العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 140 عام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى بحث مطر حسب الطلب (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مثال متلازمة ستوكهولم حينما تعشق الضحية جلادها (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال مستعمرات في الفضاء (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال كيفية رؤية المخلوقات للعالم من حولها؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال حوار مع شيخ العرفاء الأكبر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الضفائر والغدائر والعقائص والذوائب وتغيير خلق الله (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال فتى الفقاعة: ولد ليعيش "سجينا" في فقاعة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى كتاب المسح على الرجلين في الوضوء (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 23-12-2010, 02:32 PM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي من تاريخ بدء الكتابة

من تاريخ بدء الكتابة

كان المصريون والعراقيون القدماء يدونون أحداثهم بالصور، فإذا أرادوا أن يذكروا سفينة في البحر يرسمونها، وإن أرادوا أن يذكروا بقرة يرسمونها، أو طيراً أو قتيلاً الخ. ولا يزال بعض المصريين في الأرياف في الوقت الحاضر، يتبعون نفس الأسلوب، فإذا ما أدى أحدهم فريضة الحج، فإنهم يرسمون على أعلى باب داره جملاً وهودجاً وصورة للكعبة، ليدللوا أن صاحب هذا البيت قد أدى فريضة الحج.

لكن واجهت العراقيين بعض المشاكل في التعبير عن الحزن والسرعة والفرح الخ، فقاموا برسم جناح طير دلالة للسرعة، وشعر امرأة منسدلا دلالة الحزن وذراعاً مفتولة دلالة للقوة الخ.

سنقوم في هذه السلسلة من المساهمات المتواضعة تتبع الكيفية التي بدأت بها الكتابات من المسمارية (السومرية) ومن ثم الأكدية، وتتبع العلاقات بين الكتابات القديمة في كل المنطقة الممتدة من سواحل الأطلسي بما فيها الأمازيغية الى تلك التي انتشرت في وادي النيل وسواحل البحر المتوسط الشرقية، والجزيرة العربية والعراق.

وسنعتمد مجموعة من الأبحاث العربية والأجنبية ومقارنتها بالمشاهدات التي نلحظها بالصدفة من خلال المعايشة بين أصناف مختلفة من المواطنين الذين لا زالوا يحتفظون ببعض العبارات النادرة...




__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 17-03-2011, 10:12 AM   #2
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

كيف نشأت اللغات؟

للحديث عن بداية نشوء اللغات، لا بد من المرور على الآراء النظرية في عمر الإنسان على الأرض وعمر الأرض نفسها، وهو حديثٌ يطول، ولكننا سنختصره فقط للتأسيس لأصول تكوين لغتنا العربية الراهنة.

يقدر بعض العلماء عمر الأرض ب 2000 مليون سنة (ملياري سنة)، وعمر الحياة عليها 1200 مليون سنة، أما عمر الإنسان فهو حوالي مليون سنة، وعمر حضارته المعروفة أو المدونة 6000 سنة. ولو اختصرنا كل ذلك واعتبرنا أن عمر الحياة على الأرض 100 سنة، فيكون عمر الإنسان على الأرض شهراً واحداً وحضارته ساعتين*1

يقول العلامة طه باقر في كتابه المعروف (مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة) أن هناك عدة تفسيرات لنشوء اللغة من الممكن إرجاع اللغات البشرية فيها الى ثلاثة أصول بعيدة:
1ـ محاكاة الأصوات الطبيعية Onomatopoeic
2ـ أصوات مصحوبة بالإشارات، أو إشارات مصحوبة بأصوات Gesture and Sound، وبهذين الأسلوبين نشأت المفردات المادية Concrete
3ـ أما المعاني والمفردات المجردة فيمكن إرجاع أصلها البعيد الى المفردات المادية، أي أنها مشتقة في الأصل من هذه، فمثلاً أن الكلمة اللاتينية (Space) ذات علاقة اشتقاقية من كلمة (Space) المادية، وكلمة (Anima) (النفس) اللاتينية مشتقة من (السنسكريتية Aniti) وهي النفس، وكلمة (Anias) الريح.

ومثلها كلمة نفس وروح بالعربية، فليست بعيدة عن النَفَس والريح، وكلمة انشراح وانقباض لهما علاقة بخروج النَفَس بسهولة أو صعوبة.

وقد يسأل البعض، كيف نشأت تلك اللغات البشرية المتنوعة؟ هل كانت لغة واحدة وتفرعت؟ أم أنها نشأت منذ البداية متنوعة؟ ومع أنه لا أحد يستطيع الجزم بذلك، فإن عدداً غير قليل من العلماء يرى أن الشعوب المنعزلة كانت لها لغاتها، واحتكاك الشعوب مع بعضها البعض رفد لغة كل شعب بكلمات جديدة. ودللوا على ذلك بالقول أن سكان أستراليا الأصليين يتكلمون ب 500 لغة مختلفة عن بعضها. وسكان كاليفورنيا فقط من الهنود الحمر لديهم 31 عائلة لغوية و135 لهجة فيما بينهم*2.

الكتابة المسمارية


بدأ الاهتمام بدراسة الحروف الهجائية وأصولها وكيفية تطورها، منذ القرن السابع عشر. يقول المؤرخ الروماني (تاسيتوس) أن البشر الأوائل الذين عبروا عن آرائهم بالخطوط والصور الحيوانية هم المصريون، وتُعد تلك الوثائق، وما تزال، من أقدم السجلات البشرية المحفورة على الحجر، ويدعي (المؤرخ) بأنهم أوجدوا الحروف الهجائية وعلموها للفينيقيين الذين كانوا سادة البحر وقدموها الى بلاد اليونان وكانوا فخورين بذلك من دون شك*3

ويأتي فريقٌ آخر من الباحثين في أصول الحروف الهجائية، والمتأثرين بنظرية أن الكتابة المصرية القديمة هي مصدر للأبجدية التي استخدمها أقوام الجزيرة العربية (الساميون) في التدوين. ويستند هذا الفريق على أن الكتابات المكتشفة في سيناء التي تحتوي على نحو (150) علامة تضم بينها حسب رأي هذا الفريق (31ـ32) حرفاً هجائياً تصلح لإيجاد أوجه شبه بينها وبين أبجديات الجزيرة العربية*4

ويعتقد ديفيد درنجر في مؤلفه (الكتابة) بأن جميع الحروف الأبجدية في لغات أوروبا متفرعة عن الحروف الهجائية اليونانية، والأخيرة بدورها مقتبسة من الهجائية الكنعانية (الفينيقية). ومن أجل مناقشة هذا الرأي لا بد لنا من أن نقارن بين قِدم هجرة الكنعانيين وغيرها من الهجرات لأقوام الجزيرة العربية. إن هجرة الأكديين الى وادي الرافدين كانت في حدود الألف الرابع قبل الميلاد، حيث أنهم سكنوا مع السومريين جنباً الى جنب وأسهموا في بناء الحضارة العراقية الأولى، بينما نجد أن هجرة الكنعانيين الى سواحل المتوسط وفلسطين كانت في حدود الألف الثالث قبل الميلاد. والملاحظ على هذه الفترة أن الجهل كان يسود معظم أرجاء العالم في حين كان العراق قد قطع شوطاً واسعاً في التحضر.

ويفند الدكتور خالد الأعظمي*5 أقوال من يقدموا الفينيقيين والمصريين على العراقيين في اختراع الكتابة بما يلي:

1ـ يذكر موريس دونالد عن كتاب (قواعد اللغة المصرية) أن عدد الرموز الهيروغليفية في الكتابة المصرية بلغت (749) رمزاً، والمتممات الصوتية 168 علامة.. ويقول الأعظمي أن هذا العدد الهائل يجعل من العسير على الشعوب الأخرى تعلمها. في حين بلغ عدد العلامات المسمارية في العهد البابلي 100 علامة [ العلامة المسمارية تتكون من حرفين اثنين أولهما إما أن يكون حرفاً صحيحاً مع حروف العلة أو يبدأ بحرف علة مع حرف صحيح]

2ـ معروف تاريخياً أن الخط المسماري بدأ في الألف الرابعة قبل الميلاد وفي العراق، ومر بثلاث مراحل تطورية بطيئة. في حين الخط الهيروغليفي ظهر خلال الألف الثالثة قبل الميلاد وتطور سريعاً بفعل عوامل خارجية وهي العوامل العراقية (الخط المسماري العراقي).

3ـ إن الكتابة المسمارية العراقية والتي طورها الأكديون والبابليون والآشوريون كانت ملائمة تماما لقواعد لغتهم النحوية وتصاريف مفرداتهم اللغوية ولغة أقوام الجزيرة العربية لأنها من عائلة لغوية واحدة. في حين لم تصلح الهيوغليفية لذلك لعدم ملائمتها لما كان سائد في الجزيرة العربية، شمالها وجنوبها. وكون الشعوب التي نزحت من الجزيرة حلت في العراق وبلاد الشام، فهي كانت على تواصل في لغاتها.

4ـ لا أساس لصحة ما يقال عن الخط الأوغاريتي الهجائي المكتشف في (أوغاريت ـ سوريا)، والمسماري بأنه لا علاقة له بالخط العراقي إلا بالشكل، فهو متأثر به ومقتبس عنه.

يتبع

هوامش:
*1ـ عن (CEM Joad) في مقالة له في الموسوعة Encyclopedia of Modern Knowledge Vol. 1 p 18
*2ـ طه باقر/ مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة/ بغداد 1955/ ط2/ صفحة 32.
*3ـ D.Diringer Writing pp. 112-113
*4ـ Writing and our Alphabet pp.48-49 S. A Mercer, the Origin of A,H Gardiner The Egyptian origin of the Semitic Alphabet, in JEAIII PP.1-16
*5ـ أ.د. خالد الأعظمي/ الكتابة المسمارية وعلاقتها بالحروف الهجائية القديمة الفينيقية والإغريقية واللاتينية/بحوث الندوة العربية التي نظمها بيت الحكمة في بغداد للمدة بين 10ـ11/10/2001.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 17-04-2011, 03:58 PM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

أدوات الكتابة

لم يترك البشر سطحاً من جلد أو حجر أو غيره إلا وتركوا آثارهم الكتابية عليه، فمنها ما دام ومنها ما اندثر. كما استخدموا وسائل يكتبون بواسطتها وأحباراً وألواناً، سنمر عليها باختصار.

الطين

الطين من أقدم ما كتبت عليه البشرية، وذلك لليونته وسهولة النقش عليه وهو طري، ثم يجفف إما بالشمس أو بالحرارة، وقد استخدمه سكان العراق القديم (السومريون والأكديون والبابليون والآشوريون) وتحتفظ المتاحف العراقية بآلاف النماذج من تلك الكتابات.

الحجر

كثرت الكتابة على الحجر في البيئات الصخرية، وهي أكثر دواماً من الطين وغيره، ولكن يعاب عليها ثِقل الأوزان. وكانت الحجارة المكتوب عليها تُسمى (الوُحِّي) بضم الواو وكسر الحاء، وقد وردت بشعر زهير بن أبي سلمى:

لمن الديار غشيتها بالفدفد
كالوحي في حجر المسيل المخلدِ

[الفدفد: صوت كالفحيح]

وكانت العرب تكتب على اللخاف وهو الحجر الرقيق الأبيض، وقد ورد ذكرها في قول زيد بن ثابت عندما أمره أبو بكر الصديق رضوان الله عليهما بجمع القرآن فقال: (فجعلت أتتبعه في الرقاع والعُسب واللخاف)*1

ورق الشجر

كتب الهنود على أوراق الأشجار ـ كما يذكر البيروني ـ بوصفه لتلك الأوراق بأنها أوراق أشجار طويلة طول الورقة ذراع وعرضها عدة أصابع تسمى (تاري). وكتب المصريون القدماء على ورق البردي، كما كتب الصينيون على الورق الصيني.

العُسُب والكرانيف

العُسب والكرانيف، أجزاء تؤخذ من النخلة، فالعسيبة (مفرد عسب) من الأوراق، والكرانيف هي ما التصق من بقايا أوراق في جذع الشجرة، ومفردها كرنافة.

وقد ذُكر العسيب في شعر لبيد الجاهلي وهو يصف كاتباً:

متعودٌ لَحِنٌ يُعيد بكفهِ
قلما على عُسبٍ ذبلن وبانِ*3

الأقتاب والأكتاف والعظام

القتبة هي (الحردبة أو طرف سنام الجمل) والأكتاف هي كتف الشاة كان يُكتب عليها، ويُذكر أن رسول الله صلوات الله عليه لما مرض، دعا عبد الرحمن بن أبي بكر وطلب منه أن يحضر كتف شاة ليكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه*4
أما العظام فقد استمر العرب باستخدامها حتى العصر الأموي.

المهارق

هي في الأصل من خِرَقِ الحرير، ولفظها الأصلي فارسي، يقال له في بلاد فارس (مهر كارد: والكارد أو الكرت هو المعروف اليوم)، دمجها العرب فأصبحت (مهرق)، بيضاء رقيقة كان يُكتب عليها. وفي شعر حسان بن ثابت:

كَم للمنازل من شهرٍ وأحوال
لآل أسماءَ مثل المهرق البالي

القُباطي

من لفظها تُعرف بأنها مِصرية المنشأ، استخدمها العرب في كساء الكعبة، والكتابة عليها، ولباساً لنسائهم، وهي مصنوعة من الكتان، قال زهير بن أبي سلمى في شعره:

ليأتينكَ مني منطقٌ قذعٌ
باقٍ كما دنس القبطية الودكُ

[الودك: دسم اللحم ـ من لسان العرب]

الرق

الرق والأديم والقضيم كلها من الجلود، فالرق هو الجلد الذي يُرَق للكتابة عليه، وقد ورد في التنزيل { والطور* وكتابٍ مسطور* في رق منشور}. والأديم الجلد الأحمر المدبوغ، وفي حديث أم سلمة قالت: (إن النبي صلوات الله عليه، دعا بأديم وعلي ابن أبي طالب رضوان الله عليه عنده، فلم يزل يُملي وعلي يكتب حتى ملأ بطن الأديم) [ ذكرها العلامة: كوركيس عواد في الورق]. والقضيم الجلد الأبيض (للكتابة) وترد في شعر النابغة الذبياني:

كأن مجر الرامسات ذيولها
عليه قضيمٌ نمقته الصوانع

يتبع في هذا الباب


هوامش
*1ـ ذكره الدكتور يحيى وهيب الجبوري (أستاذ في جامعة قار يونس) في كتابه الكتابة والخط في الحضارة العربية/ دار الغرب الإسلامي/ ط1/1994 صفحة 248
*2ـ البيروني تاريخ الهند ص 81.
*3ـ ديوان لبيد صفحة 23
*4ـ طبقات ابن سعد 1/3 صفحة 128
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 12-05-2011, 12:16 PM   #4
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

تابع لما قبله

البردي والقرطاس

ترد في كتابات القدماء من مؤرخينا، البردي والقرطاس، ويرد في القرآن الكريم الصحيفة والكتاب والزبر، ويتوقف الدكتور يحيى الجبوري عند تعريف كل واحدة، من تلك الأسماء من المفيد المرور عليها قبل أن ندخل في البردي والقرطاس:

الصحيفة: وتدل على المكتوب وما يُكتب به ولم تُخصص لمادة معينة، فقد تكون جلداً أو ورقاً أو غيره. وقد وردت الصحيفة أو الصحف في القرآن الكريم 8 مرات { رسول من الله يتلو صحفا مطهرة []إن هذا لفي الصحف الأولى [] صحف إبراهيم وموسى[]في صحف مكرمة []بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة [] الخ.
والصحيفة في لسان العرب وجمعها صحائف كسفينة وجمعها سفائن وإن كانت تجمع سفن، والمصحف ما جمع الصحائف بين غلافيه.

الكتاب: والكتاب أعم من الصحيفة وأشمل، وقد ورد لفظ الكتاب بالقرآن الكريم (261) مرة. وهي تدل على الشيء المكتوب { و إن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا []الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون } الخ

والكتاب في لسان العرب له أكثر من دلالة فوق دلالة ما هو معروف عنه، فهو الأمر وهو السؤال وهو الفرض (كُتب عليكم الصيام)، والكتيبة هي القوة المتحيزة المستعدة، فدلالته عند العرب أكبر من الصحيفة بلا شك.

عودة الى البردي والقرطاس:

لقد عرف العرب البردي منذ العصر الجاهلي وكانوا يطلقون عليه (القرطاس)، وهي كلمة يونانية (Chartes) ومعناها ما يُكتب عليه، وقد ورد في معلقة (طرفة ابن العبد) يصف فيها خَدَّ ناقته وكأنه قرطاس الشام:
وخَدٍ كقرطاس الشآمي ومِشفرٍ
كَسِبت اليماني قَدُهُ لم يُجَرّدِ
وقد أسماه طرفة بالقرطاس الشامي لأن الرومان الذين كانوا في الشام يستوردونه من مصر. ومصر تصنعه من البردي، بنقعه وتمديده فيكون بطول 30 ذراعا وعرض قدم. ووصف بعضهم (الفرد بتلر) عملية تصنيعه، بأنه يقدد وينقع بالصمغ العربي لمدة ساعة تقريباً ثم يضغط بعد تصليب شرائحه مع بعض، وبإمكان الزائر لمصر (هذه الأيام) أن يرى خطوات تصنيعه بوضوح.

ولم تكن مصر وحدها تنتج البردي، بل كانت صقلية تنتجه بمواصفات قريبة من المصرية وهناك من يقول أن صناعته انتقلت لصقلية من مصر.

وورد القرطاس في القرآن الكريم { ولو نزلنا عليك كتاب في قرطاس} الأنعام 7، وفي قوله تعالى أيضاً { تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا} الأنعام 91.

الورق (الكاغد)

معروف، أن أصل الورق من الصين، وكان العرب يطلقون عليه (كاغَد) بفتح الغين، واللفظ فارسي ويقال أنه صيني. وقد استحسن العرب الكتابة على الورق بعد فتحهم خراسان وسمرقند، وقد سميت أصناف الورق بأسماء الولاة أو الخلفاء، فكان الورق السليماني نسبة الى (سليمان بن راشد) الذي كان والياً على خراسان زمن الرشيد. والورق (النوحي) نسبة الى نوح الساماني أحد أمراء دولة بني سامان، والورق المأموني نسبة الى الخليفة المأمون.

وقد سبقت (سمرقند) المُدن الإسلامية في صناعة الورق، ثم دخلت صناعته المدن الإسلامية من بغداد في نهاية القرن الثاني الهجري الى قرطبة*1. وكانت أحجام الورق بطول ذراع بذراع للورق البغدادي الكامل، وينقص أربع أصابع في الورق البغدادي الناقص، وكان يُكتب للناس بحجم ورقة حسب أهميتهم، فيكتب للخلفاء على ثلثي ورقة، ويكتب للولاة على نصف ورقة، والى العمال (حكام المدن) على ثلث ورقة، والى التجار على ربع ورقة، والى الحُسّاب على سدس ورقة الخ.*1

القلم


كانت الأقلام عند السومريين تُصنع من الحديد أو الحجر أو الخشب للضغط على الطين بواسطتها. والقلم عند العرب يؤخذ من سعف النخيل أو القصب ويُقَّط أو يبرى ثم يُغمس في المداد، وقد يستخدم ريش الطيور لنفس الغرض. وقد ورد القلم في القرآن الكريم أربع مرات: مرتان بصيغة المفرد ومرتان بصيغة الجمع {ن والقلم وما يسطرون}، و {...الذي علم بالقلم}؛ {ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم ايهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون} و { ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات الله ان الله عزيز حكيم}

وكان للأقلام مقاسات تقاس بشعرة (البرذون)*3، أعرضها 24 شعرة، إلا ما كان يُكتب به على الجدران فهو خارج القياس.

المداد والدواة

والمداد ما يمد القلم ليبقى يكتب، وهو غير ملون بخلاف الحبر، والمداد أصله من الصين، وقد صنعه العرب فيما بعد بخلط الصمغ والزاج والعفص*4 ويسمى الحبر المطبوخ وهو يناسب الرق (الكتابة على الجلود)، ويكون لامعاً براقاً. أما الحبر المستخدم في الكتابة على الورق فيكون من (سنا) حرق نباتات دهنية كالآس أو بذر الفجل والكتان الخ.

ويصف (ابن مُقلة) الخطاط العباسي المعروف أحسن أنواع الحبر فيقول: (أجود المداد ما أُخِذَ من سخام النفط حيث يؤخذ ثلاثة أرطال منه وينخل جيداً ويضاف عليه رطلاً من العسل، و15 درهما من الملح و10 دراهم من العفص وثلاث أمثال هذه الكمية من الماء وتوضع على نارٍ هادئة وتخلط جيداً حتى تثخن ويُحتفظ بها لحين الحاجة)*5

الدواة والليقة
الدواة هي الآنية التي يوضع بها المداد (الحبر)، وقد انتبه العرب الى أن أفضل الأواني للحبر، هي التي تكون كروية، حتى لا يجف الحبر في الأواني المربعة أو غير الدائرية. والليقة هي قطعة الصوف التي توضع داخل الدواة. وقد تكون الليقة من القطن أو الحرير.

وقد صنع العرب الدواة من الخشب والحديد والنحاس والفخار، ثم صنعوها فيما بعد من الزجاج. ويعتبر الاستمداد (أي أخذ الحبر والمداد من الدواة) من الفنون التي من لا يعرفها لا يعرف فن الكتابة كما قال المقّر العلائي (من لم يحسن الاستمداد وبري القلم لا يحسن الكتابة). وقال عماد الدين ابن العفيف (إذا أمد الكاتب فليكن القلم بين أصابعه على صورة إمساكه له حين الكتابة).

هوامش
*1ـ مقدمة ابن خلدون ص 206
*2ـ القلقشندي/ صبح الأعشى 6/189
*3ـ البرذون: حيوان أمه الفرس وأبوه الحمار، تتدلى أذناه، ويثخن شعره.
*4ـ العفص: نبات (دغل) بري ينبت في قرب نهر دجلة، ويثمر ثمرة تشبه ثمرة السرو بحجم ثمرة الجوز، عندما يدق يخرج منه مسحوقاً ناعماً جداً، يستعمله العشابون لمعالجة الزحار والإسهال، ومرضى القرحة.
*5ـ القلقشندي/ صبح الأعشى 2/464
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 12-06-2011, 11:18 AM   #5
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

العلاقة بين أبجديات المنطقة

البحث في تلك العلاقة، لا يخلو كثيراً من براءة، فالأهداف السياسية تتضح من خلال تلك البحوث وتوظيفها بدأبٍ ومتابعة، وتكون اليد العُليا بالأخير لمن يملك الدلائل والبحوث ووسائل نقلها والاحتفاظ بقدرٍ كبير من (الرُقم)، وقطع الآثار التي تبرهن على العلاقة العضوية بين تلك المكتشفات الأثرية.

وكون الغرب، قد بدأ بالاهتمام بتلك النواحي، وكون موازاة البحث فيها قد صادف ذروة نشاطه الاستعماري، فكان من السهل توظيف تلك البحوث في ترسيخ مفاهيم تعاونه على خلق أجيال أو طلائع أجيال تتبنى فكرته، خصوصاً إذا عرفنا أن معظم أو كل طلبة المنطقة الذين اهتموا بهذا الجانب من البحوث، قد تتلمذوا على أيدي العلماء والخبراء الأجانب ودرسوا وكملوا تعليمهم العالي في جامعاتهم.

ويستطيع المتتبع أن يفرز النوايا السيئة من النوايا العلمية المحضة، من خلال جهد بعض العلماء العرب، ومقارنتها بجهود مَن يخدم الأهداف الاستعمارية، فالاستشهاد بأحد الحفريات وتجاهل غيرها التي قد تدحض ما جاء في الأولى يدلل على النوايا السيئة.

الجهود الفرنسية في سلخ الجزء الغربي من المنطقة

حاولت إدارات المستعمرات الفرنسية أن تشيع مفاهيم مُعينة لإقناع أبناء الدول المغاربية بأن لا صلة لهم مع المشرق العربي، لا من قديم ولا من جديد. فمنذ عام 1913 وهو التاريخ الذي صار فيه كتابة اللغة البربرية بأحرفٍ لاتينية، حرص الفرنسيون التركيز على الزعم بأنهم مهتمون بجعل اللغة البربرية ملائمة للعصر، كخطوة تكتيكية لعزل العربية مما يفسح المجال لإحلال الفرنسية محل الاثنتين*1

وقد تم التهويل في مصطلح (تيفيناغ) والذي يدلل على اللغة الخاصة بالأمازيغ أو البربر. وبالمناسبة، فإن تغيير اسم البربر الى أمازيغ قد جاء من طرف الأوروبيين لتحرجهم من اللفظ الذي يعني عندهم الأناس المتوحشين، في حين لم يتحرج العرب ولا حتى البربر من هذا اللفظ لأنه يعني في لغتهم التكاثر الغزير والتوغل في الصحراء*2

وقد تحدثت الأكاديمية البربرية في إحدى وثائقها عن هذا الموضوع في شيء من النخوة والاعتزاز، قائلة (وإذا كان العرب يدينون بالفضل للآراميين والأوربيون يدينون للفينيقيين... فإن البربر لا يدينون لأحد في وضع الحروف الهجائية للغتهم... أي أنهم قد اخترعوا ـ إذاً ـ هذه الحروف التي ترجع الى عهد ضارب في القدم (3000 سنة قبل الميلاد، والتي حافظ لنا عليها أخوتنا في (التوارق: الطوارق) في الصحراء)*3

وتفسير كلمة (تيفيناغ) بأنه (هذه اللغة ملكنا أو لنا) هو تفسير ضعيف بلا شك، أراد أصحابه أن يطوعوه للهدف الذي يعزز العزل، ولو أردنا التعرف على الكلمة بشكل أكثر لوجدناها تعني (الفينيقية) فالبربر يؤنثون الشيء بوضع (التاء) في مقدمته (تطوان؛ تمازيغت؛ تليلان؛ توشين؛ تفشيش) الخ، أما الفينيقية فهي تعني التحضر ولم يطلق الكنعانيون على أنفسهم لفظ (فينيقيين) ولكن الآخرون قد وصفوهم بها فقالوا عنهم (المتحضرين) والبربر عندما يكتبون بهذه اللغة فإنهم نسبوها الى الفينيقية (المتحضرة).

والإدعاء بأن تلك اللغة قد كتب بها قبل خمسة آلاف سنة، فهو قولٌ ضعيف أراد منه مطلقوه أن يفصلوا بين وصول الكنعانيين واستعمال تلك اللغة. وأن (النقائش) التي عُثر عليها بهذه اللغة لم تتعدى (1125) نقيشة، معظمها على القبور، وكانت بكلمات قليلة لم تلتزم بالكتابة باتجاه واحد، بل تجدها أحياناً تُكتب من اليمين الى اليسار أو من اليسار الى اليمين أو من فوق لتحت أو العكس.

وأول نقش تم اكتشافه كان عام 1842 وهو أقدم تاريخ للُقَى المسجلة، وكان مكتوباً أصلاً بالخط (اللوبي: الليبي)*4. وأقدم تاريخ معروف لهذه النقائش هي نقيشة (دقّة) التي يعود تاريخها الى حدود سنة 139 ق. م، أي السنة العاشرة من حكم الملك البربري (مكوسن بن الملك مسنسن). ولا يوجد نصوص طويلة لأي نقيشة.

خاتمة هذه الحلقة

لقد وقفنا قليلاً عند هذا الموضوع للتدليل على الجهود المضنية التي تقوم بها الدوائر الغربية لتفتيت الانتماء المشترك لأبناء هذه المنطقة، وللتمهيد لدعوات إثنية في كل بقعة أو في كل بلدٍ من بلداننا من أجل إشغال أهله في خلافات اثنية تبقي على تخلفه..

وسنتتبع العلاقة بين كل أبجدية مع الأخرى، في الحلقات المقبلة.

هوامش

*1ـ محمد المختار العرباوي/ البربر عرب قدامى/ طبعة ثانية/ تونس 2000/ صفحة 11 و 12.
*2ـ الصلات المشتركة بين أبجديات الوطن العربي القديمة/ بحوث الندوة العربية التي نظمها بيت الحكمة/بغداد: 2002/ صفحة 351.
*3ـ صالح بلعيد/ في المسألة الأمازيغية/ الجزائر: 1999، صفحة 90.
*4ـ J.Chabot: Recueil des in******ions libyques- imprimerie nationale – Paris 1940 نقيشة عدد1 صفحة 2.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .