بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الموضوع الغريب يعبر عن الاضطراب الكبير الذي تعاني منه الدولة ممثلة في نظاميها الأمني والإعلامي .
عن الشق الإعلامي ، فالحكومة تشعر بالقلق الشديد من (المد الأخضر)بنفس الطريقة التي كان يخاف منها (كارتر ) من هذا الزحف وهو الإسلام .والذي أراه جديرًا بالاهتمام هو أن هذه الطريقة التي تعاملت بها الحكومة عبرت بشكل كبير عن غبائها وعدم قدرتها على إيجاد مبررات مقبولة تجاه هذا السلوك .
ففي الوقت الذي أغلقت فيه هذا الكم الهائل من القنوات ، فإنها أرادت أن تثبت حسن نواياها وقامت بالمقابل بإغلاق قناتين تصفهما بالإباحيتين ، ووجهت (التحذير) لمجموعة من القنوات المختلفة مثل (أوربت) وغيرها من القنوات .
اللافت أن الحكومة لم تقم بإلغاء أي قناة (تنصيرية) والتي تعمل وتُبثّ من مصر أو يُستضاف فيها رجال الدين المصريين ، وهي بذلك تضع نفسها أمام مأزق خطير ، لو قام أحد الدعاة بفتح هذا الملف فمن الممكن أن تكون النتائج في غاية الحرج للحكومة ، وينبغي للمنصفين أن يثيروا هذ االتساؤل تخلصًا من حزازية وحساسية نتائجه .
لكن المضحك -إلى ذلك- أن هذه القنوات كلها لم تكن تسبب أي إحراج للحكومة ، فلم تك تتناول مشاكل الحياة السياسية ولا القضايا التنموية ، ولم يكن لها إلا التقوقع في بوتقة بعض الجوانب الأخلاقية والتاصيلية والفقهية .
ومن ناحية أخرى ، فبعض هذه القنوات كقناة الناس مثلاً أدت خدمة دعائية لا تقدر بثمن للنظام الحاكم من حيث لا تحتسب عندما ظهر على شاشتها من يكفر البرادعي (بكل شجاعة) وآخر ينعت مؤيديه بأنهم( معادون لله ) ، وذلك دون التعرض للحاكم الحالي بحرف واحد ، على طريقة (اللبيب بالإشارة يفهم ) غير أنها حركة لم تكن في صالحها أخلاقيًا على الإطلاق . وهذا التصرف كان لابد أن يجد مكافأته (الحكومية) وكانت هذه المكافأة هي الإغلاق !!
إلى ذلك ،فقرار الإغلاق أغبى من الغباء لأن ذلك يبعث على التساؤل :
هل كانت هذه القنوات -طيلة السنوات الست- تعمل دون علم الحكومة ؟
هل مقرات هذه القنوات الكائن مقرها في داخل مدينة الإنتاج الإعلامي (أحد أبواق الحكومة)كانت بمنأى عن رقابة الحكومة طيلة هذه المدة ؟
إننا لا نتحدث عن مصانع تعمل في مناطق نائية وإنما نتحدث عن أدوات إعلامية تعمل تحت مرمى ومسمع الملايين ، فما وجه الحقيقة في هذا التصرف ؟
إن كان هذا بمناسبة الانتخابات ، فكما قلت هذه القنوات لا تهدد النظام السياسي على الإطلاق ،بل وإن الرغبة في (استعراض) مناخ الحرية كانت تقتضي أن تترك هذه القنوات في مثل هذا الوقت بالذات للتدليل على (حسن نوايا ) الحكومة.
لكن في رأيي المتواضع أن هناك إيعازًا تقوم به بعض الجهات النصرانية ولا يستبعد أن تكون هناك ضغوط أميريكية تستهدف إيقاف هذه القنوات أوإعادة صياغة مضامينها وفق رؤاها المضحكة . التي ذكرها الأخ العزيز الدكتور علي أعلى الصفحة .
أما عن مقترح الأخ العزيز ماهر الكردي ، فهذا أمر غير ممكن لعدم وجود دولة سنية واحدة تؤمن بضرورة الاستقلال عن هذه الأقمار الاصطناعية ، ولئلا يغضبوا أهواء الشقيق الأنجلو أميريكي فيكون الأحسن ترك الوضع على ما هو عليه ، ولهم الويل مما يصفون.