سألوني: من تُشجع؟

[ابن حوران]

سألوني: من تُشجع؟

في المفاضلات بين الأشياء، يكون لسعة الوحدات في المقارنة دورٌ كبير في إبراز الأفضلية، فالأول على جميع صفوف المدرسة هو أكثر أفضلية من الأول على الصف، والأول في جميع مدارس المدينة هو أفضل منهما، والأول على عموم البلاد هو الأفضل من الجميع.

في المفاضلات بين الخصال، قد يكون أحد الأشخاص هو الأكثر وسامة بين أقرانه، ولكنه لم يكن الأسرع في الركض أو لم يكن الأكثر ذكاءً، وإذا اجتمعت جميع الخصال الحميدة في شخص فإنه يكون الأفضل على جميع المستويات.

يفرح أهالي جامايكا عندما يفوز أحد أبناء دولتهم بالميدالية الذهبية في لعبة ما، فذِكر جامايكا بالمحافل الدولية قليلٌ، وهذا المكسب سيشبع عندهم بعض ما يبحثون عنه من شُهرة.

في بلادنا العربية، التنافس على السباق في مجالات الحضارة العامة قليل ونادر، فيتلهى أبناء أمتنا بالبحث عن أي انتصار، فقد يجدونه بتفوق منتخبهم الرياضي في أحد المجالات، وإن لم يؤمن لهم فريقهم الوطني هذا الإشباع يبحثون عن فريق شقيق يؤازرونه دون أن يدري ذلك الفريق أن له مناصرين في دولة شقيقة، وإن لم يجدوا بين أشقائهم ينقسمون حول تشجيع (برشلونة) أو (ريال مدريد).

ينسى، حتى أعداء الوحدة والقومية العربية، أسباب عدائهم لها، عندما يحصلون على مرتبة جيدة بين الأمم، فيقولون: فريقنا هو الفريق العربي الوحيد الذي أحرز موقعا بين جميع الفرق العربية!

انقسم أفراد عائلتي قسمين: قسم مع الجزائر وقسم مع مصر، وسألوني: من تُشجع مصر أم الجزائر؟

كنت قبل المباراة الأولى بين مصر والجزائر والتي أقيمت في مصر بيومين، قد خرجت بحسرة، عندما أقصت موزنبيق تونس من المنافسات على تمثيل إفريقيا في كأس العالم، وقبلها كنت قد حزنت على خروج البحرين على يد (نيوزلندا).

كان من الصعب أن أفهم المنقسمين أنه لا فرق بين الجزائر ومصر في تمثيلنا عن بُعد، فمشاعري موزعة بين كل العرب، فجدي لأبي من مواليد (طاروط الأشراف في الزقازيق ـ مصر عام 1867)، وخالي فلسطيني وأنا أردني وأخوال أحد أبنائي مغاربة، وترعرعت في العراق ومكثت فيها طويلا، ولا يكاد قطر عربي ليس لي به قرابة، فمن أشجع؟

من المحزن أن تختزل المشاعر القومية لتتقوقع في النهاية في أحداث مباراة أو مقابلة، وقد يكون لضآلة التفرد بالصدارة على أكثر من مستوى هو السبب!