آخر خبر من الأحواز المحتـل : أعلنت سلطات الإحتلال حالة الطوارىء في الأحواز ، وتعطـُّل المدارس ، و الشركات ، ونشرت آلاف من عناصر الأمن تحسبـا للإنتفاضـة الأحوازيـة الموعودة غـدا .
وقف الشيخ الجليل الداعية سعد المطيري في مسجـده في الأحواز المحتـلَّة ، وبشجاعة العظماء ، وبسالة أهل العزيمـة الأشـداء ، أخذ يحرض الأحوازيين على الخروج يوم غد 15 إبريـل ، ليوم الغضب في جميع مدن الأحواز ، وما أنْ وصل إلى بيته حتى جاءت قوات الإحتلال الإيراني للأحواز وطوقت منزله ، وبوحشيتهم المعهودة ، أرعبـوا النساء والأطفال ، واعتقلوا الشيخ الجليل ، وصادروا جميع أجهزته !
هذا المشهد ليس سوى حلقة من سلسلة طويلة من الإضطهاد الذي يعيشه عرب الأحواز منذ عقود مديدة تحت الإحتلال الإيراني ، وهو إضطهاد عنصري مقيت ممزوج بروح شعوبية حاقدة ، تنضح خبثا وخسـّة.
هذا .. ولايماري عاقـل أن سبب تسليط هذا النظام الإيراني المجرم على أمّتـنا عامة ، وعلى الخليج خاصّـة ، حتى كاد يحتل البحرين ، وهو يعبث اليوم بالكويت عبث الصبي بالكـره !! ويخطط لإحتـلال أرض الحرمين أخبث الخطط ، وألعنها .
وهو مع ذلك يتطاول بتصريحاته الوقحة ، يهـدّد ، ويتوعـّد ، يتوهـم أنه كسـرى ، ولم يدر أنه على وشك أن يُكسـر أنفـُه ، كما حُطِّـم أنفُ كسرى .
سبب ذلك هـو تخلينا عن نصرة قضايا المضطهدين تحت حكم هذا النظام الخبيث ، ومن أهم تلك القضايا :
تلك القضية العجيبة التي هي قريبة إلينا جـداً ، ومع ذلك بعيدة عنا ، وهي عظيمة الأهمية ، ومع ذلك مهملـة لاتكاد تذكـر !
وهي قضية الأحـواز المحـتل .
وقد كنت قد كتبت مقالا مطولا _ قبل سنتين _ عن معاناة إخواننا عرب الأحواز تحت الإحتلال الإيراني ، أقتبس منه اليوم في هذا المقال هذه الفقرات :
أما القضية الإحوازية المنسيِّة ، فهي قضية عجيبة ، لشعب يربو عدد سكانه على خمسة ملايين نسمة ، وينتشر على أرض مليئة بالخيرات ، والثروات الطبيعية ، حتى إنـَّه بات يُطلـق على هذه الأرض : القلب النابض للإقتصاد الإيراني ، ويطلق على هذا الشعب : إنه أفقر شعب على أغنى بقعة في العالم
هذا الشعـب الأحوازي محرومٌ من جميع حقوقه ، ويعيش إضطهادا عظيماً ، وتمييزاً عنصريّا خانقاً ، تحت سلطة النظام الإيراني
ومنذ أن ضمِّ الجيش الإيراني بالقوّة ، هذه الإمارة العربية التي يقطنها قبائل عربية أصيلة ، في 20 نيسان 1925م ، منذ ذلك الحين ، والأحواز رازحة تحت احتلال بغيض ، حرم شعب الأحواز من جميع حقوقه ، حتى الحقوق الثقافية ، بل وصل حدّ الإضطهاد إلى حظر اللغة العربية في المدارس ، وما يميّز اللباس العربي ، وتسمية الأولاد ببعض الأسماء العربية !!
وهو مع ذلك شعـب يعيش تحت قمع سياسي ، آخذ في تصاعد مؤخَّـراً ، ويستعمل فيه النظام كلّ إنتهاكات حقوق الإنسان ، حتى الإعدامات في الشوارع
وذلك كلُّه يجـري تحت صمت غربيّ ، وعربيّ مريب ، فلا أحـد يتحدث عن تلك الإنتهاكات الخطيرة
مع أنَّ ما يجري للأحوازيين ، لايوصف مثله إلاَّ في الكيان الصهيوني ، بل إنّه أشدّ مما يجري هناك
ومعلوم أنَّ سياسة العبث بالتركيبة السكانية في الأحواز ، والتضييق على الأحوازيين ، تسارعت وتيرتها في السنوات الأخيرة ، متزامنة بصورة مُلفتـة ، مع تسارع وتيرة تحريك الأحزاب الموالية للنظام الإيراني في دول الخليج لإثارة الإضطرابات ، والفتن
وتغيير التركيبة السكانية في الأحواز ، يشابه إلى حـدّ كبيـر ، ما يفعله الصهاينة في القدس ،
وذلك وفق المنهجية التالية التي وجدت في وثيقة رسمية للنظام الإيراني ، وقد نص فيها على ما يلي :
أولاً : يجب اتخاذ كافة التدابير الضرورية اللاّزمة بحيث يتم خفض السكان العرب في خوزستان _ أي الأحواز _ بالنسبة للناطقين بالفارسية الموجودين أساساً ، أو أولئك المهاجرين ، إلى مقـدار الثلث ، وذلك خلال السنوات العشرة القادمة .
ثانياً : اتخاذ التدابير اللازمة بحيث تزداد ظاهرة تهجير الشريحة المتعلّمة منهم ، إلى المحافظات الإيرانية الأخرى ، كمحافظات طهران ، وأصفهان ، وتبريز
ثالثاً : إزالة جميع المظاهر الدالّة على وجود هذه القومية ، وتغيير ما تبقى من الأسماء العربية للمواقع ، والقرى، والمناطق ، والشوارع
وبعد إفتضاح أمر هذه الوثيقة الخطيرة، انطلقت في الأحواز الإنتفاضة المشهورة عام 2005م ، وتـم قمعها بـ150 ألف جندي إيراني ، استعملوا القتل ، ووسائل العنف الذي انتهك كلَّ المحرمات
وهذه من أقوى الإنتفاضات التي انطلقت في الأحواز ، منذ إنتفاضة عام 1979م
وكلُّها كانت تقمع بنفس الأسلوب الوحشي ، حتّى استعمال سياسة الأرض المحروقة ، وتدمير القرى ، والمدن العربية.
ولم يتراجع النظام عن عنصريّته قيد أنملة ، وهو يواصل منع حتى إصدار الصحف باللغة العربية ، وتعليم الأطفال اللغة العربية في المدارس الإبتدائية ، بل وصل به الأمر إلى تحويل مجرى الأنهار إلى خارج الأحواز ، ليحرم القرى العربية منها !
وهذا الذي يحدث في الأحـواز.. يجري مثلـه على عمـوم أهـل السنة في إيران التي ينص دستورها على أن : (المذهب الرسمي للدولة هو المذهب الشيعي) ، و: ( شرط تولي منصب رئيس الجمهورية أن يكون شيعي المذهب) ! ، فهـم يعيشون مثل هذا الإضطهاد البشع لإخواننا الأحوازيين .
كما يوجد مليون ونصف سني في منطقة (تركمنصحرا) يتعرّضون لأبشع صور الإضطهاد ، ومثلهم مليون سنّي في خراسان كذلك ، وتـمَّ تصفية أبرز علماءهم بإغتيالات _ تُشبـه تلك التي يفعلها النظام الإيراني في العراق _ وممن إغتالتهم المخابرات الإيرانية ، الشيخ الشهيد مولوي عبد العزيز الله ياري ، والشيخ الشهيد مولوي نور الدين غريبي، والشيخ الشهيد موسى كرمي خطيب جامع الشيخ فيض المشهور في مدينة مشهد ، والذي هدمه خامنئي مرشد الثورة عام 1993م
ومثلهم السنة في إقليم فارس ، يمنعون من أدنى حقوقهم ، ويتم تصفية الناشطين من دعاتهم ، وعلمائهـم ، وكذا مناطق الأكراد ، حيث لوحق علماء السنة ، وتم تصفية أبرز علمائهم ، ونذكر منهـم الشهيد العلامة أحمد مفتي زادة، والشهيد ناصر سبحاني ، ولايزال كثيـرٌ من علماء السنة الأكراد ، وغير الأكـراد ، معتقلا في السجون الإيرانية
ومن العلماء السنة الذين تعرضوا إمَّا للإغتيال ، أو محاولة للإغتيـال ثم نجوا بأرواحهم وهاجروا من إيران ، يقاسون الغربة ، أو هم في سجون المخابرات :
منهم لا على سبيل الحصر ، أولا الشيخ العالم المشهور د. عبدالرحيم ملا زادة وهو في لنـدن ، وله نشاط عالمي وجهاد مشكور في فضح جرائم النظام الإيراني ، والإنتصار للسنة ، ثم الشيخ العلامة إبراهيم دامني الذي يتعرض للتعذيب وحكم عليه بالسجن 17 سنة ، لأنَه يكافح نشر التشيّع بين السنة ، والشيخ إقبال أيوبي من إيرانشهر ، والشيخ أنور هواري ، والشيخ فيصل سيباهيان ، والشيخ واحد بخس لشكر زهي ،