نظرات فى كتاب المدخل إلى علم العدد
نظرات فى كتاب المدخل إلى علم العدد
مؤلف الكتاب نيقوماخوس الجاراسينى من أهل اليونان القدماء وأما المترجم لهذه الترجمة فهو ثابت بن قرة الحرانى وبالقطع لابد أن تكون الترجمة فيها تصرف لكى يفهمها أهل اللغة العربية لأن نقل الأرقام اليونانية للعربية لن يفيد القراء بشىء لأنه سيزيد من صعوبة الفهم ومن ثم نجد أن الرجل ترجم الأرقام للصورة المعروفة للأرقام كما أحل فى المسائل وكتابة الأعداد الكتابة بحساب الجمل الحروفى الذى لم يكن فى زمان اليونان الوثنية باعتباره حسابا يهوديا كما هو معروف فى التاريخ المعروف لنا من الكتب الحالية بديلا للأرقام اليونانية
وكان من المنتظر فى كتاب يحمل اسم علم العدد وهو الحساب أن يبدأ مقدمة رياضية تدخل إلى الموضوع ولكن الكتاب استغرق صفحات كثيرة فى بيان معنى الفلسفة وعلاقة فيثاغورث وتلاميذه ومنهم مؤلف الكتاب بالفلسفة ومن ثم دارت صفحات الكتاب الأولى حول معنى الفلسفة والاستدلال بها فى علم العدد وكانت الفقرة الملخصة هى قوله :
"إن الفلسفة هى الشوق إلى الحكمة وإن الحكمة هى علم اليقين بحقيقة ما عليه الأشياء الموجودة...فأقول إن من الأشياء الموجود أعنى ألأشياء التى يقال لها موجودة على حقيقة التسمية والتى يقال لها موجودة على جهة المشارك وفى الاسم جميعا وهى المعقولة والمحسوسة بعضها متصلة وبعضها متخذة منهاص13
وعلم العدد اليونانى هو علم مجرد بمعنى أنه لا يدور حول المعدودات وهى أصل الحساب وإنما يدور حول الأرقام من خلال عمليات الحساب المختلفة ولذا يقول بأن العدد لا نهاية له مع وجود بداية وعند القسمة لا نهاية للانقسام وهو ما قاله فى الفقرة التالية :
"وهذه الأشياء تسمى ذوات العدد وذوات الكثرة مثل القطيع والأمة والملأ ...إلا أن المقدار والعدد غير متناهى الطبيعة اضطرارا وبك أن العدد وإن كان يبتدى من أصل محدود فإنه لا ينقطع فى ممره إلى ما يتلو وما ينتهى وإن المقدار وإن كان بكليته محدودا فإنه إذا قسم لم يصر فى تقسمه إلى غاية لا ينقسم لكنه يذهب كذلك ..تبين مما قلناه أنه لا يمكن أن يقع لنا العلم بالمقدار مطلقا ولا العلم بالعدد مطلقا وذلك أن كل واحد من هذين النوعين بذاته غير متناه أما العدد ففى جهة التزيد والكثرة وأما المقدار ففى جهة النقصان والصغر "ص13
وبالقطع هذا الكلام يتناقض مع الوحى الإلهى فلا يوجد شىء دنيوى إلا وله نهاية كما له بداية كما قال تعالى :
" كل من عليها فان"
ومن ثم كل الأعداد والمعدودات لها عند الله مقادير محددة كما قال تعالى :
"إنا كل شىء خلقناه بقدر"
وقال :
" وكل شىء عنده بمقدار"
وقد ذكر أن العدد يعلم بالكمية وهى المقدار المجرد فقال :
"علم العدد الذى يعلم به أمر الكمية إذا فهمت على سبيل الانفراد ص14
ومع هذا أقر بعدم انفصال علم العدد عن المعدودات وهى المخلوقات فقال:
"إن علم العدد نافع فى الحسابات والقسمة والجمع والمقايضات والشركة والهندسة نافعة فى تدبير العساكر وينا المدن وبنا الهياكل وقسمة الأرضين ص16
وحدثنا ماخوس عن أن الأرقام سابقة لعملية خلق الأشياء واستعار لنا نظرية المثال ألآفلاطونى فقال :
"وهو صناعة علم العدد وليس إنما السبب فى ذلك ما قلناه من أنها سابقة فى علم الله صانع الأشياء متقدمة للعلوم المتقدمة بمنزلة الشىء الجميل الذى قياسه إلى الأشياء الباقية فليس المثال فجعله مثالا لسائر الأشياء التى خلق والتى حذوا عليها وعلى حسبه خلقها وسواها ص16
وكرر نفس الكلام عن سبق ألأعداد للخلق فقال :
"فحقيق بنا أن نقدم أولا القول فى صناعة العدد كالشىء الأول الشديد التقدم بالطبيعة والمرتبة لأنها بمنزلة الوالدة والظير لما سواها ص
إنما خلقها الخالق على نسب الأعداد وهو الذى ميزها وسواها على حال المحمودة الجميلة وأكد فيها أمر المثال الذى قصد لها نحوه فإنه جعل الأعداد مثالا وسبيها برسم متقدم سابق فى علم الله خالق العالم إلا أنه إنما هو مفهوم عنده فقط من غير أن يكون ذلك فى هيولى ما يوجه من الوجوه بتة إلا أن ذاته ذات موجودة وعلى حسبه أجرى الأمور على طريق صناعى فى جميع هذه الأشياء أعنى الزمان والحركة وجميع أطوار الكواكب ويجب أن يكون العدد فى هذه للأشياء اضطرارا مولفا من سنخه لا من شىء أخر لكن من ذاته ص18
وهذا الكلام فلسفى غامض فالمعروف عندما كمسلمين أن أول المخلوقات كان الماء كما قال تعالى :
" وجعلنا من الماء كل شىء حى"
ومن ثم لا يوجد عالم المثال الذى ذكره ماخوس وإنما الموجود هو ما كتبه الله من وجود المخلوقات وأعمالها كما قال تعالى :
"ما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأها"
ومن ثم لا وجود عندنا لعالم المثال وإنما الموجود هو الكتاب الذى سجلت فيه كل الأحداث الكونية قبل حدوثها
"أما العدد مطلقا فهو جماعة أعداد وكمية مبثوثة قوامها من آحاد والقسمة الأولى التى ينقسم بها العدد هى أن منها زوجا ومنه فردا والعدد الزوج هو الذى ينقسم بقسمين متساويين ولا يقع فى الوسط من قسمه الوحدة والعدد الفردى هو الذى لا يمكن أن ينقسم إلى قسمين متساويين بسبب الوحدة التى تقع فى وسطه ص19
ونجد هنا أن الرجل يتحدث عن انقسام الأعداد لزوجية وفردية وأن القاعدة أن الزوجية تنقسم لقسمين متساويين مثل 2=1-1 ومثل 6=3-3 وأما الفردية فليس لها قسمة متساوية لأن الواحد المتبقى بعد النصفين المتساويين لابد أن ينكسر لنصفين وهذا غير موجود فى الأعداد الصحيحة
وهذه القاعدة لا علاقة لها بحياة الناس من جمه وطرح وقسمة وضرب وهى العمليات المستخدمة فى واقع الحياة فهى معلومة فقط ولكنها بست من العلم الضرورة
وثانى القواعد وهى الأخرى ليست من العلم الضرورة وإنما العلم الترفيهى الذى يتباهى بها البعض به أن العدد العددين بجواره إذا جمعا وقسما أعطى العدد وسطهما وهو قوله:
|