العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الاسلامي > الخيمة الرمضانية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نظرات فى مقال عندما يكون بطل الرواية أعقل من مؤلفها (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال السيباستيانيزم .. أسطورة الملك العائد مع الضباب (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال غريب الطعام أطعمة نتنة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قبور الأنبياء (ص) (آخر رد :رضا البطاوى)       :: غاز و عنتوز (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: التشابه بين العهد القديم والقرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الأحاديث الواردة في الطائفة الظاهرة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال آلهة فاسقة وغريبة تمت عبادتها عبر التاريخ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال عالم الجنون (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال عالم الأقزام (آخر رد :رضا البطاوى)      

 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 02-09-2008, 11:06 AM   #1
محمد الحبشي
قـوس المـطر
 
الصورة الرمزية لـ محمد الحبشي
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
الإقامة: بعيدا عن هنا
المشاركات: 3,527
إفتراضي من ذاكرة رمضان

غزوة بدر الكبرى 2هـ



كانت قريش قد صادرت أموال المهاجرين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وتربصت للنيل منهم بكل وسيلة ، إمعاناً في الصد عن سبيل الله وإيذاء المؤمنين ، فأراد المهاجرون إضعافها والضغط عليها من خلال التعرض لقوافلها التجارية التي تمر بالقرب من المدينة في طريقها إلى الشام ، وكان المسلمون قد علموا أن قافلة كبيرة يحرسها ثلاثون رجلاً - كانت تحمل أموالاً عظيمة لقريش - في طريقها من الشام إلى مكة - وأنها ستمر بهم ، فندب الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه للخروج لأخذها ، فخرج ثلاثمائة وتسعة عشر رجلاً ، معهم سبعون بعيراً يتعاقبون على ركوبها ، لكنهم أرادوا شيئا وأراد الله غيره قال سبحانه : { وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ } (لأنفال 7) .

ولما بلغ أبا سفيان - الذي كان يقود القافلة القرشية - خبر خروج المسلمين , سلك بها طريق الساحل , وأرسل يطلب النجدة ويستنفر قريش , فخرجت قريش بقضِّها وقضيضها ، ولم يتخلف من فرسانها ورجالها إلا القليل , ومن تخلَّف منهم أرسل بدله رجلاً ، حتى بلغ جيش قريش ألف مقاتل معهم القيان يضربن بالدفوف ويغنين بهجاء المسلمين ، ولما بلغوا الجحفة علموا بنجاة القافلة , فأصروا على المضي ومقاتلة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بطراً ورئاء الناس فقال أبو جهل لعنه الله : " والله لا نرجع حتى نقدم بدْراً فنقيم بها ونطعم من حضرنا ، وتخافنا العرب " .

وكان المسلمون قد وصلوا إلى بدر وعلموا بنجاة القافلة وقدوم جيش المشركين ، فاستشار النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه ، وكان يهمه معرفة رأي الأنصار على وجه الخصوص لأنهم كانوا قد بايعوه على الدفاع عنه داخل المدينة ، ولم يبايعوه على القتال خارجها ، فوقف المقداد بن عمرو من المهاجرين وقال : " يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك , والله لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى : " اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون " , ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ، فو الذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد - مكان باليمن - لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه " ، وقام سعد بن معاذ - زعيم الأوس - فقال : " والله لكأنك تريدنا يا رسول الله ؟ قال : أجل ، قال : فإنا قد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق , وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة لك ، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك ، فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً ، إنا لصبر في الحرب ، صدق عند اللقاء ، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك , فسِر على بركة الله " .

فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - اجتماعهم على القتال بدأ بتنظيم الجيش ، فأعطى اللواء الأبيض مصعب بن عمير , وأعطى رايتين سوداوين لعلي و سعد بن معاذ رضي الله عنهما ، وترك المسلمون مياه بدر وراءهم لئلا يستفيد منها المشركون.

وقبيل المعركة ، أشار - صلى الله عليه وسلم - إلى مكان مصارع جماعة من زعماء قريش ، فما تحرك أحدهم عن موضع يد رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ، وأنزل الله تعالى في هذه الليلة مطراً طهر به المؤمنين وثبت به الأرض تحت أقدامهم ، وجعله وبالاً شديدًا على المشركين .

وقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلته تلك , فكان يصلي إلى شجرة ، فلم يزل يدعو ربه ويتضرع حتى أصبح ، وكان من دعائه : " اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم آت ما وعدتني ، اللهم إنك إن تهلك هذه الفئة لا تعبد بعدها في الأرض " فما زال يهتف بربه حتى سقط رداؤه عن منكبيه ، فأتاه أبوبكر ، فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه ، وقال : يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك " .

وفي صبيحة يوم السابع عشر من رمضان سنة اثنتين للهجرة , رتب صلى الله عليه وسلم الجيش في صفوف كصفوف الصلاة ، وبدأ القتال بين الفريقين بمبارزات فردية ثم كان الهجوم والتحام الصفوف ، وأمد الله المسلمين بمدد من الملائكة قال تعالى : { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ ، وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إلا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ...} ( لأنفال 9 - 10 ) ، ونصر الله رسوله والمؤمنين رغم قلة عددهم وعدتهم .

وكانت نتيجة المعركة مقتل عدد من زعماء المشركين منهم أبو جهل عمرو بن هشام , وأمية بن خلف ، والعاص بن هشام ، وبلغ عدد قتلى المشركين يومئذ سبعين رجلاً , وأسر منهم سبعون , وفر من تبقى من المشركين تاركين غنائم كثيرة في ميدان المعركة , وأقام - صلى الله عليه وسلم - ببدر ثلاثة أيام ، ودَفن شهداء المسلمين فيها , وهم أربعة عشر شهيداً ، وقد تمت مفاداة الأسرى بالمال , فعاتب الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - لقبوله الفداء .

لقد كانت موقعة بدر من المعارك الفاصلة في تاريخ الإسلام , ولذا سماها الله تعالى في كتابه بـ "يوم الفرقان" لأنه فرق بها بين الحق والباطل , وكان لها أعظم الأثر في إعلاء شأن الإسلام وإعزاز المسلمين .





إسلام ويب
__________________

محمد الحبشي غير متصل  
غير مقروءة 03-09-2008, 06:53 AM   #2
محمد الحبشي
قـوس المـطر
 
الصورة الرمزية لـ محمد الحبشي
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
الإقامة: بعيدا عن هنا
المشاركات: 3,527
إفتراضي

عين جالوت 658 هـ



أوائل القرن السابع الهجري وتحديداً سنة 617 هـ اجتاح التتار بلاد الإسلام بقيادة جنكيز خان ، وانطلقوا كالإعصار المدمِّر يغزون القرى والمدن ، ويقتلون النساء والشيوخ ، ويعيثون في الأرض فساداً ، حتى سقطت كبار المدن الإسلامية بالمشرق في أيديهم ، وفعلوا فيها الأعاجيب ، وسفكوا الدماء ، وقتلوا من المسلمين أعداداً لا يحصيهم إلا الله ، ثم تقدموا صوب عاصمة الخلافة وقبلة العلم والحضارة " بغداد " ، فدخلوها بقيادة هولاكو حفيد جنكيز خان ، وأسقطوا الخلافة العباسية ، وقتلوا الخليفة المستعصم بالله وذلك سنة 656 هـ ، وقتلوا بها عدداً كبيراً من المسلمين وصل إلى مليون إنسان ، ودمروا مكتباتها ، وجرى نهر الفرات بلون الدم والمداد من كثرة القتلى والكتب التي ألقيت فيه ، فكانت مصيبة من أعظم المصائب في تاريخ الأمة ، حتى إن كثيراً من المؤرخين لم يستطيعوا أن يصفوا تلك الفترة من تاريخ الإسلام ، من شدة هول وبشاعة ما ارتكبه التتار من الجرائم .

ثم تقدموا إلى بلاد الشام فاستولوا على " حران " و" الرُّها " و" البيرة " وغيرها ، ووصلوا إلى حلب في صفر من سنة 658 هـ فاستولوا عليها بعد حصار شديد ، وفعلوا فيها الأفاعيل ، ثم زحفوا على " دمشق " فاستسلمت في ربيع الأول سنة 658 هـ بعد أن فر حاكمها الناصر يوسف بن أيوب في نفر من أصحابه ، ثم تقدموا حتى وصلوا إلى "نابلس" ، و"الكرك" ، ثم بيت المقدس ، و" غزة" وذلك دون أي مقاومة تذكر ، ثم بدأت أنظارهم تتجه إلى بلاد مصر التي كانت تحت حكم المماليك آنذاك .

وبعدها غادر هولاكو الشام عائداً إلى بلاده بسبب صراع على الحكم جرى بين إخوته ، وولى أمور الجيش قائده كتبغانوين ، وقبل مغادرته كان قد كتب كتاباً إلى حاكم مصر يهدده ويتوعده ويطلب منه تسليم البلاد ، وكان حاكمها هو المنصور بن المعز أيبك الذي كان عمره آنذاك خمسة عشر عاماً ، ولم يكن قادرًا على مواجهة التحديات ، وقيادة الأمة في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها ، مما حدا بسيف الدين قطز إلى خلعه وتولي زمام الأمور مكانه وكان ذلك في سنة 657 هـ .

وفي تلك الفترة وصل إلى مصر الشيخ كمال الدين عمر بن العديم أحد العلماء الأعلام ، وكان قد أرسله الملك الناصر يوسف بن أيوب صاحب دمشق طالباً من قطز النصرة لمواجهة بغي التتار وطغيانهم .

فجمع قطز العلماء والأمراء وقادة الجند وشاورهم فيما عزم عليه من قتال التتار ، وأخْذِ الأموال من الناس لتجهيز الجيش ، وكان من ضمن الحاضرين الشيخ الإمام العز بن عبد السلام فكان مما قاله : " إذا طرق العدو بلاد الإسلام وجب على العالم قتالهم ، وجاز لكم أن تأخذوا من الرعية ما تستعينون به على جهادكم ، بشرط ألا يبقى في بيت المال شيء ، وتبيعوا مالكم من الحوائص - وهي حزام الرجل وحزام الدابة- المذَهَّبة والآلات النفيسة ، ويقتصر كل الجند على مركوبه وسلاحه ، ويتساووا هم والعامة ، وأما أخذ الأموال من العامة ، مع بقايا في أيدي الجند من الأموال والآلات الفاخرة فلا ".

فعقد قطز العزم على قتال التتار ، وكان أول شيء قام به هو قتل رُسُلِ هولاكو وتعليقهم على أبواب القاهرة .

ثم بدأ بتجهيز الجيش وأخذ العدَّة للقتال ، واستدعى بعض أمراء المماليك من الشام ومنهم الأمير بيبرس البندقداري وانضموا إلى جيشه ، فاجتمع له قرابة أربعين ألفًا من الجيوش الشامية والمصرية .

ثم خرج من مصر في شهر رمضان سنة 658 هـ ، فوصل مدينه "غزة" وكانت بها قوات من التتار بقيادة بيدر ، فداهمها واستعاد "غزة " من أيديهم ، وأقام بها يومًا واحدًا ، ثم غادرها شمالاً ، وفي هذه الأثناء بلغ كتبغانوين قائد هولاكو على الشام أن قطز قد خرج لقتاله ، فاستشار أصحابه في ذلك ، فمنهم من رأى أن يتمهل حتى يصل إليه مدد من "هولاكو"، ومنهم من رأى أن يسرع بلقائه فاختار الرأي الأخير .

وكان قطز عند خروجه قد بعث طلائع من قواته بقيادة الأمير ركن الدين بيبرس لمناوشة التتار ، واختبار قوتهم ، فناوشهم حتى التقوا جميعاً عند " عين جالوت " بين " بيسان " و" نابلس " .

وفي يوم الجمعة 25 رمضان سنة 658 هـ ابتدأ القتال بين الجيشين ، وكان التتار يحتلون المرتفعات المُطِلَّة على " عين جالوت " ، فانقضوا على جيش قطز وتغلغلوا حتى اخترقوا الميسرة ، وأحدث ذلك شرخاً في الجيش ، فتقدم قطز بقوات القلب التي كان يقودها واقتحم القتال بنفسه حتى استعاد الجيش توازنه .

وكان قطز قد أخفى قواته الرئيسية في الشعاب والتلال القريبة من"عين جالوت" ليباغت بها العدو ، فلما رأوا اشتداد القتال هجموا على جيش التتار ، و قطز أمامهم يصرخ ويصيح : وا إسلاماه .... وا إسلاماه ، يا الله انصر عبدك قطز "، وهو يشجع أصحابه ويحسّن لهم الموت حتى قتل فرسه من تحته ، وكاد أن يتعرض للقتل لولا أن أسعفه أحد فرسانه فنزل له عن فرسه .

وما هي إلا لحظات حتى انقلبت موازين المعركة لصالح المسلمين ، فارتبكت صفوف العدو ، وشاع أن قائدهم كتبغانوين قد قتل ، ففَتَّ ذلك في عضدهم ، وولوا الأدبار يجرون أذيال الخيبة والهزيمة .

ولما رأى قطز انكسار التتار نزل عن فرسه ، ومرَّغ وجهه بالأرض خضوعاً وتواضعاً لله جل وعلا ثم صلى ركعتين شكرًا لله على هذا النصر المبين .


وهكذا كان شهر رمضان المبارك على موعد مع هذا اليوم الخالد في حياة الأمة ، والذي هزم الله فيه التتار لأول مرة في تاريخهم منذ جنكيز خان ، وتلاشت بعده آمالهم في السيطرة على بلاد المسلمين .



إسلام ويب
__________________

محمد الحبشي غير متصل  
غير مقروءة 05-09-2008, 08:55 AM   #3
محمد الحبشي
قـوس المـطر
 
الصورة الرمزية لـ محمد الحبشي
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
الإقامة: بعيدا عن هنا
المشاركات: 3,527
إفتراضي

معركة الزلاقة 479 هـ



ظلّت الأندلس فترة من الزمان تحت حكم الخلافة الأموية منذ أن فتحها المسلمون في عهد الوليد بن عبد الملك ، وبعد سقوط دولة الأمويين أسس عبد الرحمن الداخل خلافة أموية بالأندلس استمرت قرابة ثلاثة قرون ، ثم انقسمت إلى دويلات وأقاليم صغيرة ، وانفرد كل حاكم بإقليم منها ، فيما عرف بعد ذلك بعصر ملوك الطوائف ، وانشغل الحكام بعضهم ببعض ، واشتعلت بينهم النزاعات والخلافات ، مما أغرى بهم عدوّهم من الأسبان النصارى الذين كانوا يتربصون بهم الدوائر .

فسقطت طليطلة التي كان يحكمها بنو ذي النون في يد ألفونسو النصراني ملك "قشتالة" ، بعد أن خذلها ملوك الطوائف ولم يهبّوا لنصرتها بسبب خوفهم من ألفونسو ، وبسبب المعاهدات التي أبرموها معه ، حتى وصل الحال ببعضهم إلى أن يدفع له الجزية، مقابل أن يكف اليد عنه وعن بلاده .

وفي الوقت الذي كان فيه ملوك الطوائف منقسمون على أنفسهم ، يتآمر كل واحد منهم ضد الآخر ، ويستعين بالنصارى ضد إخوانه من أجل الحفاظ على ملكه وسلطانه ، كان النصارى قد بدؤوا في توحيد صفوفهم والاجتماع على كلمة سواء ، من أجل هدف واحد وهو القضاء على الوجود الإسلامي في بلاد الأندلس .

وبعد استيلاء ألفونسو على " طليطلة " أصبح مجاوراً لمملكة "إشبيلة " التي كان يحكمها المعتمد بن عباد ، فبالغ في إذلاله وإهانته ، حتى إنه أرسل إليه يهودياً ليأخذ منه الجزية ، فرفض تسلُّمها بحجة أنها من عيار ناقص ، وهدَّد بأنه إذا لم يقدم له المال من عيار حسن فسوف تُحتل مدائن " إشبيلية " ، فضاق المعتمد ذرعاً باليهودي وأمر بصلبه وسجن أصحابه ، وبلغ الخبر ألفونسو فازداد حنقاً وغيظاً على المعتمد ، وبعث جنوده للانتقام والقيام بعمليات السلب والنهب ، وأغار هو على حدود " إشبيلية" وحاصرها ثلاثة أيام ثم تركها ، وفي أثناء ذلك أرسل له رسالة يتهكم فيها ويقول فيها: " كَثُرَ - بطول مقامي - في مجلسي الذباب ، واشتدَّ عليّ الحرّ ، فأتْحِفْني من قصرك بمروحة أُروِّح بها عن نفسي وأطرد بها الذباب عن وجهي" ، فأخذ المعتمد الرسالة وكتب على ظهرها: "قرأت كتابك ، وفهمت خُيلاءك وإعجابك ، وسأنظر لك في مراوِح من الجلود اللمطية تُروِّح منك لا تروح عليك إن شاء الله تعالى" فارتاع لذلك وفهم مقصود الرسالة .

وكان المعتمد قد عزم على الاستعانة بدولة المرابطين وأميرها يوسف بن تاشفين لمواجهة ألفونسو، فاجتمع بأمراء الطوائف وعرض عليهم الأمر ، ولكنهم أبدوا تخوفهم من أن يسيطر ابن تاشفين على بلاده وينفرد بالسلطان دونه ، فقالوا له : " المُلْك عقيم ، والسيفان لا يجتمعان في غِمْد واحد " ، وقال له ولده : " يا أبت أتُدخِل علينا في أندلسنا من يسلبنا ملكنا ، ويبدّد شملنا " ، فقال المعتمد : " أي بني والله لا يسمع عني أبدًا أني أعدت الأندلس دار كفر ولا تركتها للنصارى فتقوم اللعنة عليّ في الإسلام مثلما قامت على غيري " ، وقال : "يا قوم إني من أمري على حالتين : حالة يقين وحالة شك ولا بد لي من إحداهما ، أما حالة الشك : فإني إن استندت إلى ابن تاشفين أو إلى الأذفونش فيمكن أن يفي لي ويبقى على وفائه ، ويمكن ألا يفعل ، فهذه حالة شك ، وأما حالة اليقين : فإني إن استندت إلى ابن تاشفين فأنا أرضي الله ، وإن استندت إلى الأذفونش أسخطت الله تعالى ، فإذا كانت حالة الشك فيها عارضة فلأي شيء أدع ما يرضي الله وآتي ما يسخطه ؟! " ثم قال كلمته المشهورة التي سجلها التاريخ : " رعي الجمال عندي- والله- خير من رعي الخنازير" .

فأجاب ابن تاشفين النداء وقال : " أنا أول منتدِب لنصرة هذا الدين" ، وعبر البحر في جيش عظيم ، ولما علم ألفونسو بتحرك ابن تاشفين كتب إليه يهدّده ويتوعّده ، فورد عليه ابن تاشفين بقوله : "الذي يكون ستراه " .

فلما عاد الكتاب إلى ألفونسو ارتاع لكلامه ، فزاد استعداداً وتأهّباً ، حتى رأى في منامه كأنه راكبٌ فيل ، وبين يديه طبلٌ صغير ، وهو ينقر فيه ، فقصّ رؤياه على القسيسين ، فلم يعرف تأويلها أحد ، فأحضر رجلاً مسلماً ، عالماً بتعبير الرؤيا ، فقصّها عليه ، فاستعفاه من تعبيرها ، فلم يعفه ، فقال :" تأويل هذه الرؤيا من كتاب الله العزيز ، وهو قوله تعالى : { ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل } ، وقوله تعالى : { فإذا نقر في الناقور ، فذلك يومئذ يوم عسير ، على الكافرين غير يسير } ، ويقتضي هلاك هذا الجيش الذي تجمعه " .

ولبث ابن تاشفين في " إشبيلية " ثمانية أيام يرتّب القوات ويعدّ العدّة ، وكان مكثراً من التعبّد والصيام والقيام وأعمال البر ، ثم غادر " إشبيلية " إلى " بطليوس ".
وكان ألفونسو في أثناء ذلك مشغولاً بقتال ابن هود أمير " سرقسطة " ، فلما بلغه الخبر استنفر الصغير والكبير للقتال ، ولم يدع أحداً في أقاصي مملكته يقدر على القتال إلا استنهضه ، وتجمع النصارى من شمالي إسبانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا ، معهم القسس والرهبان يحرضونهم على القتال .

فلما اجتمع جيشه رأى كثرته فأعجبته ، فأحضر ذلك المعبّر ، وقال له : " بهذا الجيش ألقى إله محمد ، صاحب كتابكم " ، فانصرف المعبّر ، وقال لبعض المسلمين : هذا الملك هالك وكل من معه ، وذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث مهلكات .. وفيه : وإعجاب المرء بنفسه ) .

ثم كان التقاء الفريقان في سهل " الزلاقة " بالقرب من " بطليوس " ، وكان جيش المسلمين ثمانيةً وأربعين ألفاً نصفهم من الأندلسيين ونصفهم من المرابطين ، وجيش ألفونسو مائةُ ألف من المشاة ، وثمانون ألفاً من الفرسان .

ولبث الجيشان ثلاثة أيام ، تبادل الفريقان فيها الرسائل فكتب ابن تاشفين إلى ألفونسو يدعوه إلى الإسلام أو الجزية أو القتال ، فاختار القتال ، وكتب إليه ألفونسو يقول له : " الجمعة لكم ، والسبت لليهود وهم وزراؤنا وكتابنا وأكثر خدم العسكر منهم فلا غنى لنا عنهم ، والأحد لنا ، فإذا كان يوم الاثنين كان ما نريده من الزحف " ، وقصد بذلك مباغتة المسلمين والغدر بهم ، ولكن الله لم يتم له ما أراد .

فلما كان يوم الجمعة في العشر الأول من رمضان سنة 479 هـ تأهّب المسلمون لصلاة الجمعة ، وخرج ابن تاشفين هو وأصحابه في ثياب الزينة للصلاة ، أما المعتمد فقد أخذ بالحزم خشية غدر الرجل ، فركب هو أصحابه مسلحين وقال لأمير المسلمين ابن تاشفين : " صلِّ في أًصحابك ، وأنا من ورائكم وما أظن هذا الخنزير إلا قد أضمر الفتك بالمسلمين " ، فأخذوا في الصلاة فلما عقدوا الركعة الأولى ثارت في وجوههم الخيل من جهة النصارى ، وحمل ألفونسو لعنه الله في أصحابه يظنّ أنه انتهز الفرصة ، وإذا بالمعتمد وأصحابه من وراء الناس يصدّون هجوم النصارى ، وأخذ المرابطون سلاحهم وركبوا خيولهم ، واختلط الفريقان ، وأظهر المعتمد وأصحابه من الصبر والثبات وحسن البلاء الشيء العظيم ، فقاتل بنفسه في مقدّمة الصفوف ، وأُثخن بالجراح ، وهلك تحته ثلاثة أفراس كلما هلك جواد قدموا له غيره ، وقاتل المسلمون قتال من يطلب الشهادة ويتمنى الموت ، حتى هزم الله العدو ، وأتبعهم المسلمون يقتلونهم في كل اتجاه ، ونجا ألفونسو في نفر من أصحابه عند حلول الظلام ، بعد أن أصابته طعنة في فخذه .

فهزمه الله شر هزيمة وأعز جنده المؤمنين في هذه المعركة ، وكُتبت للأندلس بسببها حياة جديدة امتدت أربعة قرون أخرى ، بعد أن كانت على موعد مع الفناء والاستئصال
.
__________________

محمد الحبشي غير متصل  
غير مقروءة 02-08-2009, 10:44 PM   #4
المشرف العام
" الأصالة هي عنواننا "
 
الصورة الرمزية لـ المشرف العام
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2000
المشاركات: 1,163
إفتراضي

بارك الله اخي محمد ولا حرمت الاجر العظيم
المشرف العام غير متصل  
غير مقروءة 02-08-2009, 11:35 PM   #5
الجنرال 2009
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2009
المشاركات: 1,590
إرسال رسالة عبر MSN إلى الجنرال 2009
إفتراضي

بارك اله فيك الاخ الكريم

ذكرى معركة بدر ذكرى عظيمه لأول انتصار حققه المسلمين ضد الشرك وأهله ..

ولكن دعنا نقف بخواطرنا مع هذه الذكرى ونربطها بواقع مانعيشه اليوم ..

وكيف نستطيع ان نجعل من معركة بدر دافع لإستعادة مافقد ناه من أسباب النصر ..

وقال المقداد بن الأسود : إذن لا نقول كما قال قوم موسى لموسى : ( فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ) ولكن نقاتل من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك . فأشرق وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما سمع منهم
اشرق وجه الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه لإنقيادهم ونصرهم له صلوات ربي وسلامه عليه..

وفي زمننا كيف نستطيع ان نشرق وجه الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه ؟؟


نحن اليوم لانملك سوى سنته صلوات ربي وسلامه عليه علينا أن نحييها في انفسنا وأُُسرِنا وجميع حياتنا علَنا نسعد باشراقة وجهه صلوات ربي وسلامه وفرحه بنا وندخل في دائرة من أحيا سنتي عند فساد أمتى فله أجر شهيد .. وتكون انطلاقه لنا لتحقيق النصر ..

دعونا ندعوا جميعاً ( اللهم أحي بنا سنة حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم وأرفع ذكرنا في الآفاق) ..

فلما طلع المشركون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم هذه قريش جاءت بخيلائها وفخرها جاءت تحادك وتكذب رسولك . اللهم فنصرك الذي وعدتني . اللهم أحنهم الغداة وقام ورفع يديه واستنصر ربه وبالغ في التضرع ورفع يديه حتى سقط رداؤه . وقال اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك . اللهم إن تهلك هذه العصابة لن تعبد في الأرض بعد .

فالتزمه أبو بكر الصديق من ورائه وقال حسبك مناشدتك ربك يا رسول الله . أبشر فوالذي نفسي بيده لينجزن الله لك ما وعدك . واستنصر المسلمون الله واستغاثوه . فأوحى الله إلى الملائكة ( أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ) وأوحى الله إلى رسوله : ( أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين ) بكسر الدال وفتحها . قيل إردافا لكم . وقيل يردف بعضهم بعضا لم يجيئوا دفعة واحدة .
الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه كان يناشد ربه ويلح بالدعاء ، وهومن حبيب الرحمن وخليله ..

هل استشعرنا في انفسنا ونحن ندعوا حال الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه في دعائه "حتىإلتزمه أبو بكر الصديق من ورائه وقال حسبك مناشدتك ربك يا رسول الله" ؟؟

ما هو حالنا مع الدعاء وصدق التوجه للمولى عزوجل ؟؟

هل توجهنا بصدق ودعونا بإلحاح في هذا الشهر الكريم وتعنينا أوقات الإجابه ودعونا لإخواننا في فلسطين والعراق و........... ؟؟



واستنصر المسلمون الله واستغاثوه . فأوحى الله إلى الملائكة ( أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ) وأوحى الله إلى رسوله : ( أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين ) بكسر الدال وفتحها . قيل إردافا لكم . وقيل يردف بعضهم بعضا لم يجيئوا دفعة واحدة .

الإعتماد الروحي الذي كان يملكه مجاهدي معركة بدر فكان الإمداد والمعيه الربانيه لهم ، رغم قلة عددهم وعدتهم ..

واليوم نعاني من الفراغ الروحي بتعلقنا بالماديات ، وركوننا للدنيا والهوى .. فكان السبب في تأخير النصر .. وتحقق فينا قول الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه : غثاء كغثاء السيل ..

نأمل ان لاتكون معركة بدر مجرد ذكرى سطرت في سجل بطولات تاريخنا..


..

__________________


الجنرال 2009 غير متصل  
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .