العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الاسلامي > الخيمة الاسلامية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال فسيولوجية السمو الروحي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى توهم فريجولي .. الواحد يساوي الجميع (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 140 عام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى بحث مطر حسب الطلب (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مثال متلازمة ستوكهولم حينما تعشق الضحية جلادها (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال مستعمرات في الفضاء (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال كيفية رؤية المخلوقات للعالم من حولها؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال حوار مع شيخ العرفاء الأكبر (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 23-02-2010, 08:04 AM   #51
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

حضارة وثقافة

وشهدت "الدولة الطاهرية" –في عهد "عبد الله بن طاهر"- ازدهارًا اقتصاديًا ملحوظًا، فقد اهتم بالزراعة وهو ما أدى إلى تنوع المحاصيل، وشق الترع وقنوات الري، وعندما اشتد النزاع بين المزارعين حول استخدام تلك القنوات أصدر عددًا من التشريعات والقوانين التي تنظم العلاقة بين المزارعين في استخدامها.

كما نشطت بعض الصناعات التي تخصصت في إنتاجها مدن معينة، فاشتهرت "مرو" بصناعة المنسوجات الحريرية والقطنية، كما اشتهرت أيضًا بصناعة الألبان وتجفيف الفواكه، واشتهرت "كركان" بصناعة الأخشاب، وتميزت "طبرستان" بصناعة المفروشات والأكسية الطبرية، وجادت كذلك الصناعات المعدنية وخاصة الحديد في إقليم ما وراء النهر، وكان لصناعة السجاد أهمية خاصة فقد انتشرت تلك الصناعة في إيران منذ القدم، بالإضافة إلى صناعة الجلود والخزف والأسلحة.

وقد أدى ذلك إلى رواج التجارة في تلك المناطق، وازدهار أسواقها، وظهور أسواق شهيرة بها مثل أسواق "نيسابور" و"كرمان".

النهضة الفكرية والعلمية في عهد عبد الله بن طاهر

كما شهدت الحياة الفكرية والعلمية والثقافية نهضة كبيرة في عهد "عبد الله بن طاهر"، فكان يشجع العلماء والأدباء والشعراء، وكان "عبد الله" شاعرًا بليغًا يهتم باللغة العربية وفنونها وآدابها، فالتف حوله عدد من الأدباء والعلماء والفقهاء، منهم "أبو عبيد الله القاسم بن سلام" –المتوفى سنة (224هـ = 839م)- وكان "عبد الله بن طاهر" يشمله بالعطف والرعاية، فكان إذا ألف كتابًا أهداه إلى "عبد الله" فيكافئه على ذلك بالأموال الكثيرة، كما ارتبط كذلك بالشاعر "كلثوم بن عمرو بن الحارث" –"العنابي"- وكانت بينهما علاقة وطيدة، وارتبط به كذلك "يوحنا بن ماسويه" الطبيب الشهير، وألف له كتاب: "الصداع وعلله وأوجاعه وجميع أدويته".

واستمر "عبد الله بن طاهر" يبذل جهده في جد وإخلاص لبناء صرح تلك الدولة التي حملت اسم عائلته لأكثر من نصف قرن من الزمان، حتى ينهض بها أبناؤه وأحفاده من بعده، لا يتوانى في سبيل تحقيق هذا الهدف لحظة، ولا يغفل عن تنفيذ تلك الغاية طرفة عين حتى توفى في (11 من ربيع الأول 230هـ = 26 من نوفمبر 844م) عن عمر بلغ (48) عامًا.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-02-2010, 11:30 AM   #52
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

ميلاد النبي: الحدث.. وطرق الاحتفال

(في ذكرى مولده: 12 ربيع الأول من عام الفيل)


كانت "مكة" على موعد مع حدث عظيم كان له تأثيره في مسيرة البشرية وحياة البشر طوال أربعة عشر قرنًا من الزمان، وسيظل يشرق بنوره على الكون، ويرشد بهداه الحائرين، إلى أن يرث الله الأرض وما عليها.

كان ميلاد النبي "محمد" صلى الله عليه وسلم أهم حدث في تاريخ البشرية على الإطلاق منذ أن خلق الله الكون، وسخر كل ما فيه لخدمة الإنسان، وكأن هذا الكون كان يرتقب قدومه منذ أمد بعيد.

وفي (12 من ربيع الأول) من عام الفيل شرف الكون بميلاد سيد الخلق وخاتم المرسلين "محمد" صلى الله عليه وسلم.

وقد ذهب الفلكي المعروف "محمود باشا الفلكي" في بحث له إلى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولد يوم الإثنين (9 من ربيع الأول الموافق 20 من أبريل سنة 571 ميلادية).

نسبه الشريف

هو "أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة"، ويمتد نسبه إلى "إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان"، وينتهي إلى "إسماعيل بن إبراهيم" عليهما السلام.

وأمه "آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة"، ويتصل نسب أمه مع أبيه بدءًا من "كلاب بن مرة".

ورُوي في سبب تسميته أن أمه أُمرت أن تسميه بذلك وهي حامل، وروي أن جده عبد المطلب رأى في منامه كأن سلسلة من فضة خرجت من ظهره، لها طرف في السماء وطرف في الأرض، وطرف في المشرق وطرف في المغرب، ثم عادت كأنها شجرة، على كل ورقة منها نور، وإذ بأهل المشرق والمغرب يتعلقون بها؛ فتأولها بمولود يكون من صلبه يتبعه أهل المشرق والمغرب، ويحمده أهل السماء فسماه "محمد".

وتبدو أسباب التهيئة والإعداد من الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم في مهمته الجليلة ورسالته العظيمة، جلية واضحة منذ اللحظة الأولى في حياته، بل إنها كانت قبل ذلك، وقد تجلى ذلك حتى في اصطفاء اسمه صلى الله عليه وسلم، فليس في اسمه أو اسم أبيه أو جده ما يحط قدره وينقص منزلته، وليس في اسمه شيء محتقر، كما أنه ليس اسمه اسمًا مصغرًا تستصغر معه منزلته، وليس فيه كبرياء أو زيادة تعاظم يثير النفور منه.

ابن الذبيحين

ويعرف النبي صلى الله عليه وسلم بابن الذبيحين، فأبوه "عبد الله" هو الذبيح الذي نذر "عبد المطلب" ذبحه ثم فداه بمائة من الإبل، وجده "إسماعيل" – عليه السلام- هو الذبيح الذي فداه ربه بذبح عظيم.

وقد اجتمع للنبي صلى الله عليه وسلم من أسباب الشرف والكمال ما يوقع في نفوس الناس استعظامه، ويسهل عليهم قبول ما يخبر به، وأول تلك الأسباب كان شرف النسب "وأشرف النسب ما كان إلى أولي الدين، وأشرف ذلك ما كان إلى النبيين، وأفضل ذلك ما كان إلى العظماء من الأنبياء، وأفضل ذلك ما كان إلى نبي قد اتفقت الملل على تعظيمه".

ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يهوديًا ولا نصرانيًا ولا مجوسيًا، لأنه لو كان من أهل ملة لكان خارجًا عن دين من يدعوهم فيكون عندهم مبتدعًا كافرًا، وذلك ما يدعوهم إلى تنفير الناس منه، وإنما كان حنيفًا مسلمًا على مله آبائه: "إبراهيم" و"إسماعيل" عليهما السلام.

مولد النبي صلى الله عليه وسلم إيذان بزوال الشرك

كان مولد النبي صلى الله عليه وسلم نذيرا بزوال دولة الشرك، ونشر الحق والخير والعدل بين الناس، ورفع الظلم والبغي والعدوان.

وكانت الدنيا تموج بألوان الشرك والوثنية وتمتلئ بطواغيت الكفر والطغيان، وعندما أشرق مولد سيد الخلق كانت له إرهاصات عجيبة، وصاحبته ظواهر غريبة وأحداث فريدة، ففي يوم مولده زلزل إيوان "كسرى" فسقطت منه أربع عشرة شرفة، وخمدت نار "فارس" ولم تكن خمدت قبل ذلك بألف عام، وغاضت بحيرة "ساوة".

وروى عن أمه أنها قالت: "رأيت لما وضعته نورًا بدا مني ساطعًا حتى أفزعني، ولم أر شيئًا مما يراه النساء". وذكرت "فاطمة بنت عبد الله" أنها شهدت ولادة النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: "فما شيء أنظر إليه من البيت إلا نور، وإني لأنظر إلى النجوم تدنو حتى إني لأقول لتقعن عليَّ".

وروى أنه صلى الله عليه وسلم ولد معذورًا مسرورًا -أي مختونًا مقطوع السرة- وأنه كان يشير بإصبع يده كالمسبّح بها.

محمد اليتيم

فقد محمد صلى الله عليه وسلم أباه قبل مولده، وكانت وفاة أبيه بالمدينة عند أخوال أبيه من "بني النجار" وهو في الخامسة والعشرين من عمره.

وعلى عادة العرب فقد أرسله جدُّه إلى البادية ليسترضع في "بني سعد"، وكانت حاضنته "حليمة بنت أبي ذؤيب السعدي"، فلم يزل مقيمًا في "بني سعد" يرون به البركة في أنفسهم وأموالهم حتى كانت حادثة شق الصدر، فخافوا عليه وردوه إلى جده "عبد المطلب" وهو في نحو الخامسة من عمره.

لم تلبث أمه "آمنة" أن توفيت في "الأبواء" – بين "مكة" و "المدينة" – وهي في الثلاثين من عمرها، وكان محمد صلى الله عليه وسلم قد تجاوز السادسة بثلاثة أشهر.

وكأنما كان على "محمد" صلى الله عليه وسلم أن يتجرع مرارة اليتم في طفولته، ليكون أبًا لليتامى والمساكين بعد نبوته، وليتضح أثر ذلك الشعور باليتم في حنوّه على اليتامى وبره بهم، ودعوته إلى كفالتهم ورعايتهم والعناية بهم.

محمد في كفالة جده وعمه

عاش "محمد" صلى الله عليه وسلم في كنف جده "عبد المطلب" وكان يحبه ويعطف عليه، فلما مات "عبد المطلب" وكان "محمد" في الثامنة من عمره، كفله عمه "أبو طالب"، فكان خير عون له في الحياة بعد موت جده، وكان أبو طالب سيدًا شريفًا مطاعًا مهيبًا، مع ما كان عليه من الفقر، وكان "أبو طالب" يحب محمدًا ويؤثره على أبنائه ليعوضه ما فقده من حنان وعطف.

وحينما خرج "أبو طالب" في تجارة إلى "الشام" تعلق به "محمد" فرقّ له "أبو طالب" وأخذه معه، فلما نزل الركب "بصرى" -من أرض "الشام"- وكان بها راهب اسمه "بحيرى" في صومعة له، فلما رآه "بحيرى" جعل يلحظه لحظًا شديدًا، ويتفحصه مليًا، ثم أقبل على عمه "أبي طالب" فأخذ يوصيه به، ويدعوه إلى الرجوع به إلى بلده، ويحذره من اليهود.

محمد في مكة

وشهد "محمد" صلى الله عليه وسلم حرب الفجار – الذين فجّروا القتال في شهر الله الحرام رجب- وكان في السابعة عشرة من عمره.

وحضر "حلف الفضول" وقد جاوز العشرين من عمره، وقد قال فيه بعد بعثته: "حضرت في دار عبد الله بن جدعان حلفًا ما يسرني به حمر النعم، ولو دُعيت إليه اليوم لأجبت".

وقد عُرف النبي صلى الله عليه وسلم – منذ حداثة سنه – بالصادق الأمين، وكان موضع احترام وتقدير "قريش" في صباه وشبابه، حتى إنهم احتكموا إليه عندما اختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود في مكانه من الكعبة، حينما أعادوا بناءها بعدما تهدّمت بسبب سيل أصابها، وأرادت كل قبيلة أن تحظى بهذا الشرف حتى طار الشرُّ بينهم، وكادوا يقتتلون، فلما رأوه مقبلاً قالوا: قد رضينا بحكم "محمد بن عبد الله"، فبسط رداءه، ثم وضع الحجر وسطه، وطلب أن تحمل كل قبيلة جانبًا من جوانب الرداء، فلما رفعوه جميعًا حتى بلغ الموضع، أخذه بيده الشريفة ووضعه مكانه.

وعندما بلغ "محمد" صلى الله عليه وسلم الخامسة والعشرين تزوج السيدة "خديجة بنت خويلد"، قبل أن يُبعث، فولدت له "القاسم" و"رقية" و"زينب" و"أم كلثوم"، وولدت له بعد البعثة "عبد الله".

من البعثة إلى الوفاة

ولما استكمل النبي صلى الله عليه وسلم أربعين سنة كانت بعثته، وكانت "خديجة" أول من آمن به من النساء، وكان "أبو بكر الصديق" أول من آمن به من الرجال، و"علي بن أبي طالب" أول من آمن من الصبيان.

وأقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث سنين يكتم أمره، ويدعو الناس سرًا إلى الإسلام، فآمن به عدد قليل، فلما أمر بإبلاغ دعوته إلى الناس والجهر بها، بدأت قريش في إيذائه وتعرضت له ولأصحابه، ونال المؤمنون بدعوته صنوف الاضطهاد والتنكيل، وظل المسلمون يقاسون التعذيب والاضطهاد حتى اضطروا إلى ترك أوطانهم والهجرة إلى "الحبشة" ثم إلى المدينة.

ومرّت الأعوام حتى عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة فاتحًا –في العام العاشر من الهجرة- ونصر الله المسلمين بعد أن خرجوا منها مقهورين، ومكّن لهم في الأرض بعد أن كانوا مستذلّين مستضعفين، وأظهر الله دينه وأعز نبيه ودحر الشرك وهزم المشركين.

وفي العام التالي توفي النبي صلى الله عليه وسلم في (12 من ربيع الأول 11هـ = 7 من يونيو 632م) عن عمر بلغ (63) عامًا.

بدايات الاحتفال بالمولد النبوي

لعل أول من أحدث الاحتفال بذكرى المولد النبوي هو الملك المظفر "أبو سعيد كوكبري بن زيد الدين علي بن بكتكين" صاحب إربل، وكان أحد الملوك الأمجاد، وكان يحتفل به احتفالاً هائلاً يحضره الأعيان والعلماء ويدعو إليه الصوفية والفقراء.

وقد اختلف العلماء حول شرعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وانقسموا بين مؤيد ومعارض، وكان من أشد المنكرين لذلك المعارضين له؛ باعتباره بدعة مذمومة الشيخ "تاج الدين اللخمي" الذي يقول: "لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة الذين هم القدوة في الدين، المتمسكون بآثار المتقدمين، بل هو بدعة أحدثها البطّالون، وشهوة نفس اعتنى بها الأكّالون".

وقد انبرى الإمام "السيوطي" للرد عليه وتفنيد مزاعمه وإبطال حججه، وإذا كان بعض الناس يرتكبون أفعالاً منكرة في الاحتفال بالمولد، من لهو وصد عن ذكر الله وغير ذلك، فإن تعظيم هذا اليوم إنما يكون بزيادة الأعمال الصالحة والصدقات وغير ذلك من ألوان القربات إلى الله تعالى.

وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم؛ فصامه موسى. قال: فأنا أحق بموسى منكم؛ فصامه وأمر بصيامه.. (بخاري: كتاب الصوم، باب صيام يوم عاشوراء، رقم 2004).

ولعل في إشارة النبي صلى الله عليه وسلم إلى فضيلة هذا اليوم حينما سأله سائل عن صوم يوم الإثنين فقال: "ذلك يوم ولدت فيه"؛ ففيه تشريف لهذا اليوم الذي ولد فيه صلى الله عليه وسلم.

كيف نحتفل بالمولد؟

يميل أكثر العلماء إلى شرعية الاحتفال بالمولد النبوي، ووجوب إحياء هذه الذكرى بالذكر والعبادة، والتماس مواطن القدوة في حياة صاحب الذكرى صلى الله عليه وسلم، والاقتداء به وإحياء سننه، والسير على نهجه وشرعته.

يقول الإمام "ابن حجر العسقلاني": "أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرّى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كان بدعة حسنة".

ويقول الإمام "السخاوي": "لو لم يكن في ذلك إلا إرغام الشيطان، وسرور أهل الإيمان من المسلمين لكفى، وإذا كان أهل الصليب اتخذوا مولد نبيهم عيدًا أكبر، فأهل الإسلام أولى بالتكريم وأجدر".

ويقول العلامة "فتح الله البناني": "إن أحسن ما ابتُدع في زماننا هذا ما يُفعل كل عام في اليوم الذي يوافق مولده صلى الله عليه وسلم من الصدقات والمعروف، وإظهار الزينة والسرور، فإن ذلك –على ما فيه من الإحسان إلى الفقراء- مشعر بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك"
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-02-2010, 01:58 PM   #53
العطار
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2008
الإقامة: الاردن
المشاركات: 242
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى العطار
إفتراضي

جزاك اله خيرا وخير سبيل لنحتفل كما ذكرت هو ان نعود لهديه صلى الله عليه وسلم وندعو انفسنا وابنائنا وبناتا واهلينا ومن حولنا لننهل من فقه السنة والتقيد بها لنحيي سنته صلى الله عليه وسلم ونهجر مانهانا عنه وزجر
العطار غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 27-02-2010, 07:49 AM   #54
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

أشكركم أخي الفاضل العطار على المرور الكريم
واستخلاص الحكمة فيما يجب أن يكون
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 27-02-2010, 07:54 AM   #55
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

هارون الرشيد.. والعصر الذهبي للدولة العباسية

(في ذكرى توليه الخلافة: 14 من ربيع الأول 170هـ)

لم يحظَ خليفة بعد الخلفاء الراشدين بالشهرة الواسعة وذيوع الذكر، مثلما حظي الخليفة العباسي هارون الرشيد، غير أن تلك الشهرة امتزج في نسجها الحقيقة مع الخيال، واختلطت الوقائع مع الأساطير، حتى كادت تختفي صورة الرشيد، وتضيع قسماتها وملامحها، وتظهر صورة أخرى له أقرب إلى اللهو واللعب والعبث والمجون، وأصبح من الواجب نفض الروايات الموضوعة، والأخبار المدسوسة حتى نستبين شخصية الرشيد كما هي في الواقع، لا كما تصورها الأوهام والأساطير.

ما قبل الخلافة

نشأ الرشيد في بيت ملك، وأُعد ليتولى المناصب القيادية في الخلافة، وعهد به أبوه الخليفة "المهدي بن جعفر المنصور" إلى من يقوم على أمره تهذيبًا وتعليمًا وتثقيفًا، وحسبك أن يكون من بين أساتذة الأمير الصغير "الكسائي"، والمفضل الضبي، وهما مَن هما علمًا ولغة وأدبًا، حتى إذا اشتد عوده واستقام أمره، ألقى به أبوه في ميادين الجهاد، وجعل حوله القادة الأكفاء، يتأسى بهم، ويتعلم من تجاربهم وخبراتهم، فخرج في عام (165 هـ= 781م) على رأس حملة عسكرية ضد الروم، وعاد محملاً بأكاليل النصر، فكوفئ على ذلك بأن اختاره أبوه وليًا ثانيًا للعهد بعد أخيه موسى الهادي.

وكانت الفترة التي سبقت خلافته يحوطه في أثنائها عدد من الشخصيات السياسية والعسكرية، من أمثال "يحيى بن خالد البرمكي"، و"الربيع بن يونس"، و"يزيد بن مزيد الشيباني" و"الحسن بن قحطبة الطائي"، و"يزيد بن أسيد السلمي"، وهذه الكوكبة من الأعلام كانت أركان دولته حين آلت إليه الخلافة، ونهضوا معه بدولته حتى بلغت ما بلغت من التألق والازدهار.

تولّيه الخلافة


تمت البيعة للرشيد بالخلافة في (14 من شهر ربيع الأول 170هـ= 14 من سبتمبر 786م)، بعد وفاة أخيه موسى الهادي، وبدأ عصر زاهر كان واسطة العقد في تاريخ الدولة العباسية التي دامت أكثر من خمسة قرون، ارتقت فيه العلوم، وسمت الفنون والآداب، وعمَّ الرخاء ربوع الدولة.

وكانت الدولة العباسية حين آلت خلافتها إليه مترامية الأطراف تمتد من وسط أسيا حتى المحيط الأطلنطي، مختلفة البيئات، متعددة العادات والتقاليد، معرضة لظهور الفتن والثورات، تحتاج إلى قيادة حكيمة وحازمة يفرض سلطانها الأمن والسلام، وتنهض سياستها بالبلاد، وكان الرشيد أهلاً لهذه المهمة الصعبة في وقت كانت فيه وسائل الاتصال شاقة، ومتابعة الأمور مجهدة، وساعده على إنجاز مهمته أنه أحاط نفسه بكبار القادة والرجال من ذوي القدرة والكفاءة، ويزداد إعجابك بالرشيد حين تعلم أنه أمسك بزمام هذه الدولة العظيمة وهو في نحو الخامسة والعشرين من عمره، فأخذ بيدها إلى ما أبهر الناس من مجدها وقوتها وازدهار حضارتها.

استقرار الدولة

ولم تكن الفترة التي قضاها الرشيد في خلافة الدولة العباسية هادئة ناعمة، وإنما كانت مليئة بجلائل الأعمال في داخل الدولة وخارجها، ولم يكن الرشيد بالمنصرف إلى اللهو واللعب المنشغل عن دولته العظيمة إلى المتع والملذات، وإنما كان "يحج سنة ويغزو كذلك سنة".

واستهل الرشيد عهده بأن قلد "يحيى بن خالد البرمكي" الوزارة، وكان من أكفأ الرجال وأمهرهم، وفوّض إليه أمور دولته، فنهض بأعباء الدولة، وضاعف من ماليتها، وبلغت أموال الخراج الذروة، وكان أعلى ما عرفته الدولة الإسلامية من خراج، وقدره بعض المؤرخين بنحو 400 مليون درهم، وكان يدخل خزينة الدولة بعد أن تقضي جميع الأقاليم الإسلامية حاجتها.

وكانت هذه الأموال تحصل بطريقة شرعية، لا ظلم فيها ولا اعتداء على الحقوق، بعد أن وضع القاضي "أبو يوسف" نظامًا شاملاً للخراج باعتباره واحدًا من أهم موارد الدولة، يتفق مع مبادئ الشرع الحنيف، وذلك في كتابه الخراج.

وكان الرشيد حين تولى الخلافة يرغب في تخفيف بعض الأعباء المالية عن الرعية، وإقامة العدل، ورد المظالم، فوضع له "أبو يوسف" هذا الكتاب استجابة لرغبته، وكان لهذا الفائض المالي أثره في انتعاش الحياة الاقتصادية، وزيادة العمران، وازدهار العلوم، والفنون، وتمتع الناس بالرخاء والرفاهية.

وأُنفقت هذه الأموال في النهوض بالدولة، وتنافس كبار رجال الدولة في إقامة المشروعات كحفر الترع والأنهار، وبناء الحياض، وتشييد المساجد، وإقامة القصور، وتعبيد الطرق، وكان لبغداد نصيب وافر من العناية والاهتمام من قبل الخليفة الرشيد وكبار رجال دولته، حتى بلغت في عهده قمة مجدها وتألقها؛ فاتسع عمرانها، وزاد عدد سكانها حتى بلغ نحو مليون نسمة، وبُنيت فيها القصور الفخمة، والأبنية الرائعة التي امتدت على جانبي دجلة، وأصبحت بغداد من اتساعها كأنها مدن متلاصقة، وصارت أكبر مركز للتجارة في الشرق، حيث كانت تأتيها البضائع من كل مكان.

وغدت بغداد قبلة طلاب العلم من جميع البلاد، يرحلون إليها حيث كبار الفقهاء والمحدثين والقراء واللغويين، وكانت المساجد الجامعة تحتضن دروسهم وحلقاتهم العلمية التي كان كثير منها أشبه بالمدارس العليا، من حيث غزارة العلم، ودقة التخصص، وحرية الرأس والمناقشة، وثراء الجدل والحوار. كما جذبت المدينة الأطباء والمهندسين وسائر الصناع.

وكان الرشيد وكبار رجال دولته يقفون وراء هذه النهضة، يصلون أهل العلم والدين بالصلات الواسعة، ويبذلون لهم الأموال تشجيعًا لهم، وكان الرشيد نفسه يميل إلى أهل الأدب والفقه والعلم، ويتواضع لهم حتى إنه كان يصب الماء في مجالسه على أيديهم بعد الأكل.

وأنشأ الرشيد "بيت الحكمة" وزودها بأعداد كبيرة من الكتب والمؤلفات من مختلف بقاع الأرض كالهند وفارس والأناضول واليونان، وعهد إلى "يوحنا بن ماسوية" بالإشراف عليها، وكانت تضم غرفًا عديدة تمتد بينها أروقة طويلة، وخُصصت بعضها للكتب، وبعضها للمحاضرات، وبعضها الآخر للناسخين والمترجمين والمجلدين.

هارون الرشيد مجاهدًا

كانت شهرة هارون الرشيد قبل الخلافة تعود إلى حروبه وجهاده مع الروم، فلما ولي الخلافة استمرت الحروب بينهما، وأصبحت تقوم كل عام تقريبًا، حتى إنه اتخذ قلنسوة مكتوبًا عليها: غاز وحاج.

وقام الرشيد بتنظيم الثغور المطلة على بلاد الروم على نحو لم يعرف من قبل، وعمرها بالجند وزاد في تحصيناتها، وعزل الجزيرة وقنسرين عن الثغور، وجعلها منطقة واحدة، وجعل عاصمتها أنطاكية، وأطلق عليها العواصم، لتكون الخط الثاني للثغور الملاصقة للروم، ولأهميتها كان لا يولي عليها إلا كبار القادة أو أقرب الأقربين إليه، مثل "عبد الملك بن صالح" ابن عم أبي جعفر المنصور أو ابنه "المعتصم".

وعمّر الرشيد بعض مدن الثغور، وأحاط كثيرًا منها بالقلاع والحصون والأسوار والأبواب الحديدية، مثل: قلطية، وسميساط، ومرعش، وكان الروم قد هدموها وأحرقوها فأعاد الرشيد بناءها، وأقام بها حامية كبيرة، وأنشأ الرشيد مدينة جديدة عرفت باسم "الهارونية" على الثغور.

وأعاد الرشيد إلى الأسطول الإسلامي نشاطه وحيويته، ليواصل ويدعم جهاده مع الروم ويسيطر على الملاحة في البحر المتوسط، وأقام دارًا لصناعة السفن، وفكّر في ربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط، وعاد المسلمون إلى غزو سواحل بحر الشام ومصر، ففتحوا بعض الجزر واتخذوها قاعدة لهم، مثلما كان الحال من قبل، فأعادوا فتح "رودس" سنة (175هـ= 791م)، وأغاروا على أقريطش "كريت" وقبرص سنة (190هـ= 806م).

واضطرت دولة الروم أمام ضربات الرشيد المتلاحقة إلى طلب الهدنة والمصالحة، فعقدت "إيريني" ملكة الروم صلحًا مع الرشيد، مقابل دفع الجزية السنوية له في سنة (181هـ= 797م)، وظلت المعاهدة سارية حتى نقضها إمبراطور الروم، الذي خلف إيريني في سنة (186هـ = 802م)، وكتب إلى هارون: "من نقفور ملك الروم إلى ملك العرب، أما بعد فإن الملكة إيريني التي كانت قبلي أقامتك مقام الأخ، فحملت إليك من أموالها، لكن ذاك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها، وافتد نفسك، وإلا فالحرب بيننا وبينك".

فلما قرأ هارون هذه الرسالة ثارت ثائرته، وغضب غضبًا شديدًا، وكتب على ظهر رسالة الإمبراطور: "من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون أن تسمعه، والسلام".

وخرج هارون بنفسه في (187 هـ= 803م)، حتى وصل "هرقلة" وهي مدينة بالقرب من القسطنطينية، واضطر نقفور إلى الصلح والموادعة، وحمل مال الجزية إلى الخليفة كما كانت تفعل "إيريني" من قبل، ولكنه نقض المعاهدة بعد عودة الرشيد، فعاد الرشيد إلى قتاله في عام (188هـ= 804م) وهزمه هزيمة منكرة، وقتل من جيشه أربعين ألفا، وجُرح نقفور نفسه، وقبل الموادعة، وفي العام التالي (189هـ=805م) حدث الفداء بين المسلمين والروم، ولم يبق مسلم في الأسر، فابتهج الناس لذلك.

غير أن أهم غزوات الرشيد ضد الروم كانت في سنة ( 190 هـ= 806م)، حين قاد جيشًا ضخماً عدته 135 ألف جندي ضد نقفور الذي هاجم حدود الدولة العباسية، فاستولى المسلمون على حصون كثيرة، كانت قد فقدت من أيام الدولة الأموية، مثل "طوانة" بثغر "المصيصة"، وحاصر "هرقلة" وضربها بالمنجنيق، حتى استسلمت، وعاد نقفور إلى طلب الهدنة، وخاطبه بأمير المؤمنين، ودفع الجزية عن نفسه وقادته وسائر أهل بلده، واتفق على ألا يعمر هرقلة مرة أخرى.

بلاط الرشيد محط أنظار العالم

ذاع صيت الرشيد وطبق الآفاق ذكره، وأرسلت بلاد الهند والصين وأوروبا رسلها إلى بلاطه تخطب وده، وتطلب صداقته، وكانت سفارة "شارلمان" ملك الفرنجة من أشهر تلك السفارات، وجاءت لتوثيق العلاقات بين الدولتين، وذلك في سنة ( 183هـ= 779م)؛ فأحسن الرشيد استقبال الوفد، وأرسل معهم عند عودتهم هدايا قيمة، كانت تتألف من حيوانات نادرة، منها فيل عظيم، اعتبر في أوروبا من الغرائب، وأقمشة فاخرة وعطور، وشمعدانات، وساعة كبيرة من البرونز المطلي بالذهب مصنوعة في بغداد، وحينما تدق ساعة الظهيرة، يخرج منها اثنا عشر فارسًا من اثنتي عشرة نافذة تغلق من خلفهم، وقد تملك العجب شارلمان وحاشيته من رؤية هذه الساعة العجيبة، وظنوها من أمور السحر.

الرشيد وأعمال الحج

نظم العباسيون طرق الوصول إلى الحجاز، فبنوا المنازل والقصور على طول الطريق إلى مكة، طلبًا لراحة الحجاج، وعُني الرشيد ببناء السرادقات وفرشها بالأثاث وزودها بأنواع الطعام والشراب، وبارته زوجته "زبيدة" في إقامة الأعمال التي تيسر على الحجيج حياتهم ومعيشتهم، فعملت على إيصال الماء إلى مكة من عين تبعد عن مكة بنحو ثلاثين ميلاً، وحددت معالم الطريق بالأميال، ليعرف الحجاج المسافات التي قطعوها، وحفرت على طولها الآبار والعيون.

وفاة الرشيد

كان الرشيد على غير ما تصوره بعض كتب الأدب، دينا محافظًا على التكاليف الشرعية، وصفه مؤرخوه أنه كان يصلي في كل يوم مائة ركعة إلى أن فارق الدنيا، ويتصدق من ماله الخاص، ولا يتخلف عن الحج إلا إذا كان مشغولاً بالغزو والجهاد، وكان إذا حج صحبه الفقهاء والمحدثون.

وظل عهده مزاوجة بين جهاد وحج، حتى إذا جاء عام (192 هـ= 808م) فخرج إلى "خرسان" لإخماد بعض الفتن والثورات التي اشتعلت ضد الدولة، فلما بلغ مدينة "طوس" اشتدت به العلة، وتُوفي في (3 من جمادى الآخر 193هـ= 4 من إبريل 809م) بعد أن قضى في الخلافة أكثر من ثلاث وعشرين سنة، عدت العصر الذهبي للدولة العباسية.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 27-02-2010, 08:41 AM   #56
العطار
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2008
الإقامة: الاردن
المشاركات: 242
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى العطار
إفتراضي سلمت يمناك

سلمت يمناك ابن حوران فقد اثرت موضوعا ركزت عليه في كتابي الطريقف الى الاقصى حيث استعمال اعداء الامة اسلوب سلخ اجيال الامه عن جذورها العريقة بتزوير تاريخ اعلامها وقادتها ليكن لهم الفوز ولكن هيهات فقد خط لنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم طريق من نور لم يستطيعوا بلوغها ليفسدو فيها كما يشاؤون فوعد الله الذي هو اساس حفظ رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم - أعوذ بالله من الشيطان الرجيم - بسم الله الرحمن الرحيم ( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون )

سلمت انت وكل من تفانى لتكن كلمة الله تعالى هي العليا
العطار غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-02-2010, 07:16 AM   #57
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفضل لله أولاً
وهذا الجهد هو من إعداد مجموعة من الشباب .. كل ما هنالك أنني
أعيد توظيبه بجهد غير كبير في بعض الإيضاحات البسيطة

احترامي وتقديري
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-02-2010, 07:26 AM   #58
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

عبيد الله المهدي.. مؤسس الدول الفاطمية

(في ذكرى وفاته: 15 من ربيع الأول 322هـ)




تقع مدينة المهدية على بعد حوالي 200كم من مدينة تونس

بدأ الضعف يدب في أوصال الخلافة العباسية السُّنّية، وظهرت أمارات الإعياء على جسدها الواهن، ولاحت آيات الضعف في ملامح الوجه والقسمات، وذلك في مطلع القرن الرابع، بعد أن تفككت الدولة، وصارت دولاً وممالك صغيرة، لا يربطها بدولة الخلافة سوى الاسم والدعاء للخليفة على المنابر.

وشهد هذا القرن بزوغ ثلاث خلافات، تنازعت السلطة في العالم الإسلامي: الخلافة العباسية في بغداد، والخلافة الفاطمية في إفريقية، والخلافة الأموية في قرطبة، وأصبح للعالم الإسلامي -لأول مرة- ثلاثة من الخلفاء في ثلاثة أماكن مختلفة، يقتسمون الحكم، ويتنازعون فيما بينهم.

قيام الدولة الفاطمية

نجح أبو عبد الله الشيعي داعية الإسماعيلية في إعلان قيام الدولة الفاطمية في "رقادة" عاصمة دولة الأغالبة في (21 من ربيع الآخر 297هـ= 8 من يناير 910م)، ومبايعة عبيد الله المهدي بالخلافة، وجاء هذا النجاح بعد محاولات فاشلة قام بها الشيعة منذ قيام الدولة الأموية للظفر بالخلافة.

وقد نجح أبو عبد الله الشيعي منذ أن وطأت قدماه بلاد "كتامة" في المغرب العربي في منتصف ربيع الأول (288هـ= فبراير 901م) في جمع الأتباع، وجذب الأنصار إلى دعوته، مستغلاً براعته في الحديث، وقدرته على الإقناع، وتظاهره بالتقوى والصلاح، ثم صارح بعض زعماء كتامة بحقيقة دعوته بعد أن اطمأن إليهم، وأنه داعية للمعصوم من أهل البيت، ولمَّح إلى أنهم هم السعداء الذين اختارهم القدر ليقوموا بهذه المهمة الجليلة.

وبعد أن أحسن أبو عبد الله الشيعي تنظيم جماعته، والتزموا طاعته، بدأ في مرحلة الصدام مع القوى السياسية الموجودة في المنطقة، فشرع في سنة (289هـ = 901م) في مهاجمة دولة الأغالبة، ودخل معها في عدة معاركة، كان أشهرها معركة "كينوتة" في سنة (293هـ=906م) وعُدَّت نقطة تحوّل في ميزان القوى لصالح أبي عبد الله الشيعي؛ حيث توالت انتصاراته على دولة الأغالبة، فسقطت في يده قرطاجنة، وقسنطينة، وقفصة، ودخل "رقادة" عاصمة الأغالبة في (أول رجب 296هـ = 26 من مارس 909م).

عبيد الله المهدي

لا يستطيع أحد القطع برأي حاسم في نسب "عبيد الله المهدي"، فالشيعة الإسماعيلية يؤكدون صحة نسبه إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، في حين يذهب المؤرخون من أهل السُنّة وبعض خصوم الفاطميين من الشيعة إلى إنكار نسب عبيد الله إلى علي بن أبي طالب.

ولكن على أية حال نحن أمام رجل يسمى عبيد الله، ويدّعي أنه صاحب الحق في إمامة المسلمين، وأنه من سلالة الإمام جعفر الصادق، وقد نجح أحد دعاته في إقامة دولة باسمه في إقليم إفريقية، وجزء كبير من المغرب الأوسط.

خرج عبيد الله المهدي من مكمنه في "سلمية" من أرض حمص ببلاد الشام في سنة (292 هـ = 905م)، واتجه إلى المغرب، بعد الأنباء التي وصلته عن نجاح داعيته أبي عبد الله الشيعي في المغرب، وإلحاح كتامة في إظهار شخصية الإمام الذي يقاتلون من أجله، وبعد رحلة شاقة نجح عبيد الله المهدي في الوصول إلى "سجلماسة" متخفيا في زي التجار، واستقر بها.

ومن ملجئه في سجلماسة في المغرب الأقصى أخذ عبيد الله المهدي يتصل سرًا بأبي عبد الله الشيعي الذي كان يطلعه على مجريات الأمور، ثم لم يلبث أن اكتشف "اليسع بن مدرار" أمير سجلماسة أمر عبيد الله؛ فقبض عليه وعلى ابنه "أبي القاسم" وحبسهما، وظلا في السجن حتى أخرجهما أبو عبد الله الشيعي بعد قضائه على دولة الأغالبة.

وكان أبو عبد الله الشيعي حين علم بخبر سجنهما قد عزم على السير بقواته لتخليصهما من السجن، فاستخلف أخاه "أبا العباس" واتجه إلى سجلماسة، ومر في طريقه إليها على "تاهرت" حاضرة الدولة الرسمية فاستولى عليها، وقضى على حكم الرّستميين، وبلغ سجلماسة فحاصرها حتى سقطت في يده، وأخرج المهدي وابنه من السجن.

ويذكر المؤرخون أن أبا عبد الله الشيعي حين أبصر عبيد الله المهدي ترجّل وقابله بكل احترام وإجلال، وقال لمن معه: هذا مولاي ومولاكم قد أنجز الله وعده وأعطاه حقه وأظهر أمره.

وأقام أبو عبد الله الشيعي وعبيد الله المهدي في سجلماسة أربعين يوما، ثم رحلوا عائدين فدخلوا رقادة في يوم الخميس الموافق (20 من شهر ربيع الآخر 297هـ= 7 من يناير 910م).

وخرج أهل القيروان مع أهل رقادة يرحبون بالإمام المهدي، وفي يوم الجمعة التالي أمر عبيد الله أن يُذكر اسمه في الخطبة في كل من رقادة والقيروان، معلنا بذلك قيام الدولة الفاطمية.

خلاقة عبيد الله الفاطمي

استهدف عبيد الله الفاطمي منذ أن بويع بالخلافة واستقامت له الأمور أن يدعم مركزه، وأن تكون كل السلطات في يديه، وأن يكون السيد المطلق على الدولة الناشئة والدعوة الإسماعيلية، وكان لا بد من أن يصطدم مع أبي عبد الله الشيعي مؤسس الدولة، ولم يجد غضاضة في التخلص منه بالقتل في سنة (298هـ= 911م) بعد أن أقام له دعائم ملكه، وأنشأ دولة بدهائه وذكائه قبل سيفه وقوته.

أثار مقتل أبي عبد الله الشيعي فتنة كبيرة قام بها أتباعه من أهل كتامة، وقدّموا طفلا ادعوا أنه المهدي المنتظر، وامتدت هذه الدعوة وقويت، واضطر عبيد الله إلى إرسال حملة قوية إلى أرض كتامة بقيادة ابنه لقمع هذه الفتنة، فألحق بهم الهزيمة وقتل الطفل الذي ولّوه باسم المهدي.

بناء المهدية


خاب أمل أهل المغرب في عبيد الله المهدي، وساء ظنهم به بعد أن ذهبت الوعود التي وعدهم بها أبو عبد الله الشيعي سُدى، فلم ينقطع الفساد بخلافة المهدي، ولم يحل العدل والإنصاف محل الظلم والجور، بالإضافة إلى السياسة المالية المتعسفة التي انتهجها الفاطميون في جمع الضرائب، والتفنن في تنويعها حتى فرضوا ضريبة على أداء فريضة الحج.

وزاد الأمر سوءا قيام عبيد الله المهدي ودعاته بسبّ الصحابة على المنابر فيما عدا علي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر، وسلمان الفارسي، والتغيير في صيغة الأذان، وهو ما لا يمكن أن يقبله شعب نشأ على السنة، وتعصّب لمذهب الإمام مالك.

وكان من نتيجة ذلك أن اشتعلت عدة ثورات ضد عبيد الله المهدي، ولكنه وإن نجح في إخمادها فإنه أصبح غير مطمئن على نفسه في مجتمع يرفض مذهبه ويقاطع دولته مقاطعة تامة؛ ولذا حرص على أن يبعد عن السكنى في رقادة مركز المقاومة السُنّي، وأسس مدينة جديدة عُرفت باسم "المهدية" في سنة (303هـ= 915م) على طرف الساحل الشرقي لإفريقية (تونس) فوق جزيرة متصلة بالبر، ولم ينتقل إليها إلا في سنة (308هـ= 920م) بعد أن استكمل بناءها وتشييدها، وأقام تحصيناتها ومرافقها المختلفة، وأصبحت المهدية قلعة حصينة للفاطميين بالمغرب ومركزا لعملياتهم الحربية والبحرية، وظلت حتى مطالع العصر الحديث أكبر مركز إسلامي للجهاد في البحر المتوسط.

التفكير في غزو مصر

تطلع المهدي إلى فتح مصر والأندلس؛ لأنه رأى أن المغرب لم تسلس له قيادتها، وتشتعل فيها الثورات من وقت لآخر، كما أنها قليلة الموارد، وبدأ في التأهب لفتح هذين الإقليمين؛ فوجه أولى حملاته إلى مصر بقيادة "حباسة بن يوسف" في سنة (301هـ = 913م) فدخل مدينة "سرت" بالأمان، ثم زحف إلى "أجدابية"، واستولى عليها بالأمان، ثم دخل "برقة".

وفي أثناء إقامته ببرقة التقى بالجيوش العباسية، ودارت بينهما عدة معارك انتهت بهزيمة العباسيين، وزحف حباسة نحو الإسكندرية، وأدركه "أبو القاسم بن عبيد الله المهدي" بجيش كبير فدخلا الإسكندرية معا، بعد أن غادرها أهلها، وواصلا الزحف حتى الفيوم، لكن الحملة اضطرت إلى الرجوع والانسحاب بعد ظهور قوات العباسيين بقيادة "مؤنس الخادم"، ثم تكررت المحاولة سنة (307هـ= 919م) ولكن لم يُكتب لها النجاح، كما أن محاولات المهدي لفتح الأندلس باءت بالفشل.

وقد نبهت هذه المحاولات الخلافة العباسية إلى أن استمرار هذه المحاولات يتطلب وجودا عسكريا قويا في مصر، بعد أن اكتشف القائد مؤنس الخدام الذي تصدّى لهذه المحاولات وجود موالين للفاطميين في مصر؛ فأسند العباسيون إلى "ابن طغج الإخشيد" ولاية مصر، بالإضافة إلى ولايته على الشام؛ حتى يتمكن من مواجهة خطط الفاطميين.

وفاة عبيد الله المهدي

وبعد فترة حكم ناهزت ربع قرن من الزمان توفي المهدي في (15 من ربيع الأول 322 هـ= 5 من مارس 934م) وخلفه ابنه أبو القسام محمد، وكانت فترة عبيد الله المهدي بمثابة عهد التأسيس وإرساء القواعد، بعد عهد التمهيد والإعداد على يد الداعي أبي عبد الله الشيعي.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 01-03-2010, 01:49 PM   #59
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

معركة ساحة الدم.. النصر حليف الوحدة

(في ذكرى نشوبها: 16 من ربيع الأول 513هـ)



موقع الإمارات الأربع

أسفرت الحملة الصليبية الأولى على المشرق الإسلامي عن قيام أربع إمارات، كانت أسبقهن في الظهور إمارة الرها التي قامت في (ربيع الأول سنة 491هـ= فبراير 1098م)، وتلا ذلك قيام إمارة أنطاكية في (رجب 491هـ= يونيو 1098م)، ثم مملكة بيت المقدس في (شعبان سنة 492هـ= يوليو 1099م)، ثم مملكة طرابلس في (ذي الحجة سنة 502هـ= يوليو 1109م).

وكان هذا النجاح اللافت الذي حققته الحملة الصليبية في سنوات معدودة لا يعود إلى خطة محكمة أو إرادة صلبة أو قيادة حكيمة أو عدد وفير أو عتاد هائل بقدر ما كان راجعا إلى تهاون من المسلمين واستخفافهم بعدوهم، وإلى الانشغال بخلافات وأهواء شخصية ومطامح ضيقة ومطامع صغيرة.

وكان ما كان، وألفى المسلمون أنفسهم ورايات الصليب ترفرف على بيت المقدس ومدن الساحل الشامي وهم لا يحركون ساكنا، وعجزت المحاولات التي قام بها بعض قادة المسلمين عن تحرير الأرض المغتصبة وإعادة الحق إلى أهله، وبقي الأمر كما هو عليه، وهو ما جعل الناس يتحركون للبحث عن مخرج من الأزمة، ولكنه كان حراكا ضعيفا اكتفى بالبكاء والعويل، وهذا هو شر سلاح يلجأ إليه الإنسان المكبل بالأغلال، العاجز عن التغيير، وهذا ما عبر عنه الشاعر الكبير أبو المظفر الأبيوردي وكان معاصرا لتلك النكبة فقال:

وشر سلاح المرء دمع يفيضه
..................... إذ الحرب شبّت نارها بالصوارم

وكيف تنام العين مـلء جفونها
......................... على هفوات أيقظـت كل نـائم

وإخوانكم بالشام أضحى مقيلهم
.......................ظهور المَذَاكِي أو بطون القَشَاعِم

تسومهم الرومُ الهوانَ وأنتمُ
....................... تجرون ذيل الخفض فعل المُسالم

أرى أمتي لا يشرعون إلى العدى
............................. رماحهم والدين واهي الدعائم

أترضى صناديد الأعاريب بالأذى
.............................. ويغضي على ذل كماة الأعاجم


[والمَذَاكِي الإبل، والقَشَاعِم النسور.]

سقوط أنطاكية

بعد أن تواترت الأنباء بسير الحملة الصليبية الأولى، وأنها في طريقها إلى الشام وأن أنطاكية هي هدفها، أسرع حاكمها "ياغي سيان" بالاستعداد لساعة الحسم، فأعد مدينته كي تتحمل حصارا طويلا، فملأ قلاعها بالمقاتلين والمجاهدين ومخازنها بالمؤن والطعام، وحفر خندقا لحمايتها وتحصينها، وزيادة في الاحتياط أرسل إلى الخليفة العباسي وحكام دمشق وحمص والموصل يطلب منهم النجدة والمساعدة.

وبدأت طلائع الصليبيين تتوافد على المدينة في (شهر ذي القعدة سنة 490هـ= أكتوبر 1097م) وضربت حصارا حول المدينة، ودارت عدة اشتباكات خفيفة بين ياغي سيان والصليبيين لم تحسم أمرا أو تغير وضعا، وجاءت أول نجدة للمدينة بعد ثلاثة أشهر من "دقّاق" والى دمشق، لكنها عجزت عن تحقيق النصر وفك حصار المدينة، ولم يكن حظ النجدتين الحلبية والموصلية بأفضل حالا من نجدة دمشق، وانتهى الأمر بسقوط المدينة التي صمدت للحصار نحو تسعة أشهر في (1 من رجب 492هـ= 3 من يونيو 1098م).

دخل الصليبيون المدينة وحصلت مذبحة رهيبة راح ضحيتها أعداد كبيرة من الرجال والنساء، وغرس بوهيمند قائد الحملة علمه القرمزي فوق القلعة إيذانا بسقوط المدينة، في الوقت الذي كانت تدوي فيه صيحات جنود الصليبيين "إنها إرادة الله".

أنطاكية إمارة صليبية


وهكذا نتيجة لانقسام المسلمين وتفرق كلمتهم استولى الصليبيون على أنطاكية ليقيم فيها بوهيمند النورماندي ثاني إمارة صليبية في الشرق، ويفتح الطريق للاستيلاء على بيت المقدس وهو ما حدث بعد ذلك بالفعل.

بدأ الحاكم الجديد يرسي أركان إمارته ويثبت دعائمها على حساب جيرانه المسلمين، وتطلع إلى حلب للسيطرة عليها فأعد خطة لها، لكنها لم تنجح في تحقيق هدفه؛ إذ وقع في الأسر في إحدى حملاته العسكرية سنة (493هـ= 1100م)، وظل في أسره نحو ثلاثة أعوام، وخرج بعدها ليعاود توسعاته على حساب جيرانه المسلمين المشغولين بقتال بعضهم.

ثم طمع في الاستيلاء على "حران" لتأمين إمارته، واستعد لغزوها، لكنه مني بهزيمة مدوية، راح ضحيتها آلاف من جنده، ووقع في الأسر عدد من أمراء الصليبيين، وأفقدته الهزيمة ثقته وطموحه فآثر العودة إلى إيطاليا، وترك إمارة أنطاكية لابن أخته الأمير تنكريد في (سنة 498هـ= 1104م)، وكان رجلا شجاعا وقائدا عسكريا بارعا، استطاع أن يعيد لأنطاكية ما فقدته بعد هزيمتها في حرّان على حساب مدينة حلب.

وصار الأمير تنكريد هو صاحب السلطة في المنطقة الممتدة من جبال طوروس إلى وسط بلاد الشام، وهو ما أزعج حكام الشام المسلمين، وجعلهم يتطلعون إلى إقامة حلف بينهم لمجابهة هذا الخطر الداهم، لكنه لم يفلح في التصدي والوقوف في وجهه، بسبب الفرقة والحرص على المصالح الشخصية التي جعلت بعضهم يدفع الجزية لأمير أنطاكية عن يد وهم صاغرون، وبعضهم الآخر يدخل معه في حلف ضد إخوانه المسلمين.

وبعد وفاة تنكريد في (8 من جمادى الآخرة 506هـ= 12 من ديسمبر 1112م) خلفه في حكم أنطاكية روجردي سالرنو، ولم يكن أقل من سلفه طاقة ومهارة وجرأة، فألحق بالمسلمين هزيمة كبيرة في معركة تل دانيث في (23 من ربيع الآخر سنة 509هـ= 14 من سبتمبر 1115م). وعد هذا النصر أهم انتصار حققه الصليبيون منذ الحملة الصليبية الأولى.

حلب في خطر

وكانت مدينة حلب ذات أهمية بالغة لمن يريد مجابهة الصليبيين وإيقاف خطرهم؛ بسبب موقعها الحيوي، فهي تقع في مركز حصين بين إمارتين صليبيتين هما الرها وأنطاكية، بالإضافة إلى ما تتمتع به من مزايا بشرية واقتصادية وخطوط مواصلات، تسمح بالاتصال بالقوى الإسلامية المنتشرة في الجزيرة والفرات والأناضول وشمالي الشام وأوسطه مما يعد أساسيا لاستمرار حركة الجهاد، ولم تكن كل هذه الأمور خافية على قادة الأمراء الصليبيين الذين كانوا يتابعون أحوالها عن كثب وينتظرون الفرصة للاستيلاء عليها.

وكانت أحوال حلب في هذه الفترة غير مستقرة، وبدأ الضعف يدب فيها بعد وفاة حاكمها "رضوان بن تتش" سنة (507هـ= 1113م) وخلفه في حكمها أبناؤه، وكانوا ضعافا غير قادرين على تسيير شئون البلاد، فتحكم فيهم أوصياؤهم، وصارت حلب سهلة المنال، فتحالف روجر أمير أنطاكية مع كبار مسئوليها كي يمنع إيلغازي صاحب مردين من الاستيلاء عليها وضمها إلى دولته، ووصل الأمر بحلب أن أصبح المسئولون عنها يعتمدون على روجر الصليبي في رد الطامعين في الاستيلاء عليها من أمراء المسلمين.

ولم تأت سنة (511هـ= 1118م) حتى صارت حلب تحت رحمة أنطاكية، وهو ما جعل أهلها يستنجدون بإيلغازي بن أرتق، وكان واحدا من أبرز المجاهدين ضد الوجود الصليبي في بلاد الشام، وقامت سياسته على أساس التحالف مع الأمراء المسلمين ضد الصليبيين.

الوحدة سبيل النجاح

ولما قدم إيلغازي إلى حلب قام بعدة إجراءات إصلاحية وسيطر على أمور البلدة، وصادر أموال الأمراء الذين كانوا قد سيطروا على شئون حلب في الفترة السابقة، واستعان بها في حشد قواته من التركمان لمجابهة الصليبيين.

وقام بتوحيد العمل مع طفتكين حاكم دمشق التي لم تسلم من اعتداءات الصليبيين، فذهب إليه في دمشق، واتفقا على حشد قواتهما والبدء بمهاجمة أنطاكية، وحددا شهر صفر من سنة (513هـ= 1119م) موعدا للاجتماع.

غير أن إيلغازي كانت حركته أسرع من حركة حليفه، فاستطاع أن يحشد أكثر من عشرين ألفا من مقاتلي التركمان، واتجه بهم إلى الرها، فتخوف أمراؤها الصليبيون، وأرسلوا إليه يطلبون مصالحته نظير تنازلهم عن أسرى المسلمين الذين في حوزتهم، فأجابهم إلى ذلك، واشترط عليهم البقاء في بلدهم وعدم التوجه لمساعدة أمير أنطاكية في حالة حدوث قتال معه، وكانت هذه خطوة صائبة من إيلغازي تمكن بموجبها من عزل إحدى القوى الصليبية الكبيرة.

ثم عبر إيلغازي وحلفاؤه الفرات وهاجموا "تل باشر" و"تل خالد" والمناطق المحيطة بهما، وانتشرت قوات إيلغازي في مناطق وجود الصليبيين، واستولى على حصن قسطون، ثم مدينة "قنسرين" التي اتخذها قاعدة لشن الغارات على "حارم" وجبل "السماق".

اللقاء الحاسم

ولما شعر "روجر" أمير أنطاكية بالخطر الذي يتهدده اضطر إلى طلب النجدة من "بونز" أمير طرابلس ومن بلدوين الثاني ملك بيت المقدس، وعسكر خارج أنطاكية في انتظار المدد من رفاقه الصليبيين، لكنه لم يصبر لحين وصول النجدة، وتقدم صوب القوات الإسلامية على رأس ثلاثة آلاف فارس، وتسعة آلاف راجل، وعسكر في "تل عفرين" وهو موضع ظن روجر أنه مانعهم من هجمات المسلمين حتى تأتيهم الإمدادات.

وفي الوقت نفسه كانت عيون إيلغازي تأتي إليه بأخبار روجر وجيشه، وكانت جماعة من جواسيسه قد تزيت بزي التجار، ودخلت معسكر الصليبيين لمعرفة استعداداته، وأراد إيلغازي أن ينتظر حليفه طفتكين القادم من دمشق قبل الدخول في المعركة، لكن أمراءه رفضوا وحثوه على قتال العدو، فأسرع بالسير إلى ملاقاة أعدائه، الذين فوجئوا بقوات المسلمين تحيط بهم في فجر السبت الموافق (16 من ربيع الأول 513هـ= 28 من يونيو 1119م)، ودارت معركة هائلة لم تثبت في أثنائها قوات الصليبيين وتراجعت أمام الهجوم الكاسح، وسقط آلاف القتلى من هول القتال، وكان من بينهم روجر نفسه.

ولكثرة القتلى اشتهرت هذه المعركة لدى مؤرخي الصليبيين باسم معركة ساحة الدم، وفضلا عن القتلى فقد وقع في أيدي المسلمين من السبي والغنائم والدواب ما لا يحصى.

وبعد المعركة نزل إيلغازي في خيمة روجر وحمل إليه المسلمون ما غنموه فلم يأخذ منهم إلا سلاحا يهديه لملوك الإسلام، ورد عليهم ما حملوه بأسره، وكتب إلى سائر أمراء المسلمين يبشرهم بهذا النصر العظيم.

واكتفى إيلغازي بهذا النصر، ولو توجه إلى أنطاكية لما استعصى عليه فتحها لأنها كانت خالية من الجند، ولاحتل مكانة أرسخ وأكثر شهرة في الحروب الصليبية، ولكن قدر لهذه المدينة أن تبقى بعد ذلك حوالي قرنين من الزمان حتى فتحها السلطان الظاهر بيبرس.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 02-03-2010, 07:04 AM   #60
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

شكري القوتلي.. والحياة في ظلال المشنقة

(في ذكرى مولده: 17 ربيع الأول 1309هـ)





يُعد شكري القوتلي واحدًّا من أبرز دعاة الوحدة العربية في العصر الحديث، وأحد أبطال التحرر في العالم العربي، وقادة حركة المقاومة ضد الاستعمار البغيض، الذي جثم على صدر الأمة العربية دهرًا طويلاً، وعاق بقيوده العالم العربي عن مواكبة ركب التقدم والرقي.

وظل شكري القوتلي رمزًا للمقاومة والصمود ضد المستعمر، ولم تجدِ معه كل محاولات التهديد والابتزاز، ولم يوهن السجن من عزيمته، ولم ترهبه ظلال المشنقة التي لاحت أمام ناظريه ثلاث مرات في حياته المليئة بالنضال والكفاح، حتى تحقق حلمه الكبير، ونالت سوريا استقلالها، وأصبح القوتلي أول زعيم وطني تولى رئاسة الجمهورية السورية.

مولد القوتلي ونشأته

وُلد شكري محمود القوتلي في [17 من إبريل الأول 1309 هـ= 21 من أكتوبر 1891م]، ونشأ في بيت عريق عرف بالصلاح والتقوى والاستقامة، وكانت أسرته قد نزحت – منذ نحو ستة قرون قبل ميلاده- من بغداد إلى دمشق، وحظيت بمكانة بارزة في المجتمع العربي، ونالت تقدير واحترام الملوك والحكام، ليس في سوريا فحسب، وإنما في الوطن العربي كله، حتى إن الخديوي إسماعيل حينما دعا حكام الدول والرؤساء والشخصيات الكبيرة لحضور الاحتفال بافتتاح قناة السويس -سنة [1286 هـ= 1869م]- كان محمد سعيد القوتلي -شقيق جد شكري القوتلي- في طليعة المدعوين من الشخصيات العربية البارزة.

ونشأ القوتلي -منذ صغره- محبًا للغة العربية، وبعد أن حصل على الشهادة الابتدائية التحق بثانوية عنبر في (دمشق)؛ حيث أتمَّ دراسته الثانوية فيها، ثم اشترك في مسابقة للكلية الشاهانية في إستانبول –وهي أرقي مدرسة للعلوم السياسية والإدارية في الدولة العثمانية - فكان ترتيبه الخامس بين (350 ) طالبًا من الناجحين، فالتحق بالكلية الشاهانية سنة [ 1326هـ= 1908م].

من الجامعة إلى المشنقة

وفي أثناء فترة دراسته بالكلية كان النشاط العربي قد بدأ على نطاق واسع، وتأسس المنتدى الأدبي الذي ضم نخبة من الشباب العربي الوطني المتحمس، وكان منهم شكري القوتلي الذي استطاع هو وإخوانه أن يوطدوا أقدام المنتدى.

وبعد أن أتم دراسته بها عاد القوتلي إلى دمشق سنة [ 1332هـ= 1913م]، كما اشترك أيضًا في جمعية "العربية الفتاة" التي انتشرت انتشارًا واسعًا، وكانت تعمل على نشر الفكرة العربية، وتدافع عن مصالح العرب وحقوقهم.

وقد أدى نشاط القوتلي وبعض زملائه من أعضاء الجمعية إلى القبض عليهم وإيداعهم في السجن، ولكنهم ما لبثوا أن أطلقوا سراحه بغية مراقبته حتى يصلوا إلى أماكن بقية رفاقه، وفطن القوتلي إلى ذلك، فأخذ الحذر، ولم يتصل بأحد منهم، وعندما يئسوا من نجاح خطتهم اعتقلوه ثانية، وأودعوه سجن "خالد الباشا" بدمشق، ومورس معه ومع زملائه أشد ألوان التعذيب والتنكيل، فكان بعضهم يذكر أسماء أعضاء الجماعة تحت وطأة التعذيب.

وخشي القوتلي أن يضطر إلى ذكر أسماء الأعضاء الذين يعلمهم جميعًا، ولم يجد أمامه إلا الانتحار، واستطاع الحصول على موسى فقطع به شريانه، إلا أن حارسه انتبه بعد أن رأى الدم يسيل بغزارة من شريانه المقطوع، وأسرع رفيقه في السجن الدكتور "أحمد قدري" فأنقذه من الموت في آخر لحظة، وتم نقله إلى المستشفى؛ حيث مكث به شهرًا للعلاج، ثم أعيد إلى السجن، وقُدِّم إلى المحاكمة أمام المجلس الحربي فحكم عليه بالإعدام.

من الثورة إلى المشنقة مرة أخرى


وعندما قام الملك حسين بالثورة العربية على الأتراك سنة (1335هـ= 1916م) قام قادة الثورة باحتجاز عدد من الضباط والجنود الأتراك، وهددوا بإعدامهم إذا لم يطلق سراح العرب المعتقلين، وكان منهم القوتلي ورفاقه.

وأنشأ القوتلي حزب "الاستقلال"، فكان أول حزب في العهد الجديد حمل على عاتقه مسئولية توعية الشعب وتهيئته للنضال ضد المستعمر الفرنسي الذي احتل سوريا عام [1339هـ= 1920م] بعد خروج الأتراك منها، وحاول القوتلي ورفاقه منع الفرنسيين من دخول سوريا بعد أن وصلوا إلى مشارق مدينة ميسلون، ولكنهم لم يتمكنوا من صدهم، فقد كانت المعركة غير متكافئة بين الجانبين، ودخل الفرنسيون سوريا وسيطروا عليها.

ولم ييئس القوتلي فقد ظل في طليعة الأحرار الذين هبّوا يدافعون عن وطنهم، وهو ما أثار المستعمرين فاعتقوا عددًا من رفاقه، وحكموا عليه سنة [1339هـ= 1920م] وصادروا أملاكه، فاضطر القوتلي ورفاقه إلى النزوح إلى مصر والأقطار العربية الأخرى وإلى عدد من دول أوروبا يستنفرونها ويستنصرون بها على المستعمر الفرنسي، وهو ما اضطر الفرنسيين إلى مصانعتهم وملاينتهم، فأصدروا عفوًا عن السجناء السياسيين، وأعلنوا استعداهم للتفاوض مع القوتلي ورفاقه.

الإعدام من جديد!

وعاد القوتلي وعدد من رفاقه المبعدين إلى سوريا سنة [1343 هـ= 1924م]، وحاول الفرنسيون إقناع الوطنين بالتفاوض معهم، ولكن القوتلي كان يعلن دائمًا أنه لا تفاوض قبل الجلاء.

وهبَّ الشعب السوري كله في ثورة عارمة ضد المستعمر الفرنسي، وكان القوتلي أحد قادتها ومؤججي جذوتها، لكن الفرنسيين واجهوا تلك الثورة بالبطش والعنف، واستقدموا جيشًا كبيرًا لإخمادها والقضاء على قادتها، حتى تمكّنوا من إخماد تلك الثورة، وحُكم على القوتلي بالإعدام مرة أخرى سنة [1344 هـ= 1925م]، فترك دمشق، وراح يتنقل بين القاهرة والقدس والرياض، يحرك المشاعر والنفوس ضد الفرنسيين، ويكشف جرائمهم ويندد بفظائعهم.

وشارك القوتلي في المؤتمر العربي القومي الذي عقده عدد من أحرار العرب في القدس سنة [1350 هـ= 1931م] ليقرروا الميثاق التاريخي الذي ينبغي للعرب السير عليه خلال المرحلة المقبلة.

وعندما شكّل "جميل مردم" أول وزارة في عهد الاستقلال جعل شكري القوتلي وزيرًا للمالية والدفاع، فاستطاع أن يحقق وفرًا كبيرًا في موازنة الدولة، كما أسس وزارة الدفاع، وهو ما أثار عليه حنق الفرنسيين من جديد.

القوتلي وحلم الوفاق العربي

وفي عام [ 1356هـ= 1937م] ذهب القوتلي لأداء فريضة الحج، فعقد مع الملك "عبد العزيز بن سعود" اتفاقًا لتسيير خط السكك الحديدية من الحجاز إلى دمشق إلى المدينة.

وبدأ الفرنسيون يضيقون بسياسة القوتلي تجاه لمِّ الشمل العربي والتعاون بين الحكومات العربية، وميله العلني إلى الوحدة العربية.

وراح القوتلي ينادي بالاستقلال، بجلاء فرنسا عن سوريا، وسافر إلى أوروبا ليشرح قضية بلاده ويستجلب لها المؤيدين، حتى أصبح محطَّ إعجاب الجماهير وثقتهم، وصار الإجماع على زعامته منقطع النظير، فكلمة واحدة منه تثير ثائرة الناس، وكلمة تهدئهم، وهو ما جعل الفرنسيين يخشون الإقدام على أي إجراء تعسفي ضده، فعمدوا إلى اللين والمناورة، وشعر القوتلي بذلك فأغلق باب التفاوض معهم.

ولجأ الفرنسيون إلى تعيين حكومة جديدة، واختير "خالد العظم" رئيسًا لها، وأدرك القوتلي أن وراء ذلك خطة مدبرة لإسكات الشعب حتى تنتهي الحرب العالمية الثانية، فتفرض سياستها، ووجودها بالحديد والنار.

وسافر القوتلي إلى كل من السعودية "والعراق" يستحث حكومتهما للاحتجاج على سياسة فرنسا ضد السوريين ومساعدة سوريا لنيل حريتها واستقلالها، وسعى في الوقت نفسه للوساطة بين الدولتين لإنهاء الخلافات الحدودية بينهما، حتى تمكن ـ بعد جهد متواصل ـ من إحلال الوئام والوفاق بينهما.

القوتلي رئيسا لسوريا

وفي [15 من شعبان 1362 هـ= 17 من أغسطس 1943م] انتخب شكري القوتلي رئيسًا للجمهورية بالإجماع، وانتقلت سوريا إلى مرحلة جديدة نحو الحرية والاستقلال.

وتوالت الاعترافات الدولية باستقلال سوريا من جميع دول العالم عدا فرنسا التي لم تعترف إلا بعد مُضي أكثر من ثلاث سنوات.

واجتمع الرئيس القوتلي بالمستر تشرشل -وزير خارجية بريطانيا- في [ربيع الأول 1364هـ= فبراير 1945م]، ودار البحث طويلاً حول ضرورة التفاهم مع فرنسا، لكن القوتلي أبى أن يعترف لفرنسا بأي حق في سوريا، وأعلن عن استعداده لقيادة الثورة بنفسه إذا رفضت فرنسا الانسحاب من سوريا.

وعندما عقد مؤتمر الأقطاب ـ الذي حضره روزفلت وستالين وتشرشل ـ لإقرار ميثاق الأمم المتحدة في [28 من صفر 1364 =11 من فبراير 1945م] لدعوة الدول للانضمام إلى هيئة الأمم، وجّهت الولايات المتحدة الدعوة إلى الدول لحضور الاجتماع، وأغفلت سوريا ولبنان بإيعاز من فرنسا، ولكن القوتلي بذل جهودًا كبيرة مع ممثلي الدول العربية والأجنبية، حتى تم توجيه الدعوة إلى سوريا ولبنان لحضور المؤتمر، وانضما رسميا إلى عضوية هيئة الأمم المتحدة، وتمَّ الاعتراف بهما دوليًا.

في سبيل الوحدة العربية

كذلك كان للقوتلي دور بارز في تأسيس جامعة الدول العربية منذ أن بدأت المشاورات الخاصة لتكوين الجامعة في الإسكندرية في [17 من شوال 1362 هـ= 16 من أكتوبر 1943م] وحتى عقد ميثاقها في [20 من شوال 1363 هـ= 7 من أكتوبر 1944م] ثم موافقة الدول العربية عليه في [8 من ربيع آخر سنة 1364 هـ= 22 من مارس 1945م].

وكان موقف القوتلي دائمًا مستمدًا من إيمانه العميق بضرورة الوحدة العربية، وهو ما عبّر عنه بقوله: إن البلاد السورية تأبى أن يرتفع في سمائها لواء يعلو على لوائها إلا لواء واحد، وهو لواء الوحدة العربية.

وأكد أيضًا رئيس الوفد السوري "سعد الله الجابري" حينما أعلن أن سوريا مستعدة للتخلي عن كيانها واستقلالها في سبيل الوحدة العربية.

وكان القوتلي يستنفر الهمم لنصرة فلسطين وذلك عندما بدأت المؤامرات الأمريكية البريطانية لإقامة إسرائيل، وتحقيق حلم الصهيونية العالمية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.

القوتلي أسطورة البطولة والوفاء

سعى القوتلي لتحقيق استقلال سوريا وجلاء الفرنسيين عنها، لكن فرنسا كانت حريصة على بقاء جيوشها في سوريا وجعلها مستعمرة لفرنسا، وأقدمت فرنسا على تصعيد خطير وعدوان سافر، فأنزلت جيوشها استعدادًا لمواجهة شاملة مع الشعب السوري، وشنت حربًا وحشية مدمرة راح ضحيتها عدد كبير من الأطفال والشيوخ والنساء، واستخدمت فيها كل أساليب الوحشية، ولكن الشعب السوري الأعزل استبسل في المقاومة، واستهان بالمخاطر والموت في سبيل عقيدته وحريته.

وبالرغم من مرض القوتلي فإنه لم يعبأ بمرضه، وانطلق يُلهب حماس شعبه، ويحثه على الصمود والمقاومة ضد الاستعمار، وهو على فراش المرض، حتى استطاع الشعب السوري أن يجبر الفرنسيين على الفرار بعد أن ألحق بهم هزيمة منكرة وفوجئت بريطانيا بما حدث، وهالها أن ينتصر الشعب السوري على حليفتها، فزحف الجيش البريطاني بمصفحاته الضخمة على سوريا، وأصبحت سوريا تحارب بمفردها أعتى قوتين استعماريتين.

واتجهت سوريا إلى مجلس الأمن تطالب بانسحاب الجيوش البريطانية والفرنسية عن أراضيها، ولم تتوان في طلبها ذلك حتى تم جلاء الجيوش الأجنبية عن سوريا في [15 من جماد الأول 1365 هـ= 17 من إبريل 1946م]، وصار هذا اليوم –يوم الجلاء- عيدًا قوميًا لسوريا وزعيمها.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .