العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة الساخـرة

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية على المريخ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث العقد النفسية ورعب الحياة الواقعية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خوارزمية القرآن وخوارزمية النبوة يكشفان كذب القرآنيين (آيتان من القرآن وحديث للنبي ص (آخر رد :محمد محمد البقاش)       :: نظرات في مقال السؤال الملغوم .. أشهر المغالطات المنطقيّة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال البشر والحضارة ... كيف وصلنا إلى هنا؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال التسونامي والبراكين والزلازل أسلحة الطبيعة المدمرة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال الساعة ونهاية العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات في مقال معلومات قد لا تعرفها عن الموت (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 01-12-2008, 03:13 AM   #1
حاجة مُلحة
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
الإقامة: في عقول الواعين
المشاركات: 85
إفتراضي قصة ممتعة

شخصيات القصة :

ياسين (بطل القصة والمتحدث الرسمي) , زليخة (أُخت ياسين) , معلمة التعبير .
نرجس (مذيعة بالراديو) , كريمو (أحد التلاميذ بصف ياسين) .


_ يااااه .. أيّ حظّ وايّة متعة يشعر بها الإنسان حتّى وهو بعيد عندما يطمئن أنّ على هذه الكرة الأرضيّة أناس يحبّوننا ويفكرون فينا باستمرار . يبدو لي أنّ الحبّ هو أجمل عزاء وجده الإنسان لتوازن .

_إيه , أين كنتُ ؟
_في نرجس طبعاً .

أعجبني ما سمعته منها وتأكّدت أنها فرصتي لموضوع الإنشاء . نقلت كل الكلمات التي قالتها نرجس في ذلك المساء . قصّة الرّجل الذي كان يريد أن يصعد السلم بسرعة لكي يصل إلى القمّة قبل الآخرين . السلّم كان عالياً جداً ووصل منهمكَا فداخ ثمّ تدحرج من الأعلى فمات . الحكمة المبطّنة هي أنه على الإنسان أن يصعد في الحياة بهدوء وبثقة حتى يحتفظ بكامل قواه ويصحح مزالقه الممكنة . قد لا تبدو القصّة الآن مهمة ولكنّها في وقتها لم تكن عادية. وأمام معلّمة مرتبطة بالحكم وبلافونتين وابن المقفع وزهير ابن أبي سلمى كنت متأكداً أن الرضى سيكون كاملاً . كان من الصعب عليّ تتبع كل كلام نرجس ونقله , فكنت أجد متعة خاصّة في ملء الفراغات .

كان الصوت يضعني داخل حالة من الوجد تقرّبني من متعة الكتابة والتخيّل , وتدفع بي إلى الحفر عميقاً في تفاصيل حالة الفقدان. تأكدّت مع الزمن أنّي مصابًا بها . بشيء غامض يشبه الإحساس الذي شعرت به حيال المهبولة . انتقلت من أكسل تلميذ في الإنشاء على الكرة الأرضية كما كانت معلمتي تردّد دائماً , إلى أشطر تلميذ استطاع في وقت قصير أن يتفوق وأن يسترجع ثقته في موروثة الثقافي الأكثر خطورة : الإنشاء . عندما تصل المعلمة إلى كلمة إنشاء تتوقف طويلاً, تتنهّد وتتمتم: آه واش من خسارة لا تعوض . ثم تواصل بنفس الانبهار والحماس .

التلاميذ الذين كانوا في القسم يقاسمون المعلّمة تنهّداتها , يتمسخرون بي ومن عبقريّتي المفاجئة : صحَّ , الناشف ولى عالم ؟ قل لنا يرحم والديك كيف نزل عليك الوحي ؟ واش من حمار مات .منين دخلتك الفهامة ؟ علم كبير هذا . خبزة طاحت على كلب راقد . لم أكن لأردّ على الاستفزازات ليس خوفاً منهم ولكن خوفاً من انفضاح السرّ الذي كنت أستكين إليه كل مساء . مع الزمن آمنوا أن الإنشاءات التي كنت أكتبها لم تكن من شخص غيري .

صارت العمليّة دورة يومية مكرورة كان من المستحيل التخلص منها . حتى زليخة اندهشت من التصاقي ببرنامج آخر الليل ولكنّها كانت سعيدة أنّي وجدت حلاً لمعضلة الإنشاء ولتركها تشتغل بدون إزعاج بأسئلتي المقلقة . مع ذلك , نبّهتي ذات مساء لشيء كنت أخافه دائماً وأعمل جاهداً على تغيير الاستراتيجيات باستمرار لإبعاد حصوله .

-النهار اللي يفيقوا بك يبهدلونك . معلّمتك راح تنتف شعرها مسكينة . الرجل اللي اتكلت عليه باش يحرّر الوطن العربي بالإنشاء طلع لها فالسو zero

-أنا لا أسرق , واش راني ندير . أستمع وأكتب وأغيّر قليلاً.

-وإذا حصل ونقل مهبول مثلك كلمات نرجس وقدّمها للمعلمة ؟

-الكلام ليس لنرجس , هي كذلك تأتي به من الكتب .

كلام زليخة لم يكن بلا معنى. في مرّة من المرات جاءني كريمو , أحد التلاميذ ليقول لي بطريقة خبيثة :

-أنا عارف المرأة التي تنقل عنها . عشرين دورو كلّ صباح وأسكت وإلاّ أطربقها على دماغك .

فكرت في لحظة من اللحظات أن أقتله وأتخلّص منه . لم يتوقّف إلاّ عندما أخذ مني العشرين دورو التي حوّلها مع الزمن إلى ضريبة كان عليّ نزعها من لحمي لأتقي شره . في القسم , كلّما بدأنا مادّة الإنشاء , يرفع أصبعه, فأرتعش وأقول في خاطري : ياربّي تحفظ . خلاص , كارثة اليوم سيفضحني . ثمّ يقول أي تفاهة وهو ينظر إليَّ بابتسامة فيها الكثير من الملعنة والخبث , وعندما نغادر المدرسة يطالب بحق السرّ كما كان يسمي ضريبته . ولما بلغ ابتزازه درجة لا تطاق , اعترضت طريقه في رحبة السوق. كان المكان خالياً . وصرخت في وجهه : بلا يمّاك مانزيد لك دقيقة . ماعندكش خيار, تقول واش تعرف وإلاّ راح يكون نهارك الأخير . لم أكن أعرف أنه بذلك الجبن . بدأ يرتعش ويصرخ : كل الناس يقولون بللّي هي اللي تكتب لك . زليخة .. زليخة .. زليخة .. رددّها ثلاث مرّات متتالية ثم صمت . تركته وعدت إلى البيت بعد ان هدّدته بعقاب أفظع إن هو أخبر المعلّمة بما حصل بيننا .

ذات مرة سألتني المعلّمة بنوع من اليقين . فأربكتني لحظة شعرت فيها بأن الأرض تنفتح تحت أقدامي ونظرت إلى غريمي فأحنى رأسه كان التلاميذ مثل الذي ينتظر فرصة العمر للسخرية منّي , قالت :

ما تفزعش إذا سألتك عن إنشاءاتك ؟

قرأت في عينيها أشياء غامضة أرعبتني . ماذا لو يكون ابن الكلب قد قال لها حقيقة أخرى غير التي أسر بها لي لإيهامي ؟ في لحظة من اللحظات فكرت أن أعترف لها وأخلّص نفسي من هذا القلق المستمر . لكنها أنقذتني إذ سبقتني إلى الحديث.

-هل تحب الإنشاء حقيقة.

لا أدري لماذا لم أرتبك , سؤالها لك يكن بريئاً .

- ولكن أنا أكتب ذلك كله برغبة كبيرة .
- لا أشك في ذلك أبداً , أ،ا سعيدة جداً بما تقوم به . حتى إمكانياتك تطوّرت كثيراً. لكن.. قل لي .. زليخة .. زليخة
أختك تساعدك في عملك ؟ قصدي هل تكتب لك ؟

وضعت يدي على فمي وحمدت الله أن سري الكبير لم يكشف .

-زليخة مسكينة ماتعرفش تكتب حتى اسمها. شوي أحسن من يمّا .
-ضحك كل القسم . شعرت بعدها أنّي حققت أكبر انتصار لي في حياتي .
-أعرف . قلت ربما إنها تساعدك قليلاً وهذا ليس عيباً .
-تعرفين يا أستاذة لو كانت زليخة تعرف الكتابة لتغيّرت حياتها وحياتنا معا كلّيّة .

صمتت المعلمة ولم تقل كلمة واحدة ولكنّها نظرت بكره إلى كريمو .

عندما خرجنا احتفظت به . عرفت أنها غسلته وبهدلته ونصحته بأن يغار ولا يحسد. قبضته من أذنه اليمنى وقالت له إقرأ ماكُتب على الحائط القسم, وبدأ هو يفكك الحروف ويتألم لأذنه التي كانت تُلوى : الح .. سود...لا..ي...سو..د .

ملاحظة:
القصة مقتبسة من رواية "شرفات بحر الشمال" لروائي العظيم واسيني الأعرج .

آخر تعديل بواسطة حاجة مُلحة ، 01-12-2008 الساعة 03:18 AM.
حاجة مُلحة غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 02-12-2008, 12:02 AM   #2
زهير الجزائري
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: من قلب الاعصار
المشاركات: 3,542
إفتراضي

عين الحسود لاتسود شكرا قصة رائعة للكاتب الجزائري واسينى الاعرج لما قرائتها من لهجتها الجزائرية عرفتها شكرا لك
__________________
زهير الجزائري غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .