العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السيـاسية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال فسيولوجية السمو الروحي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى توهم فريجولي .. الواحد يساوي الجميع (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 140 عام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى بحث مطر حسب الطلب (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مثال متلازمة ستوكهولم حينما تعشق الضحية جلادها (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال مستعمرات في الفضاء (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال كيفية رؤية المخلوقات للعالم من حولها؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال حوار مع شيخ العرفاء الأكبر (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 14-08-2009, 12:36 AM   #1
محى الدين
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2007
الإقامة: إبن الاسلام - مصر
المشاركات: 3,172
إفتراضي لماذا تقتل يازيد ؟

على المقهى يدخن الرواد «النرجيلة» ويستمعون بسعادة، وإنصات، إلى سيرة عنترة. يمزج الحكَّاء بين أحداث السيرة بأحداثها المثيرة و«النكات»، وكلما تزايدت أصوات ضحكات الرواد يطرق الحكَّاء طرقات حاسمة بسيفه على المنضدة، هذه الطرقات أقرب إلى طرقات القاضى على المنصة لتصمت قاعة المحكمة.. فى هذا المجلس الدمشقى يجلس مؤلف الكتاب، المندمج فى أجواء حكى السيرة، وسعادة الرواد بها، مكتفياً بالمشاهدة، لأنه لا يعرف العربية، ويفكر أن يكتب عن «زيد» المقاوم العراقى مثلما يحكى الحكاء عن عنترة. يأمل يورجن أن يقدم لنا بطلاً جديداً، لأننا- كعرب- خلت الفترة الأخيرة من تاريخنا من الانتصارات!
أما زيد، فله سمت البطل، لكنه بطل من لحم ودم، هو ابن العراق الذى وضعته الظروف دون أن يدرى فى مصاف الأبطال. الملمح المميز لبطل السيرة التى يكتبها يورجن تودينهوفر عن العراق هو «طبيعته» أو كونه شاباً طبيعياً، له أحلامه الخاصة، وآماله فى المستقبل، لكن الاحتلال أحدث تغيراً مفاجئاً فى حياته. فتحول الطالب الطامح فى دراسة التاريخ إلى مقاوم، وصار المهووس بلعب كرة القدم وتدخين السجائر السورية محترفاً لتفجير المركبات العسكرية الأمريكية دون أن يقتل الأبرياء من المدنيين.
كان زيد مستعدًا لتنفيذ عملية تفجيرية.. ثبت عبوة ناسفة فى الطريق، ومكث منتظراً مرور مصفحة أمريكية.. وكان يحمل فى يده جهاز تفجير عن بعد. انتظر زيد قدوم المصفحة، لكنه لمح رجلًا عجوزًا يجلس على حجر بالقرب من موقع التفجير. تردد زيد، لكنه رفض أن يقتل مدنياً فى عمليته، وهكذا ترك المصفحة تمر.
يعيش يورجن بين أسرة عراقية فى منزلها الواقع بمنطقة «الجزيرة» فى مدخل مدينة «الرمادى»، ويلتقى هناك بأحد شباب العائلة، زيد، وينقل لنا واقع الحياة فى العراق المحتل.. يعد يورجن أول كاتب غربى يسعى للقاء المقاومين دون حراسة أمريكية، أو دون معرفة البنتاجون.. وهذا ما دفع قادة المقاومة للقائه، وتحميله أمانة، وهى أن يمهد لعلاقات ما بين المقاومة والحكومات الأوروبية من أجل إحلال السلام فى العراق.. مهمة أكبر من طموحات يورجن، الذى جاء إلى العراق يغازله حلم وحيد، أن ينظر من قريب إلى حركة المقاومة الوطنية فى هذا البلد صاحب التعدد الطائفى، والمحكوم لسنوات بالحصار الاقتصادى.
لكن المهمة، التى سيكلف بها، ليست مهمته، فقد جاء ليكتب كتابًا عن العراق، ليستكمل الدور الذى خصص نفسه للقيام به وهو متابعة حركات التحرر الوطنى، حيث كان فى أفغانستان عقب الاجتياح الروسى لها، وفى الجزائر قبيل خروج فرنسا منها.. هو بموقعه فى «الجزيرة»، لا يختلف عن المواقع الأخرى فى الجزائر وكابول، يسعى إلى الانتصار للعدل بالكتابة فقط.
لنعود إلى ما يكتبه يورجن.. حيث ينقل لنا تفاصيل حياة تحت الاحتلال: فى مدينة «الرمادى» يستيقظ الناس فى السادسة صباحاً على أصوات طائرات الهليكوبتر. ويطلق الرصاص على أى سيارة تقترب من المصفحات الأمريكية، ويقتل القناصة المزارعين وهم يروون حقولهم، أو يصيبوا أحد المارة -«ما بين ساقيه»- فينضم لصفوف المقاومة. تغتصب النساء فى السجون، والرجال كذلك، وبشكل عام يعامل السجناء العراقيون «معاملة الكلاب ولا يسمح لهم بالاعتقاد أنهم أفضل من ذلك»- على حد تعبير «جيوفرى ميلر»، المراقب الأعلى للسجون الأمريكية فى العراق.
كما يستغرق التحرك فى مسافة لا تزيد على عشر دقائق سيراً على الأقدام أكثر من ساعتين بسبب الحواجز الأمنية ونقاط التفتيش. الأسرة المضيفة ليورجن «كوتها» نار الاحتلال، فقد قتلت مروحية أمريكية، بعد الغزو مباشرة، أربعة من أقارب الأسرة حينما كانوا يتنزهون على نهر الفرات، يروى أبوسعيد حكايتهم بتأثر:»اشتبه الطيار فى أنهم يريدون زراعة قنابل على حافة النهر».. هكذا يحدث الموت نتيجة لافتراضات واهية بشكل يومى فى العراق!!
من ناحية أخرى يتناول الكتاب، الصادر مؤخرا عن الدار المصرية اللبنانية، واقع ويوميات مقاومى العراق من الداخل، ولا يربط بينهم وبين الإرهاب، فهم يحاربون المحتل الأمريكى، وإرهابيى القاعدة كذلك. يؤكد المؤلف أن أغلب العمليات التفجيرية، التى يذهب المدنيون ضحيتها، يرتكبها أجانب، وليسوا عراقيين. كذلك العمليات الموجهة ضد الشيعة، فمن يرتكبها أجانب، بل إن بعض العراقيين يتهمون القوات الأمريكية بارتكابها «للوقيعة» بين السنة والشيعة والأكراد!
رغم ذلك فقد عدل المؤلف أسماء وعناوين من التقى بهم، وكانوا المصادر الحية لمادة كتابه، حتى يحميهم من التعرض لمضايقات القوات الأمريكية.
انتبه.. نقطة تفتيش!
ارتدى يورجن جلباباً عراقياً، وأطلق شاربه حتى يظنه حراس نقاط التفتيش «عراقياً».. فى الرابعة صباحاً التقى صديقه أبا سعيد بالقرب من مدينة «التنف» السورية الواقعة على حدود العراق. كان أبوسعيد وعائلته عبروا من العراق إلى سوريا للقاء يورجن فى سيارة «شيفروليه» فى العاشرة مساء اليوم السابق (موعد إغلاق الحدود العراقية - السورية) وقضوا ليلتهم فى السيارة.
تحاط المدينة بحصن مساحته خمسة كيلومترات. هى ليست نقطة تفتيشية واحدة، بل عدة نقاط. خلال العبور دفع السائق وأبوسعيد الكثير من الرشاوى لضباط سوريين، لكنها لم تمنع التفتيش، والتضييقات.
قدم أبوسعيد يورجن بوصفه طبيباً ألمانياً جاء متطوعاً لمعالجة أطفال «الرمادى» المصابين، لكن هذه الصفة تتطلب تعيين حراسة أمريكية له، وهذا آخر ما أراده يورجن، (نصحه أصدقاء عراقيون بأن يتظاهر بأنه طبيب، لذا أحضر معه حقيبة ضخمة من الأدوية، وكان الاتفاق إنه إذا قابل مواقف تتطلب علم طبيب، أو حالات حرجة، فسيتم اللجوء إلى طبيب صديق من العراق).
جاء يورجن للعراق لتأمل الوضع، ورصده، بعيداً عن محاولات القوات المحتلة لتحسين الحقيقة المأساوية.. وهذا ما كان يعرفه أبوسعيد جيداً لذا فاوض الضباط السوريين المرتشين، وحاول إقناعهم بالسماح للدخول.. بعد الكثير من المفاوضات، و»الليرات السورية»، سمح له بالمرور.. يعلق يورجن على ذلك بقوله: «من الممكن اتهام السوريين بأشياء كثيرة، لكن ليس من الممكن اتهامهم بتسهيل الدخول إلى العراق».. طوال الرحلة المضنية للخروج من سوريا كان يورجن يتساءل: كيف يتسلل الإرهابيون إلى العراق؟.. وظن أن المدخل الطبيعى لهم سيكون الهروب عبر الصحراء!
وهو الاقتراح الذى قدمه بعض الأصدقاء العراقيين للكاتب الألمانى للتسلل إلى العراق، دون أن يعرف الأمريكان بوجوده، لكن خطورة الاقتراح دفعتهم إلى السعى لإدخاله- يوجين - عبر المنافذ السورية. بعد المضايقات والتفتيش فى عدة نقاط سورية، من الرابعة صباحاً حتى العاشرة ظهراً، وصلت السيارة الشيفروليه إلى «العراق». «لا تحاول تجاوز نقاط التفتيش أو تقديم رشوة لحرس الحدود، ابتعد بنفسك عن الصحراء ومن يخالف ذلك سوف يتم القبض عليه واستجوابه وحجزه».. هذا أول ما يطالعك من الحدود العراقية.
المدخل الحدودى تحرسه أبراج مراقبة عالية، مشهرة بها الأسلحة تكشف الصحراء المحيطة، كما تتواجد حواجز لإطلاق النار، والصحراء نفسها تعد عائقًا «تصل درجة حرارتها إلى ثمانية وأربعين درجة مئوية». بعد اللافتة، والمدخل، يتحول الطريق إلى طريق حلزونى، يحتوى على أكثر من نقطة توقف، تعلوها لافتة: «قف ثم تحرك».
كما تتكاثر نقاط التفتيش، التى يعلو كل واحدة منها برج حراسة ارتفاعه من خمسة إلى ستة أمتار، يواجه الداخلين بمدافع وأسلحة آلية مجهزة للفتك بهم، كما يتنوع الحراس ما بين جنود عراقيين مقنعين، أو جنود أمريكيين، وجنود مرتزقة من «البلاك ووتر»! تتشابه المآسى.. ما يحدث فى العراق حدث من قبل من جانب السوفيت فى أفغانستان، ثم الأمريكان فى البلد نفسه، ومارسته فرنسا بوحشية فى الجزائر وتونس، لكن نقاط التفتيش التى مر بها كاتبنا ذكرته بأسى بسور برلين، ونقاط التفتيش الواقعة ما بين ألمانيا الشرقية والغربية فى فترة التقسيم.
فى آخر نقطة تفتيش، فى مدينة الرمادى، عاصمة محافظة الأنبار، سأل جندى عراقى مقنع أباسعيد عن «ثمن» يورجن، حتى يطالب الحكومة الألمانية بدفع فدية مقابل حياته..بالطبع رفض أبوسعيد بيع يورجن، لكن الموقف نفسه ليس مستغربا فى «الأنبار» التى اشتهرت بكثرة خطف الأجانب فيها!.
أحلام زيد وتفسيراتها
«زيد» شاب يهوى لعب كرة القدم، كان يلعب الكرة طوال الوقت، يترك اختبارات الدراسة فى المدرسة ويذهب للعبها.
يتأمل زيد وضع العراق بعد الاحتلال، وإقامة حكومة تأمل فى استمرار التواجد الأمريكى فى العراق للأبد، ويقارن هذا الوضع بالنموذج الأمثل لوحدة العراق المتمثل فى فريق العراق لكرة القدم.. الفريق الذى حاز بطولة الأمم الآسيوية مؤخراً، وحقق الفرحة للشارع العراقى، وهو ما فشلت فيه الحكومة. يتكون الفريق العراقى من لاعبين أكراد، ومسلمين من السنة والشيعة.. يمررون الكرة فيما بينهم حتى يحرزوا الهدف.. هذه هى الصورة الحقيقية للعراق كما يراها زيد.
لا يرتدى زيد زياً محلياً، على العكس من أفراد المقاومة، ومعهم الألمانى المتنكر فى الزى العراقى من جلباب وغترة ودشداشة، بل يلبس زيد البنطلون الجينز، والحذاء الرياضى. كان طموحه أن يلعب كرة القدم، ويتابع صنع المواقف المحرجة لمدرسيه، المثيرة لضحكات التلاميذ.. كان يعيش عمره يكرس أوقاتاً لكرة القدم، ويبذل كل ما فى وسعه لصنع الخدع. كما كان يحلم بأن يصير أستاذاً للتاريخ، مؤمناً بأن خدع التلاميذ لن تنطلى عليه، لأنه خبير بها.
هكذا كان زيد يرى مستقبله، لم يكن الاحتلال يعكر صفو أحلامه.. لم ينشغل بالمقاومة، لكن نيران الاحتلال لم تترك أحداً لأحلامه. قتلت نيران الاحتلال أخوى زيد، لهذا قرر أن يقاوم.
__________________
كـُـن دائــما رجـُــلا.. إن
أَتـــوا بــَعــدهُ يقـــــــولون :مَـــــرّ ...
وهــــذا هــــوَ الأثـَــــــــــر


" اذا لم يسمع صوت الدين فى معركة الحرية فمتى يسمع ؟؟!!! و اذا لم ينطلق سهمه الى صدور الطغاة فلمن اعده اذن ؟!!

من مواضيعي :
محى الدين غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-08-2009, 12:37 AM   #2
محى الدين
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2007
الإقامة: إبن الاسلام - مصر
المشاركات: 3,172
إفتراضي

كان لزيد تأثير بالغ على مؤلف الكتاب، فبعد رحلته الطويلة للعراق، عاد يورجن ليفكر فى أسباب ما يحدث هناك. حاول أن يتوصل إلى أسباب وجود الإرهاب، تطلب ذلك قراءة معمقة لعدة كتب، واستخلاص ما شاهده بعينيه فى العراق ودول أخرى، فكانت النتيجة كالآتى: «السبب الرئيسى للإرهاب فى العصر الحالى هو الطريقة غير الإنسانية التى يتعامل بها الغرب مع العالم الإسلامى منذ مائتى عام تقريباً.
لا يجوز الاستمرار فى احتقار الشعوب، ولن نتغلب على الإرهاب إلا إذا تعاملنا مع الدول الإسلامية بعدل وإنصاف».. كما يرى يورجن أن العمومية فى التعامل مع العالم الإسلامى، بوصفه مكاناً واحداً تجمعه صفات ومعتقدات واحدة، يشوش الرؤية، لتباينات هذه البلاد العرقية والتاريخية، إلى جانب مميزاتها الفردية.
كما يقدم يورجن «فرضياته الخاصة» التى من الممكن إذا تأملها الغرب جيداً أن تنتهى مشكلة الإرهاب، حيث يرى أن «الغرب أكثر عنفاً من العالم الإسلامى»، فخلال المائتى عام الأخيرة لم يقم بلد إسلامى بالهجوم على الغرب ولو لمرة واحدة.
كما يرى أن سياسة تجار الحروب التى اتبعتها الحكومات الغربية هى التى منحت الشعبية للمتطرفين المنتسبين للإسلام.. لهذا يتساوى «الإرهابيون المرتدون لعباءة الإسلام» مع «القادة المتخفين بعباءة المسيحية» فى جريمة القتل والإرهاب.
وفى المقابل يتساوى المسلمون واليهود والنصارى فى التسامح، لأن حب الله والآخر تعاليم جوهرية فى القرآن والكتاب المقدس..وهكذا يتركنا يورجن بعد فرضياته عن أسباب الإرهاب، لنتأمل مشهد زيد وقد توجه إلى ضفة نهر الفرات بمنطقة «الجزيرة» بالرمادى، الذى يصفه الكاتب الألمانى بقوله «كان ذهنه فارغاً بشكل لا يصدق، فهو الآن جزء من تلك الحرب التى يكرهها، ويعرف أنه لا يوجد طريق للعودة، ولكنه عرف ذلك متأخراً».
من فرن «بوش» إلى القاعدة
أسعار الوقود ارتفعت.. الكهرباء تتوافر لمدة ساعات محدودة فى النهار فقط.. الغاز المستخدم فى تغذية الأفران لم يعد متاحاً، لهذه الأسباب صار العراق، أكثر دول العالم إنتاجاً لمصادر الطاقة، «لا تتوافر فيه طاقة»، لذا صارت النساء تعتمد على أفران مصنوعة من الطين (مثل الأفران التى كانت تستخدم فى ريف مصر قديماً) حتى يطبخن، الأمر الذى تعلق عليه إحدى السيدات العراقيات «إن الاحتلال أعادنا إلى العصر الحجرى»، اللافت أن بعض السيدات كن يسخرن بقولهن إن هذه الأفران هى أفران «بوش».
لكن الاحتلال جلب للعراق ما هو أسوأ من أفران الطين.. ونقصد بهذا «تنظيم القاعدة». فى عهد صدام حسين لم يكن هناك «القاعدة» فى العراق، لكن التنظيم تواجد بعد الاحتلال لمحاربة أمريكا. أغلب الأعضاء من الأجانب كما يتردد.
لكن الكتاب يكشف لنا من خلال لقاء يورجن بعناصر المقاومة عن وجود عراقيين مثل «رامى»، ينخرطون فى صفوف القاعدة!
لكل مقاوم حظه من المأساة..
لم يشترك أحد فى المقاومة دون أن تكون نار الاحتلال قد طالته أو طالت أفراداً من عائلته.
اقتحمت مجموعة من عساكر الاحتلال منزل «رامى»، فتشوا البيت، أفرغوا محتوياته وعبثوا بالأثاث، وحطموا بعضه، وحينما طالبتهم والدة رامى بالتوقف عن تدمير وتحطيم المنزل أطلقوا عليها الرصاص فقتلوها.. لهذا التحق رامى بتنظيم القاعدة فى العراق. خلال حديثه مع يورجن كان يبدو رامى غير مقتنع بأنشطة التنظيم الإرهابية، التى تستهدف المدنيين، لكن الغضب أصاب بصيرته بالعمى فصار ناشطاً فى القاعدة.
اللافت أن يورجن أبدى دهشته حينما سمع كلام رامى، لم يكن يتخيل أن القاعدة استقرت فى العراق. كما لم يتخيل أن ينضم إلى صفوفها عراقيون. «نتيجة من نتائج الغزو» يعلق أبو سعيد، محاولاً تهدئة يورجن، الذى غضب حينما عرف أن أبا سعيد رتب له لقاءً مع شخص من القاعدة، ويتابع صديق الكاتب العراقى إنهم أحد جوانب المقاومة!!
من ناحية أخرى تتكون المقاومة العراقية من قوميين، يطالبون بالوحدة العربية، وبعثيين سابقين كانوا من قوات الجيش العراقى التى تم تسريحها بعد سقوط بغداد، وميليشيات شيعية، علاقة بعض أفرادها بإيران واضحة.. كانت هذه هى الخيارات المطروحة أمام جميع العراقيين الرافضين للاحتلال، لكن «رامى» اختار القاعدة، ربما لأنهم «الأشرس»، الفئة الوحيدة التى ستهدى من نار غضبه!
كان رامى يأمل فى العمل تحت قيادة الإرهابى القاعدى، الأردنى، الزرقاوى، «لأنه ألحق خسائر فادحة بالقوات الأمريكية»..كانت المسألة انتقاماً شخصياً بالنسبة لرامى، وليست قضية تحرير على ما يبدو.
بعد لقاء يورجن برامى، «القاعدى»، صار غاضباً، لم يكن يريد أن يلتقى فى رحلته بما يؤكد الشكوك فى وجود القاعدة، كان يأمل أن يجد مقاومة وطنية شريفة، لا علاقة لها بالإرهاب، لكن اللقاء برامى كشف للكاتب الألمانى أن العراقيين يؤمنون أن هناك عناصر معتدلة فى القاعدة، عناصر يمكن «أن يعول عليها فى تحرير العراق»، والبقاء فى العراق الحر إذا أقنعوا بالتخلى عن أفكارهم الإرهابية.. على حد تعبير صديقه العراقى أبى سعيد!
فى جلسة خاصة، ومأدبة غذاء، التقى الكاتب الألمانى برموز وقيادات المقاومة العراقية، كان احتفاء رجال المقاومة بيورجن كبيراً، لأنه جاء إلى العراق بمفرده، ولم يستق معلوماته من جانب الأمريكان، فهو جاء ليستمع إلى «ضحايا الحرب، أما الآخرون فهم يذهبون إلى الجزارين».. على أحد تعبير أحد القادة.
لهذا كان الرجال صرحاء مع يورجن، حيث يقول أحد القادة: «لقد جلب الأمريكيون هذا الوباء إلى بلادنا- (يقصد الإرهاب)- فهم يتحملون المسؤولية عن ذلك، فقبل الغزو الأمريكى لم تكن بلادنا تعرف لا إرهابيين ولا الحروب الطائفية»..
سأل يورجن زيداً عن رأيه فى تنظيم القاعدة، فقال الأخير أنه يرفض أفكارهم، فاستراح إلى وجود أمل فى المقاومة.
يمثل زيد نموذج المقاوم، يرفض قتل الأبرياء. حتى إنه بعد أول عملية نفذها ظلت صور الجنود الذين فجر مركبتهم تطارده فى الصحو والنوم، هكذا يكتب يورجن قصة عنترة الجديد، البطل الشاب، المحب للحياة، صاحب الموقف البطولى الواضح، يضعه المؤلف فى مقارنة مع الاحتلال، والقاعدة الإرهابية، ومحاولات صنع الفتنة بين الشيعة والسنة، وأمام كل هذه المعارك المفتعلة سيبقى «زيد» مثلاً نقياً للمقاومة.
الكاتب فى سطور
د. يورجن تودينهوفر، كاتب ألمانى، وعضو بالبرلمان الألمانى الاتحادى. كما شغل وظيفة المتحدث الرسمى باسم الحزب الديمقراطى المسيحى لشؤون التنمية ومراقبة التسلح.
من ناحية أخرى يخصص المؤلف عائد مبيعات كتبه لتحسين أحوال ضحايا الحروب. سبق له أن خصص مبيعات كتابه السابق «من يبكى على عبدول وتانيا»، الذى تناول حياة الأفغان بعد الاحتلال الأمريكى لها، للمساهمة فى تأسيس دار لإيواء الشابات والشباب المعاقين واليتامى فى كابول (افتتح فى فبراير ٢٠٠٦).
كما خصص جزءا من مبيعات كتابه ليؤسس متجرا للفتاة العراقية مروة، وكان الكتاب يحمل عنوان «آندى ومروة». كما يسعى حالياً لتأسيس مركز علاجى للأطفال المصابين بالإيدز فى الكونغو، بالتعاون مع منظمة الإغاثة الأفريقية «هيل»، ومن المقرر أن يحمل المركز اسم «آندى ومروة»- وهو عنوان كتاب يورجن الخاص باحتلال العراق- فآندى هو جندى أمريكى كان من أوائل ضحايا أمريكا فى العراق، أما مروة فهى الفتاة العراقية، التى صارت صاحبة المتجر الذى أشرنا إليه سابقاً.
كما أراد «تودينهوفر» أن يكون الكتاب حاملاً لإجابات أسئلة طرحت نفسها خلال الرحلة فى العراق: لماذا حدث الاحتلال؟ ..ما دوافع المقاومة؟.. من المخطئ؟.. من الطرف المحب للعنف والإرهاب العرب أم الغرب؟ أى أن الكتاب يساهم فى حل المشكلة مادياً وفكرياً.

لماذا تقتل يازيد ؟
المؤلف: د. يورجن تودينهوفر
ترجمة : د. حارس فهمى سليم
عدد الصفحات:٣٥٧
الناشر: الدار المصرية اللبنانية
__________________
كـُـن دائــما رجـُــلا.. إن
أَتـــوا بــَعــدهُ يقـــــــولون :مَـــــرّ ...
وهــــذا هــــوَ الأثـَــــــــــر


" اذا لم يسمع صوت الدين فى معركة الحرية فمتى يسمع ؟؟!!! و اذا لم ينطلق سهمه الى صدور الطغاة فلمن اعده اذن ؟!!

من مواضيعي :
محى الدين غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .