العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة > دواوين الشعر

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: ابونا عميد عباد الرحمن (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: قراءة في مقال مخاطر من الفضاء قد تودي بالحضارة إلى الفناء (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في كتاب من أحسن الحديث خطبة إبليس في النار (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى بحث وعي النبات (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث أهل الحديث (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في كتاب إنسانيّة محمد(ص) (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الى هيئة الامم المتحدة للمرأة,اعتداء بالضرب على ماجدات العراق في البصرة (آخر رد :اقبـال)       :: المهندس ابراهيم فؤاد عبداللطيف (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: نظرات في مقال احترس من ذلك الصوت الغامض (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال أصل الوراثة من السنن الإلهيّة غير القابلة للتغيير (آخر رد :المراسل)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 09-08-2006, 07:02 PM   #41
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

نقاط ملفتة للانتباه في قاعدة الثقافة العربية الإسلامية

عند بداية عصر التدوين (143هـ) ومن بعده بعقود ، أغفل العلماء بنشاطهم مسألة هامة وهي مسألة النقاش بموضوع الخلافة ، وما تلاها من تحول الى نظام ملكي .. وإن كان الشافعي (المتوفى في 204هـ) ، قد أشار الى تلك المسألة بقاعدته التي تعتمد على ( الكتاب والسنة والإجماع والقياس ) ، فإن تناول تلك المسألة في رأيه طالما لم يكن فيه نصا بالكتاب و لم يصرح به الرسول صلوات الله عليه ، فإن الإجماع و القياس هما الفيصل في مسألة تناقل السلطة عند الشافعي ..

ولعل أول كتاب تناول مسألة الخلافة و ما تبعها من تفرق على هامشها ، كان للمؤرخ السني الكبير المعروف أبي محمد عبد الله ابن مسلم بن قتيبة الدينوري (213ـ 276هـ) ، بكتابه الموسوم ( الإمامة والسياسة ) ، وقد يكون ـ بالرغم من الهنات والمآخذ عليه ـ أقدم مرجع سني يشرح وجهة نظر أهل السنة في مسألة الخلافة ..

ومن يقرأ خاتمة الكتاب يدرك ما رمينا إليه فهو ينهيه بالقول ( قد تم بعون الله تعالى ما به ابتدأنا ، وكمل وصف ما قصصنا من أيام خلفائنا وخير أئمتنا ، وفتن زمانهم وحروب أيامهم ، وانتهينا الى أيام الرشيد ووقفنا عند انقضاء دولته ، إذ لم يكن في اقتصاص أخبار من بعده ، ونقل حديث ما دار على أيديهم وما كان في زمانهم كبير منفعة ولا عظيم فائدة . وذلك لما انقضى أمرهم وصار ملكهم الى صبية أغمار غلب عليهم زنادقة العراق ، فصرفوهم الى كل جنون و أدخلوهم الى الكفر ، فلم يكن لهم بالعلماء والسنن حاجة ، واشتغلوا بلهوهم واستغنوا برأيهم ) *1

واضح من النص أن المؤلف قد كتبه قبل عهد المتوكل ، الذي أعاد الى السنة دورها المحوري ، وأن المؤلف توقف عند عهد الرشيد المتوفى سنة 193هـ ، وأنه ناقم على المعتزلة الذي أحاطوا بالخلفاء بين الرشيد والمتوكل ..

لقد أسس صاحب كتاب ( الإمامة والسياسة ) ، لاعتماد ما دار في سقيفة (بني ساعدة ) .. واعتمد إيماءة الرسول صلوات الله عليه ، بأن يؤم أبو بكر بالمصلين ، وهي الإمامة الصغرى (الصلاة) ، بأنه صاحب الحق في إمامة المسلمين و خلافة الرسول ، وهذا ما فسره عمر ابن الخطاب ..ثم أن إشارة واختيار أبي بكر لعمر ، لها قوة الحق في تولي عمر ابن الخطاب الإمامة ، كون أن أبا بكر خليفة الرسول ( وثاني الاثنين في الغار) .. وأهلية تولي عثمان وعلي بأنهما كانا من اختيار أهل العدل الذين اختارهم عمر رضوان الله عليهم جميعا ..

ولكن أهل الشيعة قد سبقوا أهل السنة في معارضتهم ونقاشاتهم لموضوع الخلافة ، مستعينين بنصوص اعتقدوا أنها قوية بما تدعم وجهات نظرهم ، وقد ابتدئوا بتكييفها منذ عهد جعفر الصادق ، مشككين في أحقية أبي بكر و عمر وعثمان بالخلافة دون علي .. وقد اعتبروا الطعن في الماضي قنطرة للطعن في الحاضر ..

وإن كانت الطائفة الزيدية ، قد اعترفت بخلافة كل من أبي بكر وعمر ، رغم إيمانهم بأحقية علي عليهما ، فإن كل الطوائف الأخرى ( الخوارج والمرجئة وغيرهم ) قد اعترفوا بخلافة الخلفاء الراشدين الأربعة ..

لكن أهل السنة عادوا و صعدوا بخطابهم بشكل أقوى بعد مرور قرن على خطاب ابن قتيبة .. ومرد ذلك يعود الى أن الشيعة كانوا قد صعدوا بخطابهم خصوصا بعد أن أسسوا دولتهم ( الفاطمية ) .. وعليه فان الحرج الذي كان يجعلهم يتكلموا منتقدين أسلوب الحكم بطريقة غير مباشرة تجنبا لسخط من في الحكم ، فقد أصبح لهم حكم ، وأصبح لهم قاعدة ينطلقون منها في مهاجمتهم من يعتقدون أنهم خصوم ..

فقد وظف أبو الحسن الأشعري ( 260ـ 324هـ) كل إمكانياته مستفيدا من كل من سبقه ، في الرد على من غمزوا بأحقية وأهلية الخلفاء الراشدين ، فاستفاد من أسلوب الشافعي الذي جعل الاجتهاد في الشريعة تقنينا للرأي ، فكان الأشعري قد جعل من الكلام في السياسة تشريعا للماضي .. ووضع كتابه المعروف باسم (الإبانة ) ليكمل ما جاء في كتاب الشافعي (الرسالة ) ..

المراجع
ـــ
1ـ تاريخ الخلفاء ( الإمامة والسياسة ) ابن قتيبة / القاهرة 1963 ص 207
2ـ تكوين العقل العربي / د محمد عابد الجابري / مركز دراسات الوحدة العربية /بيروت ط5 1991 ص 108
3ـ‘ السلطة لدى القبائل العربية / فؤاد اسحق الخوري /دار الساقي/ بيروت ط1/ 1991
4ـ في سبيل علاقة سليمة بين العروبة والإسلام/ حسن خ غريب / دار الطليعة / بيروت /ط1 /1999ص 43
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-08-2006, 02:35 PM   #42
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

( 16)

كان أبو ساري بسترته الواسعة و بنطلونه الفضفاض ، وعقاله الذي يثبت حطة بيضاء تتدلى الى منتصفه ، يبدو بهيئة تخفي عيوب قصره وسمنته ، وقد كان يساعده على التخفي من ملاحقة عيون الناس لتفحص عيوب جسمه ، حقيبة جلدية سوداء من تصميم العشرينات من القرن العشرين ..

كانت حقيبته ، تنبئ ناس العتيقة بوصول الشؤم وتكدير النفوس ، إنه (التحصلدار ) ، واسمه أخذ من وظيفة حكومية للجباية ، ربما ورثت اسمها الحكومات التي جاءت بعد الأتراك ، لكنها أبقت على الوظيفة واسمها كما هي .. لقد كان يضع بحقيبته التي تشبه في طياتها طيات (الأوكورديون ) سجلات خاصة بأصحاب الأراضي في القرى التي سيمر عليها أبو ساري . وكان بها ختم خاص وعلبة معدنية بسماكة تزيد عن السنتمتر بقليل ، غطاؤها مثبت بها بمفصلين دقيقين ، وضع بداخلها قطعة من قماش قطني أو اسفنجي غمر بسائل بنفسجي .. وبعض دفاتر وصولات القبض ، الذي لا تزيد مساحة أحدها عن مساحة علبة التبغ ..

لم يكن أبو ساري يحمل سلاحا ، ولا يرافقه حراس ، ومع ذلك كان له هيبة استمدها من ذاكرة عمرها أكثر من ألف عام ، فيكفي أنه يحمل ختم دائرة من دوائر الدولة ، ويكفي أنه يلبس بنطلون حتى يثير حفيظة الناس فتكرهه ، كما كانت تكره الدولة ، ولما كانت الكراهية عندنا لا تأتي إلا بعد اضطهاد من نكره لنا ، ومن يضطهدنا بالتأكيد هو أقوى منا ، وعلينا أن نكرهه أي نهابه أي نخافه أي ننصاع لما يملي علينا ، فكان أبو ساري مكروه مهيوب مطاع ..

لقد تذكرت سبب اختيار أبي ساري للملابس الفضفاضة ، فالشحات يأخذ معه كيس فارغ لأنه يتأمل أن يملأه من ما يعطيه الناس ، وأبو ساري (التحصلدار) يأتي بحقيبة مطوية ، متأملا ملأها من النقود التي تفرضها الدولة على الفلاحين من ملاك الأراضي وكانت تسمى ( مال وأعشار ) .. وملابسه يختارها فضفاضة تحسبا لزيادة في وزنه أو حجمه ، من فعل الديوك التي يأكلها في القرى التي يداهمها .

لم أكن أعلم من أي دائرة ينطلق أبو ساري ، ومن أي مدينة ، هل ينطلق من مركز المحافظة ، أم من العاصمة ، أم أنه لا ينطلق من مكان معين ، بل يبقى طوافا ، لا يهدأ فكان يقيم بالعتيقة حوالي أسبوعين أو ثلاثة . لا أدري كيف كان يحدد المدة ، هل حتى ينجز عمليات الجباية من الفلاحين ، أم حتى ينجز القضاء على كل ديوك القرية ، لينتقل الى قرية أخرى وهكذا ..

كان الحاج ابراهيم هو أول من يحط عنده أبو ساري ، وينام في ضيافته ، كل المدة ، وكان الحاج ابراهيم يعرف أحوال أبناء العتيقة بشكل كامل ، وهو الوحيد الذي كان لا يقدم الديوك لأبي ساري ، بل كان يذبح خروفا أو جديا و يدعو بعض وجهاء العائلات الذين تعاونوا مع ( موفد ) لفرز أراضي العتيقة .. كان حديث الحاج ابراهيم مع المدعوين ، يساعد أبا ساري في تحديد شكل المطالبة والإصرار عليها .. كان يحضر الوليمة الأولى كل من مدير الناحية و رئيس الدرك ..

كان ( البرج ) .. وهو مبنى يبعد مسافة نصف ساعة على الخيل من العتيقة ، كان أشبه بحصن ، تم بناؤه في العهد العثماني بسور يرتفع أكثر من عشرة أمتار ، تحيط بمبنى يتسع لقوات الدرك وخيولهم و منامهم و مؤنهم .. وكان من يأتيه طلب لمراجعة البرج ، تحل عليه العقوبة قبل وصوله للبرج ، فكان يمضي الليل يتقلب ، ما هو السبب ولماذا دعوني ، وماذا عملت ، حتى تذهب به الظنون الى أن استدعي لذنب ارتكبه أجداده المتوفون قبل نصف قرن .

الحاج ابراهيم ، ومعه الحاج حسين والحاج أبو حامد والحاج برجس والحاج عطية والحاج سعد ، كانوا يمثلون أكثر من ثلثي سكان العتيقة ، فهم وجهاء القرية وهم مجموعة تحالفت في وجه البقية من سكان العتيقة ، بزعامة الشيخ كساب ، وكلا الطرفين يتسابقا من أجل إثبات صدقهم لدى الدولة ، وكانت الدولة تفرح لمثل ذلك التنافس الشريف !

كان لأبي حامد أحد عشر ولد من الذكور ومن زوجتين ، ثلاثة من الأولاد وقعت أيديهم على مناشير سياسية (حزبية ) .. فكانوا يتكلموا بحضور والدهم عما يقرءون ، فكان أبو حامد يعجب بما يسمع من أولاده ، ولكنه لا يستطيع ترديد ما سمع منهم ، فكان بحضور الولائم التي يحضرها رجال الدولة ، يبتسم ابتسامة خبير ، بأنه قد مر عليه مثل هذا الكلام ويعرف تحليله ، لكنه لا يتكلم بل يبقى مبتسما ، فيثير شكوك الحاضرين من رجال دولة و مجتمع ، حتى أصبح بنظر الجميع أخطر رجل في العتيقة !

عندما تشكلت حكومة وطنية ، جاء مجد أبناء أبي حامد ، فهم على صلة بوزير الأشغال ووزير التربية .. وكونهم لا بد لهم من المباهاة بوضعهم أمام الناس ، فانهالت عليهم الطلبات من كل الناس لتوظيف ابن أو استصدار رخصة استيراد بغال أو الخ ..

فيأتي أحدهم بالمساء ليسأل أبا حامد عن قضيته ، فيجيب أبو حامد : البارحة كانت الدنيا مشحطة ( تختلط غيوم الندى بصفاء السماء ) .. فقلت لنفسي هل أنام ( بره) أم أنام في الداخل ( جوه ) .. فقررت أن أنام بالعتبة ، وفي الفجر قمت لأصلي الفجر ، ثم ناديت على زوجتي ( عوفة ) ويصرخ وهو يسرد بقصته لمن سأله ، فتأتي زوجته (عوفة ) : ها أبو حامد هل ناديتني ، يزجرها قائلا : روحي أنا أتحدث فقط ، فتذهب زوجته ، ويكمل سرد ما يقرب لجواب سائله ، فطلبت منها (فطورا ) .. فأحضرت لي بعض البيض المقلي واللبن الرائب ، ثم يتوقف .. ليبدي شكواه من طعم اللبن ، إن فيه طعم غريب ..

بهذه الأثناء يدخل بعض الذين اعتادوا على السهر في مضافة (أبي حامد) ، وبعد أن يناولوه رشفة من القهوة ، يظن أن الحديث عن اللبن ، فيتدخل ، ويقول ان طعم اللبن تعتمد على نوعية المرعى الذي ترعاه الأغنام ، ويزداد عدد الحضور ، ويذهب الحديث في اتجاه تذكر بعض الرعاة ، وكيف أن أحدهم من عائلة كريمة ووالده كان شاعرا ، فيتذكر أحدهم بعض أبيات القصيد الذي قاله ، ويدخل قادم جديد فيظن أن (سهرة ) اليوم عن الشعر ، فيدلي بدلوه ..

وصاحبنا ، صاحب الحاجة الذي أتى ليستفسر من أبي حامد عن حاجته في الوزارة ، يتقطع من داخله ، ويتساءل بصمت وقهر ، متى يكف هؤلاء عن الثرثرة ليجيبني أبو حامد على سؤالي !
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-08-2006, 02:15 PM   #43
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

التشريع للمشرِع :

(1)

لقد كان التشريع الجزء الأخير من جهد (أبي الحسن الأشعري ـ إمام المتكلمين ) الذي قال عنه ابن خلدون إنه " توسط بين الطرق ونفى التشبيه وأثبت الصفات المعنوية و قصر التنزيه على ما قصره عليه السلف و شهدت له الأدلة المخصصة لعمومه . فأثبت الصفات الأربع المعنوية (= الحياة والعلم والقدرة والإرادة ) والسمع والبصر والكلام القائم بالنفس ، بطريق النقل والعقل . ورد على المبتدعة في ذلك كله ، وتكلم معهم فيما مهدوء لهذه البدع من القول بالصلاح والأصلح والتحسين والتقبيح وكمل العقائد في البعث وأحوال الجنة والنار والثواب والعقاب ، وألحق بذلك الكلام في الإمامة لما ظهر حينئذ من بدعة الإمامية من قولهم أنها من عقائد الإيمان وأنه يجب على النبي تعيينها "*1

لقد اختار الأشعري عنوان كتابه (الإبانة ) عن قصد واضح ، ليبين ما قصده الشافعي في كتاب (الرسالة) .. وليرد فيه على المعتزلة في مسائل العقيدة ، وليرد على الشيعة في مسألة الإمامة .. لقد بدأ الرجلان (الشافعي والأشعري) كتابيهما بآيات قرآنية تدلل على ما أرادا تبيانه ، ثم عادوا الى الحديث مبتعدين عن أهل الرأي ، ليختطا طريقا يخاطب العقل بأسلوب السلف ..

لقد استهل (الأشعري) الفصل الذي عقده بعنوان (إبانة قول أهل الحق والسنة) بتقرير الأصول التي سيرتكز عليها ، وبما أن الشافعي كان معاصرا لابن حنبل ، ومتفقا معه على المسائل العقائدية فإننا نرى الأشعري الذي جاء بعدهما يقرر خطه في هذا النص " وديانتنا التي ندين بها : التمسك بكتاب الله ربنا عز وجل ، وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وما روى السادة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ، ونحن بذلك معتصمون ، وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل نضر الله وجهه ورفع درجته و أجزل مثوبته قائلون ، ولما خالف قوله مخالفون " *2

وإذا عرفنا أن ابن حنبل قال في الشافعي ( لولا الشافعي ما عرفنا فقه الحديث)*3 .. وهذا يجده من يبحث في هذا الشأن ، في رسالة ابن حنبل في (الرد على الزنادقة والجهمية ) *4

لكن نرى في الوقت الذي كان الأشعري ، يعارض ويفند ما يذهب إليه الشيعة والمعتزلة (في آن واحد) وهذا يلمسه من يتفحص موقف ابن حنبل في الثورة المسلحة التي قادها ضد الأمويين (الحارث بن سريج) الذي ادعى أنه المهدي المنتظر .. وكيف أن الأشعري وافق ذلك الموقف . إلا أن الأشعري قد استلهم طرق المعتزلة ذات الإطار العقلاني ، وهذا اتضح بشكل أكبر عند تلاميذه الذين خلفوه .


إن اختفاء نصوص أوائل المعتزلة ، كواصل ابن عطاء مؤسس الفرقة ، والمتوفى في سنة 131هـ و نصوص منظر الفرقة (أبي الهذيل العلاف ) المتوفى سنة 235هـ . جعل من الصعب على المطلع أن يجد على الدوافع العقلية التي أوجدت تلك الفرقة ( الحالة الإيبستيمولوجية) .. لكن سيجد الباحث أو القارئ ما يريد في النصوص الكاملة للقاضي (عبد الجبار) المتوفى 415هـ ، لكن الفاصل الزمني الذي يزيد عن مائتي عام بينه وبين الأوائل من المعتزلة سيعقد المسألة بعض الشيء ..

وإن أراد المطلع أن يتعرف على وجه التقريب على فكر المعتزلة ، فبالإمكان الإطلاع على رسالة ( أصول العدل والتوحيد ) للقاسم بن ابراهيم بن اسماعيل الرسي ( 169ـ 246هـ) .. والمفارقة أن مؤلف هذا الكتاب هو أحد أئمة الطائفة الزيدية (الشيعية) .. وهي تتشابه مع المعتزلة في كل شيء إلا في مسألة الإمامة ..

يقول الإمام (الرسي) : إن العبادة تنقسم على ثلاثة وجوه : أولهما معرفة الله ، والثاني معرفة ما يرضيه وما يغضبه ، والثالث اتباع ما يرضيه واجتناب ما يغضبه .. فهذه ثلاث عبادات من ثلاث حجج احتج بها المعبود على العباد ، وهي [ لاحظ الترتيب] العقل و الكتاب والرسول .. فجاءت حجة العقل بمعرفة المعبود وجاءت حجة الكتاب بمعرفة التعبد وجاءت حجة الرسول بمعرفة كيفية العبادة ، والعقل أصل الحجتين الأخيرتين لأنهما عرفا به ولم يعرف بهما فافهم ذلك ..فأصل المعقول ما أجمع عليه العقلاء ..

يتبع

المراجع
ـــــ
1 ـ مقدمة ابن خلدون ج 3 ص 1046
2 ـ الأشعري /الإبانة ص 20
3ـ مقدمة للأستاذ شاكر لطبعة حققها عن رسالة الشافعي
4ـ عقائد السلف /علي سامي النشار /الإسكندرية 1971
( الهوامش أعلاه ذكرها الدكتور محمد عابد الجابري في كتابه تكوين العقل العربي / ط5/ بيروت/ مركز دراسات الوحدة العربية / ص 132)
5ـ كتاب الملل والنحل / الإمام الشهرستاني / ص 85ـ94/ ط2 / القاهرة / 1954مكتبة الأنجلو المصرية / أشرف على إصدارها د محمود قاسم ، أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة .
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 26-08-2006, 12:00 PM   #44
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

( 17 )

لو أردنا معرفة سر صراع الناس في بقعة ما ، تتساوى فيه أعراقهم وديانتهم وطبائع معيشتهم ، لوجدنا أن السلطة الحاكمة في البلاد لها دور كبير في تأجيج أو إخماد الصراع فيما بينهم .. فعندما تقبل السلطة جاه أحد الوجوه في منطقة ما ، وترفض جاه آخر ، فإن مقبول الجاه يصبح محسودا و النظرة تجاهه نظرة مخلوطة بين احترام كاذب من قبل الناس ، واحتقار دفين لا يظهر ..

كما أسلفنا سابقا ، فإن العتيقة كانت مثار خلاف بين بريطانيا و فرنسا إثر اتفاقية ( سايكس ـ بيكو ) .. وقد انقسم وجوه العشائر بين من يؤيد الإدارة الفرنسية وبين من يؤيد الإدارة البريطانية ، و كان الشيخ كساب هو ومن يتبعه من مريدي الإدارة البريطانية ، وكان الشيخ كساب معروفا بشجاعته و قدراته القيادية في القتال ، ويسجل له أنه قاد العتيقة في حروبها مع البدو والتي استمرت قرابة العشر سنين ، قبل وصول الحكم الإنجليزي للبلاد .. فاكتسب صفة جماهيرية ، جعلت من إدارة أي دولة أن لا تتجاهل مكانته .. شأنه في ذلك شأن سبعة حكام محليين في مناطق مختلفة من البلاد ..

وقد كان للشيخ كساب مصادر دخل تأتيه ، من الذين يحتموا به ، فمقابل أن يمنحهم صفة الانتماء لحلفه ، فإنهم يأتونه بالخراف والسمن إذا ما جاءه أحد الضيوف المهمين ، فكانت عدد الخراف التي تأتيه في مثل تلك المناسبات تفوق عشرات المرات ما يذبح منها .. وكان فوق ذلك يأخذ من الإدارة البريطانية المحتلة (جنيهين ذهبيين ) عن كل فرد من هؤلاء الأفراد ، بحجة أنهم مجندين تحت إمرته ، وبطبيعة الحال لم يكن يعطي من تلك الأموال لأحد شيئا ..

بالمقابل كان هناك الشيخ (راغب) الذي أراد أن يجند بقية أهل العتيقة لحساب الفرنسيين (دون علمهم ) .. فكان يجيد اللغتين الفرنسية والإنجليزية إضافة الى التركية والعربية ، لقد أراد أن يجعل من بقية سكان العتيقة ، والذين لم تكن عشائرهم عشائر بمعنى الكلمة ، بل عائلات في أحسن الأحوال يكون بها عشرون رجلا ، فأراد أن يجعل من أحدهم مختارا ، كما كانت السلطات الفرنسية تساعده ، إذا ما توسط في تسهيل مهمة أحد هؤلاء الناس ، إذا كان موقوفا لديهم أو عنده مشكلة ما .. فكانت تستجيب له في العفو عن الموقوفين ..

لكن الشيخ راغب كان يقرأ أن مستقبل العتيقة وما حولها سيحسم عما قريب لصالح البريطانيين ، فكان يزورهم و يحسن من علاقته معهم .. بل والأكثر من ذلك كان على علاقة صداقة طيبة مع الشيخ كساب و أبناء عمومته ..

إلا أن أمرا طارئا قد حدث في بداية عام 1930 ، عندما مرض الشيخ كساب مرض الموت ، فنقل الى مستشفى في مدينة بعيدة .. وأصبح أخوانه وأبناء عمه يحسبون الحساب أن قيادة العتيقة ستؤول ـ لا محالة ـ الى الشيخ راغب ، كونه الأكثر قدرة على التعامل مع السلطات .. فدعوه الى حفل عشاء في ديوانهم وذبحوه و قطعوه ووضعوه في كيس من الصوف ورموه بأحد آبار العتيقة ، ولم تكتشف جثته إلا بعد أسبوعين ..

عندما اكتشف الأمر ، صادف أن توفي الشيخ كساب في المستشفى ، فأشار وجوه أهل العتيقة على ذويه أن يحملوا جثمانه ، ويدخل كل وجوه أهل العتيقة الى ديوان المغدور الشيخ راغب ، فما أن وضع الجثمان أمام الديوان ، حتى نثرت عليه نساء ذوي المغدور رماد المواقد ، دلالة على رفضهم الصلح .

غادر أبناء أخ الشيخ راغب و ابنه الشاب ، الى منطقة نفوذ الفرنسيين ، وأخذوا يغيرون ليلا على العتيقة ، يكمنون لمن تطوله أيديهم من أبناء عشيرة الشيخ كساب ، علَهم يجدون أحدا يقتلونه . فكانوا يطعنون المواشي لتحدث صوتا في الليل ، ولكن حذر خصمهم قد فوت عليهم الفرص لمدة أربعة سنوات متواصلة ، لا بل تمكن خصومهم من قتل شاب آخر من أبناء أخ الشيخ راغب .

أحدثت تلك القصة بداية انقسام بين سكان العتيقة ، ثم تلتها قصة أخرى ذهب ضحيتها سبعة أشخاص ستة رجال وامرأة واحدة ..ففي أحد احتفالات الأعراس ، انطلقت رصاصة من بندقية أحد المحتفلين فقتلت شقيق العريس ، وفسرت على أنها مقصودة للتخلص من خطيب أحد الفتيات ، فأغار أهل المقتول على عشيرة القاتل فقتلوا منهم الرجال الستة والمرأة .

ورغم مراسم الصلح التي تلت ، فإن الانقسام قد تشكل ، وأثر على سير الحياة في تلك القرية .. وأخذ يظهر في الانتخابات فيما بعد ، فإن ترشح للانتخابات أحد المخترعين من طرف فإنه لن يحصل على أي صوت من الطرف الآخر ..

لا بل تعدت الأمور ذلك ، فكانت المكائد تتم بالوشاية من الذين ينتمون لأحزاب سياسية ، أو يفكروا بذلك ، وقد وجدت الأجهزة الأمنية في ذلك النمط من العلاقات مبتغاها في الوصول للمعلومات الأمنية اللازمة . من خلال التقارير التي تكتب سواء كانت صادقة أو ذات صفة كيدية ، لإبعاد مرشح عن دائرة المنافسة الانتخابية ، أو إحداث خسارة في تجارة ما للطرف الآخر .
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-09-2006, 01:47 PM   #45
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

استقالة العقل العربي :

( في الموروث القديم )

( 1 )


لو سلمنا بأن العقل أداة لتمييز ما يعرض عليها ، وانطلقنا من هذا التسليم لتتبع تكوين تلك الأداة و ما ظهر عليها من تطور لكان لزاما علينا اقتفاء أثر ذلك التطور منذ الأزمنة الغابرة ، قبل الإسلام ، وواضعناها في مقابلة العقل العربي الراهن الرسمي منه ( لغة المفكرين والأدباء ) والشعبي الذي يستدل بما يقوم به العقل الرسمي ..

فلو كانت أداة العقل كالسيارة مثلا ، فإن لها وقودا و قطع غيار ، وخبراء صيانة وتدريب الخ .. وهذه في حالتنا ستكون مدارس الفلسفة والفكر و ما تنشره وتقرره ليصبح بمثابة مساطر يقاس عليها ..

لقد انتقلت الصفوة المفكرة منذ أيام محمد علي باشا ، عندما قام بإرسال طلاب العلم الى أوروبا ليدرسوا مختلف مناحي العلوم ، فدرسوها وفق نظريات أوروبية ، ناقشت مخطوطات أجدادنا و شرحتها ولبستها بنكهة (إبستمولوجية ) أوروبية ، فعاد أبناء أمتنا يناقشوا قضاياها وفق مهنية فكرية غربية ، وحنين عروبي إسلامي مرتبك ، لا يبتعد كثيرا عن الاستعانة في النهاية عما تخطه أقلام الغربيين ..

إن ما ينشر اليوم من أبحاث عن الحركات الإسلامية ، في الغرب يفوق ما ينشر في بلادنا حوالي 27 مرة .. وتترجم تلك الأبحاث لمختلف اللغات و تعود إلينا لنترجمها كمنتوجات عربية إسلامية .. في حين يغلب الطابع الحماسي على مؤلفات مفكرينا ، دون الغوص في أعماق الأصل في الفكرة ، نتيجة تبني (التنحيل) والتفريق بصيغ الكتابة لهؤلاء المؤلفين وتأثر كتاباتهم بأمانيهم كأطراف ، لا كباحثين ..

إن من يقوم برتق شق في ثوب ، عليه أن يبدأ ما قبل الشق ، لكي يسد هذا الشق بقوة .. وهكذا ما يجب أن يكون في السعي لترميم شخصيتنا المرتبكة ..


لقد حدث أن ضربت تحويلات عن مسار طريق التتبع لنشأة العقل العربي ، أو محطات تزويده بالوقود وقطع الغيار ، قبل تلك الحالة التي نعيشها بقرون طويلة ، فإذا كان عصر الانحطاط الذي ألم بالأمة ولا يزال منذ مئات السنين ، هو ما دفعنا للإتكال على الغرب لكي نعرف أنفسنا من خلال عيونه .

فإن شيئا مماثلا وهاما قد حدث قبل ذلك بكثير ، ومهد لحدوث هذا الانحطاط . لقد تكدست كتب المعارف الفلسفية في مكتبة الإسكندرية منذ أيام اليونانيين (البطالسة ) .. ثم انتقلت الى أنطاكيا ، في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز ، وأصبح لها فروعا في فلسطين ، ثم انتقلت الى حران في عهد الخليفة المتوكل من سنة 232هـ الى سنة 247 هـ لتنتقل الى بغداد بعد ذلك ، وكان هذا الانتقال من أهم الأحداث الفكرية ، إذ كان الانتقال يعني انتقال ( المجلس العلمي) الذي كان يشبه دوره الى حد كبير دور ( الكرسي الفلسفي ) .
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-09-2006, 05:42 PM   #46
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

( 18 )

لم يكن للناس عهد بالتفكير بمعارضة الحاكم ، فقد تمت تربيتهم على السكوت مدة ألف عام ، لكن بعد أن زال الحكم العثماني الذي اختلطت فيه مبررات بقاءه مع عدمها .. وأصبح الناس وجها لوجه أمام مستعمرين كفرة ، ويهود يحاولون بلع فلسطين ، وحدوث المقاومة في فلسطين وسوريا و العراق ، وانتشار وسائل الإعلام التي أخذت تسرب أخبارا عما يدور في ليبيا و الجزائر وريف المغرب .

بدأ الحس الوطني بالنهوض شيئا فشيئا ، حتى شارفت الأربعينات من القرن العشرين على الانتهاء ، ولما كانت الحكومات العربية ، ليست بذلك الاحتراف في خنق الأصوات كما هي اليوم . أخذ شباب العتيقة كما هم غيرهم من شباب العرب يفكرون ويتهامسون و يتبادلون نشرات كانت تصنف على أنها ممنوعة ، لكن المهربون كانوا ينقلونها على ظهور الخيل عبر الحدود ، لتصل إلى عينات من مثقفين لا زالوا في المدارس المتوسطة أو الثانوية ..

كان الشباب ينقسمون الى ثلاثة فئات فئة إسلامية ( سياسية ) بحزب اسمه (التطهير ) وحزب ( أممي ) وحزب (قومي ) .. وغالبا ما كانوا في حالات جدال مع بعض ، أحيانا تصل الى حد العراك بالأيدي أو السكاكين .. وكان معلمو المدرسة ينقسمون أيضا وفق هذا التقسيم ، وكان الأكثرية من القوميين والتطهيريين ثم بعض من الأمميين الذين كانوا يحاربوا من كل الأطراف إضافة للدولة والمجتمع ..

كانت العقوبات التي ينالها من ينتمون للحزب ( الأممي ) قاسية جدا ، نادرا ما تقل عن عشرة سنوات ( شاقة ) .. فكانوا يلجئون لحيلة في عقد اجتماعاتهم ، إذ كانوا يحضرون بعض زجاجات البيرة و يضعونها في دلو وينزلونها ببئر ماء لكي تبرد ، حيث لم تكن الكهرباء قد دخلت العتيقة بعد ، وأحيانا يملئون تلك الزجاجات بالماء ، وعندما يرتابون بحركة قد تلحق بهم الأذى يسارعون في استخراج زجاجات البيرة ( أو الماء ) ويتناولونها أمام القادم المريب ، فأسهل عليهم أن يقال عنهم سكارى من أن يتعرضوا للسجن الطويل ..

وقد أثير حديث ذات يوم بين أهالي القرية ، فعندما ذكر أحدهم كلمة (أممي) انبرى أحد جيران ( وكر ) تلك الخلية ، وقد اطلع على بعض طقوسهم .. فابتسم وقال : هل تعلمون كيف يصبح الأممي أمميا ؟ ثم أجاب : يضعون زجاجات في دلو وينزلونها في بئر ثم يستخرجونها ، وعندها يصبحوا أمميين !

لقد كان المعلمون يستغلون حصص التدريس ، ليمرروا أفكار أحزابهم ، من خلال شرحهم للدروس أمام التلاميذ ، حتى لو كان الدرس ( للحساب ) فإن المعلم يصنع مقتربات للدخول في الحديث عما يريد ، فبشرحه للفيزياء يذكر حسن كامل الصباح البدوي اللبناني ،الذي قتلته المخابرات الأمريكية بعد أن اخترع التلفزيون ( الذي سرق شرف الاختراع منه ) .. ليهجم في شرحه على الإمبريالية و الصهيونية .

وإذا أراد أن يتحدث معلم التاريخ عن الأندلس ، فلا ينسى يوسف بن تاشفين وتوحيده للأندلس التي تمزقت في عهد ملوك الطوائف ، لينوه بضرورة عمل ذلك في الوقت الحاضر ، وليتكلم عن ضرورات الوحدة براحته ..

كانت الجزائر عندما تتعرض المقاومة فيها لبعض الخسائر ، يحس الطلبة من خلال معلمهم بأن حدثا جللا قد وقع ، وعندما يسألوه ، كانت الحرقة والاختناق تكاد تقتل هؤلاء الأطفال الصغار ، ولا يعودوا في اليوم التالي إلا ومعهم بعض النقود القليلة ليتبرعوا بها لثورة الجزائر ..

وعندما بدأ المذياع بالانتشار ، اقتنى بعض الموسرين جهازا ضخما من نوع (سيرا) .. كان مربوط به ( بطارية ) تقل عن حجم بطاريات السيارات قليلا ، فكانوا يستمعون الى إذاعة ( الشرق ) التي أصبحت فيما بعد إذاعة لندن ، وكانت تبث من قبرص ، موجهة لتلقين الناس أخبارا معينة .

كان أبو حامد يضع جهاز المذياع الى جانبه ، ويخرج من جيب صدريته ساعة فضية اللون ، ربطت بسلسلة في أحد طيات الصدرية ، فيضغط على (زر) لتفتح الساعة و يطلع على الوقت ، ثم يدير مفتاح المذياع لأنه حان وقت الأخبار ، وبضعة رجال يجلسون من حول الموقد الذي وضع عليه دلال القهوة ، يرقبون ما سيبلغهم أبو حامد من أخبار يسمعها ، رغم أنهم يسمعون كما يسمع هو ، لكن اللغة العربية الفصحى لا تجعلهم يدركون على وجه الدقة ما يقول المذيع .

كان أبو حامد يعالج جمرات من الفحم المشتعل ، بملقط خاص ، في حين يطرق في نظره للأسفل ، ممثلا دور الخبير في معرفة ما يقول المذيعون .. أما الرجال فيرقبون حركات يديه في معالجة الجمر ، وتعبيرات وجهه عندما يعلو صوت المذيع .. وفجأة يطفئ جهاز المذياع ويهز رأسه قليلا .. فيبادر الرجال بسؤاله : خير أبو حامد ؟؟
فيجيب باقتضاب ( على قدر ما فهم ) : بس الله يرحمنا ..
فيعاودوا السؤال : خير أبو حامد .. ماذا قال المذياع ؟
أبو حامد يجيب وكأن هموم الأمة مرهونة برقبته : مولعة بمصر .
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-09-2006, 03:01 PM   #47
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

استقالة العقل العربي :

( في الموروث القديم )

( 2 )




إن أهمية الموضوع الذي توصلنا إليه في المرة السابقة ، بأن المؤثرات التي تعمل عملها بالعقل العربي ، قد انتقلت من مكان لمكان ، وكانت تلك الأمكنة تقع على قرب من مكان الإدارة السياسية و ما يحيط بها من فقهاء و علماء يرضون بقول و يرفضون آخر .. فكانت تلك المراكز وشيوخها ترسم النظرة العامة لخاصة الخاصة و خاصة العامة ، لتصنع مزاجا يقبل به الحاكم ، أو يرفضه ، فإن قبل به كثر الشيوخ والعلماء الذين يتبنوا تلك النظرة الفلسفية ، وكثر طلاب العلم الذين يأخذونها من شيوخها و مدارسها لينقلونها الى مختلف الأصقاع ..

وإن رفضت وجهة النظر ، رحل صاحبها ، أو وضع في الحبس ، لكن نظرته يتم تداولها في السر ، أو يهرب أصحابها الى مكان آخر يقبل بالفكرة وأصحابها ، لرفضه من رفضها ..

وكان هناك عوامل لتصنيع وقود هذا العقل أو قطع غياره ( انسجاما مع المثال الذي شبهنا به العقل كأداة مثل السيارة ) .. ومن هذه العوامل :

1 ـ اللغة :

لم تكن أوضاع اللغة في السابق ، تختلف عما عليه الآن ، وإن كانت اللغة الآن قد دعمت بوسائل الإعلام الحديثة ، وانتشار المطابع و الكتب ، وغيرها من العوامل الأخرى .. إلا أن هناك حجم ضخم من اللهجات المحلية التي تحمل بثنايا كلماتها ومفرداتها مؤثرات تعمل عملها في تحديد النظرة لكثير من الأشياء ، وهي لا تقتصر على الأميين فحسب ، بل تؤثر حتى على المثقفين والمتعلمين ، لما هناك من مساحة كبيرة في تعاملات هؤلاء مع اللهجة المحلية ..

كما أن اللغة تعتمد بكثير من الأحيان على نوع من ( المنطق) الخاص بشعب دون آخر .. ولقد شكل فهم آية بالقرآن الكريم على ضوء ذلك المنطق ، نشاطا طال أمده أكثر من قرنين .. والآية هي : ( إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ ) الصافات 64و65 . .

لقد ارتكز بعض علماء المعتزلة على تلك الآيتين في تشكيكهم غير الصريح في اعتبار أن القرآن به بعض الضعف من حيث الصور ، وعليه فهم قد غمزوا بطرف أن يكون هو من عند الله .. وقد اعتمدوا في حجتهم تلك على أن العرب لا تشبه شيئين مجهولين على المشبه أو السامع .. فعندما يقول فلانة طويلة كالنخلة ، فإن كنا لم نتعرف الى فلانة و طولها ، لكننا نستطيع إخضاع الصورة لتخيل طول النخلة .. وعندما نقول مذاق كذا كالعسل .. فنتصور الموصوف الذي نجهله بالشيء الذي نعرفه .. من هنا استغرب علماء المعتزلة عدم الالتزام بالقاعدة المتعارف عليها عند العرب ، فالجحيم لم يتعرف عليه العرب وهو صورة من صور جهنم التي سيؤول إليها مصير الكفار ، وهذا لم يحدث حتى يتم التعرف عليه ، كذلك صفة طلع تلك الشجرة النابتة في الجحيم ، إذ وصف بأنه يشبه رؤوس الشياطين التي لم يتعرف عليها العرب أيضا ..

لقد بقي هذا الجدل حول الآيتين لمنتصف القرن الخامس الهجري ، عندما وجد نبات في اليمن اسمه (رؤوس الشياطين ) وعندها أعلن إمام المعتزلة القاضي عبد الجبار أنه آمن بأن هذا الكتاب هو من عند الله بشكل كامل ، لا لبس فيه .

كما أن التأويل ، الذي تعتمده بعض الطوائف الإسلامية ، لتبرير عرف درجت عليه تلك الطائفة ، في سلوك أو معاملة ، فإن استهجن أحد من غير أبناء تلك الطائفة ، ردوا عليه بتفسير للقرآن حسب فهمهم الذين كيفوه ليلاءم سلوكهم ويبرره ، فتجد لأخذ الخمس عند البعض ، أو زواج المتعة ، حججا تدعم بتأويل بعض الآيات بما يتكيف مع ما تمارسه تلك الطائفة ..

كما أن الأحاديث النبوية ، تسعف أولئك الذين يريدون تبرير سلوكهم الذي يؤمنون به ، وحتما فإن الحرية في موضوع الأحاديث هي أكثر من الحرية في موضوع النص القرآني ، الذي لا يتعدى التأويل أو الظن بالفهم حسب اللعب بجذر الكلمة ..

إن النخب الفقهية التي كانت تحيط بالحكام أو تعارضهم ، هي التي وثقت مساق الرؤى و الفهم لكثير من المسائل التي تعتبر علامات مرور للعقل في مشواره لفهم أي قضية ، في حين أن دهماء الناس ، الذين اختلط عليهم ما سمعوا من علماء أو وعاظ أو ما انتقل إليهم بالمشافهة من الأجيال الغابرة ، فتجد أن الدين الإسلامي أو المسيحي عند الأفارقة أو عند الصينيين يختلف عنه عند العرب ، فقد اختلطت المفاهيم القديمة من خلال التناقل الشفوي ، فقد سيطرت مفاهيم أو صور ( الهرمسية ) القديمة التي كانت سائدة في الهضبة الإيرانية ، وانتقلت الى مختلف أنحاء العالم ..

والهرمسية باختصار هي النظرة المتعلقة بنبي الله إدريس عليه السلام ، الذي عاش أكثر من ثمانية قرون علم الناس النجارة والكتابة والخياطة والطب وغيرها ، ويكاد أن يكون النبي الوحيد الذي لم يكن له أعداء ، وعندما توفاه الله شكك الناس بموته ، فمنهم من صار يتخيله بالنجوم ومنهم من اعتقد أنه هو (الله) .. ومنهم من اعتقد أنه ( ملك ) من الملائكة .. وأخيرا سيطرت فكرة أن يكون ( إدريس ، أو هرمس ) هو وكيل الله في الأرض .. ومن يتابع دور (البابا) في كل الطوائف المسيحية و ( المرجع الديني) عند بعض الطوائف الإسلامية ، سيعرف مدى ما قصدته من تأثير اللغة و ما يتسرب منها باللهجات العامية ، لتصبح نظريات تزاحم نظريات الفلاسفة و العلماء وكلها مؤثرات عقلية .
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-09-2006, 08:21 PM   #48
جنات عدن
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2006
الإقامة: سينين/ العريش
المشاركات: 526
إرسال رسالة عبر MSN إلى جنات عدن إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى جنات عدن
إفتراضي

من احد عوام عصر الجهل ... ارجوا ان تأخذ من المثقفين بعين الاعتبار

كتبت الأتى .. ولا سحر انما حق من الحق المبين
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم , بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله ذى الجلال والإكرام
اليوم أكملت لكم دينكم , وأتممت عليكم نعمتى , ورضيت لكم الأسلام دينا
وكانت هذة الآية آخر ما نزل على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع وقرأ بسورة - ق- فى صلاة العيد حيث حضرها المسلمون من أقاصى الأرض ليحملوا رسالتهم الى العالمين كاملة من الرحمن لعبادة الطائعين ليسعدوا هم ومن على الأرض بها فى الدنيا ويدخلوا برحمته جناته سبحانه وتعالى - والدين إخوانى وأخواتى هو الحياة بأكملها من عبادات ومعاملات وخلق ومشاعر وحكم أى خلاف بين العالمين من الأنس والجن وأخبار الأمم السابقة لنعتبر بهم ونعمل , ونبأ من بعدنا لنتقى ونحذر....وهذا ما أمرنا الله به فى اليوم ليلاً ثم نهاراً - ولنعد بعده للحج
يبدأ اليوم فى أحسن تقويم من صلاة المغرب
حيث يصلى كل المسلمين كبيرهم وصغيرهم رجالهم ونسائهم فى المسجد واقفين بالصف لله رب العالمين كما أمر الرسول الرجال فالصبيان غير البالغين فالنساء- وخير صفوف الرجال أولها وخير صفوف النساء آخرها .و ذلك خلف إمام صالح يتقى الله ولا يخشى فى الله لومة لائم - حيث يتم إختياره بأمر الرسول من قبل أهل القرآن فى الحى الذى به المسجد فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : تخيروا أئمتكم فإنهم وفدكم إلى الله - فهذا الأمر للمصلين . حيث يعلم الناس الخير وكافة ما أمر الله ويبين لهم حقوقهم الصغير والضعيف والمرأة وينصح لهم ويدلهم على كل ما ينفعهم مما علمة الله , ذلك بعد صلاة المغرب وهو الوقت المحدد للعلم فقط فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : نهى عن النوم قبل العشاء والحديث بعدها -والحديث هو حلقة العلم بالمسجد وهو مكان العلم وليس المدرسة فهى مكان علم اهل التوراة والتلميذ هو دارس التلمود - فهل علمت ..اللهم بلغت اللهم فاشهد
ثم صلاة العشاء
ثم يرجع المسلمون لبيوتهم ولا يخرج أحد من جنته إلا لضرورة- فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: جنة الرجل بيته- كما نهى عن خروج الصغار فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : إحبسوا صبيانكم عند فوعة العشاء فإن للشياطين خطفة - فلتحذرالأمهات على ابنائها- ثم بعد طعام العشاء ينام الصغار بعد أن يتعلموا آداب الإستئذان من سورة النور حيث موعد أول عورات الليل من بعد صلاة العشاء حيث يتمكن البالغ من الإختلاء بنفسه, حين يضع ثيابه أو الزوج مع زوجته , ويتعلم الصغار كل شئ عن العورة ويجاب عن أسئلتهم حتى يأتى دورهم فى العورة والحياة وهم يعلمون شرع الله فلا يذنبون, وليتزوج البالغين من المسلمين فى الوقت المحدد لهم عند بلوغهم بأمر الله ليصلحوا ولا يفسدون وليأخذوا حقهم الذى أعطاة الله لهم فإنة الصراط المستقيم وسنة المرسلين وأمر الله للقائمين على الأمرفقال الله تعالى وأنكحوا الآيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم- و قال الرسول صلى الله علية وسلم : ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا . فليبدأ الكبيربرحم الصغيرليحق له التوقيرطلب بر الوالدين حين يكبروا , فقد خلقنا الله أزواجا وخلق الإنسان ضعيفا - ولنعلم ما المقصود والمعنى من كلمة الرحم- ويريد الله أن يخفف عنا ويريد الشيطان أن يضلنا عن سبيل الله وصلة الرحم- والأيم هى من لا زوج لها من الإناث ويبدأ عمر الزواج لهن من عمر عائشة أم المؤمنين كما فى السنة والتى أتبعها عمر بن الخطاب فى زواجة من بنت على بن أبى طالب أى من عمر التاسعة ( ومن لديه علم آخر فليأت به للننشره) وحتى أى عمر ترغب فية المرأة فى الزواج ومهما كبر عمرها ذلك لمن تطيب له من الخاطبين- فأمر الأختيار يرجع له ولها كما فى السنة- والخاطبين الذين يعلموا بها عن طريق إمام المسجد كأفضل حل وأسرعة لهذا الأمر العظيم حيث يدل الأمام المسلمين على الخيرويعلم الناس الخلق الواجب للخاطب ومن يختار وكيف يصنع مع ولىأمرها - والصغيرة البكر و(اللائى لم يبلغن المحيض) تستأذن فى ذلك أى يأتى الخاطب لولى الأمر الصالح التقى فإن رضى الولى خلقه يستأذنها فيه فصمتها إجابتها وإلا فترفض حتى يأتيها من تقبلة ويشرح ذلك بالتفصيل لها لتعلم حقها ويمكنها ان تطلب ذلك من اى احد ان لم يدل ولى امرها عليها للخطاب فإن الحمد لله وليس لأحد . أما الثيب وهى التى سبق لها الزواج فتستأمر أى هى التى تقبل أو ترفض بل وتطلب رجل معين وتجعل أمرها لمن شاءت ان لم يكن لها ولى صالح ليزوجها من شاءت حيث أن لديها من العلم ما ليس للبكر التى لم تجرب من قبل - وليراعى ويفهم الجميع أن الزواج هو السبيل للجنه فليختار كل منا من ستكمل معه الحياة إلى الجنة إن شاء الله - وهنا نعلم كيف نحب ولماذا وعلى الحب نقاتل, وقد أمر الرسول بالآتى قال صلى الله عليه وسلم: أسروا الخطبة وأعلنوا النكاح فى المساجد - كما يجب على إمام المسجد أن يجتمع مع أولى الأمر وأهل المشورة من البلد للتشاور فى أمر الفريضةاى المهر حيث الأولى أن تخفف إقتداءا بالرسول فى تزويج فاطمة ابنته فمن أغلى منها زوجها بخاتم من حديد ذلك لمن يحب إتباع الرسول لأن الأهم هو الزواج وأهميته فى سرعته لحاجة المسلم إلية إحتياج أهم من الطعام والشراب والمسكن ليسكن اليها وهو أحس تقويم وهو الصراط المستقيم للشباب والذى يبدأ عمر الزواج عنده من اول يوم بلوغه , وبذلك نزيل أسباب الفساد المتفشى فينا بفعل السابقين الخائضين من الأباء على مر القرون مما فرق بين المرء وزوجة فى كيفيته ومدته والذى هو هدف الشيطان الأول والأخير فلنضع هذا السد أمام المفسدين كما صنع ذى القرنين عندما فاقت قوة الفساد الحد فهلموا عباد الله بناة السد ليخرج جيل وذرية طيبة يكن لنا فيه أجر غير ممنون,كما ورد فى سورة التين والزيتون وان الذرية الصالحة من أفضل الأعمال الصالحة التى يثاب عليها المسلم ( احل لكم ليلة الصيام الرفث الى نساءكم )

ثم النوم ثم عورة أخرى قبل
صلاة الفجر - الصلاة الوسطى
والإستعداد لصلاة الفجر للجميع ثم علم وتسبيح و بيانات الأمام قبل الذهاب للعمل فى فترة النهار أو المعاش حيث يخرج الرجال والشباب والذين بلغوا السعى من الذكور بعد إفطارهم ( فى غير رمضان ) معا للعمل فى أعمال صالحة نافعة من تجارة وصناعة وزراعة وصيد ورعى وكل ما هو نافع الكل يعمل معا , وفى هذة الأثناء تعمل النساء معا فى بيوتهم مع الصغيرات فى أعمال خفيفة ومربحة من صناعة الحرير وتربية طيور وزهور وملابس وخيام للسفر وما هم أدرى به بشرط عدم تقليد ما قلد المفسدون المبذرون فللعمل علم يجب ان نتعلمه ونتدبره وهكذا تواصل تام بين المسلمين لا يتخلله الشيطان فقد أمر الله المسلمون قائلا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان- قال الرسول : المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا, ثم يرتاح الجميع فى صلاة الضحى ليستمدوا القوة من الله بشكره ليزيدهم من فضلة ويستأنفوا عملهم بنشاط حتى
صلاة الظهر
حيث تنتهى الفترة المحدده للعمل ويأكل الجميع من رزق الله ويذبحوا بإسم الله حتى يأكل إخوانهم من الجن ايضا كما أمر الرسول القاسم بذلك فأن لهم من الطعام كل عظم ذكر اسم الله عليه اوفر ما يكون لحما , ثم عور ة صلاة الظهر والقيلولة فقد قال الرسول صلى الله علية وسلم قيلوا فإن الشياطين لا تقيل فيرزقك الله الرؤيا الصالحة ... حيث لا يتهول لك الشيطان بهذ الوقت ..فتسعد بها ذلك بصدق الحديث بتلاوة القرآن وتدبره والعمل به فأن الاصدق حديثا يرزق ارؤيا الصادقة ... ويبشر المسلمون بعضهم بالرؤىبعد
صلاة العصر
ثم تبدأ مهام العصر من زيارات للخاطبين وللأقارب وتواصل الجيران ورعاية الأيتام والفقراء ولعب الصغار ولهو الكبار من ركوب للخيل ورماية وأعمال قوة وما قد يرزق الله من أفكار فى سبيلة من وحى قرآنه عز وجل الخبير الحكيم

وبذلك ينتهى عمل اليوم ليلا ونهارا وكل يوم مالم يحدث أمربين المسلمين فنجد حكمة فى كتاب الله وسنة رسوله فلا نضل ونهتدى ولا نختلف
وبعد اخوانى واخواتى من المسلمين
هل ترى حكمة الاسلام فى الحياة , هل تحب ان تحيى به , ؟
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
أليس الله بأحكم الحاكمين
بلى ربى وأنا على ذلك من الشاهدين

تصور لما سيأمر به الخليفة ببساطة الدين ويسرة .. وبدون الاسترسال فى غياهب الكلام فى عصور وصفت من الرسول بعصور الظلام والجهل

محمد .................................................. .................................................. . آدم
جنات عدن غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 29-09-2006, 09:44 PM   #49
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

( 19 )

عندما مات ( شاهر قوقة ) ، فرح ذويه بموته كثيرا ، فقد كان يسبب لهم الكثير من الحرج ، فقد كان معتوها ، في أواسط الخمسينات من عمره ، متسخ الثياب ، لا زوج له ولا أولاد ، لا يتحرج أن يتبول في الشارع أمام المارة ، يستطيع أن يلفظ ستة حروف فقط من الحروف الأبجدية ، فيرد على من يستهزئ به بقوله ( هماه ) ( ويقصد بها حمار ) .. كان الصبية يلحقونه ليستفزونه ليشتمهم بشتائمه المثيرة للضحك ..

و كأي ميت ، لا بد من عمل مأتم له و فتح دار عزاء ، خصوصا أن أخاه من وجهاء العتيقة المعروفين ، ولكن الناس تتثاقل في الذهاب الى مآتم الأطفال والنساء المسنات و المهابيل ..

كانت أخبار هؤلاء المهابيل في حوزة مدرس ابتدائي ، يتفنن في جمع أخبارهم ، و معرفة النقاط التي تثيرهم ، وأحيانا يجمعهم كلهم و كانوا أكثر من عشرة بقليل ، منهم من هو من أبناء العتيقة و منهم من يأتي من البادية ، ومنهم من يسكن عند أم له تزوجت بعد وفاة زوجها . كان ( أبو أركان) الأستاذ يعرف أسرار هؤلاء المهابيل ، وكلمات السر لجعلهم يجودون بنمرهم المجنونة .

كان أول من أتى أن يعزي بوفاة ( شاهر قوقة) ، مجنون يحافظ على كياسته ما لم يقال له كلمة السر التي تحوله من إنسان عادي الى مجنون رسمي ، كان اسمه ( عقلة) .. ولم يكن بديوان الشيخ ( سليم ) شقيق المتوفى ، سوى الشيخ ورجل مسن عصبي المزاج اسمه (مهاوش) ، يعتبر من أقدم تجار المنطقة ، وأقلهم ربحا ، لعصبيته .. فإن سأله أحد المشترين عن ( بندورة ) (طماطم ) .. وأجابه أن طلبه موجود ، فإن اعترض المشتري على ما عرض عليه ، وطلب أحسن من تلك البضاعة ، فإن البائع العصبي ، سيدوس مئات المرات برجليه على الطماطم حتى يأتي عليها ، وهو يردد : تريد أحسن من هذا ؟ تريد أحسن من هذا ؟ ، وإن اعترض أحدهم على ( زجاجة سراج ) يريد أن يستبدلها فإن كل رصيد البائع ( مهاوش ) سيتكسر أمام المشتري المعترض ..

كان ( مهاوش ) مجنونا ، ولكنه كان لديه زوجتان وأربعة عشر ولدا من الذكور العصبيين ، فلم يتجرأ أحد أن يصفه أو يصفهم بالجنون ..

لم يطق ( مهاوش) وجود عقلة ، فغمز الشيخ سليم وقال له : ( بغلين على طوالة واحدة لا يمكن ربطهما ) .. ففهم الشيخ سليم تلك الإشارة حتى يتم طرد (عقلة) من المجلس ، كي لا يثير مشاكل مع المعزين .. فوجه الشيخ سليم سؤالا الى (مهاوش) : هل عقلة كبير بالسن ؟ فأجاب (مهاوش) : والله لما كنت خيالا كان ( عقلة ) نشميا .. ففرح عقلة بجواب مهاوش وقال : الله يحفظك يا حاج مهاوش .. فأضاف مهاوش بمكر : كان يحمل على رأسه وعاء من خشب و يلحق الأبقار ليجمع روثها .. فغضب (عقلة ) وقال : يلعن شيبك يا مهاوش وخرج .

كان أولاد العتيقة و حتى رجالها ، يتسلون بالمجانين و المهابيل ، تسلية تعوضهم عن نقص الجوانب في التسلية ، حتى كانوا يبتكرون من بين الأسوياء ، أشخاصا ليضيفونهم الى قائمة المجانين ، فقد حدث أن ذهب رجل من الحارة الجنوبية الى الحارة الشمالية ليعبئ بعض (التبن ) من عند عديل له ، وكان يلبس ملابس رثة ، تلاءم قيامه بالعمل ، وكان من بين الملابس غطاء للرأس (يشمغ) مقطعا بعض الشيء ، وعندما أنهى عمله خرج وقد علق التبن في شقوق غطاء الرأس ، فبدا منظره غريبا و شاذا ، فلما لمحه أحد الأطفال ، ذهب وأخبر أترابه بأن مجنونا جديدا قد أتى للحارة ، فتراكض الأطفال يتضاحكون ويحذفونه بالحصى و هو يركض أمامهم ، مستسلما ، حتى دخل خرابة مهجورة فتسلل أحد الأطفال إلى مخبئه ، ففاوضه الرجل أن يعطيه بعض النقود مقابل أن يمنع الأطفال عنه ، فخرج الطفل يبلغ الأطفال : أن المجنون يريد إعطاؤه نقودا ، فهجم الأطفال ثانية عليه ، فما كان منه إلا أن يركض حتى وصل بيته ، مقطع الأنفاس ..

كان ( عقلة ) المجنون ، يغيب عن العتيقة عدة شهور ، ولم يعرف عنه أين يذهب ، حتى صدف أن الأستاذ ( أبو أركان) ، قد نقل من العتيقة للتدريس في قرية تبعد حوالي 50كم ، فلمح بعد أيام من التحاقه بالعمل رجلا يضع عمامة خضراء ، وبيده مسبحة طويلة ، يخرج من دكان بخطوات ثابتة ، فراقبه عن بعد فتيقن أنه ( عقلة المجنون ) .. فترك مجالا حتى ابتعد عبده عن الدكان ، فدخل الأستاذ الى الدكان و سأل صاحبها عن الرجل الذي خرج ، فأجابه : إنه الشيخ (أبو خضر) .. فابتسم الأستاذ بمكر ، ولقن صاحب الدكان بعض الكلام الذي يستفز الشيخ ، وهي كلمات سر يعرفها الأستاذ جيدا ، لكنه كان ماكرا في تلقينها لصاحب الدكان الذي أخبره بأن الشيخ سيعود حالا فقد ذهب لمكان سكنه ليحضر شيئا ، فطلب الأستاذ من صاحب الدكان أن يتخفى في مكان لا يراه عبده فيه .

عندما عاد ( عقلة ) ، كان صاحب الدكان قد حفظ دوره ، فبادره قائلا : يا شيخ ، عندي ابنة تعاني من بعض الوساوس و أريد منك أن تعالجها ، بصنع حجاب أو أي طريقة ، فإن شفيت سأعطيك (زوجا من أفراخ الحمام ) وكانت هذه من مثيرات عقلة ، فجفل عقلة و تنحنح و قال : ( دسِم كلامك) ، وسأعطيك (حليب العجلة الصَبحة) .. فغضب عقلة وقال بعنف : ( استحي) ، ثم أضاف صاحب الدكان : وإن تأكدت من شفاء البنت تماما سأعطيك كل ما لدي من (ملح الليمون ) .. وكانت تلك أشد ما يثير عقلة ، فأمسك بخناق البائع ، وقال له : إن لم تخرج ( رجل العتيقة ) من عندك سأذبحك .. وهنا خاف الأستاذ على الرجل فهو يعلم قوة (عقلة ) .. فإن ضرب بابا مغلقا بإحكام بحجر عن بعد فإنه سيفتحه لا محالة .. فخرج راكضا و خرج عقلة يطارده في شوارع القرية ، التي لم يعد لها ثانية بعدما كشف سره ..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 30-09-2006, 11:04 PM   #50
أوراق الخريف
وداعا خيميتي الحبيبة
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2004
المشاركات: 1,891
إفتراضي

اخي ابن حوران
هاذا الكتاب او هذه القصة اعادت لي زكرى في قلبي
عن بيت ترعرت به مع جيرانه الذين كانو يفقون عمري ب ستين او سبعين عاما
وكنت بينهم كالاعوبة بين يديهم وكانو لي هم التاريخ كله
ظننت انني سوف انقش اسمي على جدران تلك الدار واعد يوما واشم رائحة سكانه
ولكنني عدت ولم يكن له اثار
سبحان الله اخي انني متشوقة لااتابع حلقة بحلقة عن موضوعك واعود لااسقي تلك الازهار العتيقة
واقول لها
لا تبكي يا ازهار الدار هي انا عدت ارويك
تحياتي لك اخي ولي عودة لو سمحت لي بعد انتهائي من قراءة ما كتبت
تسلم يداك
__________________

شكرا لك اخي ابو معاذ على التوقيع
أوراق الخريف غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .