العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة > دواوين الشعر

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 140 عام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى بحث مطر حسب الطلب (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مثال متلازمة ستوكهولم حينما تعشق الضحية جلادها (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال مستعمرات في الفضاء (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال كيفية رؤية المخلوقات للعالم من حولها؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال حوار مع شيخ العرفاء الأكبر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الضفائر والغدائر والعقائص والذوائب وتغيير خلق الله (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال فتى الفقاعة: ولد ليعيش "سجينا" في فقاعة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى كتاب المسح على الرجلين في الوضوء (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 09-11-2008, 01:10 AM   #1
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي حقيقة التوجه الإسلامي في شعر هاشم الرفاعي ج4 دراسة موثقة



حقيقة التوجه الإسلامي في شعر هاشم الرفاعي ج4 دراسة موثقة

بقلم : عبد الآخر حماد

سادساً : استدلالات وتوضيحات

استنتجنا في المقال السابق أن من الخطأ اختزال شعر هاشم الرفاعي في كونه من أبواق ثورة يوليو ،كما أننا أيضاً لا نستطيع تصنيفه على أنه شاعر من شعراء الحركة الإسلامية المعبرين عن فكرها وتوجهاتها ،وأنه إنما كان رغم شاعريته الفذة شاباً صغيراً سهل التأثر بما حوله فمرة يمدح عبد الناصر ومرة يذمه ،ومرة يمدح الإخوان المسلمين ومرة يهجوهم دون أن تكون لديه قاعدة فكرية معينة ينطلق منها ،ومما يسهم في توضيح هذه الرؤية التي وصلنا إليها ما يأتي :

1- أنه بمراجعة ديوان الشاعر في طبعته التي حققها شقيقه نلاحظ أن قصائده التي يمدح فيها الثورة أكثر من الناحية العددية من تلك التي ينتقد فيها الثورة،كما أن أكثرها جاء في المرحلة الأخيرة من حياة الشاعر ،حتى إن آخر قصيدة وجدت على مكتبه ،ولم تكتمل كانت قصيدة كتبها ليحييِّ بها ثورة يوليو في ذكراها السابعة ،ونعني بذلك أنه إن كان لا بد من ترجيح لأحد موقفيه فالأصل أن المتأخر ناسخ للمتقدم ،ولكن إحسان الظن بالشاعر وما ظهر من مواقفه الإسلامية حتى في ثنايا قصائده المتأخرة ،وكونه لم يؤثر عنه أنه تراجع عن شيء مما كتبه في نقد الثورة، كل ذلك يحملنا على عدم إهمال الجانب الآخر من شعره ،كما يحملنا على القول بأن مدائحه للثورة لم تكن من قبيل التبني لكل أفكارها ورفض ما عداها.

2- أنه بمراجعة تاريخ كتابة القصائد التي وجه فيها نقده اللاذع للثورة ورجالها ،نجد أن غالبيتها قد كتب في العام الدراسي 1954-1955م ،وهو العام الذي شهد فصله مع مجموعة من زملائه من معهد الزقازيق الديني بسبب تنظيمهم مؤتمراً قرروا فيه الإضراب عن الدراسة حتى يستجاب لمطالبهم بعدم تقليص العلوم الشرعية واللغوية بالأزهر(19)،والمقصود هنا أن نربط بين الحالة النفسية التي كان يعيشها الشاعر خلال فترة فصله من المعهد وبين نقده اللاذع للثورة ورجال الحكم،وهو ما نستنتج منه أن عداءه للثورة لم يكن عداءً مستحكماً مبنياً على اختلاف فكري بقدر ما كان مبنياً على انفعالات وقتية وتأثرات عاطفية .

3- أنه مما يوضح ما ذكرناه من عدم تبلور الفروق بين الدعوات الوطنية أو القومية وبين الدعوة الإسلامية لدى الشاعر ،أن نعلم أن ذلك كان حال الكثيرين في مصر في تلك الفترة ؛حتى إنا لنجد الشاعر محمود غنيم يخلط في قصيدته الشهيرة (وقفة على طلل ) بين العروبة والإسلام فيقول :

ويْحَ العروبة كان الكون مسرحها * فأصبحت تتوارى في زواياه
أنَّى اتجهت إلى الإسلام في بلدٍ * تجده كالطير مقصوصًا جناحاه

بل يعتبرهما وجهين لعملة واحدة حيث يقول:

هي العروبة لفظ إن نطقت به * فالشرق والضاد والإسلام معناه

وذلك أن الدعوة إلى الفكرة القومية باعتبارها بديلاً عن الفكرة الإسلامية لم تكن منتشرة في مصر كانتشارها في بلاد الشام والعراق ،على يدي أصحاب حزب البعث ،الذين قال قائلهم :

آمنت بالبعث رباً لا شريك له * وبالعروبة ديناً ما له ثاني

أو كما قال الآخر :

سلام على كفر يوحد بيننا * وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم

ولذلك ذكر أكرم الحوراني (أحد قادة حزب البعث السوري) في مذكراته أنه التقى بكمال الدين حسين وقت التحضير للوحدة المصرية السورية ،وأنه فوجئ بكمال الدين حسين ينتقد بشدة فكرة القومية العربية ويعتبرها مخالفة للإسلام، وتعجب الحوراني من تهجم رجل جاء ليشارك في مباحثات الوحدة على مفهوم القومية العربية.

وفي رأيي أن انتقاد كمال الدين حسين للقومية العربية لم يكن موجها لفكرة العروبة والوحدة العربية، وإنما كان نقداً لفكرة القومية العربية باعتبارها بديلاً عن الإسلام بالصورة التي أشرنا إليها قبل قليل.

4- وما دمنا قد أتينا على ذكر كمال الدين حسين، فإنه لا بد من العودة مرة أخرى إلى العلاقة الخاصة التي جمعت بينه وبين شاعرنا هاشم الرفاعي، فإننا نظن أن اتصاله بكمال الدين حسين وتأثره به قد يفسر جانباً من هذا التناقض الذي لمسناه في شعره ،وذلك أن كمال الدين حسين رغم كونه واحداً من قادة ثورة يوليو إلا أنه كان يتمتع باستقلالية في التفكير ،وقد اختلف مع الرئيس عبد الناصر وعبد الحكيم عامر ،ثم مع الرئيس السادات بعد توليه رئاسة الجمهورية ،ومن أهم ما يشار إليه في هذا المجال محاولته تقريب الأفكار التي كانت تنادي بها الثورة إلى أحكام الشريعة الإسلامية ،وقد ذكر عبد اللطيف البغدادي في مذكراته أن كمال الدين حسين قال لعبد الناصر ذات مرة : إن اشتراكيتنا يجب أن تنبع من ديننا ،وليس من نظريات ماركس ولينين .

وكذلك كان لكمال الدين حسين موقف مشهود إبان اعتقالات الإخوان المسلمين في سنة 1965م ؛ حيث أبدى تعاطفاً كبيراً معهم ،وأرسل لعبد الناصر خطاباً شديد اللهجة يقول له فيه: اتق الله ،ويستنكر فيه ما وقع على الإخوان من التعذيب ،ولذلك اتهمه عبد الحكيم عامر بأنه كان يدافع عن سيد قطب ويقتني كتبه ،وقد أقر كمال الدين حسين في أحد الحوارات الصحفية بإعجابه بكتاب معالم في الطريق للأستاذ سيد قطب رحمه الله مع عدم موافقته على بعض آرائه ،وأنه قد أهدى نسخاً من هذا الكتاب لبعض أصدقائه(20).

وفي عهد الرئيس السادات وفي أعقاب أحداث 18 و19 يناير 1977 اصطدم كمال الدين حسين بالرئيس السادات لما أصدر الأخير قانوناً يعاقَب بمقتضاه كل من أضرب عن العمل بالأشغال الشاقة ،حيث أرسل له رسالة شديدة يعترض على ذلك ويقول له : (( ملعون من الله ومن الناس من يتحدى شعباً أو يمتهن كرامة أمة )).

كما أنه بعد مقتل الرئيس السابق أنور السادات والحكم بالإعدام على خالد الإسلامبولي رحمه الله ،فإنه –أي كمال الدين حسين- أرسل هو والأستاذ فتحي رضوان رسالة للرئيس حسني مبارك يطالبانه فيها بالعفو عن خالد ورفاقه ،على أساس أنه لم يكن بينهم وبين الرئيس السادات خصومة شخصية ،"وإنما كانت غايتهم تحقيق العقيدة، التي ملأت نفوسهم من جميع أقطارها، وأن سيرة الرئيس السابق في الحكم، وتعطيله للحريات، وإهانته المستمرة للشيوخ والعلماء، هو ما دفع أولئك الشباب للقيام بما قاموا به".

والمقصود أنه لا يبعد أن يكون هاشم الرفاعي قد تأثر بآراء الرجل الذي قربه إليه وقدمه للناس، وهي آراء كما رأينا تحاول الجمع بين النظرة الإسلامية وفكرة العروبة ،كما أنها ترى في سلبيات الثورة مجرد أخطاء صغيرة أو كبيرة ،لا تستوجب البراءة منها ولا الاختلاف الجذري معها .

5- كما أن في انتماء هاشم الرفاعي لحزب الوفد ودفاعه عنه ما يبين أن الفكرة الإسلامية بمعناها الصحيح لم تكن متبلورة في ذهنه ،فإن المعروف أن حزب الوفد حزب علماني عتيد ،والوفديون هم أول من رفع شعار : (الدين لله والوطن للجميع )،الذي يعني بوضوح فصل الدين عن الدولة ،وهذا لا ينكره الوفديون ،حتى إن مصطفى النحاس قد أقام الدنيا ولم يقعدها لما أراد الملك فاروق في بداية عهده أن تتم مبايعته على يد شيخ الأزهر ،لأن ذلك في نظره يعطي نظام الحكم في مصر صفة دينية تتعارض في رأيه مع كون فاروق مَلِكاً لكل المصريين مسلمهم وغير مسلمهم.

6- ثم إن المطالع لديوان هاشم الرفاعي لا بد أن يجد فيه أشياء لا تمثل الأدب الإسلامي الملتزم ؛ونحن وإن كنا لا نرى تعارضاً بين الالتزام الإسلامي وبين أن يتناول الشاعر ما يشاء من أغراض الشعر ،إلا أنه لا بد من الحرص دائماً على الوقوف عند حدود ما شرعه الله تعالى ،ولقد رأيت في شعر هاشم الرفاعي بضع قصائد ومقطوعات شعرية أرى أنها لا تليق بمن كان الإسلام منهجه وتوجهه ،وأنا أشير إلى بعضها دون تفصيل : فمنها قصيدة بعنوان راقصة ،يصف فيها -بإعجاب- حركات إحدى الراقصات من تمايل وانثناء وكشف عن بعض جسدها ونحو ذلك ،ومنها قصيدة في الإشادة بمقطوعة موسيقية لمحمد عبد الوهاب ،ومنها ذِكْره في بعض قصائده المبكرة للخمر والشراب،وغير ذلك .

ولست أريد أن أظلم الرجل أو أن أشوه صورته؛ فهذه الهنات مما يتوقع من شاب في مثل سنه، وربما قالها من باب : أعذب الشعر أكذبه، لكني أردت فقط أن أبين أنه كان في شعر هاشم الرفاعي جانب لا يمكن بحال نسبته إلى الإسلام الواضح الصحيح ،الذي يرى الدكتور جابر قميحة أنه التوجه الحقيقي له.

وأخيراً:

فلست أشك في فصاحة لسان هاشم الرفاعي وعبقريته الشعرية ،فقد شهد له بذلك رجال الشعر وأساتذة البيان ،حتى قال أستاذه الشاعر على الجندي: (( لو قدر لهاشم الرفاعي البقاء إلى سن الثلاثين لغطى على جميع شعراء العربية في العصر الحاضر ))(21).

وفي نظري أنه يكفي في الدلالة على نبوغه الشعري أنه –وهو الذي لم يدخل سجناً قط- استطاع في قصيدته (رسالة في ليلة التنفيذ)) أن يتقمص شخصية مسجون محكوم عليه بالقتل، فيصور أحاسيسه ومشاعره، ويصف أحوال السجن والسجين والسجان بأبرع ما يكون التصوير.

كما أننا لا نماري في أن التوجه الديني عنده توجه أصيل، لكنه توجه مشوب بالنزعة الصوفية على ما رأينا عند الحديث عن أسرته ونشأته، وإنما كان حديثنا منصباً حول تمحيص القول حول انتمائه للحركة الإسلامية، أو اعتباره شاعراً إسلامياً بالمعنى الذي يتبادر إلى الذهن من هذه التسمية ،من حيث كون الشاعر منحازاً للقضايا الإسلامية رافضاً أي فكرة تخالف شرع الله عز وجل ،فهذا الذي قصدته وأرجو أن أكون قد وفقت فيه .



--------------------------------------------------------------------------------

(19) من تقديم شقيق الشاعر لديوانه ص: 46

(20) جاء ذلك في كتاب بعنوان مؤامرة اغتيال المشير عامر للصحفي محمود فوزي ص: 100 .

(21) رسالة في ليلية التنفيذ بتحقيق مجدي الشهاوي ص: 11.

السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .