيق الأمني الكامل والحصار المشترك على قطاع غزة ، وقد شارك النظام بالتآمر على المقاومة اللبنانية عندما دعم العدوان الأسرائيلي على لبنان سنة 2006، كما تآمر هذا النظام مع حكومة اولمرت الصهيونية عشية العدوان الأخير على قطاع غزة.
ولا أحد ينسى الاجتماع التآمري الذي مع تسيفي ليفني الذي عقد قبل بداية العدوان بيوم واحد.
لقد انقبض وجه مبارك أكثر وتراخت شفتيه وسقط فكه السفلي أثناء ردحه على كرامة المصريين الموجودين خارج الوطن، كل طفل مصري يعرف أن حكومة نظيف الفاسدة غير قادرة على حماية أي مواطن مصري خارج الوطن، لأن هذه الحكومة أهدرت وداست فوق كرامة المواطنين المصريين فوق ثرى وطنهم، اذاً كيف لهذا النظام حماية من هم في الخارج؟.
من منا لم ير حالة العمال المصريين الرثه والبائسة في السعوديه والأردن ولبنان والعراق قبل الاحتلال، هؤلاء العمال ما هم الا وقوداً للانتهازيين ومصاصي دماء العمال.
من المسؤول عن انتزاع هؤلاء العمال والأطباء والمدرسين والمفكرين من وطنهم مصر؟ النظام وحده هو المسؤول بسبب خموله وفساده وتخلفه وتسيبه النظام هو المسؤول الأول عن نزوح هؤلاء من وطنهم بعد أن فرط بالعقول الخام كي يتم استثمارها في الخارج.
النظام الذي لا يوفر المسكن والعمل ومراكز الأبحاث ومقومات الحياة والخدمات يصادر كرامة الشعب ويحول المواطنين الى غرباء في وطنهم، ويطبق المثل الذي يقول الجهل في الوطن غربة والعلم في الغربة وطن.
لقد عرف الرئيس مبارك كيف يثأر لكرامة العرب جميعاً في اليوم التالي لبكائه على هذه الكرامة، فقد استقبل مباشرةً وكانت لا تزال الدموع في عينيه الثعلب الصهيوني الماكر المخادع والمسؤول عن مجزرة قانا شمعون بيريس في القاهرة، بايعه مبارك وبايع مشروعه الذي حمله معه بإقامة دولة فلسطينية فوق نصف أرضي الضفة الغربية، جاء بيرس كي يزيد التحدي ويزرع اليأس في قلوب العرب، جاء وهو على يقين أن مبارك حليفه سوف يساعده في تمرير هذا المشروع، لأن مبارك يعتبر لسان حال محمود عباس، التوأم الثالث للرئيس مبارك وشمعون بيرس.
لقد ثأر مبارك أيضاً لكرامة العرب جميعاً عندما وجه أنذاره لإيران واتهمها بأنها تتدخل في شؤون العرب، من حق مبارك تهديد ايران لأنها هي التي تحتل العراق وفلسطين والجولان السوري وهي التي تحاصر قطاع غزة
تميم منصور
مبارك يثأر لكرامة المصرين باحتضان بيرس ...
النمط الخطي
