الحكام العرب، ظاهرة طبيعية جدا

[ابن حوران]

الحكام العرب ظاهرة طبيعية جدا

يقال: أن المصلحين الاجتماعيين يكونون على مسافة قريبة جدا من البيئة التي يعيشون فيها، فلم يكن يُعقل أن يفكر الإنسان الأول في النظرية النسبية، ولم يكن بعد قد اكتشف التفاضل والتكامل أو حتى اللوغريتمات. والعلوم الإنسانية كالعلوم الطبيعية يلحق الاكتشاف ما سبقه من اكتشاف، ويواصل العلماء البحوث فيما انتهى إليه زملائهم أو أساتذتهم.

في تعايش الكائنات الحية في بيئتها، تسمح بعض العوامل أن تعيش بعض تلك الكائنات بجو مريح جدا، فضعف المناعة والقذارة تؤدي الى التهاب اللوز، والتهاب اللوز يؤدي للمس بغشاء التامور وهذا سيصيب عضلة القلب بالروماتيزم. فلو لم يتهاون الإنسان بنظافة جسمه لما التهبت لوزه، ولما أصيب قلبه. فهو في الحقيقة قد وجه دعوة غير مكتوبة للميكروبات أن تسكن في جسمه وتأخذ راحتها.

لو راقبنا سلوك المواطنين في التعامل مع رجال حكوماتهم، لاكتشفنا مدى الظلم الذي يلحقه الناس بحكامهم عندما يتهمونهم بالتقصير وعدم الكفاءة والفساد.

يتجمع الناس لإيصال مندوبيهم الذين سيمثلونهم بسن القوانين في مجالس النواب، ويكون ما يحركهم في نشاطهم، إما التفاف عشائري، أو التفاف طائفي، أو نكاية بآخرين، ونادرا ما يقف الناخب عند قدرة المرشحين على سن القوانين أو حتى فهمها وفهم العلاقات الإنتاجية التي تتعامل معها تلك القوانين.

تخرج فئات الشعب المختلفة من كبار مثقفيها، الى عامة الناس لترفع أسمى آيات المباركة في تعيين قريب أو صديق أو ابن منطقة وزيرا أو مسئولا، وبغض النظر عن كفاءته أو عدمها. وهو سلوك يوحي برضا عام من الشعب باختيار رجال (أو نساء) حكوماته.

يبقى المواطن يراهن أنه قد يستفيد من الحكومة حتى حلها وتغييرها، فلا يحاول أن يُنكد عليها، حتى لا تضيع فرصته في الاستفادة من تلطفها في مساعدته، حتى لو كان لا يحتاج تلك المساعدة.

تبقى الفئات التي تنتقد حكوماتها، قليلة، وشاذة ومستهجنة في بلداننا العربية، ويستنكف الناس عن إقامة علاقات طبيعية معها. فيدب بها الجنون والحنق، فتستحق عندها أن تكون معزولة ومستهجنة.

إذن فظاهرة الحكومات العربية ظاهرة طبيعية جدا..