[LINE]hr[/LINE]
بسم الله الرحمن الرحيم
مواقعنا على النت
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
كنت في حديث مع أحد الإخوة عن وسائل الإعلام الطاغوتية المرئية والمسموعة والمقروءة وكيفية تسخيرها لخدمة الطاغوت واستحالة إعطاء أقل مساحة منها ولو لمدة دقيقة واحدة لخدمة الإسلام والوجود الإسلامي الصحيح والقيادة الإسلامية الربانية، فقال لي: أليس لك ولغيرك من العلماء مواقع على النت تنشرون من خلالها الإسلام وتقولون الحق وتدعون إليه بكل صراحة ووضوح؟ فقلت له: بلى. فقال: أليس النت من أهم وسائل الشيطان الأكبر الإعلامية؟ فقلت له: بلى؟ فقال: كيف تفسر ذلك على ضوء المسلمة التي ذكرتها مع القطع بصحتها لقوله تعالى{وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}[البقرة:120]، وقوله{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}[الأنفال:36]؟ فدفعني هذا السؤال إلى التفكير في كيفية استثمار الشيطان الأكبر لجهدنا ودعوتنا إلى الحق من خلال وسيلته النت لخدمته ومحاربة الإسلام وكيف يتسنى لنا جعل كيده في نحره ورد سحره عليه، وجعل إنفاقه ماله ليصد عن سبيل الله حسرة عليه ووسيلة لهزيمته كما تسنى له توجيه دعوتنا إلى ديننا ضدنا ولخدمته بدلاً من خدمتنا؟ والحقيقة أن النتيجة التي خرجت بها بعد تفكير عميق ورؤية فاحصة ونظر ثاقب تنم عن فوائد عظيمة يحققها الشيطان الأكبر لنفسه وكيانه باستخدامنا النت وسيلة دعوة ونشر لديننا ومنهجنا القويم، هذه الفوائد بالنسبة للشيطان الأمريكي الإسرائيلي والمصائب بالنسبة لنا إن لم نتداركها بمثابة أسباب رئيسة في هزيمتنا أو عدم قدرتنا على هزيمة هذا الشيطان العاتي المتمرد المتسلط على البلاد والعباد الصاد عن سبيل الله المحاد لله ورسوله والمؤمنين، وأعظم هذه المصائب القاصمة للوجود الإسلامي المفشلة لمشروعه التغييري المذهبة لريح المسلمين هي التفرق والتمزق والتشتت النابع من الأنانية الدعوية والتنوعية الفكرية والعصبية الحزبية والتعددية المرجعية، فلكل عالم أو مرجع أو حزب أو متعالم أو منافق أو مخادع موقع أو منتدى أو غرفة حوار باسم الإسلام، يبث من خلالها فكره صوابًا كان أو خطأً، مدعيًا الصوابية المطلقة، ومن هنا يبدأ الخلل وتنشأ الكارثة، فنشر هذه الأفكار المتعددة المتباينة لتصل إلى عوام الناس الذين لا يعلمون غثها من سمينها وصوابها من خطئها ولاكيف يقرءونها أو يفهمونها أو يتعاملون معها يفرقهم ويمزقهم شيعًا وأحزابًا، كل حزب بما لديهم فرحون، مضافًا ذلك إلى أن كل ناشر فكر بقصد أو بغير قصد يتسمر ويجمد عند حدود فكره، ويدعو الآخرين ولاسيما في المسائل الظنية التي الأصل فيها العذر في الخلاف ليكونوا على الحق أن يلتزموا فكره ومذهبه حتى وإن كانوا أعلم وأتقى منه، ويرفض دعوة غيره له ليترك فكره ومذهبه ويلتزم أفكارهم ومذاهبهم، أو حتى الحوار المنصف الهادف للوصول إلى الحق والالتزام به حتى لو كان مع الغير، هذه الدعوات المتعددة المصادر والمشارب والتي منها الصالح والطالح في ثوب الصلاح هي بذور فرقة منتقاة بذرت في أرض خصبة أرض الجهل والأمية الدينية والنفوس المشحونة المتقنة فن الافتراق والاختلاف، وتعاهدها أخصائيو التفريق والتمزيق والتدمير من المنافقين والعملاء المندسين والجهلة المتعالمين وعلماء السوء المضلين اللاهثين وراء الدنيا والطامعين في نيل رضا السلاطين المجرمين، والعوام المنساقين وراء المفسدين في الأرض، المنتشرون في منتديات حوارية ومواقع نتية ووسائل إعلام وتعليم وتثقيف مختلفة، لتتم عملية التفريق بإحكام، هذه العملية التفريقية للمنتسبين إلى الإسلام الواسعة والممتدة في مشارق الأرض ومغاربها بدأت بإنشاء المواقع الإسلامية الهادفة بحسب ما تعلن إلى نشر الحق والتي منها المحق والمبطل، وانتهت بتمزيق المنتسبين إلى الإسلام في الأرض كل الأرض إلى مئات وإن شئت فقل آلاف الأحزاب الزاعمة الإسلام وكلها متناحرة متنازعة ومتقاتلة أحيانًا، وكل يوم يظهر فكر جديد وأحزاب غير التي كانت مختلفة معها إلى درجة لا تقبل التراجع ولا حتى السير في طريق الوفاق والاتفاق والاتحاد، وإن أكثرها قد ألصق بالإسلام ما يناقضه، وأدخل فيه ما ليس منه، هذه المصيبة التي حلت بالمنتسبين إلى الإسلام بعد ظهور النت حيث إن واقع التفرق قبل النت والذي استخدم لتحقيقه الشيطان الأكبر وأولياؤه وسائل مختلفة كان محدودًا إذا ما قيس بواقعنا التفرقي اليوم لأن النت قد أسهم في وصول الأفكار المتعددة المختلفة إلى كل إنسان على وجه هذه البسيطة، هي التي حذرنا من الوقوع فيها الله تعالى فقال{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا}[آل عمران:103]، وقال{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ}[الأنعام:159]، وقال{شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ}[الشورى:13]، وبين أن الوقوع فيها يعني الهزيمة المحققة للمسلمين وضياع الدين وتراجعه ليحل مكانه في الواقع الكفر والجاهلية، فقال تعالى{وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}[الأنفال:46]، هذه النتيجة حققها بنجاح في بلاد الأرض الشيطان الأكبر عبر وسائله الخبيثة المتعددة وعلى رأسها النت، ولولا هذه الوسيلة لما استطاع تحقيق هذا الإنجاز العظيم بالنسبة له بهذا الحجم وهذه الكارثة والطامة بالنسبة لنا، ولأجل ذلك وحتى لا نفوت فرصة الاستفادة من هذه الوسيلة في خدمة الإسلام والمسلمين وحتى نجعل كيد الكائدين في نحورهم وإنفاقهم أموالهم حسرة عليهم لابد من مكر الصالحين الذي يزيل ويذيب أو يبخر أو يحرق مكر الطغاة المفسدين، ومكر الصالحين هو العمل بأمر الله الذي يلزمنا بالتوحد ويحرم علينا التفرق والتنازع والاختلاف في الدين، وذلك لا يكون إلا بفعل التالي:
1- الاجتهاد في الوصول إلى العقيدة الإسلامية الواحدة المستقاة من أصول قرآنية وحديثية واحدة وبأفهام العلماء الربانيين لا علماء السوء ولا الرويبضة المتعالمين لتكون الأساس الذي تبنى عليه الدعوة التوحيدية وجمع المسلمين تحت راية واحدة.
2- نشر الفكر التوحيدي على الأساس المذكور وتأييد أهله والدعاة إليه، والتحذير من الفكر التفريقي المناقض له ومن الدعاة إليه لأنهم دعاة شر وأدوات الشيطان الأكبر الذي لا يريد بالإسلام والمسلمين إلا سوءًا.
3- بناء المجمع العلمائي العالمي ليضم ويستوعب كل أو جل العلماء المسلمين الربانيين البريئين من الشيطان الأكبر وأوليائه حكام البلاد الطواغيت وأوليائهم، ليحمل من خلال النت وغيره من الوسائل الإعلامية والتربوية والتعليمية المتاحة لواء الدعوة الإسلامية الواحدة إلى الدين الإسلامي الواحد والعقيدة الإسلامية الصحيحة والقيادة الربانية البديلة عن القيادات الجاهلية. وتوجيه رواد النت وغيرهم للتعلم منهم وتوليهم.
4- تأصيل وتثبيت مسألة المرجعية العلمية، أي دعوة الناس من رواد النت وغيرهم إلى تعلم الإسلام من العلماء الربانيين الأحياء فحسب بعد تعريفهم بهم وبصفاتهم التي تميزهم عن المتعالمين أو علماء السوء المضلين، لأنهم هم المؤهلون لذلك والذين أمر الله بالتعلم منهم فقال{فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ.بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ}[النحل:43-44]، وليس من أي أحد سواهم.
5- التركيز على مسألة لزوم وجود قيادة واحدة لكل المسلمين وحرمة تعدد القيادات والأحزاب والجماعات، وبيان أن تعدد الأحزاب لا يخدم إلا أعداء الإسلام بل هو مطلبهم ووسيلتهم التي يسعون ليل نهار إلى بنائها ودعمها إلى إطفاء نور الله تعالى في الأرض.
6- الدعوة إلى قصر الحوار سواء في اللقاءات أو المؤتمرات أو المنتديات الحوارية بين العلماء وضمن ضوابط الشرع. وتحريم الحوار بين العوام لعدم أهليتهم ولخوضهم في آيات الله بغير علم، ولأن حوارهم يثمر التحليل والتحريم والتصويب والتخطئة وإقرار الفكر أو رفضه بغير علم ويسهم في تجذير الخلاف وترسيخه وتوسيعه ومن ثم يوصل إلى التنازع والاقتتال السبب الرئيس في الفشل وذهاب الريح والانهزام أمام أعداء الله تبارك وتعالى، وهذا هو الذي وقع ونحاول جهدنا معالجته أو استئصاله.
7- التركيز على نشر مسائل الاتفاق في الفقه وإعلام العوام بحرمة الافتراق بسبب اختلاف العلماء في المسائل الظنية.
8- استيعاب المخالفين من علماء وغيرهم من أهل الصلاح أو أهل الفساد وذلك بمحاولة حل الخلاف بهدوء، وبعدم الانصياع لأحد يريد استدراجنا إلى معارك فكرية جدلية أو عسكرية تبدد الطاقات وتقتل الحياة وتفرق المسلمين وتشغلهم بقضايا وهمية ومسائل هامشية عن تحقيق أهدافهم والمضي في طريق دعوتهم إلى الخير.
وكتبه أخوكم أمير جماعة المسلمين الشيخ/محمود عبد العزيز جودة في يوم السبت العشرين من شهر رجب لعام1428هـ الموافق الرابع من شهر أغسطس لعام 2007م.
[LINE]hr[/LINE]
مواقعنا على النت
النمط الخطي
