العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السيـاسية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نقد مقال بوابات الجحيم التي فتحت فوق سيبيريا عام 1908 لغز الانفجار الكبير (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الغرق فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال أمطار غريبة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى بحث النسبية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: حديث عن المخدرات الرقمية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال الكايميرا اثنين في واحد (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى كتاب علو الله على خلقه (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال فسيولوجية السمو الروحي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى توهم فريجولي .. الواحد يساوي الجميع (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 29-08-2009, 12:15 AM   #1
دكتور طاش
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2009
المشاركات: 13
إفتراضي القهر الصيني لمسلمي تركستان

القهر الصيني لمسلمي تركستان

د. إبراهيم البيومي غانم/ أستاذ العلوم السياسية
لا يعاني المسلمون من الإرهاب الغربي فقط، ولا يقعون ضحايا العنصرية الأوربية (آخر الضحايا كانت الدكتورة مروة الشربيني التي قتلها إرهابي ألماني في قاعة المحكمة) والغطرسة الأمريكية (في أفغانستان وباكستان والعراق) فحسب، والإرهاب الصهيوني في فلسطين المحتلة، وإنما يعانون أيضاً من القهر الشرقي والاضطهاد الشيوعي الروسي في الشيشان وأنجوشيا، والصيني في تركستان الشرقية.
خلال الأسبوع الماضي تجددت مأساة تركستان الشرقية وشعبها المسلم، بموجة عنيفة من القهر الذي تمارسه السلطات الصينية ضد هذا الشعب منذ أكثر من ستة عقود مضت. وعمر مأساة تركستان الشرقية وشعبها "الأويغوري" هو من عمر مأساة فلسطين وشعبها العربي. شعب الأويغور يرزح تحت الاحتلال الصيني الشيوعي منذ سنة 1949 وله ملايين من المشردين واللاجئين في عديد من بلدان العالم ولا يستطيعون العودة إلى ديارهم، وشعب فلسطين يعاني قسم منه من ويلات اللجوء والتشرد خارج وطنه، ويرزح قسم آخر تحت الاحتلال الاستيطاني الصهيوني الأبشع بين أنواع الاحتلالات التي عرفها التاريخ. وكلا الشعبان: الأويغوري التركستاتي، والعربي الفلسطيني هما عضوان من أعضاء جسد الأمة الإسلامية المثخن بالجراح والقتل والتشريد والاضطهاد والقهر منذ أكثر من مائتي عام عندما بدأت الموجة الاستعمارية الغربية الأولى تكتسح البلدان الإسلامية في مناطق مختلفة من الجغرافية الإسلامية، مروراً بالموجة الاستعمارية الثانية التي أطبقت على أغلبية ما تبقى دون احتلال في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وصولاً إلى "الموجة الاستعمارية الثالثة" التي لاتزال تقضم أمم الإسلام أمة وراء أمة، وتستبيح أرضها وخيراتها بقوة السلاح.
قد يكون نصيب فلسطين من اهتمام العالم الإسلامي وقواه الحية أفضل بما لا يقارن بنصيب شعب الأويغور الذي يقاسي صنوف الاضطهاد والعسف الصيني منذ أكثر من ستة عقود دون أن يشعر به أحد، أو ترق له قلوب المغيثين، أو تميل إليه عواطف الحادبين على حقوق الإنسان، أو المشفقين على عذابات الأبرياء. ولكن المأساة هنا وهناك وفي مختلف أرجاء جغرافية العالم الإسلامي واحدة؛ حيث الشعوب الإسلامية هي الضحية الأكبر على مذبح التاريخ الحديث والمعاصر.
انظر إلى خريطة الصراعات والحروب والمنازعات التي تنزف بدماء الأبرياء على امتداد العالم، فلن تجدها تقع إلا في جغرافية العالم الإسلامي، الممتدة في قلب العالم القديم من طنجة غرباً إلى جاكرتا والجزر الإندونيسية شرقاً، ومن قلب أوربا وبلاد البلقان شمالاً (البوسنة وكوسوفو) إلى خط الاستواء جنوباً في الصومال والسودان، وفيما بين هذا كله من ديار المسلمين من مختلف الأعراق والملل. لا ترى إلا سلسلة متواصلة من الحروب، ومئات الآلاف من الضحايا، وخراب الديار وضياع الأحلام البريئة، ومع ذلك يتهمون المسلمين والإسلام ذاته بالإرهاب، وينساق وراءهم بعض المسلمين في ترديد هذا الاتهام كالببغاوات؛ بل ويسارع البعض منهم ممن لهم كلمة مسموعة، وسابقة محمودة، إلى "إدانة الذات" تحت دعوى " النقد والمراجعات".
استولت حكومة الصين الشعبية/ الشيوعية سنة 1949 على بلاد تركستان الشرقية، وسعت دون كلل منذ ذلك الحين إلى طمس المعالم الحضارية والتاريخية لهذه البلاد الواسعة التي تبلغ مساحتها 1،646،555كم2، (أي ضعف مساحة تركيا، ومرة ونصف مثل مساحة مصر تقريباً)، وعدد سكانها المسلمين يتراوح بين 20 و25 مليون نسمة، ولا توجد إحصاءات دقيقة عن عددهم لأن الحكومة المركزية الصينية في بكين مصممة على محو أثر هذا الشعب العريق إما باضطراره إلى الهجرة واللجوء إلى خارج وطنه، أو بمزاحمته بأبناء قومية "الهان" التي تفرض سيطرتها على مختلف القوميات الأخرى التي تضمها الصين حالياً، والأويغور هم الأكثر عرضة للقهر والاضطهاد والحرمان؛ بينما تستأثر قومية الهان الصينية بالثروة والسلطة تحت عباءة الحزب الشيوعي الماوي.
تنفذ حكومة الصين تصميمها على محو هوية شعب الأويغور بوسائل وسياسات شتى، أولها تغييب الاسم الأصلي لبلاد الأويغور وهو "تركستان الشرقية" استعمال اسم آخر بدلاً عنه ليس له معنى بالنسبة لأهل البلاد الأصليين وهو "الإقليم الجديد": جديد بالنسبة للصين الشيوعية الماوية نعم، ولكنه ليس جديداً بالنسبة لشعب الأويغور العريق ولن يكون جديداً في يوم من الأيام. وتغيير الأسماء التاريخية للأوطان هي سياسة استعمارية مارستها القوى الطامعة في البلدان الإسلامية دون انقطاع: فالاستعمار البريطاني والأوربي عامة اخترع اسم "الشرق الأوسط" ليطمس "العالم العربي"، والصهيونية تسعى لطمس اسم "فلسطين"، وترسيخ اسم "إسرائيل" على الأرض العربية الفلسطينية المغتصبة، والسياسة الأمريكية تسك اسماً جديداً لأوسع رقعة جغرافية من العالم الإسلامي هو "الشرق الأوسط الكبير" أو "الشرق الأوسط الجديد"، وتتطابق حدود هذا "الشرق الأوسط الكبير" مع جغرافية الدولة العباسية بالتمام والكمال عندما كانت قوة الإسلام الدولية قد بلغت أوجها، وبسطت رحمتها على العالم القديم وهيأت المناخ لإحداث نقلة نوعية في تاريخ التمدن الإنساني، لم تشوهها إلا السيطرة الغربية الاستعمارية خلال القرنين الأخيرين.
يقول المؤرخون إن الأويغور هم قدماء الأتراك وأجدادهم، واسم وطنهم "تركستان" يعني أرض الأتراك. ويتكلم الأويغور لغة أويغورية تركية الأصل، ويخطون كتاباتهم بالعربية ولهم ملامح القوقازيين، وكانوا يشكلون 90% من سكان المنطقة، ولكن هذه النسبة تناقصت بفعل سياسة التهجير الجماعي لعرقية "الهان" وتوطينهم في تركستان الشرقية باعتبارها متنفساً للكثافة السكانية الهائلة في أقاليم الصين الأخرى. ويقول المؤرخون أيضا إن موجات الهجرة السلجوقية تعود في أصلها إلي شعب الأويغور، وأن نجاح السلاجقة الحاسم في السيطرة علي الأناضول من يد البيزنطيين في القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي، قد فتح آسيا الصغرى لهجرات أويغورية ـ تركية جديدة، كان من بينها القبيلة التي برز منها آل عثمان مؤسسو الدولة العثمانية التي عاشت في خدمة الإسلام والمسلمين ستمائة عام، ووضعت بصمات لا تنحمي من تاريخ العالم.
ما يهمنا اليوم هو أن الوضع في مدينة أروميتشي عاصمة تركستان الشرقية انفجر خلال الأسبوع الماضي على أثر خلاف في أحد المصانع بين بعض أبناء الأويغور وبعض أبناء قومية "الهان" الوافدين علي تركستان الشرقية في إطار سياسة التوطين التي تتبعها الحكومة الصينية لفرض سيطرتها على الإقليم وتغيير معالمه الديمغرافية والثقافية. وقد أوقعت الشرطة أكثر من مائة وخمسين قتيلاً من أبناء الأويغور وآلاف الجرحى، واعتقلت أكثر من 1500 منهم أثناء احتجاجهم على المظالم التي يعانون منها في عقر دارهم وبسبب السياسات الجائرة التي تنتهجها الحكومة المركزية في بكين.
التقارير الدولية المعنية بقضية الأويغور ـ على قلتها ـ تؤكد أن الحكومة الصينية تفرض على مسلمي الأويغور في الغرب الأقصى من البلاد حالةً من العزلة، وتقيد ممارستهم للشعائر الدينية، وترفض السماح لهم بأداء مناسك الحج والعمرة ولا منحهم وثائق أو جوازات سفر لهذا الغرض، وتمنعهم من استخدام لغتهم في المدارس والمؤسسات الثقافية والإعلامية. ويصل الاضطهاد إلى المظهر والسلوك الشخصي لأفراد شعب تركستان الشرقية.
وتفرض السلطات الحكومية رقابةً صارمة على المساجد، وتقوم برفت المعلمين ذوي الميول الإسلامية، وتحرم الطلاب المتدينين من حقهم في التعليم، وتميز العمال من "الهان" على العمال الأويغور، وخصوصاً في حقول النفط الغنية الواقعة في الإقليم؛ حيث تحرم أهل البلاد من العمل فيها، وتستجلب عمالاً من مناطق صينية أخرى للعمل هناك بأجور أعلى مما يحصل عليه العمال الأويغوريون.
وفوق كل هذه المظالم وألوان التمييز العنصري ضد أبناء شعب الأويغور المسلمين، لا تتورع السلطات الصينية عن إنزال عقوبة الإعدام على من تشتبه فيه منهم بأن لديه "نزعة انفصالية"، أو يدعو إلى استقلال تركستان الشرقية عن السيطرة الصينية، وقد أعدمت العام الماضي اثنين بعد محاكمة صورية، وحكمت على 15 شخصاً آخر بالسجن لمدد تتراوح بين 10 سنوات والسجن مدى الحياة بتهمة الانتماء لحركة تركستان الشرقية الإسلامية".
المفجع في مأساة شعب الأويغور أن الحكومة الصينية تسومه سوء العذاب، وتفعل به ما تشاء وكأن العالم لا يرى ولا يسمع ومن ثم فهو صامت أبكم، إلا من همهمات خافتة، وبيانات شاحبة لا تحرك ساكناً ولا توقف عدواناً، ولا تمنع انتهاكاً لحقوق الإنسان التي تهدرها السلطات الصينية يومياً دون أن ينتفض "العالم الحر"؛ وبالرغم من أوجه الشبه الكبيرة بين قضية الأويغور وتركستان الشرقية المسلمة، وقضية التبت/ الوثنية، التي احتلتها الصين أيضاً سنة 1950، إلا أن الإدانات الدولية من الحكومات ومنظمات حقوق الإنسان لم تتوقف حتى غيرت حكومة الصين سياساتها تجاه إقليم التبت وزعيمه الداي لاما الذي حصل أيضاً ـ وفي هذا السياق الحقوقي ـ على جائزة نوبل للسلام.
ردود الفعل على الانتهاكات والسياسات القمعية التي يتعرض لها مسلمو الأويغور في وطنهم تضيف مؤشراً جديداً على ازدواجية المعايير في السياسات الدولية الحكومية وغير الحكومية، وتؤكد مجدداً أن القوى المهيمنة على العالم تسترخص دماء المسلمين وتستهين بأعراضهم وجميع حقوقهم.
ليس جديداً أن تأتي مواقف القوى الدولية ـ وخاصة الأوربية والأمريكية ـ باهتة وخافتة على هذا النحو الحاصل تجاه التطورات الأخيرة في قضية تركستان الشرقية والقهر الذي يتعرض له مسلموها على يد الحكومة الصينية، فهذا هو ديدنها باستمرار تجاه مثل هذه القضايا، ولكن المؤسف والمحزن معاً أن يأتي رد الفعل المعبر عن منظمة المؤتمر الإسلامي ضعيفاً وباهتاً هو الآخر؛ إذ لم يتجاوز حد الإعراب عن "قلق المنظمة" مما يجري للأويغور في تركستان الشرقية!! "قلق" هكذا عبر بيان المنظمة ! قارن ذلك بما قاله الناطق باسم الخارجية الأمريكية إيان كيلي قال "لدينا مخاوف"، و"نشعر بعميق الأسف على خسائر الأرواح" هذا كل ما هنالك!.
الصين تقهر قسماً غالياً من أبناء الأمة الإسلامية في تركستان الشرقية، والبضائع الصينية تغرق أسواق أغلبية البلدان العربية والإسلامية وتتسبب في إغلاق عشرات الآلاف من الصناعات الصغيرة والحرف اليدوية ومصادر الرزق لقطاعات واسعة من البسطاء والمهمشين والفقراء في بلادنا. فهل آن لنا أن نستيقظ؟.

المصدر/ جريدة السبيل

تاريخ النشر : 11/07/2009

دكتور طاش غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .