العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة > دواوين الشعر

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نظرات في رِسَالَةٌ فِي الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: ابونا عميد عباد الرحمن (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: قراءة في مقال مخاطر من الفضاء قد تودي بالحضارة إلى الفناء (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في كتاب من أحسن الحديث خطبة إبليس في النار (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى بحث وعي النبات (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث أهل الحديث (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في كتاب إنسانيّة محمد(ص) (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الى هيئة الامم المتحدة للمرأة,اعتداء بالضرب على ماجدات العراق في البصرة (آخر رد :اقبـال)       :: المهندس ابراهيم فؤاد عبداللطيف (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: نظرات في مقال احترس من ذلك الصوت الغامض (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 05-06-2008, 11:33 PM   #1
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي الواقعية الشعرية في النص المفتوح – إشارات أولية

الواقعية الشعرية في النص المفتوح – إشارات أولية
د. ثائر العذاري 05 يونيو 2008

الواقعية الشعرية في النص المفتوح – إشارات أولية

((أشرعة الهراء)) لخالدة خليل نموذجا

النص المفتوح (على الأجناس) ظاهرة جديدة في الأدب العربي، تحتاج إلى دراسات تطبيقية تضيء تقنياتها، وتقربها للذائقة العربية، وقبل مدة وجيزة فازت الكاتبة العراقية (خالدة خليل) بجائزة ناجي نعمان للإبداع عن نصها (أشرعة الهراء) الذي قرئ على أنه رواية وهو في الحقيقة بعيد عن هذا التجنيس الذي فرض عليه، لأنه نص مفتوح يفيد من تقنيات عدد من الأجناس الأدبية من بينها الرواية. ولأني منشغل حاليا بكتابة دراسة فنية لهذا النص تنبهت إلى جملة موضوعات أخرى خارج منظور دراستي منها هذا الموضوع الذي أعالجه في هذه المقالة.

النص المفتوح – ببساطة - عمل أدبي يستخدم تقنيات السرد للغة شعرية تمتاز بأعلى درجات الكثافة، وهو يختلف عن قصيدة النثر في عدم التزامه بنمط السطر الشعري، وبدلا من ذلك يتخذ شكل لغة السرد المتدفقة, من غير وقفات فيزياوية إجبارية.

على أن هذا الشكل لا يعطي كاتبه الحرية المطلقة في البناء كما قد يُظَن، بل على الضد من ذلك يدخل كاتب النص المفتوح عالما يفرض عليه السير على خطوط الحدود الفاصلة بين الأجناس، لأنه ما إن يحيد عن خط الحدود حتى يكتسب جنسية المنطقة التي حاد إليها ويفقد صفة الانفتاح.

((أشرعة الهراء)) في معظمه حوار داخلي (مونولوج) تقوم به بطلته الوحيدة التي هي عراقية تقيم في ألمانيا بعد هجرها بلادها هربا من موت وجوع محققين، تحدثنا عن تجربة حب فاشلة مع رجل أوربي, غير أننا نكتشف فيما بعد أن الرجل والمرأة كليهما رمزان لحضارتين متعارضتين فرض عليهما التزاوج من غير أن يكون بينهما أدنى حد من التفاهم.

يبدأ النص بالفقرة الآتية:

((دعاني إلى مائدة حلم كنا تقاسمنا عليه رغيف سنوات المرارة والضياع، كل منا يبحث عن سرّ إلهي لترقيع زلة وجودينا الآري والسامي؛ هو يبحث عن انفلات أزرار من جسد الحضارة بينما أبحث أنا عن غيمة لترقيع عورة الحزن المنسكب من إبريق اختلاف.

كانت المفاتيح لما تزل في قبضة المنادي، حين دعا: الحرب على الأبواب، وخوذة الجندي تختبئ خلف أدغال نشيد وطني ضاع (وطن مدّ على الأفق جناحا…..))

من المؤكد أن الانزياحات اللغوية أبرز ما يميز لغة هذا النمط من الكتابة، غير أن التدفق السردي سيفرض نوعا محددا من الانزياح يطبع النص بطابع خاص، ففي الأغلب تبنى جمل النص المفتوح اعتمادا على إضافات مدهشة أو غير متوقعة، ويمكننا في الفقرة السابقة أن نلاحظ كيف تبني خالدة خليل فضاء خاصا.

إن التعبير (مائدة حلم) هو من نمط ما كان يعرف في المفاهيم البلاغية القديمة بالاستعارة المكنية مثل (واخفض لهما جناح الذل..)، حيث تبنى هذه الاستعارات من محاولة تجسيم غير المجسم، فأن تجعل للحلم مائدة وللذل جناحا فأنت تجعل له جسما ماديا، غير أن هذا هو الفهم المبسط لهذا التكنيك الذي تطور كثيرا في النصوص الحديثة. إذ لم يعد الأمر محض استعارة عابرة تستلزم رد فعل فوري، بل صارت الاستعارات تأخذ بأعناق بعضها لتبني عالما مبتكرا بالكامل لا يهدف إلى تقريب المعنى البعيد وإنما يرمي إلى شحن الرسالة المرادة ذاتها داخل هذا الفضاء المبتكر.

في المقطع الاستهلالي السابق ترد العبارة:

((….بينما أبحث أنا عن غيمة لترقيع عورة الحزن المنسكب من إبريق اختلاف))

هذا المزج بين المجازي والحقيقي، أعطى نص خالدة خليل شعرية جديدة، يمكن أن نطلق عليها تسمية الواقعية الشعرية، فهاهنا يتم خلق فضاء مبتكر بالكامل، لكنه معقول وله قوانينه الخاصة التي تحركه وتكسبه واقعية كبيرة. فالغيمة في العبارة السابقة غيمة حقيقية، لكن وظيفتها استعارية لترقيع عورة الحزن، ولنا أن ننظر إلى الكيان الذي صنعته الاستعارات المتوالية المبنية من الإضافات والنعوت (عورة حزن منسكب من إبريق اختلاف).

كل الأشياء في فضاء خالدة خليل مادية محسوسة تستجيب لقوانين الفيزياء:

((في ذلك المساء، الذي لم تطأ فيه واحة العزلة أقدام ضحكة، بقيت خيول صمتي تبحث عن أنيس، وأيدي الوهم بقيت تتشبث بآخر خيط متدل من عنكبوت عجوز….))

الضحكة لها أقدام وللوهم أيد وللصمت خيول، سلسلة من الاستعارات، أما العنكبوت فهو عنكبوت حقيقي أستخدم هنا لإكساب مجموعة الاستعارات السابقة صفة الواقعية.

هذا تكنيك مضطرد في (أشرعة الهراء) ولا يكاد يخلو منه مقطع، غير أنه يتخذ أشكالا متعددة:

((كانت خيوط المساء تواصل بإبرة مثلومة حياكة آخر خيط من الشمس، وكانت مع كل درزة تترك خدشا في سماء الذاكرة، فتحترب جيوش من أفكار يانعة يسقط حشد منها صرعى وحشود تفر نزولا إلى أعمق حجرة في وعي النبية، حيث يختبئ هو بين ظلوع متكدسة في صحراء يفترسها على الدوام عطش حرية………

هل بعثرت روايات الإعلام نبوءات الآلوسي؟))

هنا سلسلة طويلة من الاستعارات، يأتي السطر الأخير الذي جاء على شكل سؤال متضمن إشارة واقعية لشخص كان العراقيون يعقدون الآمال على نبوءاته الخرافية قبل الاحتلال. وهنا تكتسب الاستعارات السابقة معنى آخر يجعلها تلتحم بواقع النص الشعري لتخرج من المفهوم التقليدي للاستعارة الذي يهدف إلى الإيضاح والشرح إلى نظام استعاري آخر يخلق فضاء النص المكتسي بواقعيته الخاصة والفريدة.

أحيانا تأخذ الاستعارات شكل مسارا غاية في الطول، بحيث تمتد عدة مقاطع، وفي هذه الحالة لن يكفي مزجها بعنصر واقعي عابر لإضفاء صفة الواقعية عليها:

((تتذكر أنها قالت له: الشمس تفرش أمواجها الليزرية وتخفي بها جنون أرض تراودها عن نفسها: لولاك يا شمس من سيعيد تأهيل القمر الخاوي؟))

ولعدة مقاطع أخرى هناك حديث عن نزاعات ووساطات تحدث بين الكواكب والنجوم، وبعد ذلك:
((كل شيء ممكن مادامت فضاءات المجرة تحتضن العولمة، ونحن عباد شمس ندير أوجهنا صوبها دائما كي لا يصيبنا شيء من حمى حرب باردة أو يخترق سحبنا يورانيوم منضب،….))

هذا المقطع الذي تضمن الكثير من الوقائع والحقائق؛ العولمة، الحرب الباردة، اليورانيوم المنضب، بتداخله مع سلسلة الاستعارات في المقاطع السابقة حوّل المشهد بكامله إلى مشهد واقعي، إنه واقعي بمنطق شعرية النص، لا منطق الحياة.

لقد لاحظنا من خلال قراءتنا عددا من النصوص المفتوحة أن هذا التكنيك يكاد يكون تكنيكا قارا وعلامة فارقة لأسلوب النص المفتوح لكننا ركزنا على نص خالدة خليل للاحتفاء به أولا ولأنه تحت أعيننا الآن ثانيا، غير أن ما قلناه لا يعدو أن يكون إشارات أولية تنتظر المزيد من الرصد والترصين.
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .