المحطة رقم 1 في طريقي إلى أنابوليس
بقلم وليد جواد
يَخْتزِل بعض الكتاب تحليلاتهم بخصوص مؤتمر أنابوليس إلى إصدار حكم مسبق عليه بالفشل حتى قبل افتتاح جلساته. فإن كان التحليل يقتصر على إصدار الأحكام فإنني من هنا أعلن بأن مؤتمر أنابوليس مؤتمرٌ ناجح! بل ويمكنني أن أدرج الأسباب التي تؤيد ذلك النجاح ومنها عدد ومستوى أهمية الأطراف المشاركة في المؤتمر. فهو يستوعب طرفي الصراع الأساسيين وهما الطرف الفلسطيني والطرف الإسرائيلي ، بالإضافة إلى الأطراف ذات الصلة في الصراع وهي الدول العربية. كما أن المؤتمر يستضيف دول أخرى وهي الدول المهتمة مثل روسيا وفرنسا وألمانيا وغيرها وتجمعات دولية كلجنة الإتحاد الأوروبي والدول الصناعية ، فيما مجموعه تسعة وأربعين مشاركا بالإضافة إلى مراقبيْن هما صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
تُوفر هذه المنظومة من المشاركين فرصة جديدة تعطي كل مُطالب مساحة للمطالبة بحقه وفي حضرة بقية الأطراف فتتضح المواقف وتتسنى الفرص للشرح والتفسير والنقاش. وكما هو معروف فلن يكون النقاش في هذا المؤتمر حول قضايا جديدة أو مواقف مبتكرة فالصراع قائم على مدى عقود طويلة والطرفان يدركان مطلب الآخر ، ولكن النقاش سيدور في فلك تخطي الحواجز التاريخية التي كانت تعيق تحقيق اتفاق سلام. وعليه فإن ما يوفره هذا المؤتمر غير المسبوق بعدد وأهمية الأعضاء المشاركين هو فرصة لبناء الثقة بين الأطراف وفتح خطوط التواصل. أهمية بناء الثقة تكمن في استطاعة الطرفين تقديم تنازلات عن آلام الماضي من أجل راحة مستقبلية ، مؤازَرين بحضور جميع أصحاب العلاقة. ورغم أن التنازلات ستكون صعبة إلا أنها لن تكون ذات جدوى إن لم تكن متبادلة يقدمها الطرفان ليس لبعضهما البعض – رغم أنها تبدو كذلك – بل ليقدمها كل طرف نيابة عن الجيل السابق من أجل الأجيال القادمة ، وذلك يشمل الفلسطينيين كما يشمل الإسرائيل ، واضعين في الاعتبار أن المرجعية تعود إلى القرارات الدولية والمعاهدات الثنائية التي تؤكد على الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني.
لا تطالب الولايات المتحدة بأن تكون التنازلات مطلقة أو دون مقابل ، بل يجب أن تكون موازية للتنازلات التي يقدمها الطرف الآخر. ومن جانبنا سوف نوفر ما أمكن من آليات للطرفين للتأكيد على تحقيق الهدف المرجو من تلك التنازلات الصعبة ، أي تحقيق أمل الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة لتعيش بجانب إسرائيل في أمن وسلام دائمين. فإذا اتفقت الأطراف على المبدأ الخاص بهذه الرؤيا وتعاملوا مع بعضهما البعض بحسن نية فلن يبقى ما هو مستحيل. فالدور الأمريكي يرتكز على توفير البيئة المناسبة لإجراء المحادثات وتذليل الصعاب اللوجستية ومساعدة الأطراف على تخطي حواجز الشك وعدم الثقة ، فالولايات المتحدة كانت عنصرا مساعدا مهما في كل اجتماع سلام )يمكنك مشاهدة التسلسل التاريخي للدور الأمريكي هنا:
http://stream.state.gov/streamvol/li...eo/MEPeace.wmv (
اجتماع أنابوليس هذا سيكون نقطة انطلاق لمرحلة مكثفة من العمل السياسي تشتمل على سلسلة من المحادثات بين طرفي الصراع برعاية أمريكية. محصلة تلك المرحلة يجب أن تنتهي بتأسيس دولة فلسطينية تتمتع بمقومات البقاء كدولة ديمقراطية قادرة على القيام بمسؤولياتها تجاه شعبها والمجتمع الدولي. مسؤولية تحقيق ذلك تقع في الأساس على طرفي الصراع بتحقيق اتفاقية سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ولكنها تستلزم استثمارا عربيا في شكل دعم للطرف الفلسطيني وفي التحرك على مسار السلام العربي الإسرائيلي دون السماح للمخربين بالنجاح. أما بقية المجتمع الدولي فيجب عليه مساعدة الدولة الفلسطينية المرتقبة بزيادة إمكاناتها والمساهمة في بناء مؤسساتها وتقديم الدعم الاقتصادي لها. المؤشرات المبدئية تقول بأن الجميع مستعد لتحمل مسؤولياته وسوف تتضح الأمور خلال اليومين القادمين.
المحطة رقم 1 في طريقي إلى أنابوليس
النمط الخطي
