العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السيـاسية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: زراعة القلوب العضلية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: غزة والاستعداد للحرب القادمة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال حديقة الديناصورات بين الحقيقة والخيال (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في مقال ثلث البشر سيعيشون قريبا في عالم البعد الخامس (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نقد مقال بوابات الجحيم التي فتحت فوق سيبيريا عام 1908 لغز الانفجار الكبير (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الغرق فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال أمطار غريبة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى بحث النسبية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: حديث عن المخدرات الرقمية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال الكايميرا اثنين في واحد (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 02-12-2010, 11:02 AM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي عودة تركيا الى الشرق: الاتجاهات الجديدة للسياسة التركية

عودة تركيا الى الشرق:
الاتجاهات الجديدة للسياسة التركية

(بيروت: الدار العربية للعلوم ـ ناشرون) 2010؛ 151 صفحة.

الكتاب: من تأليف ميشال نوفل
عرض: عفيف عثمان/ أستاذ الفلسفة في الجامعة اللبنانية

كي لا تحملنا الحماسة فقط على التصفيق للناصر الجديد، رجب طيب أردوغان، يدعونا الباحث اللبناني ميشال نوفل، ذو الباع الطويل في الجيوبوليتيك، في كتابه الى تعقل واستكناه الدور التركي والنوابض التي تحركه في الطور الراهن من تاريخ الشرق الأوسط.

(1)

ظهر المنعطف التاريخي في عالم تركيا الكمالية سنة 1980، وارتبط بما يسميه نوفل (التحول الاستراتيجي)، الذي عنى تبدلاً في مفهوم التصنيع، وفي ترتيب جديد لبيت السلطة، وفي رؤية اقتصادية للعلاقات الدولية، نجم عنها نجاح نسبي في ارتفاع الصادرات والتحكم في مشكلة الديون. لكن بقي هاجس الانتماء الى الدائرة الغربية مُلِّحاً عند النخب المدنية والعسكرية الممسكة بمقاليد السلطة، وبها توقٌ الى الاستفادة من المغانم التجارية التي يعِد بها الالتحاق بالركب الأوروبي.

وإذا كانت نهاية الحرب الباردة بين القطبين الجبارين قد أشرت الى ضعف النفوذ التركي، فإن الحوادث المتلاحقة في منطقة الشرق الأوسط اللاهب أعادت فاعلية (الدور) الى (أنقرة)؛ فمن جهة غزو العراق للكويت سنة 1990، ومن جهة أخرى، ونتيجة تفكك الاتحاد السوفييتي، برز عالم تركي كان محجوباً عن الرؤية التاريخية (وِفقاً بعبارة نوفل)، حيث تعيش شعوب تملك جذور وروابط مع أتراك الأناضول، الأمر الذي شكل حالة (جيو إستراتيجية) متنامية، مع ملاحظة أن التبدل في النظرة الى أتراك الخارج بدأت إبان الأزمة القبرصية سنة 1974، وتتابعت مع الدمج القسري لأتراك بلغاريا سنة 1985، وهو ما أعاد الى الصدارة مشروع (جامعة الشعوب التركية) التي تقول بالعودة الى الجذور التاريخية في آسيا الوسطى.

والحال، يرى نوفل أن هذا الوضع المستجد وفَّر لتركيا فرصة بناء مجال جديد للنفوذ، وأعطى جرعة من المعنويات للشعب التركي الخائب الأمل من مسألة رفض المجموعة الأوروبية انضمام (أنقرة) إليها. ومن مطلع سنة 1992، أخذت السياسة الخارجية التركية اتجاهات جديدة جعلت منها المُدافع والحامل لقضية الدول المستقلة حديثاً عن الإمبراطورية السوفييتية في المحافل الدولية، ومن عواقب ذلك حصول الجمهوريات الجديدة على عضوية (مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا).

بيد أن هذا النفوذ الجيو إستراتيجي يتساكن أو (يتجاوز ويتنافس) مع المصالح الروسية والإيرانية في المنطقة، وعلى ضفاف بحر قزوين. ولا يغرب عن بال الباحث اللبناني أن يشير الى دور طبقة برجوازية الأعمال في هذا الاندفاع نحو آسيا الوسطى، وتقاطعه مع الحاجة الأمريكية الى (وسيط) ومع الحاجة الأوروبية الى (حلقة وصل).

(2)

وفي موازاة هذا الصعود في مجال يمتد من البلقان الى الأناضول والقوقاز وآسيا الوسطى، برزت المشكلة الكردية الداخلية المُزمنة، وأخذت بُعداً عالميا، وازدادت تعقيداً بفعل احتداد النزعة القومية التركية، حاضنة الدولة الواحدة التي لا تقر بحقوق الأقليات، وذلك في مقابل نزعة تدفع بأنقرة الى الاستجابة للشروط العالمية في ما خص حقوق الإنسان، بغية نيل رضا المجلس الأوروبي.

ومن تداعيات تفكك الاتحاد السوفييتي أيضاً النزاع بين أرمينيا وأذربيجان حول منطقة (قراباخ). ومراودة تركيا نفسها بمعاودة (سياسة عثمانية) جديدة تجعل منها مرجعاً لمسلمي البلقان وقطباً في سياسة المحاور في المنطقة، ولا سيما في مواجهة اليونان. ويرى نوفل أن إحياء الأسلوب العثماني في إدارة العلاقات الخارجية إنما أتى من (باب تأمين دوائر النفوذ وليس التوسع بالمفهوم الإمبريالي)، على مثال دور متوازن بين أذربيجان وأرمينيا يمنحها صدقية في منطقة القوقاز، بمعنى إفادة تركيا من (تاريخها العثماني وموقعها الجغرافي المحوري) لهندسة النظرية السياسية للدولة، ما يحررها من إرث شروط تأسيس الجمهورية.

بيد أن ترجمة النفوذ ميدانياً تتحكم فيه شروط خاصة تعطي الأولوية لمن شاركوا في التجربة العثمانية، ونطقوا اللغة التركية. لذا، فإن العودة الى المشهد في آسيا الوسطى جاء على قاعدة مشروع (التوليف التركي الإسلامي) وهو رؤية للتاريخ تختلط فيها الكمالية بالقومية والإسلام.

ويُعَّد المؤرخ إبراهيم قفص أوغلو من أبرز الشخصيات الناشطة في الترويج لهذه الفكروية، وخطابها المُنتج (قومي)، ولكنه يأخذ الإسلام مرجعية قيمية له، ويجد جذره في الحركات والنزعات الدينية التي ناظرت التيارات السياسية الأخرى. وأتى إنشاء (بيت المثقفين) سنة 1970 على يد (أوغلو) بمثابة مدماك لقيام حركة تركن الى العقيدة، ومؤسسة تلقي (نظرة باردة على الأحداث والمشاكل)، وتتوقع حلولاً، وتَجْدِل عنصري الفكر التركي: القومي والديني.

وقد كرَّس الانقلاب العسكري سنة 1980 (مكانة الدين في المجتمع)، فجعل تعليمه إلزامياً في المدارس، وأطلق حرية انتشار مدارس (إمام ـ خطيب) الدينية. وأعلن رئيس الدولة آنذاك (الجنرال كنعان إفرين)، أن الدين الإسلامي توحيدي بما يكفي لنا للسماح بتجاوز صعوباتنا المقبلة. وبفضل هذه السياسة ارتفع عدد التلاميذ في مدارس (إمام ـ خطيب) بنسبة 65% بين عامي 1980، و1984.

يُفسر (نوفل) سياسة الجنرالات هذه، بأنهم بحاجة الى كابح اجتماعي يشكل جزءاً من ثقافة وطنية مُتبعة. وبدءاً من سنة 1986، جرى وصفها بأنها وليدة من مصدرين: ثقافة السهوب والدين الإسلامي. وقد جاء في تقرير صادر عن (مؤسسة أتاتورك العليا للثقافة واللغة والتاريخ)، عقب جمعيتها العمومية العاشرة (حزيران/يونيو 1986)، ما يأتي: (إن تركيا هي المؤسسة والممثلة لحضارات السهوب، والحضارة الإسلامية، والتوليف بينهما. ولقد تولت طوال قرون القيادة والمسئولية عن هذه الحضارات قبل عصر الأنوار، وعرفت حضارة الأناضول وعرَّفت عنها. ولقد اعتمدت على الأقل أساساً لكثيرٍ من الحضارات، مثل حضارات الصين ومصر والهند وبلاد ما بين النهرين.

وساهم التوليف، بحسب البروفيسور (إيلهان تيكيلي Ilhan Tekeli )، في الدفاع عن الثقافة الوطنية و(إعادة الحياة لها) بوصفها موحدة لأفراد المجتمع، ويُفترض أن تنشرها الدولة بصورة منظمة، وتُعطي الأولوية للأمة والدولة. ويرى (تيكيلي) أن المشكلة الوحيدة التي عرفتها الأمة التركية في شأن الحرية كانت حرية العيش في ثقافتها الخاصة.

غير أن مرجعية الكمالية حاضرة وواضحة في كونها أساس النظام الفكري، الذي تقوم عليه الجمهورية التركية، وهو ما يدفع الباحث الى القول إن أتاتورك وشخصيته في تركيا (من الرموز الراسخة في وقتٍ يجري بناء أيديولوجية أخرى استناداً الى التوليف التركي ـ الإسلامي).

ويؤكد هذا النزوع الفكري كون أنقرة قوة إقليمية تحمل على عاتقها إرث (المنطقة الوسيطة) الممتدة من شمال إفريقيا الى تخوم الصين، الأمر الذي يعني حكماً العودة الى التقارب مع العرب وقضاياهم.

يتبع

المصدر: المجلة العربية للعلوم السياسية/ العدد 28/ خريف 2010 والصادرة عن مركز دراسات الوحدة العربية ـ بيروت.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-12-2010, 02:47 PM   #2
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

(3)

كان وصول حزب الرفاه الإسلامي الى السلطة (1996ـ1997) في إطار اللعبة البرلمانية تعبيراً عن نجاح فكرة التوليفة، وتمثيلاً للقاعدة الاجتماعية المحرومة والمهمشة بفعل الإصلاحات الأتاتوركية العلمانية (الفوقية). وقد استفاد الحزب في أطواره المتعددة في سنوات الديمقراطية البرلمانية من حركة الإحياء الإسلامي، التي عرفت مؤلفات (سيد قطب) و(المودودي) و(حسن البنا) و(علي شريعتي) وأعمال الإمام الخميني ومطهري وبهشتي، الأمر الذي شكل (حالة إسلامية) شملت التقليديين والطرق الصوفية.

وهذه الحالة، كما يفسرها نوفل، لا تعادل أصولية ما أو ارتداداً على التحديث، بل هي جزء من حل يساهم (في علاج مشكلة الهوية والأمن الكياني للأفراد). وحملت النخب الإسلامية البارزة، وهي بنت النظام العلماني، شعار (الأسلمة من تحت)، وهدفت الى اكتساب (الشرعية القانونية).

ويقدر الباحث أن تركيا مدينة لإصلاحات (تورغوت أوزال) في إرساء قواعد سياستها، وفي مقدمة ذلك الديمقراطية واعتماد السوق الحرة وسياسة التصدير، وهو ما انعكس أيضاً على صوغ السياسة الخارجية، وولد فئة جديدة من رجال السياسة والمقاولين الاقتصاديين.

وعلى هذا النحو، عرفت تركيا في التسعينيات من القرن الماضي (أشكالاً جديدة من الحداثة والديمقراطية حققت التوليف بين القيم الليبرالية لاقتصاد السوق والدين الإسلامي). وفي مواجهة الليبرالية المتوحشة وتبعاتها، (تولى النصاب الديني ملء الفراغ وتأمين مظلة اجتماعية توازن تفتت السياسي)، بحسب عبارات نوفل.

وفي سياق من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، شدد حزب الرفاه على مسائل العدالة ومحاربة البطالة والفساد الحكومي. وأثمرت حملاته وشعاراته مقاعد في الانتخابات البلدية والانتخابات النيابية في كانون الأول/ديسمبر 1995، إذ نال 21.35 بالمئة من الأصوات. ولم يسلم العسكر تماماً بنتائج صناديق الاقتراع، بل راحوا يهولون بخطر الإسلاميين، وينظمون الحملات المعادية لهم في وسائط الإعلام وفي الشارع.

واستخدمت مقررات اجتماع (مجلس الأمن القومي) في 28/2/1997 للضغط على نجم الدين أربكان، زعيم الحزب، الذي سرعان ما رضخ وأعلنت حكومته استقالتها في 11/6/1997. ومن ثم قررت المحكمة الدستورية في 16/1/1998 عدم شرعية حزب الرفاه. وخرج من رحم ذلك الحزب كل من حزب (السعادة) [تقليدي] وحزب العدالة والتنمية [تجديدي]، الذي يصفه الكاتب بأنه حزب (ديمقراطي محافظ) إسلامي ولكنه لا يحبذ الانفصال عن حركة الرأسمالية المعولمة، ويتمتع بقاعدة قوية وسط الأناضول وأكثرية ناخبة من الأرياف، وهو يصور نفسه بأنه (حزب الفقراء والمحرومين)، و (حامل لواء العدل)، ويستقطب الفئات الليبرالية بوصفه (حزب المبادرة الحرة).

وفي المجمل، يحتل حزب العدالة والتنمية مركز الوسط السياسي، كما يقول نوفل، وقد استفاد من سقوط الطبقة السياسية التقليدية. لكن، وبعيداً عن الشعارات، ماذا يريد هذا الحزب حقيقة؟ وبعبارة أخرى ما حقيقة (الإسلام السياسي) الجديد الذي ينادي به؟

وللإحاطة بالجواب يدعونا نوفل الى الأخذ في الحسبان تجربة (الرفاه) بقيادة أربكان في السلطة واصطدامه بالمؤسسة العسكرية، وهو ما دعا أردوغان الى أخذ العبر واعتماد مقاربة أخرى لمسائل الديمقراطية والعلمنة وحقوق الإنسان، وتبني (الديمقراطية الليبرالية) تشبهاً ببعض الأحزاب الغربية، ووضع الانضمام الى الاتحاد الأوروبي هدفاً، وكانت الخلاصة نمطاً من (إسلام ديمقراطي) ويبقى التحدي، في نظر نوفل، المضي في مسار الإصلاحات والتزام الديمقراطية وإرساء حل سياسي للقضية الكردية.

(4)

أتى الغزو الأمريكي للعراق سنة 2003 بمثابة اختبار لتوجهات السياسة الخارجية التركية؛ إذ رفضت أنقرة التجاوب مع خطط البنتاجون، الأمر الذي أثلج صدور الأتراك الذين لا يرغبون في نكء جروح الماضي المؤلم مع العرب، ولو كان ثمن ذلك اضطراب العلاقة مع واشنطن. لكن، مع الوقت سادت (روح جديدة من الواقعية) في التعاطي، تقوم، كما يقول الباحث، على العوامل الدبلوماسية والاقتصادية وترتكز على:

حوار مع دول جوار العراق، والتخلي عن (المقاربة الأمنية)، وتبني إستراتيجية تنشد التوازن وتنسج علاقات ودية مع أطراف وشخصيات عراقية بما فيها بعض الأحزاب الكردية، كما الابتعاد قدر الإمكان عن المقاربة (الإثنية) لقضية تركمان العراق.

والحال، وعلى خلاف الكمالية التي أدارت ظهرها للشرق الأوسط مصدر المشاكل، أعاد حزب العدالة والتنمية توجيه السياسة الخارجية بحيث تكون أنقرة طرفاً مؤثراً ونافذاً؛ ففي المسألة الفلسطينية، أُدينت إسرائيل واُتهِمَت بممارسة (إرهاب الدولة)، وتلاقى الموقف الشعبي مع الموقف الحكومي في التعبير عن الغضب من موقف الكيان العنصري.

وفي الملف النووي الإيراني، تبنت تركيا مقاربة مستقلة رغبت من خلالها (الحفاظ على روابط ثنائية مستقرة ومتوازنة) مع الجار الفارسي، ولا سيما أن الطرفين متخوفان من التأثير الكُردي المتعاظم. وسعت لتؤدي دور الوسيط في تقريب الرؤى بين طهران والغرب. وكذلك نجحت حكومة أردوغان في تطبيع العلاقة مع سوريا ونقلها لمستوى إستراتيجي يمزج بين الأمن والمصلحة، ويرى في دمشق بوابة الوطن العربي.

وما زلنا نذكر تنديد تركيا بالحرب الإسرائيلية على لبنان سنة 2006، ومشاركتها في قوات (اليونيفيل) بموجب القرار الأممي 1701.

ترتبط هذه (العثمانية الجديدة) بنظرية (العمق الإستراتيجي)، التي وضعها أحمد داود أُغلو، وزير خارجية تركيا الحالي وكبير مستشاري أردوغان سابقاً، الذي رأى أن تركيا ركزت كثيراً على أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية بحيث أهملت مصالحها الأخرى. وبحسب نوفل، فإن مقاربة حزب العدالة والتنمية تنزع الى (التصالح مع إرث تركيا الإسلامي والعثماني في الداخل كما في الخارج)، وهو ما يتطلب النظر الى أنقرة كقوة إقليمية (محورية) قادرة على تأدية دور فاعل في المنطقة.

وتتمسك (العثمانية الجديدة) أيضاً بالانفتاح على الغرب كما كان حال عاصمة الدولة في العهد الإمبراطوري. وهذا التحول والانفتاح يسمحان، في نظر الباحث، بقبول (الحقوق الثقافية للأكراد) وإشهار هويتهم القومية، كما أنهما يتيحان للإسلام المساهمة في بناء الهوية المشتركة للأتراك.

(5)

يشير نوفل الى تغير مهم طاول خريطة الشرق الأوسط منذ سنة 2003، وهو اكتساب الأطراف الإقليمية قوة ونفوذاً لا بد من أخذهما في الاعتبار، ولا سيما قوة ونفوذ تركيا بتوجهاتها الخارجية الجديدة وعقيدتها (العثمانية) المطورة، وقوة ونفوذ إيران ذات الذراع النووية. ومن آثار ذلك اضطلاع أنقرة بدور الوسيط بين دمشق وتل أبيب منذ سنة 2004 وبدبلوماسية دينامية في أرجاء المنطقة، وبتأييد لأطفال الحجارة وإدانة لإسرائيل في حربها على غزة، وذلك في مناخ من التراجع الأمريكي، وافتقاد الصدقية، والضعف الأوروبي، والعجز الروسي.

وتدرك الرؤية الإستراتيجية التركية (ضرورة استقرار الأمن في العالم، ولا سيما في مجال الطاقة). ولهذا الغرض تسعى تركيا الى المساهمة في إقرار السلام اعتماداً على مكوناتٍ ثلاثة: سياسي وثقافي واقتصادي؛ فسياسياً، نشطت تركيا في القيام بدور (الوسيط) لتقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع، وأنشأت منتديات للحوار، منها (المنتدى التركي ـ العربي).

وثقافياً، أطلقت، وهي المتعددة القومية و الإثنية،(مشروع تحالف الحضارات) في سنة 2005، بهدف (تعزيز ضمان حقوق الإنسان والحريات، التي هي قواسم مشتركة بين الحضارات، سعياً الى عالمٍ أفضل). وعملت اقتصادياً على التعاون وعقد الاتفاقات، وصولاً الى أكبر قدر من التكامل، توافقاً مع نظرية لأحمد داود أغلو تسعى الى (صفر من المشاكل مع الجوار).

وقد وجد ذلك كله ترجمته في علاقات طيبة مع العرب، وعلاقات باردة، بل ومتوترة في أحيان كثيرة، مع الكيان الصهيوني. وفي المحصلة، تبدو تركيا بقيادة حزب العدالة والتنمية مهيأة أكثر من غيرها لتساعد في حل أزمات منطقة الشرق الأوسط ومشاكلها الساخنة.

يُشار أخيراً الى أن الكتاب، على أهميته وغناه، يفتقد فصلاً سادساً يروي العلاقة التركية ـ الإسرائيلية ومستقبلها في ضوء التحولات ومبدأي التوليف و (العثمانية الجديدة).

انتهى

المصدر: المجلة العربية للعلوم السياسية/ العدد 28/ خريف 2010 والصادرة عن مركز دراسات الوحدة العربية ـ بيروت. (الصفحات من 157ـ162).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .