العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة > دواوين الشعر

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نظرات في رِسَالَةٌ فِي الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: ابونا عميد عباد الرحمن (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: قراءة في مقال مخاطر من الفضاء قد تودي بالحضارة إلى الفناء (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في كتاب من أحسن الحديث خطبة إبليس في النار (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى بحث وعي النبات (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث أهل الحديث (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في كتاب إنسانيّة محمد(ص) (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الى هيئة الامم المتحدة للمرأة,اعتداء بالضرب على ماجدات العراق في البصرة (آخر رد :اقبـال)       :: المهندس ابراهيم فؤاد عبداللطيف (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: نظرات في مقال احترس من ذلك الصوت الغامض (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 07-03-2006, 04:25 AM   #11
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الحديث عن تاريخ تطور الفكر العربي :

لقد اتفقنا منذ البداية للحديث عن العقل العربي .. كأداة للتفكير و التعقل ، تتكون من مخزونها المعرفي ( الثقافي و الفكري) .. لكن لو أراد أحد أن يتحدث عن نقطة بداية لتاريخ تلك الثقافة وذلك الفكر ، لاستطاع ان يهتدي لثلاثة نقاط بداية : الأولى تعلن عن التاريخ الجاهلي وهي بالكثير تمتد مئة سنة قبل الإسلام ، و نقطة البداية الثانية : هي العهد الإسلامي الذي يمتد متصاعدا الى ثمانية قرون ثم يتوقف وينحدر ، أو يختفي الى حين .. أما نقطة الانطلاقة الثالثة : فهي ما يسمى بعصر النهضة العربية والتي يؤرخ لها في بداية القرن التاسع عشر ..

ولكن لو أخذنا العصر الجاهلي ، فان تكوينه ارتبط ببقعة الجزيرة العربية ، وغير ملزم للتأريخ به في مناطق حسبت على المنطقة العربية ولا زالت ، فلا تعني وقائع تكوين الفكر أو الأدب بأشكاله المعروفة و التي طغى عليها الشعر .. مناطق كالمغرب العربي أو مصر أو السودان أو بلاد الشام و لحد ما العراق .

لكن الفترات التي تكونت بها المرحلة الثانية ( الإسلامية ) كانت تعني بالاطلاع على الأدب الجاهلي كمورث لصناعة الأدب الإسلامي ، بالرغم أنه لم يصنعه أو يؤسس عليه .. كما هي الحال في المرحلة الثالثة ( النهضة ) .. حيث لم تصنعها ما قبلها ، بل عندما نقوم بآلة تصويرنا لأي مرحلة ، نجد المرحلتين يظهران بالصورة ، رغم عن أنف المصور !

فكانت قرطبة كما هي مراكش كما هي بغداد والقاهرة و دمشق ، تتداول فكر المرحلتين الأولى و الثانية دون تكلف .. وكان رجال الفكر يتنقلون بين تلك الحواضر دون حرج ، ودون شعور بالغربة ..

أما في المرحلة الثالثة فكان المشرق العربي قد سبق المغرب بعدة عقود في تأسيس المرحلة الثالثة ( النهضة ) .. ولكن مع ظهور خصوصية القطر التي لازمت التفكير بالصورة الوحدوية ، لكن دون أن تشتهي بإلغاء الحالة القطرية ، فأصبح ظهور المراحل الثلاث متلازما متحاذيا ، لا يفترقن عن بعض ، بل ويتزاحمن في إثبات السيادة لواحدة على الأخريين .. حتى أصبح الماضي كجن يلازم الحاضر و يكبله دون أن يسمح له للانفلات و التأسيس لشكل يؤكد خصوصيته العربية المنتمية لأصالة واضحة ، والمستمرة في التأثير عالميا بشكل منادد لمواقع الفكر العالمي ، لا متسكعة بهوية تستحي أحيانا ، وتتفاخر بتعصب أحيانا أخرى ..

إن هذه الإشكالية الصعبة التي تواجه من يريد أن ينتقد العقل العربي ( لا يصفه وصفا ) .. من أجل الخروج به ليؤدي دوره ورسالته على الوجه الأكمل ، تقتضي الكشف عن تلك الأسرار ( الجني أو الراصد ) من أجل تحرير العقل الراهن لدفعه بالمسير ..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 19-03-2006, 03:32 PM   #12
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الإطار المرجعي للفكر العربي :

(1)

إن من أكبر المشاكل التي تواجهنا كعرب ، في تحديد بداية تكوين العقل العربي ، هي مشكلة العصر الجاهلي ، فيكاد هذا العصر يشكل لنا عمقا مجهولا ، كمجاورة بدو لصحراء واسعة ، قبل امتلاك وسائل النقل الحديثة من طائرات وسيارات و غيرها ، فالحديث عن الصحراء يعتمد على قدرة الراوي في ابتكار صور .. وهل هو فعلا كان قد تعمق عشرات الأميال أو مئات الأميال من أصل آلاف ؟ ومن يستطيع تدقيق الرواية ، طالما غابت الحقيقة .

ولكن لو أخذنا العهد الجاهلي بوصفه الواقعي الذي أشار اليه القرآن الكريم ، فسنجد أن المقصود كان واضحا في أن هناك مجتمع يفتقد الوازع المدني ، نتيجة لغياب الدولة ، مقارنة بغير العرب من الشعوب التي عاصرتهم في ذلك العهد ، ويفتقد للوازع الخلقي الذي تمثل بغياب الدين ، فاستحق بذلك الوصف الجاهلي ..

لكن لو أخذنا النشاط الذهني ( العقلي لحد ما ) لوجدنا أن هؤلاء الناس الجاهليون لم يكونوا على مستوى متخلف ، فقد كان عندهم أسواقا يتبادلون فيها الشعر والنشاط اللغوي ، الذي يوحي بأنهم على درجة واعية من التحكم في مجادلة غيرهم من أبناء القبائل .. كما أن القرآن الكريم قد أورد محاججاتهم ، فرد عليهم بلغة ، تحتاج كل آية في عصرنا الراهن الاستعانة بلغويين مهرة لتبيان مقاصدها ، وهو دليل على تعاطيهم لعلم الكلام ( القريب من المنطق) قبل تأسيسه بمراحل ..

إن ما أصبح يهمنا اليوم ، ليس الكيفية التي كانت عليها العرب قبل الاسلام ، بقدر ما يهمنا من التأثير التي تركته تلك الكيفية فيما بعد والى يومنا الحاضر ..

لقد كان عهد كل من أبي بكر الصديق و عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، مليئا بالمعاداة السافرة ومحاولة قوية وصارمة في القطيعة مع العهد الجاهلي ، تجلى في أحد أشكاله بالتأريخ للهجرة ، كرمز لإعلان تلك القطيعة ..

لكن وبعد أن تشكلت بوادر الفتنة ، في أواخر أيام الخليفة عثمان بن عفان وما ترتب عليها من اصطفاف معسكر ضد آخر من بين صفوف المسلمين .. بدا الحكم الأموي وكأنه تجسيد لسلطة الأسرة ، أكثر من أن يكون تعبيرا عن رغبة عموم المسلمين . و بنفس الوقت كان لاتساع رقعة بلاد الدولة الاسلامية ، تنامي شعور بالزهو والافتخار بالدين الجديد و الدولة الجديدة لدى أبناء العرب الذين يلتفون حول الدولة الجديدة ..

في حين كان خصوم الدولة من الراضخين من غير العرب والذين أصبحوا تحت حكمهم ، بالإضافة لأصناف من المسلمين العرب الذين لم يرق لهم حكم غيرهم لهم .. كل هذا أوجد حالة مزدوجة من نمط تفكير جديد ، حالة تتوجه الى العمق الجاهلي للتفاخر بالأنساب ، وحالة تتجه الى غير العرب من المسلمين للاستقواء بهم على الحكم القائم .

هذا صنع وعاءا و أرضية خصبة لنمو الوعي والنشاط الشعوبي ، الذي تعدى شكل الخلط المعرفي و الثقافي الى التدخل في التركيز على الطائفة ، كما حدث في تشيع الشعوبيين من غير العرب لتسهيل بقاء أجواء الفتنة قائمة ..

كما جعل هذا الأمر القائمين على الأمر في تشكيل الصورة الجاهلية ، وفق أهوائهم وتكريسا لمطالبهم في تحديد الهوية الفكرية والثقافية ، فأعيد تدوين الشعر الجاهلي بصيغ شكك البعض فيها كما حدث مع الدكتور طه حسين ..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 30-03-2006, 05:18 PM   #13
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي موضوعات ابن حوران التاريخية والأدبية .

ذكريات قرية لم تعد موجودة


لو فرغ أحدنا من الاستحمام ، فإنه يلحظ أن هناك شعرات قد سقطت منه ، والتصقت بجوانب الحوض أو أسفله .. ولكنها لم تعد تنتمي اليه بالتأكيد .. ويقال أن الإنسان يفقد أكثر من ثلاثين شعرة كل يوم .. وعند الحديث عن الأعصاب فإن الأطباء يقولون أن الخلايا العصبية التالفة لن تعوض بعد ..

لا أدري أين تستقر ذاكرة الإنسان ، هل لها مكان معين في جسم الإنسان تستقر به ، أم أنها تكون كهالة تحيط بكيانه ، تسبح معه حيث عام .. ويستعين بها عندما يستفز ، أو يضطر الى اتخاذ موقف تجاه ما يرى أو يسمع أو يضطهد بفتح الياء أو ضمها .. ولكن لا بد لتلك الذاكرة أن يتساقط منها ما يقارب أعداد تساقط الشعر في الحمام ..

هذا بالنسبة للفرد .. أما الجماعات ، فستكون مسألة تتبع نمو ذاكرتها و تفقدها من الصعوبة بمكان ، وتزداد صعوبتها كلما ازداد أعداد الجماعة وتفاوتت أعمارهم .. فسيكون على من يريد أن يتفهم تلك الظاهرة أن يتفقد ذاكرة كل فرد من أفراد الجماعة على حدة ، و هي مهمة شاقة وغير مسموح بها في جميع الأحوال .. وسيشوبها الكذب أو الاجتهاد في أحسن الأحوال ..

كما أن للقبور شواهد .. فان للذاكرة شواهد .. فان كانت القبور بلا شواهد ستدرس وتزول مع الزمن .. وهناك من يشجع على ذلك ( فقهيا ) .. فبنظره ، لم يعد أهمية لتجميل قبر والكتابة عليه ، طالما أن ما بداخله أجزاء من مواد لم يعد لها أي فاعلية تذكر .. وهناك من يعاكس تلك النظرة فيقول : أن الشاهد على القبر و الكتابة عليه ، سيجعل من القبر بمثابة أيقونة في جهاز الكمبيوتر ، ما أن تضغط عليها العين ، حتى تستعيد شريط من في داخل القبر !

بالقرى والمدن ، تكون الشواهد ، هي مجموع المعالم البارزة ، كمنارة مئذنة أو قصر بارز .. أو سفح جبل .. أو تمثال .. أو بيت يصدر منه صوت امرأة مجنونة .. أو زقاق يبرز منه كلب شرس يخيف الأطفال .. فتصبح سلطة الكائنات الحية شواهد إضافية على الشواهد الجامدة .. فشجرة عالية ، أو ارتطام قطيع أغنام بسيقان المارة .. تجعل من الذكرى .. مزيجا بين المكان والأحياء ..

ويصبح كل إنسان شاهد إضافي على الشواهد السابقة ، وهذا ما يفسر لنا لماذا نحزن على ميت ، يرتبط معنا بذكرى ، وهو يقل شرفا ومكانة عن شخص آخر ، ولكن لا نحزن عليه .. ولكن حزننا سيكون على أنفسنا ، أو على وجه الدقة على ذاكرتنا ، إذ أنها فقدت شاهدا على مخزونها .. فان تسامرنا في طرائف أحمق قبل أربعين عاما ، فان كان من يشاركنا الحديث عن ذلك الأحمق ، فان الحديث سيكون بنكهة ممتعة ، وعندما لا نجد من يحفل بذلك الحديث سنحس بغصة ، لزوال شهود الذاكرة ..

كانت قرية ( العتيقة ) هي صورة لكل ذلك ، فهي وإن كان اسمها قد يكون منحوتا ، فلم يعد للاسم أهمية ، فقد تجدها شمال غرب العراق أو في صعيد مصر أو على الحدود السورية الأردنية ، أو في جبال الأطلس .. فلا فرق ، طالما أن شواهدها قد زالت .. فلم يعد للاسم أي معنى ..

يتبع
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 31-03-2006, 03:31 AM   #14
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

( 2)

لو أقبلت على القرية من جهة الجنوب لرأيت مئذنة مسجدها الوحيد بارزة بارتفاع واضح حيث بني المسجد في أعلى نقطة بالقرية .. و سيكون عليك أن تسير بمحاذاة طريق معبد ضيق ، أو يمكنك السير فوق الطريق المعبد الذي قيل أن الألمان قد عبدوه .. ولم يتلف ، لا لدقة الألمان في التنفيذ ، بل لندرة ما يسير فوقه من سيارات .. وكانت بعض الجهات تقوم بين كل عدة سنوات في رش قليل من الرمل الناعم و سائل أسود يغلي ، لإخفاء ما قد يحصل على الطريق من تلف قليل ..

وكان الأطفال يتمتعون بالسير فوق الطريق وهم حفاة ( طبعا كعادتهم ) .. وكانت لا تمنعهم حرارة الصيف من الاستمرار في السير على الطريق ، فكانت أقدامهم قد تطورت ، بحيث أصبحت أقرب الى خف البعير ، وكان ما يزيل إحساسهم بحر الطريق ، هو تتبعهم لفقاعات تكونت من فعل أثر الشمس على السائل الأسود الذي تجمد ، ولكن حرارة الشمس تنفخ بعض الفقاعات فيتتبعها الأطفال ليدوسون عليها بإبهام الرجل .. فتحدث صوتا يبتهجون به .. أو لعلهم كانوا يبتهجون به ، لندرة ما يبهجهم ..

لم يكن للقرية ألوانا زاهية يصبغون به بيوتهم ، ولم تكن في القرية أشجار تظهر عن بعد ، بل كان في القرية شجرتان من الكينا ( اليوكاليبتوس) واحدة تظهر عليك إذا أتيت القرية من الشرق ، وواحدة تظهر اذا أتيتها من الشمال ، وكانت الشجرتان تسهل مهمة من يصف بيتا لأحد ، وكان نادرا ما يسأل أحد عن بيت و يتغلب في إيجاده .. لكن كانت كل شجرة من الشجرتين تشكل شاهدا استقر في ذاكرة من يتذكر ..

كان الأطفال ، غالبا ما يسيرون باتجاه الطريق الذي يخترق القرية ، باتجاه الجنوب ، ويسيرون كفرق للبحث عن ألغام .. كلهم يرمون رؤوسهم في الأرض مطرقين ، عل أحدهم أن يجد علبة فارغة من أي شيء ، رموها السواح بعد أن استفادوا من محتوياتها .. فإن كانت العلبة مسطحة كعلب ( السردين مثلا) التقطها الطفل ، وربط بها خيطا ، بعد إحداث ثقب بطرفها ، و ملأها بالتراب وأخذ يلعب بها كسيارة .. و إن كانت العلبة أسطوانية ونظيفة ، فإنها ستضاف للأواني المنزلية ، كوعاء يغرف به الماء أو يسلق به البيض .. وإن كانت مغلقة من الجانبين ، لكنها ليست بتلك النظافة ، فإن الطفل يحدث في أوسط طرفيها ثقبين ويدخل بها سلكا و يعتبرها عجلة يلعب بها ..

و كانت لحظات فرح كبرى ، إذا عثر الطفل على بقايا علبة بها محتويات غذائية ، أو حتى بعض أجزاء فواكه يرميها الموسرون الذين كانوا قد مروا فوق الطريق قبل أيام أو حتى أسابيع .. فلم يكن الأطفال المعدمون يوفروا شيئا ، أو يتعففون عنه .

كان لون القرية في الشتاء هو لون التراب ، وكان في الصيف قد تلون عند بعض المقتدرين بلون حجري كلسي أبيض ، لا يصمد الا لشهرين أو ثلاثة ثم يختفي نتيجة لخواصه الكيميائية أو نتيجة لنزول مزنة من المطر خالفت الموسم وسقطت في غير حينها .. وعلى العموم لم تكن الألوان متوفرة ، فقد أدخلت الدولة لونا جديدا عندما صبغت المدرسة الوحيدة بلون ( سمني ) لا هو بالأصفر ولا هو بالبني .. وقد أثار ذلك اللون إعجاب المواطنين .. و أضاف عاملا جديدا لتهيبهم من الدولة ..

إذا اقتربت من القرية ، عند المساء ، فتستطيع التعرف على رائحتها بسهولة ، فهي مزيج من روائح فضلات الحيوانات الطازجة ، أو المحترقة لإبقاء حرارة أفران الخبز على ما هي .. حيث كانت النساء تغطي ( التنور ) بطبقة كثيفة من زبل المواشي المتخمر ، والذي لم يجف تماما ، فحين يلامس بعض الجمر المختفي في الغطاء القديم ، فإنه يبدأ بالاشتعال البطيء طيلة الليل ، وحتى الصباح .. فإن جاء الصباح وضع بعض ( الجلة ) اليابسة ، أو قطع صلبة من سيقان نباتات القمح ( قصل ) لم تستطع الحيوانات أكلها .. فتشعلها النساء ، داخل الفرن ( التنور أو الطابون ) .. فيصبح مهيئا لإعداد الخبز .

كانت تلك الروائح الممزوجة ، تلتصق بأثاث البيوت البسيط ، وبملابس الأهالي فلا أحد يتأفف من رائحة الآخر ، طالما أنهم يتشابهون فيها ..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 01-04-2006, 07:01 PM   #15
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

(3)

لم تكن مهمة خبير المساحة الإنجليزي سهلة ، فقد أوكلت إدارة الانتداب البريطاني في أواسط الثلاثينات من القرن السابق ، الى المساح ( موفد ) مهمة تنظيم وتقسيم و إفراز أراضي ( العتيقة ) .. وقد أقام ( موفد ) مع فريق عمله عدة سنوات ، حتى أنجز مهمته الصعبة ..

لقد كانت أراضي العتيقة والتي بلغت مساحتها أكثر بقليل من ثمانية عشر ألف هكتار ، في حالة تنازع بين سلطتي الانتداب الفرنسي و البريطاني ، وعندما تم إلحاق ( العتيقة) بإدارة الانتداب البريطاني .. شرعت لتنظيم تلك القرية .. والتي كان أصحابها يحتفظون بسندات تسجيل عثمانية ، وقسم كبير يحتفظ ب ( حجة) تملك .. وهي سندات تنظم بوجود شهود ، على أن فلانا قد باع لآخر أرض ..

لقد مر على هذه القرية ، عدة موجات توطن ، فتجد بآثار ( الخرائب) ما يشير الى وجود توطن في العهد اليوناني و الروماني و الأموي و المملوكي .. ولكن ليس بالقرية من يدعي بالقدرة على تتبع وجود أجداده ، لأكثر من مائة وخمسين عاما .. رغم وجود علماء نحو و تاريخ تنتهي أسماؤهم بالعتيقة .. لكن لم أسمع من المسنين ، أن أحدا يقول أنه من أحفاد النحوي عبد الله العتيقي أو المؤرخ محمود العتيقي ..

عندما تأملت في ظاهرة عدم تتابع وتواصل أجيال ( العتيقة ) ..عن دون القرى والتجمعات السكنية التي تقع غربها بعدة أميال ، ركزت نظري ، علني أجد لذلك سببا .. فوجدت أن القرية كانت تقع على مقربة من الصحراء ، لكنها تتفوق على الصحراء في أنها تستطيع إطعام بضعة مئات من العائلات من إنتاجها ..ولكن دون انتظام .. ففي بعض العقود كانت سنين القحط تمتد الى خمسة سنوات أو أكثر ..

كان التصاق سكان القرية بها ، ضعيفا و إدارة الدولة العثمانية ، لم تغطيها بشكل يكفي لدرء هجوم رعاة الأغنام و الإبل ، الذين كانوا يستغلون سنين الغلال والمواسم الجيدة ، ليرعوا بها و يهجرون سكانها أو يقتلونهم .. فكان بقائهم بها يتوقف على الجانب الأمني ..

وقد عاود السكان التوطن بها في أواخر القرن الثامن عشر .. ولو تتبعت أصل سكانها ، لأفادك كل منهم أن أجداده أتوا لتلك القرية ، بعد أن قتلوا شخصا في القرية الفلانية ، وستجد منهم أصولا من أربعة أقطار عربية مختلفة . أو هربا من الخدمة في الجيش العثماني ، حيث كنت تجد في القرية عشرات العرق ( بضم العين و مفرده عراق وهو ثقب أو كهف في أبط تل ) يسهل على المتخفي أن يبقى به هو عياله و حلاله دون أن يفضح أمره ..

كان على (موفد) أن يوفق بين عدة مئات من الرجال الذين كانوا ينتمون لعدة عائلات ، انقسموا في السابق الى قسمين : قسم أراد أن يكون تحت الإدارة الإنجليزية و قسم أراد أن يكون تحت الإرادة الفرنسية ..

فقسم الأراضي الى مائة و ثمانين ( ربعة ) والربعة كانت تساوي بين ثمانين هكتارا و مائة و عشرين هكتارا .. حسب خصوبتها .. وحسب تراضي لجنة ممثلي المالكين ..

لقد كانت الأراضي قبل وصول ( موفد) تقسم الى ( دواقير ) و ( الداقورة) هي مساحة الأرض التي يمكن لأسرة حصادها في يوم واحد .. ويبدو من شكل التقسيم السابق ، أن دوافعه كانت أمنية بحتة ، حيث يرحل الحاصدون كلهم الى اتجاه واحد يحصدون و ينقلون قشهم و غلالهم في نفس اليوم على الجمال ، ويحتمون بكثرتهم أمام هجمات الرعاة ..

وقد حسم أمر الرعاة و البدو قبل مجيء ( موفد) بحوالي عشرة سنوات عندما انتهت الحرب ( حرابة ) بين البدو والفلاحين والتي قتل بها عشرات الأشخاص من الطرفين وانتهت لصالح الفلاحين الذين أثاروا إعجاب سكان القرى المجاورة ببسالتهم .. و خلدت القصائد الشعبية تلك ( الحرابة ) التي استمرت تسع سنوات متواصلة .. حتى استقر شكل الأرض للفلاحين .

كان رؤساء العائلات الذين جلسوا مع ( موفد) لتسوية أراضي القرية ، يراعون جانب العلاقات بين المتجاورين .. فوضعوا شكلا للملكية لا يزال يثير إعجابي لدقته و عدله في كثير من جوانبه .. فقسموا ال (180 ربعة ) الى 36 قسم سموه الخمسات أي كل خمس ( ربعات ) جزء ووضعوا له رئيسا و ممثلا عن الملاكين .. وبين كل خمسة وخمسة طريق ضيق بعرض ثلاثة أمتار ، وبين كل عشر( ربعات ) طريق بعرض ستة أمتار ..

لقد ترك للبلدة جذرا سمي فيما بعد ( جذر البلد) و كان بمساحة تسعة كيلومترات مربعة .. و ترك حول الجذر ( بيادر ) لنقل القش ودرسه و تذريته واستخلاص الحبوب منه ..

لقد طال رؤساء الخمسات ، نصيب من الحظوة الإضافية ، وكانوا ست وثلاثون شخصا ، حيث تضاعفت حصصهم عن دون سكان البلدة ، ولربما كانت تلك أجورهم من قبل الإنجليز بدلا من أتعابهم خلال سنين التنظيم .. وأصبح
هؤلاء أكثر أهل البلدة وجاهة ، وهم الأكثر تأثيرا و الأكثر قربا من الحكم !
__________________
ابن حوران

آخر تعديل بواسطة ابن حوران ، 01-04-2006 الساعة 07:18 PM.
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 03-04-2006, 03:08 PM   #16
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

(4)

لو تم إلزام ( موفد) برسم أو تنظيم جذر ( العتيقة ) ، لاعتذر ولو استعان بأحدث الطائرات للرسم الجوي ، فقد كانت شوارع القرية على عداء سافر مع كل ما هو مستقيم .. لقد كانت أشبه باللعب التي توضع في المجلات أو الجرائد تحت عنوان ( الطريق الى الكنز ) .. كانت أشبه بالمتاهات الموضوعة بمكر .

لكنها لم تكن آتية من غايات ماكرة .. بل كانت تمليها طوارئ الأفكار التي تنمو كأعراض جانبية لمرض ، فقد تنتشر على وجه أحدهم بثور ، ولكن تلك البثور آتية من التعرض لحمى أو خلل في الأجهزة الفسيولوجية ، ولم تكن البثور بحد ذاتها مرضا .. كذلك هي حالة الأفكار المتعلقة بالبناء عند أهل (العتيقة ) ..

فقد تتدخل طبوغرافية الأرض في تحديد شكل المنزل ، حيث يكون قرب جرف أو قبر ولي أو بئر قديم .. وبالتأكيد فإن السور للمنزل كان يأتي بمرحلة متأخرة حيث تتشكل الغرف ، وملحقات المنزل من حظائر و مستودعات لتخزين الأعلاف وغيرها ..

لم تكن وحدات القياس كما هي اليوم ، فلم يكن للياردة أو المتر أي مكان ولا حتى الذراع ، بل كانت المقاييس معنوية ، تتفق مع الموجودات المتحركة من الكائنات المتعايشة مع الساكنين ، وما يتعلق بما تحمل على ظهورها .. فكان الارتفاع للبوابة يتناسب مع ارتفاع الجمل و هودجه وما يحمل ، وكان عرض الشارع يأخذ بنظر الاعتبار التقاء جملين أو حمارين عليهما حمولتهما .. فوظيفة الأشياء كانت تحدد القياسات لا علوم الهندسة والحساب .

وكانت ارتفاعات الغرف أو الحظائر أو الأسوار ، تراعي نقاطا لها جانب أمني وخصوصي في بعض الأحيان ، فغرفة النوم ، وهو اسم خليع لا يتناسب مع تلك الحالات التي بنيت من أجله الغرف ، بل كان يطلق على الغرفة اسم بيت و على البيت دار وليس منزل ، كان ارتفاعها يتحدد بالمساحة التي تلتف عليها قنطرة حمل البيت ( الغرفة ) ..فان كان عرض الغرفة خمسة أمتار ، فكانت القنطرة التي تبنى على شكل نصف دائرة ، لا بد أن يكون نصف قطرها لا يقل عن ثلاثة أمتار فستجد أن معظم الغرف يزيد ارتفاعها عن أربعة أمتار .. أما في الحظائر والغرف الأقل شأنا فإن الارتفاع ينخفض قليلا ، معتمدا على تقنيات تختلف بعض الشيء عن بناء غرف النوم ..

كنت إذا دخلت ( زقاق ) وهو الاسم الجدير أن تحمله تلك الشوارع .. لا ترى الا جدران طينية مصمتة ، لا نوافذ عليها ، حتى لا ينكشف ما بداخل المنزل من عورات .. و أحيانا كنت تجد ( طاقة ) وهي فتحة بأعلى الجدار لا تسمح لمن تسول له نفسه لا الدخول من خلالها و لا حتى النظر ، حتى لو استخدم سلما ، فامتداد نظره لن يرى من في الغرفة ، بل سيصطدم بنقطة على الجدار المقابل وعلى نفس الارتفاع لسماكة الجدار الذي يقل عرضه عن متر بقليل ..

كان يصدف المارة نتوءات بارزة في الشارع بين كل مسافة منزلين أو ثلاثة وهي مكونة من طين وحجر ترتفع حوالي مترا وربع أو بعلو ( الحمار ) وعرضها أقل من متر ، أو بعرض ( خيشة التبن ) .. كان يطلق عليها ( مقرص) .. وكان الاسم مشتقا من الوظيفة التي تقوم بها تلك النتوءات .. فهي ان أخذت على أساس أن النساء يقرصن عليها العجين قبل خبزه ، فالاشتقاق جائز هنا .. وان كان الهدف منها هو ، وضع ( خيشة التبن ) من على ظهر الحمار ثم قرصها ، لتفرغ محتوياتها في مخازن التبن ، فالاشتقاق أيضا جائز .

كانت الرطوبة والملح ( بفتح الميم واللام ) قد أكلتا من أسفل الجدران ، فكونتا بجانب الجدران ، هالة من الرماد الناعم جدا والذي لا يتحرك من مكانه ، فكنت تجد في بعض الأحيان صبيانا يبحثون بين ذراته المتراكمة عن صنف من الحشرات ، ليستخدمونه كطعم لفخاخ الصيد ، وكانوا يطلقون على تلك الحشرة اسم ( كعكل .. بضم الكافين ) ..

واذا واصلت السير ، فستجد انبعاجات في الزقاق عند التقاء زقاقين أو أكثر فتتسع المساحة هناك ، لتسهيل عمليات فرز الحوش ( بفتح الحاء و الواو ) وهو قطيع الأغنام و الماعز ، الذي كان يوكل لراعي يجمع ما للناس من ماشية ليرعى بها طيلة النهار ثم تفرز أثناء عودتها لأصحابها ..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-04-2006, 05:18 PM   #17
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

(5)

تندرج حاجات الإنسان تحت ثلاثة مستويات ، الأول يعني بأساسيات الغاية من الحاجة نفسها ، وقد يسميه بعض العلماء المستوى ( الحدي ) .. فاذا كانت الغاية من المسكن هي الوقاية من الوحوش و اللصوص و عوامل الجو كالأمطار والحرارة وغيرها ، فإن كهفا سيشبع تلك الحاجة ، أو أي أربع جدران و سقف وباب ..

وهذا ينسحب على الملبس ، فالغاية هي ستر العورة و اتقاء البرد . ويمكن أن يقال هذا الكلام عن الطعام و الشراب و غيره ..

والمستوى الثاني ، يتعلق بصناعة نمط خاص بجماعة ، يطلق عليه العلماء اسم ( الرمزية ) وهو يعني بالتطور من حالة الإشباع الأساسية ، الى حالة إيجاد لون خاص بالجماعة ، والحديث هنا عن الجماعات الطبيعية وليس عن الجماعات المصطنعة ..فتجد نمط بناء مدينة أو حي مأسور بنمط يعبر عن لون حضارة الناس الذين أوجدوا هذا اللون .. فلو ذهبت الى شارع الرشيد في بغداد أو الى البصرة ولون شناشيلها ، أو الى أحياء حلب القديمة ، أو الى مدينة بولونيا شمال إيطاليا ستجد هذه الرمزية واضحة ..

هذا الكلام ينسحب على أزياء اللبس و أصناف الطعام .. فبعد أن تشبع الحاجة الأساسية الأولى في الستر ، فإن اللون والزي يصبح آسرا لمن يحاول إشباع حاجته ، فيكون غطاء الرأس و الدشداشة لونا عند بعض أبناء العرب ، وسيكون نشازا من يعتمر(برنيطة ) في حين يلبس الدشداشة ..

ويأتي المستوى الثالث ، وهو التخصص في إيجاد ميزة استثنائية للفرد تميزه عن غيره ، و قد أطلق عليها المختصون ب ( الأستيطيقية ) .. وهي كمن يضيف نقشا معينا على حجر البناء ، أو قرميدا ، أو بعض الصنوبر فوق الطعام أو بعض الإضافات التمييزية على الملابس الخ ..

إن تطور الحاجات و إشباعها وفق سير منتظم ، يعطي الحضارة سمات مستقرة ثابتة أصيلة ، و بعكسه فإن الطفرات و عدم التدرج بنمو تلبية الحاجات يجعل الارتباك سمة الحضارة .. فقد تجد بأحياء بعض المدن العربية أنماط بناء مختلفة و متجاورة فتجد قصرا على النمط المغربي ، يجاوره قصر على النمط الماليزي و بجانبه فيلا على النمط الأوروبي .. كما تجد لهجات المواطنين ، متنوعة تنوعا مبتذلا ، فمنهم من يتكلم بلهجة الريف ( الجلفة ) ومنهم من يتكلم بلهجة أهل الشام ، ومنهم من يحشر كلمات أجنبية في حديثه ، بمناسبة و من غير مناسبة .. وقد تجد كل هؤلاء من جد واحد ، ومنشأ أصلي واحد !

لم يكن أهل العتيقة ، يتطاولون بتفكيرهم ليرتقوا فوق المستوى الأول من إشباع الحاجات عندهم ، بشكل كبير ، فقد كان أهل القرية يحاولون إشباع حاجاتهم ، بكثير من التقشف و التدبير القاسي للاستفادة من الطبيعة التي حولهم مع بعض الإبداعات البسيطة غير المكلفة ..

لو أراد أحد أن يدخل بيتا من بيوت العتيقة ، فعليه أن يطرق الباب بكل ما أوتي من قوة ، حتى يسمع طرقاته من في الداخل ، والذين يكونون في الغالب ، ليس على مقربة من البوابة .. وكان قسم من الناس يضع على البوابة مطرقة معدنية على شكل قبضة يد صغرى ، مثبتة في أعلى البوابة على مستوى رأس الطارق البالغ ، ولها مفصل يسمح لها بالحركة والطرق على نتوء معدني أسفل طرف القبضة .. وكانت تلك التقنيات مما يميز طبقية بعض الناس !

أما البوابة ، فكانت من ألواح خشب الشوح ، غمست بالقير قبل رصفها ، حتى لا تتشقق بفعل العوامل الجوية ، وربطت ببعض بواسطة شرائط معدنية سميكة تثبت القطع ببعض بواسطة ( أسافين ) معدنية .. وهي كما أسلفنا بارتفاع أكثر من مترين ونصف ، لتسمح للخيال أن يدخل ، أو البعير المحمل .. وكانت بعرض أكثر من مترين ، ومثبتة بواسطة عمود خشبي أسطواني بطرفها ، يرتكز داخل حفرة في حجر صلب يسمى ( صعرور ) يسمح بفتح البوابة دون تغيير مكانها ، و يخترق فتحة في حجر ( الحنت ) الذي يعلو البوابة ..

لم تكن البوابة تفتح الا في مناسبات معينة ، أما الذي يفتح ، فهو فتحة عملت داخل البوابة ، بوسطها ترتفع عن الأرض بمقدار ذراع ، وهي بعرض رجل سمين ، وبارتفاع يسمح له بالدخول دون صعوبة .. وكان لها مفصلان مثبتان بجسم البوابة ..

أما القفل أو الغال أو ( السكرة ) فكانت مصنوعة من قطع خشبية متداخلة من خشب الجوز ، ومفتاحها قطعة خشبية مستقيمة ثبت به نتوءات معدنية ، ترتيبها يختلف من بوابة لأخرى و كأنها استنبطت من طريقة ( بريل ) للكتابة عن العميان ..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-04-2006, 06:42 PM   #18
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الإطار المرجعي للفكر العربي :

( 2 )

لو كان أحدنا في نقطة مكانية ، فان الاتجاهات التي يقررها عن الأمكنة الأخرى هي غيرها عند من يقع شمالا منه ، فان الآخر عندما يتكلم عن الأول فانه يحدد مكانه جنوبا منه .. وتكون الأمكنة بعيدة أو قريبة ، عالية أو منخفضة وفقا لمكان وجود المتكلم .. كما هي الحالة عند رواد فضاء والحديث عن الكواكب والنجوم ، فيما بينهم .. تكون المركبة التي يتحدثون فيها هي الإطار المرجعي لتحديد جهات و مواضع و أبعاد ما يتكلمون عنه ، فوق ، تحت ، أبعد ، أقرب .. وفق إحداثيات المكان الذي يتكلم به المتكلم ..

عند الشعوب ، يكون الإطار المرجعي ، في الوعاء الثقافي المتكون لدى الشعب على مر السنين . ولكن لما كان من الصعوبة بمكان أن تتجسد الثقافة وتتمثل في باطن كل فرد بالتساوي مع أفراد الشعب ، لتصبح عنده ( لا شعور ) وهي ما تجعل الناس ( يعقلون ) الأمور بنفس الدرجة ، ويصبحوا متساوين فيها ، برزت مسألة عامة وهي تصف شعبا كاملا بصفة عقلية عامة ، لا يتصف بها غيره من الشعوب .. فتجد قبائل مثل (آرابيش ) و (تشومبولي) في مناطق غينيا بيساو ، تنظر للمرأة على أنها هي فارس القبيلة لا الرجل .. وتجد في السويد أن الناس ينظرون للعروس التي حافظت على عذريتها نظرة ناقصة !

إن تكوين الأحكام و التقييم للأشياء ، ينبع من المخزون الثقافي و المعرفي لأبناء شعب ، فيصبح هذا العمل عيبا مشينا ، وهذا العمل كله نبل و بطولة استنادا للصور التي حملها المخزون الثقافي ، الذي تكون لهذا الشعب ..

ان حدود المخزون الثقافي عند العرب تاريخيا ، بدأت عام 143 هـ ، وهو بداية عصر التدوين أيام الخليفة العباسي (المنصور ) ..

وعندما بدأ التدوين ، كان الأساس منه ، هو تدوين الأحاديث النبوية الشريفة ، فبرزت نشاطات في مكة و المدينة المنورة والكوفة والبصرة ودمشق وغيرها من الحواضر العربية ، وكان هذا النشاط الجماعي قد استلزم وجود تقنيات معينة ليكتسب صفة ( علم الحديث ) .. وقد رافقه نشاط لتكوين أسس لغوية مساعدة ، لتدوين النصوص لتك الأحاديث ، وكان يقال لمن يتكلم أنه يتكلم عن ( علم) ويميز عن ( الرأي ) لمن لا يتكلم وفق شروط ( علم الحديث ) .

لكن ( الرأي) لم يكن بعيدا عن نشاط العلم ، بل كان الرأي هو ( العقل) الذي يعطي صبغة ( المعقولية ) على حديث دون آخر .. وظهرت العنعنة ( من فلان عن فلان عن فلان) .. ويختم الراوي ( رأيه) بقوله حديث ( صحيح) .. ولما كان من غير المعقول أن يكون هناك حديثا ( صحيحا) بشكل قطعي ، كما لم يكن هناك حديث غير صحيح بشكل قطعي .. ولكن صحته من عدم صحته ، جاءت وفق ملائمة ذلك النص مع ما يمتلك الراوي من قناعات تعطيه أحقية أن يطلق عليه ( حديث صحيح ) .. وهذا ما جعل بعض الطوائف الإسلامية فيما بعد بسرد أحاديث ، لا تجيزها طوائف أخرى ..

علينا أن نعرف أيضا ، أن التدوين لم يكن إنتاجا بحد ذاته ، بل كان محاولة توثيق ما أنتج من قبل عصر التدوين خوفا من ضياعه ، فكان يخضع لغربلة و تمحيص و إضافة رأي المدون الذي لم يكن بعيدا عن عين الدولة ، ولذا فإن آراء المدون ( عقله ) سيراعي جانب رضا الدولة في حدود معينة ، وإلا لما وصل الينا ما دونه ، هذا فيما يخص الآراء التي قد تمس العدالة و أحقية الحاكم في تولي الحكم الخ ..

أما فيما يخص الأشعار والآداب و غيرها ، فكان هذا المنحى يحمل معه أهواء المدونين و آراءهم ..

إذن هذه حدود الوعاء الثقافي ( للعقل العربي ) .. حيث تشكلت بداياتها في عصر التدوين ، ومن خلال رؤية و تذوق ( إيبستولوجيا ) كانت قد تشكلت في ذلك العهد .. هل بقيت تلك الظروف قائمة وشاهدة على الموروث الثقافي أم تغيرت الآن .. وكم لها من تأثير على الحالة الإيبستمولوجية الراهنة ؟
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-04-2006, 02:02 PM   #19
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

(6)

لو سمح لك أن تدخل الى داخل ( الدار) .. ولم تكن هناك موانع أصلا ، لتحول دون دخولك .. فالبوابات دائما تكون مفتوحة من خلال الفتحة التي تسمح بدخول من يريد .. فيكفي أن تطرق الباب أو تصرخ بأحد العبارات التي تدل على وجودك ، كأن تقول ( يا ساتر ) أو ( يا الله يا الله ).. أو تصرخ ( منو هون )..
فكلها إيماءات تعطيك إشارة مرور .. ونادرا من يكون هناك من يسألك ( منو هذا؟) .. بل ستسمع صوتا واضحا ( فوت جاي ) .. وقد يشاغلك في بعض الأحيان نباح كلب ضجر ، فقد حماسه في الدفاع عن حرم البيت ، لجوع ألم به ولربطه لمدة طويلة ، أو حتى يكون بلا رباط ، فكل الأماكن تتشابه عنده ..

سيكون على يمينك أو يسارك ، نافذة طويلة عليها قضبان حديدية مبرومة ، لكنها مفتوحة باستمرار ، لتسمح لمن يجلس مقابلا لها ، أن يرى من يدخل للدار أو يخرج منها .. وهو غالبا ما يكون رجلا مسنا ، يعبث إما بلحيته ، أو يناغي أحد أطفال الدار ، أو يشغل نفسه بتنقية التبغ من عيدانه القاسية تمهيدا لفركه ، أو أنه غارق في نوم لحظي ، يستفيق بعد أي إنذار من أي نوع ..

وبالواجهة المقابلة للنافذة من المدخل ، ستجد حظيرة ( بايكة ) ، لمبيت حيوانات الركوب أو العمل .. وقد تم وضعها في هذا المكان ، نظرا لأن أحد الزوار ، قد يأتي راكبا على فرس ، فلا بد من الإسراع بربطها في هذا المكان ، ولو دخلت الى داخل تلك الحظيرة ، لوجدت في داخلها المعتم ، بعض الطوالات وهي مداود يوضع فيها العلف أمام الحيوانات ، التي تربط بوتد قرب المدود . واذا جلت بنظرك ، فإنك ستجد أوتادا دقت في الجدران المكونة من الطين و الحجر ، وعلى ارتفاع مناسب ، لا يصيب رأس المار ، وعلق عليها بعض الأدوات الزراعية ، كالمذراة أو الغربال أو الحواة أو الحياصة أو مجموعة حبال وكلها أدوات لا يمكن الاستغناء عنها ، لكنك ستجدها معلقة ، إذا لم تكن في الخدمة ..

بجانب حظيرة الحيوانات ، ستجد مخزنا للتبن ، وهو لكي يستوعب مخزونا كبيرا من التبن ، قد يحتاجه صاحب الدار لثلاث سنوات ، إذا ما تعذر على الحصول على تبن جديد نتيجة لسنين القحط .. فإن من أنشأه قد حفر أكثر من مترين في أرضيته لتكون حيزا إضافيا للتخزين .. وأحيانا يحفر في الأرضية المنخفضة أصلا ، بئرا لخزن الشعير أو القمح ، لإخفاءه تحت التبن عن عيون السلطات العثمانية ، عندما كانت تجمع محاصيل الفلاحين لإمداد الجيش ..

أما ما يحاذي ( مخزن التبن ) فكان شيئا بلا باب و لا سقف ، كان يطلق عليه (الشونة ) وهو ما يزال من تحت الحيوانات من فرش مبلل ، بعد استخراج ما يمكن تصنيع ( الجلة ) منه .. فكان يكوم بالشونة ، ويترك حتى يتخمر ، فتغطى به ( طوابين ) الخبيز .. وكان من يمر بجانبه شتاءا ، يجد أن بعض الكلاب قد حفرت به و اختبأت طالبة بعض الدفء الناتج من التخمر ..

أما ما يحاذي ( الشونة) فهو ( القطع ) وهو بناء هزيل مسقوف ، ولكنه ملون بالسواد باستمرار نتيجة عشقه للدخان الذي يصدر من ( الفرن ) الذي يتصل به دون فواصل صلدة .. وكان يحفظ به الوقيد المكون من عيدان القمح أو الحمص أو الفول ، والتي لا يمكن للحيوانات أن تمضغها لصلابتها ، هذا بالإضافة الى بعض قطع الحطب و أقراص ( الجلة ) ..

أما الفرن .. فكان له دلالة رمزية ومادية و يرتبط بكل ما يغذي أهل الدار ، لقد كان غرفة أو شيئا شبيها بالغرفة ، له فتحة باب ولكن ليس عليه باب يغلق ، بل كان مفتوحا باستمرار ، فليس هناك ما يسرق منه ، وعندما يكون به ما يطبخ ، سيكون بالتأكيد امرأة تطبخ و تحرس ما تطبخ .. وكان من الصعب على من يحاول أن يدخل الى الفرن أن يرى حتى المرأة التي تطبخ ، فهي تربض وسط جو مفعم بالدخان ، الذي يدمع العيون ، ولحسن حظ من ينتظرها في إنجاز الطعام ، فإن مكونات الطعام لم تكن لتحتاج الى إضاءة ، ولا تحتاج الى دقة في المقادير ، أو توقيت إضافة الإضافات ، القلية أو النادرة أصلا .. لقد كان الفرن مجللا بالسواد ، حيث تجمع عليه السنا الأسود المتطاير من الحرق ، منذ تأسيسه ، حتى لو أسس في العهد الحجري ، فلم يكن يجري للسنا ، عمليات إزالة ، لعدم الضرورة !

بجانب الفرن ، هناك غرفة تسمى ( بيت العيلة ) وهي لتخزين المئونة ، وقد صنع لها غال وله مفتاح ، يتدلى في رقبة أكبر امرأة في الدار ( الوكيلة ) وكانت لا تتسامح في النظر اليه ، ولن تعطيه لأحد حتى لو قصوا رقبتها معه . كان به مجموعة من الجرار الفخارية الكبيرة ( بيطس ) و ( بقسة ) ، فعندما تتسع لأكثر من مئة لتر كان يطلق عليها ( بيطس ) .. كان يصنع بها (الكشك) أو يخزن بها السمن في سنين ( الفيض) .. وكان ببيت (العيلة ) مجموعة من أواني جلدية ( جف ) لجلد العجل ، و (شكوة) لجلدة الشاة وهناك ( الزق) وغيرها من الأدوات التي تأخذ اسمها من حجمها و الحيوان التي استخرجت منه، وكان بها مجموعة من (الكواير ) وهي أواني طينية تتسع الواحدة منها لحوالي ربع طن لتخزين الطحين و البرغل و بعض الحبوب التي تستخدم في الطبخ ..وكانت ( الكواير ) تصنع على مهل ، من الطين المخمر المجبول بالتبن وتبنى كل ما جف جزء منها بارتفاع شبر أضيف عليه جزء جديد حتى تصبح بارتفاع مترين تقريبا ، ويصنع لها فتحة من الأسفل ، لاستخراج مخصصات الطعام لذلك اليوم ..

يتبع
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 16-04-2006, 04:11 PM   #20
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

(7)

سيكون دخول الزائر الى الغرفة التي يجلس بها كبير الدار ، وكانوا يطلقون عليها مجازا اسم (مضافة ) .. كان لا بد للداخل أن ينحرف قليلا بجسمه لكي يدخل من أحد فتحتي الباب ، إذ تغلق واحدة منهما باستمرار ، ولا تفتح إلا بالمناسبات ..

كما أن عليه أن يخلع نعليه قبل الدخول ، واضعا حذاءه في انخفاض يهبط عن سطح أرضية ( المضافة ) بحوالي شبر ، يكون بعرض متر تقريبا ، ويمتد من سعة الباب الى طرفي الغرفة ..

كان صاحب الدار ، لا يقوم بوجه زواره إلا فيما ندر ، ونادرا ما يشير للزائر بمكان الجلوس الذي يجب أن يجلس به ، فالزوار يعرفون أمكنة جلوسهم جيدا ، فيكون عليهم أن يجلسوا قبالة صاحب الدار ، في وضع لا يسمح لهم كثيرا برؤية مساحات واسعة من الدار ، حيث يخصص المكان ذاك فقط لصاحب الدار .

كانت ( المضافة ) وهي الغرفة التي يستقبل بها الزوار ، أفضل و أوسع غرفة بالدار ، وهي الوحيدة التي تكون أسطح جدرانها مستوية بعض الشيء ، وخالية من النتوءات الواضحة ، بعكس الغرف الأقل أهمية ، التي غالبا ما يقوم ببنائها أهل الدار أنفسهم ، بالإضافة الى معاونة الجيران أو الأقارب ..

كانت أرضيتها تغطى بطبقة من الإسمنت المخلوط بحصى الوديان ، والمصقول بعناية ، حيث كان يرش عليه مسحوق الإسمنت بعد مد المخلوط الطري ، ثم يصقل بأداة خاصة .. وكان هناك الكثير من الأرضيات التي تمد بالجير الحي ، الذي يخمر قبل المد بقليل ..

كنت تجد في جدران المضافة ، تجاويف صنعت داخل الجدار السميك ، وأصبحت كأنها ( خزائن ) .. تحفظ بها بعض اللوازم لصناعة القهوة و الشاي وبعض أوراق التبغ المفروم ، وستجد بها إن اجتهدت حجر ( مسن ) لسن سكينة يحتفظ بها ( الشايب ) لأغراضه الخاصة في جيبه ، وستجد (قنينة) بنزين لملئ مقدحته ، وبعض عينات من القمح ، وكتيب للمولد النبوي وبكيت حلو شعبي أو بعض التمر الخ .

كان يتوسط ( المضافة ) حفرة بسيطة مربعة طول ضلعها أكثر من متر بقليل ، ثم صبت أرضيتها أو ثبت بها أحجار ملساء ، وحددت بأحجار ملساء أيضا ، لتصبح موقدا توضع به ( دلال) صنع القهوة .. فيحيط الجلساء بها ..

وعلى بعد منها ، يكون هناك ثقب مصنوع بمتانة ، ليثبت به عمود معدني بطول مترين أو أكثر قليلا ، معقوف الرأس ، يتدلى منه قفص زجاجي مثمن الشكل ، مثقوب من أسفله ، ويثبت داخله ( سراج ) يزود بالنفط ، من أجل الإضاءة ..

أما سقف الغرفة ، فإنه يكون من قصب خاص ، يتراص بجانب بعضه البعض ويكون بسمك ( بوصة ) تقريبا .. ويرتكز على جسور معدنية بشكل حرف H وتكون الأبعاد بين جسر وجسر حوالي المتر تقريبا .. كانت بعض طيور السنونو تعشش به ، دون أن يضايقها أحد في مرواحها و مجيئها لاعتقاد بقدسية ذلك الطير .. وقليل من الناس من كان يغطي منظر القصب هذا بطين أو ( كلس ) أو إسمنت ..

كنت تجد أحيانا بعض البيوت ، علق عليها صورة ( لفاطمة المغربية ) أو (جول جمال ) .. أو ( الزير سالم ) .. وبعضهم قد علق على الجدران التي صبغت بمحلول كلسي أحيانا يلون بلون ( النيلة ) .. قطيفة ناعمة ، لا يمكن معرفة لونها الأصلي تماما لما عشقت من أدخنة الفحم أو الحطب الذي اشتعل طيلة سنوات .. ونادرا ما تغسل ظنا من أن صورة الوحش الذي عليها ستزول بالغسيل ..

أما غرف ( النوم ) وهو اسم أتحفظ عليه ، فكانت أقل سعة من المضافة ، فكنت تجد بها ترتيبا بجدرانها ، يسمح بطي الفرشات و الألحفة عليه ، وان كان ساكنوها هم من المتزوجين خلال عشر سنوات ، فإنك ستلاحظ بأعلى الجدار المقابل ، رفا من الخشب الذي ثبت عليه حافة متعرجة ، لونت بلون أخضر قاتم ووضع وسط اللون الأخضر بقع بيضاء .. ورص فوق الرف بعض الأواني النحاسية ، والسلطانيات ، للتفاخر بأثاث العروس ، وعلق أسفل منه ، بعض الأواني التي صنعت من قش القمح ، ولكل آنية اسم يتناسب مع وظيفتها ، (فالمرجونة لحفظ الخبز ) و ( المغمقان لنقل الحبوب) و ( القبعة لحفض البيض) و( الطبق يوضع تحت السفرة !) .. الخ

كانت أرضيات الغرف تكسى ببساط من شعر الماعز أسود يقال له (بلاس) وأحيانا يكتفى بالحصير لتغطية الأرضيات .. وكان من يجلس في تلك الغرف من النساء ، لا بد أن يكون بجانبها ( رمح ) من قصب طويل ، لطرد الدجاج الذي يقتحم عليها انشغالها بتنقية بعض الحبوب ، وحتى لا يلوث أرضية غرفتها بالزرق ..

كانت النسوة ، لا تتحرج من رؤية الداخلين الى حرم الدار ، ولكن الاحتياطات كانت كافية ، لأن تكون المرأة في حيطة فيما لو دخل أحدهم حرم الدار ، وهي في ملابسها الداخلية ، والتي هي أكثر سترة من ملابس اليوم في جميع الأحوال ، فقد كانت تعاريج ممرات الدار ، تسمح بسيطرة من في الداخل على رؤية القادمين ، لا العكس ، تماما كما في أوكار الثعالب ..

يتبع
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .