اضرابات عمال مصر و تاريخ من النضال....

[محى الدين]

القاهرة- فتح الإضراب العام الذي دعت إليه جماعات عمالية ومعارضة في مصر، والمرتقب اليوم الأحد، النقاش حول تجذر ثقافة الإضرابات العمالية بمصر، حيث تعود بدايتها إلى عام 1899، حين أضرب عمال صناعة السجائر؛ وهو ما مكنهم في العام التالي من تشكيل ما كان يسمى بـ"نقابة لفافي السجائر".

طوال هذا التاريخ -الذي يقترب من الـ108 أعوام- وحركة الإضرابات العمالية تمر بموجات من المد والجزر، سواء في العهد الملكي (قبل عام 1952) أو في العهد الجمهوري.


لكن الثابت أن أطول فترة شهدت إضرابات عمالية هي فترة حكم الرئيس حسني مبارك التي بدأت عام 1981، خاصة خلال العامين الماضيين، وهو ما يتوج بالإضراب العام المرتقب اليوم.
وفيما يلي قائمة بأهم الإضرابات العمالية بمصر في العصر الحديث:
- إضراب عام 1899 من جانب عمال صناعة السجائر، والذين شكلوا بعده "نقابة لفافي السجائر"، وتوالت بعده إضرابات انبثق عن كل منها نقابة، كنقابات الحلاقين والطباخين والبوابين.
- ويؤرخ للإضرابات التي حدثت عام 1931 والمظاهرات التي تبعتها بأنها أهم إنجازات الحركة العمالية بالقرن العشرين، حيث تسببت في إلغاء دستور عام 1930، المعروف بدستور صدقي (إسماعيل صدقي باشا)، والذي خرج من رئاسة الحكومة على إثرها.
- إضراب عام 1946 الذي أدى إلى ما عرف بقضية "الشيوعية الكبرى"، وقادته لجنة الطلبة والعمال، حيث أسقط مشروع معاهدة "صدقي- بيفين"، الذي أعده رئيس الوزراء مع وزير خارجية بريطانيا أرنست بيفين.
- في أغسطس 1952 أضرب عمال كفر الدوار (شمال)، فيما سمي بـ"الثورة البيضاء"، وواجهت الثورة هذا الإضراب بمحاكمات سريعة، وصدر حكمان بالإعدام على عاملين، هما مصطفى خميس ومحمد البقري، وبالأشغال الشاقة على عدد آخر.
- تظاهرات عمال المصانع الحربية في ضاحية حلوان بالقاهرة عام 1968، احتجاجا على الأحكام التي صدرت بحق قادة الطيران "المقصرين" في حرب يونيو 1967.
- في عام 1971 أضرب عمال الحديد والصلب، وشركة النصر لصناعة السيارات؛ بسبب خصم 5% من رواتبهم، وكانوا يهتفون "الخمسة في المية يا حرامية".
- مظاهرات 18 و19 يناير 1977 العمالية، والتي أطلق عليها "انتفاضة الخبز"، وبعد وقوع أعمال شغب أسماها الرئيس السادات "انتفاضة الحرامية".
- إضراب عمال السكة الحديد عام 1986، حيث أوقف العمال القطارات لحين تحقيق مطالبهم، وحينها أصدر القضاء حكما تاريخيا بتبرئة المتهمين، مؤكدا أنه من حق العمال ممارسة الإضراب حسب الاتفاقات الدولية.
إضرابات دامية
- إضراب عمال مصنع الحديد والصلب عام 1989، وكان سببه الأساسي فصل عضوين منتخبين من مجلس الإدارة، وتعامل النظام أمنيا مع الإضراب، حيث جرى اقتحام المصنع بمدرعات وقوات خاصة؛ مما أدى إلى مقتل عامل وإصابة 15 آخرين.
- إضراب عمال كفر الدوار عام 1994، وحينها أمرت السلطة قوات الأمن بفتح النيران على أهالي العاملين الذين تضامنوا مع أبنائهم وآبائهم المطالبين بعزل رئيس مجلس الإدارة وبعض القيادات، ومحاسبة الفاسدين، وزيادة الحوافز.
وأسفرت المصادمات عن مصرع أربعة مواطنين، وإصابة أكثر من 100 آخرين، بعضهم لحقت به عاهات دائمة، وفي النهاية تم عزل رئيس مجلس الإدارة وقيادات أخرى "فاسدة".
- إضراب عمال الغزل والنسيج بمدينة المحلة الكبرى (شمال) 2006، حيث تظاهر 27 ألف عامل، ثم أضربوا يوم 7-12-2006، مطالبين بصرف الأرباح وفقا لقرار رئيس الوزراء رقم 467 لسنة 2006، ووقف "الفساد" بالشركة، وعزل رئيس مجلس إدارتها، وسحب الثقة من اللجنة النقابية. وحينئذ وصف المتابعون هذا الإضراب بالأكبر منذ 12 عاما.
- ويوم 19 من الشهر ذاته اعتصم عمال مصنع أسمنت حلوان؛ بسبب عدم وفاء الشركة الإيطالية بوعودها بشأن نظام الحوافز الذي اتفق عليه في مفاوضات "اتفاقية العمل الجديدة"، وفي اليوم التالي اعتصم عمال مصنع أسمنت طرة التابع لنفس الشركة، تضامنا مع زملائهم بأسمنت حلوان.
2007.. ارتفاع الوتيرة
- وفي يوم 20-1-2007 أعلن سائقو القطارات بهيئة السكة الحديد الإضراب؛ احتجاجا على استمرار العمل بالمادة 108 القاضية بنقل أي سائق يصاب بمرض مزمن إلى وظيفة أخرى، ولو أقل من وظيفته الأصلية، بحيث يحصل على أجره كاملاً لمدة عامين، وبعدها يحصل على الأجر الأساسي فقط؛ مما يؤدي لتخفيض راتبه الإجمالي.
ويخضع أي سائق لاختبارات طبية قبل تعيينه، ما يعني أن التغيرات الصحية الطارئة عليه هي من جراء العمل، وهو ما يستدعي تعويضه عن الإصابة، وليس مجازاته بخصم نحو نصف راتبه.
- وبعدها إضراب غزل شبين الكوم يوم 4 فبراير، حيث رفض العمال تسليم المصنع للمستثمر الهندي الذي اشتراه إلا بعد صرف أرباح 133 يوما، وصرف 45 يوما، وهي الأرباح التي قررها رئيس الوزراء.
وانتهى الأمر بإصدار وزيرة القوى العاملة والهجرة عائشة عبد الهادي قرارا بصرف 45 يوما كمنحة و133 يوما كأرباح، واحتساب أيام الإضراب أيام عمل، ورفع بدل الوجبة الغذائية من 32 حتى 43 جنيها، وهو ما مثل انتصارا للإضراب الذي دام 10 أيام.
- وشهد ديسمبر 2007 ثلاثة اعتصامات عمّالية في مؤشر واضح على تزايد الاحتجاجات العمالية التي عادة ما تنتهي بالاستجابة لمطالب منفذيها.
- كما دخل عمال مصنعي أسمنت حلوان وطرة اعتصامًا مفتوحًا؛ جراء عدم صرف بعض مستحقاتهم المالية، وهو ما انتهى بالاستجابة لمطالبهم.
- وشهد نفس الشهر اعتصام ألفي عامل في ورش السكك الحديدية؛ احتجاجًا على عدم صرف حوافز لهم تعادل حوافز سائقي القطارات؛ مما عطل بعض الرحلات بين القاهرة والمحافظات المختلفة.
موجة متواصلة
وحتى الآن لم تنقطع موجة الإضرابات، فلا يكاد يمر أسبوع دون أن تعلن الصحف احتجاجا جديدا في القطاع العام والخاص على حد سواء.
وبحسب "مركز الأرض لحقوق الإنسان" (أهلي مصري) فقد نفذ العمال 114 احتجاجا عام 1998، و164 عام 1999، و135 عام 2000، و138 عام 2001، و96 عام 2002، و86 عام 2003، و266 عام 2004، و202 عام 2005، و222 عام 2006.
ويرصد المركز في شهر مارس 2008 تنفيذ 10 اعتصامات و7 إضرابات و3 مظاهرات، فيما تمثلت خسائر الحركة العمالية في نفس الشهر في فصل 972 عاملاً، ومصرع 4 عمال، بينهم اثنان انتحرا لعجزهما عن توفير متطلبات الحياة.

عن اسلام أون لاين