جزاك الله خيرا على الرد الطيب وأثابك جنة الفردوس بفضله ومنه
نصيحة من ابن القيم رحمه الله
هلم إلى الله
هلم إلى الدخول على الله ، ومجاورته في دار السلام ، بلا نصب ولا تعب ولا عناء ، بل من أقرب الطرق وأسهلها ، وذلك أنك في وقت بين وقتين ، وهو في الحقيقة عمرك ، وهو وقتك الحاضر بين ما مضى وما يستقبل. فالذي مضى تصلحه بالتوبة والندم والاستغفار . وذلك شيء لا تعب فيه ولا نصب ولا معاناة عمل شاق ، إنما هو عمل قلب . وتمتنع فيما يستقبل من الذنوب ، وامتناعك ترك وراحة ، ليس هو عملا بالجوارح يشق عليك معاناته ، وإنما هو عزم ونية جازمة تريح بدنك وقلبك وسرك.
فما مضى تصلحه بالتوبة ، وما يستقبل تصلحه بالترك والامتناع والعزم والنية ، وليس للجوارح في هذين نصب ولا تعب ، ولكن الشأن في عمرك هو وقتك الذي بين الوقتين ، فإن أضعته أضعت سعادتك ونجاتك ، وإن حفظته مع إصلاح الوقتين الذين قبله وبعده بما ذكر نجوت وفزت بالراحة واللذة والنعيم . وحفظه أشق من إصلاح ما قبله وما بعده ، فإن حفظه أن تلزم نفسك بما هو أولى بها وأنفع لها وأعظم تحصيلا لسعادتها.
وفي هذا تفاوت الناس أعظم تفاوت ، فهي والله أيامك الخالية التي تجمع فيها الزاد لمعادك إما إلى الجنة وإما إلى النار ، فإن اتخذت إليها سبيلا إلى ربك بلغت السعادة العظمى والفوز الأكبر في هذه المدة اليسيرة التي لا نسبة لها على إلى الأبد. وإن آثرت الشهوات والراحات واللهو واللعب انقضت عنك بسرعة ، وأعقبتك الألم العظيم الدائم ، الذي مُقاساته ومعاناته اشق وأصعب وأدوم من معاناة الصبر عن محارم الله والصبر على طاعته ومخالفته الهوى لأجله
كم هي جميلة هذه الكلمات التي سطرتموها
تدخل الرضى للنفس
وتزيل بعضا من الهموم
وتبعد التعب
جزاكم الله خيرا
__________________
كيف استر الدمع في عيونٍ عرايـــــا
وسحاب الألم لا يترك في العمر ورقة إلا ويرويها بالشقاء
أنّى للدموع الاختباء والفؤاد جريح
والنزيف سنين من عمرٍ صار خراب
فيا دمعاتي الحوارق هونا على الخدود حرّقها لهيبك
وهونا على العمر صار يجر الخراب وهو في بواكير الصبا